السيوطي - نزهة الجلساء في أشعار النساء

عائشة الإسكندرانية
عائشة الإسكندرانية المعروفة بزهرة الأدب!! قال ابن سعيد: كان مجلسها يعرف بالروض. قالت تخاطب من بعث إليها بشعر ذكر فيه أن قلبه من الحب يتقلب في جمر الغضا.
إذا كان قلبك ذا صاحب ... فلا تبعثن بأسراره
فإني لأشفق من ناره ... على الروض أو بعض أزهاره
 
عابدة بنت محمد الجهنية
عابدة بنت محمد الجهنية: امرأة عمر أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي الوزير. قال ابن النجار: كانت أديبة شاعرة فصيحة فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسن ابن علي بن محمد التنوخي.
قال التنوخي: حضرت ببغداد في مجلس الملك عضد الدولة في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة والشعراء ينشدونه التهاني، فحضرت عابدة الجهنية امرأة عمر بن محمد المهلبي فأنشدت قصيدة لم أظفر منها بشيء!! قال التنوخي: أنشدتني عابدة لنفسها، وهذه امرأة فاضلة كانت تهجو أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي:
شاورني الكرخي لما دنا ... النيروز والسن له ضاحكةْ
فقال: ما تهدي لسلطاننا ... من خير ما الكف له مالكهْ؟
فقلت له: كل الهدايا سوى ... مشورتي ضائعة هالكةْ
أهد له نفسك حتى إذا ... أشعل ناراً كنت دوباركةْ
قال التنوخي: الدو باركة كلمة أعجمية وهي اسم للعب على قدر الصبيان يحلها أهل بغداد في سطوحهم ليلة النيروز وقد كانت تنشدني أفضل من هذا، وكتبت ذلك عنها في موضع من كتبي.
 
عاتكة بنت محمد بن القاسم المخزومية
عاتكة بنت محمد بن القاسم بن محمد بن يحيى بن حابس بن عبد الله بن يحيى بن طقيس بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم المخزومية أم أبي الحسن محمد بن عبيد الله السلامي الشاعر.
قال ابن النجار، كانت شاعرة مدحت عضد الدولة ببغداد في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة وحضر الشعراء، فأنشدوا التهاني وحضرت أم أبي الحسن البغدادي السلامي، فأنشدته قصيدة طويلة بعبارة فصيحة، وإنشاد صيت مستقيم، ولسان سليم من اللحن لم أصل إلى جميعها، تقول فيها عند ذكرها لحسان:
شتان بين مدَبر ومدبر ... صيد الليوث حصائد الغزلان
روعته من بعد دهر راعني ... وسقيته ما كان قبل سقاني
فلقد سهرت لياليا ولياليا ... حتى رأيتك يا هلال زماني!!
 
العباسة بنت الخليفة المهدي
أخت هارون الرشيد
أمها: أم ولد، واسمها رضيم قال ابن النجار: كانت العباسة بديعة الجمال، فاضله جليلة.
قال الجاحظ: كتبت إلى وكيل لها يقال له: سباع، وقد بلغها أنه يحتاج إلى مالها، ويبني به المساجد والحياض:
ألا أيهذا المعمل العيس بلغن ... سباعاً وقل إن ضم إياكما السفرُ
أتظلمني ما لي فإن جاء سائل ... رفقت له أن حطه نحوك الفقرُ
كشافية المرضى بفائدة الزنا ... نؤمله أجراً وليس له أجرُ
ماتت سنة 182 بالرقة.
 
علية بنت الخليفة المهدي
قال ابن النجار: أمها مكنونة اشتريت للمهدي بمائة ألف درهم، وكانت علية من أحسن النساء، وأظرفهن وأعقلهن ذات صيانة وأدب بارع، تقول الشعر الجيد وتسوغ فيه الألحان الحسنة، ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها، وكانت من أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تكن طاهراً غنت. وتزوجت موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي. ولدت سنة ستين ومائة، وتوفيت سنة عشر ومائتين ومن شعرها:
أهلي سلوا الله العافية ... فقد دهتني بعدكم داهية
ما لي أرى الأبصار بي جافية ... لم تلتفت مني إلى ناحية؟!!
ما ينظر الناس إلى المبتلى ... وإنما الناس مع العافية!!
ومنه:
ألبس الماء مداما ... واسقني حتى أناما
وأفض جودك في النا ... س تكن فيهم إماما
لعن الله أخا البخ ... ل وإن صلى وصاما
ومنه:
كتمت اسم الحبيب عن العباد ... ورددت الصبابة في فؤادي
فوا شوقي إلى ناد خلي ... لعلي باسم من أهوى أنادي
ومنه:
إني كثرت عليه في زيارته ... فمل والشيء مملول إذا كثرا
ورابني منه أني لا أزال أرى ... في طرفه قصراً عني إذا نظرا
ومنه:
أما والله لو جوزي ... ت بالإحسان إحسانا
لما صد الذي أهوى ... ولا ملا ولا خانا
رأيت الناس من ألقى ... عليهم نفسه هانا
فزر غباً تزدد حباً ... وإن حملت أشجانا
وقال الحصري في كتاب النورين: كانت عليه تعدل بكثير من أفاضل الرجال في فضائل العقل، وحسن المقال، ولها شعر رائق، وغناء رائع وهي القائلة:
وضع الحب على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمجْ
ليس يستحسن في وصف الهوى
وقليل الحب صرفاً خالصاً ... لك خير من كثير قد مزجْ
قال: وخرج الرشيد إلى الري ومعه علية فلما قارب المرج عملت شعراً وغنته:
ومغترب بالمرج يبكي لشأنه ... وقد غاب عنه المسعدون على الحب
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضه ... تنشق يستشفي برائحة الركب
فلما سمع الصوت رق عليها، وعلم أنها اشتاقت إلى بغداد فأمر بردها. وقال إسحاق الموصلي: كانت علية إذا طهرت لزمت المحراب وقرأت القرآن!! وإذا لم تصل غنت، وكانت تكاتب الأشعار خادمين: يقال لأحدهما: طل وتكنى بظل، والآخر: رشا وتكنى عنه بزينب على أنهما جاريتان، فحجب طل عندما أحس الرشيد بما بينهما فقالت:
أيا سروة البستان طال تشوقي ... فهل لي إلى ظل إليك سبيل؟
متى يلتقي من ليس يرجى خروجه ... وليس لمن تهوى إليه دخول؟!
وكان الرشيد قد حلف عليها ألا تكلم طلاً ولا تذكر اسمه فدخل عليها غفلة وهي تقرأ في المصحف: " فإن لم يصبها وابل فطل " فما نهى عنه أمير المؤمنين؛ فضحك، وقبل رأسها وقال: ولا كل هذا!!... وقد وهب لك طلاً. ومن قولها في رشا:
القلب مشتاق إلى ريب ... يا رب ما هذا من العيبِ!!
قد تيمت قلبي فلم أستطيع ... إلا البكا يا عالم الغيبِ
خبأت في شعري ذكر الذي ... أحببته كالخبا في الجيبِ
لأن قولها في الشطر الأول ريب تصحيف رشا.
 
قسمونة بنت إسماعيل
بن بغدالة اليهودي
قال في المغرب من أهل المائة السادسة. كان أبوها قد اعتنى بتأديبها، وكان أبوها ربما صنع القسم من الموشحة فأمها بقسيم آخر. وقال لها أبوها يوماً أجيزي:
لي صاحبة ذات بهجة قد قابلت ... نفعاً بضر واستحلت جرمها
ففكرت مدة غير كثيرة وقالت:
كالشمس منها الدر تلبس نوره ... أبداً ويكسف بعد ذلك جرمها
فقام كالمختبل، وضمها إليه، وجعل يقبل رأسها ويقول: أنت والعشر كلمات ......... أشعر مني!!. ونظرت في المرآة، فنظرت جمالها، وقد بلغت أوان التزويج، ولم تتزوج فقالت:
أرى روضة قد حان منها قطافها ... ولست أرى جان يمد لها يدا
فوا أسفي يمضي الشباب مضيعاً ... ويبقى الذي ما إن أسميه مفردا
فسمعها أبوها فنظر في تزويجها!! وقالت في ظبية عندها:
يا ظبية ترعى بروضي دائماً ... إني حكيتك في التوحش والحور
أمسى كلاماً مفرداً عن صاحب ... فعتابنا أبداً على حكم القدر!
 
عائشة الإسكندرانية
عائشة الإسكندرانية المعروفة بزهرة الأدب!! قال ابن سعيد: كان مجلسها يعرف بالروض. قالت تخاطب من بعث إليها بشعر ذكر فيه أن قلبه من الحب يتقلب في جمر الغضا.
إذا كان قلبك ذا صاحب ... فلا تبعثن بأسراره
فإني لأشفق من ناره ... على الروض أو بعض أزهاره
عابدة بنت محمد الجهنية
عابدة بنت محمد الجهنية: امرأة عمر أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي الوزير. قال ابن النجار: كانت أديبة شاعرة فصيحة فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسن ابن علي بن محمد التنوخي.
قال التنوخي: حضرت ببغداد في مجلس الملك عضد الدولة في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة والشعراء ينشدونه التهاني، فحضرت عابدة الجهنية امرأة عمر بن محمد المهلبي فأنشدت قصيدة لم أظفر منها بشيء!! قال التنوخي: أنشدتني عابدة لنفسها، وهذه امرأة فاضلة كانت تهجو أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي:
شاورني الكرخي لما دنا ... النيروز والسن له ضاحكةْ
فقال: ما تهدي لسلطاننا ... من خير ما الكف له مالكهْ؟
فقلت له: كل الهدايا سوى ... مشورتي ضائعة هالكةْ
أهد له نفسك حتى إذا ... أشعل ناراً كنت دوباركةْ
قال التنوخي: الدو باركة كلمة أعجمية وهي اسم للعب على قدر الصبيان يحلها أهل بغداد في سطوحهم ليلة النيروز وقد كانت تنشدني أفضل من هذا، وكتبت ذلك عنها في موضع من كتبي.
عاتكة بنت محمد بن القاسم المخزومية

عاتكة بنت محمد بن القاسم بن محمد بن يحيى بن حابس بن عبد الله بن يحيى بن طقيس بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم المخزومية أم أبي الحسن محمد بن عبيد الله السلامي الشاعر.
قال ابن النجار، كانت شاعرة مدحت عضد الدولة ببغداد في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة وحضر الشعراء، فأنشدوا التهاني وحضرت أم أبي الحسن البغدادي السلامي، فأنشدته قصيدة طويلة بعبارة فصيحة، وإنشاد صيت مستقيم، ولسان سليم من اللحن لم أصل إلى جميعها، تقول فيها عند ذكرها لحسان:
شتان بين مدَبر ومدبر ... صيد الليوث حصائد الغزلان
روعته من بعد دهر راعني ... وسقيته ما كان قبل سقاني
فلقد سهرت لياليا ولياليا ... حتى رأيتك يا هلال زماني!!
العباسة بنت الخليفة المهدي
أخت هارون الرشيد
أمها: أم ولد، واسمها رضيم قال ابن النجار: كانت العباسة بديعة الجمال، فاضله جليلة.
