قصة ايروتيكية إيزابيل الليندي - أنا والجنس … ت: عبد الله توتي

1
بدأت حياتي الجنسية مبكرا، على أقل تقدير عند سن الخامسة، حيث كان ذلك في حديقة الراهبات، المتواجدة في مدينة سانتياغو الشيلية. أعتقد أنه إلى ذلك الحين ظهرت عليّ حاشية البراءة، لكن دون أن تكون لدي ذكريات ذلك العمر الأولي السابق للجنس. كمنت تجربتي الأولى في تذوقي صدفة دمية بلاستيكية صغيرة. ـ سينمو بداخلك وتصبحين متكورة ثم يولد لك طفل فيما بعد.ـ هكذا فسرت لي صديقتي المفضلة، حيث انتهت أمها من وضع أخ صغير لها. ابن!. كان آخر ما أتمناه تتابعت الأيام الفظيعة وأصبت بالحمى وفقدت شهية الأكل و تقيأت. أكدت صديقتي بتشابه أعراضي بأعراض أمها. في الأخير أرغمتني راهبة على الاعتراف بالحقيقة.ـ أنا حامل ـ أضفت لاهثة. رأيت نفسي مشدودة من معصمي، محمولة في الهواء إلى مكتب الراهبة الكبيرة (الأم الكبيرة). وهكذا بدأ رعبي من الدمى وفضولي إلى هذه القضية الغامضة التي لا يمكن نطق اسمها الوحيد: الجنس. أنا وفتيات جيلي نخلو من الغريزة الجنسية، هذا ما أكده مستر جونسون فيما بعد بكثير. فقط الرجال هم من يعانون من هذا السوء الذي يمكن أن يقودهم إلى الجحيم ويجعل منهم بعض الفاونو(1) الفعالين في مجمل حياتهم كلها. عندما تقوم إحداهن بطرح سؤال خشن، يكون هناك نوعان من الإجابة، حسب الراهبة. التفسير التقليدي كان لقلاقا آت من باريس أما التفسير العصري فكان فوق الورد والنحل. أمي كانت عصرية، لكن العلاقة المتواجدة في بطني بين اللقاح والدمية تبدو لي أقل وضوحا. حضَّروني في سن السابعة من أجل عشاء رباني أول. كان علي الاعتراف قبل استلام الذبيحة. أخذوني إلى

الكنيسة لأجلس على ركبتي خلف ستار مخملي أسود وحاولت أن أتذكر لائحة أخطائي لكنها تناست لي جميعها. في وسط الظلمة ورائحة البخور أسمع صوتا ذا لكنة كليسية. ـ هل لمست جسمك بكلتا يديك؟ ـ نعم أيها الأب. ـ متى يا ابنتي؟ ـ كل يوم… ـ كل يوم! هذه خطيئة خطيرة في وجه الله، الطهارة هي الفضيلة الكبرى التي تميز طفلة ما، عليك الوعد بعدم الاستمرار في فعل ذلك! وعدت، واضح، بالرغم من أنني لا أعرف كيف أغسل وجهي أو أن أنظف أسناني دون أن ألمس جسمي بكلتا يدي. ولدت في عالم الجنوب خلال الحرب العالمية الثانية، في حضن أسرة محررة ومثقفة في بعض الجوانب، بدائية تقريبا في جوانب أخرى. ترعرعت في منزل أجدادي الخارق للعادة حيث الأشباح تائهة مستنجدة من طرف جدتي بمائدتها ذات الأرجل الثلاثة. كان يعيش هناك رجلان عازبان، شيئا ما غريبي الأطوار، ككل أعضاء عائلتي تقريبا. واحد منهم كان قد سافر إلى بلاد الهنود وحدث أن ابتلي بقضايا الفقراء، يمشي فقط بلباس الزنوج ناشدا عن ظهر قلب أسماء الله السنسكريتية التسعمائة والتسعة والتسعين. أما الآخر فقد كان شخصا محبوبا، مسويا شعره ككارلوس كارديل، محبا للقراءة. كان المنزل مليئا بالكتب، مكومة في كل مكان، تتكاثر أمام أعيننا وتنمو كزهرة لا تنهزم. وهكذا قرأت للمركيس دي ساد، لأنه لا أحد يراقب أو يوجه قراءاتي، لكني أعتقد أنه كان نصا متقدما على سني حيث الكاتب يخوض في أشياء حكيمة كنت أجهلها كلية، إذ تنقصني المصادر الأساسية. كان عمي الفقير الرجل الوحيد الذي رأيته عاريا إذ كان آنذاك جالسا في الممر يراقب القمر فأحسست بي شيئا ما مغبونة بهذا الذيل الصغير الذي يمكنه الدخول بارتياح في علبة أقلامي الملونة. أهو تواق إلى هذا؟ 