يوشك عمر الفن أن يكون مساويا لعمر الإنسان، فقد وجد الفن مرتبطا بالعمل وممارسا خلال حياة الإنسان اليومية، حيث لا انفصال بين ما هو "جميل" وما هو "نافع" بل ولم يكن هذا التمييز قد طرح بعد.
ولقد تشكلت الحاسة الجمالية لدى الإنسان خلال عملية مركبة تداخلت فيها الطقوس والشعائر الدينية مع الممارسات العملية والحياة الاجتماعية وغيرها. كما أن العلاقة بين الفن والأخلاق لم تكن قد ظهرت كمشكلة تطفو على سطح الحياة الثقافية.
ولكن مع تطور الإنسان، وتباين حاجاته حدث تحول فى علاقة الإنسان بالفن، وظهرتْ مشكلة علاقة الفن بجوانب الحياة الأخرى، ومنها علاقة الفن بالأخلاق.
ونحن "نلتقى فى الجمال وكذلك فى الأخلاق بمشكلة وجود النسق الفلسفى"(1) فقد طرحت المشكلة من خلال الاتساق مع الأنساق الفلسفية والمذاهب الفكرية أو عبر انتظامها ضمن سياق عقيدة معينة.
ويتضح من خلال عرض مشكلة العلاقة بين الفن والأخلاق أنه "يوجد نزاع جوهرى بين ما تتطلبه الأخلاق وما يتطلبه الفن فالأخلاق تصر على الارتباط بالخبرات Experiences، بينما يصر الفن على الاستقلال الذاتى لكل تجربة خاصة. والإنسان الأخلاقى يتفحص العمل المعطى فى علاقته بالأفعال الأخرى، بينما الإنسان الجمالى (المهتم بالجمال) يغرق نفسه فى التجربة المباشرة. والأخلاق تصر على عدم انتهاك حرمة الإنسان، أما الفن فيؤكد على قدسية التجربة والأخلاق تؤكد على الجانب الكمّى للحياة، بينما يؤكد الفن على الحقيقة الكيفية، والأخلاق تجعل الحياة مستقيمة، بينما يجعلها الفن عاطفية. تتحدث الأخلاق عن الاهتمام بالكلّ، بينما يهتم الفن بالجزء. فبدون الضمير يصير الإنسان مجرد سلسلة من الخبرات غير المترابطة، وبدون الفن تكون الحياة نموذجا أجزاؤه غير متسقة مع بعضها تماما فى علاقتها ببعضها، وفى علاقاتها الداخلية أيضا"(2).
ولقد كان تفسير الفن، عبر التاريخ، وحتى عصرنا الحاضر، من قبل العديد من المفكرين ينهض على أسس غير استاطيقية. فقد كان "يبجّل من أجل منفعته الاجتماعية، أو لأنه يبث فى النفوس معتقدات دينية، أو لأنه يجعل الناس أفضل من الوجهة الأخلاقية، أو لأنه مصدر من مصادر المعرفة"(3). وهذا على أساس أن الفن يقدّر بناء على ما يؤدى إليه من نتائج، وليس من أجل أهميته الخالصة.
وقد حدث فى القرون الأخيرة تحول ملحوظ نحو الاهتمام بالفن وقيمته الاستاطيقية نتج عن تغيرات اجتماعية أثرت فى مركز الفنان الذى انفصل عن المجتمع، ولم "يعد ينظر إليه كأحد الصناع"(4). ووفقا لهذا التغير اصبح هناك من ينظر إلى الفن نظرة مباينة لما كانت عليه فى العصور القديمة والوسيطة، فظهرت أفكار إعلاء القيمة الاستاطيقية للفن مقابل النظرة الأخلاقية السابقة، والتى استمرت عبر وجهات نظر أنصار العقائد الدينية أو أصحاب المذاهب الأخلاقية، أو هؤلاء الذين جعلوا نظرتهم إلى الفن مجرد تصور يتّسق ويتكامل مع مذاهبهم الاجتماعية.
وإذا كان "هيجل" قد رأى أنه "ليس لشمولية الحاجة إلى الفن وعموميتها من علة أخرى غير كون الإنسان كائنا مفكرا. وتنطوى الحاجة إلى الفن على جانب عقلانى يتمثل فى أن الإنسان بوصفه وعيا، يظهر ذاته، يزدوج، يعرض نفسه لوعيه الخاص ولتأمل الآخرين، وبالعمل الفنى يسعى الإنسان – وهو صانعه – إلى التعبير عن وعيه لذاته"(5). فإن "سانتيانا" رأى أن "العالم الجمالى محدود المجال؛ فعليه أن يخضع لسيطرة العقل المنظم، ولا يعتدى على المناطق الأكثر فائدة وقدسية"(6). وقد كان ذلك مقدمة للرأى الذى يرى أن الجمال "يساعد على تنظيم إرادة الخير"(7) وأن الأخلاق لا تقتصر" على مجال معين للنشاط، وإنما هى الاهتمام الشامل الذى يشرّع للحياة كلها"(8).
وقد كان ذلك إيذانا بالموقف المتشدد من جهة الأخلاقيين فى تعبيرهم عن آرائهم فى ربط الجمال بالأخلاق. فنجد من يرى بأنه "يبدو أن لا شىء أوضح من المطالبة بأن يكون الفن أخلاقيا وأن تكون مهمة الناقد الأولى، أحيانا على الأقل، إصدار أحكام على الأعمال الأدبية (واللوحات وحتى الموسيقى) على أساس القيمة الأخلاقية للنتاج الفنى والأدبى"(9). بل والقول بأن أى وسيلة ذات طابع فنى "لا تعتبر وسيلة صالحة إلا إذا كانت ذات اثر أخلاقى إيجابى واضح، وكانت تقدم أعمالا ونماذج صالحة ومناسبة للاقتداء بها ومحاكاتها … تقدم الرؤيا التى تعبر عن المحبة والخير، فالفن الصادق هو أخلاقى بطبيعته"(10).
ولكن ما هو السبب الكامن وراء هذا التشدد الأخلاقى؟
يرى "جورج سانتيانا" "أن الذى حدا بهم إلى هذا هو المطالب القاسية التى فرضها عليهم دفاعهم عن الدين، رغم أنه يكفى أن يستنشقوا هواء الربيع، أو يتأملوا إنسانا جميل الخِلْقة فينصرفوا عن موقفهم هذا، ولكن طباعهم الخلقية الصارمة، وخيالهم المكبل،قد وقفتْ حائلا دون النظر فى افتراضهم الأساسى بتصور الأخلاق محض وسيلة، وباعتبارها الثمن الذى يدفعه الإنسان لأنه لم يتكيف مع البيئة، أو أنها النتيجة التى نهضت على خطيئة الإنسان الأولى Origin Sin وعدم كمال تكيفه. فإذا أزلنا الخطر، والألم وكل ما يثير الشفقة، فإن الحاجة للأخلاق سوف تختفى، وعندئذ يكون نهى الإنسان عن فعل شىء ما من قبيل التسلط"(11).
