1
منذ خلق الكون والعلاقة بين الانثى والذكر تسمو كثيرا عن مستوى الحاجة الجسدية او الحاجة الى التكاثر رغم ما فيها من أهمية لاستمرار النوع ، او تلبية دوافع جسدية وامتزجت تلك الحاجات بضرورات روحية ومن هنا كان اللقاء بينهما روحيا اولا وجسديا ثانيا
فقد ارتقت العلاقة بينهما إلى آفاق جمالية ؟
من هنا نقول :إن الغزل عند العرب قد نشأ مع نشوء الشعر على أشكال متنوعة: فهو إما موضوع شعر ، أو مقدمة لأي موضوع آخر من مثل المديح أو الهجاء .........
وسارت مسيرة الغزل في اتجاهلات ثلاث :
1 ـــ مقدمة القصائد فيما يعرف أنه ( النسيب ) :
وكأن الشاعر أراد أن يشد انتباه السامعين إلى موضوعه قبل أن يلجه لأن الميل إلى المرأة من طبيعة النفس البشرية ، وسماع الغزل فيها شيء ممتع ، وقد يكون الشاعر قد مرّ بتجربة حب وتغزل بمن يهواها من مثل النابغة الذبياني ( حكيم الشعراء في سوق عكاظ ) في حبيبته نُعم :
نبئت نعما على الهجران عاتبة = سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري
وغيره كثيرون
وقد يكون قوله في الغزل فقط جريا على عادة العرب حيث لا يعقل أن زهير بن أبي سُلمى
( وليس في العربية سُلمى غيره ) قد كان يمر بالعشق حتى لزوجته ( أم أوفى ) وعمره ثمانون عاما ، ومنها قول الأعشى :في مقدمة قصيدة هجاء
ودع هريرة إن الركب مرتحل = وهل تطيق وداعا أيها الرجل ؟
2 ـــ الغزل الحقيقي : وهو نوعان :
ـــ الغزل العفيف ( العذري ) :
وسمي كذلك نسبة إلى قبيلة ( عذرة ) وكانت تسكن وادي القرى ، ويقال أنها كانت مشهورة بالجمال فيروى أن أعرابيا مر بالصحراء على بيت فيه عجوز فسألته : ممن أنت ؟ ( أي من أي قبيلة؟ فأجاب : أنا من القوم الذين أذا أحبوا ماتوا ، قالت : عذري ورب الكعبة
وهنا أسباب كثيرة أدت إلى هذا النوع في العهد الأموي منها التدين الشديد حيت لا زالوا قريبين من عهد النبوة ، ومنها الفقر حيث البادية بقيت مهملة من الأمويين حيث أوصى معاوية اولاده الاهتمام بالمدن...
وعرف هذا النوع بالعفة الشديدة : حيث لا يذكر اسمها ، أو يقترب من وصف جسدها ، أو يتطرق إلى ما يدل عليها ..... وكنى عنها ب ـــ ليلى ـــ أم كذا ......
يا أم عمرو جزاك الله مغفرة = ردي عليّ فؤادي كالذي كانا
وصار المثل : كل يغني على ليلاه
وظهر شعراء عرفوا باسماء من يحبون :
جميل بثينة ـــ مجنون ليلى ـــ قيس ولبنى ـــ عروة وعفراء ـــ كثيّر عزة
بالرغم ما يقال عن كثيّر أنه لم يكن عاشقا بل كان يقلد أستاذه جميلا
ما كنت أدري قبل عزّة ما البكا = ولا موجعات القلب حتى تولت ِ
وكان العرب لا يزوجون فتاتهم بمن يتغزل بها ، مما ادى لتزويجها من غيره وبقي الحبيب
عازبا طوال حياته لأن أهم صفة الوحدانية في الحب ، وطالما بقوا سارحين في الصجراء يرعون مع الوحش
وكان جميل بن معمر ( جميل بثينة ) أشدهم حيث تحدى أهلها ليراها فهددوه بالقتل
فقال موضحا خوفهم منه :
إذا ما رأوني طالعا من ثنية = يقولون من هذا ؟ وقد عرفاني
ومن هنا كثرت الشكوى من الوشاة :
2
وتبدأ قصص العذريين بشكل متشابه حيث يراها عند نبع الماء فيعشقها ويأخذ بالتغزل بها دون أن يقترب من اسمها أو عشيرتها أو أي جزء من مفاتن جسدها ، وللوشاة دور كبير في عذابات هؤلاء الشعراء
فلو كان واش باليمامة داره = وداري بأعلى خضرموت اهتدى ليا
وهذه ظاهرة توجد حيث يكون الحب في جميع الازمنة والأمكنة
وحتى في عصرنا الحالي أننا أمة ترفض الحب لبناتها وحتى لو كان عفيفا
وعلى الفتاة ألا تعلن حبها ، وتبقي لواعج هذا الحب في أعماقها خوفا من فضيحة ما وربما جريمة شرف على ما نسمع كثيرا هنا وهناك ،
ثالثا : الغزل الصريح / الحسي /
ظهر على يد شاعر يدعى / عمر بن أبي ربيعة / في المدن وهو ابن رجل ثري يعمل تاجرا جميل الشكل ، ملباس غني ....
فبدل أن يتحدث عن عذاباته في الحب كما عند العذريين فقد تحدث عن عذاب العاشقات له
وتبدو فيه ( الأنا ) متورمة عندما يحكي عن ثلاث أخوات :
قالت الصغرى وقد تيمتها = قالت الكبرى هذا عمر
ثم قالت الوسطى : وهل يخفى القمر ؟
هذا نرجسية شديدة / النرجسية اسطورة يونانية تقول : إن رجلا يدعى نرسيس راى وجهه على صفحة الماء فأعجب به وبقي واقفا حتى مات ونبتت مكان موته زهرة سميت النرجس وهذا حال عمربن أبي ربيعة
فالفتيات يلاحقنه يتوددن إليه ويطلبن عشقه ، حتى أنه تغزل بسيدات قريش
من مثل بنت عبد الملك بن مروان وغيرها وأبدى تلعقهن به / يرجى العودة إلى ديوانه /
وهذا لا يعني أن هناك انفصالا كبيرا في النوعين بل العكس فإن ما سموه الغزل الحسي يميل كثيرا إلى العفة ، وقد ظلمه المؤرخون كثيرا ، وقد قال طه حسين عن عمر بن أبي ربيعة :
( إنه يريد الحب في الأرض لا في السماء )
وامتد الغزل العفيف إلى فترات أطول ، فمن يقرا شعر العباس بن الأحنف فسوف يرى غزلا عفيفا :
أخط وأمحو ما خططت بعبرة = تسحّ على القرطاس سح غروب
ولا بد أخيرا أن نتطرق إلى الغزل في العصر الحديث : فقد تنوعت اشكاله وألوانه وبشكل عام ابتعد عن حرقات القلوب في الحب لأنه يراها ويتحدث معها ، واصبح للمرأة الحق في إبداء قناعاتها ورأيها في موضوع الحب وتطرقت إليه كاتبات من مثل السورية هيفاء بيطار والجزائرية أحلام مستغانمي ..........................
والحب يبقى أسمى المشاعر الإنسانية حينما يرتقي عن الأنا المتورمة وأن يعد المرء من المخلوقات التي خلقها الله ضمن الأمور التي تمتع الرجل
ومن منا يقبل أن تكون زوجته عبدة؟؟
رمزت عليا
منذ خلق الكون والعلاقة بين الانثى والذكر تسمو كثيرا عن مستوى الحاجة الجسدية او الحاجة الى التكاثر رغم ما فيها من أهمية لاستمرار النوع ، او تلبية دوافع جسدية وامتزجت تلك الحاجات بضرورات روحية ومن هنا كان اللقاء بينهما روحيا اولا وجسديا ثانيا
فقد ارتقت العلاقة بينهما إلى آفاق جمالية ؟
من هنا نقول :إن الغزل عند العرب قد نشأ مع نشوء الشعر على أشكال متنوعة: فهو إما موضوع شعر ، أو مقدمة لأي موضوع آخر من مثل المديح أو الهجاء .........
وسارت مسيرة الغزل في اتجاهلات ثلاث :
1 ـــ مقدمة القصائد فيما يعرف أنه ( النسيب ) :
وكأن الشاعر أراد أن يشد انتباه السامعين إلى موضوعه قبل أن يلجه لأن الميل إلى المرأة من طبيعة النفس البشرية ، وسماع الغزل فيها شيء ممتع ، وقد يكون الشاعر قد مرّ بتجربة حب وتغزل بمن يهواها من مثل النابغة الذبياني ( حكيم الشعراء في سوق عكاظ ) في حبيبته نُعم :
نبئت نعما على الهجران عاتبة = سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري
وغيره كثيرون
وقد يكون قوله في الغزل فقط جريا على عادة العرب حيث لا يعقل أن زهير بن أبي سُلمى
( وليس في العربية سُلمى غيره ) قد كان يمر بالعشق حتى لزوجته ( أم أوفى ) وعمره ثمانون عاما ، ومنها قول الأعشى :في مقدمة قصيدة هجاء
ودع هريرة إن الركب مرتحل = وهل تطيق وداعا أيها الرجل ؟
2 ـــ الغزل الحقيقي : وهو نوعان :
ـــ الغزل العفيف ( العذري ) :
وسمي كذلك نسبة إلى قبيلة ( عذرة ) وكانت تسكن وادي القرى ، ويقال أنها كانت مشهورة بالجمال فيروى أن أعرابيا مر بالصحراء على بيت فيه عجوز فسألته : ممن أنت ؟ ( أي من أي قبيلة؟ فأجاب : أنا من القوم الذين أذا أحبوا ماتوا ، قالت : عذري ورب الكعبة
وهنا أسباب كثيرة أدت إلى هذا النوع في العهد الأموي منها التدين الشديد حيت لا زالوا قريبين من عهد النبوة ، ومنها الفقر حيث البادية بقيت مهملة من الأمويين حيث أوصى معاوية اولاده الاهتمام بالمدن...
وعرف هذا النوع بالعفة الشديدة : حيث لا يذكر اسمها ، أو يقترب من وصف جسدها ، أو يتطرق إلى ما يدل عليها ..... وكنى عنها ب ـــ ليلى ـــ أم كذا ......
يا أم عمرو جزاك الله مغفرة = ردي عليّ فؤادي كالذي كانا
وصار المثل : كل يغني على ليلاه
وظهر شعراء عرفوا باسماء من يحبون :
جميل بثينة ـــ مجنون ليلى ـــ قيس ولبنى ـــ عروة وعفراء ـــ كثيّر عزة
بالرغم ما يقال عن كثيّر أنه لم يكن عاشقا بل كان يقلد أستاذه جميلا
ما كنت أدري قبل عزّة ما البكا = ولا موجعات القلب حتى تولت ِ
وكان العرب لا يزوجون فتاتهم بمن يتغزل بها ، مما ادى لتزويجها من غيره وبقي الحبيب
عازبا طوال حياته لأن أهم صفة الوحدانية في الحب ، وطالما بقوا سارحين في الصجراء يرعون مع الوحش
وكان جميل بن معمر ( جميل بثينة ) أشدهم حيث تحدى أهلها ليراها فهددوه بالقتل
فقال موضحا خوفهم منه :
إذا ما رأوني طالعا من ثنية = يقولون من هذا ؟ وقد عرفاني
ومن هنا كثرت الشكوى من الوشاة :
2
وتبدأ قصص العذريين بشكل متشابه حيث يراها عند نبع الماء فيعشقها ويأخذ بالتغزل بها دون أن يقترب من اسمها أو عشيرتها أو أي جزء من مفاتن جسدها ، وللوشاة دور كبير في عذابات هؤلاء الشعراء
فلو كان واش باليمامة داره = وداري بأعلى خضرموت اهتدى ليا
وهذه ظاهرة توجد حيث يكون الحب في جميع الازمنة والأمكنة
وحتى في عصرنا الحالي أننا أمة ترفض الحب لبناتها وحتى لو كان عفيفا
وعلى الفتاة ألا تعلن حبها ، وتبقي لواعج هذا الحب في أعماقها خوفا من فضيحة ما وربما جريمة شرف على ما نسمع كثيرا هنا وهناك ،
ثالثا : الغزل الصريح / الحسي /
ظهر على يد شاعر يدعى / عمر بن أبي ربيعة / في المدن وهو ابن رجل ثري يعمل تاجرا جميل الشكل ، ملباس غني ....
فبدل أن يتحدث عن عذاباته في الحب كما عند العذريين فقد تحدث عن عذاب العاشقات له
وتبدو فيه ( الأنا ) متورمة عندما يحكي عن ثلاث أخوات :
قالت الصغرى وقد تيمتها = قالت الكبرى هذا عمر
ثم قالت الوسطى : وهل يخفى القمر ؟
هذا نرجسية شديدة / النرجسية اسطورة يونانية تقول : إن رجلا يدعى نرسيس راى وجهه على صفحة الماء فأعجب به وبقي واقفا حتى مات ونبتت مكان موته زهرة سميت النرجس وهذا حال عمربن أبي ربيعة
فالفتيات يلاحقنه يتوددن إليه ويطلبن عشقه ، حتى أنه تغزل بسيدات قريش
من مثل بنت عبد الملك بن مروان وغيرها وأبدى تلعقهن به / يرجى العودة إلى ديوانه /
وهذا لا يعني أن هناك انفصالا كبيرا في النوعين بل العكس فإن ما سموه الغزل الحسي يميل كثيرا إلى العفة ، وقد ظلمه المؤرخون كثيرا ، وقد قال طه حسين عن عمر بن أبي ربيعة :
( إنه يريد الحب في الأرض لا في السماء )
وامتد الغزل العفيف إلى فترات أطول ، فمن يقرا شعر العباس بن الأحنف فسوف يرى غزلا عفيفا :
أخط وأمحو ما خططت بعبرة = تسحّ على القرطاس سح غروب
ولا بد أخيرا أن نتطرق إلى الغزل في العصر الحديث : فقد تنوعت اشكاله وألوانه وبشكل عام ابتعد عن حرقات القلوب في الحب لأنه يراها ويتحدث معها ، واصبح للمرأة الحق في إبداء قناعاتها ورأيها في موضوع الحب وتطرقت إليه كاتبات من مثل السورية هيفاء بيطار والجزائرية أحلام مستغانمي ..........................
والحب يبقى أسمى المشاعر الإنسانية حينما يرتقي عن الأنا المتورمة وأن يعد المرء من المخلوقات التي خلقها الله ضمن الأمور التي تمتع الرجل
ومن منا يقبل أن تكون زوجته عبدة؟؟
رمزت عليا