الفتاة التي أحببتُ وأنا في السّادسة عشرة
في البداية، لم تُبادلني عواطفي
حزنتُ ثمّ نسيتُها
لم أعدْ أترصَّـدُها كلّ أحد أمام بيت أبيها
حيثُ تصنع الكعك
تَدْرُس حياة الجراد
وتُنْصت إلى أغاني الحاجَّة الحَمْداويَّة
يحلُّ الأحد، فأمضي إلى البار ثمّ
إلى ملعب كرة القدم لتشجيع الفريق الذي
أناصره
إنّه دينامو البَرْنُوصي
أو إلى البار ثمّ رأسا إلى غرفة مريم
التي تبيعُ لي الهوى بالدَّين وفي المُقابل
أُطفئُ الضّوء قبل أن أستلقيَ في سريرها
وأتخيل أنّها الفتاة التي أحببت
وأنا في السّادسة عشرة
بعد وقت سئمْتُ لعبة التَّخيل تلك وأصبحتُ أضاجِعُ
مريم باعتبارها مريم فحسب
التي تروي لي قصّة حبّ والِدها العسكري
وأمِّها التي قضتْ طفولتها في
اليونان ثمّ عادتْ
إلى بيت أبيها الذي كان زعيم قبيلة وكان
أوّلَ من أدخل السّجائر إلى مسقط رأسه
كلّ يوم أحد تخرج الفتاة التي أحببتُ وأنا
في السّادسة عشرة
تمضي لتُحيّي البحر
تمضي لشراء
مجلّة متخصّصة في وصفات الكعك الجديدة
تتمشَّى على قارعة الطريق تتلقّى
التهنئة من رجل يجوب البلاد بحثاً
عن امرأة أضاعها في مرفأ
يقول الرجل إنه يهنّئها بمناسبة حصولها على البكالوريا
لكنّي لم أجتز بعدُ الامتحانات، تقول هي
فيخجل الرّجل البدين
وينصرف ويقوم بجولة في رواق بالسّوق
الأسبوعي تباعُ فيهِ النَّاياتُ بحثا
عن ناي مسحور
يمكنه أن يعزف لك تلقائيا سيمفونية
أو موسيقا أوبرا
لموتسارت لهايدن لمِنْدِلْزُونْ
أن يُغنّي لك أغنية
للحاجَّة الحَمْداويَّة
أما هي فتنصرف لتذرع أرجاء
جناح من السوق الأسبوعي نفسه
خاصٍّ ببَاعَةِ الوجوه القديمة ومُساعديهم
من الكيميائين العميان
بحثاً عن وجه شهرزاد ووجه حسناء
من تمبوكتو
ووجه غريتا غاربو
في البداية، لم أكن أعرفُ أنّها
تستعدُّ للتنكّر، كنتُ
في الملعب أَصْفِرُ بأقصى جهدي
وأشتُم الحكم الذي أعلن عن ركلة جزاء
ضدّ دينامو البرنوصي
شتائمي خفيفة وغير جارحة
هي من قبيل: يا حصانا أعرج يا عربة مكسورة
يا مظلّة ذات ثقوب ألا تفتح عينيك
لكنّي هذا الصباح
غِبَّ ليلة اعتقدتُ أنّي
قضيْتُها مع واحدة من أجمل فتيات تمبوكتو
أكتشف أن ضجيعتي
لم تكن سوى مارية، الفتاة التي أحببت وأنا
في السّادسة عشرة
بعد سنة من الآن سنتخاصم
بعد سنة من الآن ستكثُر الدّرّاجات النّاريّة على
الطّريق التي تؤدّي إلى
بِرْكَة عَوّا
بعد سنة من الآن ستتلوّى هضبة من مغص
شديد
والمداخن ستتطوّعُ لتحمُّل آلام الولادة
عن الفتيات الحوامل
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
سأكون في غابة بعيدة
لن أكون قد أصبحت فهداً أو ببغاء
سنجاباً أو زرافة أو عظاية
لكن ستقيم معي امرأة في كوخ في غابة
أو في كوخ على شفا حوض تعيش فيه تماسيح
صغيرة مسالمة تستطيعُ حتّى أن
تصافحك بأطراف أذنابِها
هنالك قرب تمبوكتو
سيكون الطّقسُ حارّاً حارّاً
وربّما يكون لي حصان عظامُه
من شرار
حصان هادئ جدا روحُه
من مسحوق الذّهب
ربّما تكون لي درّاجة
تستطيع بصرير عجلاتها أن تصنع السّراب
الذي يجتذب العابرين
هكذا سيمكنني أن أستقبل في كوخي
راقِصاتٍ شهيرات
مثل الجوكندة
وأبطالا في القفز العُلوي
مثل حمُّورابي
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
فثمّة أنفاسٌ باردة تنطلق الآن من عينَيّ
وتُصبح ضبابة كبيرة تجدُها في المساء
قد حاصرت القطارات والأرامل
لذا أسارع بِالوقوف وربّما بعد دقيقة
بعد دقيقتين بعد ثلاث
سأغادر هذه الغُرفة
في طريقي إلى بار مارسيل سيردان، ألتقي
زميلتي في العمل، لا أستطيعُ تذكّر اسمِها، لكنّها
تدعوني لمعرض لوحاتها
الذي تقيمه في عُرض البحر
لا أستطيعُ أن أسبح حتّى هناك، أقول لها
فتُجيب: لقدْ أصبتُ شَعْرَكَ
برصاصاتي
أتوقّفُ لشراء سجائر، وإذا الرّيح منتصبةٌ
خلفي عيناها حمراوان إنّها لا تدري من أين
تهبّ، أعنْ يميني أم
عن شِمالي
في شارع الإربيانة، أجد أعزّ أصدقائي
في انتظاري نمضي لنشرب معا إنّه ذو سلطة
في البحر إنّه
ينشغل الآن بتوجيه سِهام البارانويا إلى
الأيائل المُتخفّية خلف عجلات السّيّارات
فيما أفكّر في مُستقبلي
وما سأفعل وما سيحدُثُ لي
بعد سنة بعد سنتين
بعد ثلاث
—————من: “رجل يبتسم للعصافير”
في البداية، لم تُبادلني عواطفي
حزنتُ ثمّ نسيتُها
لم أعدْ أترصَّـدُها كلّ أحد أمام بيت أبيها
حيثُ تصنع الكعك
تَدْرُس حياة الجراد
وتُنْصت إلى أغاني الحاجَّة الحَمْداويَّة
يحلُّ الأحد، فأمضي إلى البار ثمّ
إلى ملعب كرة القدم لتشجيع الفريق الذي
أناصره
إنّه دينامو البَرْنُوصي
أو إلى البار ثمّ رأسا إلى غرفة مريم
التي تبيعُ لي الهوى بالدَّين وفي المُقابل
أُطفئُ الضّوء قبل أن أستلقيَ في سريرها
وأتخيل أنّها الفتاة التي أحببت
وأنا في السّادسة عشرة
بعد وقت سئمْتُ لعبة التَّخيل تلك وأصبحتُ أضاجِعُ
مريم باعتبارها مريم فحسب
التي تروي لي قصّة حبّ والِدها العسكري
وأمِّها التي قضتْ طفولتها في
اليونان ثمّ عادتْ
إلى بيت أبيها الذي كان زعيم قبيلة وكان
أوّلَ من أدخل السّجائر إلى مسقط رأسه
كلّ يوم أحد تخرج الفتاة التي أحببتُ وأنا
في السّادسة عشرة
تمضي لتُحيّي البحر
تمضي لشراء
مجلّة متخصّصة في وصفات الكعك الجديدة
تتمشَّى على قارعة الطريق تتلقّى
التهنئة من رجل يجوب البلاد بحثاً
عن امرأة أضاعها في مرفأ
يقول الرجل إنه يهنّئها بمناسبة حصولها على البكالوريا
لكنّي لم أجتز بعدُ الامتحانات، تقول هي
فيخجل الرّجل البدين
وينصرف ويقوم بجولة في رواق بالسّوق
الأسبوعي تباعُ فيهِ النَّاياتُ بحثا
عن ناي مسحور
يمكنه أن يعزف لك تلقائيا سيمفونية
أو موسيقا أوبرا
لموتسارت لهايدن لمِنْدِلْزُونْ
أن يُغنّي لك أغنية
للحاجَّة الحَمْداويَّة
أما هي فتنصرف لتذرع أرجاء
جناح من السوق الأسبوعي نفسه
خاصٍّ ببَاعَةِ الوجوه القديمة ومُساعديهم
من الكيميائين العميان
بحثاً عن وجه شهرزاد ووجه حسناء
من تمبوكتو
ووجه غريتا غاربو
في البداية، لم أكن أعرفُ أنّها
تستعدُّ للتنكّر، كنتُ
في الملعب أَصْفِرُ بأقصى جهدي
وأشتُم الحكم الذي أعلن عن ركلة جزاء
ضدّ دينامو البرنوصي
شتائمي خفيفة وغير جارحة
هي من قبيل: يا حصانا أعرج يا عربة مكسورة
يا مظلّة ذات ثقوب ألا تفتح عينيك
لكنّي هذا الصباح
غِبَّ ليلة اعتقدتُ أنّي
قضيْتُها مع واحدة من أجمل فتيات تمبوكتو
أكتشف أن ضجيعتي
لم تكن سوى مارية، الفتاة التي أحببت وأنا
في السّادسة عشرة
بعد سنة من الآن سنتخاصم
بعد سنة من الآن ستكثُر الدّرّاجات النّاريّة على
الطّريق التي تؤدّي إلى
بِرْكَة عَوّا
بعد سنة من الآن ستتلوّى هضبة من مغص
شديد
والمداخن ستتطوّعُ لتحمُّل آلام الولادة
عن الفتيات الحوامل
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
سأكون في غابة بعيدة
لن أكون قد أصبحت فهداً أو ببغاء
سنجاباً أو زرافة أو عظاية
لكن ستقيم معي امرأة في كوخ في غابة
أو في كوخ على شفا حوض تعيش فيه تماسيح
صغيرة مسالمة تستطيعُ حتّى أن
تصافحك بأطراف أذنابِها
هنالك قرب تمبوكتو
سيكون الطّقسُ حارّاً حارّاً
وربّما يكون لي حصان عظامُه
من شرار
حصان هادئ جدا روحُه
من مسحوق الذّهب
ربّما تكون لي درّاجة
تستطيع بصرير عجلاتها أن تصنع السّراب
الذي يجتذب العابرين
هكذا سيمكنني أن أستقبل في كوخي
راقِصاتٍ شهيرات
مثل الجوكندة
وأبطالا في القفز العُلوي
مثل حمُّورابي
بعد سنة بعد اثنتين بعد ثلاث
فثمّة أنفاسٌ باردة تنطلق الآن من عينَيّ
وتُصبح ضبابة كبيرة تجدُها في المساء
قد حاصرت القطارات والأرامل
لذا أسارع بِالوقوف وربّما بعد دقيقة
بعد دقيقتين بعد ثلاث
سأغادر هذه الغُرفة
في طريقي إلى بار مارسيل سيردان، ألتقي
زميلتي في العمل، لا أستطيعُ تذكّر اسمِها، لكنّها
تدعوني لمعرض لوحاتها
الذي تقيمه في عُرض البحر
لا أستطيعُ أن أسبح حتّى هناك، أقول لها
فتُجيب: لقدْ أصبتُ شَعْرَكَ
برصاصاتي
أتوقّفُ لشراء سجائر، وإذا الرّيح منتصبةٌ
خلفي عيناها حمراوان إنّها لا تدري من أين
تهبّ، أعنْ يميني أم
عن شِمالي
في شارع الإربيانة، أجد أعزّ أصدقائي
في انتظاري نمضي لنشرب معا إنّه ذو سلطة
في البحر إنّه
ينشغل الآن بتوجيه سِهام البارانويا إلى
الأيائل المُتخفّية خلف عجلات السّيّارات
فيما أفكّر في مُستقبلي
وما سأفعل وما سيحدُثُ لي
بعد سنة بعد سنتين
بعد ثلاث
—————من: “رجل يبتسم للعصافير”