2 في سن الحادية عشرة انتقلت للعيش في بوليبيا. تزوجت أمي دبلوماسيا ذا أفكار متقدمة وأدخلني إلى مدرسة مختلطة. تخلفت شهورا لاعتيادي التعايش مع الذكور، أمشي دائما بأذنين محمرتين وفي كل يوم أغرم بذكر آخر مختلف. الذكور كانوا همجيين، نشاطاتهم كانت تقتصر على كرة القدم والمشاجرات في الساحة، لكن رفيقاتي كن في سن مكنهن من قياس الأمور وتسجيل القبلات التي يستقبلنها في كتاب صغير. لكن كان لابد من التفصيل والإحاطة بالجزئيات: من، أين، كيف. وقد كان هنالك بعض المحظوظات اللواتي تمكن من كتابة: فليبي، في الحمام، باللسان. أما أنا فكنت أتصنع اللامبالاة، أترجل وأتسلق الأشجار لكي أستوعب أن هذا الولد قزم تقريبا وأقل جنسانية من ديك. في قسم البيولوجيا كانوا يدرسون لنا شيئا من علم التشريح وطريقة تكون الجنين، لكن كان من الصعب جدا تخيل ذلك، إذ كانت صورة امرأة ترضع رضيعها ما أقدمنا كثيرا على رؤيته. لا نعلم شيئا فيما يخص الأمور الأخرى ولم يأتِ ذكرهم لنا للذة بتاتا، فضاع منا لب القضية لنتساءل عن سبب ارتكاب الكبار لهذه الوقاحة؟. كان الانتصاب سرا محفوظا جدا لدى الذكور، تماما كالعادة الشهرية لدى الإناث. كان الأدب يبدو لي مراوغا و كنت لا أذهب إلى السينما، ولكني أشك في إمكانية رؤية شيء من الجنس على الشاشة الكبيرة آنذاك. كانت العلاقات بالذكور تتجلى في الدفع واللطم ورسائل الصديقات: قال الكنان أنه يريد إعطاءك قبلة، قلي له نعم ولكن شريطة أن يفعل ذلك وهو مغمض العينين، يقول أنه لا يملك رغبة في فعل ذلك الآن، قولي له أنه أحمق، يقول بأن الحمقاء هي أنت، هكذا كنا نقضي كل الموسم الدراسي. أقصى درجات الألفة كانت حين نتبادل الأدوار في مضغ علكة واحدة. واحدة من الذكريات المثيرة جدا في حياتي كانت عندما تمكنت من المشاجرة جسدا بجسد مع المشهور كنان، الفتى ذي الشعر الأحمر الذي به أغرمن سرا نحن البنات. أرعفني ولاطمني بالممر. في فرصة أخرى دعاني للرقص في حفلة. بسلام لم تؤثر فيّ موسيقى الروك بقدر ما بدأت تزعزع الحاضرين. ما زال هديل نات كينغ كولي وبينغ كروسبي يطربنا (آه، يا رب! كان ذلك ما قبل التاريخ؟) يرقص بعناق، أحيانا تشيك ـ طوـ تشيك، لكني كنت صغيرة جدا حيث خدي يصل فقط إبزيم حزام أي شاب عادي. شدني كنان إليه فأحسست شيئا صلبا في أعلى جيب بنطاله وفي أضلعي، ضربته ضريبات بأطراف أصابعي لأطلب منه إزالة المفاتيح من الجيب بدعوى إيذائي، ليذهب راكضا دون أن يعود إلى الحفل. الآن وقد عرفت الكثير عن الطبيعة الإنسانية، عرفت من تصرفه ذاك أن ذلك الشيء لم يكن مفاتيحا. في سنة 1956 عادت عائلتي إلى لبنان وكنت أنا قد عدت إلى مدرسة إنجليزية زاهدة للبنات، وبكل بساطة كان الجنس لا يتواجد بها حيث تم إقصاؤه من العالم بسبب الإهمال الانجليزي وغيرة الواعظين عليه. كانت بيروت لؤلؤة الشرق الأوسط، حيث تداع حظوظ الشيوخ وفروع المحلات التجارية من خياطي النساء وبائعي المجوهرات الأكثر شهرة في أوروبا. سيارات الكاديلاك