قصة قصيرة خورخي لويس بورخيس - بحث ابن رشد - ت: ادريس الجبروني المصمودي

بورخيس.jpg


كان أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد (لقد تأخر هذا الإسم الطويل قرنا من الزمن ليصبح Averroés، مرورا بـ Benraist وبـ Avenryz وبـ Aven Rassad و Filius Rosadis) يكتب الباب الحادي عشر من كتابه "تهافت التهافت" الذي يقف فيه ضد المتصوف الغزالي صاحب كتاب "تهافت الفلاسفة" وبرهن ردا عليه بأن الذات الإلهية تعلم القوانين العامة للكون، ما يتعلق بالأنواع لا بالأفراد. كان يكتب بأمان بطيء من اليمين إلى اليسار، ولم يكن تمرين القياسات المنطقية ولا وصل للفقرات الطويلة يمنعه من أن يحس، وكأن المسألة هي سعادة عنده، وهو بمنزلة البارد العميق، وفي عمق القيلولة يهدل الحمام المغروم ومن فناء لا مرئي يرتفع هدير فسيقية، شيء ما في لحم ابن رشد، الذي لا ينقطع تدفقه، وفي الأسفل توجد البساتين قرب الوادي الكبير المنهمر وبعده توجد قرطبة الحبيبة التي لا تقل صفاء عن بغداد أو القاهرة، قرطبة الشبيهة بأداة معقدة ورقيقة كان ابن رشد يحس بهذا كله، ومن حوله تمتد تخوم أرض إسبانيا، التي توجد بها أشياء قليلة، ولكن حيث أن كل شيء يبدو في شكل حقيقي وأبدي.

القلم يسرع على الورقة، والبراهين مترابطة وغير قابلة للدحض إلا أن شيئا ما كدر سعادة ابن رشد، لم يكن السبب في ذلك كتاب "التهافت" لأنه عمل عرضي، بل مشكل من نوع لغوي مرتبط بالكتاب العظيم، الذي سيعلله أمام الناس، أي تعليق وشرح أرسطو، هذا الإغريقي الموهوب للناس والذي هو مصدر كل فلسفة، جاء ليعلمهم كل ما يمكن تعلمه، وكان هدف ابن رشد الصعب التحقيق هو تفسير وشرح كتبه مثلما يشرح العلماء القرآن الكريم، إن التاريخ سيسجل أشياء قليلة في جمالها وشدة تأثيرها تضاهي العمل الذي قام به طبيب وفيلسوف عربي في شرحه لأفكار رجل تفصله عنه أربعة عشر قرنا، بالإضافة إلى هذه الصعوبة الأساسية هي أن ابن رشد كان يجهل السريانية واليونانية كان يشتغل في كتابه لترجمة عن ترجمة، بالأمس وقف عند كلمتين مريبتين في بداية كتاب "الشعر" وهما "تراجيديا وكوميديا". لقد وجدهما سنوات من قبل في الكتاب الثالث من "البلاغة"، لم يسبق لأحد في نطاق الإسلام خمن معناهما، وبدون جدوى، أتعب صفحات كتاب الإسكندر الأفروديسي، وبدون جدوى، قارن بين الترجمتين اللتين قام بهما النسطوري حنين بن إسحاق وأبو بشر متى، والكلمتان اللغزان تتررددان في كتاب الشعر يستحيل تلافيهما.

ترك ابن رشد القلم، وقال لنفسه (دون ثقة كبيرة) بأن ما نبحث عنه يكون عادة قريبا منا، خبأ مخطوط التهافت، واتجه نحو الخزانة حيث تصطف مجلدات كثيرة من كتاب "المحكم" للأعمى ابن سيدة منسوخة بأقلام خطاطين فرس، سيكون من باب الخداع أن نتخيل بأن ابن رشد لم يراجعها من قبل ولكن استهوته الآن لذة ورجع إلى تصفحها من جديد، وسمع صوتا رخيما نظر من الشرفة، فرأى في الفناء الأرضي الضيق بعض الأطفال الأرضي الضيق بعض الأطفال يلعبون شبه عراة، كان أحدهم، واقفا على كتفي آخر، يمثل المؤذن بصورة بارزة : عيناه مغمضتان جيدا، وهو يتلو "لا إله إلا الله" أما الصبي الذي كان يحمله ولا يتحرك فكان يمثل الصومعة. وكان الآخر راكعا على ركبتيه في الغبار، يمثل جماعة المؤمنين. استمر اللعب وقتا قليلا، فقد كان كلهم يريد أن يكون المصلين أو الصومعة، سمعهم ابن رشد يتشاجرون ويتعاركون في لهجة بريئة، يمكن القول إنها الإسبانية البدائية التي يتكلم بها عوام المسلمين في إسبانيا. فتح ابن رشد كتاب "العين" للخليل، وفكر بكبرياء أنه لا توجد بقرطبة (وربما الأندلس كله) نسخة أخرى من هذا المؤلف الكامل الذي أرسله إليه من مدينة طنجة الأمير يعقوب المنصور. ذكره اسم هذا الميناء بأن الرحالة أبا القاسم الأشعري، الذي جاء من المغرب سيتناول في حضرته طعام العشاء هذه الليلة في بيت فرج عالم القرآن. يقول أبو القاسم إنه بلغ مهالك امبراطورية الصين، ويقسم المشنعون، استنادا على ذلك المنطق الذي يتولد عنه الحقد أنه لم يصل أرض الصين أبدا. إن الاجتماع سيستغرق ساعات لا محالة ولهذا رجع ابن رشد إلى كتابة "التهافت" معجلا. وظل يعمل إلى حين الغروب.

انتقل الحوار، في منزل فرج، من فضائل الحاكم الفريدة، إلى مزايا أخيه الأمير، وبعد ذلك تحدثوا وهم في الحديقة عن الزهور فأقسم أبو القاسم، الذي لم يكن رآها قط، أنه لا توجد زهور تضاهي الزهور التي توجد بالحدائق الأندلسية. لم يترك فرج لنفسه فرصة الاغتباط، فرأى بأن الفقيه ابن قتيبة قد وصف أشكالا وأنواعا من الوردة الدائمة التي تنمو في حدائق الهندوستان، والتي تعرض وريقاتها ذات الحمرة الشديدة، مكتوبا عليها "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" مضيفا بأن أبا القاسم يعرف هذه الزهور دون شك. نظر إليه أبو القاسم هلعا. إذا أجاب بنعم، اعتبره الجميع، عن حق، من أكثر الدجالين بروزا ومصادفة وإن كان النفي جوابه اعتبروه كافرا. واختار أن يغمغم بأن سيد الكون يملك مفاتيح الغيب وأنه لا يوجد شيء في الأرض، أخضر أو يابس لم يسجل في كتابه، تنتمي هذه الجمل إلى إحدى أوائل السور ولذا قوبلت بهمهمة إجلال، وقرر أبو القاسم، مفتخرا بهذا النصر في الجدال، أن يتلفظ بأن الله كامل في أعماله متعذر التخمين، فصرح ابن رشد عندئذ، مستبقا العلل القاصية لــ (هليوم) الذي كان لا يزال بعد طي الإبهام.

- قد أقبل دون مشقة تذكر، بوقوع الفقيه ابن قتيبة أو نساخه في الخطأ، ولا أقبل إلا بمشقة أن تعطي الأرض زهورا تعلن أسماءها.

- صدقت، إنها كلمات عظيمة وحقيقية.

وذكر الشاعر عبد الملك.

- تحدث أحد الرحالة عن شجرة ثمارها طيور خضر ولست أجد في الاعتقاد بما يقول مقدار المشقة التي أجدها في الاعتقاد بزهور ذات أحرف.

قال ابن رشد :

- يبدو لي أن لون الطيور يسهل الأعجوبة، بالإضافة إلى أن الثمار والطيور تنتميان إلى عالم الطبيعة. أما الكتابة فهي فن. والانتقال من الأوراق إلى الطيور أسهل من الانتقال من الزهور إلى الحروف.

