قصة ايروتيكية محمد عبدالحليم غنيم - مسعود لن يأتي الليلة

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

أرسلت مسعدة إلي مسعود الأعور زوجها الرد التالي :
.. " نحن بخير والحمد لله ونحيطك علماً يا زوجنا الغالي أن دواءك مر مذاقه ، قال الشيخ عيسي وأنه لا ينفع بل يضر وعليه خمر والخمر مسكر وكل مسكر حرام ونحن مسلمون وحتى لا تغضب شربت منه ملعقة ، وإن شاء الله يكون فيه الشفاء ويعوض صبرنا خير " .
حرمكم المصون : مسعدة .
حاشية : لا تقطع الخطابات وأمك تعيش أنت .
كان مسعود الأعور قد أوصي حرمة المصون مسعدة – قبل أن يسافر – أن تعتني بالمريضة أمه وأن تلبي لها كل طلباتها .. وأن تحضر لها الحلاوة الطحينية كل يوم ولا تبخل عليها لأن الخير كثير والحمد لله . وقبل كل هذا أن تعتني بنفسها وإن شاء الله لن يغيب كثيراً هذه المرة . " لقد زهقت من الأسفار " قال مسعود ذلك ذات يوم قائظ ، تركته مسعدة فيه ينام وحده ، لم تقصر مسعدة فى شئ وعندما يأتي بالسلامة سيشهد أهل القرية بذلك وقد توفيت العجوز أم مسعود ولم يكن فى نفسها شئ قبل أن تموت بدقائق كانت تأكل الحلاوة الطحينية ، وبعد أن دفنتها أقامت لها سرادق عزاء حضره كل أهل القرية والقري المجاورة. أما بخصوص الكلام عن الشيخ عيسى وما يقوله الخبثاء من أهل القرية فهو كذب فى كذب .
علم مسعود بموت أمه فأبرق لهم فى القرية أنه سيأتي فى ظرف ثلاثة أيام .
انتظرت مسعدة أمام منزلها وتجمع حولها نساء القرية ، ومن بعيد كان يمر بعض رجال القرية يتشممون خبر وصول مسعود الأعور . عندما انتصف الليل كانت نساء القرية قد تسللت واحدة إثر الأخري . وبقيت هي وحدها ، خطر لها أن تدخل وتغلق الباب علي نفسها والصباح رباح .. لكن أين الوفاء ! ماذا سيقول مسعود إذا جاء ووجدها نائمة ؟ .. عوي كلب بجانبها وتمتمت : اللهم أجعله خيراً ، رد كلب آخر علي عواء الكلب الأول . زجرته بشدة ولما استمر فى عوائه رمته بفردة حذائها. عند ذلك عزمت أن تدخل البيت وتقفل الباب علي نفسها وبررت ذلك لنفسها بأن البرد شديد ، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة ، قاومت النوم الذي بدأ يداعب جفنيها . ومع ذلك استسلم جفناها. غفت غفوة قصيرة – مسعود قادم يحمل شيئا فوق صدره ما هذا؟ طفل الله طفل جميل . ولد ولا بنت ؟
بنت ! كنت أريده ولداً صحت من غفوتها ويدها فوق بطنها . استغفر الله العظيم اللهم اجعله خيراً . ابتسمت لنفسها عندما تصورت نفسها حاملاً بطنها أمامها ومسعود يقول لها لا ترهقي نفسك يا مسعدة أنت حامل مرت بيدها علي بطنها وهي تقول " ليس بعيد علي ربنا .. ياه الساعة أصبحت اثنين " ثم دلفت إلي داخل البيت ومن دون تردد أغلقت الباب خلفها .
