نقوس المهدي
كاتب
أن أكتب يوما فذلك فعل كان يسكنني بشغف عميق، بل يدغدغ أوصالي ويشعرني بفرح البنات بسقوط الليل، حيث تكتمل الأنوثة فيهن، ليست الكتابة إلا فعل لذة، إنها مبرر عظيم من مبررات الوجود، وبصفتي أنثى شكّلت لي الكتابة نشوة لا تقدر بشيء، نشوة تنتقل من أدنى أصابع الرِجْل مرورا بالمناطق الحساسة وصولا إلى الرأس. إنها فعلا شرط الوجود.
الكتابة فعل وجودي، كما قال أحد الفلاسفة يوما، ودافعٌ له، بل إنما هي عملية إعادة إحياء وتمثيل الواقع ولكن هذه المرة ليس مشوها كما هو الحال عند ذلك الإغريقي في كهفه، بل والحالة هذه، إنها تشكيل للواقع عبر مرآة الذات.. وهذ ما فعله عزيز بنحدوش في روايته، هو الذي لم يقم سوى بإعادة صياغة واقعه ومحيطه داخل قالب سردي، مما يعطي لعمله قوته التخييلية المجازية التي تعيد ترتيب الواقع عبر تراكيب إبداعية. بنحدوش الذي نقل لنا ما عاشه ويعيشه ويعرفه ويسمعه ويحس عبر حوارات وقصص شخوصه، ليصير فعلا مجرما، إنه مجرم بسبق الإصرار والترصد، وسبق البحث والإدراك. إنه مجرم لارتكابه فعل الكتابة، وهذه هي أقصى جريمة يمكن أن يدان بها شخص اليوم في وطننا “أجمل بلد في العالم”.
أن تصير كاتبا في هذا البلد الجميل، فأنت أكيد مدانا قيد الحرية إلى حين زلة قلم صغيرة، إنهم يترصدونك حتى تخطأ خطأ هم يعتبرونه جريمة، لتقتاد أنت ومجازاتك نحو المحكمة. وهذا بالفعل ما حدث لذلك الروائي الذي ما اقترف سوى فعل الكتابة، الذي ما هو إلا فعل تعرية الواقع وإزالة ملابس الليل عنه.
بنحمدوش مجرم؟ أي نعم هو كذلك، إنه مدان بتهمة الكشف عن أسرار الواقع المغربي السرية للغاية، إنه مدان بتهمة اللعب مع الكبار. لقد صرنا نخاف اليوم أن نكتب شيئا أو نعري شيئا، شخصيا ليس عندي ما أغطيه، حتى جسدي عار الآن وأنا أكتب. ولقد فكرت منذ أن داع خبر محاكمته أن أكتب إلا أني ترددت لعدم معرفتي بأحداث ووقائع الرواية، إلى أن قرأت ذلك الحوار الذي أجراه موقع مجلة الموجة (هنا) مع بنحدوش حول ملتبسات الحدث وعن الرواية، وبعد أن اكتشفت ما أزالت عنه الغطاء الرواية من واقع مر، وما تناقشه من طابوهات اجتماعية وما تتمناه من رؤية فلسفية، جعلني أتحمس وأدلي برأي حول جريمة بنحدوش.
لم يعد في العالم إلا في الدول المتخلفة والديكتاتورية –وكم حسبت المغرب ليس من بينها- أي فعل محاكمة لكاتب بفعل ما يتضمنه كتابه أو بسبب نشره له. بل إن الإبداع هو شرط التقدم داخل تلك الدول الغير متخلفة التي فهت قوته وغايته في بناء الغد الأفضل للأجيال القادمة. إلا أنه، والصدمة كبرى، أشعر بأسى بليغ، رجع وطني إلى الخلف خطوات وهو يحاكم مبدعا من مبدعيه، ويهين الآخرين عبره. فمحاكمة الروائي عزيز بنحدوش هي إهانة للإبداع وللمبدعين، ويتعداها الأمر لإهانة المستقبل والأجيال القادمة التي يقتلون الإبداع فيها عبر هذا الفعل الدنيء.
بنحدوش مجرم بالكتابة وشخوصه بريئة براءة الذئاب من دم يوسف. والمدان الوحيد هو قاتل الإبداع وعدوه.
الكتابة فعل وجودي، كما قال أحد الفلاسفة يوما، ودافعٌ له، بل إنما هي عملية إعادة إحياء وتمثيل الواقع ولكن هذه المرة ليس مشوها كما هو الحال عند ذلك الإغريقي في كهفه، بل والحالة هذه، إنها تشكيل للواقع عبر مرآة الذات.. وهذ ما فعله عزيز بنحدوش في روايته، هو الذي لم يقم سوى بإعادة صياغة واقعه ومحيطه داخل قالب سردي، مما يعطي لعمله قوته التخييلية المجازية التي تعيد ترتيب الواقع عبر تراكيب إبداعية. بنحدوش الذي نقل لنا ما عاشه ويعيشه ويعرفه ويسمعه ويحس عبر حوارات وقصص شخوصه، ليصير فعلا مجرما، إنه مجرم بسبق الإصرار والترصد، وسبق البحث والإدراك. إنه مجرم لارتكابه فعل الكتابة، وهذه هي أقصى جريمة يمكن أن يدان بها شخص اليوم في وطننا “أجمل بلد في العالم”.
أن تصير كاتبا في هذا البلد الجميل، فأنت أكيد مدانا قيد الحرية إلى حين زلة قلم صغيرة، إنهم يترصدونك حتى تخطأ خطأ هم يعتبرونه جريمة، لتقتاد أنت ومجازاتك نحو المحكمة. وهذا بالفعل ما حدث لذلك الروائي الذي ما اقترف سوى فعل الكتابة، الذي ما هو إلا فعل تعرية الواقع وإزالة ملابس الليل عنه.
بنحمدوش مجرم؟ أي نعم هو كذلك، إنه مدان بتهمة الكشف عن أسرار الواقع المغربي السرية للغاية، إنه مدان بتهمة اللعب مع الكبار. لقد صرنا نخاف اليوم أن نكتب شيئا أو نعري شيئا، شخصيا ليس عندي ما أغطيه، حتى جسدي عار الآن وأنا أكتب. ولقد فكرت منذ أن داع خبر محاكمته أن أكتب إلا أني ترددت لعدم معرفتي بأحداث ووقائع الرواية، إلى أن قرأت ذلك الحوار الذي أجراه موقع مجلة الموجة (هنا) مع بنحدوش حول ملتبسات الحدث وعن الرواية، وبعد أن اكتشفت ما أزالت عنه الغطاء الرواية من واقع مر، وما تناقشه من طابوهات اجتماعية وما تتمناه من رؤية فلسفية، جعلني أتحمس وأدلي برأي حول جريمة بنحدوش.
لم يعد في العالم إلا في الدول المتخلفة والديكتاتورية –وكم حسبت المغرب ليس من بينها- أي فعل محاكمة لكاتب بفعل ما يتضمنه كتابه أو بسبب نشره له. بل إن الإبداع هو شرط التقدم داخل تلك الدول الغير متخلفة التي فهت قوته وغايته في بناء الغد الأفضل للأجيال القادمة. إلا أنه، والصدمة كبرى، أشعر بأسى بليغ، رجع وطني إلى الخلف خطوات وهو يحاكم مبدعا من مبدعيه، ويهين الآخرين عبره. فمحاكمة الروائي عزيز بنحدوش هي إهانة للإبداع وللمبدعين، ويتعداها الأمر لإهانة المستقبل والأجيال القادمة التي يقتلون الإبداع فيها عبر هذا الفعل الدنيء.
بنحدوش مجرم بالكتابة وشخوصه بريئة براءة الذئاب من دم يوسف. والمدان الوحيد هو قاتل الإبداع وعدوه.