ونفى ضيف آخر بغضب، أن تكون الكتابة فنا، إذ أن أصل القرآن – أم الكتاب – سابقا على الخلق ومحفوظا في السماء. وتكلم آخر عن الجاحظ البصري الذي قال إن القرآن ماهية يمكن أن تتشكل في صورة إنسان أو صورة حيوان، وهذا الرأي يوافق رأي الذين ينسبون إليه وجهين. وقام فرج بتقديم عرض مستفيض عن المذهب السني، فقال إن القرآن هو صفة من صفات الله مثل رحمته، ينسخ في كتاب ويقرأ باللسان ويذكر بالقلب؛ أما اللغة والعلامات والكتابة فهي من عمل الإنسان. أما القرآن فهو قطعي خالد. وبإمكان ابن رشد الذي فسر وشرح كتاب "الجمهورية" أن يقول إن أم الكتاب شيء من قبيل نموذجه الأفلاطوني. ولكنه لاحظ أن علم، اللاهوت لم يكن في متناول أبي القاسم.

وتنبه آخرون إلى ذلك أيضا، فطلبوا من أبي القاسم أن يحكي لهم عن معجزة ما، وعندئذ، كما هو الشأن اليوم، كان العالم فظيعا، بإمكان الجسراء السير فيه وأيضا البؤساء الذين يستطيعون ترويض أنفسهم لكل شيء. إن ذاكرة أبي القاسم كانت عبارة عن مرآة لجين خاص، فماذا عساه أن يحكي؟ بالإضافة إلى أنهم طلبوا منه، فضلا عن ذلك، الأعاجيب، والأعجوبة ليست قابلة للتبليغ، فقمر بلاد البنغال لا يشبه قمر اليمن، ولكن سمح أن يطلق عليه نفس الاسم. ارتبك أبو القاسم، ثم قال :

- إن من يسافر في المناخ والمدن يرى أمورا كثيرة تستحق التصديق، رويت هذه الأعجوبة ذات مرة لملك الترك.

حدثت في مدينة "كانطون" بالصين، حيث يندلق نهر ماء الحياة في البحر. وسأل فرج ما إذا كانت المدينة تبعد أميالا عديدة عن السور الذي بناه الإسكندر ذو القرنين لإيقاف يأجوج ومأجوج، فرد أبو القاسم بكبرياء غير إرادية.

- تفصل بينهما صحاري، وتستغرق القافلة أربعين يوما لتلمح صوامعها وتستغرق قدر ذلك لبلوغها، ولم أعرف إنسانا في صين كلان أنه رآها أو رأى من رآها.

وفكر ابن رشد، لحظة خوف لا نهاية له، ومن محض المكان ومحض المادة، ألقى نظرة إلى الحديقة الجميلة الهيئة فأدرك أنه شاخ ولم يعد نافعا.

- قال أبو القاسم :

-ذهبت ذات مساء بصحبة تجار مسلمين من صين كلان إلى بيت من خشب ملون. يعيش فيه قوم عديدون، يستحيل وصف هيئة ذلك البيت الذي كان على وجه التقريب حجرة واحدة ذات صفوف من خشب أو شرفات بعضها فوق بعض، وكان في هذه الثغرات قوم يأكلون ويشربون وآخرون مثلهم على الأرض، ومثلهم في الساحة، وكان أشخاص في هذه الساحة يدقون على الطبل ويعزفون العود، سوى خمسة عشر منهم أو عشرين (على وجوههم أقنعة قرمزية) يصلون وينشدون يعانون الأسر، ولا من رأى سجنا، ويمتطون الفرس فلا يبصر الفرس ويتقاتلون بسيوف من قصب، يموتون ثم ينهضون قياما بعد ذلك.

قال فرج :

- إن أفعال الحمقى تتجاوز توقعات الإنسان العاقل.

فكان على أبي القاسم أن يوضح:

- لم يكونوا حمقى، بل كانوا يمثلون قصة.

