ﻳﺴﺎﻓﺮ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﺣﺴﻦ ﺃﻳﺖ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ " ﻣﺮﺍﻓﺊ ﺍﻟﻮﺟﻊ " ﺑﺎﻟﻘﺎﺭﺉ، ﻧﺤﻮ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﻣﻠﺆﻫﺎ ﺍﻷﻟﻢ ﻭﺍﻷﺳﻰ ﻭﺍﻟﻮﺟﻊ، ﻭﺟﻊ ﺿﺤﻴﺘﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﻳﻜﺎﺑﺪ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ، ﻭﻳﺼﺮﺥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﻨﺰﻳﻒ.
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﻟﻴﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺗﻌﺪﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ ... ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻒ ﺃﻭ ﺟﻨﺲ ﺃﻭ ﻓﺌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ، ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺭﺩ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ
" ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻓﻘﺪ ﺁﻣﻨﺖ ﻭﻟﻤﺪﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﻭﺍﻟﻮﺿﻊ، ﻭﺑﻔﻌﻞ ﺟﺮﺍﺝ ﺗﻨﺰ ﺩﻣﺎ، ﺃﻭ ﺟﺮﺍﺡ ﺗﻨﺰ ﺃﻟﻤﺎ.
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ " (ﺹ 11).
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺃﻳﻀﺎ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻳﺤﻤﻞ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ " ﺍﻟﺤﻤﺎﻝ " ﻭ " ﺍﻟﺤﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ " ﻭ " ﺣﺬﺍﺀ ﻣﻨﺎﺿﻞ " ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺬﻭ ﺣﺬﻭﻫﺎ .
ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﻫﻬﻨﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ، ﺃﻭ ﻷﻗﻞ ﺍﻟﻮﺟﻊ ، ﻷﻧﻲ ﺇﻥ ﻓﻌﻠﺖ - ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺑﺎﻟﻎ - ﺳﺄﻧﻘﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ. ﺇﻧﻬﺎ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻣﺘﺮﺍﺑﻄﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﺺ " ﺍﻟﻜﻮﺗﺶ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﻞ
ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻟﻰ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ ﺟﻬﻼﺀ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺎﺭﺩ : " ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻧﺴﻲ ﻧﻔﺴﻪ " (64) ، ﺇﻧﻬﻢ ﻣﺪﺭﺑﻮﻥ ﺃﻋﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺎﺕ، ﻓﺴﺤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺳﺘﻠﺒﻮﻫﻢ ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻬﻢ. ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻘﻞ ﺗﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﻟﺔ، ﻭﻫﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺿﺮﺣﺔ ﺗﺒﺮﻛﺎ ﻭﺗﻌﻠﻘﺎ، ﻭﺫﺍﻙ ﻣﺎ ﻳﺼﻮﺭﻩ ﻧﺺ "ﺿﺮﻳﺢ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ .
" ﺃﻣﺎ ﻧﺺ "ﻭﺳﺎﺩﺓ " ﻓﻬﻮ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ، ﻓﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻧﻤﻂ ﻣﻐﺎﻳﺮ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻀﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻧﻀﺎﻝ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ﻭﺍﻷﻫﺪﺍﻑ " ﺻﺮﺧﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﻣﺔ : " ﻛﻠﻬﻢ ﻳﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨﺒﺰ . ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻀﺎﻻﺗﻬﻢ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ، ﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ، ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺧﺒﺰﻭﻳﺔ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﻘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ " (ﺹ 206).
ﺃﺭﺍﻧﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﻨﻘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻠﺖ ﺳﻠﻔﺎ ﺇﻧﻲ ﻻ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﺄﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺧﻔﻴﺎ ﻳﺸﺪﻧﻲ، ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻊ، ﻭﻟﺌﻦ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ
ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻓﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺻﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ، ﻭﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻈﻞ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﻗﺎﺑﻌﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﺭﻭﺣﺎ ﻭﺟﺴﺪﺍ. ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﻤﻮﺟﻊ ﺇﺫﻥ، ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﺣﺴﻦ ﺃﻳﺖ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ "ﻣﺮﺍﻓﺊ ﺍﻟﻮﺟﻊ " ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺰﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺧﺎﺻﺔ. ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺃﻥ ﺃﺷﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﺳﻠﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﺔ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﻟﻘﺎﺹ، ﻷﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺎ؛ ﺇﺫ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻣﻔﺼﻠﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺣﺒﻠﻰ ﺑﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ " ﺑﺎﻟﻮﻣﻀﺔ " ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺓ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﺸﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﻛﻞ ﻧﺺ. ﺃﻣﺎ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ ( ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ) ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ( ﺷﻌﺮ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ) ، ﻓﺤﻀﻮﺭﻫﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺟﻠﻲ.
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﻟﻴﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺗﻌﺪﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ ... ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻒ ﺃﻭ ﺟﻨﺲ ﺃﻭ ﻓﺌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ، ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺭﺩ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ
" ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻓﻘﺪ ﺁﻣﻨﺖ ﻭﻟﻤﺪﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﻭﺍﻟﻮﺿﻊ، ﻭﺑﻔﻌﻞ ﺟﺮﺍﺝ ﺗﻨﺰ ﺩﻣﺎ، ﺃﻭ ﺟﺮﺍﺡ ﺗﻨﺰ ﺃﻟﻤﺎ.
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ " (ﺹ 11).
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺃﻳﻀﺎ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻳﺤﻤﻞ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ " ﺍﻟﺤﻤﺎﻝ " ﻭ " ﺍﻟﺤﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ " ﻭ " ﺣﺬﺍﺀ ﻣﻨﺎﺿﻞ " ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺬﻭ ﺣﺬﻭﻫﺎ .
ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﻫﻬﻨﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ، ﺃﻭ ﻷﻗﻞ ﺍﻟﻮﺟﻊ ، ﻷﻧﻲ ﺇﻥ ﻓﻌﻠﺖ - ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺑﺎﻟﻎ - ﺳﺄﻧﻘﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ. ﺇﻧﻬﺎ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻣﺘﺮﺍﺑﻄﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﺺ " ﺍﻟﻜﻮﺗﺶ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﻞ
ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻟﻰ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ ﺟﻬﻼﺀ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺎﺭﺩ : " ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻧﺴﻲ ﻧﻔﺴﻪ " (64) ، ﺇﻧﻬﻢ ﻣﺪﺭﺑﻮﻥ ﺃﻋﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺎﺕ، ﻓﺴﺤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺳﺘﻠﺒﻮﻫﻢ ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻬﻢ. ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻘﻞ ﺗﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﻟﺔ، ﻭﻫﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺿﺮﺣﺔ ﺗﺒﺮﻛﺎ ﻭﺗﻌﻠﻘﺎ، ﻭﺫﺍﻙ ﻣﺎ ﻳﺼﻮﺭﻩ ﻧﺺ "ﺿﺮﻳﺢ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ .
" ﺃﻣﺎ ﻧﺺ "ﻭﺳﺎﺩﺓ " ﻓﻬﻮ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ، ﻓﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻧﻤﻂ ﻣﻐﺎﻳﺮ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻀﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻧﻀﺎﻝ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ﻭﺍﻷﻫﺪﺍﻑ " ﺻﺮﺧﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﻣﺔ : " ﻛﻠﻬﻢ ﻳﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨﺒﺰ . ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻀﺎﻻﺗﻬﻢ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ، ﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ، ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺧﺒﺰﻭﻳﺔ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﻘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ " (ﺹ 206).
ﺃﺭﺍﻧﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﻨﻘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻠﺖ ﺳﻠﻔﺎ ﺇﻧﻲ ﻻ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﺄﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺧﻔﻴﺎ ﻳﺸﺪﻧﻲ، ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻊ، ﻭﻟﺌﻦ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ
ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻓﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺻﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ، ﻭﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻈﻞ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﻗﺎﺑﻌﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﺭﻭﺣﺎ ﻭﺟﺴﺪﺍ. ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﻤﻮﺟﻊ ﺇﺫﻥ، ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﺣﺴﻦ ﺃﻳﺖ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ "ﻣﺮﺍﻓﺊ ﺍﻟﻮﺟﻊ " ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺰﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺧﺎﺻﺔ. ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺃﻥ ﺃﺷﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﺳﻠﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﺔ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﻟﻘﺎﺹ، ﻷﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺎ؛ ﺇﺫ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻣﻔﺼﻠﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺣﺒﻠﻰ ﺑﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ " ﺑﺎﻟﻮﻣﻀﺔ " ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺓ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﺸﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﻛﻞ ﻧﺺ. ﺃﻣﺎ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ ( ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ) ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺹ ( ﺷﻌﺮ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ) ، ﻓﺤﻀﻮﺭﻫﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺟﻠﻲ.