دراسة رضا البطاوى - نقد رواية الغريب لألبير كامو

  • بادئ الموضوع رضا البطاوى
  • تاريخ البدء
ر

رضا البطاوى

رواية الغريب هى إحدى روايات ألبير كامو والمشهور عن كامو أنه واحد من كتاب العبث وفى الحقيقة فإن إطلاق مصطلح العبث على هذا النوع من الروايات والمسرحيات والأشعار هو ضرب من العبث فهذا الأدب يتناول قضايا خطيرة سببها التشريع الوضعى والواقع المر الذى نحياه

أدب العبث ليس عبثا وإنما الكثير منه مفيد كهذه الحكاية _ أى الرواية بالمصطلح المعروف وإن كنت لا أعترف بتلك المصطلحات المنقولة – المسماة الغريب وسبب التسمية على حد قول الرواية هو كون الشخصية الرئيسية غريب الأطوار كما فى الفقرة التالية:

" نبهتنى آنئذ على أن الزواج مسألة جدية للغاية أجبتها كلا سكتت لبرهة وأخذت تحدق بى بصمت ثم تكلمت كانت تريد أن تعرف فقط إذا ما كنت أقبل الطلب لو أتى من امرأة أخرى غيرها امرأة أكون متعلقا بها بنفس الدرجة أجبتها فتساءلت حينئذ عما إذا كانت هى تحبنى وما كان بوسعى أن اعرف شيئا عن هذا الأمر وبعد برهة صمت أخرى همست قائلة إننى غريب الأطوار وأنها تحبنى قطعا لهذا السبب"ص53"

حكاية الغريب تناقش عدة محاور هى :

الأول:

ما يسمى التعود على أمور معينة بحيث أن الإنسان من كثرة تكرار ذلك الفعل أو القول يوميا يفعله كالآلة بحيث أنه لا يفكر فى كل مرة عندما يكرر الفعل أو القول

التعود ويسميه البعض الآلية أو التبلد هو محور من محاور الحكاية فالرجل عندما علم بموت أمه لم يغير من عاداته قبل الذهاب لدفنها فى بلدة أخرى حيث توجد الجثة فقد ذهب لتناول الغداء وهو قوله :

"ركبت السيارة فى الساعة الثانية وكان الجو حارا وتناولت كعادتى طعام الغداء فى المطعم عند سيلست"ص8

كما نلاحظ تكرار الكلام عن العادة كعادة البكاء فى أيام الفراق الأولى فى قول مثل:

"خلال أيامها الأولى فى المأوى كانت ص9 تبكى كثيرا لكن ذلك بسبب العادة وما إن مضت بضعة شهور حتى كانت لتبكى لو أخرجناها من المأوى وهذا أيضا بسبب العادة"ص10

ونلاحظ تكرار العمل اليومى لمدة طويلة كاصطحاب الجار للكلب فى أقوال مثل:

"أثناء ارتقائى السلم صادفت الشيخ سلامانو جارى الجنب كان برفقة كلبه منذ ثمان سنوات ونحن نراهما معها"ص 33

ومثل:
"أخذ الشيخ كلبه للتجول مرتين فى اليوم على الساعة الحادية عشر ثم على الساعة السادسة ومنذ ثمان سنوات لم يغيرا مسار جولتهما"ص35


ويعبر كامو عن التعود أيضا بطريقة لباس إحدى النساء ويعبر على لسان مورسو بأنها حركات آلية فى قوله:

"وكنت قد فرغت من طعامى وهى ما تزال هى تضع العلامات بالانكباب نفسه بعد ذلك قامت وارتدت سترتها بالحركات المضبوطة الآلية نفسها ثم انصرفت"ص55

وحتى النظام فى القضاء والسجون يصفه بالآلى وهو المتكرر فى قوله:

"إن ما يهمنى اللحظة هو أن أفلت من النظام الآلى"ص125

والمقصود بالتناسق ليس الحب وإنما ما يفعلانه من أفعال حب أو كراهية أو غير ذلك

ويبين كامو أن العادات قد تتغير نتيجة ظروف جديدة فالشخصية الرئيسية غيرت عادتها فى التدخين عندما دخلت السجن لأن من أحكام السجن منع التدخين عقابا للمسجون فى قولهم :

"وما كنت أفهم لم يحرموننى من هذا الشىء الذى لا يؤذى أحد فهمت فيما بعد أن ذلك جزء من العقوبة بيد أنى كنت ساعتها قد اعتدت الحياة دون تدخين وما عادت تلك عقوبة بالنسبة لى "ص93

وحتى عندما يتغير شىء فى الحياة بالزواج تصبح الزوجة والزوجة بالعادة وهى الألفة متناسقين وهو قوله :

"وما كان سعيدا مع زوجته بيد أنه فى المحصلة قد ألفها وحين ماتت أحس نفسه وحيدا"ص56

وهو يصف أن لاشىء تغير فى المحصلة لأن الدفن أمر متكرر والعمل أمر متكرر فى قوله:

"وفكرت فى أنه كان مجددا يوم أحد قد انصرم وأن أمى قد وريت الثرى وأنى سأستأنف عملى وأن لا شىء فى المحصلة قد تغير"ص32"

وهو يصف اصطحاب سلامانو لكلبه بأنه كالعادة فى قوله:

" تكلم بطلاقة لقد اصطحبته كالعادة إلى ساحة الملاهى "ص19

كما بين أن مورسو قد تعود السجن بحيث أنه أصبح رجل مسجون كما فى القول :

"كنت أحس فجأة مدى ضيق جدران زنزانتى بيد أن ذلك لم يدم سوى بضعة أشهر بعدئذ ما عاد لدى سوى أفكار رجل مسجون"ص90

الثانى :

مسألة التساوى أى استواء الأمور عند مورسو الشخصية الرئيسية فمثلا الشهادة لرايمون تستوى عنده بعدم الشهادة فى قوله:

"بدأ رايمون مسرورا وسألنى إذا ما كنت أرغب فى الخروج معه نهضت وبدأت أمشط شعرى قال لى إنى ينبغى أن أشهد له فى المحكمة كان الأمر بالنسبة إلى سواء لكنى ما كنت أعرف ما ينبغى أن أقول ويحسب رايمون يكفى أن أصرح بأنه قد اشتاق للفتاة فقبلت أن أشهد له ص48

كما أن الحياة فى مكان مختلف عن مكان أخر عنده سيان اى واحد فكل أشكال الحياة واحدة حسب قوله فى رده على مديره الذى أراد أن يأخذه ليعمل معه فى باريس بدلا من الجزائر:

"أراد أن يعرف مدى استعدادى للذهاب إلى هناك سيتيح لى هذا الأمر أن أعيش فى باريس وأقضى فى السفر جزء من السنة إنك شاب واعتقد أنه نمط حياة سيعجبك أجبته اجل لكن فى الواقع الأمر عندى سواء سألنى حينئذ عما إذا كنت غير مهتم بإحداث تغيير فى حياتى أجبته بأن المرء لا يغير حياته ألبتة وأن كل الحيوات سواء"ص 52

كما أن زواجه بمارى يستوى عنده بعدم زواجه وهو قول كامو على لسان مورسو:

"مساء مرت بى مارى وسألتنى عما إذا كنت راغبا فى الزواج بها أجبتها أن الأمر سيان بالنسبة إلى وأننا نستطيع القيام بذلك إذا كانت راغبة فيه"ص52

وحتى صداقته برايمون اعتبرها كعدمها فالأمران عنده واحد فى قوله:

"قال إنه يريد نصيحتى بخصوص هذه القضية فأنا على ما يرى رجل ولى خبرة بالحياة وأستطيع مساعدته ثم بعد ذلك يصير رفيقى لم أقل شىء فسألنى مرة أخرى عما إذا كنت أرغب فى أن أكون صديقه أجبته بأن الأمر سيان عندى فبدأ مبتهجا"ص38

البعض يسمى هذا الأمر اللامبالاة أو النظرة التشاؤمية وهى نظرة ليست فى كل الأحوال واحدة فمسألة استواء الأمور تقع من الكفار كما تقع من المسلم فالكافر سيان عنده أن ينذره أى يعظه المسلم أى يبلغه الحق أو لا ينذره لأنه فى كل الأحوال لن يستجيب لتلك الدعوة أى الإنذار وفى هذا قال تعالى:

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ"

والمسلم يستوى عنده مثلا التراب والذهب والفضة وغيرهم

وهذه النظرة تذكرنا بنظرة الشعر المنسوب للمعرى فى قوله:

غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي نوح باكٍ ولا ترنم شاد

وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِيـ س بصوت البشير في كلّ ناد

أبَكَت تلكم الحمامة أم غـ نّت على فِرْعِ غُصنٍها الميّاد
نظرة استواء الأشياء والأفعال كلها هى نظرة خاطئة فمثلا المتغوط فى الكنيف لا يتساوى بالمتغوط على نفسه فالمتغوط بالكنيف يمنع الذى عن نفسه وعن الناس بينما الأخر يؤذى نفسه ويؤذى الناس ومثلا شارب العصير المباح لا يستوى بشارب الخمر فهذه نتيجته طيبة وهذه نتيجته خطر على النفس وعلى الأخرين


الثالث :

عدم الإيمان بالرب وهو عدم التدين بالمسيحية ومع أنه نفى الإلحاد عن أمه فقد وصفها بأنها لم تفكر يوما فى الدين فى قول كامو:

"مسألة أخيرة على ما يبدو فإن والدتك قد أسرت غير مرة لرفاقها برغبتها فى أن تدفن ص10 بحسب الطقوس الدينية وقد تكلفت بالقيام بما يجب غير أنى رغبت فى إعلامك بالأمر أما أمى فدون أن تكون ملحدة ما خطر الدين ببالها يوما"ص11

فمورسو يعتبر نفسه غير مؤمن بالرب فى أقوال مثل ك

"وسألنى إذا ما كنت أومن بالرب أجبته نافيا فجلس غاضبا قال لى إن هذا الأمر مستحيل وإن كل الناس يؤمنون بالرب بمن فيهم أولئك الذين يعرضون عن طريقه كانت تلك قناعته"ص81

ومثل:

"وأمام دهشتى أعلنها منتصرا أرأيت أو لست تؤمن بالرب وسترجع أمرك إليه وبالطبع أجبت مرة أخرى كى فإنهار على كرسيه"ص82

ومثل:

"بيد أنه رفع رأسه بغتة وواجهنى قائلا لم ترفض مقابلتى أجبته أنى لا أومن بالرب "ص134

وهو لا ينفى ذلك ويواجه به الآخرين وهو ما جعل رجل كالقاضى يحاول هدايته باعتباره مسيحى وهو ما جاء فى الفقرة التالية:

"نهض بغتة وبخطوات واسعة قصد طرف مكتبه وفتح درجا من أدراج خزانة ملفات وأخرج من الدرج صليبا نحاسيا شهره ص80 وهو عائد فى وجهى وبصوت مغاير تماما صوت يكاد يكون مرتعدا صرخ وهذا هل تعرفه أجبته أجل بالطبع آنذاك قال لى بسرعة وحماس إنه مؤمن بالرب ومقتنع بأن ليس ثمة إنسان مذنب حد ألا يغفر له الرب أبدا لكن لكى يتم ذلك ينبغى على الإنسان أن يصير فى توبته كالطفل الروح الصافية القابلة أن تتلقى كل شىء كان جسده بأكمله مائلا على الطاولة وكان يحرك صليبه فوقى تقريبا "ص80

وأيضا فى قوله :

"ويصرخ بطريقة غير معقولة أنا مسيحى وأطلب الصفح عن ذنوبك من هذا كيف أمكنك الظن بأنه لم يتعذب من أجلك"ص82

كما ان القاضى رغم تعامله الحسن مع المتهم فإنه كان يلقبه بالمسيح الدجال فى قوله:

"إنى لأكاد أدهش من أننى لم أبتهج قط فى ص83 حياتى قدر بهجتى بتلك اللحظات التى كان يرافقنى فيها القاضى حتى باب مكتبه ويربت على كتفى قائلا بنبرة ود لقد انتهينا اليوم يا سيدى المسيح الدجال وإذ ذاك يتم تسليمى لرجال الدرك"ص84

ويعبر كامو عن نظرة الملحد للحياة وهو أنه لا يضيع وقته فى الحزن وإنما يتعامل مع الحياة بأخذ متعه منها كما فى الفقرة التالية:

"وجدت مشقة فى النهوض إذ كنت متعبا من النهار الذى قضيته أمس وبينما كنت أحلق ذقنى فكرت فيما أنا فاعل اليوم فقررت الذهاب للسباحة ركبت الترام لذهب إلى مؤسسة مسابح الميناء وهناك غطست فى المضيق كان ثمة الكثير من الشباب وفى الماء التقيت مارى كاردونا وقد كانت تشتغل من قبل على الآلة الكاتبة فى المكتب نفسه حيث أعمل وكنت ص25 أرغب فيها وقتئذ وأخالها كانت ترغب فى بيد أنها رحلت بعد ذلك بفترة قصيرة وما منحنا وقتا أعنتها على اعتلاء طوافة وبتلك الحركة لا مست نهديها...........ص26

ويبين كامو على لسان القس أن الملحد يحيا بلا أمل لأنه سيموت بمعنى سيفنى ولا يعود لحياة أخرى فى قوله:

"صوته أيضا لم يرتجف حين قال لى ليس لديك إذن أمل فى أى شىء وتحيا بفكرة أنك حين ستموت سيموت كل شىء فيك أجبته أجل"ص135



والملاحظ فى الأمور الثلاثة السابقة أنها مرتبطة ببعضها فالتعود وهو الآلية مرتبطة بنظرة السواء فالمنكر لله سيان عنده المحرمات والمحللات ومن ثم فالمستفاد هو :

أن الإنسان الملحد يعتبر نفسه جزء من الكون الآلى والمراد الذى يكرر الأفعال كباقى الأنواع الموجودة فى الكون

الرابع :

إصلاح القضاء وهو أمر يناقض الآلية واستواء الأمور ومن ثم الإلحاد وهو إنكار الله فلو كان الكون آليا تستوى فيه الأمور فلماذا يرغب الرجل فى الإصلاح ؟

إن المفترض فى الكون الآلى ومن أنواعه الناس ألا يكون به فساد يجب أن يصلح ولكن مورسو يفكر ويحاول الإصلاح فى الفقرة التالية:

"وفى لحظات أخرى على سبيل الذكر كنت أشتغل على مشاريع قوانين كنت أصلح قوانين العقوبات وكنت قد لاحظت أن الجوهرى فى العملية هو منح المحكوم فرصة واحدة من ألف لتكفى لتنتظم الأمور"ص128

والسبب فى هذا التفكير هو أن مورسو وجد أن نظام التأهيل غير عادل وهو ما عبر عنه فى محادثته مع رئيس السجانين:

"رئيس السجانين الذى كان يرافق فتى المطبخ ساعة توزيع الوجبات وكان هو من حدثنى فى البداية عن النساء قال لى إنها أولى الأمور التى يشتكى منها الأخرون أخبرته بأنى كنت مثلهم وبأنى كنت أجد نظام التأهيل هذا غير عادل فقال لى لكنا نضعكم فى السجن لأجل هذا الغرض بالذات"ص92

وينتقد مورسو القانون لأن فيه أمور تنزع عنه طابع الجدية مثل وجوب صدور الحكم فى ساعة معينة ومخالفة الحكم الصادر للساعة حيث صدر فى ساعة أخرى وأيضا وجود مفهوم غير واضح وهو صدور الحكم باسم الشعب الفرنسى وهو ما جاء فى الفقرة التالية :

"فإن كون الحكم قد تلى فى الساعة الثامنة مساء بدل الخامسة وإذا كان بالإمكان أن يكون شيئا أخر غير ما هو عليه وكونه قد اتخذ من طرف رجال ذوى حظوة وكونه قد نطق باسم مفهوم غير دقيق مثل مفهوم الشعب الفرنسى شأن ص126 الشعب الألمانى أو الصينى كل تلك الأشياء تبدو لى انها تنزع عن هذا الحكم الكثير من طابع الجدية "ص 127

ويبدو أن الحكاية من الأساس كتبت لانتقاد النظام القضائى فالرجل ينتقد مناقشة القضاء لأمور لا علاقة لها بالجريمة فالقوم بحثوا فى صفاته وأفعاله فى غير القضية وهى قتله لعربى فما هى أسباب البحث فى دفنه لأمه وما حدث بعدها واستدعاء كم كبير من الشهود لم يشهدوا حادثة القتل وإنما استدعوا لمناقشة أمور لا علاقة لها بقضية القتل وهو ما عبرت عنه الفقرة التالية:

"جلس على السرير وشرح لى أنهم قد تحروا عن حياتى الخاصة وعرفوا أن أمى قد توفيت مؤخرا فى مأوى المسنين ص76 وقد أجرى تحقيق فى مرنغو وعلم المحققون أنى أبديت برودا يوم دفنت أمى لو تفهم إنه ليزعجنى أن أسألك هذا الأمر بيد أنه من الأهمية بمكان وسيكون دليلا دامغا يدينك ما لم أجد ما أرد به ... لاشك فى أنى كنت أحب أمى كثيرا لكن هذا الأمر لا يعنى شيئا فما من كائن سوى إلا رغب بدرجة أو بأخرى فى موت من يحبهم عند هذا الحد قاطعنى المحامى وبدا شديد الهياج وجعلنى أعده بألا أقول هذا الكلام أثناء جلسة الاستماع أو على مسمع قاضى التحقيق ولكننى شرحت له أننى ذو طبع خاص بحيث أن حاجاتى الجسدية عادة ما تشوش على عواطفى فيوم دفنت أمى كنت تعبا جدا وكانت بى حاجة للنوم بحيث إنى ما أحطت علما بما كان يجرى حولى "ص77

وقوله:

""رأيت أشخاصا يقفون تباعا قبل أن يغادروا القاعة عبر باب جانبى يتعلق الأمر بمدير المأوى وبوابه والشيخ توما بريز ورايمون وماسون وسلامانو ومارى التى أومأت لى بإشارة قلقة"ص102

وأيضا قوله:

"وقال لى بنبرة تكاد تكون عنيفة إنه سيتم فى كل الأحوال الاستماع إلى مدير المأوى وموظفيه كشهود وقد يورطنى هذا الأمر شر ورطة نبهته على أن لا علاقة لهذه القضية بقضيتى إلا أنه اكتفى بالقول إن من الظاهر أنى لم يسبق لى التعامل مع العدالة"ص78

وأيضا قوله :

"قال لى إنه سيطرقى الآن أسئلة قد تبدو بعيدة عن قضيتى بيد أنها قد تصيبها فى الصميم وأدركت أنه سيحدثنى مرة أخرى عن أمى"ص103

وقد تم استجواب الشهود الذين لا علاقة لهم فى القضية كمدير المأوى عن الأم فى الفقرة التالية :

"حين نودى باسم مدير المأوى سئل المدير عما إذا كانت أمى تشتكى منى فأجاب نعم"ص105

وأيضا بواب دار أو نزل المسنين عن الأم:

"استمع إلى البواب.... وقال إنى ما رغبت فى رؤية أمى"ص106

ومن ثم فالنظام الذى يبحث عن أفعال وصفات المتهم السابقة للحادثة دون ارتباط بالحادثة هو نظام فاشل يبنى الحكم على غير الحقيقة وهو ما عبر عنه كامو بقول مورسو:

"لكنى ما فهمت كيف يمكن لطباع رجل عادى أن تنقلب إلى قرائن إدانة دامغة ضد متهم كان هذا على الأقل ما فاجأنى "ص116

واعتبر الرجل من سيئات قانون العقوبات الاستجوابات التى تتم فى مركز الشرطة فى قوله:

"عقب توقيفى مباشرة تم استنطاقى عدة مرات بيد أنها لم تعد استجوابات ولم تدم طويلا"ص75

كما بين أن النظام القانونى يوجب وجود محامى فى القضية فى قوله:

"بعد ذلك بثمانية أيام نظر على قاضى التحقيقات بفضول بيد أنه فى البداية لم يفعل أكثر من سؤالى عن اسمى ومحل اقامتى ومهنتى وتاريخ ميلادى ومكانه كان يرغب فى معرفة ما إذا كنت عينت محاميا للترافع عنى أقررت بأنى لم أفعل ذلك وسألته عما إذا كان من الضرورى جدا تنصيب محامى سألنى لم أجبته بأنى أرى قضيتى بسيطة غاية البساطة فابتسم قائلا هذه أيضا وجهة نظر بيد أن القانون هنا وإذا لم تكن قد اخترت محاميا فإن المحكمة ستنصب واحدا للترافع عنك "ص75
كما أنه لا يجوز استجواب المتهم فى حالة عدم وجود المحامى إلا إذا رضا المتهم من نفسه بذلك وهم القول فى الفقرة التالية:


"أخبرنى أن محامى بسبب طارىء ما لم يستطع الحضور غير أن لى الحق فى أن لا أجيب عن أسئلته وأن أنتظر حتى يكون باستطاعة محامى الحضور معى أجبته أن يمكننى الإجابة عن أسئلته ص78 بمفردى ضغط على زرا على الطاولة بإصبع واحد عندئذ دخل كاتب شاب واتخذ مجلسه لصق ظهرى تقريبا"ص78

كما أن على المتهم إتباع ما يقوله المحامى حقا أو باطلا كما فى القول:

"بعد ذلك شرع الرئيس ليسألنى هل هذا ما حدث بالفعل وفى كل مرة كنت أجيب أجل سيدى الرئيس متبعا فى ذلك تعليمات المحامى"ص103

وانتقد الرجل نظام المحلفين بالقرعة فى قوله:

"مضافا إليها جهلى بطريقة سير الأمور هنا هى ما جعلنى لا أفهم جيدا كل ما جرى فيما بعد اختيار المحلفين بالقرعة والأسئلة التى طرحها رئيس الجلسة على المحامى والمدعى العام وهيئة المحلفين "ص101

وأيضا قوله:

"وسيتم الأخذ بقرار هيئة المحلفين فى توافق وروح العدالة"ص102

بالقطع نظام المحلفين هو نظام جنونى فالمحلفون ليسوا من رجال القضاء والمطلوب منهم تقرير شىء واحد المتهم مذنب أو غير مذنب وبناء على قولهم ولو كان خاطئا يقرر القاضى الحكم وبالطبع يعتمد الأمر على خداع المدعى العام أو على خداع المحامى فكل منهم يريد الانتصار سواء كان المتهم بريئا أو مذنبا

الأمر لا علاقة له بالقضاء وإنما هو مجرد تنوير المحلفين أو تجهليهم وبالطبع تعدد المحلفين واختلافهم فى الفهم يؤدى لما لا تحمد عقباه فالمحلفون بهذا المر هم قضاة دون ان يدرسوا أو يكون لهم خبرة قضائية

كامو فى رأيى والله أعلم بما كان رأيه يقول أن النظام القضائى الحالى فاشل فهو صراع بين المحامى والمدعى العام ليس من أجل الحقيقة ولكن من أجل نصر وجهة نظر محددة وهو ما عبر عن كامو بالعديد من الفقرات مثل:

"بيد أن المدعى انتصب من جديد وتلفع بثوبه ثم قال إن المرء لينبغى أن يؤتى بساطة طبع المحامى الفاضل حتى لا يتلمس ما يجمع بين الأمرين علاقة عميقة ومؤثرة وجوهرية ثم أضاف بصوت عال أجل ص112 إنى أتهم هذا الرجل بدفن أمه بقلب مجرم وبدا وقع هذا التصريح كبيرا على الحضور"ص113

فهنا المدعى العام يريد عقاب الرجل مع أنه يذكر حججا لا علاقة لها بالقضية كحجة عقوق الأم وأما المحامى فهو يريد له الحكم المخفف فى قوله:

"لقد كان المحامى يرفع يده ليترافع عن كونى مذنبا لكن مع التماس العذر لى وكان المدعى العام يبسط يديه ليعلن أنى مذنب"ص114

صراع المدعى العام والمحامى هو ما يفسد عمل القضاء هو ونظام المحلفين هنا فالمفترض فى النظام القاضى هو البحث فى الحقيقة وليس الصراع لإصدار حكم عادل

المحاماة مهنة طبقا للنظم القضائية الحالية مهنة فاشلة تعتمد على الاسترزاق من المتهمين وأصحاب الحقوق ومن ثم فالكثير منهم يقوم بإفساد العدل للحصول على الرزق ومن ثم لا يمكن أن يكون المحامى المعتمد فى رزقه على المتهمين أو على أهل الحقوق ركنا فى العدل ومن ثم لو كان موظفا فى القضاء له راتب يكفيه وأسرته فسيكون هذا أدعى للعدل

كما أن نظام تعيين محامى لمن لا يقدر أو لم يعين محامى هو نظام فاشل فى النظم القضائية لأنه المحامى المعين لن يبذل نفس الجهد الذى يبذله المحامى الذى يتقاضى أجرا من المتهم لأنه يعرف أنه سيحصل فى النهاية على شىء قليل سواء نجح أو فشل فى الدفاع

وتناول الرجل تفسير القاضى للحادثة فاعتبر أن عدم اطلاق النار مدة بعد الطلقة الأولى هو إصرار وترصد وهو ما عبرت عنه الفقرة التالية:

سألنى القاضى إذا ما كنت قد أطلقت الطلقات الخمس تباعا فكرت ثم قلت إنى أطلقت رصاصة واحدة فى البداية ثم بعد ذلك بلحظات أطلقت الأربع الباقية سألنى عندئذ ولم انتظرت مدة بين الطلقة الأولى والطلقات الباقية ومرة أخرى لاح لى البحر الأحمر وشعرت بلهيب الشمس فوق جبينى بيد أنى لم أقل شيئا هذه المرة "ص80

وأيضا الفقرة الآتية:

"ما فهمته تقريبا منه هو أن ثمة نقطة سوداء فى اعترافى كونى انتظرت برهة قبل أن أطلق الرصاصات التالية من مسدسى أما فيما عدا ذلك فالأمور جيدة"ص81

كما أن اعتراف المتهم بكون سبب الإطلاق الثانى أخذ على أنه جنون يثير الضحك فى قول كامو:

" قلت بشىء من الارتجال فى الواقع إنى ما كنت أنوى قتل العربى أجابنى الرئيس بأن كلامى ينطوى على إقرار بالجريمة ....فأجبت بسرعة وأنا أخلط الكلمات قليلا وأعى مدى سخافتى أن الأمر حدث بسبب الشمس سمعت ضحكات فى القاعة"ص119

المثير فى تناول قضية القتل أنه لا يوجد شهود على ما حدث من عراك وبدلا من البحث عن شهود العراك وكيف تمت الحادثة تم الحكم بناء على الاعتراف ولم يتم استدعاء العرب الآخرين ولا من كانوا على الشاطىء سوى رايمون والصديق الأخر

كما أن القاضى استنتج سبق الإصرار والترصد من الفارق الزمنى بين الطلقة الأولى والطلقات الأربع الأخرى وهو استنتاج خاطىء فى كثير من الأحيان فالطلقات الأخيرة غالبا ما تصدر بدافع الخوف

يبدو أن كامو يجهل النظام القضائى الإسلامى فهو كان يبحث عن فرصة للمتهم من بين ألف وهو قوله :

" وفى لحظات أخرى على سبيل الذكر كنت أشتغل على مشاريع قوانين كنت أصلح قوانين العقوبات وكنت قد لاحظت أن الجوهرى فى العملية هو منح المحكوم فرصة واحدة من ألف لتكفى لتنتظم الأمور"ص128

وهو ما يوفره الإسلام فى قضايا القتل من خلال حكم عفو أهل القتيل عن القاتل وهو قوله تعالى :

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ"

ومن ثم فنظامنا القضائى ونظام فرنسا وغيره هى أنظمة قضائية فاشلة وبدلا من البحث الغربى عن إلغاء عقوبة الإعدام عليهم أن يبحثوا عن نظام العفو فى القتل

وقد انتقد الرجل النظام القضائى فى السجون بمنع زيارة غير الأقارب فى قوله:

"فمنذ اليوم الذى تلقيت منها رسالة كانت تقول إنهم لن يسمحوا لها بزيارتى بعد لأنها لم تكن زوجتى"ص85

وهو أمر جنونى فالإنسان لا يعيش مع أقاربه وحدهم فهناك الأصدقاء والجيران وزملاء العمل

كما بين نظام التعامل مع المتهم بتقييده لحين حضور القاضى وإدخاله ما يسمونه قفص الإتهام فى قوله ك

