الوأواء الدمشقي - وَمُهَفْهَفٍ كالُغصنِ هَزّتْه الصَّبا

وَمُهَفْهَفٍ كالُغصنِ هَزّتْه الصَّبا = فَصَبا إِليهِ مِنَ الفُتونِ هَوائِي
يُوهِيه حَملُ وِشَاحِهِ فَتَراهُ من = تَرَفِ النعيمِ يَئِنُّ في إِخْفاءِ
تَدْمى سوالفُه إِذا لاحظتَها = بخفيِّ كرِّ اللَّحظ والإِيماءِ
وكأَنَّ عقربَ صُدغِهِ لمَّا انثنتْ = قافٌ معلقةٌ بعطفَةِ فاءِ
فإِذا نظرتُ إِلى محاسنِ وَجْههِ = لم يَرْوَ من نظري إِليهِ ظَمائِي
حازَ الجَمالُ بأَسْرِهِ فكأَنَّما = قُسِمَتْ عليهِ محاسنُ الأَشْياءِ
متبسِّمٌ عنِ لؤلؤٍ رَطبٍ حكى = بَرَداً تساقَطَ منْ عُقُودِ سَماءِ
تُغني عنِ التُّفاحِ حُمرةُ خَدِّهِ = وَتَنُوبُ ريقتهُ عنِ الصَّهباءِ
ويُديرُ عيْناً في حَديقَةِ نَرْجِسٍ = كَسَوادِ يأْسٍ في بياضِ رجاءِ
فَامْزُجْ بِمائِكَ خَمْرَ كأْسِكَ واسقِني = فلَقَدْ مَزَجتُ مَدامِعي بدمائِي
وَاشْرَبْ عَلَى زَهْرِ الرِّياضِ مُدامةً = تَنْفي الهُمومَ بِعاجِلِ السَّراءِ
لَطُفَتْ فَصَارتْ من لطيفِ محلِّها = تجري مجاري الرُّوحِ في الأَعْضاءِ
وكأَنَّ مِخنَقَةً عليها جَوهَرٌ = ما بَيْنَ نارٍ رُكِّبَتْ وَهَواءِ
وَيَظَلُّ صبَّاغُ المِزاجِ محكَّماً = في نَقْضِ حُمرتها بأَيدي الماءِ
وَكَأَنَّها وكأَنَّ حاملَ كأْسها = إِذ قامَ يجْلوها عَلى النُّدَماءِ
شمسُ الضُّحى رَقَصَتْ فَنَقَّطَ وجهَها = بدرُ الدُّجَى بِكواكِبِ الجَوزاءِ
 
أعلى