ولكن إذا كانت النظرة الدينية المتشددة تعد مصدرا من مصادر فرض التصور الأخلاقى على الفن – كما رأى "سانتيانا" فإن أساس العلاقة نجم عن الربط بين الفن والمنفعة ارتكازا على القول بأننا نرى الأشياء فى عالمنا عادة على أساس فائدتها فى تحقيق أغراضنا أو إعاقتها. فإن "إدراكنا للشىء يكون عادة محدودا متجزئا. ونحن لا نرى منه إلا سماته المرتبطة بأغراضنا، وما دام مفيدا فإننا لا نبدى به اهتماما كبيرا. والإدراك عادة لا يعدو أن يكون تحديدا دقيقا سريعا لنوع الشىء وفوائده"(12).
بل وتوجد محاولات شتى من العديد من المفكرين والفلاسفة تؤكد – من وجهة نظرهم – على أن الأشياء التى نراها جميلة تخفى جميعها فائدة لنا على وجه من الوجوه وأن هذه "الفائدة تجعلها تبدو جميلة"(13).
والجدير بالذكر أننا لو عُدْنا إلى تاريخ المذاهب الجمالية، لوجدنا لدى "سقراط" محاولة ردّ "مفهوم الجمال إلى مفهوم المنفعة. وكانت حجة "سقراط" فى ذلك أن كافة الأشياء النافعة للبشر فى آن واحد أشياء جميلة وخيرّة مادامت تمثّل موضوعات ملائمة وصالحة للاستعمال، ولو أننا نظرنا مثلا إلى المسكن الجميل، لوجدنا أنه ذلك البيت المريح، أو المنزل الملائم الذى يحقق الغاية المرجوه منه. فالجمال صورة من صور المنفعة، والشىء الجميل إنما هو الشىء النافع والملائم. وأما إذا كنا بصدد موضوع لا يصلح لشىء، ولا تتحقق من ورائه أية منفعة، فإن مثل هذا الموضوع لن يكون من الجمال فى شىء"(14).
وإذا كان "سقراط" قد ربط بشكل قاطع بين الجمال والمنفعة أو الفائدة، وجعل الجميل هو النافع والملائم، فإن هذا الرأى قد انتقل إلى العصور الوسطى والعصور الحديثة – رغم انتشار اتجاهات مناوئة له خاصة فى العصور الحديثة فنجد "سانتيانا" ، والذى يتذبذب رأيه بين التأييد تارة للتصور الأخلاقى للفن وبين الفصل بين الفن والأخلاق تارة أخرى يرى أن "المنفعة مثل المغزى، هى انسجام نهائى فى الفنون، وهى على أية حال الأساس فيها"(15). بل يذكر فى موضع آخر – أنه فى مرحلة من مراحل حكمنا الجمالى "توجد حالات محددة تدخل فيها معرفتنا بالفائدة والمنفعة فى إحساسنا الجمالى. ولكنها تقوم بفعلها على نحو غير مباشر للغاية، أما بإقناعنا بأن ما تفرضه الظروف العملية على الفنان هو الصحيح، أو بإثارة إعجابنا بتفوقه، أو عن طريق الإيحاء بتلك الموضوعات التى ترتبط بالشىء"(16). كما أننا عندما نعرف عن شىء أنه "خيالى، لا فائدة له، فإن إحساسنا بما فيه من خداع يحول دون استمتاعنا به، وعلى ذلك يقصى الجمال بعيدا"(17).
أما "رالف بارتون بيرى" فقد أكد أن الفن خاضع "للنقد الأخلاقى؛ لأن الأخلاق ليست أكثر ولا أقل من القانون الذى يتحكم فى المجال الكامل للاهتمامات، والذى يكون فيه الفن وكل شىء طيب آخر ممكنا"(18) كما رأى أنه إذا كان الاهتمام الجمالى يجعل شرّ الحياة مقبولا، فإنه يضيف إرادة إزالته، ويستطيع الاستمتاع الجمالى أن يضيف إلى متعة الخير، ويقوى العاطفة الأخلاقية، ولكنه يستطيع أيضا أن يقوى العاطفة الشريرة. أن فيه تخلّط العلم. فللموسيقى سحر يدغدغ الصدر المتوحش، ولكنها لها ألوانا من السحر أخرى قد تحبط الإنسان المتحفز إلى الوحشة. والممثل – فى رأى بيرى(19) يستطيع أن يمثل أى دور ويعطيه قيمة درامية، ويستطيع الشاعر أن يجعل الشر أكثر جاذبية من الخير.
وقد كان اهذا لرأى بمثابة ترديد لرأى –سابق – للدكتور "جونسون" الذى رأى أن العمل الفنى قد يصوّر جوهرًا شريرًا أو محايدا أخلاقيا، أو قد ينطوى، من الناحية الأخرى، على مثل أخلاقى أعلى لا يتمثل الطبيعة على نحو شامل. كما يرى أن المسرحية التى يربح فيها الشرير ويخسر الفاضل هى تصوير دقيق للحوادث المعتادة فى الحياة البشرية. ومع ذلك فإنه – أى "جونسون" – يؤكد على أن المسرحية ينبغى أن تصور دائما انتصار الفضيلة. بل وينحى باللوم على "وليم شكسبير" - لأنه فى رأيه – يضحى بالفضيلة من أجل الإرضاء. وهو يحرص على أن يسر الناس بدلا من أن يعلّمهم، إلى حد يبدو معه كأنه يكتب دون هدف أخلاقى، فهو لا يوزع الخير والشر توزيعا عادلا. وهو ينقل شخصياته، بطريقة غير مكترثة عبر الخير والشر، ويصرفها فى النهاية دون مزيد من الاهتمام"(20).
ولقد وصلت النظرة الأخلاقية إلى ذروتها عند بعض النقاد والفلاسفة الذين يضعون الأخلاق فوق الجمال، ويرون أن الفن فى أساسه عمل أخلاقى، سواء فيما يطرحه أو عند الخلق والإبداع.أما إذا تحول الفنّ إلى أداة لتحطيم الخير والصلاح، وجعل الخير شرا، فإنه بذلك يكون فنا مزيفا وعملا مشينا يتطلب الإدانة والرفض، بل ويرون أن النقد الحقيقى يمتدح الفن بسبب العمل الصالح والسامى الذى يؤديه ومن واجب النقد إدانة الفن الزائف لإخفاقه فى إنجاز مهمة الفن الحقيقية وفشله فى تحقيق هدفه الصحيح(21).
وإزاء هذا التشدد فى النظر للفن فإن هناك من يرى أن الحياة "يحب أن تفسح مكانا لكل من الفنّ والأخلاق، فيجب أن يكون الإنسان وحدة، ويجب أن يحتوى شيئا ما بداخل هذه الوحدة"(22).
ومع ذلك فإنه رغم الانتقادات التى يمكن أن توجه إلى النظريات الأخلاقية فإن الفن – فى رأى البعض – رغم ذلك يجعلنا أناسا أفضل، ويهذب مشاعرنا ويجعلنا أقل عنفا وأكثر إنسانية(23).
وقد رأى "جورج سانتيانا" أنه توجد علاقة قوية بين الأحكام الجمالية والأحكام الأخلاقية غير أن التمييز بينهما يعد أمرا هاما. "فبينما تعد الأحكام الجمالية إيجابية فى الأساس لأنها تنطوى على إدراك ما هو خير، فإن الأحكام الأخلاقية فى جوهرها سلبية بمعنى أنها إدراك لما هو شر، وبينما ينبع حكمنا الجمالى من ذات الموضوع ويقوم على أساس التجربة المباشرة، ولا يقوم على فكرة المنفعة التى قد تنتج من التجربة، فإن أحكامنا القيمية فى الأخلاق فى المقابل تتأسس على الفوائد المترتبة على التجربة"(24).
كما أنه – أى "سانتيانا" – يرى أن الفارق بين القيم الجمالية من جهة والقيم الأخلاقية العملية من جهة أخرى إنما هو كالفارق بين اللعب من جهة والعمل من جهة أخرى. وكالفارق بين اللذة من جهة والإلزام من جهة أخرى(25).
وإذا كانت الأخلاق تهتم بالعلاقة بين العمل وأشياء أخرى بينما يدربنا الموقف الجمالى على الانتباه إلى العمل الفنى "لذاته فحسب" ويهتم بالخصائص الداخلية للعمل وبناءً على ذلك فإن الأخلاق تهتم بنتائج الفن، أى تأثيره فى السلوك، وفى النظام الاجتماعى والحياة البشرية. "فالأخلاق تعيد العمل إلى العلاقات المتبادلة التى أخرجه منها الاهتمام الجمالى" (26).
والجدير بالذكر أن التجربة الجمالية ليست منفصلة تماما عن الحياة، فنتائجها تتجاوز نطاق التجربة المباشرة، وتؤثر فينا وتغيرنا بهذا القدر أو ذلك. ولعل هذا هو الدافع إلى وجود من ينبهنا دائما- منذ أيام أفلاطون- "إلى أن الفن قد يكون ضارًا ولا سيما بالنسبة للصغار، فمن الممكن ان يحطم الشخصية أو يهدم الأخلاق"(27). غير أن هذا الأمر يعد نوعا من المبالغة،وخلطا بين ما تتطلب الأخلاق وما يتطلبه الفن، وهو ما ارتكز عليه الداعية الأخلاقى عند نقده لدور الفن الاجتماعى .
ويرى "برتيلمى" أن تشدد هؤلاء (الأخلاقيين) إنما يرجع إلى التشوّه المهنى أو إلى المبالغة فى التحمس، وإلى تضييق التفكير أو الإدّعاء بنصرة الحق"(28). ويحدث هذا - فى رأيه – بوجه خاص عندما يكونون من "أنصار الكلاسيكية المليئة – فى رأيه – بجراثيم "أوغسطين" أو كاثوليكية "بور رويال" والتشاؤمية وأحيانا كما هو الحال عند "رسو". وكل هذا ينطوى على ملابسات رديئة لا تساعد على إصدار أحكام صحيحة عن الفن والفنانين"(29).
وإذا كان رجال الأخلاق يبحثون وراء الفن عن وظيفة أخلاقية، وعن العظة والإرشاد، فإن "كليف بل" "رأى أن استخدام الإرشاد فى الفن مثل قطع الصخور بموسى حلاقة أو استخدام التلسكوب فى قراءة الصحف .فالتلسكوب مع بعض الصعوبات يمكن أن يستخدم فى هذا الغرض – ولكن هذا لم يكن ما من أجله صنع التلسكوب، وإذا ما استخدمه إنسان لهذا الغرض فحسب فإنه يستخدمه لوظيفة تجعله ذا قيمة قليلة جدا. الفن – حقيقة – قد يعلم أو يرشد ولكن ليس بواسطة العظة الجليلة المباشرة"(30). قد يعلم – "ليس بواسطة العظة – ولكن بواسطة الوجود"(31). على حد تعبير "جون ديوى". كما يرى كليف بل Cluive Bell " أن الفن فوق الأخلاق- والفن خير لأنه يعلو بنا الى حالة من النشوة أفضل بمراحل من كل ما يستطيع الداعية الأخلاقى البليد الحسّ أن يتصوره"(32 ).
ويرى "جاريت" أنه رغم مقتنا للرذائل إلا إنها تغرينا فى نفس الوقت والفنان الذى يفشل فى تصوير جاذبيتها أو يفشل فى أن يجعلنا نعطف على المخطئ متعصب من ناحية، فاشل من ناحية أخرى. ومن الممكن أن تكون العقيدة التعليمية جميلة، ولكن من العسير علينا أن نتبين جمالها. مع ذلك فانه يوجد قدر من الشعر يصعب حقا أن نجد فيه أى تهذيب، وهذا يصدق ايضا على الموسيقى وفن البناء والطبيعة. لا يمكن لإنسان أن يزكى موظفا مرشحا لوظيفة مالية بأنه ذو ذوق سليم أو أنه فنان عظيم أو يلتمس الأدب والنقد الفنى عند بوّاب، الفنانون لهم نواحى ضعفهم ولهم فضائلهم، ولكنهم لا يفضلون الرجل العادى كما انهم لا يقلون عنه(33) .
وإذا كان المنظرالأخلاقى يحاول فى مجالات بعيدة عن مجاله فهذا يعنى أنه بلا شك سوف يفشل فى الوصول إلى شىء مهما كان السلاح الذى يستخدمه لأنه ينازل فى ميدان غير ميدانه. فليس من حق رجل دين جليل يؤم دور العبادة معظم الوقت أن يحكم على الرقص "فأخلاقية الرقص تعتمد على العادات والتقاليد ولقد قال "آلان": أنه لا ينبغى أن نحكم على الرقص أن لم نكن نعرف كيف نرقص نحن"(34) .
والجدير بالذكر أن صاحب المعتقد الدينى – على حد تعبير "جاريت" – إنما ينظر إلى "معتقده نظرة خطيرة جدا، فبيدو له الخطأ مصحوبا بنتائج خطيرة، ويكون موقفه من الآراء التى تمس الدين مهما كان من حيويتها موقف العازف عنها، قد يضع حدا لقراءتها بما فيها من بهجة ومتعة"(35). وبذلك يكون انطلاقه غير جمالى، بل ومدمر للموقف الجمالى الذى يدعونا للإخلاص للعمل الفنى والانتباه إلى ما فيه من خصائص جمالية. إنه يضع سدًا منيعا بين التذوق الجمالى للملتقى والعمل الفنى بحجة أنه لا يحمل عظة أخلاقية أو لا يدعو إلى الورع أو يخاطب الحواس.
إن العمل الفنى الجيد ليس بحاجة إلى ظهير دينى أو أخلاقى. "فالقصة الخرافية الشيقة لا تحتاج إلى مغزى أخلاقى، كما أن حقائق السلوك لا تحتاج إلى صوغها فى قالب القصة الخرافية. ومبادىء الأخلاق التى تحتاج إلى خرافة هى عادة ذات صيغة عاطفية"(36).
إن الخلط بين الجمالى والأخلاقى إنما يرجع إلينا نحن،لأننا غير قادرين على رؤية الخواص الدقيقة للأعمال الفنية، كما أن حياتنا يشوبها الخلط والتشوّه وعدم التروى، والانصراف إلى المفيد الآنى، مما يضيق من إدراكنا الحسى، ويختصر ملكاتنا، ويخضعنا للعادات الرديئة. وهى أمور تلقى قبولا لدينا فى ظروف وقوعنا تحت وطأة الحاجات الضرورية. إن هذا يبعدنا عن إدراك السرّ الحقيقى للعمل الفنى، والانحراف عن مجالات الحوار معه.
إن الحقيقة الكبرى فى الفن هى أن الواقعة الجمالية "ليست ظاهرة أخلاقية، بل هى حقيقة نوعية لها كينونتها الخاصة"(37). وهذا يتنافى مع مادرجنا عليه فى حياتنا العادية من اللّجوء إلى المألوف والعادى أو الابتعاد عن الجمالى، والمثير للدهشة. فالطبيعة البشرية – كما يؤكد "برونتير" هى طبيعة لا أخلاقية. "والعمل الأدبى كلما كان مطبقا لحقيقة الطبيعة البشرية ساعد على إيجاد اللاأخلاقية، وينتج عن ذلك أننا نخدع أنفسنا حين نبالغ فى الدور الذى تلعبه المادة فى إيجاد المال"(38).
إن إنتاج الأعمال الفنية إذن ليس بالضرورة لأجل المنفعة أو الهدف الأخلاقى، أو الفعل الدينى أو العظة المراد بها إصلاح أكبر عدد من الناس، "إنما الجواب يكمن فى أن الفنان يفعل ذلك من قبيل" اللعب "ذلك أن الأعمال الفنية شاغل ليس ثمة ما يكرهنا على تكريس أنفسنا له، ولنا كامل الحرية فى التوقف متى شئنا ذلك، أو أن هناك وسائل أخرى وأفضل للحصول على ما نحصل عليه بالفن"(39) فإنجاز أى هدف عن طريق الفن. غير ما هو مؤهل له – إنما يعد تعديا على الفن وخلطا ومضيعة للجهد، فيمكننا الوصول إلى مرامينا الأخلاقية أو الدينية مباشرة وبطريق أقصر، فالطريق الأخلاقى أو الدينى ليس من موضوعات الفن الجوهرية.
ويرى "برتيلمى" "إن الفن (غير أخلاقى) من واقع تكوينه الداخلى. لأن كل تعبير فنى يضطر لكى يصل إلى النفس، إلى أن يلجأ إلى الواسطة، لا واسطة الحواس فحسب، بل اللذة الحسية، فما من لوحة مصورة إلا وكانت قبل كل شىء مصدر لذة للعيون، وما من موسيقى إلا وكانت بالضرورة ممتعة للأذن وما من شعر إلا وكان ملاطفة"(40) ولكن ليس معنى ذلك أن تقدم الفنون يعنى الزيادة فى نسبة الفساد، بل أن تقدم الفنون يؤدى إلى ترقية الحواس، والسمو بالعاطفة وتطور المشاعر.
يعد الفن عرضة للفهم الخاطىء من قبيلالمنظر الأخلاقى إذا انصبّ اهتمامه على ما يقدمه للإنسان من إرشاد وعظات، كما أنه يكون فى وضع أسوأ إذا تحول إلى مجرد مضيعة للوقت . ونود أن نشير هنا إلى أن الفن فى انفصاله عن الأخلاق لا يعنى الدعوة إلى الشر، أو الرذيلة، بل هذا يمثل الوجه الآخر للعملة، فالبحث عن هدف نبيل أو غير نبيل للفن هو نفسه اقتحام للفن فى غير مجاله، وفهم مغلوط له. الفن إذن يطلب لذاته وفى ذاته، والبحث فيه بحثا عن كماله الخاص وعن العلاقات الباطنية لعناصره، وما يجلب المتعة الجمالية للإنسان، إما أن يقوم الفن بأى وظيفة أخرى فإن هذا قد بأتى عرضا، وناتجا عن كون الفنّ والفنان لصيقين بالحياة بكل ما فيها من تناقضات.
***
الهوامش
(1) Kulp, Oswald: Introduction to Philosophy, Psychology, Logic, Ethics, Aesthetics and General Philosophy, Translated By W. B. Uslury – E. B., Titchener, George Allen Unium, 11th Edition, London, 1927, P. 98.
(2) Zink, Sideny: The Moral Effect of Art In (Vivas & Elisev & Krieger, Murry) Eds. Of The Problem of Aesthetics – Hort, Pineharar and Winston, O. N. Y. 1953, P. 546.
(3) ستولينتيز، جيروم: النقد الفنى – ترجمة فؤاد زكريا – الهيئى المصرية العامة للكاتب – ط2 – القاهرة – 1980 ص 39.
(4) المصدر السابق – ص 40.
(5) هيجل، فردريك: المدخل إلى علم الجمال – ترجمة جوزج طرابيشى – دار الطليعة – ط2 – بيروت – 1980 – ص 67،68.
(6) Santayana, G.: The Sense of Beauty – Being The Outline of Aesthetic Theory – Dover Publication 5th ed. N. Y. 1955,
(7) Smith, Wendel Bristow: Ethics and Aesthetics An Essay of Value – Philosophy and Pgenomenological Research, Vol. VI. NO,I, September 1945, P. 103.
(8) ستولنيتز، ج: النقد الفنى – مصدر سابق – ص 514.
(9) كاروز، جون: فى الرواية الأخلاقية – ترجمة ايشو إلياس يوسف – مراجعة سليمان داود الواسطى – دار الشؤون الثقافية العامة – ط1 بغداد – 1986 – ص 25.
(10) المصدر السابق – ص 25.
(11) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 20.
(12) ستولنيتر، ج مصدر سابق – ص 43.
(13) جاريت، أ. ف : فلسفة الجمال – ترجمة عبد الحميد يونس، رمزى يس، عثمان نوية – دار الفكر العربى – القاهرة – د. ت. ص 56، 57.
(14) إبراهيم، زكريا: الفنان والإنسان – مكتبة غريب – القاهرة – 1973 – ص 113، 115.
(15) Santayana, G.: Reason In The Art, In The Philosophy of Santayana, ed. With an introduction Essay By (Irwin Edman) – The Modern Philosophy Library – Redom House – N. Y., 1936, P. 229.
(16) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 98.
(17) Ibid: P. 98.
(18) Pery, R.B.: The Moral Economy, Scrilner, N. Y. 1909 – P. 174.
عن: ستولنيتر، ج: النقد الفنى – ص 514.
(19) Pery, R.B.: Realms of the Value, Harvard University Press, Harvard, 1954., P 416.
(20) ستولنيتر، ج: مصدر سابق – ص ص 185، 186.
(21) كاروز، ج: مصدر سابق – ص 22.
(22) Zink, Sidery : The Moral Effect Of Art, Op. Cit., P. 546.
(23) زكريا، فؤاد: آراء نقدية فى مشكلة الفكر والثقافة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1975 ص 258.
(24) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 16.
(25) إبراهيم، زكريا: فلسفة الفن فى الفكر المعاصر – مكتبة مصر – القاهرة – 1968 ص62.
(26) ستولنيتر، ج: مصدر سابق – ص 508.
(27) المصدر السابق – ص 61، 62.
(28) برتيلمى، جان: بحث فى عالم الجمال – ترجمة أنور عبد العزيز – مراجعة نظمى لوقا – (دار نهضة مصر – بالاشتراك مع مؤسس فرنكلين للطباعة والنشر) - (القاهرة - نيويورك) – يوليو – 1970 – ص 487.
(29) المصدر السابق ص 487.
(30) Hospers, John: The Problems of Aesthetics, In Enc. Of Ph. Vol. I – The Macmillan Company. The Free Press, N. Y., 1972, P. 50.
(31) I Bid: P. 50.
(32) ستولنيتز، ج: مصدر سابق – ص 533.
(33) جاريت، أ. ف: مصدر سابق – ص 63. 65.
(34) برتيلمى، جان: مصدر سابق – 486.
(35) جاريت، أ. ف. ز: مصدر سابق – ص77.
(36) نفس المصدر – ص 66.
(37) إبراهيم، زكريا: مشكلة الفن – مطبعة مصر – القاهرة – 1976 ص 66.
(38) برتيلمى ، جان: مصدر سابق – ص 498.
(39) هيجل، فردريك: المدخل إلى علم الجمال – مصدر سابق - ص 67.
(40) برتيلمى، جان: مصدر سابق – ص 492.
د. رمضان الصباغ
المصادر:
* عُشّاق المفكر والأديب الفنان أ.د/ رمضان الصبّاغ
* رمضان الصباغ - الفن والاخلاق -نظرة عامة
ولقد تشكلت الحاسة الجمالية لدى الإنسان خلال عملية مركبة تداخلت فيها الطقوس والشعائر الدينية مع الممارسات العملية والحياة الاجتماعية وغيرها. كما أن العلاقة بين الفن والأخلاق لم تكن قد ظهرت كمشكلة تطفو على سطح الحياة الثقافية.
ولكن مع تطور الإنسان، وتباين حاجاته حدث تحول فى علاقة الإنسان بالفن، وظهرتْ مشكلة علاقة الفن بجوانب الحياة الأخرى، ومنها علاقة الفن بالأخلاق.
ونحن "نلتقى فى الجمال وكذلك فى الأخلاق بمشكلة وجود النسق الفلسفى"(1) فقد طرحت المشكلة من خلال الاتساق مع الأنساق الفلسفية والمذاهب الفكرية أو عبر انتظامها ضمن سياق عقيدة معينة.
ويتضح من خلال عرض مشكلة العلاقة بين الفن والأخلاق أنه "يوجد نزاع جوهرى بين ما تتطلبه الأخلاق وما يتطلبه الفن فالأخلاق تصر على الارتباط بالخبرات Experiences، بينما يصر الفن على الاستقلال الذاتى لكل تجربة خاصة. والإنسان الأخلاقى يتفحص العمل المعطى فى علاقته بالأفعال الأخرى، بينما الإنسان الجمالى (المهتم بالجمال) يغرق نفسه فى التجربة المباشرة. والأخلاق تصر على عدم انتهاك حرمة الإنسان، أما الفن فيؤكد على قدسية التجربة والأخلاق تؤكد على الجانب الكمّى للحياة، بينما يؤكد الفن على الحقيقة الكيفية، والأخلاق تجعل الحياة مستقيمة، بينما يجعلها الفن عاطفية. تتحدث الأخلاق عن الاهتمام بالكلّ، بينما يهتم الفن بالجزء. فبدون الضمير يصير الإنسان مجرد سلسلة من الخبرات غير المترابطة، وبدون الفن تكون الحياة نموذجا أجزاؤه غير متسقة مع بعضها تماما فى علاقتها ببعضها، وفى علاقاتها الداخلية أيضا"(2).
ولقد كان تفسير الفن، عبر التاريخ، وحتى عصرنا الحاضر، من قبل العديد من المفكرين ينهض على أسس غير استاطيقية. فقد كان "يبجّل من أجل منفعته الاجتماعية، أو لأنه يبث فى النفوس معتقدات دينية، أو لأنه يجعل الناس أفضل من الوجهة الأخلاقية، أو لأنه مصدر من مصادر المعرفة"(3). وهذا على أساس أن الفن يقدّر بناء على ما يؤدى إليه من نتائج، وليس من أجل أهميته الخالصة.
وقد حدث فى القرون الأخيرة تحول ملحوظ نحو الاهتمام بالفن وقيمته الاستاطيقية نتج عن تغيرات اجتماعية أثرت فى مركز الفنان الذى انفصل عن المجتمع، ولم "يعد ينظر إليه كأحد الصناع"(4). ووفقا لهذا التغير اصبح هناك من ينظر إلى الفن نظرة مباينة لما كانت عليه فى العصور القديمة والوسيطة، فظهرت أفكار إعلاء القيمة الاستاطيقية للفن مقابل النظرة الأخلاقية السابقة، والتى استمرت عبر وجهات نظر أنصار العقائد الدينية أو أصحاب المذاهب الأخلاقية، أو هؤلاء الذين جعلوا نظرتهم إلى الفن مجرد تصور يتّسق ويتكامل مع مذاهبهم الاجتماعية.
وإذا كان "هيجل" قد رأى أنه "ليس لشمولية الحاجة إلى الفن وعموميتها من علة أخرى غير كون الإنسان كائنا مفكرا. وتنطوى الحاجة إلى الفن على جانب عقلانى يتمثل فى أن الإنسان بوصفه وعيا، يظهر ذاته، يزدوج، يعرض نفسه لوعيه الخاص ولتأمل الآخرين، وبالعمل الفنى يسعى الإنسان – وهو صانعه – إلى التعبير عن وعيه لذاته"(5). فإن "سانتيانا" رأى أن "العالم الجمالى محدود المجال؛ فعليه أن يخضع لسيطرة العقل المنظم، ولا يعتدى على المناطق الأكثر فائدة وقدسية"(6). وقد كان ذلك مقدمة للرأى الذى يرى أن الجمال "يساعد على تنظيم إرادة الخير"(7) وأن الأخلاق لا تقتصر" على مجال معين للنشاط، وإنما هى الاهتمام الشامل الذى يشرّع للحياة كلها"(8).
وقد كان ذلك إيذانا بالموقف المتشدد من جهة الأخلاقيين فى تعبيرهم عن آرائهم فى ربط الجمال بالأخلاق. فنجد من يرى بأنه "يبدو أن لا شىء أوضح من المطالبة بأن يكون الفن أخلاقيا وأن تكون مهمة الناقد الأولى، أحيانا على الأقل، إصدار أحكام على الأعمال الأدبية (واللوحات وحتى الموسيقى) على أساس القيمة الأخلاقية للنتاج الفنى والأدبى"(9). بل والقول بأن أى وسيلة ذات طابع فنى "لا تعتبر وسيلة صالحة إلا إذا كانت ذات اثر أخلاقى إيجابى واضح، وكانت تقدم أعمالا ونماذج صالحة ومناسبة للاقتداء بها ومحاكاتها … تقدم الرؤيا التى تعبر عن المحبة والخير، فالفن الصادق هو أخلاقى بطبيعته"(10).
ولكن ما هو السبب الكامن وراء هذا التشدد الأخلاقى؟
يرى "جورج سانتيانا" "أن الذى حدا بهم إلى هذا هو المطالب القاسية التى فرضها عليهم دفاعهم عن الدين، رغم أنه يكفى أن يستنشقوا هواء الربيع، أو يتأملوا إنسانا جميل الخِلْقة فينصرفوا عن موقفهم هذا، ولكن طباعهم الخلقية الصارمة، وخيالهم المكبل،قد وقفتْ حائلا دون النظر فى افتراضهم الأساسى بتصور الأخلاق محض وسيلة، وباعتبارها الثمن الذى يدفعه الإنسان لأنه لم يتكيف مع البيئة، أو أنها النتيجة التى نهضت على خطيئة الإنسان الأولى Origin Sin وعدم كمال تكيفه. فإذا أزلنا الخطر، والألم وكل ما يثير الشفقة، فإن الحاجة للأخلاق سوف تختفى، وعندئذ يكون نهى الإنسان عن فعل شىء ما من قبيل التسلط"(11).
ولكن إذا كانت النظرة الدينية المتشددة تعد مصدرا من مصادر فرض التصور الأخلاقى على الفن – كما رأى "سانتيانا" فإن أساس العلاقة نجم عن الربط بين الفن والمنفعة ارتكازا على القول بأننا نرى الأشياء فى عالمنا عادة على أساس فائدتها فى تحقيق أغراضنا أو إعاقتها. فإن "إدراكنا للشىء يكون عادة محدودا متجزئا. ونحن لا نرى منه إلا سماته المرتبطة بأغراضنا، وما دام مفيدا فإننا لا نبدى به اهتماما كبيرا. والإدراك عادة لا يعدو أن يكون تحديدا دقيقا سريعا لنوع الشىء وفوائده"(12).
بل وتوجد محاولات شتى من العديد من المفكرين والفلاسفة تؤكد – من وجهة نظرهم – على أن الأشياء التى نراها جميلة تخفى جميعها فائدة لنا على وجه من الوجوه وأن هذه "الفائدة تجعلها تبدو جميلة"(13).
والجدير بالذكر أننا لو عُدْنا إلى تاريخ المذاهب الجمالية، لوجدنا لدى "سقراط" محاولة ردّ "مفهوم الجمال إلى مفهوم المنفعة. وكانت حجة "سقراط" فى ذلك أن كافة الأشياء النافعة للبشر فى آن واحد أشياء جميلة وخيرّة مادامت تمثّل موضوعات ملائمة وصالحة للاستعمال، ولو أننا نظرنا مثلا إلى المسكن الجميل، لوجدنا أنه ذلك البيت المريح، أو المنزل الملائم الذى يحقق الغاية المرجوه منه. فالجمال صورة من صور المنفعة، والشىء الجميل إنما هو الشىء النافع والملائم. وأما إذا كنا بصدد موضوع لا يصلح لشىء، ولا تتحقق من ورائه أية منفعة، فإن مثل هذا الموضوع لن يكون من الجمال فى شىء"(14).
وإذا كان "سقراط" قد ربط بشكل قاطع بين الجمال والمنفعة أو الفائدة، وجعل الجميل هو النافع والملائم، فإن هذا الرأى قد انتقل إلى العصور الوسطى والعصور الحديثة – رغم انتشار اتجاهات مناوئة له خاصة فى العصور الحديثة فنجد "سانتيانا" ، والذى يتذبذب رأيه بين التأييد تارة للتصور الأخلاقى للفن وبين الفصل بين الفن والأخلاق تارة أخرى يرى أن "المنفعة مثل المغزى، هى انسجام نهائى فى الفنون، وهى على أية حال الأساس فيها"(15). بل يذكر فى موضع آخر – أنه فى مرحلة من مراحل حكمنا الجمالى "توجد حالات محددة تدخل فيها معرفتنا بالفائدة والمنفعة فى إحساسنا الجمالى. ولكنها تقوم بفعلها على نحو غير مباشر للغاية، أما بإقناعنا بأن ما تفرضه الظروف العملية على الفنان هو الصحيح، أو بإثارة إعجابنا بتفوقه، أو عن طريق الإيحاء بتلك الموضوعات التى ترتبط بالشىء"(16). كما أننا عندما نعرف عن شىء أنه "خيالى، لا فائدة له، فإن إحساسنا بما فيه من خداع يحول دون استمتاعنا به، وعلى ذلك يقصى الجمال بعيدا"(17).
أما "رالف بارتون بيرى" فقد أكد أن الفن خاضع "للنقد الأخلاقى؛ لأن الأخلاق ليست أكثر ولا أقل من القانون الذى يتحكم فى المجال الكامل للاهتمامات، والذى يكون فيه الفن وكل شىء طيب آخر ممكنا"(18) كما رأى أنه إذا كان الاهتمام الجمالى يجعل شرّ الحياة مقبولا، فإنه يضيف إرادة إزالته، ويستطيع الاستمتاع الجمالى أن يضيف إلى متعة الخير، ويقوى العاطفة الأخلاقية، ولكنه يستطيع أيضا أن يقوى العاطفة الشريرة. أن فيه تخلّط العلم. فللموسيقى سحر يدغدغ الصدر المتوحش، ولكنها لها ألوانا من السحر أخرى قد تحبط الإنسان المتحفز إلى الوحشة. والممثل – فى رأى بيرى(19) يستطيع أن يمثل أى دور ويعطيه قيمة درامية، ويستطيع الشاعر أن يجعل الشر أكثر جاذبية من الخير.
وقد كان اهذا لرأى بمثابة ترديد لرأى –سابق – للدكتور "جونسون" الذى رأى أن العمل الفنى قد يصوّر جوهرًا شريرًا أو محايدا أخلاقيا، أو قد ينطوى، من الناحية الأخرى، على مثل أخلاقى أعلى لا يتمثل الطبيعة على نحو شامل. كما يرى أن المسرحية التى يربح فيها الشرير ويخسر الفاضل هى تصوير دقيق للحوادث المعتادة فى الحياة البشرية. ومع ذلك فإنه – أى "جونسون" – يؤكد على أن المسرحية ينبغى أن تصور دائما انتصار الفضيلة. بل وينحى باللوم على "وليم شكسبير" - لأنه فى رأيه – يضحى بالفضيلة من أجل الإرضاء. وهو يحرص على أن يسر الناس بدلا من أن يعلّمهم، إلى حد يبدو معه كأنه يكتب دون هدف أخلاقى، فهو لا يوزع الخير والشر توزيعا عادلا. وهو ينقل شخصياته، بطريقة غير مكترثة عبر الخير والشر، ويصرفها فى النهاية دون مزيد من الاهتمام"(20).