كانت المصابيح خارج البيوت المجاروة قد انطفأت . فقط كان ضوء خافت يتسرب كأنفاس مريض متقطعة من خلال النوافذ الصغيرة غير محكمة الإغلاق ، ألقت بجسدها مرهقا فوق السرير الحريري فى غرفتها الأنيقة ، كانت وحدها لأن البنت توحيدة لم تأت الليلة حاولت أن تنام . ذهب النوم من عينيها انصتت إلي دقات المنبه بجوارها فوق الكمودينو ، تك . تك . تك . كانت دقات حزينة ورتيبة . فكرت أن تسكت هذه المنبه ولكنها لم تفعل ، تركته يدق . فى هذه الأثناء سمعت دقات أخري فوق الباب الخارجي ، كانت دقات قوية غطت علي دقات المنبه . هذه الدقات ليست غريبة عليها . قامت من دون تردد تفتح الباب وقبل أن تفتح الباب قالت :
- من بالباب ؟
قال الصوت فى ثقة ورجولة :
- أنا
- من أنت ؟
وهنا قال الصوت وهو أكثر ثقة ، وقد أدرك أنها وحدها :
- أنا الشيخ عيسي جئت كي أطمئن عليك .
تراجعت قليلاً إلي الوراء . ترددت تفتح أم لا تفتح ! لفت نظرها " زلعة " فارغة تقبع فى ركن من الصالة بدا جوفها مظلماً وعميقاً رغم ضوء المصباح الكهربائي المنتشر فى الصالة .. سرحت بفكرها لكن صوت المنبه من خلال باب غرفتها المفتوح جاء قويا : تك . تك .. " مسعود لن يأتي الليلة " ابتسمت لنفسها فى سخرية ثم توجهت تفتح الباب من دون تردد :
- مرحباً بك يا شيخ عيسي .
بسرعة دلف الشيخ إلي الداخل ثم أغلق الباب بنفسه . شعرت بيده دافئة رغم برودة الجو فى الخارج فى دفء نظرت إليه ثم قالت :
- تشرب شايا ؟
- لا .. لا داعي لن أشرب شيئا .
- إذن تأكل شيئا ؟
وقبل أن يجيب الرجل ، كانت ثم توجهت إلي الثلاجة – فتحتها – كان مسعود الأعور قد اشتري هذه الثلاجة فى أول سفرية له – مدت يدها خرجت بحبة كمثري ، وضعتها فى طبق كان فوق منضدة صغيرة بجوار الثلاجة ، جرت المنضدة ووضعتها أمام الشيخ عيسي . لم تكن فى حاجة إلي صوتها أو أن تتثنى فى مشيتها يكفي أن تتحرك أمامه حتى تثيره . كما وهو حكيم القرية أو بالأحرى حكيم النساء يعرف مسعدة جيداً . جلست بجانبه أقسم أن تأكل معه ابتسمت له وهي لا تزال تشعر بدفء يديه عندما فتحت له الباب ، قامت وهي تنثني هذه المرة . بدا فعلاً أنها مثيرة لدرجة أن الشيخ هم أن يسير وراءها لحظات وعادت – وفى يدها سكيناً – وهي تنثني أيضا – يبدو أنها خففت من بعض ملابسها – جلست بجانبه وأخذت فى تقطيع الكمثري .
- جئت كي أقطع كلام الناس .
كان كلام الناس قد كثر وزاد علي لسان أهل القرية عن مسعدة والشيخ عيسي وعندما علم مسعود الأعور بذلك أراد أن يقطع كلام الناس فقال لهم " أعرف زوجتي وهي أفضل منكم " قال بذلك قبل أن يسافر وبعد أن سافر أيضا وكان ذلك بمثابة تصريح لمسعدة بأن تذهب للشيخ عيسي دونما حساب لكلام الناس . ثم أن الشيخ عيسي رجل طيب وأفضاله كثيرة علي البلد وكل أهل البلد وعلي يديه – بإذن الله ستنجب مسعدة مثلما أنجبت أخريات كثيرات ، وهو أفضل من دكاترة – أطباء – هذه الأيام الذين يأخذون أكواما من النقود دون أي نتيجة .
عندما أصر مسعود الأعور أن تذهب معه إلي الدكتور فى المدينة قال للدكتور قل لها بنفسك أن النتيجة مئة فى المئة . ثم كتب له بعض الأدوية وقال له انزل واصرفها من الصيدلية ، كانت أدوية نادرة بحث عنها فى جميع الصيدليات القريبة ولكنه لم يجد إلا القليل منها . وبعد أن خرج مسعود قال الدكتور لمسعدة وكانت قد نزلت لتوها من السرير .
