الجنس في الثقافة العربية : رفيف رشيد - جمال و رموز الجسد في الثقافات العربية الاسلامية

يعتبر الجسد من أهم مكونات الإنسان.. إذ بواسطته يتم التعرف على الفرد , و على شخصيته و أفكاره و ميوله و أحاسيسه و عواطفه.. التي تظهر على الجسد بعدة أنواع و أشكال , كطريقة اللبس و اختيار اللون , و طرق الوقوف و الجلوس و المشي و النوم . أي عبر كل حركة يقوم بها الجسد سواء أكانت إرادية أم لا إرادية. لدا فإن الاعتناء بالمظهر و جمال الجسد يعتبر مطلبا أساسيا لدى جميع الناس و يعد شرطا أوليا لممارسة بعض المهن كالدعارة و السيرك و عرض الأزياء و الرقص و التمثيل , و حتى عند بعض السياسيين و المثقفين.
لكن هل الاعتناء بالمظهر و جمال الجسد و لياقته ينبع من ذات الفرد أم أن الآخرين أو المجتمع يفرض بعض المواصفات؟ و هل عملية الاعتناء توجه إلى نفس الذات كنوع من الغرور أو النرجسية , أم أنها موجهة إلى الآخر؟

علاقة الفرد بجسده : يعتبر الجسد مرآة الروح و ففي التعاليم الدينية يجب تطهير الجسد قبل القيام بالفرائض , فالتعاليم الإسلامية تفرض , مثلا, الوضوء أو الاغتسال قبل القيام بالصلاة. فطهارة الجسد تعني أن الروح نقية و طاهرة , أما نجاسته فقد تكون دليلا على انحطاط الروح. و بذلك فطريقة الاعتناء بالمظهر و الجسد تعكس شخصية الفرد و ميوله , و أيضا تجاوبه أو عواطفه تجاه الآخرين. فوجود الإنسان جسدي , إذ عند الحديث عن الإنسان فلا بد الإشارة إلى جسده , كما أنه لا يمكن الحديث عن الجسد دون الإشارة إلى الأحاسيس و الأفكار …فكل ذلك يتشكل في الجسد و يظهر عليه. فوجودنا هو جسدنا و هويتنا في هدا الجسد و مماتنا يتم في هدا الجسد نفسه. فالجسد و الروح بالنسبة للفرد مكملان لبعضهما البعض و يتداخلان في بعضهما, و يعبر كل منهما عن الآخر. فحتى عندما يكون الجسد متألما أو مشوها, فذلك يؤثر على الأحاسيس وكل أشكال الوعي و الهوية و إدراك الذات. فالجسد و الوعي لا يحد أحدهما الآخر, أنهما لا يمكن أن يكونا إلا متوازيين, فالوعي هو الوجود إلى الشيء عبر الجسد.
غير أن الجسد الشخصي ليس معزولا عن الآخر كما يقول "فريد الزاهي" في " كتابه النص و الجسد و التأويل" فدلالة الجسد لا تتحقق إلا بالتجربة الغيرية التي تخترقه, و يسعى هو إليها عبر الأحاسيس و العواطف. فكل أفعال المحبة و الاهتمام المنتشرة في حياة الفرد, و التي يأتيه من الآخرين, تشكل لأجل دلك الشخص القيمة الجمالية لجسده البراني, فالوظيفة الجمالية و العاطفية تنبع أساسا من العلاقة مع جسد الآخر, و من خلال إدراك القيمة الجمالية للجسد الغيري عبر النظر و التأمل, زيادة على أن جمال الجسد و قوته النسبيين يمنحان صاحبه مرتبته بين الناس, فقبول المرء لجسده و اقتناعه بنفسه ككائن بدني يعتبر الشرط الأولي للتوازن الفردي.
و العلاقات الإيروسية هي علاقات بين جسدين, و تتعلق بموقفنا تجاه جسدنا و تجاه أجساد الآخرين.