بأشرطة من الذهب الخالص تسير في الشارع بجانب الجمال والبغال. الكثير من النساء لم يعدن يستعملن الحجاب، وبعض التلميذات يلبسن السراويل، لكن وبالرغم من ذلك ما زال ذلك الحد القاسي موجودا والذي ظل يفصل بين الجنسين منذ عقود. الجو مشرئب بالشهوانية، تطفو كالرائحة المفعمة بودك الخروف. حرارة وسط النهار وآذان المؤذن من المنارة يدعوان للصلاة. الرغبة والشبق والمحرم… الفتيات لا يخرجن وحدهن وكذلك على الفتيان الحذر. زوج أمي أعطى لأخواتي مشابك طويلة لتحميهم من قرص الشارع. في ساحة المدرسة تتداول مجلات بالصور من أصل هندي ترجمت إلى الفرنسية، وكانت نسخة حبيب لـ دي تشترلي وبوكت بوكس في سهرات كاليكولا الحمراء هي الأكثر مداولة بين التلاميذ. أبي كان يملك ألف ليلة وليلة محفوظة في صوان، لكني اكتشفت طريقة فتحه لأشرع في قراءة خفية مقاطع من كتب جلدية حمراء بأحرف مذهبة. أغطس في العالم دون العودة إلى الخيال، منقادة من طرف الحوريات وجنيي القارورات وأمراء مـأهولين بحماس لا نهائي للممارسة الجنسية. كل شيء كان يدعو من حولي إلى الشراهة وكنت على وشك الانفجار كالرمان، لكني في بيروت كنت أعيش منغلقة على نفسي . الفتيات المحتشمات لا يتكلمن مع الفتيان كذلك كان لي صديق من أب تاجر للزرابي يزورني لشرب مشروب الكوكاكولا في الحاشية. كان غنيا جدا ولديه سيارة بسائق، وكنا بين حراسة أمي وحراسة سائقه لم نحظ أبدا بفرصة للبقاء وحيدين. 3 كنت مستوية. الآن لا يهم، لكن في الخمسينات كان ذلك مأساة، إذ كانت النهود تعتبر سنة الأنوثة. الموضة تجاوزت ذلك: حزام واسع مرن وتنانير بأجنحة نشوية… كبيرة النهدان كانت مؤكدة المستقبل. كانت النماذج أمثال جني مانسفيلد وجينا لو يوبريخيدا وصوفيا لورين. كان حشو الصدر الخيار الوحيد أمام فتاة دون نهدين، وكانت الحشاءات عبارة عن كرات عجينية تتقعر لأضعف قوة ودون أن يستوعب المرء ذلك لتعود فجأة مجوفة إلى حد يسمع لها صوت فظيع/ بلوب ـ بلوب وتعود العجينة إلى حالتها الأصلية لتوقف المتقدم للزواج الجالس عن قرب ليُغرق المنتفعة في إهانة فظيعة. كذلك تنزاح الحشاءات من مكانها ويمكنها أن تبقى واحدة في القص وأخرى تحت الذراع أو تبقيان كلتاهما تطفوان في الحوض خلف السبّاحة. في سنة 1958 كانت لبنان مهددة بالحرب الأهلية. بعد أزمة قناة السويس تفاقمت الخصومات بين التيارات الإسلامية غير المؤمنة بالسياسة التوحيدية لجمال عبد الناصر والحكومة المسيحية. طلب الرئيس كاملي شمعون المساعدة من ايزنهاور وفي يوليو أبحرت البارجة الأمريكية كما أبحر المئات من جنود المارينز على متن حاملات الطائرات وهم في حالة غذائية جيدة وعطش زائد لممارسة الجنس. مما دفع الآباء لحراسة أكثر لبناتهم، لكن كان من المستحيل منع الشباب من الالتقاء. أهرب من المدرسة للرقص مع الأمريكان. فجربت سكيرة المعصية والروك أند رول. وللمرة الأولى أفادني حجمي الصغير حيث يرميني جنود المارينز الأقوياء بيد واحدة في الهواء لأقوم بدورتين فوق رؤوسهم الحليقة ليلتقطوني في الأرض مع إيقاع قيثارة الفيس بريسلي المحتدمة. بين شقلبتين توصلت بالقبلة الأولى في مسيرتي وكان مذاقها الذي لازمني لسنتين ذا طعم الجعة والكتشوب. أجبر الشغب في لبان زوج أمي إلى إعادة الأبناء إلى الشيلي، ولمرة أخرى عشت في بيت أجدادي. وفي سن الخامسة عشرة عندما كنت أخطط لأن أصبح راهبة لأستوعب البقاء وحيدة، ميزني شاب من هناك إلى الأسفل فوق رسم الزربية وابتسم لي. أعتقد أن هيأتي كانت تروّح عليه. تعلقت في حزامه ولم أدعه وشأنه إلا بعد خمس سنوات أخرى عندما قبل الزواج بي أخيرا. كانت حبوب منع الحمل قد اخترعت، لكن ما زال الناس في الشيلي يتحدثون عنها في همس. إذا افترض أن الجنس للرجال والرومانسية للنساء، فعليهم هم إغراؤنا لكي نمنحهم امتحان الحب ونحن علينا أن نقاوم كي نصل عفيفات إلى أزواجنا على الرغم من أنني أشك في تحقق ذلك لدى الكثيرات. لا أعلم بالضبط كيف لدي ولدان. وكذلك وقع ما كنا نتمناه منذ سنوات عديدة، إذ غمرت موجة الستينات للتحرر أمريكا الجنوبية ووصلت في الأخير إلى هذا الركن من القارة حيث أعيش. فن البوب وتنورة مقزمة ومخدرات وجنس وبكيني وبياتلس. كلنا ـ نحن النساء ـ كنا نقلد برجيت باردو بشعرها غير المستوي وشفتيها المنتفختان وبلوزتها البئيسة الوشيكة على التّفرقع تحت ضغط أنوثتها. فجأة انقلبت الأمور بوتيرة غير منتظرة، إذ انتهت السيطرة الفرنسية أو الإيطالية، وأصبحت الموضة على النموذج الانجليزي تويجي أي نوع من المخنث العائلي. لذلك الحين برز نهداي ووجدت نفسي مجددا في الجانب المماثل لما هو متعارف عليه لدى الجميع. كان ُيتكلم عن السهرات الحمراء والتبادل بين العائلات كما يُتكلم عن البرنوغرافيا. كان ذلك متداولا ولم أره مطلقا. خرج اللوطيون من الظلام، ورغم بلوغي سن الثامنة والعشرين لا أستطيع تخيل كيف يفعلون ذلك. ظهرت الحركات النسائية وخرجنا ثلاثة أو أربع نساء نبحث عن دعم بعد أن علّقنا شعارنا في عصا مكنسة وتظاهرنا، لكن لم ينضم إلينا أحد ورجعنا بخجل إلى بيوتنا. ازدهر الهبيزم وخلال سنوات كنت أمشي بملابس مجنحة وخرزة تخريزا هنديا. حاولت تدخين المريجوانا لكن بعد استنشاقي لستة سجائر دون طيران ولو لقليل فهمت أنه جهد غير مجد. حب وسلام. وفوق كل ذالك الحب الحر، على الرغم من وصوله إلي متأخرا، بسبب زواج لا يَغفر. كان روبورتاجي الأول في المجلة التي أعمل بها فضيحة. خلال عشاء في منزل منتخب سياسي، سألني أحدهم عن مقال فكاهي كنت قد نشرته واستفسرني عما إذا كنت أفكر في كتابة شيء معقول. أجبت أولا بأن الفكرة قد خطرت على بالي: نعم، أود أن أكتب عن سيدة خائنة. فساد صمت بارد حول المائدة وبعد ذلك اتجه الحوار نحو الأكل. لكن في وقت القهوة خلت بي صاحبة المنزل ـ تبلغ من العمر 38 سنة، نحيلة، تعمل في مؤسسة حكومية وترتدي بذلة تشانيل ـ وأبدت لي موافقتها إذا ما أنا أقسمت على الحفاظ سرا على هويتها. وفي اليوم الموالي حضرت إلى مؤسستها ومعي مسجلة. حكت لي حينها خيانتها، حيث كانت تدبر وقتها الفارغ بعد الغداء، فالجنس حسب رأيها جيد للترفيه وللجسم وللتقدير الخالص ولأن الرجال ليسوا خبيثين جدا بعد كل شيء. أي، هذه الاعتبارات هي نفسها لدى الكثير من الأزواج الخائنين، جائز أن يكون زوجها بينهم. لم تكن مغرمة، ولا تعاني أية خطيئة، وتمتلك شقة متواضعة تقتسمها مع صديقتين متحررتين مثلها. خلاصتي، بعد حساب رياضي بسيط، توصلت إلى أن النساء كالرجال في الخيانة، وإلا فمع من يفعلون هم ذلك؟ لا يمكن أن يكون ذلك بينهم فقط أو مع المجموعة نفسها من المتطوعات. تعتبر المتعة دون إثم أو أعذار غير مقبولة في امرأة. هكذا لا أحد أهمل الروبورتاج كما كانوا سيفعلون إذا ما قدمت المجلة زوجة في كرسي متحرك وحبيب يائس. ووصلت المئات من الرسائل إلى المجلة يهينوننا فيها. فأمرتني المديرة مرعبة بكتابة مقال يخص “المرأة المخلصة”. وما زلت إلى حد الآن أبحث عن واحدة مخلصة لاعتبارات جيدة. 4 كانت تلك أيام الفوضى والبلبلة بالنسبة للنساء في مثل سني، وكنا نقرأ كتب العلاقات الجنسية وما كانت تصدره الحركات النسائية الأمريكية من كتب، لكننا لم نتمكن من زعزعة ما قولبونا عليه في تربيتنا. الرجال ما زالوا يشترطون العذرية في خطيباتهم والوفاء التام في زوجاتهم، الشيء الذي لم يكن متوفرا. العائلات في أزمة، وتقريبا فشل جل أصدقائي في ارتباطاتهم. لا وجود للطلاق في الشيلي الشيء الذي يسّر الأمور أن الناس ترتبط وتفترق دون إجرءات بيروقراطية. أما أنا فزواجي مثالي وجل اهتمامي كان منصبا على عملي. ومقابل ذلك كنت أتعامل في منزلي بمثابة الأم والزوجة المتفانية، وفي المجلة وبرنامجي التلفازي استغل أي عذر لإيداع ما كان غير سانح لي القيام به في الخاص. مثلا: أتنكر بزي مغنية وسط جوقة بريش نعام في المؤخرة وزمردة زجاجية في السرّة. في سنة 1975 هاجرنا أنا وعائلتي الشيلي، لأنه لم يعد بوسعنا العيش تحت دكتاتورية الجنرال بينوتشت. وفاجأنا ازدهار التحرر الجنسي في فنزويلا، البلد الساخن، حيث الشهوانية بارزة دون حيل.. في الشواطئ العديد من الذكور بشواربهم وبيكنياتهم المتزمقة يبرزون ما يملكون. النساء الأكثر جمالا في العالم (يربحن كل مسابقات الجمال) يمشين في الشارع باحثات عن الحرب على إيقاع موسيقى سرية يحملنها في أوراكهن. في النصف الأول من الثمانينيات، لم يكن من الممكن رؤية أي فيلم ـ باستثناء أفلام والت ديزني ـ دون أن تظهر من خلاله هيئتان في ترابط. حتى في الوثائق العلمية كانت هناك أميبيات أو بطارق تفعل ذلك. ذهبت مع أمي لرؤية فيلم “إمبراطورية المعاني” ولم تتأثر. كان زوج أمي يعير كتبه الأيروتيكية المشهورة لأحفاده لأنها تتمتع بسذاجة مثيرة مقارنة مع أي مجلة يمكن شراؤها من الكيوسكات. كان لابد من الدراسة كثيرا حتى أستطيع الإفلات بارتياح من أسئلة الأولاد. (أمي ما هي البيدوفيليا؟)(2) وتصنع البساطة عندما تنفخ العوازل الطبية وتعلق في أعياد الميلاد ككرات. وأنا ارتب غرفة ابني المراهق، وجدت كتابا مغلفا بغلاف بني حزرت ما بداخله بفضل تجربتي الطويلة قبل أن أفتحه، وكانت النتيجة أن أصبت: كان كتابا من تلك الكتب الحديثة التي يتبادلها التلاميذ في المدارس تحت أسماء لاعبي كرة القدم. عندما رأيت حبيبان يحكان أجسادهما بفيلي السلمون فكرت في كل ما فاتني من حياتي. عدة سنوات وأنا أطبخ ومع ذلك أجهل الاستعمالات العديدة لفيلي السلمون! أين كنت أنا وزوجي طوال هذا الوقت؟ حتى مرآة لا نملكها في سقف غرفة نومنا. قررنا أن نحيا الحاضر، لكن بعد بعض الالتواءات على مستوى العمود الفقري أصبحنا نفيق ومفاصلنا ملأى بالمراهم بدل فيلي السلمون في النقطة ج. (3) عندما أنهت ابنتي باولا التعليم الثانوي، تحولت للتخصص في الجنس الذي هو فرع من فروع علم النفس. حذرتها من تهورها، لأننا لسنا هنا في سويسرا حتى يتفهم الآخرون اختيارها، لكن بالرغم من ذلك أصرت. كان لبولا خطيب صقلي وكانت طموحاته أن يتزوج زواجا كاثوليكيا وينجب الكثير من الأولاد، بينما تحاول هي التدرب على طبخ العجينة. مظهريا كانت ابنتي تخدع أيا كان، تبدو كعذراء موريو(4): جميلة وذات شعر طويل وعينان فاترتان، لا أحد كان يتصور أن ابنتي ذات تجربة في أمور الجنس. في منتصف الدروس وبينما كنت أنا في هولندا اتصلت بي باولا كي آتيها من هناك ببعض الأدوات للاشتغال وكان علي أن أذهب بلائحة في يدي إلى أحد الدكاكين ولم يكن ذلك مخجلا. لكن الأسوأ كان عندما أوقفتني جمارك كراكاس لأجدني لابد وأن أشرح لهم أن تلك الأجهزة المطاطية الشبيهة بالموز لابنتي وليس لي أنا… بدأت باولا بالتحرك في كل الجهات بحقيبتها الملأى باللعب البورنوغرافية مما أفقد الصقلي عقله. وكان – على ما يبدو لي – على حق إذ لم يستطع تحمل استمرار خطيبته في أفعالها وهي تمتع الآخرين. وتستمر الدراسة، في المنزل نرى أفلاما بكل أنواع التراكيب الممكنة: نساء مع الحمير وثلاث صينيات مع عجوز… الخ. يأتي لشرب الشاي عندنا، مخنثون، لوطيات، جيفيون(5)، اونانيستيون(6) وبينما عذراء موريو تقدم الحلويات، عرفت أنا كيف يحول الجراحون رجلا إلى امرأة بواسطة قطعة مصارين. الحقيقة أنني أمضيت سنوات وأنا أستعد إلى أن يولد أحفادي. اشتريت أحذية بأكعاب حادة ومقارع بسبعة رؤوس ودمى ومراهم وحفظت عن ظهر قلب الوضعيات المقدسة للجنس الهندي. وعندما بدأت في تدريب الكلب على التصوير الفني ظهر مرض السيدا وذهب التحرر الجنسي إلى الجحيم. في أقل من سنة تغير كل شيء. قص ابني الخصلات الخضراء التي في رأسه كما أزال الدبابيس الأربعة عشر من أذنيه وفهم أن العيش في زوجية أكثر صحة. هجرت ابنتي باولا السيكسوكولوجيا بعد أن بدت لها غير مجدية وتحولت إلى فلسفة الإدراك والعمل على طبخ العجين على أمل أن تجد خطيبا آخر. وفعلا وجدته، وتزوجت به، لكن فيما بعد جاءه الموت وأخذه، لكن هذه قصة أخرى. اشتريت دببة صوفية لأحفاد المستقبل، وأكلت فيلي السلمون والآن اعتني بأزهاري ونحلي.

—————————

الهوامش:

- النص الأصلي: من موقع الكاتبة على الشبكة:
Isabel Allende

1- fauno: في الميتولوجيا الرومانية: الأرواح التي تسكن الحقول والغابات وهي في صورة حيوانات ذوات قرون وأرجل ماعز.
2- pedofilia: جاذبية جنسية يبديها بالغ تجاه قاصر من بني جنسه أو من الجنس الآخر.
3- el punto G: يعتقد أن هناك نقطة أكثر حساسية في جدار المهبل سميت بالنقطة ج اقتباسا من اسم مكتشفها أرنست جرفنبرغ.
4- la virgen de Murillo: ربما هنا إشارة إلى الرسام الإسباني برطولومي استيبان موريو (1682 – 1671) رسوماته تتميز بالبساطة وقد تأثر بالتيار الديني وتميزت أعماله الأولى بأن أغلبها كان حول مريم العذراء.
5- necrofilicos: مرضى، يمارسون الجنس على ضحاياهم من الموتى أو الجثث.
6- onanismo: ما يعادل تقريبا في ثقافتنا العادة السرية عند الجنسين.


.

صورة مفقودة
 
أعلى