مصطفى الجزار - كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة

كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة = فعـيـونُ عبلــةَ أصبحَتْ مُستعمَـرَة
لا تـرجُ بسمـةَ ثغرِها يومـاً، فقــدْ = سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا = واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
ولْتبتلـــع أبيـــاتَ فخـــرِكَ صامتــاً = فالشعـرُ في عـصرِ القنابلِ.. ثرثرة
والسيفُ في وجهِ البنـادقِ عاجـزٌ = فقـدَ الهُـــويّـةَ والقُــوى والسـيـطرة
فاجمـعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها = واجعـلْ لهـا مِن قاعِ صدرِكَ مقبـرة
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً! = وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغـرغرة
اكتبْ لهــا مـا كنــتَ تكتبُـه لهـا = تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمرة
يـا دارَ عبلــةَ بـالعـــراقِ تكلّمــي = هـل أصبحَـتْ جنـاتُ بابـلَ مقفـرة؟
هـل نَهْـــرُ عبلةَ تُستبـاحُ مِياهُـــهُ = وكـلابُ أمــريكـا تُدنِّــس كـوثـرَه؟
يـا فارسَ البيداءِ.. صِـرتَ فريسةً = عـبـداً ذلـيــلاً أســوداً مـا أحقـرَه
متطرِّفاً.. متخـلِّفاً.. ومخالِفاً! = نسبوا لكَ الإرهابَ.. صِرتَ مُعسكَرَه
عَبْسٌ تخلّـت عنـكَ.. هـذا دأبُهـم = حُمُــرٌ ـ لَعمرُكَ ـ كلُّهـــا مستنفِـرَة
فـي الجـاهليةِ..كنتَ وحدكَ قادراً = أن تهـزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِـرَه
لـن تستطيـعَ الآنَ وحــدكَ قهــرَهُ = فالزحفُ موجٌ.. والقنابلُ ممطرة
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضـاعَ صـهيلُهُ = بينَ الدويِّ.. وبينَ صرخةِ مُجـبرَة
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مـالـِـكٍ = كيفَ الصـمودُ؟ وأينَ أينَ المقـدرة!
هـذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ = متأهِّباتٍ.. والقــذائفَ مُشـهَرَة
لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى = ولَصاحَ في وجهِ القـطيعِ وحذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم = مفـتاحَ خيمتِهم، ومَـدُّوا القنطرة
فأتــى العــدوُّ مُسلَّحــاً، بشقاقِهم = ونـفاقِهم، وأقام فيهم مـنـبـرَه
ذاقـوا وَبَالَ ركوعِهـم وخُنوعِهم = فالعيشُ مُرٌّ.. والهـزائمُ منكَرَة
هذِي يـدُ الأوطانِ تجزي أهلَها = مَن يقترفْ في حقّها شرّا.. يَـرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها = لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسـرَه
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً = في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفـرة
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي = لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبـرة
وعيونُ عبلـةَ لا تزالُ دموعُها = تتـرقَّــبُ الجِسْـــرَ البعيـدَ.. لِتَعبُرَه

 
أعلى