و لو أخذ كمثال توأم حقيقي, من أي جنس كان, و كان أحدهما يهتم بلياقة جسده و جمال و حسن مظهره, عكس الآخر الذي لا يبالي, فيلاحظ أن الأول يحظى باهتمام الناس و المجتمع. و أيضا فإن كان لأحد الأفراد عاهة ما أو تشوه مثلا, لكنه يتعايش معها و لا تسبب له حرجا, فالآخرين أيضا سيتناسونها و لا يلاحظونها بنفس القدر إن كان الفرد يستحي أو يخجل من عاهته.
و ربما أن مرض النرجسية بحد ذاته ليس منعزلا عن تدخلات الآخرين, فالقياسات الجمالية يستمدها الفرد من مجتمعه و المحيطين به. ففي أسطورة "نرسيس" لو أنه لم يلاحظ في سطح الماء ملامح يعتبرها أهل دلك العصر من الصفات الجميلة لما أعجب بنفسه. و قد يصاب شخص قبيح بالنسبة لنسب جمال مجتمع ما بالنرجسية كطريقة للتعويض مثلا.
لذلك تعتبر المرآة أداة مهمة في عملية الاهتمام و الاعتناء بالمظهر و الجسد, فكل فرد يحتاج إليها في أغلب عمليات الاعتناء و التجميل, و للتعرف على ملامح الوجه الشخصي. لدا نجد المرآة متواجدة في كل الأماكن تقريبا, من منازل و فنادق و محلات تجارية و أطباء و مطاعم, و حتى في المصعد و السيارة. فلو لم تكن المرآة قد اخترعت لكان شكل الإنسان يختلف كثيرا عما هو عليه .
و جاء في كتاب "الهوية و الاختلاف" للكاتب و الأستاذ "محمد نور الدين أفايه " أن أي خطاب لا ينفلت من تدخل الآخر فيه, فمجرد استعمال اللغة يفترض حضور الآخر, و أن الكتابة تفجير لمكبوتات الجسد, و للكاتب جملة معبرة تقول: " ينبغي الإنصات الجيد لما يسكت عنه كل خطاب" فالجسد هو الذي ينبعث منه الشعور بالهوية و يعطي التفرد الخصوصي لكل شخص, غير أن الصورة التي يكونها الفرد عن ذاته من خلال جسده تنفلت منه على الدوام إذا لم يمتلكها من خلال نظرة الآخر إليه, إذ أن الهوية لا تنبني إلا ضمن التفاعل مع نظرة الآخر, فالهوية عملية يتعرف و يبني كل فرد من خلالها مظاهر جسده, و بواسطة هده المظاهر يتحدد و يقبل أن نحدده.
و حتى الأشخاص الدين لا يهتمون بحسن مظهرهم, لقولهم أن المظهر الخارجي ليس بمهم, فعدم اهتمامهم بحد ذاته يعتبر وسيلة و طريقة للتعبير عن هويتهم.

الجسد في الأساطير: لقد اهتم القدماء بالجسد و بكيفية الاعتناء به و بجماله. و المصريون القدامى كانوا أول من لامس الجسد الإنساني, فالتحنيط الذي ينحو لحفظ الجسد هو تمجيد للمظهر, و لما تبقى بعد مغادرة الحياة.
و قد مثلت الأساطير المصرية "حابيس" إله النيل على شكل كائن ثنائي الجنس, حيث تحلى بخصائص ذكرية هائلة و لحية مهيبة و في نفس الوقت كان له أثداء. أما في المعابد التي تمثل "أوزوريس" فيدل قضيبه الضخم المنتصب على أن الإله يحافظ على خلود القدرة الذكرية حتى في العالم الآخر, و من المعاني التي أعطيت ل ط أوزوريس" أنه راعي النشاط الجنسي.
و لقد كان سكان وادي النيل يحمون أعضاءهم التناسلية بواسطة غمود صلبة تمنع عنهم الإصابات و الجروح و تزيد من حجمها و بروزها. و لم يكن بالشائن المعيب بالنسبة للمصريين القدامى أن يعرض أحدهم ذكره على الملأ, إذ أن العضو الذكري في حلة انتصابه رمز طبيعي في تكوين الحياة, لدلك فلم يكن هناك داع لستر هدا العضو أو إخفائه , مادامت الآلهة تعرض أعضاءها على الملأ, و مادامت الذكورة أساس كل متعة حسية.
