سي عبد القادر. وصلني قبل قليل أن أبا ذؤيب الهذلي قد بعث إلى طاغية نجدان رسالة يحتج فيها على تسميته سجن النساء في نجدان باسم سعدى بنت الشمردل. ويتهم فيها الجهنيين عامة، بأنهم استولوا على مرثيته المفضلية الشهيرة:
( أمن المنون وريبها تتوجع = والدهر ليس بمُعتب من يجزع )
وغيروا فيها بعض الكلمات، واحتفظوا بغرضها ووزنها وقافيتها ورويها وأفكارها وصورها وبعض جملها كما هي. وسبقا لما قد يقال من أن سعدى جاهلية وأبا ذؤيب مخضرم، فإنه يتهم قبيلة جهينة باختلاق شخص لم يوجد قط في التاريخ وسموه سعدى ونحلوه القصيدة المسروقة. وذكر أبو ذؤيب في رسالته أنه سجل دعوى ببني جهينة في محكمة عكاظ، وينتظر عرضها في القرون القليلة المقبلة. وأنا أخبرك بهذا الخبر لأبشرك بأن سجن النساء قد يتأخر فتحه حتى يفصل في دعوى أبي ذؤيب.. وحتى لو سمى الطاغية السجن باسم شاعرة أخرى، فإن لكل شاعرة حسادا وأعداء سيعترضون. وقد كنت ساهرا ليلة أمس مع الشاعرة الصديقة ( هند الهمدانية )، وهي كما تعرف مشهورة بنشوزها في قصيدتها التي قالتها بعد أن علمت بأن زوجها الذي أرسله الخليفة في جيش الفتوح، قد استفاد من الغزو مالا اشترى به فرسا سماه ( الورد ) وجارية سماها ( حبابة )، ولم يعد يريد الرجوع إلى بيته وزوجته هند، فقالت الشاعرة:
( لعمري لئن شطّت بعثمانَ دارُه = وأضحى غنيا بالحبابة والورد
...
ألا فاقره مني السلام وقل له = غنينا بفتيان غطارفة مُرْدِ
إذا شاء منهم ناشئ مد كفه = إلى كفَلٍ ريّانَ أو كعثب نهد
بحمد أمير المؤمنين أقرهم = شبابا وأغزاكم خوالف في الجند
فما كنتمُ تقضون حاجةَ أهلكم = قريبا فتقضوها على النأي والبعد
فأرسل إلينا بالسراح فإنه = مُنانا، ولا ندعو لك اللهَ بالرشد
إذا رجع الجندُ الذي أنت منهمُ = فزادك رب الناس بُعدا على بُعدِ )
وقد أخبرت هندا بحالة الطوارئ التي أعلنها ولد علي على الشواعر . وقد استجابت لنصيحتي ورحلت إلى بني ضبة فاستجارت بالشاعرة وجيهة بنت أوس الضبية... وكنت قد عرفتُ وجيهة بعد أن قرأت لها في بعض المظانّ أبياتا تقول فيها:
( وعاذلة تغدو عليّ تلومني = على الشوق، لم تمحُ الصبابة من قلبي
فما ليَ إن أخببتُ أرض عشيرتي = وأبغضتُ طرفاء القصيبة من ذنب
فلو أن ريحا بلغت وحيَ مُرسِل = حَفِيّ لناجيتُ الجنوب على النقب
فقلتُ لها أَدّي إليهم رسالتي = ولا تخلطيها طال سعدُكِ ــ بالترب )
وقد أُعجبتُ بالبيت الأخير بل افتُتنتُ به حتى أنني بحثتُ عن صاحبته وصادقتها مثلما صادقت شعرها. ولأنني أعرف عزة ضبة وقوتها، وأعرف أن ولد علي سيفكر ألف مرة قبل أن يهاجمها، فقد نصحت هندا بالالتجاء إليها حتى تنكشف هذه الغُمّة.
( أمن المنون وريبها تتوجع = والدهر ليس بمُعتب من يجزع )
وغيروا فيها بعض الكلمات، واحتفظوا بغرضها ووزنها وقافيتها ورويها وأفكارها وصورها وبعض جملها كما هي. وسبقا لما قد يقال من أن سعدى جاهلية وأبا ذؤيب مخضرم، فإنه يتهم قبيلة جهينة باختلاق شخص لم يوجد قط في التاريخ وسموه سعدى ونحلوه القصيدة المسروقة. وذكر أبو ذؤيب في رسالته أنه سجل دعوى ببني جهينة في محكمة عكاظ، وينتظر عرضها في القرون القليلة المقبلة. وأنا أخبرك بهذا الخبر لأبشرك بأن سجن النساء قد يتأخر فتحه حتى يفصل في دعوى أبي ذؤيب.. وحتى لو سمى الطاغية السجن باسم شاعرة أخرى، فإن لكل شاعرة حسادا وأعداء سيعترضون. وقد كنت ساهرا ليلة أمس مع الشاعرة الصديقة ( هند الهمدانية )، وهي كما تعرف مشهورة بنشوزها في قصيدتها التي قالتها بعد أن علمت بأن زوجها الذي أرسله الخليفة في جيش الفتوح، قد استفاد من الغزو مالا اشترى به فرسا سماه ( الورد ) وجارية سماها ( حبابة )، ولم يعد يريد الرجوع إلى بيته وزوجته هند، فقالت الشاعرة:
( لعمري لئن شطّت بعثمانَ دارُه = وأضحى غنيا بالحبابة والورد
...
ألا فاقره مني السلام وقل له = غنينا بفتيان غطارفة مُرْدِ
إذا شاء منهم ناشئ مد كفه = إلى كفَلٍ ريّانَ أو كعثب نهد
بحمد أمير المؤمنين أقرهم = شبابا وأغزاكم خوالف في الجند
فما كنتمُ تقضون حاجةَ أهلكم = قريبا فتقضوها على النأي والبعد
فأرسل إلينا بالسراح فإنه = مُنانا، ولا ندعو لك اللهَ بالرشد
إذا رجع الجندُ الذي أنت منهمُ = فزادك رب الناس بُعدا على بُعدِ )
وقد أخبرت هندا بحالة الطوارئ التي أعلنها ولد علي على الشواعر . وقد استجابت لنصيحتي ورحلت إلى بني ضبة فاستجارت بالشاعرة وجيهة بنت أوس الضبية... وكنت قد عرفتُ وجيهة بعد أن قرأت لها في بعض المظانّ أبياتا تقول فيها:
( وعاذلة تغدو عليّ تلومني = على الشوق، لم تمحُ الصبابة من قلبي
فما ليَ إن أخببتُ أرض عشيرتي = وأبغضتُ طرفاء القصيبة من ذنب
فلو أن ريحا بلغت وحيَ مُرسِل = حَفِيّ لناجيتُ الجنوب على النقب
فقلتُ لها أَدّي إليهم رسالتي = ولا تخلطيها طال سعدُكِ ــ بالترب )
وقد أُعجبتُ بالبيت الأخير بل افتُتنتُ به حتى أنني بحثتُ عن صاحبته وصادقتها مثلما صادقت شعرها. ولأنني أعرف عزة ضبة وقوتها، وأعرف أن ولد علي سيفكر ألف مرة قبل أن يهاجمها، فقد نصحت هندا بالالتجاء إليها حتى تنكشف هذه الغُمّة.