قصة ايروتيكية راهيم حساوي - عزف على السرير

ثبَّتها وجهاً لوجه و راح يمرر القلم من حولها راسماً شكل محيطها على الباب ، و حين انتهى أمسكها من يدها و أدارها نحو الباب لترى ما قام به و هو يقف وراءها و ذقنه على كتفها ، أدارت وجهها نحوه ليرتطم فمها بفمه ولتذوب الشفاه ببعضها ، وراحت يدا عمران تمسح كل ما يقع تحتهما من مرتفعات وسهول وقصور صغيرة تنبض بالأضواء و الحياة و بشيء من الياقوت ليفوح النعيم بينهما ، وكانت أنفاسهما مثل طائرتي ورق بخيط واحد وهما يتحركان نحو السرير ، خلعا ثيابهما مثل الساعة حين تبلغ آخر لحظة في دورتها ولتعلن عن بدء وقت جديد ومبعثر لا يخضع لحركة تلك الثواني المُعتادة ، وتفجَّر المكان بالقبلات ، ومن شدة نعومة ظهرها ونقائه النائم بالبياض كادت أنْ تنطبع بصمات أصابعه عليه بمنتهى الدقة، لكن خطوطاً زهرية ارتسمت على ظهرها وأكتافها من أثر مرور أصابعه، وتفتَّح وجهها مثل هاوية تبدأ و لا تنتهي إلّا بقاع مملوء بأوراق الورد المبللة ببركة ماء بارد تسرَّب من بين صخور ملساء ذات لون برَّاق ، تمدد على ظهره و امتطته كفارسة و راحت تعلو بهدوء لتصل القمر و تهبط بهدوء باحثةً عن بذور التفاح التي خرجت منها تفاحة نيوتن ، و ما أنْ صهل جوادها قليلاً حتى تحول هذا الهدوء إلى صفير عاصفة بينهما ، و وسط هذا الصفير ضغط على صدغيها بيديه و سار رأسها خلف أصابعه مثل غزالة نحو فمه ليعتصر شفتيها و ليقارن بين طعمي سكر كل شفة منهما ، بينما راح نهداها يغسلان صدره و يمنحانه نصيباً من ملمس وجه الورد الجوري و رائحته التي تغلغلت بمساماته و صعدت نحو رأسه بقوة الخيال ، و بحركة هادئة ثم تلتها حركة سريعة مزَّقا بعضهما بالقُبَل و التنهيدات و أطراف الأصابع و هما ينقلبان تارةً و يعقدان هدنة للحظات تارةً أخرى . نظر في عينيها و قال:

يجب أنْ أقتل بعضاً منك ، أنت امرأة كثيرة يا كلودين .

وضعت يدها على فمه فعضها لها ، فأمسكت يده و عضتها له ، نظر في عينيها نظرةً في المُطْلَق و قال لها كلمة كلمة :

قفي ، كي أضع عن شمالك تسعة أصفار ، أنت مليار كل شيء .

شهقت حروفَ كلماته حرفاً حرفاً ، وعاودا تبادل القبلات من جديد و انقلبا عدة مرات و استقر كل واحد منهما على كتفه و جهاً لوجه بعد أنْ تساقط خريفها و تفجَّر شتاؤه مرة ثانية ، و ساد صمت عظيم ثم تبادلا بعض الكلمات الفرنسية بهمس مؤنس منح الروح رونقاً دافئاً و غنيَّاً بنسيان كل شيء ما عدا هذا الحيز الذي يدور بصدر كل واحد منهما ، و كانت الجدران مثل وجوه حيوانات أليفة ترمقهما بهدوء تام و دون حراك

*مقطع من رواية “البنادا” لراهيم حساوي


صورة مفقودة
 
أعلى