و كان فرعون يبتر عضو الذكورة كعقاب لمن يقوم بما لا يسمح به,و أيضا فإن العضو التناسلي لأحد الأعداء كان يعد من أثمن المغانم التي يفوز بها المحارب, و كان من يأتي بأكبر عدد من الأعضاء التناسلية يحظى بمرتبة و بميزة عن الآخرين.
و قد اهتم الفرعون بجمال جسده بقص الشعر و حلق اللحية و قص الأظافر و الاعتناء بالأيدي و الحواجب, و أيضا بالعطور.
و المصريون القدماء كانوا أيضا يهتمون بجمال الشعر, و لبس الثياب الفاخرة و حتى الشعور المستعارة, و تزيين الكاحل و المعصم بالجواهر, و كانت للأغنياء أدوية لعلاج السمنة. و كان هدا الاهتمام يذهب إلى ما بعد الموت, إذ وضعت لبعض النسوة في غرف أضرحتهن, أنواعا مختلفة من مساحيق التجميل و نوعين من أحمر الشفاه, ليكون بوسعهن الرحيل إلى العالم الآخر بشفتين حمراوين و أظافر ملونة و خدين متوردين و خضاب أزرق لتكحيل الجفون, و كذلك فإن الغرف كانت تحتوي على مرايا و أدوات للشعر.
و نفس الشيء عرف في حضارة بلاد الرافدين, فمن أقدم قصص الحب في التاريخ أسطورة "تموز و عشتار" و قد كانا بالنسبة لأهل سومر رمزيين إلهيين للعملية الجسدية التي تهب السعادة و المتعة.و كانت "عشتار تظهر على شكل آلهة ملتحية مزودة بعضوي الدكورة و الأنوثة معا و نهدين عاريين.
و قد لبس الرجال السومريون أفخر الأقمشة الصوفية و الكتانية, و ارتدت النساء فساتين ذات ثنيات تسدل من الأكتاف, و تزين معاصمهن الأساور و نحورهن القلائد و أصابعهن الخواتم و آذانهن الأقراط و كن يخضبن أظافرهن و يعتنين بها. أما البابليون فقد وضعوا في قبور النساء الأمشاط و قوارير العطور و أدوات الزينة ليكون في مقدورهن الحفاظ على مظهرهن و سحر مفاتنهن إبان الموت. و ألبسوا الرجال الثياب الفاخرة, و زينوهم بشارات تدل على مكانتهم ليواجهوا بها الشياطين و يفخروا.

الجسد عربيا و إسلاميا : بخصوص اهتمام الدين الإسلامي بالجسد, فهناك عدة أحاديث منسوبة للنبي (ص) بهذا الخصوص كقوله : " إن الفطرة خمس : الختان و الاستحداد و نتف الإبط و تقليم الأظافر و قص الشارب." و في رواية أخرى عن عائشة : " قال الني عشر من الفطرة :قص الشارب و إعفاء اللحية و السواك و استنشاق الماء و قص الأظافر و غسل البراجم و نتف الإبط و حلق العانة. " و في السياق نفسه نبه النبي أمته بقوله : "اغسلوا ثيابكم و خذوا من شعوركم و استاكوا و تزينوا و تنظفوا, فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون دلك فزنت نساؤهم . " أما بخصوص النساء فقد دعاهن التراث الإسلامي إلى التزين و التجمل لأزواجهن , و في حديث للرسول يقول : " إني أكره المرأة أن أراها سلتاء مرهاء . " أي لا خضاب في وجهها و لا كحل في عينيها, غير أنه كان يدعو إلى الاعتدال في التزين و التجمل لأزواجهن, فالغرض منه مراعاة النعومة و الأنوثة في المرأة و إزالة خشونتها. و هناك أحاديث نبوية تدعو الرجال إلى البساطة في الملبس و تفضيل غير المزركش منها أو الحريري, كما تدعو من جهة أخرى إلى استعمال السواك و الكحل و الطيب و الخضاب. و أيضا فقد طالب ( ص ) بيض اللحى بصبغها, و نهلا من صبغ اللحية بالأسود و تفضيله اللون الأصفر, كما أمر بإعفاء اللحية و الشوارب, و إكرام الشعر و تدهينه و إصلاحه فدلك خير من أن يلغي المرء رأسه كأنه الشيطان, كما دعا إلى إطالة الشعر حتى يبلغ شحمة الأذن.
إلا أن الصفات الجمالية في الرجل قد اختلفت, فمن المعروف أن الصفة الملازمة للرجال هي الخشونة.
و من الأشياء التي حث عليها النبي (ص) هي استعمال الطيب, فالرائحة لها دور مهم في العمليات التواصلية الجنسية منها و غير الجنسية , فللعطر القدرة على جلب الاهتمام إلى الفرد أو النفور منه.
يعتبر الإسلام الجسد عورة يجب سترها و حفظها بالنسبة لكلا الجنسين, غير أن مفهوم العورة هو الذي يختلف, فعورة الرجل محصورة ما بين السرة إلى أسفل الركبة, أما المرأة فعورتها كل جسدها عدا الوجه و الكفين, و هناك من يبالغ بسترهما أيضا…إلا أن الحجاب كطريقة لبس كما هو متعارف الآن لم يفرض, و هناك آيتان تتحدثان عن الحجاب في القرآن؛ الأولى هي الآية 31 من سورة "النور" و قد جاء فيها: " و قل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن إلى ما ظهر منها و ليضربن بخمورهن على جيوبهن…" و في هده الآية أمر بستر الصدر, فالجيب حسب اللغة القديمة هو الصدر, أما القول "إلا ما ظهر منها" فلم يتضمن تعيينا للأجزاء التي يسمح بكشفها, لكن الفقهاء حصروها في الوجه و الكفين والقدمين, و أيضا فيسمح ببعض الزينة كالحلي و الأساور و المكياج.
أما الآية الثانية و هي الآية 59 من سورة "الأحزاب" و تقول : "يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن, دلك أدنى أن يعرفن فلا يؤدين…" ويتفق المفسرون أن هده الآية تعني أن يلتزم نساء النبي و بناته بلباس معين كي يعرفن ولا يتعرضن لأي تحرش, و قد عملت النساء الأخريات نفس الشيء تشبها بهن. و من المعروف أنه في دلك الوقت كانت النساء تنقسم إلى "أحرار" و "جواري" و قد تمت تغطية الأحرار كي يعرفن أنهن ملك لرجل ما..
ويسخر "كاظم الحجاج" في كتابه "المرأة و الجنس بين الأساطير و الأديان" من أجهزة السينما و التلفزيون (العربية) لأنها تسمح بظهور الرجل عاري الصدر و البطن والساقين, لكنها من المستحيل أن تتساهل مع المرأة, بل يعد هدا الكشف للمرأة خروجا عن العرف و الدين. و مع أن المرأة العارية في الشواطئ تكتسب اعتيادية, إلا أنه لو وجدت امرأة نصف عارية, أو حتى بملابس ضيقة’ في مكان آخر, قد تثير الشهوة. حتى أن المرأة في صورة فوتوغرافية تثير الشهوة, في حين أنه في لوحة تشكيلية فإن المرأة لا تثير إلا الإعجاب بتقنية اللوحة.
و ربما كان تصوير الإسلام للجسد أنه عورة, ما يفسر أن المساجد و بعض المناطق الإسلامية لا تحتوي على رسوم و تماثيل, عكس الديانة المسيحية, فإن الكنائس تحتوي على رسوم و تماثيل توضح بعض المفاهيم و تركز على المسيح من ولادته إلى مماته. " و نفس الشيء في المقابر, فالمقابر المسيحية ,مثلا, تحتوي على تماثيل و صور للمسيح و للأفراد و أشكال متنوعة و متعددة للصليب و بعض الأشكال المنحوتة, و الورود الاصطناعية أو المنحوتة منها أو الطبيعية, و الأشجار الطبيعية, هدا بالإضافة إلى الترتيب و التنظيم الجيد. لكن في المقابر الإسلامية لا يوجد إلا الخراب و الدمار."
