دراسة حاتم بابكر عوض الكريم - قراءة في السرد القصصي للسودانيات

حاتم بابكر عوض

حاتم بابكر عوض الكريم
مدخل أول :

تتصل معاني السرد باصله اللغوي . جاء في لسان العرب :.... سرد الحديث ونحوه يسرد سرداً إذا كان جيد السياق وفي صلى الله عليه وسلم : " لم يكن يسرد الحديث أي يتابعه ويستعجل فيه.." يرتبط السرد بالادب الانشائي الوصفي كاصلاح نقدي له عدة مفاهيم منها اختزالاً :

* " نقل الحادثة من صورتها الواقعة لاي صورة لغوية" .
* "..... هو الفعل الذي تنطوي فيه السمة الشاملة لعملية القص وهو كل ما يتعلق بالقص ."
*" السرد هو الطريقة التي يختارها القاص " الحاكي" ليقدم بها الحدث الى الملتقى . فكان السرد هو نسج الكلام في صورة حكي ... هكذا تميل المعاجم الى تقديمه بمعنى النسيج ."
* السرد هو شكل المضمون – شكل الحكاية- القصة سرد قبل كل شئ ذلك ان القاص عندما يكتب قصة مايقوم بإجراء قطع وإختيار للوقائع التي يريد سردها . وهذان القطع والاختيار لا يتعلقان احيانا بالتسلسل الزمني للاحداث، التي قد تقع في ازمنة بعيده او قريبة: وإنما قطع واختيار تقتضيه الضرورة الابداعية. فالقاص ينظم المادة الخام التي تتالف منها قصته ليمنحها شكلا فنيا ناجحا ومؤثرا."

مدخل ثاني:

القصة إبداع إنساني، تتعاطاه كافة الشعوب والامم فهي السجل الاصدق لحياة الانسان والوثيقة التاريخية الاعرق لسيرته عبر الحقب والعصور فالقصص خلدت انشطة الانسان على تنوعها حين سجلت الحروب والثورات والهزائم والانتصارات .

القصة ابداع نثري ويعكس زحما ً من الاحداث فيها يتمكن القاص من ان يسلط الضوء عليها بابراز فكرة ما يعزلها عن كل شي آخر فيشكل منها مشاهد ومناظر متحركة بوضوح مؤثر . فالقصة المكتوبة باللغة العربية ارتبطت بالقرآن – كتاب الله الكريم- فقد اهتم القران بسرد القصص فتناول حكاية الانسان منذ بداية الخليقة ورسم مساره حتى نهاية التاريخ فقد وثق القران العظيم قصص الامم الغابرة وابراز تفاصيل حياة الانبياء وتطوير العلاقات الاجتماعية . فقد جاء في سورة يوسف الاية "3" : نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين." فاهتمام القران بالقصة جعل المسلمين يتعلقون على كتابتها وروايتها فتداولوها وفسروها حتى ان الخليفة معاوية بن ابي سفيان قد اهتم بالقصاص الذين يسردون سير الانبياء في المساجد وما زال هذا الاهتمام في تعظيم وتنامي فانتجوا ترثا قصصيا تناول كافة الموضوعات والقضايا فكانت القصص التاريخية والاسمار والمقامات والخرافات والقصص المترجمة من اللغات الفارسية والهندية واليونانية والرومانية فقد ساهمت القصة العربية في الارتقاء بالوجدان الجمعي والذهن الفردي فقد حكت التاريخ الاجتماعي للمسلمين فصورت حياة الامراء والقضاة والادباء والشعراء مادار في القصور والمساجد والحواري والمعارك فقد ظلت القصة افضل وثيقة لردود الفعل الانسانية فهي المادة الخام التي رصدت فيها الافكار والمشاعر الامزجة عبر التاريخ.. في ظروف التفاعل والعزلة .. كما ان القصة المكتوبة بالعربية لعبت دورا راسخاً في تعليم الناشئة أمور دينهم ودنياهم فقد سجلت القصة اسهامات قصصية لاسماء كاتبة ما زالت تتوهج وتوثر في حياة الناس مثل : ابن جبير وابن بطوطة وبديع الزمان الهمزاني وعبد اللطيف البغدادي الخ القائمة التراثية التي تطول دوما ولاتقصر.


لعبت القصة دورا محوريا متعاظم في حياة البشر على اختلافهم و المسلمين تحديدا نشهد ذلك من خلال دولة الحكايةعبر العهود والحقب فقد رصدت القصة وقائع العصر الاموي وافكاره وحياة فقهائه كما ارخت القصة للتماذج الاجتماعي بين اعراق وثقافات المسلمين متعددي المشارب العرقية واللغويةابان الدولة العباسية فما زالت القصة تحكي انتصارات المماليك على الصليبين والمغول كما ابرزت مواقف العثمانيين في التصدي للهجمات الاستعمارية من اجل هذا كان القصاص اكثر استعدادا لاستيعاب الطفرة النوعية في تبدل الازمنة والعهود التي لم تسلم منها القصة . القصة الحديثة ظهرت مع الاداب الغربية حيث تحددت الاجناس السردية من قصة قصيرة وروائية .. الخ فسادت في كتابة القصة التاثيرات الابداعية الغربية باجناسها كردة فعل معرفية فكرية ضد الحكايات والخرافات والاساطير " القرواوسطية" في أروبا؛ التي إنتزعت من الانسان أفعاله وموافقه ونسبتها لابطال وهميين لهم مواقع في ذاكرة الخرافة والاوهام .

إنتشرت القصة العربية في السودان مع تنامي الوجود العربي وتمازحه مع "البجا" و"النوبة" و"الزنوج " هذه الاصلول الاولى امتزجت مع العرب فشكلوا الشخصية السودانية التي نضجت ملامحها منذ بدايلت القرن العشرين في القصة التي ظلت تمتاز بقدرتها للنفاذ الى كل انماط الابداع وتاريخ المجتمع ،كما عبر القصاص بالقصة مبدعي التشكيل عن اعمالهم فكانت القصة المرسومة والرسم القصصي، فقد ظهرت القصة في بدايتها أولا في الصحف السودانية " حضارة السودان " و " النيل " فالمؤكد ان ناشطي ثورة 1924 م منهم من تعاطي القصة فالحقيقة التي اكدها التاريخ السوداني ان القصة قد لعبت دوراً أساسيا في بناء الشخصية السودانية لا سيما في ثلاثنيات القرن العشرين بعد ظهور الجمعيات الادبية والاندية الثقافية في المدن السودانية . فمن اشهر تلك الجمعيات الثقافية جمعيةابو روف التي كان ابرز رموزها : حسن احمد عثمان الكد وحسين احمد عثمان الكد واسماعيل العتبابي و سليملن اكرت والهادي أبو بكر اسحق...الخ من رواد الابداع والادب . أما جمعية الهاشماب فقد نشط فيها محمد احمد محجوب ويوسف مصطفى التني ومحمد عبد الحليم ومحمد عشري الصديق وعبد الله عشري الصديق ومرضي محمد خير وعوض الله مرسال وغيرهم من الكتاب الذي وثقت اسهاماتهم مجلة الفجر . لعبت مجلة الفجر دوراً مهما في تطوير كتابة القصة في السودان منذ صدورها في عام 1934م ذلك لان الاستاذ عرفات محمد عبد الله كان أديباً مبدعاً مطلعاً على الادب العربي و الانجليزي ويعي اهمية القصة في تشكيل وجدان المجتمعات وبناء ذاكرة الامم . فمنذ مجلة الفجر ترسخت ملامح القصة القصيرة في الكتابات الادبية السودانية فظهرت اجيال من القُصاص الذين أثروا الوجدان الوطني منهم على سبيل المثال لا الحصرخضر حمد وابراهيم يوسف سليمان ومكاوي .....الخ