"بعد برهة قصيرة ترددت رنة صغيرة فى القاعة حينئذ فكوا أصفادى وفتحوا الباب ثم ادخلونى قفص الاتهام"ص98

وبالقطع هذه معاملة مهينة للإنسان فالنظام فى الإسلام لا يسمح بتقييد المتهم ولا إجلاسه فى قفص الاتهام وإنما يجلس كما يجلس فى بيته حرا وحتى حكم السجن الذى نسخ لم يكن سجنا يبنى له مبنى وعليه حراس ويكلف الدولة مالا لإطعام السجين وعلفه وإنما سجن داخل بيت المحكوم عليه وهو قوله تعالى :

"وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً"

وقد ألغى حكم الحبس نهائيا فى الإسلام بالعقوبة الآنية التى تنفذ فى لحظة وينتهى الأمر

"ثم همس ما رأيت قط روحا أشد قسوة من روحك كل المجرمين الذين عرضوا على بكوا أمام صورة الألم هذه"ص82

وأما حكاية سؤال المتهم أو المذنب عن ندمه على فعلته وهو ما فعله اقاضى التحقيقات فى قول كامو:

"واكتفى بأن سألنى وعلى وجهه ص81 سيماء التعب نفسها إذا ما كنت نادما على ما اقترفت يدى رويت قليلا ثم قلت إنى عوض الشعور بندم ندم حقيقى أشعر بشىء من الانزعاج بدا لى أنه لم يفهم قصدى "ص83

وأيضا هو ما حاول قاضى المحكمة أن يستشفه من مورسو وهو قول كامو:

"وددت لو أشرح له بود لا بل بشىء من العطف أنى ما أسفت يوما لشىء حق الأسف كنت دوما مأخوذا بما سوف يحدث مأخوذا بيومى أو غدى "ص117

ويبدو أن عدم الفهم كان حائلا بين القضاة وبين فهم المتهم

وفى إطار انتقاد كامو للنظام القضائى انتقد حكاية القس -وقد عدلوا فى القانون فيما بعد فأضافوا الشيخ – ووجوب زيارته للمحكوم عليه بالإعدام فقال :

"للمرة الثالثة أرفض استقبال القس ليس لدى ما قوله له ليست بى رغبة فى الكلام قريبا سيراه بما يكفى إن ما يهمنى اللحظة هو أن أفلت من النظام الآلى"ًص125

فقد اعتبر زيارة القس أمر آلى أى روتينى

وتناول كامو فى الحكاية العلاقة مع العرب فالقضية التى تدور حولها الحكاية هى قضية قتل عربى وتبين الفقرات التالية سير أحداث القتل :

رايمون صديق مورسو حكى له أن اخو عشيقته يتعقبه وهو قوله :

" ينوى إخطارى به فقد تعقبته طيلة النهار زمرة من العرب وكان بينهم أخ عشيقته إذا ما لمحته نبهنى قلت له على فهمت"ص51

وقد تابعت زمة العرب رفقة مورسو ورايمونوهو قوله:

"شهدت جماعة من العرب مستندين إلى واجهة مكتب التبغ كانوا يحدقون فينا ولكن بطريقتهم الخاصة يحدقون فينا وكأنما لا نعدو أن نكون أحجارا أو أشجارا ميتة قال لى رايمون بأن الثانى من جهة اليسار هو خصمه"ص59

واستمرت المتابعة:

"قصدنا محطة الباص التى كانت بعيدة قليلا ونبهنى رايمون على أن العرب ما عادوا يقتفون أثرنا التفت كانوا ما يزالون هناك فى ص59 المكان نفسه وكان ينظرون باللامبالاة نفسها إلى المكان الذى تركناه لتونا"ص60

واستمرت :

"لمحت فى الآن نفسه عند طرف الشاطىء وبعيدا منا عربيين يرتدين بزة الوقاد وكانا آتيين شطرنا نظرت إلى رايمون قال لى إنه هو وتابعنا سيرنا تساءل ماسون كيف استطاعا ملاحقتنا حتى هنا خمنت أنهما قد رأيانا نركب الباص حاملين حقيبة الاصطياف لكنى لم أقل شيئا"ص65

وأيضا:

" كان العربيان يتقدمان على مهل وكانا قد صارا قريبين أكثر لم تغير سرعتنا لكن رايمون قال إذا ما حدث عراك ستتكفل أنت يا ماسون بالرجل الأخر بينما أتكفل أنا بخصمى أما أنت يا مورسو فعليك بأخر إذا حضر قلت حسنا"ص65

وكانت أحداث العراك الأول :

"وثب ماسون وثبة إلى الأمام لكن العربى الأخر كان قد نهض واحتمى خلف رفيقه المسلح لم نجرؤ على التقدم وتراجعا ببطء وإذا ألفيا نفسيهما على مسافة كافية منا لاذا بالفرار "ص65

ثم الهدنة :

