السيكولوجيا أو علم النفس هو العلم الذي يدرس سلوك العقل أو الشعور. وبالطبع ليس للجنس ولا شعور ولكن عندما نتكلم عن سيكولوجية الجنس إنما نعني دراسة ذلك الجزء من العقل الذي يتأثر بالحياة الجنسية. وفي أواخر القرن الماضي ظهر فرويد بنظرياته - التي أذهلت العالم، والتي ترى معظمها أن العقل ليس هو الشعور، ولكنه خليط أو جمع بين الشعور واللاشعور. ومنذ ذلك الحين، حاول المربون وعلماء النفس، الكشف عن المكان الحقيقي للجنس في ذلك الخليط. وكلنا سيكولوجيون؛ على الأقل على طريقة الرجل الذي يتكلم النثر طول حياته من غير أن يعرفه! فإذا قلنا لأحد شيئاً، فإننا نعرف ماذا يجيب، وذلك باستخدام معلوماتنا عن علم النفس فمثلا إذا سألنا أحداً في يوم مطير: (جو مخيف! أليس كذلك؟ نعرف أن الإجابة غالباً ما تتفق وسؤالنا).
وقد تساءل علماء النفس عن مكانة الجنس في النمو العقلي. وليس هناك من يجيب إجابة صحيحة فقد ذهب بعض أتباع فرويد، وقرروا أن الحياة الجنسية تتحكم في نمو الفرد العقلي.
إن الغريزة الجنسية ترمي إلى استمرار النوع، فهي تأتي بعد المحافظة على النفس التي تضم كل الغرائز. وفي ظل المدينة لا بد من السيطرة على الغرائز. بسبب هذه السيطرة، نسمو بالغريزة الجنسية، فنقول مثلا في المناسبات: السيدات والأطفال أولا. وبسببها أيضاً أمسك الناس عن ذكر المسائل الجنسية إلا في غرفة النوم. وظهر الخجل عند تعليمها. وهذه السيطرة هي ما يسميها علماء النفس: كبت الغرائز. ويرجع كثير من الناس بالجنس إلى وراء، فيتجنبون ما يشغل جزءاً كبيراً من حياتهم.
يحاولون أن ينسوه. وإذا رزقوا أطفالاً لم يعلموهم شيئاً عن الأمور الجنسية، فلو سألهم أطفالهم ما يسمى بالأسئلة المخجلة - وهي الأسئلة التي يوجهها الأطفال عادة إلى آبائهم - فإن الآباء يحاولون إسكاتهم ويخبرونهم كذبا!.
إن الكبت الشديد يجلب التأخر والهبوط، وهو مرض خطير، يختلف عن ضبط النفس الذي هو مواجهة شريفة شعورية للواقع، وليس هذا بالأمر السهل، إنما يخلو من الصراع ب الدوافع البيولوجية والعقلية. وضبط النسل كبت للغريزة الجنسية الطبيعية، لأن له نفس الأثر في تحديد السكان، كطريقة الحيوان في بقاء الأصلح. وفي الحق أن ضبط النسل الحديث ليس فيه شيء من (بقاء الاصلح) إنما يضمن حياة الأسر المحدودة! فكل أعضاء الأسر الصغيرة لديهم الفرصة ليكونوا (صالحين) لأنهم ينالون نفس العناية والغذاء كما لو كانوا موزعين في أسر أكبر.
قلنا أن الغريزة الجنسية تتلو غريزة المحافظة على النوع. فالشعور بالجوع، دافع قوي غريزي للمحافظة على النفس، ولكن الغرائز في حاجة إلى كبت - إلى حد مخصوص -، وإلا فإن الفرد يصبح نهماً أو مجنوناً جنسياً، مما يؤدي به إلى مخفر الشرطة أو مستشفى الأمراض العقلية.
إن مشكلة الحب قد راقت كثيرين من علماء النفس. فقد كان معتقداً أن الحب والكراهية ضدان. ولكن تعاليم فرويد دلت على أن لا تعارض بينهما. وما الكراهية إلا جزء من الحب. وليس هناك حب خال من شيء من الكراهية وشيء من العواطف الأخرى، التي تكون في مجموعها الحب.
ومن الثابت أن الشعور الجنسي فينا جميعا يختلف تبعاً للوقت. ولكنه لم يثبت كيف يختلف التأثير الجنسي في حياة الفرد اليومية. فليست غريزتنا الجنسية وغرائز جيراننا، هي التي تؤثر فينا فحسب، بل أن أولئك الذين لم نرهم يمكن أن يغيروا حياتنا. فالشذوذ الجنسي - في رجل مثل هتلر - قد أثر في حياته. وبالتالي في العالم أجمع.
ولما درس علم النفس كعلم، بدأ الناس يعرفون الدور الحيوي الذي يقوم به الجنس في حياة الفرد اليومية، وتنبه الباحثون إلى مسألة لها من الأهمية مثلما لدور الجنس في الحياة! وهي كيف تؤثر ظروف الحياة في الغريزة الجنسية؟ نحن نعلم أن الشخص الجائع - بصرف النظر عن حاجته للإشباع الجنسي - يهتم بمعدته أولا. ولكن ماذا عن الأم؟ لئن كانت الأم جائعة، فان شعورها وغريزتها تدفعانها إلى إطعام أطفالها قبل نفسها. ولقد قيل عن غريزة الأمومة جزء من الغريزة الجنسية. وإذا جمع الحب الخالص بين شخصين فان شعورهما نحو بعضهما يمكن أن يظل ثابتاً أمام تيار الحظ الشيء. كمثل الزوجين، يتحمل كل منهما صاحبه في السراء والضراء. ولكن حيثما كان النمو الجنسي لأحد الطرفين أو كليهما ليس من هذا القبيل، فان تغييراً طفيفاً في الحظوظ، كفيل بانفصال الشريكين.
وإذا تحاب اثنان فانهما يتصوران أن لا شيء يشغل بالهما سوى الأفكار الجنسية. كم مليون من الرجال يرتكبون خطايا طيلة يومهم، ثم ينسونها وهم في صحبة امرأة في المساء! أن كل شيء ينسى في نشوة اللذة الجنسية. يحسب الرفيقان أن الناس قد غفلوا عنهما ولكن نقر الباب أو صوت التليفون قمين بأن يرجع بهما سريعاً إلى تعقل ما حولهما ومعرفته! ويتساءل بعض الناس: لئن كانت الحياة الجنسية عاملا فعالا في النمو العقلي، فلماذا يجتاحنا النشاط الجنسي بقوة عارمة في غالب الأحيان؟ الجواب هو أن هذا الاجتياح ضروري لإزالة العقبات التي تقف في سبيل هذا النشاط، كالخطايا اليومية.
ويحلو للكثيرين أن يقرروا أن ذوي الاسترخاء الجنسي بمولدهم في حل من الوقوع تحت السيطرة الجنسية. ولكن هذا لا يحدث فهم قد ولدوا نتيجة للجنس، ثم أن علاقته بالآخرين تتحكم فيها عقول هؤلاء. فبطريق غير مباشر يتأثرون بالحياة الجنسية.
يختلف الناس في تأثرهم بالغريزة الجنسية، فمنهم العاطفي ومنهم من يقال عنه إنه: بارد. وبعضهم ذو مثلية جنسية، والبعض الآخر يكره المرأة وقد جادت قريحة أحد العلماء بنظرية خطيرة، هي نظرية الثنائية الجنسية التي تقرر أن الإنسان يولد وفيه شعور أو ميل جنسي نحو الجنسين. وفي الفرد العادي يكون الشعور نحو الجنس الآخر متغلباً، إنما لا يختفي الشعور الجنسي نحو نفس الجنس! ومن السهل أن نتصور بالعقل تلك الحقيقة الواقعة في الجسم. فلكل رجل ثديان، وهما - قبل كل شيء - أعضاء تناسلية ثانوية للأنثى والأفراد العاديين هم الذين لهم أصدقاء من كلا الجنسين. أما عند غير العاديين، فان التوازن يختل، إما لأنهم ولدوا كذلك، أو لأن ظروفاً خارجية أوجدتهم في حالتهم هذه.
إن الوضع الاقتصادي - وهو جزء من مدنيتنا - منظم ليجعل الظروف المحيطة بجماعة، تختلف عن الظروف المحيطة بجماعة أخرى. وتأثير الوضع الاقتصادي على الحياة الجنسية لبعض الفتيات، يظهر بوضوح في عقول المومسات اللائى جعلن الغريزة الجنسية تساعد غريزة المحافظة على النفس، وتصبح تحت سيطرتها. عندهن أن البغاء هو الطريق الوحيد للارتزاق. على أنه يمكن أن نميز بينهن متزوجات!.
وبوجود الصراع المستمر في عقولن، يصعب علينا أن ندخل السرور إلى نفوسنا. ومثل هذا الصراع يوجد في عقول الذين هم في حاجة إلى الإشباع الجنسي، أو الذين يجهدون أنفسهم جنسياً أكثر مما يتحملون. ويلاحظ بوجه عام الذين يعيشون عيشة رغده ناجحة، تكون حياتهم التناسلية لا غبار عليها، ومن تكون حياتهم التناسلية طبيعية، ينجون في حياتهم الاجتماعية.
إن علم النفس لا يزال في المهد، وقد علمنا الشيء الكثير عن خطايا الناس وأُثرها في حياتهم. كما عمل ولا يزال يعمل - على إدخال السرور في قلوب الناس. إنه يحررنا من كثير من أنواع الكبت التي كنا نراها ضرورية، ثم يتبين لنا اليوم أنها تضايقنا. وأخيراً هو المسئول عن حركة التثقيف الجنسي.
محمد محمد علي
بتاريخ: 14 - 11 - 1949
وقد تساءل علماء النفس عن مكانة الجنس في النمو العقلي. وليس هناك من يجيب إجابة صحيحة فقد ذهب بعض أتباع فرويد، وقرروا أن الحياة الجنسية تتحكم في نمو الفرد العقلي.
إن الغريزة الجنسية ترمي إلى استمرار النوع، فهي تأتي بعد المحافظة على النفس التي تضم كل الغرائز. وفي ظل المدينة لا بد من السيطرة على الغرائز. بسبب هذه السيطرة، نسمو بالغريزة الجنسية، فنقول مثلا في المناسبات: السيدات والأطفال أولا. وبسببها أيضاً أمسك الناس عن ذكر المسائل الجنسية إلا في غرفة النوم. وظهر الخجل عند تعليمها. وهذه السيطرة هي ما يسميها علماء النفس: كبت الغرائز. ويرجع كثير من الناس بالجنس إلى وراء، فيتجنبون ما يشغل جزءاً كبيراً من حياتهم.
يحاولون أن ينسوه. وإذا رزقوا أطفالاً لم يعلموهم شيئاً عن الأمور الجنسية، فلو سألهم أطفالهم ما يسمى بالأسئلة المخجلة - وهي الأسئلة التي يوجهها الأطفال عادة إلى آبائهم - فإن الآباء يحاولون إسكاتهم ويخبرونهم كذبا!.
إن الكبت الشديد يجلب التأخر والهبوط، وهو مرض خطير، يختلف عن ضبط النفس الذي هو مواجهة شريفة شعورية للواقع، وليس هذا بالأمر السهل، إنما يخلو من الصراع ب الدوافع البيولوجية والعقلية. وضبط النسل كبت للغريزة الجنسية الطبيعية، لأن له نفس الأثر في تحديد السكان، كطريقة الحيوان في بقاء الأصلح. وفي الحق أن ضبط النسل الحديث ليس فيه شيء من (بقاء الاصلح) إنما يضمن حياة الأسر المحدودة! فكل أعضاء الأسر الصغيرة لديهم الفرصة ليكونوا (صالحين) لأنهم ينالون نفس العناية والغذاء كما لو كانوا موزعين في أسر أكبر.
قلنا أن الغريزة الجنسية تتلو غريزة المحافظة على النوع. فالشعور بالجوع، دافع قوي غريزي للمحافظة على النفس، ولكن الغرائز في حاجة إلى كبت - إلى حد مخصوص -، وإلا فإن الفرد يصبح نهماً أو مجنوناً جنسياً، مما يؤدي به إلى مخفر الشرطة أو مستشفى الأمراض العقلية.
إن مشكلة الحب قد راقت كثيرين من علماء النفس. فقد كان معتقداً أن الحب والكراهية ضدان. ولكن تعاليم فرويد دلت على أن لا تعارض بينهما. وما الكراهية إلا جزء من الحب. وليس هناك حب خال من شيء من الكراهية وشيء من العواطف الأخرى، التي تكون في مجموعها الحب.
ومن الثابت أن الشعور الجنسي فينا جميعا يختلف تبعاً للوقت. ولكنه لم يثبت كيف يختلف التأثير الجنسي في حياة الفرد اليومية. فليست غريزتنا الجنسية وغرائز جيراننا، هي التي تؤثر فينا فحسب، بل أن أولئك الذين لم نرهم يمكن أن يغيروا حياتنا. فالشذوذ الجنسي - في رجل مثل هتلر - قد أثر في حياته. وبالتالي في العالم أجمع.
ولما درس علم النفس كعلم، بدأ الناس يعرفون الدور الحيوي الذي يقوم به الجنس في حياة الفرد اليومية، وتنبه الباحثون إلى مسألة لها من الأهمية مثلما لدور الجنس في الحياة! وهي كيف تؤثر ظروف الحياة في الغريزة الجنسية؟ نحن نعلم أن الشخص الجائع - بصرف النظر عن حاجته للإشباع الجنسي - يهتم بمعدته أولا. ولكن ماذا عن الأم؟ لئن كانت الأم جائعة، فان شعورها وغريزتها تدفعانها إلى إطعام أطفالها قبل نفسها. ولقد قيل عن غريزة الأمومة جزء من الغريزة الجنسية. وإذا جمع الحب الخالص بين شخصين فان شعورهما نحو بعضهما يمكن أن يظل ثابتاً أمام تيار الحظ الشيء. كمثل الزوجين، يتحمل كل منهما صاحبه في السراء والضراء. ولكن حيثما كان النمو الجنسي لأحد الطرفين أو كليهما ليس من هذا القبيل، فان تغييراً طفيفاً في الحظوظ، كفيل بانفصال الشريكين.
وإذا تحاب اثنان فانهما يتصوران أن لا شيء يشغل بالهما سوى الأفكار الجنسية. كم مليون من الرجال يرتكبون خطايا طيلة يومهم، ثم ينسونها وهم في صحبة امرأة في المساء! أن كل شيء ينسى في نشوة اللذة الجنسية. يحسب الرفيقان أن الناس قد غفلوا عنهما ولكن نقر الباب أو صوت التليفون قمين بأن يرجع بهما سريعاً إلى تعقل ما حولهما ومعرفته! ويتساءل بعض الناس: لئن كانت الحياة الجنسية عاملا فعالا في النمو العقلي، فلماذا يجتاحنا النشاط الجنسي بقوة عارمة في غالب الأحيان؟ الجواب هو أن هذا الاجتياح ضروري لإزالة العقبات التي تقف في سبيل هذا النشاط، كالخطايا اليومية.
ويحلو للكثيرين أن يقرروا أن ذوي الاسترخاء الجنسي بمولدهم في حل من الوقوع تحت السيطرة الجنسية. ولكن هذا لا يحدث فهم قد ولدوا نتيجة للجنس، ثم أن علاقته بالآخرين تتحكم فيها عقول هؤلاء. فبطريق غير مباشر يتأثرون بالحياة الجنسية.
يختلف الناس في تأثرهم بالغريزة الجنسية، فمنهم العاطفي ومنهم من يقال عنه إنه: بارد. وبعضهم ذو مثلية جنسية، والبعض الآخر يكره المرأة وقد جادت قريحة أحد العلماء بنظرية خطيرة، هي نظرية الثنائية الجنسية التي تقرر أن الإنسان يولد وفيه شعور أو ميل جنسي نحو الجنسين. وفي الفرد العادي يكون الشعور نحو الجنس الآخر متغلباً، إنما لا يختفي الشعور الجنسي نحو نفس الجنس! ومن السهل أن نتصور بالعقل تلك الحقيقة الواقعة في الجسم. فلكل رجل ثديان، وهما - قبل كل شيء - أعضاء تناسلية ثانوية للأنثى والأفراد العاديين هم الذين لهم أصدقاء من كلا الجنسين. أما عند غير العاديين، فان التوازن يختل، إما لأنهم ولدوا كذلك، أو لأن ظروفاً خارجية أوجدتهم في حالتهم هذه.
إن الوضع الاقتصادي - وهو جزء من مدنيتنا - منظم ليجعل الظروف المحيطة بجماعة، تختلف عن الظروف المحيطة بجماعة أخرى. وتأثير الوضع الاقتصادي على الحياة الجنسية لبعض الفتيات، يظهر بوضوح في عقول المومسات اللائى جعلن الغريزة الجنسية تساعد غريزة المحافظة على النفس، وتصبح تحت سيطرتها. عندهن أن البغاء هو الطريق الوحيد للارتزاق. على أنه يمكن أن نميز بينهن متزوجات!.
وبوجود الصراع المستمر في عقولن، يصعب علينا أن ندخل السرور إلى نفوسنا. ومثل هذا الصراع يوجد في عقول الذين هم في حاجة إلى الإشباع الجنسي، أو الذين يجهدون أنفسهم جنسياً أكثر مما يتحملون. ويلاحظ بوجه عام الذين يعيشون عيشة رغده ناجحة، تكون حياتهم التناسلية لا غبار عليها، ومن تكون حياتهم التناسلية طبيعية، ينجون في حياتهم الاجتماعية.
إن علم النفس لا يزال في المهد، وقد علمنا الشيء الكثير عن خطايا الناس وأُثرها في حياتهم. كما عمل ولا يزال يعمل - على إدخال السرور في قلوب الناس. إنه يحررنا من كثير من أنواع الكبت التي كنا نراها ضرورية، ثم يتبين لنا اليوم أنها تضايقنا. وأخيراً هو المسئول عن حركة التثقيف الجنسي.
محمد محمد علي
بتاريخ: 14 - 11 - 1949