ولقد وصلت النظرة الأخلاقية إلى ذروتها عند بعض النقاد والفلاسفة الذين يضعون الأخلاق فوق الجمال، ويرون أن الفن فى أساسه عمل أخلاقى، سواء فيما يطرحه أو عند الخلق والإبداع.أما إذا تحول الفنّ إلى أداة لتحطيم الخير والصلاح، وجعل الخير شرا، فإنه بذلك يكون فنا مزيفا وعملا مشينا يتطلب الإدانة والرفض، بل ويرون أن النقد الحقيقى يمتدح الفن بسبب العمل الصالح والسامى الذى يؤديه ومن واجب النقد إدانة الفن الزائف لإخفاقه فى إنجاز مهمة الفن الحقيقية وفشله فى تحقيق هدفه الصحيح(21).
وإزاء هذا التشدد فى النظر للفن فإن هناك من يرى أن الحياة "يحب أن تفسح مكانا لكل من الفنّ والأخلاق، فيجب أن يكون الإنسان وحدة، ويجب أن يحتوى شيئا ما بداخل هذه الوحدة"(22).
ومع ذلك فإنه رغم الانتقادات التى يمكن أن توجه إلى النظريات الأخلاقية فإن الفن – فى رأى البعض – رغم ذلك يجعلنا أناسا أفضل، ويهذب مشاعرنا ويجعلنا أقل عنفا وأكثر إنسانية(23).
وقد رأى "جورج سانتيانا" أنه توجد علاقة قوية بين الأحكام الجمالية والأحكام الأخلاقية غير أن التمييز بينهما يعد أمرا هاما. "فبينما تعد الأحكام الجمالية إيجابية فى الأساس لأنها تنطوى على إدراك ما هو خير، فإن الأحكام الأخلاقية فى جوهرها سلبية بمعنى أنها إدراك لما هو شر، وبينما ينبع حكمنا الجمالى من ذات الموضوع ويقوم على أساس التجربة المباشرة، ولا يقوم على فكرة المنفعة التى قد تنتج من التجربة، فإن أحكامنا القيمية فى الأخلاق فى المقابل تتأسس على الفوائد المترتبة على التجربة"(24).
كما أنه – أى "سانتيانا" – يرى أن الفارق بين القيم الجمالية من جهة والقيم الأخلاقية العملية من جهة أخرى إنما هو كالفارق بين اللعب من جهة والعمل من جهة أخرى. وكالفارق بين اللذة من جهة والإلزام من جهة أخرى(25).
وإذا كانت الأخلاق تهتم بالعلاقة بين العمل وأشياء أخرى بينما يدربنا الموقف الجمالى على الانتباه إلى العمل الفنى "لذاته فحسب" ويهتم بالخصائص الداخلية للعمل وبناءً على ذلك فإن الأخلاق تهتم بنتائج الفن، أى تأثيره فى السلوك، وفى النظام الاجتماعى والحياة البشرية. "فالأخلاق تعيد العمل إلى العلاقات المتبادلة التى أخرجه منها الاهتمام الجمالى" (26).
والجدير بالذكر أن التجربة الجمالية ليست منفصلة تماما عن الحياة، فنتائجها تتجاوز نطاق التجربة المباشرة، وتؤثر فينا وتغيرنا بهذا القدر أو ذلك. ولعل هذا هو الدافع إلى وجود من ينبهنا دائما- منذ أيام أفلاطون- "إلى أن الفن قد يكون ضارًا ولا سيما بالنسبة للصغار، فمن الممكن ان يحطم الشخصية أو يهدم الأخلاق"(27). غير أن هذا الأمر يعد نوعا من المبالغة،وخلطا بين ما تتطلب الأخلاق وما يتطلبه الفن، وهو ما ارتكز عليه الداعية الأخلاقى عند نقده لدور الفن الاجتماعى .
ويرى "برتيلمى" أن تشدد هؤلاء (الأخلاقيين) إنما يرجع إلى التشوّه المهنى أو إلى المبالغة فى التحمس، وإلى تضييق التفكير أو الإدّعاء بنصرة الحق"(28). ويحدث هذا - فى رأيه – بوجه خاص عندما يكونون من "أنصار الكلاسيكية المليئة – فى رأيه – بجراثيم "أوغسطين" أو كاثوليكية "بور رويال" والتشاؤمية وأحيانا كما هو الحال عند "رسو". وكل هذا ينطوى على ملابسات رديئة لا تساعد على إصدار أحكام صحيحة عن الفن والفنانين"(29).
وإذا كان رجال الأخلاق يبحثون وراء الفن عن وظيفة أخلاقية، وعن العظة والإرشاد، فإن "كليف بل" "رأى أن استخدام الإرشاد فى الفن مثل قطع الصخور بموسى حلاقة أو استخدام التلسكوب فى قراءة الصحف .فالتلسكوب مع بعض الصعوبات يمكن أن يستخدم فى هذا الغرض – ولكن هذا لم يكن ما من أجله صنع التلسكوب، وإذا ما استخدمه إنسان لهذا الغرض فحسب فإنه يستخدمه لوظيفة تجعله ذا قيمة قليلة جدا. الفن – حقيقة – قد يعلم أو يرشد ولكن ليس بواسطة العظة الجليلة المباشرة"(30). قد يعلم – "ليس بواسطة العظة – ولكن بواسطة الوجود"(31). على حد تعبير "جون ديوى". كما يرى كليف بل Cluive Bell " أن الفن فوق الأخلاق- والفن خير لأنه يعلو بنا الى حالة من النشوة أفضل بمراحل من كل ما يستطيع الداعية الأخلاقى البليد الحسّ أن يتصوره"(32 ).
ويرى "جاريت" أنه رغم مقتنا للرذائل إلا إنها تغرينا فى نفس الوقت والفنان الذى يفشل فى تصوير جاذبيتها أو يفشل فى أن يجعلنا نعطف على المخطئ متعصب من ناحية، فاشل من ناحية أخرى. ومن الممكن أن تكون العقيدة التعليمية جميلة، ولكن من العسير علينا أن نتبين جمالها. مع ذلك فانه يوجد قدر من الشعر يصعب حقا أن نجد فيه أى تهذيب، وهذا يصدق ايضا على الموسيقى وفن البناء والطبيعة. لا يمكن لإنسان أن يزكى موظفا مرشحا لوظيفة مالية بأنه ذو ذوق سليم أو أنه فنان عظيم أو يلتمس الأدب والنقد الفنى عند بوّاب، الفنانون لهم نواحى ضعفهم ولهم فضائلهم، ولكنهم لا يفضلون الرجل العادى كما انهم لا يقلون عنه(33) .
وإذا كان المنظرالأخلاقى يحاول فى مجالات بعيدة عن مجاله فهذا يعنى أنه بلا شك سوف يفشل فى الوصول إلى شىء مهما كان السلاح الذى يستخدمه لأنه ينازل فى ميدان غير ميدانه. فليس من حق رجل دين جليل يؤم دور العبادة معظم الوقت أن يحكم على الرقص "فأخلاقية الرقص تعتمد على العادات والتقاليد ولقد قال "آلان": أنه لا ينبغى أن نحكم على الرقص أن لم نكن نعرف كيف نرقص نحن"(34) .