مدخل ثالث :

القصة القصيرة :وصفها الكاتب الانجليزي هـ . ج .ويلز: وهي تلك القصة التي تجمع بين الحقيقة والخيال في اطارالتشويق والامتاع ولا يهم ان تكون خفيفة او دسمة انسانية او غير انسانية زاخرة بالافكار او سطحية .. المهم كله ان تربط القاري لمدة تتراوح بين ساعة او خمسين دقيقة ربطاً يثير فيه الشعور بالمتعة والرضا . " فالنص الذي نطلق عليه قصة قصيرة له خصائص محددة فمنهم ما أوجزها في المتحتوى " الموضوع " والمدخل " البداية " والخلاصة و" النهاية" ومنهم من فصلها لخصائص في المشكلة " العقدة " تطور الصراع " الاحداث " ، النتيجة " حل المشكلة " وتوفر عناصر التشويق والندهاش . فالقصة القصيرة تكون أكثر إكتمالا عندما تتنحى ناحية الابانة والوضوح والالغاز – السرية والافاضة- السلاسة والموضوعية. فمن خصائص القصة القصيرة الموقف الدرامي فالمواقف الدرامية الممكنة في الاعمال القصصية لا حصر لها فهي متعددة ومركبة وليس بينها فواصل. فالقاص معني دائماً بالامساك بالنص وتكتيكات السرد التي من أهمها الصياغة القادرة على تطويع معطيات النص في حركة تعالج التطويل والترهل والزيادة والاكثار من الشخصيات . فالمميزات الاساسية لاي قصة قصيرة الصورة الوصفية للقصة التي تبدو متماسكة بسمات الحدث وتطوراته وتفعيلاته فيستطيع القاص ان يتجاوز عرضية الاشياء بالاختيار العاقل الذي يخلق الماهية فيمنح الاشياء معناها وجدواها مما يجعل المتلقي غارقاً في النص القصصي محاولا الوصول لجوهره وعمقة او ماذا يريد القاص ان يرسله من رسالة تتصل برؤيته للعالم ولنفسه.

يرتبط النص القصصي بمحمولاته المعرفية – تاريخية – سياسية – عقائدية .... فالاهتمام المبالغ فيه بالمحمولات المعرفية يضعف النص القصصي ويجعل منه رسالة تقريرية. فالتقريرية والكلامية المدرسية والرسالة الايدلوجية فكل تلك تقلل المستوى الابداعي والرؤية الجمالية فتلك جميعا تجعل زاوية النظر للنص الابداعي من خارجه اي من رسالته وغايته وهدفه لا يجعل زاوية النظر للنص من داخله من بحث تماسكه الداخلى ولغته والتقنيات الابداعية التي وظفها الكاتب فالذي ينافش عادة في النص القصصي العناصر الداخلية للنص – لغة ، احداثاً،مواقف درامتكية وشخصيات تتحرك في مدى الزمان والمكان او خارجهما اضافة للاسلوب والتناول وكلها نقصد بها تكنيكات العرض والمعالجة . فالاسلوب الداخلي للنص القصصي يتجه لتشكيل نظام مستقل متجاوز للتقسيمات التقليدية ، فالتاريخ الابداعي المعاصر قد تجاوز تقسيم الابداع حسب الجندر لابداع ذكوري وابداع انثوي – فلا يوجد أدب ينمط على اساس النوع فالكتابة القصصية حالة انسانية تتجاوز المحددات الضيقة للنوع فلا يمكن النظر للنصوص القصصية كاسقاط نفسي اجتماعي بتصنيف القصص على حسب النوع وهنا يتم ابعاد النص من اي مؤثرات تتعلق بنوع الكاتب وجنسه فالكتابة الابداعية تقاس دوما من خلال طبيعتها حسب المفايس الجماليه بعيداعن الاوهام

اوعن اي معايير تهمل الموضوعية ككتابة فيخضعوها لشروط خارج الكتابة فلا يقارب الابداع ولا يقارن الا في ذاته من داخله وبشروطه وبقوانينه الالزاميةالتي يحتكم الى معاييرها النقد الجدي . لما كان الرجل في السودان قد سبق المرأة في كتابة القصة القصيرة وانها قد انتجت مؤخراً كتابات قصصية كثيرة كماً ونوعاً مما جعل النقاد يشكون من عجزهم عن ملاحقتها بالنقد الذي يعاني من انه مازال نقداً تقليدياً –مزاجيا نفسي اجتماعي وايدلوجي – فكتابة الكاتبات السودانيات ما زالت في تطور منذ ملكة الدار محمد عبد الله التي رسخت تجربتها في السرد القصصي بنصوصها " حكيم القرية" و "المجنونة" و " متى تعودين" وقد نالت ملكة الدار الجائزة الاولى عن قصتها " حكيم القرية" في مسابقة الاذاعة السودانية للقصة القصيرة عام 1947 م فتوالت اسهامات السودانيات في السرد القصصي فظهرت بثينة خضر مكي بمجموعتها القصصية " النخلة والمغني" وروايتها السردية التي اثبتت فيها ان الكتابة ابداع لا صلة له بالنوع وكذلك القاصة الرائعة زينب بليل التي قدمت سردا قصياً في روايتها "كش ملك" و "الاختيار" و "نبات الصبار" فالحقيققة ان السرد القصصي للسودانيا ت ظل في تنامي وتطور من حيث الكم والنوع في جنسي القصة القصيرة والرواية حيث رسخت الاعمال السردية الابداعية قائمة طويلة من رائدات السرد القصصي منهم : ملكة الفاضل واميمة عبد الله ونفيسة الشرقاوي واماني أبو سليم وفاطمة محمد عمر العتباني وليلى حسن سلمان "أم علي " وغيرهم من الكاتبات المجيدات لاسيما من جيل الشابات الائي اتجهن للقصة مؤخر بدلا عن الشعر.

نهدف من مناقشة السرد القصصي للسودانيات مناهضة تصنيف الابداع القصصي حسب النوع بتأكيد محتوى الانتاج لرائدات القصة والرواية السودانية من خلال ذلك نناهض اي اتجاه يسعى لتحجيم دور المرأة أو التقليل من فاعليتها أو وضعها في زاوية ضيقة من خلال تصنيف ابداعها على انه انتاج نسوي ينظر اليه من خلال نوعها ومن ثم مقايستها بنظيراتها الإناث فقط ولكي نوكد دور المرأة السودانية المبدعة في مجال الادب كان لابد من القاء الضوء على جملة الاعمال السردية الحية للسودانيات لابراز دور القاصة والروائية السودانية في نضج وبلورة الشخصية الوطنية التي مازالت في تطور البناء والتشكل ومن ثم الارتقاء بالذائقة الجمعية للمجتمع السوداني الذي مازالت الافعال ترسم ملامحه . ولما كان الانتاج السردي للسودانيات المبدعات ضخما ويصعب تناول كافة النصوص السردية للسرد القصصي للسودانيات في دراسة واحدة فاننا آثرنا تناول بعض القصص القصيرة كنموذج للسرد القصصي للسودانيات لذلك وضعنا معايير للاختيار تتمثل في نصوص سردية مميزة في موضوعاتها وكتاباتها ونضجها وزمان نشرها في القعد الاول من الالفية الثالثة . تم إختيار قصتين للقاصة أماني أبو سليم هما "كعب ناعم" و "ضوء نجم بعيد" وقصتين للكاتبة فاطمة محمد عمر العتباني "بهدوء" و "العودة من زمن الرحيل" كما راينا ان نسلط الضوء على القصة الفائزة بجائزة الطيب صالح للقصة القصيرة التي نظمها مركز عبد الكريم ميرغني عام 2009م للقاصة صباح السنهوري " العزلة" كما راينا اهمية تناول قصة "بحيرة بحجم ثمرة الباباي" للقاصة استيلا قايناتو من جنوب السودان وراينا تناول الاعمال الروائية في دراسة أخرى نخصصها لنصوص لروائية لزينب بليل و الاستاذة بثية خضر مكي وشهناز نصر الدين ورانيا مامون. غايتنا الارئيسة من مراجعة السرد القصصي للسودانيات البحث في اساهمه في انضاج وتماسك الشخصية السودانية بابراز لغتها وخصائصها. هنا اهداف اخرى من الدراسة هو ابراز السرد واقع الانتاج الابدعي السوداني عموما والانتاج القصصي للسودانيات و بكل تاكيد ان اننا لم نضع اي معايير لاختياراتنا سوى ان النصوص تحمل سمات النضج التماسك في اطار الابداع اي ان النصوص التي نعرضها هنا لانها تحمل كل شروط الابداع وروح العصر.فالنصوص موضوع هذه الدراسة من وجهة نظرنا انها نصوص جديده كل الجدة، وانها كنصوص تتجاوز افكار ضيقي الافق الذين يفترضوا السرد القصصي للسودانيات ترف وعمل فكلوري لتجميل الابداع الذكوري و بكل تاكيد ان هذه النصوص القصصية تحمل كافة الشروط الابداعية الفاعلة المؤثرة و سمات التماسك الداخلي التي يعايير عليها وشروط الابداع التي يقاس بها على السرد وتنزل عليها الاحكام. فالمشترك الجامع بين النصوص الواردة في هذه الدراسة انها بالاجمال تحمل روح العصر وموقف داعم للحداثة والتحديث .وان هذه النصوص تتجاوز افكار ضيقي الافق الذين يفترضوا السرد القصصي للاناث يفيض بالهواجس المعبرة عن الكينونة الانثوية او اولئك الذين يعتقدون ان كتابة المرأة مضادة للرجل ولا عتقادنا بتهافت تلك الافكار وبدائيتها بل اثبت الانتاج القصصي السردي للسودانيات انه يحتل مكانه مميزة منذ الرائدة الاولى ملكة الدار محمد عبد الله وما تلاها من ابداع نسوي راينا اهمية النظر اليه في اطار الكتابة الابداعية و السرد القصصي للسودانيات من داخل النصوص بعيدا الافكار المسبقة ونحن في هذه القراءة التطبيقية للسرد القصصي نهدف لتاكيد دور الروائيات والقصصات في انفتاح وبلورة وتماسك الشخصية السودانية عبر الاجيال والتعبير الدقيق عن الحلم السوداني اي امل التطور والارتقاء ولعب دور محوري في امن وسلام الانسانية .

القراءة التطبيقية :

نص أول قصة " كعب ناعم " للقاصة أماني أبو سليم :

عرض القصة :( ملخص للقصة)

ً عندما استيقظنا صباحاً، لم يكن يعلم وجهة يقصدها، كما كل يوم.. على مهل ارتدى ملابسه وخرج من الغرفة التي تفتح على الصالة الواسعة…عندما خطا أولى خطواته خارجا من الباب الخارجي، استوقفه صف نمل... تابعة ... فاذا به يقود الى غرفة البيت المقفول من زمن.. عندها أتاح الفرصة لنور من الصالحة أأن يعم الغرفة التى مانت مظلمة... رآها ترقد إنها أمراة كانت ترتدي ملابس نوم من النوع ناعم القماش واللون.. قرب سريرها على الأرض حذاء منزلى خفيف ألوانه بنفس ألوان القميص. كل الملابس تفوح منها رائحة ناعمة كصاحبتها... كان يتحرك داخل الغرفة بلا دهشة، توجه ناحية المرأة الراقدة هناك فكر أن يوقظها تردد تراجع،جلس تلفت في الغرفة باحثاً عن هذا المشهد فى ذاكراته... تظر صف النمل ، أين انقطع... تابعة فاذا به ينتهى أسفل السرير الذي على يسار الغرفة رفع الملاءة.. كانت حقيبة سفرية سوداء.. النمل مواصل صفه إلى داخل الحقيبة التي فتحها ليجد النمل تجمع في صندوق صغير به بقايا حلوى وبسكويت وباقى الحقيبة قد امتلأت بأوراق ودفاتر مع بعض المحتويات الأخرى.. لا شعوريا التفت ناحية المرأة النائمة، التي تقلبت قليلا.. جلس على طرف السرير قرب الكعبين الناعمين.. التفت ناحية المرأة حاول أن يرى وجهها ليتعرف عليها... للحظات أعتقد انها كلهن مجتمعات... قبل أن يهم بالخروج رمى نظره على المرأة الراقدة، كأنه بتلك النظرة عرف من تكون. توجه نحوها ووضع يده على كتفها.. هزها... تحركت على السرير... همت بالكلام عندها فقط تذكر.. عرفها رفع يده وكأنه يسكتها.. لم تتكلم ، خرج..قفل الباب خلفة، مانعا للضوء..توجه إلى الباب الخارجي الذي أغلقه خلفه أيضاً وخرج لا يعرف إلى أين، كما كل يوم

التطبيق:

النظرة الخارجية لقصة" كعب ناعم" نجدها تناولت قضية اجتماعية تتحدث عن طبيعة علاقة الرجل والمرأة ومستوى التقدير القيمي لكل منهم اللآخر وهذه مادة ثرية معقدة تتباين حولها الآراء وتعتبر مثار جدل مستمر لا ينتهي هكذا خدمت القاصة قضيتها بكل جرأة واندفاع وعرضها للمشكلة من منظورها وتسليط الضوء عليها، فالقصة تصور واقعاً اجتماعياً يبرز المرأة ساكنة مهملة كما تبرز القصة مواطن الخلل في التركيبة الاجتماعية تظهر وتصورات القاصة حولها حيث تفضح القصة لا منطقية الهيمنة الذكورية المطلقة التي تسهم في ثنام و الظلم الواقع على المرأة فقد وفقت القصة في اظهار موقف فكري صادق بلغة سهلة تبتعد عن التكلفة فيما لا بد أن يقال هو أن القاصة قد جعلت من نصها القصصي مجالا لعرض نظراتها الفكرية التي تدعو لسيادة علاقات متوازنة ومفاهيم عادلة تهتم بانسانية المرأة وتعلي من حريتها وترفض تجميد دورها وتحويلها إلى كم ساكن مهمل.

قصة" كعب ناعم" من الداخل تبرز راويا عليما بكل شىء يدور في نصه فهو يهيمن هيمنة تامة على فضاءات قصته فيتدل الراوي للانتقال من مشهد لمشهد ومن منظر الى منظر بالوصف التفصيلي الدقيق الذي لم يهتم بايضاح ماهية الرجل والمراة في النص وهذا يؤكد انحياز الراوي لقناعاته واصراره على ابراز افكاره التي اطلقها مسبقاً من خلال تصوير شخصيات النص القصصي في كل ذلك يؤكد ان القاصة استطاعت بناء فضاء تحليلي فتماسك غني بالحركة الحاملة لدلالات واشارات تجعل الملتقى يسلط ذهنه في البحث في ما وراء القصة . فما اضاف للقصة مذاقاً مميزاً استخدم القاص لغة حية مؤثرة سهلة المفردة تجعل المتلقي يعمل ذهنه في واقع اجتماعي مركب يبرزه النص بتصويره كصدمة من خلال نسيج قصصي متماسك سردياً وموجباً برؤية متوازنة استخدمت ببراعة وابداعية ورؤية فكرية ثاقبة وتكتيك سردي من الخلف كان فيها الراوي عليماً بكل تفاصيل السرد الى ابعد الحدود في تطوير الموقف الدرامي .

نص ثاني:(ملخص للقصة)

قصة" ضوء نجم بعيد " للأستاذة أماني أبو سليم

عرض القصة:

عندما حلموا جثمانها الكريم من بيتنا، وخرجوا به الى وخرجوا به الى البعيد أحسست أني معها الى حيث هناك أسير،من بقى لي منها ، ومع من سابقى ؟ ... أبي وأمي كانا كل من أعرف وما أعرف .... بدأ أبي رحلة مرضه وانا في الخامسة عشر انتهت الرحلة ... وانا قد خطوت خطوات ... في الثلاثين واضافت امي عليها عامين ... وجدت نفسي ازحف في الاربعين ... عبثا حاولت ان انفض غبار السنوات عليّ ... رغم سنوات دراستي الطويلة نسبياً مع من كن في سني إلا اني لا اذكر منها شئياً .. سنوات العمل ليس فيها ما يذكر ...لا اذكر الا ان ابي مريض ابي تركنا لرحلة علاج ... ابي مريض وامي بجانبه، وانا معها هذا كل ما في ذاكرتي ... اصبح يومي خواءا فارغاً، رحلة مملة تبدأ من الصباح لتنتهى بداية الليل.. طفت فكرة الموت علي كما يطغى الليل علي الدنيا.. لم لا .. الموت بهدوءه، كما الليل هادئ ببساطة لأني لا أرغب في الحياة.. أنا لا أعرف الحياة وأجز عن تعريفها ولكن لا أعتقد أنها أكل وشرب ونوم. قررت الانتحار في يوم من الأيام في شهر من الشهور في خريف سنة من السنوات، وأنا أزحف إلى العقد الخامس من العمر.. كان هناك يلمع في البعيد، كان يلوح لي بالتحية... بدأت أحس أن الحياة تستقبلنى من جديد( ولا بد أن ارد التحية بمثله أو أحسن منها بدأت أحس أن هنالك طعم لذيذ للحياة... كانت أول الخطوات نحو الحياة هو ترك الشركة... بعد بقائى في البيت.. كنت كثيراً ما أتردد على المحال التجارية قرب البيت... وفي يوم من الأيام صبحاً وفى شهر من الشهور لا زال خريفاً- وفي سنة من السنوات لم أحس فيها بثقل السنين، رأيت فتى طويلا أسمراء ، خشن الملامح، خشن الشعر أحمره قوي البنية والعضلات لاحت منه ابتسامة ناحيتى ورددت الابتسامة بأحسن منها وتكرر اللقاء والابتسام... أحسست عندها أني خفيفه بيتي. تحت المطر وهبنا الكون يومها مطرا يقطر كاللئالئ.... عرفت يوما طاقة الضحك، واللعب، والانطلاق، تحررت من سجني وعبوديتي للوحدة والوحشة والظلام... تكررت اللقاءات يوما بعديوم، صبحا ومساءا... شهورا في الخريف وأنا أح أني أحمل العشرة فقط ومعا أخت تنقصها بأربع سنوات أحسست أني تحللت منالعبء تخلصت من غبار السنوات لم أعد أرى حدودا... عشقت كمراهقة تحت العشرين... كان نوعاً من الجنون... فكرة الموت مجنونة لا تبعدها إلا حالة من الجنون.. طرقت بابي فى السابعة صباحاً كنت قد قضيت الليل أكمل خياطة فستاني... على ماكينة أم أي القديمة... القماش كان من النوع الرخيص إلا أنني اجهدت كثيراً.. عندما أتذكر ذلك اليوم أحس المشهد كان ماريكاتيريا مثيرا للضحك والسخرية... سرنا حتى بلغنا النيل ودامت رحلتنا حتى بلغت الشمس مغيبها... كان الكون يومها ساحة مفتوحة لنا ندخلها وننتقل في جنباتها على بساط الريح أي عطاء يعطي الكون واأي سحر ويسحر.. كنا نحمل جرسا للتنبيه بأننا هنا نشارك البشر الحياة على الأرض... أقامت مجموعة من أصدقائة حفل وداع لواحد منهم وكنا من المدعوين... ذهبنا بالكارو مزينة بزينة المساء.... منذ دخولنا مكان الحفل ونحن نرقص حتى خروجنا... قضيت معهم شهورا... تخلصت فيها روحي من شيخوختها المبكرة... كان هو هدية الكون لي كان النجم الذي أضاء سماني السوداء... لم نفترق لأننا اخترنا ولكن لأن الكون أبلغ رسالته... ألا معقول إعادتي للمعقول والجنون أعطاني طاقة مقدرة كالشمس تعطي الأرض، افترقنا دون أحزان، دون دموع وصحوت يوماً... أخذت منه مخزونا من الفرح يكفينى باقي عمري. أخذت مصلا ضد الوحدة والوحشة. فقد عبأ الاحتياج.. ببساطة صنع لي تاريخا وذكريات، وحملنى الشعلة أملاً في المستقبل.

التطبيق:

قصة" نجم بعيد" تحكى أهمية الحب في حياة مطلق إنسان وعلى وجه الدقة أولئك الناس الذين يتجرعون قسون الوحدة والوحشة بعد أن يفقدوا الأقارب الذين أفنوا العمر في ممارضتهم ومتابعة معاناتهم المؤلمة فأعطوا الآخرين بسخاء وبلا شروط حتى أنهم نسوا أنفسهم فلم يعطوها شيئاً فاكتشفوا أنهم أسرى لليأس والاحباط والسأم وأنهم يتدحرجون بعجلة متسارعة نحو الانتحار المعنوي والمادي وفقدان الحياة، وبعد مسيرة من العطاء والبذل يكتشف الانسان منهم أنه يفتقر لطاقة الضحك والانطلاق انه محبوس في سجن الوحدة الذي يستبعد انسانيته في ظلام الوحشة هنا يصبح الحب اكسير الحياة القادر على اعادة الانسان لنفسة فيمنحهاالفرحة والابتسامة فيصبح الحب مصلا أبديا ضد الوحشة فيه يتجاوز الانسان حدود السودان فيعود طفلاً برئياً متفائلا منتصرا على المعاناة وسنواتها وأيامها وقسوتها فيصبح الكون بالحب ساحة مفتوحة ينتقل في جنباتها على بساط الريح. أى عطاء يعطي الكون بالحب وأى سحر للكون يبرزه الحب. قصة نجم بعيد للقاصة أماني أبو سليم قصة انسانية وجدانية مفعمة بالقيم والمبادئ الفطرية التى تدعو الانسان دوما في أي مرحلة من مراحل حياته أن يقاوم الهزيمة والضعف ويتمسك بحقه في الحياة هكذا يصنع لنفسه ذكريات وتاريخا بالتمسك بنجم الحب البعيد، لهذا كان لا بد أن تعتمد القصة في بنائها الداخلي على تقنية السرد الذاتي المنفتح على جميع الضمائر فيظهر ضمير المتكلم في عرضها حكايتها عندما ركزت على بناء منولوج داخلي للسرد القصصي له علاقة مع السنوات والأيام والشهور ونتابعها وترابطها مما أظهر ملمحا للمناجاة داخل القصة كما أفلحت القاصة في تقنية سردها الذاتي" حيث استعملت ضمير الغائب(هو) مما أعطاها القدرة على أبراز سرد موضوعى كما استطاعت القاصة المزج بين أسلوبى السرد الذاتي والموضوعي كما زاوجت بين زاويتى الرؤية للحدث من الداخل والخارج مما جعل رؤية السرد تتسم بتبادل الرؤية الثنائية مع رؤية سردية مجسمة تتابع فيها الحوادث فتبرز الشخصية المحورية في أدق تفصيلاتها وتقدر استخدام القاصة لضمير الأنا فأوحت بزمن السرد بعد تجاوز الأحداث مما أظهر وقائع الأحداث والشخصيات في القصة تتصل بزمن السرد ( الزمن الماضى) ومن هنا يأتى تميز هذه القصة في قدرتها على ايهام المتلقى في المكان حتى يظن أن القصة تتصل بالسيرة الذاتية هذا ما جعل القصة تتدفق حيوية هو استخدام ضمير المتكلم- كمحاولة لاقناع المتلقي-بواقعية القصة حتى يستوعب العظات والقيم التي تنادي بها القاصة لهذا من السطر الأول أبرزت الأستاذة أماني أبو سليم ضمير المتكلم وجعلتة حاضرا ومسيطرا على معظم بنية السرد مبرزا لملامح القصة وموضوعها.

نص ثالث:(ملخص للقصة)

قصة " بحيرة بحجم ثمرة الباباي" للقاصة استيلا قايناتو:

عرض القصة:

كل شئ فيها كان يذكرني بشجرة الباباي المنتصبة في بيتنا الواسع... لا ألمس في جدتي أي جماليات... كان يزين شفتها السفلى ثقب هائل تسده بقطعة من الخشب... الشئ الذي عرفته من جدتى أن لها مقدرة على تحمل الألم ... وإذ أبحث عن أثر الألم بين خلجاتها ، فجأة نظرت إلى ، كنت منكمشة فازددت انكماشا، خفت، أردت الهروب... كانت إذا أخذت دواءا أيا كان نوعه فأنها كات ترغمنى على أخذه خوفاً من انتقال الدواء إليً. قالت راطنة وهي تمارس قسوتها عليً وعليها بصوتها الذي يكاد يشبه صوت النساء:

هذا حتى لاتجرؤ تلك الحبائل المتحركة على لدغك إذاراتك واحدة فانها لا تقوى على الحركة حتى تذهبين انت مبتعدة.

... منذ ذلك اليوم لم تلدغ أفعى أيا منا...

