في دولة الإمارات العربية المتحدة وبعيدا عن مسقط رأسه - حماة بالجمهورية السورية – توفي التشكيلي المعروف عبداللطيف الصمودي (1948- 2005). لتنتهي بذلك مسيرة تشكيلي كان أحد الذين شكلوا هوية الفن السوري لأكثر من ثلاثة عقود.
عبداللطيف الصمودي الذي كانت له لمسته الخاصة في رسم لوحاته التي أطلق عليها النقاد تسمية "السجاجيد الشرقية" كانت له أصالته وتفرده اللذين استمدهما من بيئته المحلية التي زاوجها بالأسلوب التجريدي. وهو الأمر الذي خلق له أسلوبه الخاص في الرسم.
في الاستطلاع الآتي نفتح أفقا آخر نحاور فيه الفنانين التشكيليين البحرينيين متخذين من انتهاء رحلة الصمودي مدخلا للولوج الى الحركة التشكيلية السورية ومدى الأثر الذي تركه الصمودي وغيره من التشكيليين السوريين على التشكيل البحريني.
حدائق دمشق القديمة
التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو جمعتها بالصمودي معرفة شخصية وتلمست عن قرب مشروعه الفني. وهي هنا تؤكد أن الصمودي اختط له أسلوبا خاصا به حين أوضحت: "لقد كان للصمودي أسلوبه الخاص القائم على حدائق دمشق القديمة من خلال دراسته للتاريخ. فهو رسم تلك الحدائق بالأسلوب العربي الدمشقي القديم. وهي الصورة التي ترسم وفق بعدين وهو الأسلوب المتداول في القرن الثاني عشر. وهو الفن الواسطي الموجود في مقامات الحريري".
هذ اذا تحدثنا عن أسلوب الصمودي في الرسم لكن عند الحديث عن موضوعات الرسم لديه فنجده استفاد من التراث ولكن بأسلوب حديث، وذلك نتيجة تراكمات كثيرة بفعل ثقافته واطلاعه. وقد قمت بزيارة سورية ودير الزير، كما زرت حلب فاكتشفت أن الفنادق الفخمة في سورية كثيرا ما اشتملت على لوحات للصمودي. ففي مدخل أحد الفنادق تجد جدارية ضخمة للصمودي تشعر كل من يدخل المقهى هناك بأن هناك روحا ثقافية تتنفس. وهو الامر الذي يكذب القول بأن الصمودي لم يحظ باحترام في بلده كما حظي به في الامارات العربية المتحدة، وقد زرت الصمودي في الاستوديو الخاص به في الشارقة ففوجئت بأنه يعمل على أكثر من لوحة على الحائط من دون كلل أو تعب، اذ كان عنده مخزون كبير.
وأضافت عن مدى تأثيره على مشروعها الفني الخاص بقولها: "في أواسط السبعينات كنت أدرس الفن وكنت في حيرة شأني شأن الفنانين الآخرين وسببها صعوبة الاختيار بين مدارس متعددة. ولكن عندما وجدت الصمودي وقد اختار له منعطفه الخاص وسط معاصرته والصراعات الكثيرة التي يمر بها فحولها الى أسلوبه الذي تفرد به حين صدر تجربته التي استقاها من الفن الإسلامي وزاوجها بالمدرسة التجريدية الحديثة أو حين زاوج بين الانطباعية وصبغها بالمدارس الحديثة ومررها من مصفاة اللون وأخرجها بأسلوبه الخاص تشجعت واخترت اللون الخاص بي".
تجربة غنية باللون
ورأي التشكيلية لبنى الأمين لا يبعد عن رأي بلقيس فخرو وانت كانت ترى أن الصمودي لا يقف تأثيره لوحده وانما للفن التشكيلي السوري عموما: " من خلال معرفتي بالفن السوري، أجد أن هناك تأثيرا كبيرا للصمودي ولغيره من الفنانين التشكيليين السوريين علي وعلى غيري من التشكيليين. فتجربة الصمودي هي تجربة كبيرة وواضحة شأنها شأن تجربة نزار صابونه وأسعد عرابي. وان كان لكل مدرسته وانتماؤه الا أنهم يتميزون بتجربة غنية في مضمار اللون. فتأثير الحركة التشكيلية السورية التي يعتبر الصمودي أحد وجوهها تأثير بين فالسوريون منهم التشكيليون والنحاتون والرسامون".
