بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد وبه نستعين وصلي الله علي سيدنا محمد علي آله صحبه وسلم تسليماً دور اللغة العربية فى القانون
القانون هو عمدة الفصل بين الناس في المعاملات والحقوق شرعاً سماويًا كان او عرفاً ارضيا . ولعلنا إن تأملنا جميع القوانين بفحص دقيق في بلاد المعمورة بين سائر اصناف شعوبها وقبائلها ودولاتها صغيرة وكبيرة نجد ان الاصل فيها كلها سماوى ثم يُخلله اجتهاد ارضى وقد يحسن الاستدلال فى هذا الموضع بقوله تعالى: " وعَلَّمَ آدَمَ الأسماءَ كُلَّها " القانون انما تحفظها اللغة في الصدور والسطور والعرف وغير ذلك من وسائل الحفظ والتدوين.والأسماء لغة و اللغة أسماء. والفعل مشتق من المصدر وهو اسم. والحرف وسيلة تدل على معان هى فى حقيقتها أسماء.
ومن شأن ابن آدم التغير، قال الشاعر:ـ
وقد زعمت انى تغيرت بعدها *** ومن ذا الذى يا عزُّ لا يتغيّر
واللغة تتغير وابن ادم في تغيره من حالٍ الى حالٍ ويتطور ويتغير ويزول ويحافظ. وقال تعالى: "ان الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له" اى اذا اراد بقوم سعوا هم اليه وغيروا بما يجلبه اليهم :كما قال الاخر وكنت كغير السوء والفساد الذى قد يجره التغير . وقالت لغة لا تنزرع بنوع من الوقاية تدافع به خطر التغير. واللغات التى يصطلح لها اسم السامية وهو اصطلاح فيه الان نظر فيها نوع محافظه احسب ان اصله دينى سماوى . بعضهم ان لغة ابينا ادم امنا حواء عليهما السلام فى الجنة كانت السريانية وهذا بعيد لأن السريانية من متأخرات اللغات السامية زماناً ؛ وزعموا ان المسيح عليه السلام كان يتكلم بها . وقد دثرت العبرانية من مجال الكلام قبل زمانه ولكنها انما بدأت فى ثوبها الفصيح بها فى توراة موسى عليه السلام وكانت اللغة الدائرة بين بني اسرائيل انفسهم فى الكثير الغالب وبينهم وبين غيرهم هى المصرية القديمة. وروى بعضهم ان ادم وحواء عليهما السلام انما كانا يتكلمان العربية وقد رثى ادم ابنه المقتول فقال :
تغيرت البلاد ومن عليها *** فوجه الأرض مغبر قبيح
وعلى هذا تكون اللغة العربية اقدم اخواتها اللاتى يقال لهن اللغات السامية واحدثهن في نفس الوقت. ومما كان حقوق هذا المذهب قول صاحب القاموس ال
محيط في باب العين فصل الكاف ج 3 ص 80 الكنعانيون امة تكلمت لغة تضارع العربية ، أولاد كنعان بن سام بنى نوح عليه الصلاة والسلام . وفى سفر التكوين في الاصحاح العاشر رقم 6 " وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان"
وهؤلاء جميعا كانوا ومازالوا اعداء بني اسرائيل اليهود فنسبوهم ـ الى حام ونفوهم عن سام ، وهذا يقوى ما قدمنا قبل من ان اصطلاح السامية اللغات فيه نظر ،ولعل مرده الى نعرة عنصرية عند اليهود والاوربيين معا. واللغة العربية أشد اللغات السامية محافظة . وأحسب أن أكبر أسباب ذلك أن لها أصلاً سماوياً من شواهده سبقها وسبق أخواتها إلى تدوين القوانين كمجلة لقمان. وقال تعالى: " ولقد آتينا لقمان الحكمة(1) " وكانت مجلة لقمان فيما روت سيرة ابن هشام مع سويد بن صامت(2) (والمجلة الصحيفة) فحسب حينما دعاه النبى e إلى الاسلام إنما كان يدعوه إلى شئ مثلها .
وقد نزّل الله عز وجل القرآن باللغة العربية . قال تعالى " إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلّكم تعقلون" (3) وقال جلّ شأنه بلسانٍ عربيّ مّبين" (4) وقال جلّ شأنه "إنّا جعلناه قُرآناً عربيّاً لعلكم تعقلون" وكانت كهنة العربِ يفتتحون سجعهم الذي كانوا يزعمون أن تلقيه إليهم الجن عن استماع لنبأ السماء بعبارات يهوّلون بها، كقول الكاهنة "أفٍ وتُفٍ وخُفٍ" وكقول الآخر :"أدر ما أدر" وقد نزل القرءان على مذهب العرب في البلاغة، وتحدّاهم بإعجازه، وأخبرهم خبراً لا مرية فيه أنه بلسانٍ عربيٍ مبين، الم، كهيص، المر وهى حروف العربية التي تُتَهجّى بها لا أفعال كهنوتٍ غامضات كقول أدر، أدروتف وجورب وخف . وقد حاول مسيلمة أن يجئ بمثل أقسام القرآن فجاء بالمغسول الغث نحو يا ضفدع بنت ضفدعين .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم فصيح اللسان عالماً بما علّمه ربه من ألسنة العرب تشهد بذلك رسائله ومخاطباته لمختلف قبائلهم . وقد يستشكل بعض الباحثين قلة احتجاج النُحاة بالحديث وحرصهم على الاحتجاج بالقرآن والشعر. وحسب بعض من ناقشوا في هذا أن سببه رواية الحديث بالمعنى فينفع فيه من بعض الرواة لحن. وعندي أن السبب هو خوف العلماء بالنحو من تعقب أسانيد الحديث، فيقع عليهم من الجرح والتعديل ما هم أحرص على ألاّ يقع عليهم في غير باب حاقّ درس الحديث. وقد كان حمّاد بن سلمة رضى الله عنه من أئمة النحو وأئمة الحديث. وتخطئته لسيبويه في بعض ألفاظ الحديث هى التي حدت هذا على أن يطلب النحو ويكون فيه هو الإمام. وحرص المسلمون علي معرفة اصول دينهم وفروعه من القرآن ومن الحديث والسنة. وذلك ألزمهم الدرس اللغة العربية الصحيحة الفصيحة والتغلغل فى أسرار بلاغتها، والنظر فى صرفها وأساليبها وآدابها. والتأمل الدقيق فى جميع ذلك. وقد تناول بعض هذه المسالة جار الله فى تفسيره آية سورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيِّن لهم " تناولاً حسناً. قال رحمه الله: فان قلت لم يُبْعَث رسول الله e إلى العرب وحدهم وإنما بعث إلى الناس جميعاً ـ قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعاً بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة…… فلا حاجة بنزوله جميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل، فبقى ان ينزل بلسان واحد، فكان اولى الألسنة لسان قوم الرسول لأنهم اقرب اليه فاذا فهوا عنه تبينوه وتنوقل عنهم وانتشر قامت التراجم فى كل امةٍ من امم العجم، مع ما فى ذلك من اتفاق اهل البلاد المتباعدة والأقطار المتنازحة والأمم المختلفة والأجيال المتفاوتة على كتاب واحد واجتهادهم فى تعلم لفظة وتعلم معانيه وما يتشعب من ذلك من جلائل الفوائد … إلخ )(1)
