عزات جمال الخطيب - الشباب مرحلة عمرية يمر بها في الحياة..

عند الحديث عن الشباب باعتبارهم مقوما مجتمعيا و حضاريا لابد إلى الارتكاز عليه في مواجهة تحديات الحاضر ورسم ملامح و آفاق المستقبل، لابد أن نعرج مفاهيميا على تعريف الشباب، فحول هذا المفهوم تنامت اجتهادات كثيرة لتقف على تعريف الشباب.
فالشباب ظاهرة اجتماعية تشير إلى مرحلة من العمر تعقب مرحلة المراهقة وتبدو خلالها علامات النضج الاجتماعي والنفسي والبيولوجي واضحة.

ويعد الشباب أكثر الشرائح الاجتماعية تفاعلاً مع التغير الحادث في المجتمع. وتحديد مفهوم الشباب يتطلب إلقاء الضوء على زوايا عديدة:
فهناك أكثر من اتجاه يتعلق بهذا الموضوع، هناك اتجاه يميل إلي الاعتماد على متغير العمر الذي يقضيه الفرد في أتون التفاعل الاجتماعي، ويتجه أصحاب هذا الرأي إلي اعتبار الشباب فترة زمنية تبدأ من الخامسة عشرة حتى الرابعة والعشرين من العمر، كما تعتمده هيئة الأمم المتحدة، وهي الفترة التي يكتمل فيها النمو الجسمي والعقلي على نحو يجعل المرء قادراً على أداء وظائفه المختلفة.
بيد أن هذا التعريف للشباب عالميا – وفقاً لمدى عمري معين – يعد تعريفاً غير كافيا. إذ إن الشباب – كمفهوم – يختلف من ثقافة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر.
ففي بعض المجتمعات – على سبيل المثال – قد تمتد عملية انتقال الصبية إلى الرشد – من حيث تحقيق الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي الذي يقترن بعملية التوظف والحصول على مورد ثابت للرزق – إلي أواخر العشرينيات من عمر الشباب وبعض الكبار في مرحلة التوظيف والعمل قبل بلوغ سن الثلاثين عاماً.
ومن ثم، فإن هذا المفهوم الذي يستخدم إطاراً بيولوجياً ويعتمد على فكرة النضج الجسمي والعقلي، يتجاهل حقيقة هامة مؤداها أن الشباب يمثل حقيقة اجتماعية أكثر منها ظاهرة بيولوجية.
ومعنى ذلك أن هناك اتجاها آخر يأخذ بمعيار النضج والتكامل الاجتماعي للشخصية، ويتجه أصحاب هذا المعيار إلى تحديد مجموعة من المواصفات أو الخصائص التي تطبق كمقياس على أفراد المجتمع بحيث نستطيع أن نميز الشباب عن غيرهم من الفئات، بغض النظر عن المرحلة العمرية.
والواقع، إن التصور الصحيح عن الشباب ينبغي أن يأخذ في اعتباره هذين المعيارين في آن واحد ليمثل الشباب في المجتمع فئة عمرية، تتسم بعدد من الصفات والقدرات الاجتماعية والنفسية المتميزة.
وتختلف بداية هذه الفئة العمرية ونهايتها باختلاف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة في المجتمع.
و نحن في هذه الورقة سنعتمد في تعريفنا للشباب على هذا التصور، الذي يرفض فكرة الحتمية البيولوجية، ويحدد مرحلة الشباب في ضوء هذه النظرية الشخصية المتكاملة، و غير المنفصلة عن بقية مراحل العمر، وخاصة مرحلة الطفولة والمراهقة وهكذا، لا تمثل مرحلة الشباب مرحلة نمو مفاجئ وإنما هي استمرار طبيعي لعملية التنشئة الاجتماعية التي تبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر خلال كل مراحل الحياة.

في ضؤ ما سبق يمكن القول أن فئة الشباب في المجتمع الفلسطيني تشكل نسبة كبيرة جدا تصل إلى 35,5 % من مجموع سكان المجتمع الفلسطيني، لكن يبقى هذا الكم الكبير يأخذ شكلا عدديا و كميا لا يترجم على الأرض باعتباره متغيرا نوعيا، حيث بقيت هذه النسبة الكبيرة خارج إطار صناعة القرار في شتى مناحي المجتمع ومؤسساته، بدءا من الاسرة التي تتمركز فيها صلاحيات العلاقات الأبوية و الذكورية التي تحد من قدراتهم على التعبير عن أنفسهم و عن طموحاتهم، كما تقيد روح الإبداع لديهم، و مع ما يواكب ذلك من قمع و كبت و تمييز تجاه الفتيات خاصة. مرورا بتردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية، و ليس انتهاء بنظام سياسي هش و صراع محتدم على السلطة، وانقسام لشطري الوطن.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...