- يوم ٌ جميل
قالتها امرأة شابة، في منتصف العشرينات من عمرها، وهى تصفق بيديها بجذل كالأطفال. أطلقت ضحكة صافية، وهى تتجه بلهفة نحو رجل يعطيها ظهره، مستندًا على الإفريز الأمامي للشرفة المطلة على حديقة المنزل، وسرعان ماالتفت إليها يستقبلها بشلال من الحنان، يتدفق رويًا من بين عينيه.
- لقد كنت شاردًا.. فيم كنت تفكر؟ هيا اعترف.
رفعت إصبعها محذرة إياه بغضب مصطنع:
- إياك والتفكير في أخرى غيري....
أمسك يدها برفق، فاستكانت بحنان، لتنسي ما كانت تهم بقوله من كلمات، ليسيطر صوت الصمت وحده، إذا ما كان للصمت صوتًا، أو لعله كان صوت أفكارهما، التي تناقلتها عيونهما.
طال صمته وهو ذائب في عينيها، فسألته هي بهمس:
- أسمعني إياها..
قال بحنان:
- أحبكِ
ارتجفت لسماعها وأردفت :
- كيف تقولها كل مرة بالإحساس ذاته !
- بل أنا من يريد أن يسألكِ كيف تسمعينها كل مرة بذات الإحساس!
بدت الحيرة في عينيها، اللتين تنافسان زرع حديقتهما في خضرته، فملس بهدوء على شعرها الناعم كالقطن..
- كل يوم يمر -وأنا أخبركِ كم أحبكِ- يكون قد ازداد عشقي عن سابقه، وإن كنتِ تظنينها كما هي بالإحساس ذاته لهو خطئي أنا إذًا، وسأعمل على إصلاحه من الآن فصاعدًا.
ازدادت حمرة خدها، وتوردت شفتاها بشدة، فغدت كالثمرة التي تنتظر من يقطفها. ألقت بنفسها بين يديه، فتلقاها هو نحو صدره، وتنهد بعمق
- هل ستحبني هكذا دومًا؟
- وهل عندكِ شك؟
تنهدت لتسأله مرة أخرى، وقد أعلن المرح عن وجوده هذه المرة:
- ستظل تحبني مهما حدث؟
- اها
قالت بابتسامة ماكرة، وهي ترفع رأسها بحركة مباغتة، وتبتعد ببطء نحو الخلف، فابتسم بدهشة لمرآها..
- إذن ستظل تحبني عندما أخبرك؟
- تخبريني بماذا؟
قالت، وقد بدأت تعدوا نحو المطبخ..
- أخبرك بأن لا غداء اليوم، لأن الطعام احترق .
أتاه صوت ضحكاتها، فاندفع هو الآخر نحو المطبخ، وقد أدّى به اندفاعه للارتطام بمن أمامه..
- اه معلش يا بابا ما اخدتش بالي، انت محتاج حاجة وللا ايه؟ أنا قربت اخلص الغدا اهه.
تلعثم، ولم يجد ما يقوله، فاكتفى بابتسامة مرتبكة..
- لا مافيش ده انا كنت عاوز أشرب.
قالت ابنته بسرعة، وهي تقوم بحمل الأطباق للسفرة:
- حاضر يا حبيبي ارتاح انت وانا هجيبهالك.
أومأ برأسه دون كلام، واتجه من فوره نحو الشرفة. وفي طريقه، مر على صورتها، التي تمثلها كالثمرة الناضجة، كما سبق وأن رآها. ولكنه هذه المرة لم يفت عليه أن ينتبه للشريط الأسود، الذي يزين طرفها، فأغلق عينيه، وبقليل من الجهد استعاد مشهدهما معًا، وهمس بخفوت:
- أحبكِ اليوم أكثر حبيبتي
#أول_كلمة_حب
من مجموعة قصص: #ديستوبيا 2012
قالتها امرأة شابة، في منتصف العشرينات من عمرها، وهى تصفق بيديها بجذل كالأطفال. أطلقت ضحكة صافية، وهى تتجه بلهفة نحو رجل يعطيها ظهره، مستندًا على الإفريز الأمامي للشرفة المطلة على حديقة المنزل، وسرعان ماالتفت إليها يستقبلها بشلال من الحنان، يتدفق رويًا من بين عينيه.
- لقد كنت شاردًا.. فيم كنت تفكر؟ هيا اعترف.
رفعت إصبعها محذرة إياه بغضب مصطنع:
- إياك والتفكير في أخرى غيري....
أمسك يدها برفق، فاستكانت بحنان، لتنسي ما كانت تهم بقوله من كلمات، ليسيطر صوت الصمت وحده، إذا ما كان للصمت صوتًا، أو لعله كان صوت أفكارهما، التي تناقلتها عيونهما.
طال صمته وهو ذائب في عينيها، فسألته هي بهمس:
- أسمعني إياها..
قال بحنان:
- أحبكِ
ارتجفت لسماعها وأردفت :
- كيف تقولها كل مرة بالإحساس ذاته !
- بل أنا من يريد أن يسألكِ كيف تسمعينها كل مرة بذات الإحساس!
بدت الحيرة في عينيها، اللتين تنافسان زرع حديقتهما في خضرته، فملس بهدوء على شعرها الناعم كالقطن..
- كل يوم يمر -وأنا أخبركِ كم أحبكِ- يكون قد ازداد عشقي عن سابقه، وإن كنتِ تظنينها كما هي بالإحساس ذاته لهو خطئي أنا إذًا، وسأعمل على إصلاحه من الآن فصاعدًا.
ازدادت حمرة خدها، وتوردت شفتاها بشدة، فغدت كالثمرة التي تنتظر من يقطفها. ألقت بنفسها بين يديه، فتلقاها هو نحو صدره، وتنهد بعمق
- هل ستحبني هكذا دومًا؟
- وهل عندكِ شك؟
تنهدت لتسأله مرة أخرى، وقد أعلن المرح عن وجوده هذه المرة:
- ستظل تحبني مهما حدث؟
- اها
قالت بابتسامة ماكرة، وهي ترفع رأسها بحركة مباغتة، وتبتعد ببطء نحو الخلف، فابتسم بدهشة لمرآها..
- إذن ستظل تحبني عندما أخبرك؟
- تخبريني بماذا؟
قالت، وقد بدأت تعدوا نحو المطبخ..
- أخبرك بأن لا غداء اليوم، لأن الطعام احترق .
أتاه صوت ضحكاتها، فاندفع هو الآخر نحو المطبخ، وقد أدّى به اندفاعه للارتطام بمن أمامه..
- اه معلش يا بابا ما اخدتش بالي، انت محتاج حاجة وللا ايه؟ أنا قربت اخلص الغدا اهه.
تلعثم، ولم يجد ما يقوله، فاكتفى بابتسامة مرتبكة..
- لا مافيش ده انا كنت عاوز أشرب.
قالت ابنته بسرعة، وهي تقوم بحمل الأطباق للسفرة:
- حاضر يا حبيبي ارتاح انت وانا هجيبهالك.
أومأ برأسه دون كلام، واتجه من فوره نحو الشرفة. وفي طريقه، مر على صورتها، التي تمثلها كالثمرة الناضجة، كما سبق وأن رآها. ولكنه هذه المرة لم يفت عليه أن ينتبه للشريط الأسود، الذي يزين طرفها، فأغلق عينيه، وبقليل من الجهد استعاد مشهدهما معًا، وهمس بخفوت:
- أحبكِ اليوم أكثر حبيبتي
#أول_كلمة_حب
من مجموعة قصص: #ديستوبيا 2012