محمد حجيري - هل يعلم السيسي بقضية أحمد ناجي؟

لا أدري إن كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قرأ الرسالة التي وقع عليها 120 مثقفاً من بينهم وودي آلن، أورهان باموق، ومارغريت أتوود، ووصفوا فيها الحكم على الروائي أحمد ناجي بأنه "يوضح قمع الحكومة المصرية المقلق للغاية لحرية التعبير"... لا أدري إن كان السيسي قرأ الرسالة، أو أنه معني بحرية التعبير، وهو الذي اشتهر بتوبيخ الاعلام، بل انه "منع حتى حرية الكلام التي كانت متاحة أيام مبارك حتى لا تحدث ثورة عليه"، كما يكتب الروائي علاء الأسواني متضامناً مع الناشط السياسي المحبوس علاء عبدالفتاح...
لا أدري أيضاً ان كان المشير يعرف شيئا عن قضية أحمد ناجي أو سجنه أو كتاباته أو تهمته، ربما يكون جلّ اهتمامه بتغريدات الممثلة ليلى علوي التي كتبت "حتبرع بأملاكي كلها لصندوق تحيا مصر وحتبرع بنفسي للرئيس السيسي مقابل إعدام الخائن مرسي"... كثيرون سخروا من تبرع الممثلة الشهيرة بنفسها للمشير الذي تحبه، كثيرون قالوا كلاماً نقدياً صارماً ضدها، لكن لا جدوى من النقد... ويبدو ان معظم الفنانين والفنانات الذين يحبون الأنظمة والطغاة يتورطون بمواقف كارثية، ليس اقلها مطالبة ليلى علوي بإعدام مرسي وتباهي غوار الطوشة بحرق حلب وسخرية الممثل المصري احمد آدم من اطفالها. هؤلاء الذين يمجدون الأفعال الهمجية غير معنيين بقضية أحمد ناجي، أو الشاعر الفلسطيني المحكوم بالاعدام في السعودية أشرف فياض... هؤلاء يشاركون بشكل أو بآخر في صناعة "جمهورية الخوف" وعبادة الحذاء العسكري.
حين حكمت المحكمة المصرية على أحمد ناجي ظنت أن بإمكانها إسكاته والإجهاز على قلمه، ومحاكمة الخيال الأدبي، لم تدرك أن مجرد الحكم عليه سيجعله نجماً وإسماً، فقد أدت أزمة ناجي إلى إلقاء مزيد من الضوء على كتاباته سواء في مصر أو في العالم، ما أدى إلى قراءة الكثيرين لروايته "استخدام الحياة". والأرجح أن هذا ما كان ليحدث لولا الأزمة. ذلك القضاء الذي يحاكم كاتباً على كلمة هي الأكثر استعمالا في يومياتنا، المحاكمة جعلت النص على كل شفة ولسان، فقد انطلقت، في 12 أيار الجاري، حملة عالمية لقراءة ‫‏في روايات ناجي وقصصه دعما للإفراج عنه. ومن أبرز المدن التى أعلنت مشاركتها فى الحملة: لندن ونيويورك وفرانكفورت وأمستردام وأوسلو وبيروت وتونس والكويت وباريس وتورينو، وأوديني. في كل قراءة تم التركيز على الفصل الذي قيل إنه خدش الحياء...
شخصياً، لم أكن استسيغ طريقة كتابة أحمد ناجي ولا أحب الكتابة بالعامية، لكن الحكم الجائر جعلني أقرأه واتمعن في أسلوبه في تسمية الأشياء باسمائها، وميله الى السخرية والتهكم. والسؤال الذي يتكرر دائما، ماذا لو قرأت الرقابة الغبية التراث، المتمرد منه والديني، هل الكلمة النابية مخيفة إلى هذا الحد؟ ماذا لو جلس اقطاب المحكمة بين الناس أو حتى شاهدوا التلفزيون وتابعوا الفايسبوك والانترنت ككل... قضية أحمد ناجي مثال لغباء الرقابة ومحاكم التفتيش و"المكارثية" في العالم العربي. فرغم مرور الرواية على الرقابة المصرية وقت صدورها العام 2014، إلا أن شخصًا ادعى أن قراءة الرواية في حلقات منشورة في جريدة "أخبار الأدب"، والتي يعمل بها أحمد ناجي، تسببت في مرضه. وبعدما أخلت المحكمة الابتدائية سبيل ناجي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعيد القبض عليه بأمر من محكمة أعلى يوم 10 فبراير/شباط وحكمت لصالح المدعي.
لا تختلف قضية ناجي عن قضية الشاعر الفلسطيني اشرف فياض، المحكوم بالاعدام بتهمة شتم الذات الإلهية بعد تحريض من احد الأشخاص... هي لعبة الرقابة والغباء، والسلطة تستسهل التجاوب مع متطلبات الاغبياء..
لا أدري ان كانت البيانات أو الرسائل أو القراءات تحرك مشاعر المشير السيسي، وتجعله يفكر في الروائي الشاب القابع في السجن لأسباب سخيفة. ومهما تكن النتيجة، تبقى "المحاولة أفضل من أن نهز أكتافنا ونقول إنه ما من شيء يمكن أن يحدث تغييرًا" على حد تعبير الكاتبة جينفر إيفانز...
في 16 مايو ستمنح "منظمة القلم" في أميركا، أحمد ناجي، جائزة القلم/باربي السنوية لحرية الكتابة.
 
أعلى