تلقيت من الأستاذ صاحب التوقيع خطاباً جاء فيه:
(. . . قابلت فتى ممن يسمون أنفسهم بالتقدميين وهم يعلنون عن أنفسهم بصراحة. فبدأ يهاجم كعادتهم، وكان محور هجومه عمر بن الخطاب.)
(اتفقنا من حوارنا على أن الغرض الأساسي للدين هو علاج الأمراض الاجتماعية ومنها الناحية الاقتصادية. فلا يكون هناك المعدم وصاحب الملايين. قلت إن نظام الزكاة في الإسلام يحقق ذلك، فقال: تعال معي لنرى هل أفلح هذا النظام في عصر من العصور. ان محمدا قد افلح بدينه في نقل الناس من حياة العبودية إلى حياة حرة، فتطلع الناس على حقوقهم واخذوا يدركونها. وفي عصر عمر الذي بلغ فيه الإسلام اوجه، حدث انه كان هناك امرأة تطبخ الحصى لعيالها الجياع بجانب رجل يهب لبيت المال عدة ألوف من النوق. . . ولا يوجد في التشريع الضمان الاجتماعي الكافي الذي يمنع حدوث هذا الفارق. وتناولنا الكلام على الضريبة التصاعدية، فادعى إن الإسلام لا يقر النظام التصاعدي في الضرائب. . وان شخصاً مثلى - وغيري كثير - لم يؤهلهم تعليمهم للرد على هذه الدعاوى وإقناع من يضطربون من الشك من جراء ما ينفثه زملاؤهم التقدميون من آراء فاسدة. . فهلا توليت الجواب على هذه الآراء حتى تهدي الحائر وتخرس الضال. . ولكم مني الشكر، ولو على قراءة هذه الرسالة)
السيد محمد الغزي
معيد بكلية الهندسة: جامعة الفاروق
والذي نريد أن نبدأ به هو الفصل القادم بين أمرين مختلفين يجمع بينهما هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالتقدميين.
الأمر الأول فساد المجتمع الحاضر.
والأمر الثاني أن الشيوعية هي علاج هذا الفساد.
فمهما يكن من مرض زيد من الناس فليس هذا بشهادة طب لكل من يدعي القدرة على علاجه، ولو كان من المشعوذين
زيد من الناس مريض لا شك في اشتداد المرض عليه.
سلمنا. وذهبنا في التسليم إلى غاية ما يريدون. ولكن مرضه هذا لا يشهد بالقدرة الطبية لكل من يعالجه، ولا بصحة الدواء الذي يوصف له في ذلك العلاج.
هذا شيء، وهذا شيء آخر، ولا بد من الفصل بين مرض زيد ودعوى الطبيب. لان الطبيب الجاهل أضر من المرض، أو اضر من ترك المريض بغير علاج.
والشيوعية لم تثبت قط - نظراً ولا عملا - أنها هي الطبيب الصالح لعلاج الفساد في المجتمع الحاضر. فقد كلفت روسيا أكثر من عشرين مليوناً من أبنائها ذهبوا في المجاعات والأوبئة والفتن الاهلية، وكلفتها حرية أبنائها الذين لا يملكون حق انتقاد الحكومة فيها، ومضى عليها ثلث قرن من الزمان في تطبيق دائم تعززه القوة الغالبة، فكانت نهاية المطاف أن روسيا تأخذ بنظام الطبقات وتخشى أن تنكشف للعالم، فيطلع العالم كله على فشلها، ولا تزال محتاجة إلى إثارة الفتن في كل بقعة من بقاع الأرض، لتأمن على نظامها المتصدع الذي تخشى عليه الزوال.
أما أن الغرض الأساسي للدين هو علاج الأمراض الاجتماعية، فهذا غير صحيح.
لأن الأمراض الاجتماعية عارض بتغير من عصر إلى عصر، ومن بلد إلى بلد، ومن سلالة بشرية إلى سلالة أخرى.
