ذات الوجه الجميل تستيقظ مبكرة في هذا الصباح :
وأول ما فعلته مدت أناملها وتحسست الراديو حتى عثرت على المفتاح، انهمرت أغنية غير واضحة ملفوفة في موسيقى ضاجة، خفضت من صوت الراديو حتى بدأت الموسيقى تنفصل عن تأوه أنثى تزحف خلف ذكريات كليلة، تثاءبت مرة أو مرتين ثم أنصتت فأيقنت أن الفجر على الأبواب، أرادت أن تعود للنوم لكن تياراً غامضا تسرب في شرايينها، وبدأت سخونة ناعمة تنشب أظافرها في كيانها، ألقت الفراش جانباً وتحركت واقفة، حتى المصباح الذي تعودت ألا تضيئه : إضاءة وأحست بمتعة حية تهز بدنها، وانتهت إلى المرآة فأراحها أن ترى وجهها، هذا الوجه الجميل المدسوس في الشعر المضطرب، أمعنت في المرآة أكثر فأحست بنشاط أكثر، ورفعت الشعر من حول الوجه فظهر جمالها أشد بريقا ووضوحاً، فتحت باب حجرتها وأنصتت قليلا، العريس الأول كان قويا شرساً وجميلا، تتمناه كل البنات وعندما تغنت أسرتها باسمه داهمتها رغبة عارمة أن ترفضه، رفضته بصوت عال داخل جماعة تعودت ألا تتيح لبناتها أن ترفض أو أن تقبل، كان شعرها قد تلبد تحت سطوة الإهمال، وحواجبها فقدت دقة تقوسها، وأثر لاكتناز كسول تضخم حول رقبتها وأسفل خدودها، وكان الصمت جليلا رغم كثرة الرافدين على الأرائك - وعلى الأرض أيضا.
تضع رأسها تحت الصنبور :
وعندما اندفع الماء البارد مخترقا أحراش الشعر انتفض الجسد كله، استعرت في الارتجاف البارد رغبة في السفر، أي سفر ؟؟، لم تفكر في ذلك من قبل، رغم كثرة المسافرين المخترقين للبيت : جنود وضيوف ومعارين ومتخرجين وباحثين عن لقمة العيش، وكان العريس الثاني ضابطاً ناعما هادئاً تتمناه كل البنات، وقرابتهما تبيح لهما أن يتجالسا، وحين تجالسا لاحظت أن عيونه ضيقة يتراقص فيهما مضطرب، كان يمعن فيها كثيرا فتحس بأن عيونه المتوترة لا تدعو للاطمئنان، صارحته بأمر عيونه فظل صامتاً فترة، ثم وقف ممعناً فيها وقد اتسعت عيونه حتى كادت تلتهم باقي رأسه، فأحست برغبة أن يندفع ماء الصنبور البارد لباقي جسدها.
ماء الدش يثير المسائل أكثر :
الذكريات المثارة بماء الدش أكثر وهجاً، ذات مرة اقتحم أحد أقاربها بيتهم، لم يكن في وعيه لكن الناس لم ينتبهوا، دخل ملتاثاً حتى واجهها، أحست بالقشعريرة لكنها لم تلبث أن استراحت لتدفق الماء، وكان وجهه يقطر عرقا، ظل ناظراً إليها دون أن ينبس، وظلت هي ممعنة في الوجه المتوتر، كانت عيونهما قد التمعت وأثارت زغللة وارتباكاً جميلا، لم يلبث أن استدار وخرج من بيتهم ولا يزال فاقدا الوعي، وفى اليوم التالي جاء ليخطبها، رفض الجميع لألف سبب، لكنها وافقت دون سبب، وبدأ الماء يتسلل لأجزاء وثنايا جسدها، من زمن لم تغتسل هذا الاغتسال الكاسح، وفتحت نافذة الحمام التي نادراً ما يفتحها أحد، ولم تهتم بالغبار الذي ملأ الحمام، ولا بما يوجبه فتح هذه النافذة الحمام التي نادرا ما يفتحها أحد، ولم تهتم بالغبار الذي ملأ الحمام، ولا بما يوجبه فتح هذه النافذة من مراعاة عيون الجيران، وكان الماء الدافق لا يزال يبحث عن ثنايا في جسدها العطشان.
لماذا الحناء الآن ؟؟
عندما خرجت كان الجميع لا يزالون نائمين، أغلقت السماء أبواب الحظ فطارت العصافير تغنى مللاً، كل ربيباتها - حتى العجفاوات - لهن رجال (بعضهن أهلكن أكثر من رجل) وأبناء وشهداء وعرائس، هذا تفكير الكفرة والخارجين على طواعية العزيز الحكيم، الحنون، أين الحناء ؟ ولماذا الحناء ؟؟ من زمن لم تر كفاً مصبوغة بالحناء، ارتدت قميصا ساترا وبدأت تعبث في مكامن الحناء، وجدت حق -أو علبة- الحناء خالية، كان جسدها قد تهلل عند ذكر الحناء، ارتدت ملابس تصلح للخروج، كانت سعيدة، و كانت جزلة، نزلت الدرج دون أن تأبه بمن يناديها وخرجت دون أن تهتم بأن الصباح لا يزال مبكرا، وهل يفتح العطار أبواب دكانته الآن ؟؟ مع ذلك وجدته جالساً أمام محله الموارب، كان ينظر إليها بعيون نافذة، في صوت طفولي طلبت بعض الحناء، تناول كيساً من داخل الدكان دون أن يدخل الدكان، مجرد ذراع طويلة امتدت وتناولت، قال لها البائع : خذي المسك، ولماذا المسك ؟؟ قال لها البائع : أنت حرة، فأخذت بعض المسك، ثم طلبت زجاجة عطر، فتناولها الرجل دون أن يقوم ودون أن يدخل الدكان، كانت فى قمة جمالها.
ذات الوجه الجميل تتجمل أكثر :
عندما عادت إلى حجرتها أحست بأن العالم كله يزغرد لها، رءوس رجال وألسنه نساء وبيارق وشارات، عجنت الحناء ووضعت العجينة حول أقدامها وبين يديها، انتبهت إلى أن التطيب بالمسك والعطر يفرض عليها أن تكون كفوفها وأصابعها حرة، راقعاً اختلاط المسك بالعطر بالحناء فكادت تغسل بالخليط كل جسدها، انتعشت الحجرة بالرائحة النفاذة فكادت ذات الوجه الجميل ترقص، فركت يديها من الحناء ثم عادت فوضعتهما في عجينة جديدة، ظلت الطيور تخترق الحجرة وكأنها تخلو من السقف، و خرجت النجوم من مداراتها وبدأت تتلصص من فوق الحوائط، وكان الجسد قد امتص كل الروائح فاندفع متفاعلا مع الوجود، وكان العمر قد تناثر في الأجواء العليا روائح تصدح بالموسيقى، وأحست أن الأوار داخلها يود أن يتعانق مع دفء الجنة، وكانت أيديها وأقدامها لا تزال مربوطة بلفائف الحناء، قلبت أكوام الملابس التي لم تستعملها من زمن، وأخرجت الفستان الأبيض الذي تعكس خلاياه أضواء العالم، ارتدته في حبور وصوتها قد بدأ يعلو شادياً، دارت به دورتين.
بعدها تحركت ذات الوجه الجميل إلى فراشها، حيث تمددت ساحبة آخر نغمات صوتها، تاركة الروائح الطيبة تملأ المكان، ثم بدأت أنفاسها تخفت وتتلاشى، والملائكة تسبل جفونها وتغلق عيونها، وتربت في حنان على جسدها الذي ظل دافئا -جميلا- ومبتسما - ثم لم تلبث الملائكة أن بدأت تسامرها وتمازحها، وتتضاحك وتتهامس معها، تمهيداً للنوم.
وأول ما فعلته مدت أناملها وتحسست الراديو حتى عثرت على المفتاح، انهمرت أغنية غير واضحة ملفوفة في موسيقى ضاجة، خفضت من صوت الراديو حتى بدأت الموسيقى تنفصل عن تأوه أنثى تزحف خلف ذكريات كليلة، تثاءبت مرة أو مرتين ثم أنصتت فأيقنت أن الفجر على الأبواب، أرادت أن تعود للنوم لكن تياراً غامضا تسرب في شرايينها، وبدأت سخونة ناعمة تنشب أظافرها في كيانها، ألقت الفراش جانباً وتحركت واقفة، حتى المصباح الذي تعودت ألا تضيئه : إضاءة وأحست بمتعة حية تهز بدنها، وانتهت إلى المرآة فأراحها أن ترى وجهها، هذا الوجه الجميل المدسوس في الشعر المضطرب، أمعنت في المرآة أكثر فأحست بنشاط أكثر، ورفعت الشعر من حول الوجه فظهر جمالها أشد بريقا ووضوحاً، فتحت باب حجرتها وأنصتت قليلا، العريس الأول كان قويا شرساً وجميلا، تتمناه كل البنات وعندما تغنت أسرتها باسمه داهمتها رغبة عارمة أن ترفضه، رفضته بصوت عال داخل جماعة تعودت ألا تتيح لبناتها أن ترفض أو أن تقبل، كان شعرها قد تلبد تحت سطوة الإهمال، وحواجبها فقدت دقة تقوسها، وأثر لاكتناز كسول تضخم حول رقبتها وأسفل خدودها، وكان الصمت جليلا رغم كثرة الرافدين على الأرائك - وعلى الأرض أيضا.
تضع رأسها تحت الصنبور :
وعندما اندفع الماء البارد مخترقا أحراش الشعر انتفض الجسد كله، استعرت في الارتجاف البارد رغبة في السفر، أي سفر ؟؟، لم تفكر في ذلك من قبل، رغم كثرة المسافرين المخترقين للبيت : جنود وضيوف ومعارين ومتخرجين وباحثين عن لقمة العيش، وكان العريس الثاني ضابطاً ناعما هادئاً تتمناه كل البنات، وقرابتهما تبيح لهما أن يتجالسا، وحين تجالسا لاحظت أن عيونه ضيقة يتراقص فيهما مضطرب، كان يمعن فيها كثيرا فتحس بأن عيونه المتوترة لا تدعو للاطمئنان، صارحته بأمر عيونه فظل صامتاً فترة، ثم وقف ممعناً فيها وقد اتسعت عيونه حتى كادت تلتهم باقي رأسه، فأحست برغبة أن يندفع ماء الصنبور البارد لباقي جسدها.
ماء الدش يثير المسائل أكثر :
الذكريات المثارة بماء الدش أكثر وهجاً، ذات مرة اقتحم أحد أقاربها بيتهم، لم يكن في وعيه لكن الناس لم ينتبهوا، دخل ملتاثاً حتى واجهها، أحست بالقشعريرة لكنها لم تلبث أن استراحت لتدفق الماء، وكان وجهه يقطر عرقا، ظل ناظراً إليها دون أن ينبس، وظلت هي ممعنة في الوجه المتوتر، كانت عيونهما قد التمعت وأثارت زغللة وارتباكاً جميلا، لم يلبث أن استدار وخرج من بيتهم ولا يزال فاقدا الوعي، وفى اليوم التالي جاء ليخطبها، رفض الجميع لألف سبب، لكنها وافقت دون سبب، وبدأ الماء يتسلل لأجزاء وثنايا جسدها، من زمن لم تغتسل هذا الاغتسال الكاسح، وفتحت نافذة الحمام التي نادراً ما يفتحها أحد، ولم تهتم بالغبار الذي ملأ الحمام، ولا بما يوجبه فتح هذه النافذة الحمام التي نادرا ما يفتحها أحد، ولم تهتم بالغبار الذي ملأ الحمام، ولا بما يوجبه فتح هذه النافذة من مراعاة عيون الجيران، وكان الماء الدافق لا يزال يبحث عن ثنايا في جسدها العطشان.
لماذا الحناء الآن ؟؟
عندما خرجت كان الجميع لا يزالون نائمين، أغلقت السماء أبواب الحظ فطارت العصافير تغنى مللاً، كل ربيباتها - حتى العجفاوات - لهن رجال (بعضهن أهلكن أكثر من رجل) وأبناء وشهداء وعرائس، هذا تفكير الكفرة والخارجين على طواعية العزيز الحكيم، الحنون، أين الحناء ؟ ولماذا الحناء ؟؟ من زمن لم تر كفاً مصبوغة بالحناء، ارتدت قميصا ساترا وبدأت تعبث في مكامن الحناء، وجدت حق -أو علبة- الحناء خالية، كان جسدها قد تهلل عند ذكر الحناء، ارتدت ملابس تصلح للخروج، كانت سعيدة، و كانت جزلة، نزلت الدرج دون أن تأبه بمن يناديها وخرجت دون أن تهتم بأن الصباح لا يزال مبكرا، وهل يفتح العطار أبواب دكانته الآن ؟؟ مع ذلك وجدته جالساً أمام محله الموارب، كان ينظر إليها بعيون نافذة، في صوت طفولي طلبت بعض الحناء، تناول كيساً من داخل الدكان دون أن يدخل الدكان، مجرد ذراع طويلة امتدت وتناولت، قال لها البائع : خذي المسك، ولماذا المسك ؟؟ قال لها البائع : أنت حرة، فأخذت بعض المسك، ثم طلبت زجاجة عطر، فتناولها الرجل دون أن يقوم ودون أن يدخل الدكان، كانت فى قمة جمالها.
ذات الوجه الجميل تتجمل أكثر :
عندما عادت إلى حجرتها أحست بأن العالم كله يزغرد لها، رءوس رجال وألسنه نساء وبيارق وشارات، عجنت الحناء ووضعت العجينة حول أقدامها وبين يديها، انتبهت إلى أن التطيب بالمسك والعطر يفرض عليها أن تكون كفوفها وأصابعها حرة، راقعاً اختلاط المسك بالعطر بالحناء فكادت تغسل بالخليط كل جسدها، انتعشت الحجرة بالرائحة النفاذة فكادت ذات الوجه الجميل ترقص، فركت يديها من الحناء ثم عادت فوضعتهما في عجينة جديدة، ظلت الطيور تخترق الحجرة وكأنها تخلو من السقف، و خرجت النجوم من مداراتها وبدأت تتلصص من فوق الحوائط، وكان الجسد قد امتص كل الروائح فاندفع متفاعلا مع الوجود، وكان العمر قد تناثر في الأجواء العليا روائح تصدح بالموسيقى، وأحست أن الأوار داخلها يود أن يتعانق مع دفء الجنة، وكانت أيديها وأقدامها لا تزال مربوطة بلفائف الحناء، قلبت أكوام الملابس التي لم تستعملها من زمن، وأخرجت الفستان الأبيض الذي تعكس خلاياه أضواء العالم، ارتدته في حبور وصوتها قد بدأ يعلو شادياً، دارت به دورتين.
بعدها تحركت ذات الوجه الجميل إلى فراشها، حيث تمددت ساحبة آخر نغمات صوتها، تاركة الروائح الطيبة تملأ المكان، ثم بدأت أنفاسها تخفت وتتلاشى، والملائكة تسبل جفونها وتغلق عيونها، وتربت في حنان على جسدها الذي ظل دافئا -جميلا- ومبتسما - ثم لم تلبث الملائكة أن بدأت تسامرها وتمازحها، وتتضاحك وتتهامس معها، تمهيداً للنوم.