يقول السفير البحريني السابق حسين راشد الصباغ في مقدمة كتابه "إن هذا الكتاب هو أول الغيث في الكتابة عن عملي الدبلوماسي في الفترة الممتدة من بداية العام 1977 الى نهاية 2001 في كل من بيروت وطهران ونيويورك وبكين وأخيرا تونس.
ربع قرن من العمر مضى وانقضت على وجه التقريب قضيته خارج الوطن، وأنا أرقب سير الأرزاق وتعاقب الأقدار وصروفها وما تفعله بالبشر، تسوقهم سوقا الى حيث تشاء وراء أستار الغيب المجهول ومن دون العواقب.
وها أنذا أستهلها بالكتابة عن عملي في الصين والذي استغرق ثمانية أعوام كاملة وأعطيتها الأولوية على الكتابات الأخرى، نظرا إلى اهميتها في التناول. هل سميتها مذكرات أو ذكريات أو تدوين سيرة؟ إن شأني في ذلك شأن كثير من الدبلوماسيين، أزعم أنني خرجت بتجربة غنية وثرية امتزج فيها العام والخاص والأحلام والرؤى والواقع الصارم والمتجهم في معظم الأحيان".
ويضيف موضحا اهتمامه الأول بالكتابة "أن ممارسة الكتابة ليست جديدة علي، فقد بدأتها فعلا وأنا بعد على أعتاب مطلع عقد الستينات من القرن العشرين الماضي، وكنت آنذاك شابا طري العود محدود التجربة. ونشرت حينئذ في الصحافة المحلية والخليجية الكثير من المقالات والدراسات في مجال الصحافة والاعلام والأدب والنقد والفكر وشئون السياسة والكياسة.
في بداية العام أصدرت كتابي الأول "كتابات عتيقة من البحرين"، وقد اشتمل على تلك الدراسات النقدية والأدبية في ميادين الشعر والمسرح والقصة، الآنفة الذكر. أما كتابي هذا "يوميات سفير عربي في الصين"، فقد قصدت من اصداره مشاركة الآخرين هذه التجربة الإنسانية بقضها وقضيضها وحلوها ومرها وزخمها ورؤاها. وسيعقب ذلك - إن شاء الله - صدور كتب أخرى عن تجارب مماثلة في العمل الدبلوماسي. ومن الممكن ادراجها جميعا في باب أدب الرحلات والترحال". وموضحا ارتباطه الجوهري بالصين ابان عمله الدبلوماسي قال الصباغ "لقد عاصرت خلال اقامتي الطويلة في الصين حوادث مهمة سياسية وتحولات اقتصادية مشهودة تعد معجزات في تاريخ الصين المعاصر. حقا إنها بلاد تصنع التاريخ، وإن ثورتها الشيوعية تعد من الثورات الكبرى التي تركت أثرها في عالمنا هذا.
لقد عايشت تلك الحوادث عن كثب، وتفاعلت مع أجوائها بل وتوغلت في أغوارها بكل أحاسيسي ومشاعري وما اعتمل في نفسي ووجداني وكياني من شفافية ورهافة حس ومضاء عزيمة وقوة شكيمة وارادة وذهن متفتح متقد، ورغبة أكيدة في تسجيل وتدوين كل ذلك واخراجه الى حيز الوجود".
ومستدركا وشارحا اهتمامه المبكر بهذا العملاق قال "ولكن لنعد الى البداية والى الخيط الأول والارهاصات الأولى لكل هذا. ففي مستهل سنوات الخمسينات من القرن العشرين الماضي، وأنا بعد تلميذ صغير في المرحلة الابتدائية في مدرسة الهداية الخليفية في مدينتي المحرق مرتع صبانا وحبنا وأحلامنا. تلك المدينة الزاهرة، التي كانت آنذاك عاصمة الحكم، انبثقت منها الى الوجود أول مدرسة ابتدائية نظامية أهلية وحكومية في البحرين، وقد افتتحت العام .1919 وفي الفصل الدراسي الأول، وفي مادة القراءة استرعى انتباهي، ونحن نقرأ كتاب "القراءة الرشيدة" المقرر علينا وفق المنهج المصري، صورة تلميذ صيني مجد وهو يستذكر دروسه وقد بدت ضفيرة أو جديلة شعره الطويل مشدودة أو معقودة خلف الكرسي الذي يجلس عليه. فكلما أحس بالتعب والاعياء وغالبه النعاس بعد طول مذاكرة نجد هذه الجديلة، وهي بمثابة حبل قوي، تشده الى الوراء وتمنعه أن يميل برأسه الى الأمام.
وفي المرحلة الثانوية، وخلال أعوام الخمسينات أيضا شدتني رواية "الأرض الطيبة" للكاتبة الأميركية الذائعة الصيت بيرك بيك. وتكمن أهمية هذه الرواية في أنها تعرف الشعوب الأخرى بتراث الصين العظيم. وقد تركت في نفسي آنذاك أثرا كبيرا من الصعب أن يمحى أو ينسى".
وبعد فإن هذا الكتاب هو "يوميات أدبية مفعمة بالغنى لكاتب ودبلوماسي عربي من البحرين، أمضى أعواما في الصين، ودون خلاصة تجربته الحية في تلك البلاد البعيدة. رحلة حافلة بالتأمل والاستكشاف والحوار في عالم لا عهد للقارئ العربي به. ببصر حاد وبصيرة مرهفة يستطلع الكاتب المكان ويستنطق التاريخ ويتفاعل مع الحياة في الصين المعاصرة".
الصباغ: رحلتي الدبلوماسية منفذ للتراث والحضارة
ربع قرن من العمر مضى وانقضت على وجه التقريب قضيته خارج الوطن، وأنا أرقب سير الأرزاق وتعاقب الأقدار وصروفها وما تفعله بالبشر، تسوقهم سوقا الى حيث تشاء وراء أستار الغيب المجهول ومن دون العواقب.
وها أنذا أستهلها بالكتابة عن عملي في الصين والذي استغرق ثمانية أعوام كاملة وأعطيتها الأولوية على الكتابات الأخرى، نظرا إلى اهميتها في التناول. هل سميتها مذكرات أو ذكريات أو تدوين سيرة؟ إن شأني في ذلك شأن كثير من الدبلوماسيين، أزعم أنني خرجت بتجربة غنية وثرية امتزج فيها العام والخاص والأحلام والرؤى والواقع الصارم والمتجهم في معظم الأحيان".
ويضيف موضحا اهتمامه الأول بالكتابة "أن ممارسة الكتابة ليست جديدة علي، فقد بدأتها فعلا وأنا بعد على أعتاب مطلع عقد الستينات من القرن العشرين الماضي، وكنت آنذاك شابا طري العود محدود التجربة. ونشرت حينئذ في الصحافة المحلية والخليجية الكثير من المقالات والدراسات في مجال الصحافة والاعلام والأدب والنقد والفكر وشئون السياسة والكياسة.
في بداية العام أصدرت كتابي الأول "كتابات عتيقة من البحرين"، وقد اشتمل على تلك الدراسات النقدية والأدبية في ميادين الشعر والمسرح والقصة، الآنفة الذكر. أما كتابي هذا "يوميات سفير عربي في الصين"، فقد قصدت من اصداره مشاركة الآخرين هذه التجربة الإنسانية بقضها وقضيضها وحلوها ومرها وزخمها ورؤاها. وسيعقب ذلك - إن شاء الله - صدور كتب أخرى عن تجارب مماثلة في العمل الدبلوماسي. ومن الممكن ادراجها جميعا في باب أدب الرحلات والترحال". وموضحا ارتباطه الجوهري بالصين ابان عمله الدبلوماسي قال الصباغ "لقد عاصرت خلال اقامتي الطويلة في الصين حوادث مهمة سياسية وتحولات اقتصادية مشهودة تعد معجزات في تاريخ الصين المعاصر. حقا إنها بلاد تصنع التاريخ، وإن ثورتها الشيوعية تعد من الثورات الكبرى التي تركت أثرها في عالمنا هذا.
لقد عايشت تلك الحوادث عن كثب، وتفاعلت مع أجوائها بل وتوغلت في أغوارها بكل أحاسيسي ومشاعري وما اعتمل في نفسي ووجداني وكياني من شفافية ورهافة حس ومضاء عزيمة وقوة شكيمة وارادة وذهن متفتح متقد، ورغبة أكيدة في تسجيل وتدوين كل ذلك واخراجه الى حيز الوجود".
ومستدركا وشارحا اهتمامه المبكر بهذا العملاق قال "ولكن لنعد الى البداية والى الخيط الأول والارهاصات الأولى لكل هذا. ففي مستهل سنوات الخمسينات من القرن العشرين الماضي، وأنا بعد تلميذ صغير في المرحلة الابتدائية في مدرسة الهداية الخليفية في مدينتي المحرق مرتع صبانا وحبنا وأحلامنا. تلك المدينة الزاهرة، التي كانت آنذاك عاصمة الحكم، انبثقت منها الى الوجود أول مدرسة ابتدائية نظامية أهلية وحكومية في البحرين، وقد افتتحت العام .1919 وفي الفصل الدراسي الأول، وفي مادة القراءة استرعى انتباهي، ونحن نقرأ كتاب "القراءة الرشيدة" المقرر علينا وفق المنهج المصري، صورة تلميذ صيني مجد وهو يستذكر دروسه وقد بدت ضفيرة أو جديلة شعره الطويل مشدودة أو معقودة خلف الكرسي الذي يجلس عليه. فكلما أحس بالتعب والاعياء وغالبه النعاس بعد طول مذاكرة نجد هذه الجديلة، وهي بمثابة حبل قوي، تشده الى الوراء وتمنعه أن يميل برأسه الى الأمام.
وفي المرحلة الثانوية، وخلال أعوام الخمسينات أيضا شدتني رواية "الأرض الطيبة" للكاتبة الأميركية الذائعة الصيت بيرك بيك. وتكمن أهمية هذه الرواية في أنها تعرف الشعوب الأخرى بتراث الصين العظيم. وقد تركت في نفسي آنذاك أثرا كبيرا من الصعب أن يمحى أو ينسى".
وبعد فإن هذا الكتاب هو "يوميات أدبية مفعمة بالغنى لكاتب ودبلوماسي عربي من البحرين، أمضى أعواما في الصين، ودون خلاصة تجربته الحية في تلك البلاد البعيدة. رحلة حافلة بالتأمل والاستكشاف والحوار في عالم لا عهد للقارئ العربي به. ببصر حاد وبصيرة مرهفة يستطلع الكاتب المكان ويستنطق التاريخ ويتفاعل مع الحياة في الصين المعاصرة".
الصباغ: رحلتي الدبلوماسية منفذ للتراث والحضارة