لا يمتلك بصمة خاصة به
ولكن رأي التشكيلي راشد العريفي يختلف هنا فهو يجد أن الصمودي لم يمهله القدر ليقدم بصمته الخاصة به وهي البصمة التي آمن بها العريفي ولايزال وهي المحلية وقد دلل على رأيه هذا بقوله: "ان الصمودي وأمثاله من الذين درسوا الفن في المدارس الغربية الكثيرون منهم لم يستطيعوا تحقيق الحضور المحلي. والصمودي لم يستطع أن يقدم صيغته الخاصة به. فلم يستطع أن يبدع شيئا محليا خاصا. اذ انه من السهل أن تقوم بتقليد المدارس الغربية ولكن من الصعب أن توجد فنا تشكيليا محليا قائما على الرسم بالألوان الطبيعية الحاضرة في البيئة المحلية ذاتها كالذي قمت أنا به مثلا حين استحضرت ألوان الطين والألوان الشعبية كالأزرق أو الألوان الفطرية الموجودة على سواحل البحرين أو البيوت القديمة. والحق يقال ان تأثير الفن الشكيلي السوري على الفنان البحريني لم يكن كبيرا اللهم الا في فن الجرافيك عند عبدالجبار الغضبان وعباس يوسف".
تأثير ضئيل
وكذلك التشكيلي عبدالكريم البوسطة يرى الرأي نفسه ويؤكد أن الفن التشكيلي السوري لم يترك أثره البارز على التشكيلي البحريني سواء جيل الرواد أو الفنانين الحاضرين حاليا. وأوضح "لم يبرز ذلك الحضور الكبير للتشكيل السوري بشكل عام كما حضر للتشكيل المصري مثلا. فليس الأمر قاصرا على الصمودي وانما جيل الرواد أيضا. فقد اطلعنا على التجربة التشكيلية السورية لأول مرة في العام 9691 من خلال معرض الفن التشكيلي العربي اذ تم اختيار مجموعة من الفنانين من جميع البلاد العربية بمعدل ثمانية فنانين من كل بلد عربي. فكان منطلقا لنا للاطلاع على التشكيل السوري كما هو شأن بقية البلدان العربية ولكن اطلاعنا هذا لم يكن ليجور - ان صح التعبير - على لمستنا نحن. فالصمودي وغيره من التشكيليين السوريين لم يلقوا بأثر كبير على الفنانين البحرينيين"
الصمودي... بعد رحيله سجادات تسع الشرق والعالم
عبداللطيف الصمودي الذي كانت له لمسته الخاصة في رسم لوحاته التي أطلق عليها النقاد تسمية "السجاجيد الشرقية" كانت له أصالته وتفرده اللذين استمدهما من بيئته المحلية التي زاوجها بالأسلوب التجريدي. وهو الأمر الذي خلق له أسلوبه الخاص في الرسم.
في الاستطلاع الآتي نفتح أفقا آخر نحاور فيه الفنانين التشكيليين البحرينيين متخذين من انتهاء رحلة الصمودي مدخلا للولوج الى الحركة التشكيلية السورية ومدى الأثر الذي تركه الصمودي وغيره من التشكيليين السوريين على التشكيل البحريني.
حدائق دمشق القديمة
التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو جمعتها بالصمودي معرفة شخصية وتلمست عن قرب مشروعه الفني. وهي هنا تؤكد أن الصمودي اختط له أسلوبا خاصا به حين أوضحت: "لقد كان للصمودي أسلوبه الخاص القائم على حدائق دمشق القديمة من خلال دراسته للتاريخ. فهو رسم تلك الحدائق بالأسلوب العربي الدمشقي القديم. وهي الصورة التي ترسم وفق بعدين وهو الأسلوب المتداول في القرن الثاني عشر. وهو الفن الواسطي الموجود في مقامات الحريري".
هذ اذا تحدثنا عن أسلوب الصمودي في الرسم لكن عند الحديث عن موضوعات الرسم لديه فنجده استفاد من التراث ولكن بأسلوب حديث، وذلك نتيجة تراكمات كثيرة بفعل ثقافته واطلاعه. وقد قمت بزيارة سورية ودير الزير، كما زرت حلب فاكتشفت أن الفنادق الفخمة في سورية كثيرا ما اشتملت على لوحات للصمودي. ففي مدخل أحد الفنادق تجد جدارية ضخمة للصمودي تشعر كل من يدخل المقهى هناك بأن هناك روحا ثقافية تتنفس. وهو الامر الذي يكذب القول بأن الصمودي لم يحظ باحترام في بلده كما حظي به في الامارات العربية المتحدة، وقد زرت الصمودي في الاستوديو الخاص به في الشارقة ففوجئت بأنه يعمل على أكثر من لوحة على الحائط من دون كلل أو تعب، اذ كان عنده مخزون كبير.
وأضافت عن مدى تأثيره على مشروعها الفني الخاص بقولها: "في أواسط السبعينات كنت أدرس الفن وكنت في حيرة شأني شأن الفنانين الآخرين وسببها صعوبة الاختيار بين مدارس متعددة. ولكن عندما وجدت الصمودي وقد اختار له منعطفه الخاص وسط معاصرته والصراعات الكثيرة التي يمر بها فحولها الى أسلوبه الذي تفرد به حين صدر تجربته التي استقاها من الفن الإسلامي وزاوجها بالمدرسة التجريدية الحديثة أو حين زاوج بين الانطباعية وصبغها بالمدارس الحديثة ومررها من مصفاة اللون وأخرجها بأسلوبه الخاص تشجعت واخترت اللون الخاص بي".
تجربة غنية باللون
ورأي التشكيلية لبنى الأمين لا يبعد عن رأي بلقيس فخرو وانت كانت ترى أن الصمودي لا يقف تأثيره لوحده وانما للفن التشكيلي السوري عموما: " من خلال معرفتي بالفن السوري، أجد أن هناك تأثيرا كبيرا للصمودي ولغيره من الفنانين التشكيليين السوريين علي وعلى غيري من التشكيليين. فتجربة الصمودي هي تجربة كبيرة وواضحة شأنها شأن تجربة نزار صابونه وأسعد عرابي. وان كان لكل مدرسته وانتماؤه الا أنهم يتميزون بتجربة غنية في مضمار اللون. فتأثير الحركة التشكيلية السورية التي يعتبر الصمودي أحد وجوهها تأثير بين فالسوريون منهم التشكيليون والنحاتون والرسامون".
لا يمتلك بصمة خاصة به
ولكن رأي التشكيلي راشد العريفي يختلف هنا فهو يجد أن الصمودي لم يمهله القدر ليقدم بصمته الخاصة به وهي البصمة التي آمن بها العريفي ولايزال وهي المحلية وقد دلل على رأيه هذا بقوله: "ان الصمودي وأمثاله من الذين درسوا الفن في المدارس الغربية الكثيرون منهم لم يستطيعوا تحقيق الحضور المحلي. والصمودي لم يستطع أن يقدم صيغته الخاصة به. فلم يستطع أن يبدع شيئا محليا خاصا. اذ انه من السهل أن تقوم بتقليد المدارس الغربية ولكن من الصعب أن توجد فنا تشكيليا محليا قائما على الرسم بالألوان الطبيعية الحاضرة في البيئة المحلية ذاتها كالذي قمت أنا به مثلا حين استحضرت ألوان الطين والألوان الشعبية كالأزرق أو الألوان الفطرية الموجودة على سواحل البحرين أو البيوت القديمة. والحق يقال ان تأثير الفن الشكيلي السوري على الفنان البحريني لم يكن كبيرا اللهم الا في فن الجرافيك عند عبدالجبار الغضبان وعباس يوسف".
تأثير ضئيل
وكذلك التشكيلي عبدالكريم البوسطة يرى الرأي نفسه ويؤكد أن الفن التشكيلي السوري لم يترك أثره البارز على التشكيلي البحريني سواء جيل الرواد أو الفنانين الحاضرين حاليا. وأوضح "لم يبرز ذلك الحضور الكبير للتشكيل السوري بشكل عام كما حضر للتشكيل المصري مثلا. فليس الأمر قاصرا على الصمودي وانما جيل الرواد أيضا. فقد اطلعنا على التجربة التشكيلية السورية لأول مرة في العام 9691 من خلال معرض الفن التشكيلي العربي اذ تم اختيار مجموعة من الفنانين من جميع البلاد العربية بمعدل ثمانية فنانين من كل بلد عربي. فكان منطلقا لنا للاطلاع على التشكيل السوري كما هو شأن بقية البلدان العربية ولكن اطلاعنا هذا لم يكن ليجور - ان صح التعبير - على لمستنا نحن. فالصمودي وغيره من التشكيليين السوريين لم يلقوا بأثر كبير على الفنانين البحرينيين"
الصمودي... بعد رحيله سجادات تسع الشرق والعالم