ولو كان الدين مسألة هذا المجتمع أو ذاك لوجب أن يكون لكل آمة دين، وأن يتغير هذا الدين في كل عشرين أو ثلاثين سنة، وهذا غير الواقع الذي نراه.
إنما الدين علاقة بين الإنسان وبين هذا الوجود كله، أو علاقة بين الموجودات الإنسانية وبين مصدر هذا الوجود.
ما الإنسان؟ ما مصيره؟ ما هو رجاؤه في حياته؟ ما هو قوام الحقائق والأخلاق في ضميره؟
هذا هو مناط الدين وهذه هي رسالة الدين.
فهو مسألة إنسانية تلازم الإنسان على توالي العصور، وعلى اختلاف المجتمعات.
ثم يأتي إصلاح المجتمع من طريق إصلاح الضمير.
فإذا صلح الضمير صلح المجتمع من هذا الطريق.
وإذا سلمنا بالتطور فمعنى التطور أن يكون هناك عيب يتبعه كمال، وأن يكون هناك خطأ يتبعه صواب، وأن يكون هناك سيئ يتبعه حسن، أو حسن يتبعه ما هو أحسن.
فلا يصح أن يكون النقص دليلا على فساد النظام كله، لأن التدرج يستلزم وجود النقص في كل طور من الأطوار، أملا فيما يعقبه من التمام والصلاح.
وليس الصلاح على كل حال هو منع التفاوت بين الناس.
لأن التفاوت سنة من سنن الحياة، بل علامة من علامات الارتقاء في هذه الحياة.
لا تفاوت بين ذرة وذرة من ذرات الجماد.
لا تفاوت بين خلية وخلية من خلايا الجراثيم.
لا تفاوت بين حشرة وحشرة من صغار الحشرات.
ولكن التفاوت يزداد كلما ارتقى الكائن الحي في معارج الحياة، ولا يزال هذا التفاوت مطرداً حتى يبلغ غايته في الإنسان، فيصبح الفارق بين إنسان وإنسان كالفارق بين الأرض والسماء تلك هي علامة التطور والارتقاء.
ومع هذا التفاوت الذي يلازم الارتقاء، لا معنى لإلغاء التفاوت في المراكز والأرزاق.
نعم إن المساواة واجبة في الحقوق، ولكن هذه المساواة لا ينبغي بحال من الأحوال أن تكون مساواة بين حق المجتهد وحق الكسلان.
لأن المساواة بين المجتهد والكسلان تجنى على الكسالى أنفسهم قبل جنايتها على المجتهدين.
فالحياة كلها حافز واستجابة وليس في الحوافز البشرية حافز أقوى من حافز الخوف من عاقبة الكسل والإهمال، إذا رأى الناس أن الكسل والإهمال يحرمان صاحبهما حظه من الرزق والطمأنينة.
فإذا زال هذا الحافز زال الباعث على التقدم والنشاط واستخدام القوة الكامنة في كل بنية حية، وأنحدر الإنسان إلى حضيض الحيوان
وإذا حدث هذا فالبلية فيه اعظم جداً من بلية آحاد من الناس يطبخون الحصى في وقت من الأوقات، لأنها بلية تحيط بالطبيعة البشرية كلها وتقضي على جميع حوافز الحياة.
وإذا كان التاريخ يروي لنا اليوم أن امرأة في عهد عمر ابن الخطاب كانت تطبخ الحصى فأنقذها عمر، فالفضل في ذلك للنظام الذي جعل هذا الحادث مثلا يروى في التاريخ، ولم يطمسه بغشاوة الظلم والكمان كما تنطمس اليوم ألوف الشيكات في مجاهل سيبريا، وفي ظلمات السجون، وفي حنايا القبور، فلا يعلم بها أحد من الناس في ساعتها، فضلا عن علمه بها بعد مئات السنين.
أما حديث صاحبك عن الضريبة التصاعدية في الإسلام فهو حديث خرافة، لأن أولي الأمر في الإسلام - مع قيام الشورى في حكومته - يستطيع أن يفرض ما يشاء، كلما اقتضته مصلحة المجموع.
ولضريبة عمر في أعناقنا بقية على ما يظهر.
فقد جاءنا أيضاً هذا السؤال عن عمر بن الخطاب من الأديب صاحب الإمضاء. قال:
(. . . في كتابكم عبقرية عمر أنه رضى الله عنه أوصى بوضع قواعد النحو، بينما يقول أستاذنا الفاضل، بأن الذي أوصى بوضعها هو علي بن أبي طالب. . . فعلا تفضلتم بشرح هذا الاختلاف؟. . .
أحمد كمال الدين الغرابلي
طالب بمدرسة العروة الوثقى الثانوية بالإسكندرية
وجوابنا للطالب الأديب أننا اعتمدنا فيما كتبناه على مسند عمر في الجامع الكبير حيث قال أبو مليكه: (قدم أعرابي في زمان عمر رضى الله عنه فقال: إن الله بريء من المشركين ورسوله) بكسر اللام في رسوله. فقال الأعرابي: أو قد بريء الله من رسوله؟ إن يكن الله قد بريء من رسوله فأنا أبرأ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه. فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله؟ فروى له القصة. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي. قال فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن الله بريء من المشركين ورسولُه. فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ مما بريء الله ورسوله منه. فأمر عمر رضى الله عنه ألا يقرئ الناس إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود فوضع النحو).
وهذه رواية يصح التعويل عليها، وقد ثبت على كل حال أن الفاروق رضى الله عنه كان ينكر بعض اللحن في كلام معاصريه، ويوصي بحفظ عيون الكلام لتمكين ملكة الفصاحة وتقويم اللسان.
عباس محمود العقاد
مجلة الرسالة - العدد 773
بتاريخ: 26 - 04 - 1948
(. . . قابلت فتى ممن يسمون أنفسهم بالتقدميين وهم يعلنون عن أنفسهم بصراحة. فبدأ يهاجم كعادتهم، وكان محور هجومه عمر بن الخطاب.)
(اتفقنا من حوارنا على أن الغرض الأساسي للدين هو علاج الأمراض الاجتماعية ومنها الناحية الاقتصادية. فلا يكون هناك المعدم وصاحب الملايين. قلت إن نظام الزكاة في الإسلام يحقق ذلك، فقال: تعال معي لنرى هل أفلح هذا النظام في عصر من العصور. ان محمدا قد افلح بدينه في نقل الناس من حياة العبودية إلى حياة حرة، فتطلع الناس على حقوقهم واخذوا يدركونها. وفي عصر عمر الذي بلغ فيه الإسلام اوجه، حدث انه كان هناك امرأة تطبخ الحصى لعيالها الجياع بجانب رجل يهب لبيت المال عدة ألوف من النوق. . . ولا يوجد في التشريع الضمان الاجتماعي الكافي الذي يمنع حدوث هذا الفارق. وتناولنا الكلام على الضريبة التصاعدية، فادعى إن الإسلام لا يقر النظام التصاعدي في الضرائب. . وان شخصاً مثلى - وغيري كثير - لم يؤهلهم تعليمهم للرد على هذه الدعاوى وإقناع من يضطربون من الشك من جراء ما ينفثه زملاؤهم التقدميون من آراء فاسدة. . فهلا توليت الجواب على هذه الآراء حتى تهدي الحائر وتخرس الضال. . ولكم مني الشكر، ولو على قراءة هذه الرسالة)
السيد محمد الغزي
معيد بكلية الهندسة: جامعة الفاروق
والذي نريد أن نبدأ به هو الفصل القادم بين أمرين مختلفين يجمع بينهما هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالتقدميين.
