قصة ايروتيكية محمد ولد عبد الله / سيداتي ولد الشيباني - الأورجازم الذي استيقظ أخيراً.. نص مشترك

قررتُ التنازل والسقوط الإرادي في مستنقع العصابة المسيطرة،لم يعد لدي جلد للصمود، فبطارية مقاومتي فرغت بعد ثلاث سنوات من التخرج من كلية القانون قضيتها في التسكع بشوارع نواكشوط الموحشة. كان أنسب باب للولوج لخدر العصابة هو الانضمام لنخب زراعة الوهم وتصديره، فأنا لم أدخل الجيش الذي هو العنوان الأبرز في الدولة لمن أراد السلطة والمال ولست من عائلة لها نشاط تجاريّ قوي، بل إنني انتمى لوسط علمي وثقافي تقليدي، وإلي جانب تخصصي القانوني كنت مفوها وخطيبا متمكناً ضليعا في التراث الذي يستند نظام الحياة هنا إليه

*

في صالون الشيخ العربي بو حوْلي، بدأت أول خطواتي في التسلق والانتهازية فقد كان ذلك الصالونمحفلاعالياً لتلاقي صناع الوهم بالبلاد. لم الفت الانتباه إلي في البداية ولم أجد الفرصة للإعلان عن ذاتي، الا أنني واظبت على الحضور الأسبوعي، وبعد شهور كاد يجرفني فيها موج اليأس القويّ، ظهر رجل من محظيي الشيخ العربي بوحوْلي يُدعى الشيخ معط الله، كان أنيقا وسيما يقضى أغلب وقته خارج البلد يتابع مصالح الشيخ العربي، وفي إحدى ليالي الصالون الموسمية، خرجنا معاً لنصلي، وقد كان بجانبي بالصف الأمامي، وحين سلم الأمام تقابلت عيوننا بقلق في التسليمة الأولى، رمقني خلالها بلهفة حتى طأطات رأسي هربا منه.حين خرجت من باب المسجد تبعني وقال لي:”سيدي أريدك في أمر هام”.انبعث الأمل في نفسي المحطمة، فأنا أعرف تأثيره والأبواب التي قد يفتح لي مستقبلا. حدّد لي موعدا في مكان خارج نواكشوط، وحين وصلت وولجت الفيلا المقصودة شعرت أنني وضعت رجلا في المصعد المؤدى للهدف المأمول. استقبلني بترحاب شديد وكان وحيدا، بعد دقائق خاطبني قائلا:”أهلاً. الحقيقة أنيأشتهيك بحرقة وأريدك على فراشي هذه الليلة، فإن قبلت سأرفعك في مجتمع الشيخ أعلى علييّن وإن قررت الرفضَفعليك بالبحث عن منفى يتسعُ لتشردك”.صدمتُ من صراحته وتلعثمت في ردي، وقد نطق لساني رفضاً. شعر بارتباكي الشديد فرد عليّ: ” امهُلك ثلاثون دقيقة لتقول موقفك النهائي وأخبرك أن عرضي لا يزال ساري المفعول.أتمنى أن تنال شرف مضاجعة شريف مثلي عاليّ المقام”.

تركني ودخلت في صراع حادّ مع نفسي، بعدها وجدت صوت التنازل ينتصر و يعطي الاذن بالمغامرة في سبيل هدفي المُحاصر تلك اللحظة، فقررت القبول، وبعد تمام المهلة، وصل مرتديا روباً شفافاًكان واضحاً منهأنه تخلص من ملابسه الداخلية. كان جاهزا للمضاجعة.أخبرته بالقبول، فقال لي، في الرواق الأيمن يوجد حمام خذ دوشاً رائقاً وأنا انتظرك هنا في غرفة النوم.أخذت حماما ساخنا وبدأت اتحضّر كأي بائعة هوى طال بها الوقت في انتظار زبونها الليلي الكسول. خرجت من الدوش خفيفاًووصلت للغرفة وقد تخليت عن كل وخزات المقاومة المؤلمة.دعاني للاستلقاء على السرير جنبه لدقائق، وبعد حملقته الشهوانيّة بحدّة في جسدي العاري، بدأ يتحسس شعر صدري حتى وصل دائرة بطنى وأمسك قضيبى ودلكه بلطف وغرق في موجة مص ولحسأفرغاني من نفسي.مرر لسانه على أغلب أجزاء جسدي حتى فتحتي الشرجية لم تسلم من لسانه الهائج بعنف. بعدها أمرني بالانبطاح وكنتُ مطيعا، فقام بالوقوع فوقي ووضع قضيبه المطاط كخيط بالون في دبري، فاخترقني وهو يصرخ بنشوةٍ أليمة: “أوهأوه كم هو ممتع فض بكارة الشباب الطموح”.ثم أخرج قضيبه مني بعد أن أنزل فيّ منيه الكريه الرائحة مثل رائحة فمه المزعجة.بعدها طلب مني أن نظل مستلقيّين على السرير لبعض الوقت، وبعد ساعتين أمرني أن أدلك قضيبه المطاط وأن أفتح فمي حتى ينزل فيهماءه المالح كماء بئر عتيق اكتشف حديثا بعد قرون من الضياع والاختفاء في رمال الصحراء. أنزل ماء قضيبه في فمي كما أراد وذهبنا للاستحمام سوية وحين خلصنا، دعاني لكأسٍ من الشراب النّادر على طاولةٍ في الصالة الكبيرة وسطَ المنزل. حين جلسنا على الطاولة طرح كأسه وأمسك بيديّ ليشكرني بحنكة مبالغٍ فيها على إمتاعه. وأخبرني أنه عليّ تحضير مداخلة مجيدة ستُلقى في الصالون المقبل،فقدأصبحت بعد الآن من المحظيين المرضي عنهم.

حضرت متأنقا يوم الصالون الأسبوعي وقد وفى بعهده ليحين وجدتُ اسمي ضمن لائحة المتدخلين الأوائل تلك الليلة من نخبة النخبة. قدمت يومها مداخلة حول مناقب الولي “فلان” وخصائله الحميدة ووجوب استعادتها في زمن اليوم.

لاقت مداخلتي استحسان صاحب الصالون الشيخ العربي الذي استدعاني بعد انتهاء الفعالية، لإظهار شكره وكانت معه زوجته الأربعينية الحزينة الملامح. شكرني وقال لي:”أتنبأ لك بالكثير من الألق والمجد في القريب العاجل شيخ سيدي”. كانت كلماته مصدرا لانبلاج نور الامل في صدري المُعتّم، ودعوةً لامباشرة للمزيد من التنازل في سبيل الصعود، خاصة أنه وسمني بالمشيخيّة التي هي كود التقدير.

شكرته، وقبّلتُ قفا يده المرتعشة بعد أن مدّها أمامي بثقة وقحة. كانت زوجته ترمقني بخبثٍ كما لوكنتُ يوسفاً وهي زليخة. بعد صمت ملحوظ، نظرتُ في ساعتي الغالية (التي قدّمت لي ضمن أجرة متاعب اللية البارحة الأثيمة) مُظهرا الاكتراث بالوقت أنا الذي لايعير أصلاً الوقت منذ ثلاث سنوات أيّ اهتمام من أيّ نوع. رفعتُ وجهي عن الساعة ونظرتُ فيهما ففهما من تصرفي ذاك أني قد عزمتُ على المغادرة. ودّعتهما و غادرتُ وفي داخلي شعور غريب امتزج فيه الخوف بالفرح بالدّهشة. أشياء لاتُفهم.

بينما وأنا أفتحُ باب المدخل الأمامي في المنزل لأخرج ذلك المساء، فإذا بخادم زوجة الشيخ العربي بوحوْلييناديني بهمسٍ عجول: “أنت ذاك، يا أنت”. توقفتُ عندما رأيته قادماً يشيرُ إليّ في هرولة. أخبرني أن سيدته تريدني. حضرتُإليها في باحة المنزل الخلفيّة. وقفتْ حين رأتني قادماً، وكان أوّل مافاتحتني به قولها أنها راغبة لي و تريد ليلة معي. لم أفكر في الأمر هذه المرة وأومأت برأسي موافقا في الحال. كان لقاؤنا بعد ثلاثة أيّام في فندق تملكه بدا من مظهره أنه مخصّص لأنشطة لم أفهم ماهي إلا لاحقاً، وكانت تلك الأنشطة السرية هي الدعوة إلى الالتحاق بركب “الشريف الأكبر وريث السر الأشهر” كما يُسمى من قبل الجميع إشارة لرفعة شأنه وعظمة قداسته. لقدكان اسمه مشّفراً ومُلفتاً في نفس الآن بالنسبة لطامح مغمورٌ مثلي.