كانت غرفتنا من القش ذات جدار دائري وباب قصير بحيث يركع من اراد الدخول فيها بركبتيه وعندما تدخل تلاقيك ثلاث مدرجات وحفيدة، توفيت أمي وهي تلدني ، توفي ابي في رحلة صيد عندما سحقته جاموسة هائجة، اما جدي فقد اعدم عندما قتل احد الانجليز .. بقيت مع جدتي منذ عمر يوم، ارضعتني حتى العاشرة ... ثديها مثل ثمرة الباباي في الضخامة ... كنت ارضع قبل الذهاب بالابقار الى اعمرعى وبعد ان اعود في اشتياق لثمرة الباباي الموجودة على صدر جدتي .. اعماني ادماني عن رؤية شيىء اناديها بأعلى صوتي فترد عليّ من بين جارتنا التي كان يفصل بيننا وبينها جدار من البوص:

- نعم هل حضرت ياابنتي؟

راتني في حالة عصبية والدموع واقفة على جفوني وانا اقول لها :

- اسرعي أريد ان ارضع .

عندما بلغت العاشرة من عمري حدث لي تغيران ؟أثرن على مجرى حياتي . صنعت لي جدتي شريحتين من الجلد لاغطي الموضع التي تسترها هي .. ومنعتني من الرضاعة ... عشت اياما لاتخلص من المشاعر ... عندما تسكر جدتي بذلك الخمر البلدي مع صديقاتها العجائز ، كانت لا تدري من الدنيا شيئاً... كانت تتكلم مع الموتى... كانت تقول لأمي:

- انت يا ربيكا، يابنتي لو لا خوفك من الولادة وربطت الولادة بالموت لما مت....وانت ياماريو فقد قتلك التحدي رغم خوفك ... أما انت يا زوجي العزيز فقد قتلك جهلك.

ذات يوم وانا اسير خلفها في طريقنا لجلب الماء من النهر ... بلغت حينها الخامسة عشر من عمري كانت تضع قلة كبيرة سوداء على راسها ممسكة بيدها فيظهر شعر ابطها الاحمر... كانت كغير عادتها، هائمة صامتة كنت احاول اللحاق بها من حين لاخر بهرولة خفيفة فجأة توقفت لان هنالك افعى ملونة ترقرق حولها فراشات تحمل ذات الالوان الطيفية . اندهشت وقلت مازحة : منذ متى تقف جدتي لرؤيتها افعى؟ قالت بعد ان تنهدت بعمق ولاول مرة المح خوفا مخلوطا بالحزن قد جثم على اخاديد وجهها الكثيرة العميقى وقالت:

- هذه الافعى نذير شؤم.

تابعنا السير دون ان تتحدث احدانا للاخرى ثم قالت جدتي بعد ان فقدت الامل في ان نتحدث :

- اتعلمين اني رايت جدك قبل ايام؟
- في الحلم!
- لا .. بل في الواقع !
- ولكن يا جدتي جدي قد مات كيف ترينه مرة اخرى؟
- رايته في صورة تمساح

ضحكت ولكن سرعان ما صمت ندما رأيت الجدية على وجهها.

- كيف عرفت انه جدي؟

- من تلك العرجة التي كان مشهورا بها، وصفات اخرى اعرفها انا فقط .... اننا لا نموت بل نتحول الى اشياء اخرى تحمل الصفات التي كنا عليها، نتحول ولكن دون ذاكرة فجدك لا يذكرني عندما تحول الى تمساح .

- ماذا تريدين ان تكوني جدتي بعد عمر طويل ؟
- لا ادري الى ماذا ساتحول ولكن اتمنى ان اتحول الى نسر.

منذ ان ماتت جدتي وعلاقتي بالنسور قوية كلما المح واحدا اتامله في تحليقه عسى ان اجد بعض صفات جدتي. ثدي بحجم ثمرة الباباي، وعيون حمراء وجفون منتفخة، ولبن بطعم الملح.

التطبيق:

نشم من كلمات قصة "بحيرة بحجم ثمرة الباباي" للقاصة استيلا قايناتو،رائحة الاستواء بمظهرها وشمسها ورعودها وسحرها واقعيتها واساطيرها وغموضها فالقصة مشحونة بالهموم والانفعالات والانسانية وعندما يواجه الانسان قسوة وتسلط الطبيعة وأثر ذلك في بناء وجدانه. فالقصة اهتمت بتصوير حالات انسانية بتركيز واعي بغرض ابراز موطن الخلل في التركيبة الاجتماعية فتقديري ان القاصة عرضت اطروحتها التي تحمل مفاهيمها حول مجمل القيم الروحية والثقافية المؤثرة على الوجدان الاستوائي فرصدت في قصتها الكثير من مشكلاتها: مثل الجهل في تدمير حياة المجتمعات الريفية والاعتقاد في ما وراء الطبيعة ومناجاة الموتى.في القصة استعملت القاصة ضمي المتكلم بهدف اعطاء الصوتالسردي في النص مصداقية تتيح اعمق الحوارات بين الانا والاخر هكذا ظهر الرواي من خلال السرد القصصي كلي المعرفة يعلم كل شئ عن شخصيات القصة الرئيسية الجدة وحفيدتها فابرزت العائلة وتاريخها الاجتماعي والصدمات الانسانية القاسية التي مرت بها حتى ارتفعت بها بها الى مستوى الحكايات الاسطورية كما نفخت فيها في ذات الوقت ببراعة فنية تتكامل وتجانس مع تفاصيل الحياة الواقعية بذلك انتقلت القاصة من خلال مستويات سردية عديدة مباشرة في تفاصيل عرض قصتها لمزاوجة بين الحداثة والاصالة في لغة متوازنة فالقصة ثرية بالايماءات الدلالية التي وظفتها القاصة في سردها بمهارة فائقة لابراز دفء الاستواء وترابط الاسرة وانتقال الماساة عبر الاجيال من خلال الحوارات الجيدة التي تخللت النص.

نص رابع:(ملخص للقصة)

قصة " العودة في زمن الرحيل " للقاصة فاطمة عتباني

عرض القصة:

مارس ينتصف... الشمس تتوسط السماء .... شوارع الخرطوم تكاد تخلو من المارة .. ترجلت سارة عن سيارتها في رشاقة .. عبرت الطريق.. تتعجل الخطى حتى يتسنى لها القيام بما تبقى من مهام قبل مغادرة البلاد ... لم تتمنى يوما ما ان تهاجر... هي لن تهاجر الى لندن بسبب البهار بها اوطعما في مال او بحثا عن نجاح، ولكنها تهاجر شوقا لا تجمع بابنها الوحيد الذي انتزعه والده من احضانها في قسوة وغدر .. ادعى لها في ذلك اليوم الذي لن انساه – حين اتى ليقدمها انه سياخذه ليشتري له حذاء جديدا... ظلت تنتظر طوال اربعة اعوام ان يعود به ،لم تترك مكانا او شارعا او مدينة الا بحثت فيها عن وحيدها .. مرت السنوات كلها ليال حالكة لم تهنا فيها بالعيش بعيدا عن وحيدها .. ذلك اليوم ذهبت فيه لاستقبال صديقتها وفاء... القادمة من لندن حيث التقت بابنها هناك...عرفت مكان ابنها محض الصدفة ... درات هذه الخواطر بعقلها وهي تغلق ابواب سيارتها وتغير الشارع انتهت لبوق سيارة كانت تعبر المسار الثاني للطريق وانسل امامها طفل صغير يعبر الشارع مسرعا دون ان يلتفت الى ما حوله من سيارات عبرت الى حيث اتجه الصبي رغم انشغالها قررت بعد اكمال اجراءات تجهز اوراقها ان تدخل الى حيث دخل الطفل لتحزرة من مخاطر السير دون انتباه ابتسمت ساخرة فقد تنبهت انها ايضا كانت تسير باهمال جلست امام موظف الوكالة الذي انهمك في اعداد الاجراءات ظلت تستعرض ذكرياتها وكانها تودع الخرطومما كان لاحد يتوقع ان تنتهي علاقتها الرائعة مع ابن خالتها بان تهاجر تاركة اياه وقضت الغصة بحلقها وكادت تنزل من عينها دمعة لكنها تماسكت وهي تسمع موظف الوكالة يخاطبها، فمد لها يده بالاوراق وهو يبتسم ثم دعا لها برحلة سعيدة ...

تبغى من الزمن ساعة ونصف هزت راسها اعجابا بهذا الخلق النبيل الذي تجده في مجدي ، واحست ان قلبها يعتصره الحزن على فقدها رفيق نثله... لا حظت جمهرة من الناس عند المكان الذي اتى منه صوت السيارة قبل قليل، خفق قلبها يا الهي ربما حادث وقع لاحدهم خرجت من سيارتها سالت احد المارة الذي اخبرها ان صبيا تعرض لحادث اسرعت نحو الصبي الذي قررت تحذيره تملكها شعور شديد بالاستياء لانهاء نسيت ماقررته بشان الصبي.. حاولت الخروج من الزحام وهي تتعجب من اين اتى هؤلاء الناس فقد طان الطريق يكاد يكون خالي...

....ترددت وهي تجلس خلف مقود السيارة تسأل نفسها :

هل تلحق بالسيارة التي حملت الطفل؟ تعجبت لهذا الفضول الذي تملكها أدارت سيارتها واتجهت جنوباً نحو شارع مستشفى الخرطوم، رن جرس الهاتف الجوال أنه مجدي يستعجل قدومها عدلت عن فكرة الذهاب خلف الصبي المصاب، رن الهاتف فأنقطع,,,, مدت يدها لتعيد الإتصال به أنه مجدي لكنه كان الاسبق في الإتصال خاطبها بلهفة قلقل عليها لما ذكرته له من أمر الحادث طمأنته على نفسها فأستعجلها لتتبعهم الى سكنها لأن المفتاح معها... لم يكن سهلاً للمطار ...سالت الدمعة فعاجلها مجدي سريعاً لكنها اقسى من كلماتاوداع التي يكن ان تقال خليل اليها انها لمحت وجها معرفا يلوح خلف مدى ربما احد معارفها جاء لوداعها عادت فنظرت لكي تعرف من هو وجدت الرجل قد اقرب من مجدي ووضع يده على كتفه لم يكن يراه او يشعر به ... اغلقت ابواب الطائئرة حاولت الاسرخاء على المقعد فقدكان يوما مرهقاً بابلنسسبة لها ..... سمعت سارة ازيزا ملوفا لديها ياتي من هاتف مجدى يظهر على الشاشة ، اسعدها انه ستسمع صوته يؤاذرها في تلك الوحشة التي تشعر بها لانها تغادر كل ما تحب .... ولكن بقيت كلمة للوداع لم تقل ردد لها العبارة ثلاثة مرات تبين بعدها كلماته بضوح كما عرف الان من هو صاحب الوجه الذي راته خلف مجدي ثم صرخت كالمجنونة مستنكرة ما قاله

- ماذا تقو ل يامجدي؟
- ردد مجدي عباراته في هستريا.


عودي يا سارة، عودي الان فقد تعرض طفلك لحادث سيارة قبل ساعتين بتقاطع شارع الجمهورية مع شارع القصر .سقط الهاتف من يدها وهي تنهض من مقعدها والطائرة تحلق في سماء الخرطوم.

التطبيق:

قصة ( العودة من زمن الرحيل) ابرزت فيها القاصة هموم الحائرة من لغز الحياة من خلال السرد تمثل الاولوية التي لا تضاهيها اولوية وهي إعادة طفلها الذي فقدته في خضم الخلافات مع زوجها بخدعة منه ليكون هدفها السيطرة على اخبار ابنائنا والوصول اليه فتجيئها الاخبار انه في لندن وهي تعد نفسها للسفر للتجاهل بعض الامور الصغيرة التي يروح ضحيتها طفل تعرف انه ولدها عينة الذي تبحث عنه فالقاصة تناولت موضوعها بجراة ودقة وفكرة صارمة واندفاع جاد جعلها تبرز حقيقة اساسية وهي ان الارتباك لقضية ذاتية قد يسبب في الاهمال الذي يقود الى ضياع اشياء عزيزة ربما تكون منها قضيتك التي تسبب لك الضغط والارتباك ،فالقضية توحي بان تزمت الانسان تجاه قضية ذاتية ربما يقود بالنظرات الارشاد ي والنصائح الضرورية لانماء حياة الفرد في التعامل مع وقائع الحياة المركبة فقد وفقت القاصة الى حد ما في عرضها للمواقف الدرامية وتصويرها للحوادث والشخصيات في السرد القصصي، ممن الناحية الموضوعية التي تنفصل عن المعنى الابداعي فتبدو القاصة مشحونة بفكر الافصاح عن مفاهيمها ففي هذه الحالة يصبح القص حالة من حالات توسيع الذات وتعزيز الحضور فالقص اي قص وباي ضمير من الضماير السردية يقضي الى ثنائية (الانا والاخر) فالقاصة استطاعت توظيف تقنية الارتداد بقية عرض التفاصيل باسلوب سرد ذاتي منقح على كافة ضمائر السرد بذلك استطاعت ايراز صورة ضغوط الضمير الناجم عن التساهل مع بعض الاخطاء العادية الراوي في هذه القصة كان راوي عليم بكل ما يحدث في تطورات الاحداث باطنها وظاهرها .

نص خامس : قصة " بهدوء " للقاصة فاطمة محمد عمر عتباني :

عرض القصة :(ملخص للقصة)

دارت إطارات السيارة بسرعة جنونية .. كانت تسير الناحية الاخرى فاقدة السيطرة على شعورها لا يصل سمعها سوى ذلك الصوت … كانت نتيجة نحوها في جنون تشق الفسحة المظلمة التى لا يجروء احد ان يقطعها الا مضطراً خلال النهار .. ومن جهة الغرب تصل عليها باحة بها مقابر الحي الذي تركته وتوجيه دون هدى الى ناحية المقابر في تلك الليلة الدفن حيث يستطيعون عبورها الا بالسيارة .. احست انها تتجه نحوها … تريدها دون سواها او هكذا خيل لها …. نظرت نحوها بتمعن لتخاطبها في عصبية قاتلة:

- ماذا تريد مني…

لن اعود لهذا الشخص المعتوه مرة اخرى لقد تركت له المنزل ولن تعود له لم تدري لماذا يفعل معها هكذا .. لانها لو تحدثت اليهم في هدوء لا يسمعها احد لم تقل لاخيها بانها لا تريد الزواج من ذلك الر جل الكهل بذيء النظرات ... قالتها في هدوء لكنه لم يسمعها وتم الزواج ... آلت تقل لذلك الرجل في هدوء شديد الايقترب منها وهو متجرد من ملابسه ... لا تدري لماذا اصر ان ينكل تحيلها في تلك الوحشية تسيقة رائحة الخمر رغم انها ابعدته لكنه لم يسمع كلامها لو كان سمع رجاءها في هدوء الايقترب منها وهو مخمور كانت تقصد ابعاده عنها فقط ثم ظل الجميع بعد ذلك ينظر اليها على انها شؤم حتى تلك العمة التي كانت تحبها اكثر من بناتها قالت لها في هدوء لا تريد الزواج من ابنها لانه دميم ولانها راته بام عينها يتذلل الى الخادمة لماذا لم تسمع رفضها الذي قالته بهدوء لماذا وصمتها بالجنون انها لا تعترف الا وفق ما تراه صحيحاً قالتها في هدوء لاخيها ان تسافر الى عمها حتى لا تظل خادمة لزوجته لا تدري لماذا صفعها ظل يركلها بقدمه متهما اياها بالجنون ...لن تنسى والدتها وتوسلها له ان يتركها لكنه ظل يركلها حتى هرولت خارج البيت ورددت لنفسها في عزم : نعم ستسافر ... خرجت وسسافر رضى اخاها ام ابى ، فقط تفصلها عن عملها مسافة عرض النيل ستصل الى هناك في هذه الليلة ستقطع النيل ولو سيرا على قدميها لم يبق بينهما سوى بضع خطوات استدارت ناحية السيارة مباشرة ووجهها مملوء بالتحدي .

انتبه سائق السيارة الى ان جسد داكنا يتجه نحوه لم يدري ماذا يفعل : اللعنة اين الكابح؟ لا بد ان ينصرف لكن الجسم كان اسرع من تصرفه مدوية شقت سكون الليل دارت في هدوء تحت عجلات السيارة لم يبق منها في الصباح سوى جسد يتمدد مهتزئا بالدماء تسيل على الرمال.

التطبيق :

قصة بهدوء نص سردي درامي متفرد لتناوله قضية اجتماعية تتصل بحق المرأة وحديثها في اختيار شريك حياتها القصصي للنص يصور بمهارة قضية الزواج بالاكراه وعواقبه على الافراد والمجتمعات لانه يقود الى كارثة ومأساة فالتقنيات التي استخدمتها القاصة في سردها القصصي اظهرت من خلالها رؤاها في الحب والزواج الناجح والحياة الاسرية الهادئة المستقرة في مجتمع تهضم فيه حقوق المرأة وتلقي حريتها ويجمد دورها في المجتمع فالنصر القصصي جعل الحدث موقفا سرديا.

محوريا حتى يصل درجة تطابق الواقع مع التصور فقد عملت القاص في سردها التي تكثيف الحدث بابراز نتائجه في ذروتها باستخدام المونولوج الداخلي والفقر الوصف لتحقيق نص قصصي متماسك باسلوب سرد موضوعي لقضية وجدانية بلغة سهلة ناصحة دقيقة وسرد حيوي يهدف للارشاد وتوجيه المجتمع فقد اظهر السرد القصصي ان الراوي كلى المعرفة مطلع تفاصيل التفاصيل في القضية.

نص سادس : قصة العزلة للقاصة صباح السنهوري ( الحائز على جائزة الطيب صالح في القصة القصير):

عرض القصة :(ملخص للقصة)

الجو حار ، حار جدا وخانق ولا يوجد شئ سوى هذه الطاولة التي انام عليها هناك اربعة ابواب لهذه الصالة واثنا عشرة نافذة هذه الصالة على شكل مستطيل يوجد في كل ضلع باب الضلعان القصيران توجد نافذتين بحيث يكون الباب بينهما وفي الضلعان الطويلان توجد نافذتان يسار الباب واثنان عن يمينه ... البلدة خاليه تماما الا من صوت افكاري الشاردة مني حتى الغضب في الخارج كان الجو حار جدا .

كما في الداخل تماما ، هاهو الصندوق قابع بالقرب من الباب لست ادري من اين كل الذي اعلمه منذ بدأت الملم اطرافي رايت هذا الصندوق وهو يحوي زجاجات الخمر المعتق لم يعد يجدي نفعا فلاشئ اصبح يؤثر على علقي ، كنت اعتقد في قرارة نفسي انه ربما بعض الخمر تفي بالغرض ربما اتذكر شيئا اي شئ ربما اتذكر على الاقل من انا ؟ مااسمى؟ من اين اتيت؟ ما هو هذا المكان اين ذهب البقية ؟ ومن هم؟ .... البلدة هادئة وساكنة لا اسمع صوت سوى صوت دقات قلبي دخلت الى احد المنازل ، كان الباب غير موصد من الداخل لذا كان من السهل على الدخول المنزل مظلما قليلا ولكن تسهل فيه الرؤية يا لها من اثاثات جميلة ومرتبة لمحت بعض الصور التذكارية على الحائط يبدو أنها لافراد هذا المنزل ياله من صبي جميل ، اهولا والداه ؟ يبدو ذلك ترى اين هم الان ؟ فجأة احسست بقشعريرة تسري في كامل جسدي عندها فقط قررت الخروج من هذا المنزل .ز اخذت العسل وخرجت به الى الطريق انها محكمة القفل لكنها لن تكون صعبة على انسان اشك على فقدان الامل فجاة من بعيد بالطبع أنا الان اقوى من جبل هاهي العلبة مفتوحة بين يدي تذوقته انه جيد لا باس به فلا زال يحتفظ بطعم العسل امسكت بالعلبة ، بدأت بالسير على الطريق وانا ممسك بالعلبة والعسل يتدفق منها اوشك العسل للنفاذ.

 
التعديل الأخير:
أعلى