ومن محاسن العربية التى هيأتها بعلم الله وحكمته لحمل الرسالة التى بعث الله بها خاتم أنبيائه أنها سخية بالاشتقاق، غير كتوم لأصول لفظ كائنا ما كان وإن بدا ان معى اواخر مشتقاته قصى جدا عن اوائل اصوله. وقد اشارا حتى معاصرى المستشرفين ، والفضل ما شهدت به الأعداء الى نحو من هذا المعى حيث نبه الى ان المجرد وهو لفظ دال على امر معنوى محض اصل اتفاقها من الجريد وهوشى عادى مخصوص وقريب من ذلك فى اصل دلاله الاشتقاق قولهم اجرد وجرداء وقالوا الجراد لان يترك الحقل اجرد ، وقال للمعنية جرادة لأنها تجرد سامعها مما عنده من المال وقيل ان وقد عاد للاستسقاء عند البيت شغلتهم الجراد ثان الغنيات عما جاءوا له ـ قال ابن احمد :
كشراب قيل عن مطيته *** ولكل امـر واقـع قـدر
وجـراد ثـان تغنيانهـم *** وتلا الا المرجان التشذر
فألفاظ القانون وصياغاته العربية لا يفسدها غيم التطور والتغير افساده لما يقع من ذلك في غيرها ،لأن الاصل الذى منه الاشتقاق يشق عنه كلما اشتق منه ،
وقى كل بلاد العربية للعربية لغتان ، الفصية والدارجة ولأن فى ما مضى من زمان كانت الفصيحة يقبل عليها العلماء دون غيرهم، والدارجة عليها كلام سائر الناس كان من محافظه الفصحى على نفسهم اساليب القران والحديث رقيب على ان فاعات العامية تطوراتها، وكان من قرب العامية الى الفطرة وبعدها عن تكلف جهد صناعة العلماء والادباء رقيب على الفحصى من ان تصير الى الجمود ، كالذى حدث لللاتينية حينما زاحمتها عاميات أوربا التى هى الآن لغاتها الحديثة الحية.
والقانون فى بلاد المسلمين أبداً يستمد أصوله من الكتاب والسنة حتى حينما يحاول أن يكون مواكباً للقوانين العصرية الوضعية فى شرق أوربا وغربها. ومما يثبت المسلمين على هذا الوجه الصحيح أن قوانين أوربا فى شرقها وغربها قد نظرت نظراً شديداً إلى القانون الاسلامى والقضاء الاسلامى واخذت من ذلك اخذا باعتراف وبلا اعتراف . اكثر حقوق الانسان بدا بحرية العقيدة مأخوذة من الاسلام. حتى تحرر الرقيق اصله من بلاد الاسلام حيث كان اذ حرر المملوك صار مولى لمن حروره له ما لهم وعليه ما عليهم . وقد ابى انس ابن مالك t لسيرين ان يكاتبه لان هذا كان غنياً وكان انس يمنع ان ياذنا له بالمكاتبة لأنه كان يريد ان يرثه ونباه بذلك فشكاه الى عمر فأمره عمر ان يكاتبه وعند مالك فى الامر نظر. وكانت معامله الترك ـ الذين ضلت قيادتهم الكمالية وراء الوضعية والدنيوية التى يقال لها الآن ـ( ولامشاحه فى الاصطلاح ولكن فيه بعداً الا اشتاق العلمانية: كأنه من العلم والعلم سبيل إلى خشية الله لا انكاره وانكار وجوه هدايته وان جعلت اشتقاقه من العام وهو وبعيد فان الله هو رب العالمين) ـ لغير المسلمين وللمسلمين غير البعض مما دفع بمشرعى أوربا الى مراجعات كثير لوحشية مسالكها وقد كان الأرقاء فى بلاد المسلمين اقرب الى المجتمع بحقوق الانسان من الطبقات السفلى فى المجتمعات الاوربية فى القران التاسع عشر واكبر خطا من حقوق الانسان من رغم انة رفع عنهم الرق من السودان اوروبا وامريكا. ولا تستبعد ان تقع بعد ما احرزه نيلسون مانديلا نكسات.
وتطورات المجتمع الانسانى وتغيرات أساليب الحياة فيه أكثر وأفعل من تغير اللغات وتطورها. بل كثيراً ما يكون تطور ألفاظ اللغات وتغيرها تابعاً لتطورات المجتمع وتغيرات ظروفه. ولاريب انه فى زماننا هذا شبت حرب عداوة شديدة للقرآن الحديث من بقايا نعرة صليبية فى الاستشراق وقيادات غرب اوربا وشرقها. وحرصت هذه العداوه الشديدة على محاربة العربية ناسبة لها إلى الجمود ومجترئة من طر يق عملائها على افساد اصالتها باسم الحداثة. امر ينبغى التنبيه اليه والتحذير منه. وليست كل قوانين الاسلام الحدود فهذا قد دعا الرسول صلى الله علية وسلم الى درئها بالشبهات. وهذا الذى دعا اليه ليس بنقص لها ولا بحث على التحاليل عليها. ولا يسيغ لمؤمن أن يستشعر نقصاً إزاء مسلكه الاسلامى. شرب قدامة بن مظعون رضى الله عنه واحتج بقوله تعالى: "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طمعوا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين" فلم يقبل منه عمر لأن التقوى ظاهر معناها وباطنه تجنب الإثم. وشكا صفوان بن أمية سارق نعله فى المسجد فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بقطعة فذكر صفوان بن أمية انه لم يشكه ليعاقب هذا العقاب الصارم، فبين له النبى r أنه قد بلغ به الى سدة الحكم فمتى ثبت الجرم عليه وجب حده وليس للحاكم أن يحيد عن الحد بعفو من الشاكى إذ كان على هذا أن يسبق بعفوه الشكوى. ولئن صح هذا الخبر فما احسب إلا أن السارق قد عوقب لمقاربته الحرابة إذ قد اخاف المسلمين فى مسجدهم بما اجترأ عليه من السرقة .
وفى تفسير القرطبى عند آية حد السرقة فى سورة المائدة: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" (9) ما يفيد أن السارق قد يدرأ عنه الحد توبقه قبل ان يعاقب. وفى امر الحرابة قال تعالى: "إلا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم" فيمكن أن يحمل هذا من قصة التوبة على عمومة فى حد غير الحرابة ، وتكون القدرة هنا أقامه الحد.
والمصائب دائما أول أمرها مفظع ثم بعد ذلك يهون. ومن اجل هذا يتباطأ القضاء. وكأنه ابدا بحجة تحقيق العدالة يقف فى جانب المشكو، ومن هذا الطريق ينجو كثير من الظالمين وتتقطع نفوس المعتدى عليهم أو من يكون وليا لهم حسرات.
وقد قتل هدبة بن خثرم زيادة بن زيد الرقاشى فحرص اخو زيادة أن يدرك الثائر واقر هدبة بما صنع ذكره معاوية قام أن يقتص منه فرأى أن يهمل الأمر حتى يبلغ ابن فعله يعفو فلم يفعل.
وفى رسالة القضاء من عمر الى ابى موسى رضى الله عنهما:لا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع الى الحق ، فان الحق القديم، ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل. الفهم الفهم فيما تلجلج فى صدرك مما ليس فى كتاب ولاسنة ثم احرف الأشياء. والامثال:ـ والرسالة من نفيس الآثار اوردها محمد بن يزيد المبرد كامله فى كامله فى أوائل كتابه حيث بدأ بعد السياجة القصيرة بعد الحمد الله الصلاة والسلام على نبه بايراد بعض كلام النبى r ثم اتبعه بعض كلام الصديق رضى الله ثم صار الى الفاروق فأورد رسالة القضاء فى سياق الاختيار من آثاره. وزعم احد المستشرفين أن رسالة العمرية أقفالها بلال بن ابى برده على عمر يبغى بذلك مأثرة لجده أبى موسى الأشعرى وهذا من اغرابات المستشرفين. ومهما يكن من شئ فهى نص كما قد مما ثمين. وبلال بن ابى برده من قضاء زمان بن أميه فان يكن هو صاحب الرسالة فأهمية ذلك التاريخية لا نتقص حقاً معا. ومراجعة العقل والرجوع الى الحق كأنها متضمنة معنى الروية والشورى. وقد كان قضه الاندلس مما يستشيرون. وعنهم أخذ الافرنج الضيف الذى يقال له عند الأنجلوسكسونيين اسم المخلصين،وذكر ترافليان فى مختصر تأريخه للانكاليز ان اوائله كانت من اختراع الملك هنرى الثانى بلانتجت وقد كان مثقفاً يعرف العربية وأستاذه أدلارد الباثى عالم العربية الصليبى البريطانى.
هذا ولا تفسد ظاهرة تطور اللغة وتغييرات المجتمع صحة شرائع الكتاب والسنة ولا تهدد باب الاجتهاد الجاد فيها باغلاق. على أنه ينبغى أن نتذكر ونشعر دائما بأن تشريعات الدين أبداً ويجب أن تستند على دعامة من التقوى. والتقوى أبداً مع الصدق والإخلاص وخشية الله. وهذا جانب نلقى غالباً ما تطمس بهاءه مماراة الجدل القانونى وحيله. مثلاً قول الله تعالى: "وأحلَّ اللهُ البيعَ وحَرَّمَ الرِّبا" نص لاريب فيه فى حرمة الربا، لا يكون به بيعاً حلالاً قط. والاحتيال ببيع العينة ليس بشىء، ومنعه المالكية بحجة سد الذرائع، ولكنه فى حقيقته احتيال على الربا فهو ربا. وحجة الاسلام فى منع الربا قائمة إلى يوم القيامة. وقد فطن بعض دعاة الرأسمالية الى أن مقالة الرئيس مختار الماليزى فى هذا الصدد ناشئة عن معنى صوب كبير.
وأما ذهب الية من تأولوا أمر حب السرقة على أمر حب الحرابة بدعوى العموم فى قوله تعالى:"من قبل أن تقدروا عليهم" فأدخل، والله اعلم، فى حمل التأويل على المعروف من حض الدين على مراجعة النفس الأمارة بالسوء والاقتراب من الأوبة والتوبة والندم، فإن صدق الندم والتوبة النصوح فى الحسنات اللاتى يذهبن السيئات، فالباب الذى طرقوه باعدوا إليه من التأويل واسع. وفى الطبرى عن بعضهم وقال آخرون كل من جاء تائباً من الحُرَّاب قبل القدرة عليه استأمن الإمام فأمنه أو لم يستأمنه، ثم ذكر الطبرى فى ذلك أخباراً احتج بها لهذا الوجه. وروى عن على بن أبى طالب أن أسقط حد الحرابة عن حارثة بن بدر الغدانى إذ جاءه مستأمناً سعيد بن قيس الهمدانى فقال وهو شاعر:ـ
ألا بلغـا همـدان إمـا لقيتهـا *** على النأى لا يسلم عدو يعيبها
لعمر أبيها إن همدان تتقى الـ *** إلـه ويقضى بالكتاب خطيبهـا
وقال بعضهم أن توبة المرء فيما بينه وبين ربه وعلى الإمام إقامة الحد الذى أوجبه الله عليه.
والعالم المعاصر يعيب إقامة عقوبة الاعدام على القاتل عمداً. فبعض الدول عطلت عقوبة الاعدام البتة وما زالت تقيها على من يزعم أنه ارتكب الخيانة العظمى، وقد اعدم قوم بالغلول على أيام غورباتشوف، واعدم مجرمى الحرب العالمية الثانية اصدرته محكمة نورفمبرج. واستفتى البرلمان البريطانى على عهد مرغريت ثاتشر فلم يجز اعادة العقوبة. وقريباً كأنما ثارت ثائرة من الناس تقول بأن القانون كان ميله مع الظالم ومع المجرم. وقريباً راجع قاضى أمريكى حكمه فى صبية قاتلة فأعفاها متأثراً بعواطف المدنية وصيحات الباطل من متظاهريها بعد أن كان أوقع عليها سجناً صارماً. ولو قد كان رجع فيه إلى وجه هو حقاً أعدل نمه لكان ذلك أصوب.
ولا أدرى كيف يستطيع متأول أن يخرج بعقوبة القتل على مستحقه من حكمة قوله تعالى: "ولكم فى القصاص حياة " إلا على توسع احتيالى الصبغة فى التأويل كأن يزعم أن ههنا مجازاً ـ نعوذ بالله أن نقول فى تفسير كلامه بالرأى أو بالهوى.
وإذن فلا بدّ أن ينظر فى كل تأويل إلى السياق الدينى وأن يربط ذلك بالرباط الروحى المعنوى مع السياق اللغوى. ومع أن علماء الأصول ربما سارعوا إلى تعميم ما يبدو من دلالات النص بغض النظر عن أسباب نزوله فإن اعتبار السياق عظيم الأهمية.
من ذلك مثلاً تفسير الطبرى للدرجة المذكورة فى قوله تعالى: " ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " (البقرة22 حيث قال بعد أن ذكر من التأويلات مثلاً قول من قال إن الدرجة هى الصداق وأنها إذا قذفته حُدَّت وإذا قذفها لاعن، ومثلاً أنها اللحية والشارب ومثلاً أنها كونه عليها أميراً. قال: وأولى هذه الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله ابن عباس وهو أن الدرجة التى ذكر الله تعالى ذكره فى هذا الموضع، الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها واعفاؤه لها عنه وأداء كل الواجب لها عليه، وذلك أنَّ الله تعالى ذكره قال: " وللرجال عليهن درجة " عقيب قوله: "ولهنّ مثل الذى عليهن بالمعروف " فأخبر تعالى ذكره أن على الرجل من ترك ضرارها فى مراجعته إياها فى أقرئها الثلاثة وفى غير ذلك من أمورها وحقوقها، مثل الذى عليها فى ترك ضراره فى كتمانها ما خلق الله فى أرحامهن وغير ذلك من حقوقه، ثم ندب الرجال الى الأخذ عليهن بالفضل، اذا ترك بعض أداء بعض ما اوجب الله لهم عليهن، فقال تعالى ذكره: "وللرجال عليهن درجة " بتفضلهم عليهن وصفحهم لهن عن بعض الواجب عليهن، وهذا هو المعنى الذى قصد ابن عباس بقوله: ما أحب أن أستنظف جميع حقى عليها لأن الله تعالى ذكره يقول: "وللرجال عليهن درجة " قال الطبرى بان معنى الدرجة المنزلة والرتبة وهذا منه شرح للمعنى اللغوى بعد ما بيَّن التفسير والله اعلم وهل يجير الشاهد على الحضور أمام الحاكم؟ أحسب لائحة المحاكم عندنا تجبر المرء أو المرأة ليحضرا أمام المحكمة. ولا يكون المرء شاهدا الا اذا تحمل الشهادة فعندئذ علية الحضور وبذلك فسر الطبرى قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " وذكر أقوالاً منها قول مجاهد قال إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك. وعن الحسن البصرى أنه سأله سائل قال ادعى الى الشهادة وأنا أكره ان أشهد عليه. قال فلا تجب ان شئت ثم قال الطبرى " فانما أمرهم با لاجابة للدعاء للشهادة وقد الزمهم اسم الشهداء، وغير جائز أن يلزمهم اسم الشهداء الا وقد استشهدوا قبل ذلك فشهدوا" فعلى هذا لا يصح إجبار من لم يثبت قبوله أن يشهد وقد ستشهد لأن اسم الشاهد لا يطلق عليه باعتبار ما سيكون وهو معرض عنه غير قابل له والى نحو من قول الطبرى ذهب الجهور الان أن زعم ابن كثير ان أداء الشهادة فرض كفاية يمكن أن يستنتج منه أنه فرض عين أن لم يوجد أمرؤ واحد.
وعند المسلمين على ما فى المذهب أنه لاتجوز شهادة النساء الا فى الاموال وما يحض النساء أما فى شؤون الرجال فلا يشهدن. وفى الرسالة : ولا تجوز شهادة النساء لا فى الاموال ومائة امرأة كامرأتين وذلك كرجل واحد يقضى بذلك مع رجل او مع اليمين فيما يجوز فيه شاهد ويمين وشهادة امرأتين فقط فيما لا يطلع عليه الرجال من الولادة والاستهلال وشبهه جائزة واشتراط عدم اجازة الشهادة الا نساء فى ما فى ما هو من شؤون الرجال كأنه فيه نظر لأن لقيام النساء بشؤون الرجال حتى فى بعض يظن أنه شاق وذلك لأن التقنيات الحديثة اغنت عن ما كان ينفرد به الرجل عن المرأة من شدة الجسد وقوة احتمال القتال والله أعلم. ومن مسائل اللغة المتعلقة با استنباط الأحكام من القران والحديث امر الاجابة والمنع والعزيمة فيما ظاهره أمر ونهى. وفى موطأ الأمام مالك رضى الله عنه فى كتاب المكاتب " وقد سمعت بعض اهل العلم اذا سئل عن ذلك فقيل له ان الله تبارك وتعالى يقول: " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيراً " يتلو هاتين الآيتين " واذا حللتم فاصطادوا" فاذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الارض وابتغوا من فضل الله "
وقال مالك إنما ذلك أمر اذن الله فيه للناس وليس بواجب عليهم * أ.هـ .فلعى هذا يمكن حمل ولاياب الشهداء اذا ما دعوا أنه على الندب. وكذلك قوله تعالى فليكتب وقوله تعالى" خذ من أموالهم صدقة" فهل هذا أمر عزيمة أو هو ندب او هو اباحة ؟ قال القرطبى فى تفسيره المفضل المرتب فى تفسير اية التوبة " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم" اختلف فى هذه الصدقة المأمور بها فقيل هى صدقة الفرض وقبل مخصوص من نزلت فيه "
وهذا الوجه. هو الزى أخذ به الطبرى فى جامع البيان قال رحمه الله : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r يا محمد خذ من اموال هؤلاء الذى اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم وتزكيهم لها... الخ والطبرى ههنا على مذهبه من ايثار النظر الى السياق. والحق أن التبعيض فى سياق الآيات 100 ـ 170 واضح ـ الفرقة الأولى فى الآية 100 السابقون الاولون من المهاجرين والأنصار الخ والثانية المنافقون ممن لكم من الأعراب الخ والثالثة،والفرقة الرابعة المعترفون بذنوبهم وهؤلاء هم المقول فيهم خذ أموالهم والخامسة المرجون لأمر الله والسادسة الذين ا تخذوا مسجدا ضرار هذا وفى الآية 117 خبر العسرة وبى 118 خبر الثلاثة الذين خلفوا ـ فهذا سياق مفتصل. وقد ذكر الله تعالى تفصيل الزكاة فى الآية 60 " إنما الصدقات " ... الخ هذا وفى القران المجاز والرمز، فمن شواهد المجاز قوله تعالى :ـ أيجب احدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "وقال تعالى :ـ قال آتيك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا"
وفى خبر الخضر عليه السلام وسيدنا موسى عليه السلام من الرمز معان كثيرة كقتل الغلام وان له بأقرب منه زكاة ورحما قالوا بدل ببنت صالحة . ونحن فى هذا العصر تلزمنا دراسة العربية نحوها وصرفها وشعرها ونثرها المأثور بدقه لنغوى على فهم القران والحديث وكتب الحضارة الاسلامية العظام الجسام. ثم بعد هذا كله وقبله كله يلزمنا أمر الخلق الكريم السمح فى الزمان أوشكت فيه المادة الدنيوية المقاصد ان تغطى على كل شئ. وامر الخلق السمح إنما يتأتى بالتقوى والايمان فنسأل الله الهداية والتوفيق والله الحمد بدءا وختاما وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين.
البروفيسور عبد الله الطيب
وله الحمد وبه نستعين وصلي الله علي سيدنا محمد علي آله صحبه وسلم تسليماً دور اللغة العربية فى القانون
القانون هو عمدة الفصل بين الناس في المعاملات والحقوق شرعاً سماويًا كان او عرفاً ارضيا . ولعلنا إن تأملنا جميع القوانين بفحص دقيق في بلاد المعمورة بين سائر اصناف شعوبها وقبائلها ودولاتها صغيرة وكبيرة نجد ان الاصل فيها كلها سماوى ثم يُخلله اجتهاد ارضى وقد يحسن الاستدلال فى هذا الموضع بقوله تعالى: " وعَلَّمَ آدَمَ الأسماءَ كُلَّها " القانون انما تحفظها اللغة في الصدور والسطور والعرف وغير ذلك من وسائل الحفظ والتدوين.والأسماء لغة و اللغة أسماء. والفعل مشتق من المصدر وهو اسم. والحرف وسيلة تدل على معان هى فى حقيقتها أسماء.
ومن شأن ابن آدم التغير، قال الشاعر:ـ
وقد زعمت انى تغيرت بعدها *** ومن ذا الذى يا عزُّ لا يتغيّر
واللغة تتغير وابن ادم في تغيره من حالٍ الى حالٍ ويتطور ويتغير ويزول ويحافظ. وقال تعالى: "ان الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له" اى اذا اراد بقوم سعوا هم اليه وغيروا بما يجلبه اليهم :كما قال الاخر وكنت كغير السوء والفساد الذى قد يجره التغير . وقالت لغة لا تنزرع بنوع من الوقاية تدافع به خطر التغير. واللغات التى يصطلح لها اسم السامية وهو اصطلاح فيه الان نظر فيها نوع محافظه احسب ان اصله دينى سماوى . بعضهم ان لغة ابينا ادم امنا حواء عليهما السلام فى الجنة كانت السريانية وهذا بعيد لأن السريانية من متأخرات اللغات السامية زماناً ؛ وزعموا ان المسيح عليه السلام كان يتكلم بها . وقد دثرت العبرانية من مجال الكلام قبل زمانه ولكنها انما بدأت فى ثوبها الفصيح بها فى توراة موسى عليه السلام وكانت اللغة الدائرة بين بني اسرائيل انفسهم فى الكثير الغالب وبينهم وبين غيرهم هى المصرية القديمة. وروى بعضهم ان ادم وحواء عليهما السلام انما كانا يتكلمان العربية وقد رثى ادم ابنه المقتول فقال :
تغيرت البلاد ومن عليها *** فوجه الأرض مغبر قبيح
وعلى هذا تكون اللغة العربية اقدم اخواتها اللاتى يقال لهن اللغات السامية واحدثهن في نفس الوقت. ومما كان حقوق هذا المذهب قول صاحب القاموس ال
محيط في باب العين فصل الكاف ج 3 ص 80 الكنعانيون امة تكلمت لغة تضارع العربية ، أولاد كنعان بن سام بنى نوح عليه الصلاة والسلام . وفى سفر التكوين في الاصحاح العاشر رقم 6 " وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان"
وهؤلاء جميعا كانوا ومازالوا اعداء بني اسرائيل اليهود فنسبوهم ـ الى حام ونفوهم عن سام ، وهذا يقوى ما قدمنا قبل من ان اصطلاح السامية اللغات فيه نظر ،ولعل مرده الى نعرة عنصرية عند اليهود والاوربيين معا. واللغة العربية أشد اللغات السامية محافظة . وأحسب أن أكبر أسباب ذلك أن لها أصلاً سماوياً من شواهده سبقها وسبق أخواتها إلى تدوين القوانين كمجلة لقمان. وقال تعالى: " ولقد آتينا لقمان الحكمة(1) " وكانت مجلة لقمان فيما روت سيرة ابن هشام مع سويد بن صامت(2) (والمجلة الصحيفة) فحسب حينما دعاه النبى e إلى الاسلام إنما كان يدعوه إلى شئ مثلها .
وقد نزّل الله عز وجل القرآن باللغة العربية . قال تعالى " إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلّكم تعقلون" (3) وقال جلّ شأنه بلسانٍ عربيّ مّبين" (4) وقال جلّ شأنه "إنّا جعلناه قُرآناً عربيّاً لعلكم تعقلون" وكانت كهنة العربِ يفتتحون سجعهم الذي كانوا يزعمون أن تلقيه إليهم الجن عن استماع لنبأ السماء بعبارات يهوّلون بها، كقول الكاهنة "أفٍ وتُفٍ وخُفٍ" وكقول الآخر :"أدر ما أدر" وقد نزل القرءان على مذهب العرب في البلاغة، وتحدّاهم بإعجازه، وأخبرهم خبراً لا مرية فيه أنه بلسانٍ عربيٍ مبين، الم، كهيص، المر وهى حروف العربية التي تُتَهجّى بها لا أفعال كهنوتٍ غامضات كقول أدر، أدروتف وجورب وخف . وقد حاول مسيلمة أن يجئ بمثل أقسام القرآن فجاء بالمغسول الغث نحو يا ضفدع بنت ضفدعين .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم فصيح اللسان عالماً بما علّمه ربه من ألسنة العرب تشهد بذلك رسائله ومخاطباته لمختلف قبائلهم . وقد يستشكل بعض الباحثين قلة احتجاج النُحاة بالحديث وحرصهم على الاحتجاج بالقرآن والشعر. وحسب بعض من ناقشوا في هذا أن سببه رواية الحديث بالمعنى فينفع فيه من بعض الرواة لحن. وعندي أن السبب هو خوف العلماء بالنحو من تعقب أسانيد الحديث، فيقع عليهم من الجرح والتعديل ما هم أحرص على ألاّ يقع عليهم في غير باب حاقّ درس الحديث. وقد كان حمّاد بن سلمة رضى الله عنه من أئمة النحو وأئمة الحديث. وتخطئته لسيبويه في بعض ألفاظ الحديث هى التي حدت هذا على أن يطلب النحو ويكون فيه هو الإمام. وحرص المسلمون علي معرفة اصول دينهم وفروعه من القرآن ومن الحديث والسنة. وذلك ألزمهم الدرس اللغة العربية الصحيحة الفصيحة والتغلغل فى أسرار بلاغتها، والنظر فى صرفها وأساليبها وآدابها. والتأمل الدقيق فى جميع ذلك. وقد تناول بعض هذه المسالة جار الله فى تفسيره آية سورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيِّن لهم " تناولاً حسناً. قال رحمه الله: فان قلت لم يُبْعَث رسول الله e إلى العرب وحدهم وإنما بعث إلى الناس جميعاً ـ قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعاً بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة…… فلا حاجة بنزوله جميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل، فبقى ان ينزل بلسان واحد، فكان اولى الألسنة لسان قوم الرسول لأنهم اقرب اليه فاذا فهوا عنه تبينوه وتنوقل عنهم وانتشر قامت التراجم فى كل امةٍ من امم العجم، مع ما فى ذلك من اتفاق اهل البلاد المتباعدة والأقطار المتنازحة والأمم المختلفة والأجيال المتفاوتة على كتاب واحد واجتهادهم فى تعلم لفظة وتعلم معانيه وما يتشعب من ذلك من جلائل الفوائد … إلخ )(1)
ومن محاسن العربية التى هيأتها بعلم الله وحكمته لحمل الرسالة التى بعث الله بها خاتم أنبيائه أنها سخية بالاشتقاق، غير كتوم لأصول لفظ كائنا ما كان وإن بدا ان معى اواخر مشتقاته قصى جدا عن اوائل اصوله. وقد اشارا حتى معاصرى المستشرفين ، والفضل ما شهدت به الأعداء الى نحو من هذا المعى حيث نبه الى ان المجرد وهو لفظ دال على امر معنوى محض اصل اتفاقها من الجريد وهوشى عادى مخصوص وقريب من ذلك فى اصل دلاله الاشتقاق قولهم اجرد وجرداء وقالوا الجراد لان يترك الحقل اجرد ، وقال للمعنية جرادة لأنها تجرد سامعها مما عنده من المال وقيل ان وقد عاد للاستسقاء عند البيت شغلتهم الجراد ثان الغنيات عما جاءوا له ـ قال ابن احمد :
كشراب قيل عن مطيته *** ولكل امـر واقـع قـدر
وجـراد ثـان تغنيانهـم *** وتلا الا المرجان التشذر
فألفاظ القانون وصياغاته العربية لا يفسدها غيم التطور والتغير افساده لما يقع من ذلك في غيرها ،لأن الاصل الذى منه الاشتقاق يشق عنه كلما اشتق منه ،
وقى كل بلاد العربية للعربية لغتان ، الفصية والدارجة ولأن فى ما مضى من زمان كانت الفصيحة يقبل عليها العلماء دون غيرهم، والدارجة عليها كلام سائر الناس كان من محافظه الفصحى على نفسهم اساليب القران والحديث رقيب على ان فاعات العامية تطوراتها، وكان من قرب العامية الى الفطرة وبعدها عن تكلف جهد صناعة العلماء والادباء رقيب على الفحصى من ان تصير الى الجمود ، كالذى حدث لللاتينية حينما زاحمتها عاميات أوربا التى هى الآن لغاتها الحديثة الحية.
والقانون فى بلاد المسلمين أبداً يستمد أصوله من الكتاب والسنة حتى حينما يحاول أن يكون مواكباً للقوانين العصرية الوضعية فى شرق أوربا وغربها. ومما يثبت المسلمين على هذا الوجه الصحيح أن قوانين أوربا فى شرقها وغربها قد نظرت نظراً شديداً إلى القانون الاسلامى والقضاء الاسلامى واخذت من ذلك اخذا باعتراف وبلا اعتراف . اكثر حقوق الانسان بدا بحرية العقيدة مأخوذة من الاسلام. حتى تحرر الرقيق اصله من بلاد الاسلام حيث كان اذ حرر المملوك صار مولى لمن حروره له ما لهم وعليه ما عليهم . وقد ابى انس ابن مالك t لسيرين ان يكاتبه لان هذا كان غنياً وكان انس يمنع ان ياذنا له بالمكاتبة لأنه كان يريد ان يرثه ونباه بذلك فشكاه الى عمر فأمره عمر ان يكاتبه وعند مالك فى الامر نظر. وكانت معامله الترك ـ الذين ضلت قيادتهم الكمالية وراء الوضعية والدنيوية التى يقال لها الآن ـ( ولامشاحه فى الاصطلاح ولكن فيه بعداً الا اشتاق العلمانية: كأنه من العلم والعلم سبيل إلى خشية الله لا انكاره وانكار وجوه هدايته وان جعلت اشتقاقه من العام وهو وبعيد فان الله هو رب العالمين) ـ لغير المسلمين وللمسلمين غير البعض مما دفع بمشرعى أوربا الى مراجعات كثير لوحشية مسالكها وقد كان الأرقاء فى بلاد المسلمين اقرب الى المجتمع بحقوق الانسان من الطبقات السفلى فى المجتمعات الاوربية فى القران التاسع عشر واكبر خطا من حقوق الانسان من رغم انة رفع عنهم الرق من السودان اوروبا وامريكا. ولا تستبعد ان تقع بعد ما احرزه نيلسون مانديلا نكسات.
وتطورات المجتمع الانسانى وتغيرات أساليب الحياة فيه أكثر وأفعل من تغير اللغات وتطورها. بل كثيراً ما يكون تطور ألفاظ اللغات وتغيرها تابعاً لتطورات المجتمع وتغيرات ظروفه. ولاريب انه فى زماننا هذا شبت حرب عداوة شديدة للقرآن الحديث من بقايا نعرة صليبية فى الاستشراق وقيادات غرب اوربا وشرقها. وحرصت هذه العداوه الشديدة على محاربة العربية ناسبة لها إلى الجمود ومجترئة من طر يق عملائها على افساد اصالتها باسم الحداثة. امر ينبغى التنبيه اليه والتحذير منه. وليست كل قوانين الاسلام الحدود فهذا قد دعا الرسول صلى الله علية وسلم الى درئها بالشبهات. وهذا الذى دعا اليه ليس بنقص لها ولا بحث على التحاليل عليها. ولا يسيغ لمؤمن أن يستشعر نقصاً إزاء مسلكه الاسلامى. شرب قدامة بن مظعون رضى الله عنه واحتج بقوله تعالى: "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طمعوا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين" فلم يقبل منه عمر لأن التقوى ظاهر معناها وباطنه تجنب الإثم. وشكا صفوان بن أمية سارق نعله فى المسجد فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بقطعة فذكر صفوان بن أمية انه لم يشكه ليعاقب هذا العقاب الصارم، فبين له النبى r أنه قد بلغ به الى سدة الحكم فمتى ثبت الجرم عليه وجب حده وليس للحاكم أن يحيد عن الحد بعفو من الشاكى إذ كان على هذا أن يسبق بعفوه الشكوى. ولئن صح هذا الخبر فما احسب إلا أن السارق قد عوقب لمقاربته الحرابة إذ قد اخاف المسلمين فى مسجدهم بما اجترأ عليه من السرقة .
وفى تفسير القرطبى عند آية حد السرقة فى سورة المائدة: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" (9) ما يفيد أن السارق قد يدرأ عنه الحد توبقه قبل ان يعاقب. وفى امر الحرابة قال تعالى: "إلا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم" فيمكن أن يحمل هذا من قصة التوبة على عمومة فى حد غير الحرابة ، وتكون القدرة هنا أقامه الحد.
والمصائب دائما أول أمرها مفظع ثم بعد ذلك يهون. ومن اجل هذا يتباطأ القضاء. وكأنه ابدا بحجة تحقيق العدالة يقف فى جانب المشكو، ومن هذا الطريق ينجو كثير من الظالمين وتتقطع نفوس المعتدى عليهم أو من يكون وليا لهم حسرات.
وقد قتل هدبة بن خثرم زيادة بن زيد الرقاشى فحرص اخو زيادة أن يدرك الثائر واقر هدبة بما صنع ذكره معاوية قام أن يقتص منه فرأى أن يهمل الأمر حتى يبلغ ابن فعله يعفو فلم يفعل.
وفى رسالة القضاء من عمر الى ابى موسى رضى الله عنهما:لا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع الى الحق ، فان الحق القديم، ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل. الفهم الفهم فيما تلجلج فى صدرك مما ليس فى كتاب ولاسنة ثم احرف الأشياء. والامثال:ـ والرسالة من نفيس الآثار اوردها محمد بن يزيد المبرد كامله فى كامله فى أوائل كتابه حيث بدأ بعد السياجة القصيرة بعد الحمد الله الصلاة والسلام على نبه بايراد بعض كلام النبى r ثم اتبعه بعض كلام الصديق رضى الله ثم صار الى الفاروق فأورد رسالة القضاء فى سياق الاختيار من آثاره. وزعم احد المستشرفين أن رسالة العمرية أقفالها بلال بن ابى برده على عمر يبغى بذلك مأثرة لجده أبى موسى الأشعرى وهذا من اغرابات المستشرفين. ومهما يكن من شئ فهى نص كما قد مما ثمين. وبلال بن ابى برده من قضاء زمان بن أميه فان يكن هو صاحب الرسالة فأهمية ذلك التاريخية لا نتقص حقاً معا. ومراجعة العقل والرجوع الى الحق كأنها متضمنة معنى الروية والشورى. وقد كان قضه الاندلس مما يستشيرون. وعنهم أخذ الافرنج الضيف الذى يقال له عند الأنجلوسكسونيين اسم المخلصين،وذكر ترافليان فى مختصر تأريخه للانكاليز ان اوائله كانت من اختراع الملك هنرى الثانى بلانتجت وقد كان مثقفاً يعرف العربية وأستاذه أدلارد الباثى عالم العربية الصليبى البريطانى.
هذا ولا تفسد ظاهرة تطور اللغة وتغييرات المجتمع صحة شرائع الكتاب والسنة ولا تهدد باب الاجتهاد الجاد فيها باغلاق. على أنه ينبغى أن نتذكر ونشعر دائما بأن تشريعات الدين أبداً ويجب أن تستند على دعامة من التقوى. والتقوى أبداً مع الصدق والإخلاص وخشية الله. وهذا جانب نلقى غالباً ما تطمس بهاءه مماراة الجدل القانونى وحيله. مثلاً قول الله تعالى: "وأحلَّ اللهُ البيعَ وحَرَّمَ الرِّبا" نص لاريب فيه فى حرمة الربا، لا يكون به بيعاً حلالاً قط. والاحتيال ببيع العينة ليس بشىء، ومنعه المالكية بحجة سد الذرائع، ولكنه فى حقيقته احتيال على الربا فهو ربا. وحجة الاسلام فى منع الربا قائمة إلى يوم القيامة. وقد فطن بعض دعاة الرأسمالية الى أن مقالة الرئيس مختار الماليزى فى هذا الصدد ناشئة عن معنى صوب كبير.
وأما ذهب الية من تأولوا أمر حب السرقة على أمر حب الحرابة بدعوى العموم فى قوله تعالى:"من قبل أن تقدروا عليهم" فأدخل، والله اعلم، فى حمل التأويل على المعروف من حض الدين على مراجعة النفس الأمارة بالسوء والاقتراب من الأوبة والتوبة والندم، فإن صدق الندم والتوبة النصوح فى الحسنات اللاتى يذهبن السيئات، فالباب الذى طرقوه باعدوا إليه من التأويل واسع. وفى الطبرى عن بعضهم وقال آخرون كل من جاء تائباً من الحُرَّاب قبل القدرة عليه استأمن الإمام فأمنه أو لم يستأمنه، ثم ذكر الطبرى فى ذلك أخباراً احتج بها لهذا الوجه. وروى عن على بن أبى طالب أن أسقط حد الحرابة عن حارثة بن بدر الغدانى إذ جاءه مستأمناً سعيد بن قيس الهمدانى فقال وهو شاعر:ـ
ألا بلغـا همـدان إمـا لقيتهـا *** على النأى لا يسلم عدو يعيبها
لعمر أبيها إن همدان تتقى الـ *** إلـه ويقضى بالكتاب خطيبهـا
وقال بعضهم أن توبة المرء فيما بينه وبين ربه وعلى الإمام إقامة الحد الذى أوجبه الله عليه.
والعالم المعاصر يعيب إقامة عقوبة الاعدام على القاتل عمداً. فبعض الدول عطلت عقوبة الاعدام البتة وما زالت تقيها على من يزعم أنه ارتكب الخيانة العظمى، وقد اعدم قوم بالغلول على أيام غورباتشوف، واعدم مجرمى الحرب العالمية الثانية اصدرته محكمة نورفمبرج. واستفتى البرلمان البريطانى على عهد مرغريت ثاتشر فلم يجز اعادة العقوبة. وقريباً كأنما ثارت ثائرة من الناس تقول بأن القانون كان ميله مع الظالم ومع المجرم. وقريباً راجع قاضى أمريكى حكمه فى صبية قاتلة فأعفاها متأثراً بعواطف المدنية وصيحات الباطل من متظاهريها بعد أن كان أوقع عليها سجناً صارماً. ولو قد كان رجع فيه إلى وجه هو حقاً أعدل نمه لكان ذلك أصوب.
ولا أدرى كيف يستطيع متأول أن يخرج بعقوبة القتل على مستحقه من حكمة قوله تعالى: "ولكم فى القصاص حياة " إلا على توسع احتيالى الصبغة فى التأويل كأن يزعم أن ههنا مجازاً ـ نعوذ بالله أن نقول فى تفسير كلامه بالرأى أو بالهوى.
وإذن فلا بدّ أن ينظر فى كل تأويل إلى السياق الدينى وأن يربط ذلك بالرباط الروحى المعنوى مع السياق اللغوى. ومع أن علماء الأصول ربما سارعوا إلى تعميم ما يبدو من دلالات النص بغض النظر عن أسباب نزوله فإن اعتبار السياق عظيم الأهمية.
من ذلك مثلاً تفسير الطبرى للدرجة المذكورة فى قوله تعالى: " ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " (البقرة22 حيث قال بعد أن ذكر من التأويلات مثلاً قول من قال إن الدرجة هى الصداق وأنها إذا قذفته حُدَّت وإذا قذفها لاعن، ومثلاً أنها اللحية والشارب ومثلاً أنها كونه عليها أميراً. قال: وأولى هذه الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله ابن عباس وهو أن الدرجة التى ذكر الله تعالى ذكره فى هذا الموضع، الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها واعفاؤه لها عنه وأداء كل الواجب لها عليه، وذلك أنَّ الله تعالى ذكره قال: " وللرجال عليهن درجة " عقيب قوله: "ولهنّ مثل الذى عليهن بالمعروف " فأخبر تعالى ذكره أن على الرجل من ترك ضرارها فى مراجعته إياها فى أقرئها الثلاثة وفى غير ذلك من أمورها وحقوقها، مثل الذى عليها فى ترك ضراره فى كتمانها ما خلق الله فى أرحامهن وغير ذلك من حقوقه، ثم ندب الرجال الى الأخذ عليهن بالفضل، اذا ترك بعض أداء بعض ما اوجب الله لهم عليهن، فقال تعالى ذكره: "وللرجال عليهن درجة " بتفضلهم عليهن وصفحهم لهن عن بعض الواجب عليهن، وهذا هو المعنى الذى قصد ابن عباس بقوله: ما أحب أن أستنظف جميع حقى عليها لأن الله تعالى ذكره يقول: "وللرجال عليهن درجة " قال الطبرى بان معنى الدرجة المنزلة والرتبة وهذا منه شرح للمعنى اللغوى بعد ما بيَّن التفسير والله اعلم وهل يجير الشاهد على الحضور أمام الحاكم؟ أحسب لائحة المحاكم عندنا تجبر المرء أو المرأة ليحضرا أمام المحكمة. ولا يكون المرء شاهدا الا اذا تحمل الشهادة فعندئذ علية الحضور وبذلك فسر الطبرى قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " وذكر أقوالاً منها قول مجاهد قال إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك. وعن الحسن البصرى أنه سأله سائل قال ادعى الى الشهادة وأنا أكره ان أشهد عليه. قال فلا تجب ان شئت ثم قال الطبرى " فانما أمرهم با لاجابة للدعاء للشهادة وقد الزمهم اسم الشهداء، وغير جائز أن يلزمهم اسم الشهداء الا وقد استشهدوا قبل ذلك فشهدوا" فعلى هذا لا يصح إجبار من لم يثبت قبوله أن يشهد وقد ستشهد لأن اسم الشاهد لا يطلق عليه باعتبار ما سيكون وهو معرض عنه غير قابل له والى نحو من قول الطبرى ذهب الجهور الان أن زعم ابن كثير ان أداء الشهادة فرض كفاية يمكن أن يستنتج منه أنه فرض عين أن لم يوجد أمرؤ واحد.
وعند المسلمين على ما فى المذهب أنه لاتجوز شهادة النساء الا فى الاموال وما يحض النساء أما فى شؤون الرجال فلا يشهدن. وفى الرسالة : ولا تجوز شهادة النساء لا فى الاموال ومائة امرأة كامرأتين وذلك كرجل واحد يقضى بذلك مع رجل او مع اليمين فيما يجوز فيه شاهد ويمين وشهادة امرأتين فقط فيما لا يطلع عليه الرجال من الولادة والاستهلال وشبهه جائزة واشتراط عدم اجازة الشهادة الا نساء فى ما فى ما هو من شؤون الرجال كأنه فيه نظر لأن لقيام النساء بشؤون الرجال حتى فى بعض يظن أنه شاق وذلك لأن التقنيات الحديثة اغنت عن ما كان ينفرد به الرجل عن المرأة من شدة الجسد وقوة احتمال القتال والله أعلم. ومن مسائل اللغة المتعلقة با استنباط الأحكام من القران والحديث امر الاجابة والمنع والعزيمة فيما ظاهره أمر ونهى. وفى موطأ الأمام مالك رضى الله عنه فى كتاب المكاتب " وقد سمعت بعض اهل العلم اذا سئل عن ذلك فقيل له ان الله تبارك وتعالى يقول: " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيراً " يتلو هاتين الآيتين " واذا حللتم فاصطادوا" فاذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الارض وابتغوا من فضل الله "
وقال مالك إنما ذلك أمر اذن الله فيه للناس وليس بواجب عليهم * أ.هـ .فلعى هذا يمكن حمل ولاياب الشهداء اذا ما دعوا أنه على الندب. وكذلك قوله تعالى فليكتب وقوله تعالى" خذ من أموالهم صدقة" فهل هذا أمر عزيمة أو هو ندب او هو اباحة ؟ قال القرطبى فى تفسيره المفضل المرتب فى تفسير اية التوبة " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم" اختلف فى هذه الصدقة المأمور بها فقيل هى صدقة الفرض وقبل مخصوص من نزلت فيه "
وهذا الوجه. هو الزى أخذ به الطبرى فى جامع البيان قال رحمه الله : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r يا محمد خذ من اموال هؤلاء الذى اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم وتزكيهم لها... الخ والطبرى ههنا على مذهبه من ايثار النظر الى السياق. والحق أن التبعيض فى سياق الآيات 100 ـ 170 واضح ـ الفرقة الأولى فى الآية 100 السابقون الاولون من المهاجرين والأنصار الخ والثانية المنافقون ممن لكم من الأعراب الخ والثالثة،والفرقة الرابعة المعترفون بذنوبهم وهؤلاء هم المقول فيهم خذ أموالهم والخامسة المرجون لأمر الله والسادسة الذين ا تخذوا مسجدا ضرار هذا وفى الآية 117 خبر العسرة وبى 118 خبر الثلاثة الذين خلفوا ـ فهذا سياق مفتصل. وقد ذكر الله تعالى تفصيل الزكاة فى الآية 60 " إنما الصدقات " ... الخ هذا وفى القران المجاز والرمز، فمن شواهد المجاز قوله تعالى :ـ أيجب احدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "وقال تعالى :ـ قال آتيك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا"
وفى خبر الخضر عليه السلام وسيدنا موسى عليه السلام من الرمز معان كثيرة كقتل الغلام وان له بأقرب منه زكاة ورحما قالوا بدل ببنت صالحة . ونحن فى هذا العصر تلزمنا دراسة العربية نحوها وصرفها وشعرها ونثرها المأثور بدقه لنغوى على فهم القران والحديث وكتب الحضارة الاسلامية العظام الجسام. ثم بعد هذا كله وقبله كله يلزمنا أمر الخلق الكريم السمح فى الزمان أوشكت فيه المادة الدنيوية المقاصد ان تغطى على كل شئ. وامر الخلق السمح إنما يتأتى بالتقوى والايمان فنسأل الله الهداية والتوفيق والله الحمد بدءا وختاما وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين.
البروفيسور عبد الله الطيب