حضرتُ في الموعد المحدّد فوجدتها أمامي في زينةٍ باهرة الجمال.دخلنا الطابق الأخير وفيه مررنا بعدة أبواب تفضي لأبوابٍ أخرى مماثلة تفضي في النهاية إلى غرفة النوم. بعد دخولنا الغرفة تخلّصت فجأةً من وقارها الأموميّ كما تخلت عن أعلى ملابسها وقالت وهي عاريّة حتى مقدمة العانة: “أريدك أن تُقسمني نصفيْن، فزوجي عاجزٌ جنسياً منذ عشرة سنوات كنتُ فيها أنتظر بصبر أيوبيّ شاباً مثلك في غاية الجمال والذكاء”.فكّرتُ في أن أقسمها أشلاءً لأسلوبها الآمِر الذي يخاطبني كما لوكنتُ عبداً، لكني صمتُ وبدأت العمل مباشرةً متجاهلا جسمها الخمسينيّ المترهل، حيث شرعت في البحث عن مهبلها المغطى بالبطن المتدلية. وبعد عملية تنقيب مضنية وجدت بقاياه المنكمشة في خجلٍ زاده الزمن تعقيداً.

أمسكتُ بقوامها وأبعدتُ بينهما، فانفرجا عن كنزها المُضمر، الذي أمسكتُ بقضيبي وغرزته فيه، فصرختْ بشبقٍ صرخة قادمة من بعيد أكدّت لي عطشها الجنسي السحيق. بعد دقائق أخرجت قضيبي من فرجها الشديد السخونة وأدخلتُه في دبرها البعيد العمق. ضحكتْ تأوّهتْ وبكيت ثم سقطت.

فيما بعد سلمتُها جسمي فظلت لساعتيْن ترضع قضيبي كما لو أنها طفلٌ حديث الولادة فطمَ ليوميْن طويليْن عن ثدي أمه الفاقدة للرأفة.في بداية الساعة الثالثة فجراًانتهيْنا وكان أن بلغتُ غاية التعب والهذيان:كم هي شبقة هذه الخمسينيّة النافذة؟ أجبتُ نفسي في ضحكٍ كتوم:”المسيكنة إنها تعوّض في ساعات قليلة عطش عقد طويل من الزمن.. يا لمنيي الهزيل الذي شربت؟”.

*

منّة فتاة طائشة لعُوبْ. توقفت عن الدراسة في المرحلة الاعدادية بتيارت، وذات مساء على وقع “أحسيْ المختار” للفنانة النعمة بين اشويخوفي سياق الحديث عن أحلام وطموحات المستقبل القريب عرض عليها حبيبها الواسع العلاقات في الأوساط النافذة الشيخ الناجي ولد السالم أن يقدمها لمدير قناة الكرامة المشهورة في البلاد الاستاذ موسى، اختصاراً لطريق الوصول إلى القمة. وافقته بفرح جنوني جعلها تسقط فوقه للحظات تطوّرت فيها الحالة لمُضاجعةٍ باردة. كان الشيخعلى علم بأنها ستقبل بشرط المدير الذي كان الشيخ على علم به وبشروطه.بعد يوميْن، نفذ الشيخ ماقاله لمنة ووعدها به. وحين قابلت مدير قناة الكرامة الأستاذ موسى قال لهاإن شرطه لقبولها في القناة هو أن “يمارس معها الجنس”. توقع الأستاذ موسى صاحب القناة صدمةً منها كما سبق وشاهد ذلك عند أخريات قبلها، لكنه تفاجأ حين أعلنت بسهولة قبولها طلبه.دوّن اسمها وبعض المعلومات الشكليّة وقال لها: “اذهبي واقدُمي إليّ في الغد لتُكتتبي رسميا بعد الإمتحان”.غمز لها بعيْنه اليُسرى فردّت عليه بابتسامة فيها شيءٌ من مكر ممارسي الموت برصاصة واحدة انتحاراً في مغامرة عبثية اتكالا على الحظّ.

في الغد زوالاً جاءت منّة في كامل زينتها الفاتنة. كان الأستاذ موسى في مكتبه بأعلى طابق بمبنى القناة، الذي هو مكانٌ مخصصٌ لتنفيذ الشرط السريّ في الإنتساب للقناة، ذلك الذي هو متعوّد على ممارسته.استقبلها عند الباب وقبل أن تكتمل خطوتها الثالثة في الغرفة أخذ في تقبيلِ عنقها، وداعبة جسمها، ثم قادها للأمام، وحين وصلا السرير الوثير وسط الغرفة، أبعدته منّة عنها قليلاً ثم تجردت من ثيابها، لتكشف عن مكامن الابداع في جسدها المبهر، فهي ناهد ضامرة الخصر، فخذاها يُحركان شهوة الآلهة الحرونة.أدهش جسمها الفاتن المدير، وهام في نهديها يرضعهما كعطشان انقطعت به سبل النجاة لأيّام في كثبان الصحراء. طبع قبلاته في نواحي جسمها، لحس مهبلها قبل أن يخترقه بقضيبه النفاذ. “كان زوالاً ممتعاً” هكذا عبر الأستاذ موسى بعد الامتحان بساعتيْن. سألته منة “لماذا اخترت الزوال بالتحديد للامتحان؟”، ابتسم وقال “الزوال عندي وقت العمل، وأنا أمارس عملي!”.