و قد يكون تحريم الصورة يرجع أن قدرة التصوير قدرة إلهية, و لا يجوز لأي عبد أن يقوم بها لأنه ذو قدرة محدودة. و القرآن ركز على أن مهمة التصوير مهمة إلهية, مرتبطة بعناية الله تعالى بتنظيم و تشكيل و تسيير دفة الكون. زيادة على أن العقل الإسلامي لا يكف عن المزاوجة بين المصور و الشيطان في اللعنة.
إلا أن الاستمرار في مسألة تحريم الصورة في الإسلام, هو في واقع الأمر استمرار لطرح مشكلة غير حقيقية, فالإسلام لا يضع التعامل مع الصورة بشكل واضح مطلق, و الله باعتباره كائنا خارقا و خالقا للكون, أبدع أشياء العالم وخلق الإنسان و سخر له السماوات و الأرض للاستفادة منها, و منحه عقلا للتمييز بين الخير و الشر, و ولد فيه الإرادة لممارسة حريته في علاقته بذاته و بالآخرين, شريطة أن يكون مسؤولا عن أفعاله و سلوكه.

طرق الاعتناء بالجسد : إن مفهوم الزينة و التجمل و الاعتناء بالجسد يختلف حديثا عما كان عليه قديما, و من الأشكال التي كان العرب يزاولونها هو الوشم, فقد ذكر "عبد الكبير الخطيبي" في كتابه " الاسم العربي الجريح" أن الوشم يمكن أن يخضع لمعرفة أو لرغبة. و غالبا ما يشم المغاربة جانبا واحدا من الجسد, فيكتفي الرجال بوشم الذراع و العضد, أما المرأة فإنها تشم مناطق عدة من جسدها مثل : من منتصف الجبين إلى ما بين الحواجب و دلك بشكل عمودي, و من منتصف الشفاه السفلية إلى أسفل الذقن, و قد توشم أيضا في مناطق أخرى كالصدر و ما بين النهدين و الظهر و الساق و أسفل الأرداف و فوق العانة الحليقة…إلخ. و الفتاة المغربية توشم في مناسبتين, عند البلوغ و عند الزواج, فالوشم يصف الدورة الدموية من جهة و محو غشاء البكارة من جهة أخرى.
إلا أن هناك عدة معان للوشم, فقد يكون إشارة للسجناء و المنفيين, و هناك الوشم لغرض العلاج من بعض الأمراض أو العيوب, أو الوشم الذي يكون كدليل معرفة مرتبط بتبادل النساء و امتلاكهن.
و يلاحظ بأن المناطق التي تعتني بها المرأة سواء بالوشم أو الحناء, تكون ذات أهمية في عملية الإغراء, و ينطبق دلك حتى في المكياج الذي غالبا ما يتركز حول العينين و الفم, اللذين يعتبران من أهم المناطق في عملية الإغراء.
لكن معايير الجمال تختلف من زمن لآخر, فبعد أن كان العرب قديما يفضلون النساء الممتلئات اللواتي لهن بطون ذات ثنيات, أصبحوا يفضلون المرأة الرشيقة و الممشوقة, ذات البطن المشدود, و تم تفضيل الثدي ذي الاستدارة الرشيقة أو نصف المستدير, بحجم يكفي فقط كي يملأ كف يد واحدة.
و الإنسان يحاول أن يغير من مظهره بعدة طرق, كاللباس و لونه, و تسريحة الشعر و لونه, و المكياج و لونه, و تزيين الجسد بالإكسسوارات, و كل دلك يعبر عن ميول الفرد و مكانته الاجتماعية و الاقتصادية و أفكاره… فمثلا نجد أن الهيبيين يرتدون بطريقة مختلفة عما يرتديه المتدينون.
و للون المختار عدة رموز, فالأسود مثلا قد يعني الحزن و الرفض. و اللون الأحمر في السبعينات كان يعني ميول الفرد إلى الأفكار الشيوعية.
