مشاهدة المرفق 54
جلست أمام الحاسوب لأكتب قصة، استنفرت الأفكار، جاءت تباعا، تزاحمت في ذهني، هممت أن أكتب، طارت الأفكار وتلاشت، فبقيت يدي يدغدغها الفراغ .
نظرت من النافذة، زقاق ضيق يفصل بين دور مصفوفة. فتاة جميلة في شرفة الطابق المقابل لمنزلي، قصيرة القامة، في قميص نومها الشفاف، تمدد يديها وراء ظهرها، يبرز صدرها النافر. ترفع يديها إلى الأعلى، تبدو كطائر يتعلم الطيران. جسمها يتماهى مع أشعة الصباح فترسل لذة متقطعة عبر رياح صامتة.
اهتز قلبي، لم تعد ظلمة نفسي قادرة على قمع حياتي، أتوق للتحرر من معبدي الخانق. ركزت عيني في جسمها الطري، توقفت عن الحركة ونظرت إلي في استغراب. بسرعة تسللت داخل الحجرة، من خلال نافذتها المفضية إلى الشرفة، كانت ترقبني وهي تزيح ستارة النافدة بالتدريج.
حاولت أن أشاغلها بإشارات اعتباطية، أهز الورقة بين عيني كأني أقرأ، أقلب صفحات كتاب، أتلاعب بالقلم بين أناملي، أسوي التواء رقبتي. بين كل حركة وأخرى كنت أسرق النظرات إليها.. التقت عيناي بعينيها، أغلقت النافدة بعنف، مررت الستارة من أعلى النافدة، سوت حاشيتها من الأسفل.
قلت: لماذا لا أكتب لها قصيدة شعرية؟ وما أن تواجهت مع بياض الورقة حتى سمعت طرقا عنيفا في باب غرفتي. بسرعة فتحت الباب، وجدت امرأة جميلة، رشيقة القد، طويلة القامة، يفوح من جسمها عطر يخطف الأنفاس. نظرت إليها، ابتسمت وقالت:
ـــ اسمع ياهذا.. إذا كانت لك نية حسنة فاقصد البيوت من أبوابها، وادخل بشرف، ولا تقفز بنظراتك عبر النوافذ.
غرقت نفسي في جسمي، وانبجس عرق غزير بين شعيرات رأسي. نظرت في كل زوايا الغرفة، وقع نظرها على كتب مشتتة، وأوراق مبعثرة، وأقلام مكسورة. سلة مهملات مملوءة بأوراق كنت قد مارست عليها عنفي وغضبي. وأخرى متساقطة على الأرض تخفي خربشات غير ناضجة، وملاءة حمراء متدلية على حافة سرير خشبي متهرئ، وقيعان كؤوس مملوءة بـتـفل يابس من الشاي والقهوة.
أحسست بالحرج فأسرعت أسوي غطاء السرير وأنا أقول: لا تظني سوءا، إني كاتب كبير ومشهور.
ـــ ماذا؟ تبا لك من كاتب وما تكتب أيها المبدع الفاشل، لست غبية يا هذا..
خرقتني بنظرة عميقة وابتسمت، وما أن همت أن تنصرف، استدارت واقتربت مني، مررت يدها على كتفي وقالت: هل أنت متزوج؟
صفعني السؤال، اشتعلت جمرة بدون رماد في فؤادي، دهستني اللحظة، وجاء الماضي يرمي رداءه المثقوب على أنفاسي. أسقطت عيني على الأرض، وسالت دموع دافئة فانكسرت على حافة ذقــني. رفعت رأسي لكي أقدم لها اعتذاري، لكني لم أجدها.بقيت حائرا من أمري، أطفأت الحاسوب وهممت بالخروج عسى أن أنسى غبار الوحدة والضياع.
دقائق مرت، عدت ونظرت من النافذة، فرأيت تلك المرأة بدل ابنتها تمارس حركات عشق مثـيرة.. ابتسمت وقلت: لقد بدأت المسرحية.
جلست أمام الحاسوب لأكتب قصة، استنفرت الأفكار، جاءت تباعا، تزاحمت في ذهني، هممت أن أكتب، طارت الأفكار وتلاشت، فبقيت يدي يدغدغها الفراغ .
نظرت من النافذة، زقاق ضيق يفصل بين دور مصفوفة. فتاة جميلة في شرفة الطابق المقابل لمنزلي، قصيرة القامة، في قميص نومها الشفاف، تمدد يديها وراء ظهرها، يبرز صدرها النافر. ترفع يديها إلى الأعلى، تبدو كطائر يتعلم الطيران. جسمها يتماهى مع أشعة الصباح فترسل لذة متقطعة عبر رياح صامتة.
اهتز قلبي، لم تعد ظلمة نفسي قادرة على قمع حياتي، أتوق للتحرر من معبدي الخانق. ركزت عيني في جسمها الطري، توقفت عن الحركة ونظرت إلي في استغراب. بسرعة تسللت داخل الحجرة، من خلال نافذتها المفضية إلى الشرفة، كانت ترقبني وهي تزيح ستارة النافدة بالتدريج.
حاولت أن أشاغلها بإشارات اعتباطية، أهز الورقة بين عيني كأني أقرأ، أقلب صفحات كتاب، أتلاعب بالقلم بين أناملي، أسوي التواء رقبتي. بين كل حركة وأخرى كنت أسرق النظرات إليها.. التقت عيناي بعينيها، أغلقت النافدة بعنف، مررت الستارة من أعلى النافدة، سوت حاشيتها من الأسفل.
قلت: لماذا لا أكتب لها قصيدة شعرية؟ وما أن تواجهت مع بياض الورقة حتى سمعت طرقا عنيفا في باب غرفتي. بسرعة فتحت الباب، وجدت امرأة جميلة، رشيقة القد، طويلة القامة، يفوح من جسمها عطر يخطف الأنفاس. نظرت إليها، ابتسمت وقالت:
ـــ اسمع ياهذا.. إذا كانت لك نية حسنة فاقصد البيوت من أبوابها، وادخل بشرف، ولا تقفز بنظراتك عبر النوافذ.
غرقت نفسي في جسمي، وانبجس عرق غزير بين شعيرات رأسي. نظرت في كل زوايا الغرفة، وقع نظرها على كتب مشتتة، وأوراق مبعثرة، وأقلام مكسورة. سلة مهملات مملوءة بأوراق كنت قد مارست عليها عنفي وغضبي. وأخرى متساقطة على الأرض تخفي خربشات غير ناضجة، وملاءة حمراء متدلية على حافة سرير خشبي متهرئ، وقيعان كؤوس مملوءة بـتـفل يابس من الشاي والقهوة.
أحسست بالحرج فأسرعت أسوي غطاء السرير وأنا أقول: لا تظني سوءا، إني كاتب كبير ومشهور.
ـــ ماذا؟ تبا لك من كاتب وما تكتب أيها المبدع الفاشل، لست غبية يا هذا..
خرقتني بنظرة عميقة وابتسمت، وما أن همت أن تنصرف، استدارت واقتربت مني، مررت يدها على كتفي وقالت: هل أنت متزوج؟
صفعني السؤال، اشتعلت جمرة بدون رماد في فؤادي، دهستني اللحظة، وجاء الماضي يرمي رداءه المثقوب على أنفاسي. أسقطت عيني على الأرض، وسالت دموع دافئة فانكسرت على حافة ذقــني. رفعت رأسي لكي أقدم لها اعتذاري، لكني لم أجدها.بقيت حائرا من أمري، أطفأت الحاسوب وهممت بالخروج عسى أن أنسى غبار الوحدة والضياع.
دقائق مرت، عدت ونظرت من النافذة، فرأيت تلك المرأة بدل ابنتها تمارس حركات عشق مثـيرة.. ابتسمت وقلت: لقد بدأت المسرحية.