الأمر الأول فساد المجتمع الحاضر.
والأمر الثاني أن الشيوعية هي علاج هذا الفساد.
فمهما يكن من مرض زيد من الناس فليس هذا بشهادة طب لكل من يدعي القدرة على علاجه، ولو كان من المشعوذين
زيد من الناس مريض لا شك في اشتداد المرض عليه.
سلمنا. وذهبنا في التسليم إلى غاية ما يريدون. ولكن مرضه هذا لا يشهد بالقدرة الطبية لكل من يعالجه، ولا بصحة الدواء الذي يوصف له في ذلك العلاج.
هذا شيء، وهذا شيء آخر، ولا بد من الفصل بين مرض زيد ودعوى الطبيب. لان الطبيب الجاهل أضر من المرض، أو اضر من ترك المريض بغير علاج.
والشيوعية لم تثبت قط - نظراً ولا عملا - أنها هي الطبيب الصالح لعلاج الفساد في المجتمع الحاضر. فقد كلفت روسيا أكثر من عشرين مليوناً من أبنائها ذهبوا في المجاعات والأوبئة والفتن الاهلية، وكلفتها حرية أبنائها الذين لا يملكون حق انتقاد الحكومة فيها، ومضى عليها ثلث قرن من الزمان في تطبيق دائم تعززه القوة الغالبة، فكانت نهاية المطاف أن روسيا تأخذ بنظام الطبقات وتخشى أن تنكشف للعالم، فيطلع العالم كله على فشلها، ولا تزال محتاجة إلى إثارة الفتن في كل بقعة من بقاع الأرض، لتأمن على نظامها المتصدع الذي تخشى عليه الزوال.
أما أن الغرض الأساسي للدين هو علاج الأمراض الاجتماعية، فهذا غير صحيح.
لأن الأمراض الاجتماعية عارض بتغير من عصر إلى عصر، ومن بلد إلى بلد، ومن سلالة بشرية إلى سلالة أخرى.
ولو كان الدين مسألة هذا المجتمع أو ذاك لوجب أن يكون لكل آمة دين، وأن يتغير هذا الدين في كل عشرين أو ثلاثين سنة، وهذا غير الواقع الذي نراه.
إنما الدين علاقة بين الإنسان وبين هذا الوجود كله، أو علاقة بين الموجودات الإنسانية وبين مصدر هذا الوجود.
ما الإنسان؟ ما مصيره؟ ما هو رجاؤه في حياته؟ ما هو قوام الحقائق والأخلاق في ضميره؟
هذا هو مناط الدين وهذه هي رسالة الدين.
فهو مسألة إنسانية تلازم الإنسان على توالي العصور، وعلى اختلاف المجتمعات.
ثم يأتي إصلاح المجتمع من طريق إصلاح الضمير.
فإذا صلح الضمير صلح المجتمع من هذا الطريق.
وإذا سلمنا بالتطور فمعنى التطور أن يكون هناك عيب يتبعه كمال، وأن يكون هناك خطأ يتبعه صواب، وأن يكون هناك سيئ يتبعه حسن، أو حسن يتبعه ما هو أحسن.
فلا يصح أن يكون النقص دليلا على فساد النظام كله، لأن التدرج يستلزم وجود النقص في كل طور من الأطوار، أملا فيما يعقبه من التمام والصلاح.
وليس الصلاح على كل حال هو منع التفاوت بين الناس.
لأن التفاوت سنة من سنن الحياة، بل علامة من علامات الارتقاء في هذه الحياة.
لا تفاوت بين ذرة وذرة من ذرات الجماد.
لا تفاوت بين خلية وخلية من خلايا الجراثيم.
لا تفاوت بين حشرة وحشرة من صغار الحشرات.
ولكن التفاوت يزداد كلما ارتقى الكائن الحي في معارج الحياة، ولا يزال هذا التفاوت مطرداً حتى يبلغ غايته في الإنسان، فيصبح الفارق بين إنسان وإنسان كالفارق بين الأرض والسماء تلك هي علامة التطور والارتقاء.
ومع هذا التفاوت الذي يلازم الارتقاء، لا معنى لإلغاء التفاوت في المراكز والأرزاق.
نعم إن المساواة واجبة في الحقوق، ولكن هذه المساواة لا ينبغي بحال من الأحوال أن تكون مساواة بين حق المجتهد وحق الكسلان.
لأن المساواة بين المجتهد والكسلان تجنى على الكسالى أنفسهم قبل جنايتها على المجتهدين.
فالحياة كلها حافز واستجابة وليس في الحوافز البشرية حافز أقوى من حافز الخوف من عاقبة الكسل والإهمال، إذا رأى الناس أن الكسل والإهمال يحرمان صاحبهما حظه من الرزق والطمأنينة.
فإذا زال هذا الحافز زال الباعث على التقدم والنشاط واستخدام القوة الكامنة في كل بنية حية، وأنحدر الإنسان إلى حضيض الحيوان
وإذا حدث هذا فالبلية فيه اعظم جداً من بلية آحاد من الناس يطبخون الحصى في وقت من الأوقات، لأنها بلية تحيط بالطبيعة البشرية كلها وتقضي على جميع حوافز الحياة.
وإذا كان التاريخ يروي لنا اليوم أن امرأة في عهد عمر ابن الخطاب كانت تطبخ الحصى فأنقذها عمر، فالفضل في ذلك للنظام الذي جعل هذا الحادث مثلا يروى في التاريخ، ولم يطمسه بغشاوة الظلم والكمان كما تنطمس اليوم ألوف الشيكات في مجاهل سيبريا، وفي ظلمات السجون، وفي حنايا القبور، فلا يعلم بها أحد من الناس في ساعتها، فضلا عن علمه بها بعد مئات السنين.
أما حديث صاحبك عن الضريبة التصاعدية في الإسلام فهو حديث خرافة، لأن أولي الأمر في الإسلام - مع قيام الشورى في حكومته - يستطيع أن يفرض ما يشاء، كلما اقتضته مصلحة المجموع.
ولضريبة عمر في أعناقنا بقية على ما يظهر.
فقد جاءنا أيضاً هذا السؤال عن عمر بن الخطاب من الأديب صاحب الإمضاء. قال:
(. . . في كتابكم عبقرية عمر أنه رضى الله عنه أوصى بوضع قواعد النحو، بينما يقول أستاذنا الفاضل، بأن الذي أوصى بوضعها هو علي بن أبي طالب. . . فعلا تفضلتم بشرح هذا الاختلاف؟. . .
أحمد كمال الدين الغرابلي
طالب بمدرسة العروة الوثقى الثانوية بالإسكندرية
وجوابنا للطالب الأديب أننا اعتمدنا فيما كتبناه على مسند عمر في الجامع الكبير حيث قال أبو مليكه: (قدم أعرابي في زمان عمر رضى الله عنه فقال: إن الله بريء من المشركين ورسوله) بكسر اللام في رسوله. فقال الأعرابي: أو قد بريء الله من رسوله؟ إن يكن الله قد بريء من رسوله فأنا أبرأ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه. فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله؟ فروى له القصة. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي. قال فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن الله بريء من المشركين ورسولُه. فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ مما بريء الله ورسوله منه. فأمر عمر رضى الله عنه ألا يقرئ الناس إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود فوضع النحو).
وهذه رواية يصح التعويل عليها، وقد ثبت على كل حال أن الفاروق رضى الله عنه كان ينكر بعض اللحن في كلام معاصريه، ويوصي بحفظ عيون الكلام لتمكين ملكة الفصاحة وتقويم اللسان.
عباس محمود العقاد
مجلة الرسالة - العدد 773
بتاريخ: 26 - 04 - 1948