إبراهيم رمزي - جغرافية الجنس

تقديم:


تنطلق الكتابة عن الجنس - في مكان ما من البلدان - لدى الجغرافيين والمؤرخين من:
التجارب الذاتية، أو من خلال سماع الغزاة والرحالين وهم يحكون عن معايناتهم، أو من خلال كتب الرحلات.

وتتبنى كتاباتهم - في الغالب - عنصري الإدهاش والغرابة (أشجار تثمر نساء، وصياد ينعظ إذاعلِق سمكٌ معيّن بشبكته)، ويستحيل على السامع (والقاريء) التأكد من حقيقة الوقائع، ولن يتأتى له ذلك إلا بالمغامرة والرحيل إلى موقعها.

ولكن التمحيص العقلي قد يكشف - بيُسر - ما تسرب من تلوينات الخرافة والزيف إلى ثنايا المحكي. وربما - أيضا - محاولات مضارعة المقدس - تأييدا أو معارضة -، وذلك ما يمكن لمسه من خلال خبرين: (نساء تتجدد بكارتهن بعد كل جماع، ونساء يلقحن بلا رجال).

فهل المقصود إعطاء رأي دنيوي - مع الاستدلال برأي تاجر - عن صور حوريات الجنة، وتأييد ولادة المسيح من غير أب من أمه مريم العذراء؟ أم إن الرأي الديني استقى مصدره من هذين الخبرين؟ وفي ذلك تبخيس للرأي الديني، وعقد لمقارنة "تنافسية" بين المرسلين - "كتجار" دين - وبين تجار المال كمروجين لثقافة السوق.

المرجعية الثقافية والدينية والمجتمعية للرَّحّال - نظرا لاختلافها مع ثقافات الغير - تجعله أول المندهشين مما عاين مباشرة، أو حُكي له عنه. وقد تدفعه إلى الاستعلاء وانتقاد سلوكات الغير، وربما تحقيرها. وهنا يتعين الحذر، واستحضار النسبية. فالظواهر المنفردة أو القليلة، لا تصلح للتعميم على كل المجموعة البشرية التي تعامَل معها. وجود الزنا واللواط والقيادة بين بعض الفئات، لا يعني بالضرورة شموليته وانطباقه على كل المجتمع. (انظر: غرائب وجرائم في الجنس).

بعض الأخبار تستند إلى المقدّس، ولذلك لا نستغرب إذا داخلها التهويل والسخرية - كركنين من حرب إعلامية بين: الإيمان والجحود -. فالتهويل يؤسس لاستحقاق الجزاء السيء. والسخرية تبرر ذلك الجزاء بتَشفٍّ. طسم وجديس انمحت آثارهما. ومسيلمة وسجاح أفل نجمهما.

جاء في قرآن مسيلمة: "لقد أنعم الله على الحبلي، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق محشى" وقوله: "إن الله خلق النساء أفراجا، وجعل الرجال لهن أزواجا؛ فنولج فيهن قعسا إيلاجا، ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا، فينتجن لنا سخالا إنتاجا". وحين عرض مسيلمة على سجاح نيكها "بثلثيه أو به أجمع"، اختارته "كله" حسب ما "أوحي إليه".

تسهب المراجع في سرد حكاية مسيلمة وسجاح، وتتفنن في السخرية، ولكنها لا تفعل نفس الشيء مع حكاية خالد بن الوليد، التي قال له عنها ابن الخطاب: "قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته"، رغم توازي الحدثين زمانا ومكانا (حروب الردة - اليمامة)، وأبو بكر لم يجد من دفاع عن خالد أفضل من قوله: "كيف أغمد سيفا سله الله". (انظر: الجنس والمقدس)

وفي ما يسمى بحروب الفتوح، كان الجنس ركنا أساسيا فيها، حتى كان "المحارب/ الغازي/ المجاهد/ الفاتح/ .." يختار: متى يشارك؟ وأين يشارك؟ تقديرا لما يتوقع من غنائم السرايا والغلمان. وستقرأ في هذا الجزء عما تعوّد عليه "الفاتحون" إذ "كان المسلمون إذا غزوا، أغاروا على كنائسهم، وأخرجوا الصبيان منها". (انظر: الجنس والحرب).

في النصوص الموالية سنجد سفَرا في الأمكنة أو الأزمنة، أثناء مُدَد السلم أو الحرب، من خلال منوعات، منها:

- نوادر
- أسماء
- تصنيف
- عادات
- أمثال
- دين
- آراء
- زنا
- لواط

ولنعتبر الشواهد بمثابة نماذج، لها أماثلها المبثوثة في سياقات أخرى.

إبراهيم رمزي
 
أعلى