قال الجاحظ: كتبت إلى وكيل لها يقال له: سباع، وقد بلغها أنه يحتاج إلى مالها، ويبني به المساجد والحياض:
ألا أيهذا المعمل العيس بلغن ... سباعاً وقل إن ضم إياكما السفرُ
أتظلمني ما لي فإن جاء سائل ... رفقت له أن حطه نحوك الفقرُ
كشافية المرضى بفائدة الزنا ... نؤمله أجراً وليس له أجرُ
ماتت سنة 182 بالرقة.
علية بنت الخليفة المهدي
قال ابن النجار: أمها مكنونة اشتريت للمهدي بمائة ألف درهم، وكانت علية من أحسن النساء، وأظرفهن وأعقلهن ذات صيانة وأدب بارع، تقول الشعر الجيد وتسوغ فيه الألحان الحسنة، ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها، وكانت من أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تكن طاهراً غنت. وتزوجت موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي. ولدت سنة ستين ومائة، وتوفيت سنة عشر ومائتين ومن شعرها:
أهلي سلوا الله العافية ... فقد دهتني بعدكم داهية
ما لي أرى الأبصار بي جافية ... لم تلتفت مني إلى ناحية؟!!
ما ينظر الناس إلى المبتلى ... وإنما الناس مع العافية!!
ومنه:
ألبس الماء مداما ... واسقني حتى أناما
وأفض جودك في النا ... س تكن فيهم إماما
لعن الله أخا البخ ... ل وإن صلى وصاما
ومنه:
كتمت اسم الحبيب عن العباد ... ورددت الصبابة في فؤادي
فوا شوقي إلى ناد خلي ... لعلي باسم من أهوى أنادي
ومنه:
إني كثرت عليه في زيارته ... فمل والشيء مملول إذا كثرا
ورابني منه أني لا أزال أرى ... في طرفه قصراً عني إذا نظرا
ومنه:
أما والله لو جوزي ... ت بالإحسان إحسانا
لما صد الذي أهوى ... ولا ملا ولا خانا
رأيت الناس من ألقى ... عليهم نفسه هانا
فزر غباً تزدد حباً ... وإن حملت أشجانا
وقال الحصري في كتاب النورين: كانت عليه تعدل بكثير من أفاضل الرجال في فضائل العقل، وحسن المقال، ولها شعر رائق، وغناء رائع وهي القائلة:
وضع الحب على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمجْ
ليس يستحسن في وصف الهوى
وقليل الحب صرفاً خالصاً ... لك خير من كثير قد مزجْ
قال: وخرج الرشيد إلى الري ومعه علية فلما قارب المرج عملت شعراً وغنته:
ومغترب بالمرج يبكي لشأنه ... وقد غاب عنه المسعدون على الحب
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضه ... تنشق يستشفي برائحة الركب
فلما سمع الصوت رق عليها، وعلم أنها اشتاقت إلى بغداد فأمر بردها. وقال إسحاق الموصلي: كانت علية إذا طهرت لزمت المحراب وقرأت القرآن!! وإذا لم تصل غنت، وكانت تكاتب الأشعار خادمين: يقال لأحدهما: طل وتكنى بظل، والآخر: رشا وتكنى عنه بزينب على أنهما جاريتان، فحجب طل عندما أحس الرشيد بما بينهما فقالت:
أيا سروة البستان طال تشوقي ... فهل لي إلى ظل إليك سبيل؟
متى يلتقي من ليس يرجى خروجه ... وليس لمن تهوى إليه دخول؟!
وكان الرشيد قد حلف عليها ألا تكلم طلاً ولا تذكر اسمه فدخل عليها غفلة وهي تقرأ في المصحف: " فإن لم يصبها وابل فطل " فما نهى عنه أمير المؤمنين؛ فضحك، وقبل رأسها وقال: ولا كل هذا!!... وقد وهب لك طلاً. ومن قولها في رشا:
القلب مشتاق إلى ريب ... يا رب ما هذا من العيبِ!!
قد تيمت قلبي فلم أستطيع ... إلا البكا يا عالم الغيبِ
خبأت في شعري ذكر الذي ... أحببته كالخبا في الجيبِ
لأن قولها في الشطر الأول ريب تصحيف رشا.
قسمونة بنت إسماعيل
بن بغدالة اليهودي
قال في المغرب من أهل المائة السادسة. كان أبوها قد اعتنى بتأديبها، وكان أبوها ربما صنع القسم من الموشحة فأمها بقسيم آخر. وقال لها أبوها يوماً أجيزي:
لي صاحبة ذات بهجة قد قابلت ... نفعاً بضر واستحلت جرمها
ففكرت مدة غير كثيرة وقالت:
كالشمس منها الدر تلبس نوره ... أبداً ويكسف بعد ذلك جرمها
فقام كالمختبل، وضمها إليه، وجعل يقبل رأسها ويقول: أنت والعشر كلمات ......... أشعر مني!!. ونظرت في المرآة، فنظرت جمالها، وقد بلغت أوان التزويج، ولم تتزوج فقالت:
أرى روضة قد حان منها قطافها ... ولست أرى جان يمد لها يدا
فوا أسفي يمضي الشباب مضيعاً ... ويبقى الذي ما إن أسميه مفردا
فسمعها أبوها فنظر في تزويجها!! وقالت في ظبية عندها:
يا ظبية ترعى بروضي دائماً ... إني حكيتك في التوحش والحور
أمسى كلاماً مفرداً عن صاحب ... فعتابنا أبداً على حكم القدر!
لبابة بنت علي المهدي
لبابة بنت علي المهدي: قال ابن النجار: كانت جليلة فاضلة تزوجها الأمين بن الرشيد فقتل قبل أن يدخل بها، فقالت ترثيه:
أبكيك لا للنعم والأنس ... بل للمعالي والرمح والفرس
أبكي على فارس فجعت به ... أرملني قبل ليلة العرس
مراد شاعرة علي بن هشام
مراد شاعرة علي بن هشام: لما قتل المأمون قالت ترثيه:
هل مسعد لبكاي ... بعبرة أو دماء
وذاك مني قليل ... لسادتي النجباء
ذكر ذلك الأغاني.
مريم بنت أبي يعقوب
القبضولي الشلبي
مريم بنت أبي يعقوب القيضولي الشلبي. ذكرها ابن دحية في كتاب المطرب من أشعار أهل المغرب وقال: أديبة شاعرة جزلة مشهورة، تعلم النساء الأدب، وتحتشم لدينها وفضلها. وعمرت عمراً طويلاً، سكنت أشبيلية وشهرت بها بعد الأربعمائة.
ذكرها الحميدي وقال: أنشدني لها أصبغ بن سيد الإشبيلي. وأخبر أن المهتدي بعث إليها بدنانير وكتب إليها:
ما لي بشكر الذي أوليت من قبل ... لو أنني حزت نطق الإنس والخبل
يا فذة الظرف في هذا الزمان ويا ... وحيدة العصر في الإخلاص والعمل
أشبهت مريم العذراء في ورع ... وفقت خنساء في الأشعار والمثل
فكتبت إليه:
من ذا يجاريك في قول وفي عمل ... وقد بدرت إلى فضل ولم تسلِ
ما لي بشكر الذي نظمت في عنقي ... من اللآلي، وما أوليت من قبلِ
حليتني بحلي أصبحت زاهية ... بها على كل أنثى من حلي عطلِ
لله أخلاقك الغر التي سقيت ... ماء الفرات فرقت رقة الغزلِ
أشبهت في الشعر من غارت بدائعه ... وأنجدت وغدت في أحسن المثلِ
من كان والده العضب المهند لم ... يلد من النسل غير البيض والأسلِ
وذكرها صاحب المغرب، وقال: من أهل المائة الخامسة. ذكرها الحميدي في الجذوة، والحجاري: في المسهب، ومن شعرها وقد كبرت:
وما يرتجى من بنت سبعين حجة ... وسبع كنسج العنكبوت المهلهل؟
تدب دبيب الطفل تسعى إلى العصى ... وتمشي بها مشي الأسد المكبل!!
مهجة بنت التياني القرطبية
مهجة بنت التياني القرطبية. قال في المغرب: من أهل المائة الخامسة. كان أبوها يبيع التين، وكانت من أجمل نساء زمانها. وعلقت بها ولادة، ومن شعرها في ولادة:
ولادة قد صرت ولادة ... من غير بعل فضح الكاتم
حكمت لنا مريم لكنما ... نخلة هذى ...... قائم
فلو سمع ابن الرومي هذا لأقر لها بالتقدم. ومن شعرها:
لئن جلت عن ثغرها كل حائم ... فما زال تحمى عن مطالعها الثغر
فذلك تحميه القواضب والقنا ... وهذا حماه من لواحظها السحر
وأهدى لها بعض من كان يهيم بها خوخا فكتبت إليه:
يا متحفاً بالخوخ أحبابه ... أهلاً به مثلج في الصدور
حكى ثدي الغيد تفليكه ... لكنه أخزى ......
نجيبة القحطانية
نجيبة القحطانية: قال ابن النجار: كانت شاعرة حسنة الشعر فصيحة. ومن شعرها:
إذا أصبح المرء في عيشة ... من المال والأمن في سربه
أتى عرض جد في موته ... فصاح الفنا به: سر به
نضار بنت الأمير أثير الدين
بن حيان محمد بن يوسف الأندلسي
نضار بنت الأمير أثير الدين بن حيان محمد بن يوسف الأندلسي. كانت كاتبة قارئة، تنظم الشعر، وخرجت لنفسها جزءاً حديثيا. وكان والدها يثني عليها كثيراً ويقول: ليت أخاها حيان كان مثلها!!. ماتت سنة ثلاثين وسبعمائة ووجد عليها والدها وجداً عظيماً وقال الصلاح الصفدي يرثيها:
بكينا باللجين على نضار ... فسيل الدمع في الخدين جاري
فيالله جارية تولت ... فنبكيها بأدمعنا الجواري
نزهون بنت القلاعي الغرناطية
زهون بنت القلاعي الغرناطية - قال في المغرب: من أهل المائة الخامسة ذكرها الحجاري في المسهب، ووصفها: بخفة الروح، وانطباع النادرة، والحلاوة، وحفظ الشعر، والمعرفة بتصريف الأمثال مع جمال فائق وحسن رائق. وكان الوزير أبو بكر بن سعيد أولع الناس بمحاضرتها ومذاكرتها ومراسلتها، فكتب إليها مرة هذين البيتين:
يا من له ألف خل ... من عاشق وصديق
أراك خليت للنا ... س منزلاً في الطريق
فأجابته:
حللت أبا بكر محلاً منعته ... سواك وهل غير الحبيب له صدري؟
وإن كان لي كم من حبيب فإنما ... يقدم أهل الحق فضل أبي بكر
ولما قال فيها الأعمى المخزومي:
على وجه نزهون من الحسن مسحة ... وتحت الثياب العار أو كان باديا
قواصد نزهون توارك غيرها ... ومن قصد البحر استقل السواقيا
قالت:
إن كان ما قلت حقاً ... من نقض عهد كريم
فصار ذكرى ذميماً ... يعزى إلى كل لوم
وصرت أقبح شيء ... في صورة المخزوم
وقال لها بعض الثقلاء: على من أكل معك خمسمائة سوط فقالت:
وذى شقوة لما رآني رأى له ... تمنيه أن يصلى معي جاحم الضرب
فقلت: كلها هنيئاً وإنما ... خلقت إلى لمس المطارف والشرب
ونظرت إلى رجل عليه غضارة صفراء وهو أشقر أزرق كبير البطن فقالت يا أستاذ، أصبحت اليوم مثل بقرة بني إسرائيل، ولكن لا تسر الناظرين!!. ودخل الكندي الشاعر على المخزومي وهي تقرأ عليه، فقالت: أجز يا أستاذ:
لو كنت تبصر من تكلمه ... ............