بعدهاأصبحت منة نجمة القناة، فظهرت معه في عدة مناسبات قبل أن يلمحها رجل الاعمال الأبرز في البلد يعقوب ولد سيداتي الذي طلب من مدير القناة الأستاذ موسى التنازل له عن منّة مقابل أن يوقع مع القناة عقدا إشهاريا، فوافق موسى في الحين وعرض الأمر على منة فوافقت بسهولة.

بعد يوم استدعى سيداتي منة الي فيلا يملكها خارج المدينة من أجل ممارسة الجنس. لم يستدعها وحدها، فسيداتي لا يمارس الجنس مع امراة واحدة. كان دور منّة في تلك الحالة هو ان تستقبل قضيبه الضخم الشره أما المرأة الاخرى فكانت تدلكُ جسم سيداتي ومنة اثناء عملية الولوج العنيفة. كانت المرأة الثانية مثلية وقد فرغت شهوتها في جسم منة المبهر.

بعد أسابيع قدم يعقوب ولد سيداتي منة لقائد الجيش الوطني حمود البيظاني مقابل حصوله على صفقة لبناء مطار عسكري في مدينة شنقيط الأثرية سيكون مخصصا لاقتصاد السياحة. كانت تلك فرصة لتجرب منة نمطا جديدا من الرجال لم يسبق لها تجربته. كان الجنرال حمود طويل القامة ضخم القوام، و في ميدان الجنس (ينظر الجنرال حمود لكل شيء في الحياة باعتباره ميدان حرب وصراع!) كان معقدا من المهبل فاقتصرت بذلك مضاجعته لها على دس قضيبه الرقيق كقضيب ثور في دبرها، غير أن منه لم تشعر به فقد ضاع في تفاصيل شرجها الواسع. بعد فترة ليست بالطويلة قضى الجنرال حمود غايته من منة فقدر أن المكافأة الأنسب لها على مابذلته من أجله ستكون ترقيتها لتكون النجمةالثانية والثلاثين في مؤتمر نصرة الولي “فلان”.وهو مؤتمر عبارة عن حفل ضخم يقام كل شهريْن، يتبارى فيه الشعراء في مدح الولي “فلان” الذي يقال أنه توفي قبل عدة قرون. ويختتم هذا المؤتمر الكبير بأن يقوم شخصيْن تم اصطفائهما بدقة عبر عملية اختبار وإخضاع بممارسة الجنس أمام “الشريف الأكبر وريث السر الأشهر” الذي يعدّ الوريث الوحيد اليوم لبركات الولي “فلان”. فـ “الشريف الأكبر” لايمارس الجنس ولكنه يتلذذ فقط لوجه المتعة بمشاهدة شخصان يمارسانه بنشوة في كل تمثلاته.هي مشاهدة مقدسة عنده تحضرُ خصيصا لتصويرها قناة الكرامة التابعة للأستاذ موسى كي تشاهدها الجماهير الغفيرة الضائعة في تقديس “الشريف الأكبر” وتبجيله. عملية التصوير والنقل تلك تطبق تحديدا على لحظة خصوصية هامة وهي بلوغ الشخصان المختاران بدقة النشوة في عملية الجنس و إنزال المني التي يتدخل فيها الشيخ “الشريف الأكبر” تحت غطاء أبيض حاجب (يقال أن فيه نور من الله) بسرعة فيُخرج قضيب الرجل من فرج المرأة، ليُنزل منه منيّه قطرة قطرة في علبة صغيرة عند حافة فتحات فرج المرأة. ويحتفظ بالمني في تلك العلبة بعد ذلك لغايات تُحسب سامية ومقدسة.

**

في تلك الليلة التي مارستُ فيها الجنس بقوة مع زوجة الشيخ العربي صاحب الصالون الشهير، قالت لي زوجة الشيخ العربي وهي ترتدي ملابسها: “أدعوك لعشاء فاخر في الغد بمنزلنا. أتمنى قدومك فهو سيفرحنا”. كانت قد أخبرتني قبل ذلك بدقائق أن زوجها الشيخ العربي بو حوْلي أقام المناسبة هذه ونادى عليها نخبة من قمة المجتمع. ودّعتني بقبلة صمّاء وأغلقت الباب خلفها.

بعد ذهابها بساعة وكان الوقت الثانية عشرة مساء قررتُ الذهاب إلى شقتي التي استأجرت قبل أيّام. خرجت من غرفة النوم ونزلت مع المصعد حتى وصلت لباحة الفندق السفلي قرب غرفة الاستقبال. خرجت من الفندق وذهبتْ. لم يشاهدني أثناء الخروج أحدا باستثناء حارس الفندق الغارق في الاستماع لمذياعه. الذي رمقني حين خرجتُ بلامبالاةٍ ثم رجع يستمع في مذياعه العجوز لصوتٌ عربيٌ فخم يتحدّث من لندن عن حدث التونسي الذي أضرم النار بنفسه. بدى لي مهتما بالخبر الغريب هذا على عكس أنا الذي لا اهتمام عندي ذلك الحين سوى بما يعترضني من تبعات قراري.

كانت الشقة التي استأجرت قبل أيام في نفس الحي الراقي الذي يوجد به الفندق. نويت الذهاب إلى شقتي مشيا على الأقدام فلم تكن بالبعيدة كثيراً. كان الجوّ يُرغبني في المشي على الأقدام، فأخذت في السير على شارع طويل يكاد يكون خاليا من غيري. كنت أتذكر الله البعيد وسنوات عمري الضائعة وفعلتي المقرفة مع الشيخ معط الله التي كان من ضمن المكافأة الكبيرة عليها مبلغا محترما تمكنت من خلاله بتأخير شقتي الراقية في هذا الحي الراقي.

بعد ساعة، وكنتُ أسير ببطءٍ مخمورٍ، وصلت لشقتي في الطابق الثاني من عمارة الصلاح الفاخرة. فتحتُ الباب ودخلت، وبدون إرادة مني ذهبت إلى الحمام لأرى نفسي أمام مرآته الكبيرة. حين وقفت أمام تلك المرآة وجدت صعوبة في التعرف عليّ، لكنني حين تذكرتُ الاحداث الأخيرة رأيت نفسي أضحك. لم أشعر في داخلي أني أضحك لكني رأيت نفسي أضحك في المرآة لذلك تقربتُ منها كي ألمسَ أسناني منعكسة في المرآة الكبيرة. تقربت منها وماشعرتُ أن الذي يضحك هو أنا. كان الضحك ذلك ضحكا هستيريا يشبه نوبات الصرع وقد ذكرني بقراري المصيري التي اتخذت في حمام منزل أهلي بدار النعيم. وهو قرار التنازل والسقوط صعوداً. ابتعدت عن المرآة ذهبت إلى الحنفيّة وفتحتها وأخذت في غسل وجهي.

انتهى الضحك، حين لم أسمع صوتي المزعج مرةً أخرى. خرجت من الحمام. وذهبت للسرير في غرفة النوم. وأنا على السرير نظرت في الساعة على الحائط فإذا بإبرتها تقف عند الثالثة فجرا، استلقيت على جبني ثم نمت نوما منقطعا لا أحلام فيه لم استيقظ منه إلاّ في مساء الغد الموالي الساعة السادسة والنصف.

استيقظت فإذا بي أكاد أموت جوعا. أخذت الهاتف وطلبت من مطعم غير بعيد من العمارة بعض الطعام. في أقلّ من ربع ساعة دق المُوصل التابع للمطعم الباب، ففتحتُ الباب عنه و سلمني ماطلبت وأعطيته بالمقابل سعره مع إضافة قليلة له. عندما انتهيت من الأكل تذكرت موعد مناسبة العشاء التي ستقام في منزل الشيخ العربي الفاخر، نظرت في الساعة فإذا بالوقت قد قرُبَ. أخذت في تجهييز حالتي ثم خرجتُ الشقة. نزلت من العمارة، وركبت التاكسي بسرعة وذهبت إلى منزل الشيخ العربي.

**

عند الثامنة والنصف وصلت لمنزل الشيخ العربي. استقبلني الخادم بترحاب كبير، وكان نفس الخادم الذي نادى عليّ قبل ليلتيْن حين أرسلته زوجة الشيخ العربي إليّ. شكرته على ترحابه لي بحفاوة. ذهب أمامي موصلاً إياي إلى الصالون الكبير حيث المدعون النبلاء للمناسبة الكبيرة. دخلت وألقيتُ عليهم التحية جميعا، فقد كانوا في غالبيتهم يعرفونني بفعل مداخلتي السابقة في مناسبة الصالون وتقديم الشيخ معطى لي وثناءه عليّ. بعد دقائق معهم في الصالون وصل الشيخ العربيّ، فسرّ بوجودي وفرح به. رحبتُ به وقبّلتُ يده اليمنى. أمرني بالجلوس قربه. بعد لحظات دخل الخدم تباعاً بالمائدة الفاخرة. عندما انتهينا من العشاء.

رفع الشيخ العربيّ عصاه، وقال أنه سيقول أمرا هاماً. فأخذوا في الإنصات جميعا من لحظتها، وكنت مثلهم. لكنني تفاجأتُ حينَ كان أوّل ما ابتدأ بنطقه اسمي الغريب. فنظرتُ إليه، فإذا به يحكي مغمضَّ العينيْن. مدحني في حضرتهم مدحاً كثيراً، لا أستحقه على الإطلاق. وكانختام حديثه المبجّل أنه سيشرحني إلى مقام “الشريف الأكبر” بعد مؤتمره لنصرة الولي “فلان” المرتقب. وإنه يريد موافقتهم. فوافقوا جميعاً، وبرضا كبير. لكنني لم أفهم شيئاً من ماقيل فوقعت في دهشة محيرة من أمري.

كانت مناسبة العشاء هذه مخصصة لترقية شخص ما، يشترط أن يكون ذكراً، كل شهريْن من قبل الشيخ العربي بوحوْلي وجماعته إلى مقام “الشريف الأكبر وريث السر الأشهر”. وقد جاء الاختيار هذه المرة عليّ بعد مداولات داخلية، ذلك ما أفهمني إياه الشيخ العربي عندما طلب مني البقاء بعد ذهاب النبلاء الكرام وختم لي بوصية: “تجهز للعلو الأبدي فقد حان وقتك!”.

بعد أسبوع من مناسبة العشاء تلك حان وقت مؤتمر “الشريف الأكبر” لنصرة الولي “فلان”. قدمتُ على مؤتمر “الشريف الأكبر” ساعة عقده في أكبر فندق بالعاصمة. حين وصلتُ ودخلت المكان انبهرت من كثرة الأضواء والبهرجة وكذلك الشخصيات الوازنة الموجودة من الأدباء والمفكرين والفقهاء والحقوقيين والإعلاميين المعروفين. أكدّ ذلك كله في داخلي أن المؤتمر حدث هام وذو شأن رفيع جدا، وأن وصية الشيخ العربي لي في آخر لقاء بيننا، لم تكن بالعبثية على الإطلاق، فقد كان فعلاً ما أبصرته عيناي تلك اللحظة دليلا على أن للعلو بدايات واثقة، وتلك كانت هي تماما بداياته بالنسبة لي.

عند الباب استقبلني الشيخ العربي في حلة بهية، تعلوها عمامة بيضاء وقام بضمي إلى صدره تعبيراً عن فرحته بلقيايْ. كان يتوقع قدومي، وذلك لايستبعد نظرا لنظام العلاقات القويّ الذي يترأسّ. قبل أن يذهب بي إلى مقعدي في الأمام أخذ بيدي وقال أنه سيفرحني فرحاً لن أحزن بعده، فدخلنا إلى غرفة مجاورة لصالة المؤتمر الضخمة، وكان فيها رجلاً متدثرا بعباءة شديدة البياض هو “الشريف الأكبر” شحماً ولحما. حين وقفت عند رأسه المنحني، وكان منشغلا بمسبحته الطويلة، رفع عيْنيْه إليّ مع ابتسامة تشبه ابتسامة من يُوّدع في حزنٍ، لسنين طوال قبل اللقاء من جديد. طلب مني الانحناء والنزول إليه وهو جالسْ. لم أعرّفه على نفسي وكان على معرفة بي، كمابدى لي من ترحيبه المُلغز: “لقد طال انتظارك طويلاً أيها البصير بين العُميّ”. نزلتُ وجلستُ عند ركبته فقام بوضع يده القصيرة الضخمة الأصابع على رأسي ثم نزل إلى وجهي ومسحه بها بتأنٍ شديد. حين رفع يده عني أشار إلى الشيخ العربي لكيْ يأتيني ويذهب بي، وقال لي مُوّدعاً: “انتظرك عند ساعة البركة بعد المؤتمر”. ورجع لحالته الأولى التي دخلت عليه فيها.

عند الخروج من غرفة “الشريف الأكبر” الشبيهة في إنارتها بغرف التحقيق البوليسيّة لمحتْ عيناي فتاةً لم أرَ في حياتي أكثر منها جمالاً قط وهي تتبع رجلاً شديد البنية ضخمها عرفت من قسمات وجهه القاسية أنه الجنرال حمود. كان الجنرال حمود الحسن السمعة (رهبة لامحبة) والفتاة يبادران الدخول إلى غرفة “الشريف الأكبر” بعد خروجي والشيخ العربي مباشرةً منها. عند دخولها التفتت الفتاة للخلف، فتلاقتْ عينيّ بعيناهاالسّاحراتان لثوانٍ مختطفة من آلهة الزمن المتجبرة في علوّها على الصدفة البسيطة، وكان ذلك بمثابة قتلٍ رحيم لي، لن أننساه إنْ حييت فيما بعد.

ونحنُ ندخل مجال صالة المؤتمر الضخمة أمسكَ الشيخ العربي بوحوْلي بيدي اليسرى، بعد أن فطن للضياع الذي تسببّت به تلك الفتاة لي، ثم قادني إلى الصف الأمامي بقاعة المؤتمر حيث مقاعد مُميزة وأجلسني في الوسط إلى مقعدٍ منها، وكان على يساره مقعدٌ شاغر كتب عليه اسم “منّة” الفتاة المباركة. كنتُ لا أعرف ماحصل لي قبل لحظات. لقد ضعتُ، ووقفتُ على نفسي، متلاشيّة قد لامست جوهر الفناء. كان هنالك على المنبر أمامي رجلٌ في زيٍّ أسود يقرأُ بصوتٍ جهوري في البوق من كتابٍ يوصف بالمُبارك قيلَ أنه من عند الولي “فلان” المتقادم في تراكم القرون الماضية. أعادني صوت الرجل الأسود الزيّ الخاشع ذاك لعالم المحسوس الحيّ بعد أن حملتني عينيْ الفتاة تلك عنه. بعد دقائق من جلوسيّ، وكان الشيخ العربي بوحولي على يميني، جاءت الفتاة تلك الساحرة الجمال وجلست على المقعد الشاغر قربي في اليسار. لقد ابتسمت حين رأتني قربها أنظرُ في جمالها السّاحر باندهاش طفوليّ شديد. وهي ابتسامة لم تلبث تلاشت بسرعة البرق حين جاء الجنرال حمود بشكله المُرهب وجلس قربها.

توقف الرّجل الأسود الزّي عن القراءة الافتتاحية من الكتاب المبارك بعد أن استمع جميع الحاضرين له بخشوع كبير. من بعده جاء لمنصة المنبر رجلٌ آخر، بعمامةٍ طويلة، ألقى السلام على الجميع، و حيّاني والفتاة، التي عرفتُ من مقعدها أن اسمها “منّة”. بعد تحيّته لنا صفّق جميع الحاضرين، من النخبة الراقية في المجتمع. لقد ذكر أنَّ هذه النسخة من المؤتمر في مدح الولي “فلان” المنظمة برعاية “الشريف الأكبر وريث السرّ الأشهر” هي نسخةٌ مباركة ومميّزة أيما بركة وتميّز، وفيها ستزداد “الطائفة المباركة” حاملة سرّ وبركة وإرث الولي “فلان” المقدس!

شعرتُ بمشترك بيني وبين “منة” عندما سمعت كلامه، وكان يعنينا. التفتُ إليها بقربي، فالفتت إليّ، وقد انطبعت على شفتيها ابتسامة مُسكِرة. كان ذلك تعانقٌ باطني بيننا، صرّحنا فيه لبعضنا البعض، بالإعجاب والرغبة. كان الجنرال حمود والشيخ العربيّ بوحوْلي ينظران لبعضهما البعض بين الفينة الأخرى مع ابتسامة متبادلة تُوحي بالانتصار والتفاهم.

نزل صاحب العمامة الطويلة عن منصة المنبر، وجاء دور الشعراء والمثقفين من الحضور الكبير، فمدحوا الولي “فلان” وذكروا خصائله وبركاته، ثم عرجوا على دور “الشريف الأكبر” المبارك بدوره، والذي يقوم بجهود كبيرة في سبيل إرجاع المجتمع إلى محجة الصلاح البيضاء بعد أن زاغ عنها إلى الضلال والفسوق.

عند انتهاء مداخلات الحاضرين المديحيّة، جاء بعضهم إليَّ ومنة، لكي يباركوا لنا مجدنا المبارك، وكنتُ حتى تلك اللحظة أرى مايتحدّثون عنه من مجد غامضاً. بعد أن ذهبوا، قام الشيخ العربي بوحوْلي وذهب إلى هامش الملتقى وقال لي: “تجهّز، لقد حان وقتك عند الشيخ الأكبر!”، وفي نفس الوقت رأيت الجنرال حمود يفعل الشيء نفسه مع منة، على هامش الملتقى الآخر. رافقني الشيخ العربي بوحوْلي، حتى مدخل باب غرفة “الشريف الأكبر وريث السرّ الأشهر” ثم ودّعني، لأدخل إلى الغرفة وحيداً. بعد حوالي دقيقة دخلت منة لوحدها أيضاً، فبلبلت وجودي، فقد كانت فاتنة لدرجة غير معقولة. لا أستطيع أن أقول شيئا عنها سوى أني عشقتها، وأعتقدها تبادلني الشعور نفسه.

عند دخولنا للغرفة وقفنا سويّة غير بعيد من مكان جلوس “الشريف الأكبر”. الغرفة كبيرة، نصف مظلمة، عارية من كل أثاثٍ سوى سجادةٍ كبيرة، يوجد فوقها مقعد “الشريف الأكبر” الفضيّ الخالص، وفي السّقف، يوجدُ سريرٌ كامِن، عندما يرفع “الشريف الأكبر” يده ينزلُ متدلياً، فيقع أمام مقعده بعدة خطوات قليلة. كانت حرارة جسم منة الخارقة تصلني، فجسدها الفاتن لصيق بجسدي، وعندما رفع “الشريف الأكبر” الغطاء الأبيض عن وجهه المبستم في حماقة تقرّبت مني وأمسكت بيدي. لقد خافت من شكل عينيْه شديدتيْ الكُحلة، وكان ذلك بمثابة الفرحة التي أُهديت لقلبي ارتجالاً، فإمساكها بيديّ أكدَّ ذوبان حدود الحذر والغربة بيننا، وهي الحدود التي حطّمتها ابتسامتها الأولى لي.

*

وقف “الشريف الأكبر” وتقدّم نحوهما، بضع خطوات. حيّاهما، وبارك لهما حظّهما السديد، مُذكِّراً إياهما بما سينالانه من فضل جراء ما سيقومان به. رفع يده، وفي رمشة عين نزل سرير وثير من سقف المنزل، عليه كتاب عتيق الغلاف بعنوان “جواهر الأسرار”. حين وقع السرير على الأرض، أمرهما الشريف الأكبر بإمساك الكتاب وفتحه على الصفحة الثالثة والثلاثين.

التصقت منه بسيدي لخوفها من صوت الشيخ “الشريف الأكبر” المرعب الوقع. بادر سيدي ومدَّ يده ليأخذ الكتاب. أخذه ثم فتحه ومنة ملتصقة به على الصفحة المعنيّة فوجدها متصدرة بـ” داخلُ هذا المكان خارج الزمان”. ويلي ذلك أمر من الشيخ فلان، يقولفيه:”الرغبة المقدسة تناديكما يا حفظة السر الشريف”.

ساعتها كانت منة وسيدي قد وصلا لمنتهى الرغبة، ففهما الأمر بسهولة وانطلقا في رحلة من العشق والجنس المبهر، كانت ترجمة لشوقهما الشديد الذي طال تأجيله طويلا. في رحلة عشقهما الحارّ تأوهت منة بشبق كأنها تُفضّ لأول مرة. كان سيدي يفض بكارة الحياة الحقة فنظرة منة الناعسة له قبل دقائق كانت نداء حياةٍ بعيد له، جعله يوقن في بصيرة صادقة بحرية العشق المطلقة. لقد مارسا الحب بتصوفماتوقعاه قطّ فمن قبل كانا يعملان فقط كما لو أنهما آليّان مُطيعان. ذلك ما أظهرته لي كاميرا قناة الكرامة التي كانت تنقل مباشرةً أحداث الغرفة المقدسة ذلك المساء.

بفعل تصاعد التأوّه واشتداد الالتصاق أحس الشريف الأكبر في مهارة صيّادٍ عبقريّة برعشة سيدي فتيقن من قرب خروج المني المقدس. أخذ يتجهّز لاقتناصه، فمد يده لسلّ قضيب سيدي وإفراغ منيه في علبة صغيرة، لكن سيدي وهو في قمة فنائه في منة قرّر الرفض والعصيان، فركل “الشريف الأكبر” على قضيبه العنين حتى سقط بمؤخرته على الكتاب المنسوب للشيخ فلان وضرط عليه ليقوم بعد ذلك بمنح ماء قضيبه لمنه في تأوّهٍ قُدِّرَ له أن يكون صرخة ميلاد جديد.



* عن موقع انبوب

modigliani_hebuterne.jpg

modigliani
 
أعلى