أَنَا مارِيَّا ماتوتِ - بحر.. ت: الدكتور لحسن الكيري

هو طفل مسكين. كانت أذناه كبيرتين و كانتا تحمران عندما يدير ظهره إلى النافذة. طفل مسكين، قصير و شاحب اللون. أقبل الرجل الذي كان يتعهده، خلف نظارته. "البحر - قال - البحر، البحر". بدأ الكل في حزم الحقائب و التحدث عن البحر. كانوا يسرعون كثيرا. تصور الطفل البحر مثلما لو دخل أحدهم إلى محارة كبيرة جدا، مليئة بالوشوشات، الأناشيد و الأصوات التي تصيح على مبعدة و صداها عميق جدا. كان يعتقد أن البحر طويل و أخضر.

لكنه تسمر عندما وصل إلى البحر. يا لبشرته كيف كانت! "أماه - قال، لماذا كنت أحس بالخجل -، أريد أن أعرف إلى أي مستوى من جسمي يصل ماء البحر.

هو الذي كان يعتقد أن البحر طويل و أخضر ها هو قد رآه أبيض مثل حواشي جعة البيرة، يدغدغ ببرودته أصابع قدميه.

"سأرى إلى أي مستوى من جسمي يصل ماء البحر!" و تقدم، تقدم، تقدم. البحر يا له من شيء غريب! كان ينمو، يتخذ لونا أزرق فبنفسجيًّا. وصل إلى ركبتيه و بعدها جاوزهما إلى حزامه فصدره ثم شفتيه و بعدهما إلى عينيه. عندها دخل إلى أذنيه الصدى العميق و الأصوات التي تنادي على مبعدة. و في العينين كل الألوان. آه، نعم حقيقةً يتعلق الأمر بالبحر أخيرا! كان محارة كبيرة، عملاقة. لقد كان حقيقةً طويلا و أخضر اللون.

لكن لم يكن ليفهم الناس على الشاطئ أي شيء. في الأعلى، شرعوا في البكاء مستصرخين و هم يقولون: يا للمصيبة! يا الله، يا للمصيبة الكبيرة!".




* صحيفة الفكر
 
أعلى