و كذلك فإن لكل لون و طريقة من المكياج, رموزا و رغبات متعددة.
و للشعر رموز عدة في الثقافات العربية, و هي تختلف بالنسبة للرجال عن النساء, فشعر الشوارب للرجال وقار و شرف و رجولة, و في الذقن إن طالت تقوى و قد ترمز إلى الحزم أو العزم على الثأر و الانتقام أو الحزن, أو إلى الثورة على الأوضاع السياسية و الاجتماعية القائمة, فالشباب يعلنون عن ثورتهم على الأوضاع السائدة بإطالة شعر الرأس و اللحية, و هدا ما جاءت به موضة 60 و 70. و أيضا فبعض المتدينون يطيلون لحاهم, و الفرق واضح بين هدين المثالين. حتى الشارب له رموز كشارب "هتلر" مثلا.
أما المرأة فالشعر في جسدها يعتبر قذارة و غير مرغوب فيه, عدى شعر الرأس و الحواجب و الأهداب.
و من طرق الاعتناء بالجسد بالنسبة للجنسين ممارسة الرياضة بشتى أنواعها, و أيضا الاستحمام, إلا أن علماء النفس يقولون أن الإكثار من الاستحمام بشكل مبالغ يعتبر طريقة محورة لممارسة العادة السرية.
و قد يلجأ الفرد إلى تغيير معالم جسده بالقوة, و دلك بإجراء عمليات التجميل التي تمكن من مسح آثار الزمن, أو تغيير شكل عضو ما, أو تغيير الملامح بشكل كامل.

علاقة جسد الرجل بجسد المرأة : أما عن العلاقة التي تجمع جسد الرجل بجسد المرأة, فالقضيب الذي يمتلكه الرجل, و الذي طالما وضعه محل تقديس, جعل منه النموذج المطلق لكل قوة و قدرة . و هذا ما يفسر أن الرجل يريد دائما أن يكون الأقوى سواء على الرجل أم بالأحرى على المرأة, إذ يمتلكه هاجس دائم حول فحولته و رجولته, فضعفه الحاسم هم إحساسه بفقدان رجولته, فالرجل القوي هو الذي ينتصب بسرعة, و هذا الهذيان يتكون من الطفولة و مع التنشئة.
غير أن دلك يوحي بالاستنتاج أن المجتمع يفرض على الرجل أن تكون له علاقات جنسية متعددة, كما يفرض على المرأة أن تكون ذات علاقة واحدة شرعية. حتى أنه في الثقافة الإسلامية نجد الكثير من الأحاديث التي تدعو إلى ذلك " و انكحوا ما طاب لكم من النساء" و غيره الكثير و أيضا فإن الشرع حلل 4 زوجات, على الرغم من أن النص القرآني يقول : " و لن تعدلوا" و النبي قد تزوج 12 مرة شرعيا..
و هناك عدة مؤاخذات لرجال الدين المسيحي على النبي (ص) و على الإسلام, كاعتبار يوحنا الدمشقي أن القرآن نتاج لأحلام اليقظة, و يصور الرسول كشخص مظلل, و ينتقد بقوة ما يعتبره معاملة لا تليق بالنساء من قبل المسلمين. و قد بلور المتخيل المسيحي في الزمن الوسيط صورة عن الإسلام تقول : ""إنه عقيدة ابتدعها محمد, و هي تتسم بالكذب و التشويه المتعمد للحقائق, إنه دين الجبر و الانحلال الخلقي, و التساهل مع الذات و الشهوات الحسية, إنه ديانة العنف و القسوة." و من الصور التي صاغتها المخيلة المسيحية الغربية عن الإسلام, و تتعلق بحياة النبي و بعلاقته مع المرأة و بموقفه من المسألة الجنسية, و قد تم التعامل مع هدا على أنه الدليل الأكثر أهمية للرفض المسيحي للإسلام. و من المعروف أن رجال الدين المسيحي يتخلون عن الممارسات الجنسية.
" أما المرأة فتتألق بالكتابة على جسدها, فمختلف أشكال إبراز ذاتها بمثابة نقش على الجسد, و هي باعتبارها كائنا مختلفا في تكوينه وجسده عن الرجل, و باعتبار تواجدها في مجتمع ذكوري, تعمل على الدوام على إظهار جسدها بشكل مغاير, و لكي تغري و تعجب و تؤسس علاقة مع الآخر, تلجأ إلى أساليب التمويه التي تلصقها بجسدها, فهي تعطي عناية خاصة لفتحات جسدها (العين و الفم) إنها ترسم و الرسم تكثيف لرغبتها.
و لتغري المرأة فإنها غالبا ما تلجأ إلى أساليب التمويه والنقش و الكتابة على جسدها بإعطائه قناعا معينا, و القناع يلجأ إليه المرء لإظهار وجه ناقص أو كلام غير مكتمل, فالمرأة تحتاط من وجهها الحقيقي فتلبسه رسوما تجمله, و لكي يكتسب الجسد الأنثوي قيمته, لا بد أن يضفي عليه أشكالا أكثر جدبا و إغراء لتهيل تبادله.. و من هنا فثمنه لا يأتي من الشكل الطبيعي للجسد و لغته العفوية, و لكن مما يرتسم فيه و يلتصق فيه لإثارة رغبة الرجال في التبادل. إذ أن تقسيم العمل الجنسي يتطلب من المرأة أن تهتم بجسدها و تعطيه العناية الفائقة لتحويله إلى موضوع للرغبة."
و الجنس يكون بشهوة الجسد, فالرجل يشتهي المرأة و المرأة تشتهي الرجل, و سر هده الشهوة وجود انجذاب, فالرغبة شيء كامن في الراغب و يمتد نحو المرغوب فيه. و لعل التلذذ بجمال الجسد و الإحساس بعلم مغاير من خلاله, كانت تشكل علامة مميزة من علامات الإنسان القديم , فالجنس كان احتفاليا و كان خلقا إبداعيا و لأهمية الجسد و جماله و الممارسات الجنسية في حياة الإنسان, فقد قام الخطاب الدكوري بتحديد ممارساته و فرض بعض الحدود و القوانين على الطرف الأضعف, و تأتي الديانات لتدعيم دلك, فالقرآن تبدو لغته في جوهرها رجولية, و أن المرأة كجسد حاضرة فيه على أكثر من صعيد كرغبة تحتاج لضبط و انضباط. فالقرآن يصور جسد المرأة على أنه تابع للرجل, و هدا التصوير هو الذي منح الرجل كل إجراء من شأنه النظر إلى المرأة كجسد و إلى جسدها كينبوع لذة أو كفراغ هو يملأه باستمرار. و أيضا فإن علاقة الرجل الجنسية و الشهوية بالمرأة كانت دافعا و حافزا له بوعده بنساء الجنة من العرب الأتراب و الحور العين.
فهناك عدة أحاديث للنبي و لغيره تؤكد على متع الجنة الجنسية للرجل, كالحديث الذي يقول : " إن أحدكم ليعطى قوة 100 رجل في الأكل و المشرب و الجماع و الشهوة" و هناك آخر يقول : "إن نساء الجنة لا تأتيهن الدورة الشهرية و تتجدد بكارتهن بعد كل جماع"
و تعد البكارة مطلبا أساسيا في المرأة, و قد حث الدين الإسلامي على أفضلية البكر من غيرها, إذ أن ذلك يعني بالنسبة إليهم شرف المرأة و عفتها, و هدا ما يوضح سيطرة الخطاب و السلطة الدكورية.
و ربما أن مرض فوبيا الدم الذي يصيب النساء العربيات المسلمات يرجع إلى هدا الخوف الزائد على عذريتهن. و من المعروف أن الأهل يقومون بخلق هالة حول هدا الموضوع و كأنه شيء مقدس. و قد تعاقب الأنثى على أبسط عمل جنسي تقوم به كالقبلة مثلا, زيادة إلى انعدام الحوار بشكل واقعي و طبيعي عن عملية فض البكارة مع الأهل. و قد تصاب بفوبيا الدم النساء اللواتي فضت بكارتهن بطريقة وحشية أو اللواتي تعرضن لمحاولات اغتصاب أو تحرش جنسي.
و يلاحظ أن التراث الإسلامي يؤكد على متع الجنة الجنسية للرجل, و يوضح دلك بعدة آيات و أحاديث و تفاسير. إلا أنه لا يوجد شيء عن متع الجنة الجنسية للمرأة, فهل ستبقى مجرد تابع للرجل؟

البغاء : بقدر ما تركز التأكيد على دور الملكية الفردية في المجتمع, و تعاظم التشديد على طهارة الأنثى من جهة, تعاظمت الحاجة لتنظيم البغاء من جهة أخرى. و الذي يعد من أقدم مهنة في التاريخ.
إلا أن اعتراف الشعوب القديمة كالبابليين و السومريين بوظيفة العاهرة, دعاهم إلى إدخالها ضمن تنظيم المعبد, و تسميتها بلقب "قاديشة" أي "قديسة" و أصبح البغاء مهنة دينية محترمة, و اعتبروا أنه يقوم على تسخير الجسد لإرضاء الجمهور جنسيا. و في بعض المعابد كانوا يعلمون النساء فنون ممارسة الجنس. و قد كان البغاء يعد مصدرا لجلب المال إلى المعابد. و أيضا فمن عادات فض البكارة أن الفتيات كن يذهبن إلى معبد إله المدينة في بلاد الرافدين, و الاتحاد الجنسي مع أحد ممثلي الآلهة في الأرض. و قد كان دم العذارى يعتبر كقربان للآلهة و من الضروري أن يسكب أمام المذابح. "حتى أن الختان في جوهره نوع من القربان, إلا أنه عوض التضحية بكل الجسد يتم التخلي عن جزء من أهم عضو منه." و قد اعتادت الفتيات في لبنان و اليونان الجلوس في قارعة الطريق بانتظار أحد من عابرة السبيل يتطوع لفض بكارتهن مقابل مبلغ من المال. و ساد نفس العرف في أرمينيا, و كانت المرأة تستمر في هدا النهج جمعا لمهر الزواج, و كلما زاد المبلغ زاد تقدير الزوج لها لأنه يعتبر كدليل على جمال المرأة و كثرة إقبال الرجال لها.
و بالوسع القول أن الطواف حول الحج قديما قبل الإسلام كان يتضمن معنى دينيا جنسيا, فقد كان هناك صنم "أساف" الذي كان معبودا ذكرا على جبل "الصفا" و صنم "نائلة" الذي كان معبودا أنثى على جبل "المروة" و كان العرب رجالا و نساء يطوفون حولها و هم عراة. و أيضا فإن جبل "عرفة" (الذي عرف فيه آدم حواء, أي جامعها) كان الوقوف به من أهم مناسك الحج الجاهلي, فكانوا يتوجهون إلى هناك ذكورا و إناثا يبيتون ليلتهم حتى يطلع عليهم النهار, إذ كانوا يمارسون الجنس الجماعي.
و من الصفات المحببة في النساء زيادة على جمال الجسد و لياقته هو صغر السن, وقد أكد الإسلام على هده الميزة. إلا أنه جاء في كتاب "الساقطة المتمردة"أن المبغى هو المصح العلاجي الذي يجد فيه الإنسان المعاصر الدمية التي يستطيع أن يستطيع أن يخز فيها سكاكين نقمته, و إبر ثورته الداخلية و اللاشعورية في عملية نفسية تهدئ من عذابه الوجداني, و غيظه من نفسه و تبرمه على حياته, و من الأمثلة التاريخية الواقعية لدلك, أنه في إنجلترا كان هناك في القرن :19 مباغ يرتادها الموسورون لمواقخة الصبيات الصغيرات, و القيام بشتى ضروب الشذوذ, و كانوا يستوردون الفتيات العذراوات, فهؤلاء يفضلونهن لفض بكارتهن بطرق شادة تعبر عن الشخصيات السادية و الماسوشية.






الحوار المتمدن





حلمي التوني1.jpg
 
أعلى