لم يرد أحد أن يفهمه، ولم يفهم أحد مراده، فانتقل أبو القاسم من الحكاية المروية إلى العلل الخائبة، وقد ارتج عليه الأمر، قال شارحا باليدين :

-لنفرض أن أشخاصا قدم قصة بدل أن يرويها، ولتكن القصة، قصة نوم أفسوس، نراهم ينسحبون إلى الكهف، يصلون وينامون، نراهم يستفيقون بعد مرور تسع وثلاثمائة عام، نراهم يدفعون للبائع قطعة نقود قديمة، نراهم يستيقظون في الجنة، نراهم يستيقظون صحبة الكلب.

وسأل فرج :

- وهل يتحدث أولئك الأشخاص؟.

فأجاب أبو القاسم، وقد تحول إلى مدافع عن قصة لا يتذكرها إلا لماما.

- طبعا يتحدثون ! ويلقون خطبا.

قال فرج :

- في هذه الحالة، لا يتطلب الأمر عشرين شخصا، فمتحدث واحد يمكن أن يحكي كل شيء، مهما بلغ من التعقيد.

وافق واستحسن الجميع هذا الرأي، وأطريت فضائل اللغة العربية التي هي اللغة التي خاطب بها الله الملائكة، وفيما بعد فضائل شعر العرب، وبعد أن تفحص عبد الملك هذا الشعر، ما ينبغي، وصفه بالقدم الشعراء الذين كانوا في دمشق أو قرطبة، يتمسكون بمشاهد رعوية، ومعجم بدوي قائلا إنه من العبث أن يحتفل رجل بماء بئر والوادي الكبير يمتد أمام ناظريه، ودعا إلى تجديد المجازات القديمة قائلا إن زهيرا عندما شبه القدر بناقة عشواء. فإن هذه الصورة البلاغية أدهشت الناس في الحين، غير أن مرور خمسة قرون من الإعجاب ابتذلتها. وافق الجميع على هذا الرأي، لذا استمعوا إليه جيدا، عدة مرات ومن أفواه كثيرة، في تلك اللحظة.

كان ابن رشد صامتا. وأخيرا خاطب نفسه أكثر من غيره.

-ذات مرة دافعت بحجج من نفس الجبلة، عن المسألة التي يؤيدها عبد الملك. يقال في الإسكندرية إن المعصوم عن الزلل هو من زل وتاب، ولكي نتحرر من خطأ فمن اللائق أن نعترف به، يقول زهير في معلقته إنه رأى القدر، خلال انصرام ثمانين حولا من الألم والمجد. يصطدم مرارا فجأة بأناس مثلما تخبط ناقة عشواء، ويعتقد عبد الملك بأن هذه الصورة لم يعد بإمكانها أن تثير دهشة أحد.

بإمكاني أن أجيب عن هذا الرأي بأمور عدة : أولا، إذا كان قصد القصيدة، إثارة الاستغراب والدهشة فزمنها لا يقاس بالقرون وإنما بالأيام والساعات وحتى الدقائق. والأمر الثاني هو أن هذا الذائع الصيت مكتشف أكثر مما هو مخترع. وبغية مدح ابن شرف ألبرجي، قيل وكرر إنه استطاع وحده أن يتخيل النجوم في الفجر تتساقط مهلا كأوراق الأشجار، وإن كان صحيحا، يبرهن على أن الصورة مبتذلة، إن الصورة التي يستطيع إنسان تشكيلها هي تلك، التي لا تؤثر في أحد.

هناك أشياء على الأرض لا تحصى. إن تشبيه النجوم بالأوراق أقل تعسفا من تشبيهها بأسماك أو طيور. وعكس ذلك فإن أحدا لا يمكنه أن يشعر بأن القدر قوي، شارد اللب، ولا إنساني. وبهذه القناعة – التي يمكن أن تكون عابرة، لكن لا أحد يستطيع تلافيها – ومثل بيت زهير، لن يقال أفضل منه، بالإضافة إلى ذلك (وربما هذا هو جوهر تفكيري) أن الزمن الذي يرشي القصور، يغني الشعر، إن زهير الذي صاغ هذا البيت في جزيرة العرب أراد منه مقابلة بين صورتين هما صورة الناقة العجوز وصورة القدر، كان للصورة البلاغية طرفان فأصبح لها اليوم أربعة أطراف. إن الزمن يثري الشعر، مثل الموسيقى هي من الأشياء المشتركة بين كافة الناس، حينما تذكرت وأنا بمراكش كنت أردد البيت الذي قاله عبد الرحمن بحدائق الرصافة، نخلة إفريقيا :

نشأت بأرض أنت فيها غريبة. = فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي.