"خلف صخرة عظيمة وهناك صادفنا العربيين وكانا مستلقيين ببزتيهما الدبقتين كانا يبدوان هادئين وشبه مسرورين"ص67

ثم أحداث العراك الذى أثمر قضية القتل فى الفقرة:

"وفى اللحظة نفسها سال العرق المتجمع عند حاجبى دفعة واحدة على جفنى وغطاهما بحجاب دافىء وسميك وعميت عيناى خلف ستار الدموع والملح وما عدت أحس غير صنوج الشمس فوق جبينى وغير ذاك البريق الذى لا أكاد أميزه بريق حد المدية المشهرة أمامى كان ذلك السيف الملتهب يقضم جفنى ويخترق عينى المتألمتين وآنذاك ترنح كل شىء زفر البحر لفحة كثيفة حرى ص71 وخيل إلى أن الشمس قد انفتحت على مصراعيها لترسل مطرا من نار توتر كيانى كله وشدت يدى على المسدس انفلت الزناد ولا مست سبابتى عقب المسدس الخشبى الصقيل وإذ ذاك فى غمرة الصوت الجاف والمصم فى الآن نفسه ابتدأ كل شىء نفضت عنى العرق والشمس وأيقنت أنى قد دمرت توازن النهار وأتلفت الصمت الاستثنائى الذى كان ينعم به شاطىء كنت سعيدا فيه عندئذ أطلقت أربع طلقات أخرى فى جسد ساكن جسد كانت تخترقه الرصاصات دون أن يظهر عليها أثرها "ص72

كامو هنا لا يتناول العرب بمدح أو ذم ولكنه لم يذكر أن حكاية عشق العربية لفرنسى هى جريمة شرف وأنها قد تثير حربا أو فتنة لا يريدها المحتل الفرنسى للجزائر ولكنه مدح العرب فى الفقرة التالية :

" فى أول أيام توقيفى تم حبسى داخل غرفة تحضن أصلا العديد من المعتقلين وكان أغلبهم عربا وضحكوا إذ رأونى ثم سألونى عما اقترفته أخبرتهم أنى قتلت عربيا فظلوا صامتين لكن بعد ذلك بمدة أرخى الليل سدوله فشرحوا لى كيف ينبغى أن أرتب الحصيرة التى سأنام عليها فبطى أحد طرفى الحصيرة يمكن أن نصنع ص85 وسادة "ص86

فهو هنا جعلهم يقومون بتقديم النصح والمساعدة لقاتل واحد منهم اعترف أمامهم بقتله

وهو يصف أن السجن أكثر المساجين فيه عرب وهم يحبون جلوس القرفصاء فى زيارات السجن فى قوله:

"أغلب المساجين العرب وذويهم كانوا يجلسون القرفصاء متقابلين وهؤلاء ما كانوا يصرخون وبالرغم من الجلبة كانوا يتمكنون من التفاهم إذا يتكلمون بصوت خفيض "ص87

وهو يبين العادات المتبعة فى السجون من خلال تفتيش السلال أو الحقائب وكأنى به يقول أن معظم الشرطة يقومون بأخذ الكثير من طعام وشراب المساجين عند تفتيشه ولذا أوصت المرأة زوجها بأن يعرف ما أخذ من السلة فى قوله :

"بيد أن المرأة الأخرى كانت تصرخ من جانبها وتقول إنها تركت سلة فى مكتب الضبط وبدأت تعدد كل ما وضعته فى سلتها وأوصت زوجها بالتأكد من وجود كل تلك الأشياء لأن ثمنها باهظ"ص89

وفى الجزء الخير روى كامو مشاعر المحكوم عليه بالاعدام وهو الخوف والقلق من إتيان القوم لاصطحابه لغرفة الإعدام وقد وصف خوفه فى عدة فقرات منها:

"كنت أعلم أنهم يأتون فجرا وفى المحصلة شغلت ليالى بانتظار هذا الفجر لم أحب يوما أن أفاجأ عندما يحصل لى شىء أفضل أن أكون حاضرا متيقظا لهذا فضلت ألا أنام إلا قليلا من نهارى أما ليالى فكنت أنفقها بصبر فى انتظار انبثاق النور على صفحة السماء"ص130

"فقد كان بالإمكان أن أسمع وقع خطا فينفجر قلبى على الرغم من أنى عند لأقل صرير كنت أقفز لألتصق بالباب وبالرغم من أنى كنت ألصق أذنى بحشيه مترصدا بجنون "ص131

ويقدم مورسو خبرته وهى أن الحياة لا تستحق أن تعاش وهو قوله:

"لكن الجميع يعلم أن الحياة لا تستحق أن تعاش "ص131

وهو ما يعيدنا لقصيدة المعرى فى قولها:

تعب هى الحياة كلها = فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد

وبالقطع ما جاء فى الحكاية من حرصه على التمتع بالنساء والسباحة وغير ذلك يؤكد عكس ذلك فحياة منكر الله متناقضة




 
أعلى