هناك أمل ضعيف جداً .. ويجب أن تساعديه بنفسك .
لم تسأله كيف تساعده لقد فهمت من كلام الدكتور أنه لا أمل مطلقاً وعندما عاد مسعود قال لها :
لماذا لا تجعلي الدكتور يراك أنت الأخري .
أنا لا أكشف نفسي علي أغراب .
قالت ذلك وهي تغمز بطرف عينيها إلي الدكتور الذي شعر بإشفاق كبير نحو الزوج مسعود الأعور فأجهض بسمة كان يود أن يمنحها لمسعدة .
مسعود هو الذي ابتسم .. كان يردد فى داخله قوله السابق " أنا أعرف زوجتي أفضل منكم جميعاً " ! قبل أن يتسلل ضوء الصباح ماحياً سواد الليل وفاضحاً أسراره تسلل الشيخ عيسي خارجاً من منزل مسعود الأعور .
مرت ساعة أو أكثر وكانت الشمس تقف فى ركن من الأفق مضرجاً وجهها بالدم . وبدأ طرق آخر علي الباب ، بدأ الطرق خفيفا ثم أخذ يقوي ولكن مسعدة لم تسمع ، كان الطارق مسعوداً، يبدو عليه الضعف والهزال . كان يحمل فى يده حقيبة صغيرة لا أكثر ، كان منهك الجسم مرهقاً . أخذ يردد وهو يطرق الباب بصوت عال بدأ فيه الضعف والإرهاق :
- مسعدة .. مسعدة .
لكن مسعدة فى عالم آخر . قال لنفسه : الله يكون فى عونها.. كانت تنتظرني طوال الليل . عاد ليدق الباب بشدة هذه المرة . كان لا يريد أن يراه أحد بهذه الصورة . دفع الباب بكتفيه فكاد أن ينكفئ علي الأرض أدرك مسعود أن الباب غير محكم الإغلاق وأنه كان مخدوعاً . قال لنفسه : الله يكون فى عونها نسيت أن تغلق الباب .
دلف إلي الداخل . ألقي بالحقيبة الصغيرة فوق الكنبة بالصالة. ثم رمي بجسده المرهق فوقها . أراد أن يغفو حتى تصحو مسعدة من النوم . لا يريد أن يرهقها " الله يكون فى عونها " قال ذلك لنفسه مرة أخري . ولكنه شعر بالجوع بعد أن كاد يذهب فى النوم فتح عينيه . أبصر أمامه طبقا به قطع من الكمثري فوق المنضدة بجوار الكنبة ، وضعها فى فمه ، وجدها ماسخة . أعادها ثانية إلي الطبق دون أن يكمل أكلها . ثم تساءل هل ضيفا كان هنا . أبعد عن رأسه هذا السؤال ثم قال كأنه يكلم شخصا يقف أمامه :
- ربما تطورت مسعدة وأصبحت تأكل بالشوكة والسكينة .
قال ذلك دون أن يبتسم ، ربما لأنه كان مرهقاً شعر أنه فى حاجة إلي النوم أكثر من حاجته إلي الأكل اضطجع فوق الكنبة ثم راح فى نوم عميق .
كان مسعود قد ترك الباب الخارجي مفتوحاً ونسي أن يغلقه عندما دخل ولو كان التقت إلي باب غرفة مسعدة لاكتشف أنه كان مفتوحاً أيضاً وليس فى حاجة إلي دفعة كتف كي يفتح علي اتساعه فيدخل وينام بجوارها من دون أن تشعر أو علي الأقل دون أن يزعجها .
عندما استيقظت مسعدة من النوم وجدت مسعوداً يغط فى نوم عميق فوق الكنبة فى الصالة اقتربت منه ، حملقت فيه مندهشة ، وعادت لتحملق فيه ثانية . اكتشفت لأول مرة أن زوجها لا يري بعينيه اليمني ، وأنه أعور – حقاً – كما يقول أهل القرية . تناولت قطعة كمثري أخذت تمضغها فى تأن ولوت رأسها وعادت لتكمل نومها .


- مسعود لن يأتي الليلة
د. محمد عبدالحليم غنيم

.


صورة مفقودة
 
أعلى