إنها فائدة شعرية منقطعة النظير : إن الكلمات التي قالها أمير مشتاق إلى الشرق فيها فائدة لي، أنا المبعد في أفريقيا، للتعبير عن حنيني إلى الأندلس وتكلم ابن رشد، بعد ذلك عن الشعراء الأوائل، الذين قالوا في عصر الجاهلية كل شيء بواسطة لغة الصحراء، وبما أن ترهات ابن شرف أزعجته. فقد قال إن الشعر كله اختصر في القدماء وفي القرآن الكريم. وأدان كل محاولة في التجديد بالجهل والغرور. استمع إليه الجميع بسرور لأنه انتقم للقديم.

كان المؤذن ينادي لصلاة الفجر حين عاد ابن رشد إلى مكتبته. إن أمرا كشف له عن معنى الكلمتين الغامضتين، فكتب بخط ثابت وبعناية كبيرة : "يسمي أرسطو قصائد المدح تراجيديا وقصائد الهجاء كوميديا. وصفحات القرآن ومعلقات الكعبة مليئة بتراجيديات وكوميديات رائعة".

غلبه النوم، وشعر ببعض البرودة، وعندما فسخ العمامة، نظر إلى نفسه في مرآة من معدن. لا أدري ما أبصرت عيناه لأن أحدا لم يصف ملامحه في كتب التاريخ. وما أعرف هو أنه اختفى فجأة، واختفى معه المنزل وفسقية الماء والكتب والمخطوطات والماء والإماء الكثيرات ذوات الشعر الأسود والأمة المذعورة ذات الشعر الأحمر وفرج وأبو القاسم والورود والطيور وحتى الوادي الكبير أيضا.

أردت في القصة السالفة أن أحكي مسلسل هزيمة. فكرت أولا في رئيس أساقفة "كانتر بري" الذي اقترح البرهنة على أن هناك إلها واحدا ثم فكرت في خيميائيي العصر الوسيط الذين كانوا ينشدون الحجرة الفلسفية ثم فكرت في قطع الزوايا الثلاثية الباطلة، ومقومي الدائرة. وفكرت، بعد ذلك أن الأكثر شاعرية حالة رجل عين لنفسه غابة لم تحظر على غيره، لكنها حظرت عليه هو، تذكرت ابن رشد الذي لم يستطع مطلقا، أن يدرك معنى كلمتي تراجيديا وكوميديا، حكيت الحدث وفيما كنت أتقدم شعرت بما يحتمل أن يكون ذلك الإله الذي ذكره "بورتن" قد شعر به إذ عين لنفسه أن يخلق ثورا فخلق جاموسة. شعرت أن ابن رشد حينما أراد أن يتخيل ما هي المسرحية دون أن يرتاب في ما هو المسرح لم يكن أكثر عبثا مني أنا الذي أريد تخيل ابن رشد دون أن تكون لدي مادة عنه ما عدا ذلك الشيء القليل الذي عثرت عليه عند "رينان" و "لين" و "أسين بالاثيوس" إن قصتي كانت رمزا للرجل الذي كنته حينما كنت بصدد كتابتها، كان علي أن أكون ذلك الرجل، ولكي أكونه كان علي أن أملي تلك القصة، وهكذا إلى ما لا نهاية... في اللحظة يختفي ابن رشد ...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- عن المجموعة القصصية :الالف
Jorge L. Borges
EL Aleph
Editorial E.M.C.E
Buenos Aires 1969
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى