الميكروفون الذي أجْهَز على حياة شاب وسيم في مُقْتبل الشِّعر والرواية المغربية بصعْقة كهربائية سَببُها سوء تدبير مُنظِّمي مهرجان عيد الكتاب السنوي بتطوان، هو ذات الميكروفون الذي يقتل الشعب في اليوم أكثر من مرة بخطب سياسية زائفة تُكبِّرُ مع الصوت الكذب رنَّاناً حتى فقَدْنا الثقة في أنفسنا..!
الميكروفون الذي في عطَبِه عبوةٌ ناسفة، بَدَل أن يُوصل عاليا صوت مُحسن أخريف رحمه الله كتمه للأبد، كان ربما سيُكلِّمنا بدرس عن الحياة لا يكون إجْبارياً أو يخضع لتوقيت الحكومة الذي يحصي في كل دقيقة أنفاسنا من الجيوب قافزاً بالسنوات إلى وراء ليزيد بالفساد من تخلُّفنا، ولكن الشاعر عِوَض أن يُكلِّمنا ترَك قلوب الجميع مَكْلومةً حين تحوَّل من قصيدة إلى جثة هامدة..!
الميكروفون يقتل الشاعر في مثل الخيمة التي تَهُزُّ وتحُطًّ فوق زرابيه الشِّيخات لحومها راقصة على أكثر من واحدة ونصف ويا له من نصف يرتجُّ جبلا على إيقاع الدف، وعِوض أن تسقط إحداهُن ضحية تَماسٍّ كهربائي يؤججه الماء يَخِر المُولَعون تحت أرجلها تقبيلا..!
انظُرْ صديقي مُحسن من هناك فبصرًكَ اليوم حديد، انظرْ لبعض هؤلاء الذين انعتقتَ طليقاً من طينة بشرِيَّتهم فأنتَ هناك ملاك، بالأمس كان الشاعر يعْلنُ في كل المنابر عن موعد لإحدى أماسيه فلا يحضرها أحد، واليوم وقد صار من أهل المقابر جُثماناً شهيداً مُسجَّى كأي قصيدة تنتظر يوم النشور، يضربون لنا موعدا لتشييع جنازته فهم الحاضرون غفيرا شُهودا بدون عيونٍ على الفاجعة وهو الغائب اذهبوا جميعا للجحيم لن تدخلوا جنتي حتى تُعيدوا حقي بالإجابة عن كل الأسئلة المُقِضَّة التي تركت روحي مُعلقة فلا هي أرضٌ ولا هي سماءْ..!
ومِمَّا لا نعرف معهُ أنُشرق بالضحك أو ننْهمر بالبكاء أو هُما معا ليرقص الذئب في عرسه، أن تنفجر هذه الفضيحة التي ما زلنا في غيبوبة من صعقتها دون كهرباء، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لإقرار ضريبة يدفعها المواطنون عن الكوارث دون أن تكون لأحدٍ يدٌ أو رِجلٌ في إعصار أو فيضان، ألمْ تَكْفِ الحُكومة الضرائب التي ندفعها نتيجة سوء تدبير وزاراتها في كل القطاعات فانقلبتْ الصِّحة في غياب غطاء يًؤَمِّنها للمستضعفين إلى سَقمٍ، وصار تعليمنا أخرس بعد أن دسَّ صُناع الجهل في صغار العقول عود ثقاب أو عقاب يسْتعِر بالفتنة، فتعالى مع الصِّياح دخان الداعين للبحث بين قشِّ اللغات عن لسان يَصلُح للتدريس ولو التفتوا لوجدوه مُعلَّقاً عند أقرب جزار..!
الحكومة بِكُل هذه الاختلالات الاجتماعية التي حوَّلت العيش الكريم إلى جحيم هي أمًّ الكوارث فهل المفروض أن ندفع أيضا الضريبة عن أخطاء تقترفها في حقنا، أليس نموذج المِيتة البشعة المدعومة من مديرية وزراة الثقافة بجهة الشمال والتي أوْدتْ بحياة الشاعر محسن أخريف، أكبر كارثة في تاريخ البقرية إلى جوار باقي الجرائم المُقترفة يوميا في حق الأبرياء بسبب الاهتراء الذي خرَّب مع الأرواح كل البنيات التي تَزِلُّ لموطئها أقدامنا فلا نعرف لماذا مازالت في بلدي تُسمَّى بِنيات تحتية وهي بأنقاضها فوقنا..!
كل هذه الكوارث غير الطبيعية التي تقترفها الحكومة بما فيها كارثة إهدار مجاني لحياة شاعر؛ قولوا من سيدفع هذه المرة ضريبتها ربما الميكروفون؟
أتساءل فقط لماذا هذا الميكروفون قتل الشاعر ولم يقتل من يُروض في مزماره مع الأفاعي الصوت بالخطابات السياسية الزائفة التي يتناسب لحنُها مع الوتر الحساس مُستغِلا ضُعف الناس؟
أوصيك أيها الشاعر وصيةً كتبها الأموات بليغة للأحياء، إذا دُعيتَ لمهرجان كالذي مسخ أعياد الكتاب في تطوان إلى حداد، لا تقرأْ القصائد في خيمة، فالذي نَصَبها قد نصبَ تحت زرابيها وهو يتصبَّبُ مطراً أسلاك كهرباءٍ عارية ملغومة وخرج من سرادق الخيمة مائلا..!
محمد بشكار
(افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" لعدد يومه الخميس 25 أبريل 2019)
Mohamed Bachkar
الميكروفون الذي في عطَبِه عبوةٌ ناسفة، بَدَل أن يُوصل عاليا صوت مُحسن أخريف رحمه الله كتمه للأبد، كان ربما سيُكلِّمنا بدرس عن الحياة لا يكون إجْبارياً أو يخضع لتوقيت الحكومة الذي يحصي في كل دقيقة أنفاسنا من الجيوب قافزاً بالسنوات إلى وراء ليزيد بالفساد من تخلُّفنا، ولكن الشاعر عِوَض أن يُكلِّمنا ترَك قلوب الجميع مَكْلومةً حين تحوَّل من قصيدة إلى جثة هامدة..!
الميكروفون يقتل الشاعر في مثل الخيمة التي تَهُزُّ وتحُطًّ فوق زرابيه الشِّيخات لحومها راقصة على أكثر من واحدة ونصف ويا له من نصف يرتجُّ جبلا على إيقاع الدف، وعِوض أن تسقط إحداهُن ضحية تَماسٍّ كهربائي يؤججه الماء يَخِر المُولَعون تحت أرجلها تقبيلا..!
انظُرْ صديقي مُحسن من هناك فبصرًكَ اليوم حديد، انظرْ لبعض هؤلاء الذين انعتقتَ طليقاً من طينة بشرِيَّتهم فأنتَ هناك ملاك، بالأمس كان الشاعر يعْلنُ في كل المنابر عن موعد لإحدى أماسيه فلا يحضرها أحد، واليوم وقد صار من أهل المقابر جُثماناً شهيداً مُسجَّى كأي قصيدة تنتظر يوم النشور، يضربون لنا موعدا لتشييع جنازته فهم الحاضرون غفيرا شُهودا بدون عيونٍ على الفاجعة وهو الغائب اذهبوا جميعا للجحيم لن تدخلوا جنتي حتى تُعيدوا حقي بالإجابة عن كل الأسئلة المُقِضَّة التي تركت روحي مُعلقة فلا هي أرضٌ ولا هي سماءْ..!
ومِمَّا لا نعرف معهُ أنُشرق بالضحك أو ننْهمر بالبكاء أو هُما معا ليرقص الذئب في عرسه، أن تنفجر هذه الفضيحة التي ما زلنا في غيبوبة من صعقتها دون كهرباء، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لإقرار ضريبة يدفعها المواطنون عن الكوارث دون أن تكون لأحدٍ يدٌ أو رِجلٌ في إعصار أو فيضان، ألمْ تَكْفِ الحُكومة الضرائب التي ندفعها نتيجة سوء تدبير وزاراتها في كل القطاعات فانقلبتْ الصِّحة في غياب غطاء يًؤَمِّنها للمستضعفين إلى سَقمٍ، وصار تعليمنا أخرس بعد أن دسَّ صُناع الجهل في صغار العقول عود ثقاب أو عقاب يسْتعِر بالفتنة، فتعالى مع الصِّياح دخان الداعين للبحث بين قشِّ اللغات عن لسان يَصلُح للتدريس ولو التفتوا لوجدوه مُعلَّقاً عند أقرب جزار..!
الحكومة بِكُل هذه الاختلالات الاجتماعية التي حوَّلت العيش الكريم إلى جحيم هي أمًّ الكوارث فهل المفروض أن ندفع أيضا الضريبة عن أخطاء تقترفها في حقنا، أليس نموذج المِيتة البشعة المدعومة من مديرية وزراة الثقافة بجهة الشمال والتي أوْدتْ بحياة الشاعر محسن أخريف، أكبر كارثة في تاريخ البقرية إلى جوار باقي الجرائم المُقترفة يوميا في حق الأبرياء بسبب الاهتراء الذي خرَّب مع الأرواح كل البنيات التي تَزِلُّ لموطئها أقدامنا فلا نعرف لماذا مازالت في بلدي تُسمَّى بِنيات تحتية وهي بأنقاضها فوقنا..!
كل هذه الكوارث غير الطبيعية التي تقترفها الحكومة بما فيها كارثة إهدار مجاني لحياة شاعر؛ قولوا من سيدفع هذه المرة ضريبتها ربما الميكروفون؟
أتساءل فقط لماذا هذا الميكروفون قتل الشاعر ولم يقتل من يُروض في مزماره مع الأفاعي الصوت بالخطابات السياسية الزائفة التي يتناسب لحنُها مع الوتر الحساس مُستغِلا ضُعف الناس؟
أوصيك أيها الشاعر وصيةً كتبها الأموات بليغة للأحياء، إذا دُعيتَ لمهرجان كالذي مسخ أعياد الكتاب في تطوان إلى حداد، لا تقرأْ القصائد في خيمة، فالذي نَصَبها قد نصبَ تحت زرابيها وهو يتصبَّبُ مطراً أسلاك كهرباءٍ عارية ملغومة وخرج من سرادق الخيمة مائلا..!
محمد بشكار
(افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" لعدد يومه الخميس 25 أبريل 2019)
Mohamed Bachkar