فأنعم وأطال الفكر، فما وجد شيئاً!!. فقالت:
لغدوت أخرس من خلاخله
البدر يطلع في أزرته ... والغصن يمرح في غلائله
ولادة بنت المستكفي
ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الناصر بن عبد الرحمن بن محمد المرواني. كانت واحدة زمانها، المشار إليها في أوانها، حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة. كتبت بالذهب على طرازها الأيمن:
أنا ... والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
وكتبت على الطراز الأيسر:
أمكن عاشقي من صحن خدي ... وأعطى قبلة من يشتهيها
وكانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف، وفيها خلع ابن زيدون عذاره، وله فيها القصائد والمقطعات. وكانت له جارية سوداء بديعة القوام، ظهر لولادة من ابن زيدون ميل إليها فكتبت إليه:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا ... لم تهو جاريتي ولم تتخيرِّ
وتركت غصناً مثمراً بجماله ... وجنحت للغصن الذي لم يثمرِ
ولقد علمت بأنني بدر السما ... لكن ولعت لشقوتي بالمشتري
وكانت ولادة تلقب ابن زيدون بالمسدس وفيه تقول:
ولقبت المسدس وهو نعت ... تفارقك الحياة ولا يفارق
فلوطي، ومأبون، وزان ... وديوث، وقواد، وسارق
وقلت فيه أيضاً:
إن ابن زيدون له نقمة ... تعشق ...... السراويل
لو أبصرت ...... على نخلة ... صارت من الطير الأبابيل
وقالت تهجو الأصبحي:
يا أصبحي اهنأ فكم نعمة ... جاءتك من ذي العرش رب المنن
قد نلت ... ابنك ما لم ينل ... ... بوران أبوها الحسن
وقال في المغرب: مرت بالوزير أبي عامر بن عبدوس وأمام داره بركة من كثرة الأمطار فقالت به:
أنت الخصيب وهذه مصر ... فتدفقا فكلاكما بحر
قال: وكانت ولادة في بني أمية بالمغرب كعلية في بني أمية بالمشرق. إلا أن هذه تزيد بمزية الحسن الفائق!! وذكرها ابن بشكوال في الصلة فقال: كانت أديبة شاعرة، جزلة القول، حسنة الشعر، وكانت تخالط الشعراء، وتساجل الأدباء، وتعرف البرعاء، وعمرت طويلاً، ولم تتزوج قط.
ماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وكانت قد كتبت في طراز جعلته في إحدى عاتقيها:
أنا والله أصلح للمعالي ... وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
وكتب في الطراز الآخر:
أمكن عاشقي من صحن خدي ... وأمنح قبلتي من يشتهيها
وهي التي أولع بحبها أبو الوليد بن زيدون فكتبت إليه تعد طول تمنع:
ترقب إذا جن الظلام زيارتي ... فإني رأيت الليل أكتم للسرِّ
وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح ... وبالبدر لم يطلع، وبالنجم لم يسرِ
ووفت له بما وعدت، ولما أرادت الانصراف ودعها بهذه الأبيات:
ودع الصبر محب ودعك ... ذائع من سره ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكن ... زاد في تلك الخطا إذا شيعك
يا أخا البدر سناء وسناً ... حفظ الله زماناً أطلعك
إن يطل بعدك ليلي .. فلكم ... بت أشكو قصر الليل معك
وكتبت إليه:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرق ... سبيل؛ فيشكو كل صب بما لقي
وقد كنت أوقات التزاور في الشتا ... أبيت على جمر من الشوق محرقِ
فكيف وقد أمسيت في حال قطعة ... لقد عجل المقدار ما كنت أتقي
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي ... ولا الصبر من رق التشوق معتقي
سقى الله أرضاً قد غدت لك منزلاً ... بكل سكوب هاطل الوبل مغدق
الشاعرة الغسانية البجانية
كذا ذكرها في المغرب، وقال من أهل المائة الرابعة. ومن شعرها قولها من أبيات:
عهدتهم والعيش في ظل وصلهم ... أنيق، وروض الوصل أخضر فينانُ
ليالي سعد لا يخاف على الهوى ... عتاب ولا يخشى على الوصل هجرانُ
عمة السلامي الشاعرة
وهي ابنة محمد بن محمد بن يحيى
كذا ذكره ابن النجار، ثم روى بسنده عن الحسن بن علي الجوهري قال: أنشدنا السلامي لعمته قال: وكنت ألعب في أيام الحداثة مع بعض جوارنا، فعضت خدي فازرق موضع العضة، فقالت عمتي في ذلك:
ماذا صنعت بنا يا عاشق عبث ... في صحن خد يبيح الشعر وهاجِ
زرعت إذ عضيته غير مشفقة ... روض البنفسج فيروض من الزاجِ
المخزومية ابنة خال السلامي
المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر - كذا في تاريخ ابن النجار. ثم روى عن أبي علي التنوخي قال: أخبرني محمد بن عبيد السلامي أنه كانت له ابنة خال بغدادية مخزومية تقول الشعر. وقال: أنشدتني لنفسها من قصيدة لها إلى سيف الدولة، وأنها توفيت سنة سبع وستين وثلثمائة:
لولا حذاري من ألام علي ... عتاب يوم منه وأعتابه
لسرت والليل هودجي ... وذباب السيف في نحره إلى بابه
حكايات ونوادر
امرأة وزوجها
وقابلت الكمال الأوفر حكى لي شرف الدين محمد عبد المحسن الأرميني قال: حكى لي بعض عدول البهنسا أن امرأة حضرت مع زوجها للطلاق فرأينا الزوج لا يريد ذلك، فكلمناها فلم تقبل. وأنشدت:
لما غدا الأليد عهدي ناقضا ... وأراد ثوب الوصل أن يتمزقا
فارقته وخلعت من يده يدي ... وتلوت لي وله " وإن يتفرقا "
المعتمد والرميكية
وقال صاحب المغرب: قال الحجاري في المسهب: ركب المعتمد بن عباد في النهر ومعه ابن عمار وزيره وقد زردت الريح النهر. فقال ابن عباد لابن عمار: أجز:
صنع الريح من الماء زرد
فأطال ابن عمار الفكرة، وأفحم، ولم يأت بشيء!! فقالت امرأة من الغاسلات:
أي درع لقتال لو جمدْ
فتعجب ابن عباد من حسن ما أتت به مع عجز ابن عمار، ونظر إليها فرأى صورة حسنة، فأعجبته، فسألها: أذات زوج؟ قالت لا. فتزوجها، وهي الرميكية.
الشافعي وجارية له
في الطبقات الكبرى للسبكي من طريق الربيع بن سليمان قال:سمعت الشافعي يقول: اشترين جارية مرة، وكنت أحبها فقلت لها:
أو ما شديد أن تحب ... ولا يحبك من تحبه؟!
فقالت لي الجارية:
ويصد عنك بوجهه ... وتلح أنت فلا تغبه
إبراهيم بن محمد إدريس وزوجته
وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي وابن عساكر في تاريخه من طريقه قال ابن سعيد بن محمد البيروتي قاضي بيروت: حدثنا أحمد بن محمد المكي قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن إدريس الشافعي يقول: كانت لي امرأة وكنت أحبها فكنت إذا رأيتها قلت:
أليس شديداً أن تحب ... ولا يحبك من تحبه؟
فتقول هي:
ويصد عنك بوجهه ... وتلح أنت فلا تغبه
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
 
أعلى