لسنا بصدد الحديث عن مناهج التربية الفنية بوزارة التربية والتعليم ولكننا هنا نحاول أن نقترب من عالم الطفل من خلال تلك الخطوط والألوان والأشكال والخيالات التي ولّدتها تلك الرسومات الجميلة التي غص بها مركز الفنون في «معرض فنان المستقبل» الذي أقيم في الفترة من 6 وحتى 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري والتي قدم فيها أطفال المدارس الابتدائية رؤاهم وتصوراتهم بعد الجهد المشكور الذي أداه المدرسون والمدرسات في ارساء تلك الأسس الفنية في خيال ومدارك التلاميذ والتلميذات.
يقول مدرس التربية الفنية بمدرسة اليرموك الابتدائية للبنين يوسف جاسم العرادي موضحا هذه التجربة «ان هذا المعرض عبارة عن شرح تفصيلي لمنهج التربية الفنية بوزارة التربية والتعليم. وهو ينطلق في تعليم التلاميذ من اللون والتفريق بين الظل والنور ليترك بعد ذلك انطباعا في ذهن الطفل عن الخط وكيف ان الخطوط ليست واحدة بل مختلفة الأشكال فتكون لدى التلميذ فكرة عن تكوين الأشكال بهذه الخطوط وهنا يتعلم التلميذ اتجاهات هذه الخطوط التي هي ترسم كحركات تعبيرية أحيانا وأدائية تارة أخرى، وبعد أن يكون التلميذ قد ألمّ بتلك الخطوط واتجاهاتها يصبح قادرا على رسم الأشكال حواليه فنجد هنا رسوما مختلفة الأشكال رسوما تعنى بالانسان والطيور والزواحف».
ويضيف «وهنا ننطلق مع التلميذ في أفق آخر ليتعلم المنظور ومن ثم التصميمات الخطية التي تؤهله للدخول في سحر الزخرفة القادرة على استثارة خيالة. فينسج التلميذ رسوماته من خياله الخاص وهي المرحلة المهمة بهذا الصدد حين يكون التلميذ قد قطع شوطاً طويلاً فتحرر من كل ذلك وأنتج انتاجه الخاص به من وحي خياله فرسم لوحات كاريكاتيرية واستلهم من حياته وأفكاره الصور التي تشغله فحول أفكاره الى أشياء تراها العين. ليس عن طريق اللون واللوحة الاعتيادية فقط وانما عن طريق الأشكال اليدوية حين عمد الى البلاستيك فكون أشكالاً مختلفة الأحجام والأسماء».
تأتي هذه التجربة اذا بعد جهد وعمل مضنٍ ولكن هل حققت ما تصبوا اليه وهل استطاعت أن تخرج بشيء مما يعتمل في نفوس الأطفال؟! أتصور - وتلك وجهة نظر لا غير - أن مرحلة التخيل هي الفاصل في نجاح أو فشل هذه التجربة. طبعا لا يمكن الحكم عليها كتجربة مكتملة فالطفل انما يمارس رسم أشكال فهو وان حاول اجادة الرسم الا أن عناصر اللوحة لديه تكون اقرب الى أشكال الدائرة والمثلث والمستطيل والأشكال الأخرى لكن الشيء المؤكد أن هذه الأشكال التي رسمها بوحي خياله واهتمامه تعكس جزءا كبيرا من أفكاره وتصوراته التي يحاول من خلالها أن يوثق علاقاته مع الآخرين. فعلماء النفس يؤكدون أن الطفل يولد حرا طليقا ولكنه في طور نموه وتواصله مع الآخرين ومع كثرة متطلباته ورغباته يشعر بأن هناك الكثير من الرغبات لا يستطيع اشباعها ما يولد لديه حالاً من القلق تدفعه للتعبير عن هذه الرغبات. فهذه الرسومات منفذ لخروج تلك المشاعر والأحاسيس المتضاربة التي لا يستطيع التعبير عنها لفظيا.
والمتأمل في رسومات معرض «فنان المستقبل» والتي انتقلت من التشخيص الكاريكاتيري الى اقامة العلاقات بين الصور المتخيلة يلمح تلك الأفكار التي تنشغل بها أذهان هؤلاء الأطفال. والأمر الملفت هنا هو تلك العلاقات المتشنجة التي عكستها الرسومات، ففي جانب كبير منها كانت رسومات توحي بعواطف عنيفة جياشة لكن بالمقابل وجدنا رسومات تعنى بالطبيعة وجمالها. ولا أعلم حقيقة هل أن اهتمام التلاميذ برسم الطبيعة جاء بفعل الزامي من قبل المدرسين والمدرسات أم نتيجة طبيعية للاحساس بها من قبل التلاميذ والتلميذات. فطفل اليوم غير طفل الأمس فكما أن الكبار أنفسهم لم تعد نفسياتهم ونظراتهم واضحة ومتزنة اذا ما قارناها بفترات زمنية سابقة فإن الطفل أحرى بأن يكون مشوش الذهن بفعل ما استجد في الحياة وما امتلأت به مخيلته من مشاهد وصور متنافرة.
قراءة في معرض «فنان المستقبل»
يقول مدرس التربية الفنية بمدرسة اليرموك الابتدائية للبنين يوسف جاسم العرادي موضحا هذه التجربة «ان هذا المعرض عبارة عن شرح تفصيلي لمنهج التربية الفنية بوزارة التربية والتعليم. وهو ينطلق في تعليم التلاميذ من اللون والتفريق بين الظل والنور ليترك بعد ذلك انطباعا في ذهن الطفل عن الخط وكيف ان الخطوط ليست واحدة بل مختلفة الأشكال فتكون لدى التلميذ فكرة عن تكوين الأشكال بهذه الخطوط وهنا يتعلم التلميذ اتجاهات هذه الخطوط التي هي ترسم كحركات تعبيرية أحيانا وأدائية تارة أخرى، وبعد أن يكون التلميذ قد ألمّ بتلك الخطوط واتجاهاتها يصبح قادرا على رسم الأشكال حواليه فنجد هنا رسوما مختلفة الأشكال رسوما تعنى بالانسان والطيور والزواحف».
ويضيف «وهنا ننطلق مع التلميذ في أفق آخر ليتعلم المنظور ومن ثم التصميمات الخطية التي تؤهله للدخول في سحر الزخرفة القادرة على استثارة خيالة. فينسج التلميذ رسوماته من خياله الخاص وهي المرحلة المهمة بهذا الصدد حين يكون التلميذ قد قطع شوطاً طويلاً فتحرر من كل ذلك وأنتج انتاجه الخاص به من وحي خياله فرسم لوحات كاريكاتيرية واستلهم من حياته وأفكاره الصور التي تشغله فحول أفكاره الى أشياء تراها العين. ليس عن طريق اللون واللوحة الاعتيادية فقط وانما عن طريق الأشكال اليدوية حين عمد الى البلاستيك فكون أشكالاً مختلفة الأحجام والأسماء».
تأتي هذه التجربة اذا بعد جهد وعمل مضنٍ ولكن هل حققت ما تصبوا اليه وهل استطاعت أن تخرج بشيء مما يعتمل في نفوس الأطفال؟! أتصور - وتلك وجهة نظر لا غير - أن مرحلة التخيل هي الفاصل في نجاح أو فشل هذه التجربة. طبعا لا يمكن الحكم عليها كتجربة مكتملة فالطفل انما يمارس رسم أشكال فهو وان حاول اجادة الرسم الا أن عناصر اللوحة لديه تكون اقرب الى أشكال الدائرة والمثلث والمستطيل والأشكال الأخرى لكن الشيء المؤكد أن هذه الأشكال التي رسمها بوحي خياله واهتمامه تعكس جزءا كبيرا من أفكاره وتصوراته التي يحاول من خلالها أن يوثق علاقاته مع الآخرين. فعلماء النفس يؤكدون أن الطفل يولد حرا طليقا ولكنه في طور نموه وتواصله مع الآخرين ومع كثرة متطلباته ورغباته يشعر بأن هناك الكثير من الرغبات لا يستطيع اشباعها ما يولد لديه حالاً من القلق تدفعه للتعبير عن هذه الرغبات. فهذه الرسومات منفذ لخروج تلك المشاعر والأحاسيس المتضاربة التي لا يستطيع التعبير عنها لفظيا.
والمتأمل في رسومات معرض «فنان المستقبل» والتي انتقلت من التشخيص الكاريكاتيري الى اقامة العلاقات بين الصور المتخيلة يلمح تلك الأفكار التي تنشغل بها أذهان هؤلاء الأطفال. والأمر الملفت هنا هو تلك العلاقات المتشنجة التي عكستها الرسومات، ففي جانب كبير منها كانت رسومات توحي بعواطف عنيفة جياشة لكن بالمقابل وجدنا رسومات تعنى بالطبيعة وجمالها. ولا أعلم حقيقة هل أن اهتمام التلاميذ برسم الطبيعة جاء بفعل الزامي من قبل المدرسين والمدرسات أم نتيجة طبيعية للاحساس بها من قبل التلاميذ والتلميذات. فطفل اليوم غير طفل الأمس فكما أن الكبار أنفسهم لم تعد نفسياتهم ونظراتهم واضحة ومتزنة اذا ما قارناها بفترات زمنية سابقة فإن الطفل أحرى بأن يكون مشوش الذهن بفعل ما استجد في الحياة وما امتلأت به مخيلته من مشاهد وصور متنافرة.
قراءة في معرض «فنان المستقبل»