والجدير بالذكر أن صاحب المعتقد الدينى – على حد تعبير "جاريت" – إنما ينظر إلى "معتقده نظرة خطيرة جدا، فبيدو له الخطأ مصحوبا بنتائج خطيرة، ويكون موقفه من الآراء التى تمس الدين مهما كان من حيويتها موقف العازف عنها، قد يضع حدا لقراءتها بما فيها من بهجة ومتعة"(35). وبذلك يكون انطلاقه غير جمالى، بل ومدمر للموقف الجمالى الذى يدعونا للإخلاص للعمل الفنى والانتباه إلى ما فيه من خصائص جمالية. إنه يضع سدًا منيعا بين التذوق الجمالى للملتقى والعمل الفنى بحجة أنه لا يحمل عظة أخلاقية أو لا يدعو إلى الورع أو يخاطب الحواس.
إن العمل الفنى الجيد ليس بحاجة إلى ظهير دينى أو أخلاقى. "فالقصة الخرافية الشيقة لا تحتاج إلى مغزى أخلاقى، كما أن حقائق السلوك لا تحتاج إلى صوغها فى قالب القصة الخرافية. ومبادىء الأخلاق التى تحتاج إلى خرافة هى عادة ذات صيغة عاطفية"(36).
إن الخلط بين الجمالى والأخلاقى إنما يرجع إلينا نحن،لأننا غير قادرين على رؤية الخواص الدقيقة للأعمال الفنية، كما أن حياتنا يشوبها الخلط والتشوّه وعدم التروى، والانصراف إلى المفيد الآنى، مما يضيق من إدراكنا الحسى، ويختصر ملكاتنا، ويخضعنا للعادات الرديئة. وهى أمور تلقى قبولا لدينا فى ظروف وقوعنا تحت وطأة الحاجات الضرورية. إن هذا يبعدنا عن إدراك السرّ الحقيقى للعمل الفنى، والانحراف عن مجالات الحوار معه.
إن الحقيقة الكبرى فى الفن هى أن الواقعة الجمالية "ليست ظاهرة أخلاقية، بل هى حقيقة نوعية لها كينونتها الخاصة"(37). وهذا يتنافى مع مادرجنا عليه فى حياتنا العادية من اللّجوء إلى المألوف والعادى أو الابتعاد عن الجمالى، والمثير للدهشة. فالطبيعة البشرية – كما يؤكد "برونتير" هى طبيعة لا أخلاقية. "والعمل الأدبى كلما كان مطبقا لحقيقة الطبيعة البشرية ساعد على إيجاد اللاأخلاقية، وينتج عن ذلك أننا نخدع أنفسنا حين نبالغ فى الدور الذى تلعبه المادة فى إيجاد المال"(38).
إن إنتاج الأعمال الفنية إذن ليس بالضرورة لأجل المنفعة أو الهدف الأخلاقى، أو الفعل الدينى أو العظة المراد بها إصلاح أكبر عدد من الناس، "إنما الجواب يكمن فى أن الفنان يفعل ذلك من قبيل" اللعب "ذلك أن الأعمال الفنية شاغل ليس ثمة ما يكرهنا على تكريس أنفسنا له، ولنا كامل الحرية فى التوقف متى شئنا ذلك، أو أن هناك وسائل أخرى وأفضل للحصول على ما نحصل عليه بالفن"(39) فإنجاز أى هدف عن طريق الفن. غير ما هو مؤهل له – إنما يعد تعديا على الفن وخلطا ومضيعة للجهد، فيمكننا الوصول إلى مرامينا الأخلاقية أو الدينية مباشرة وبطريق أقصر، فالطريق الأخلاقى أو الدينى ليس من موضوعات الفن الجوهرية.
ويرى "برتيلمى" "إن الفن (غير أخلاقى) من واقع تكوينه الداخلى. لأن كل تعبير فنى يضطر لكى يصل إلى النفس، إلى أن يلجأ إلى الواسطة، لا واسطة الحواس فحسب، بل اللذة الحسية، فما من لوحة مصورة إلا وكانت قبل كل شىء مصدر لذة للعيون، وما من موسيقى إلا وكانت بالضرورة ممتعة للأذن وما من شعر إلا وكان ملاطفة"(40) ولكن ليس معنى ذلك أن تقدم الفنون يعنى الزيادة فى نسبة الفساد، بل أن تقدم الفنون يؤدى إلى ترقية الحواس، والسمو بالعاطفة وتطور المشاعر.
يعد الفن عرضة للفهم الخاطىء من قبيلالمنظر الأخلاقى إذا انصبّ اهتمامه على ما يقدمه للإنسان من إرشاد وعظات، كما أنه يكون فى وضع أسوأ إذا تحول إلى مجرد مضيعة للوقت . ونود أن نشير هنا إلى أن الفن فى انفصاله عن الأخلاق لا يعنى الدعوة إلى الشر، أو الرذيلة، بل هذا يمثل الوجه الآخر للعملة، فالبحث عن هدف نبيل أو غير نبيل للفن هو نفسه اقتحام للفن فى غير مجاله، وفهم مغلوط له. الفن إذن يطلب لذاته وفى ذاته، والبحث فيه بحثا عن كماله الخاص وعن العلاقات الباطنية لعناصره، وما يجلب المتعة الجمالية للإنسان، إما أن يقوم الفن بأى وظيفة أخرى فإن هذا قد بأتى عرضا، وناتجا عن كون الفنّ والفنان لصيقين بالحياة بكل ما فيها من تناقضات.
***
الهوامش
(1) Kulp, Oswald: Introduction to Philosophy, Psychology, Logic, Ethics, Aesthetics and General Philosophy, Translated By W. B. Uslury – E. B., Titchener, George Allen Unium, 11th Edition, London, 1927, P. 98.
(2) Zink, Sideny: The Moral Effect of Art In (Vivas & Elisev & Krieger, Murry) Eds. Of The Problem of Aesthetics – Hort, Pineharar and Winston, O. N. Y. 1953, P. 546.
(3) ستولينتيز، جيروم: النقد الفنى – ترجمة فؤاد زكريا – الهيئى المصرية العامة للكاتب – ط2 – القاهرة – 1980 ص 39.
(4) المصدر السابق – ص 40.
(5) هيجل، فردريك: المدخل إلى علم الجمال – ترجمة جوزج طرابيشى – دار الطليعة – ط2 – بيروت – 1980 – ص 67،68.
(6) Santayana, G.: The Sense of Beauty – Being The Outline of Aesthetic Theory – Dover Publication 5th ed. N. Y. 1955,
(7) Smith, Wendel Bristow: Ethics and Aesthetics An Essay of Value – Philosophy and Pgenomenological Research, Vol. VI. NO,I, September 1945, P. 103.
(8) ستولنيتز، ج: النقد الفنى – مصدر سابق – ص 514.
(9) كاروز، جون: فى الرواية الأخلاقية – ترجمة ايشو إلياس يوسف – مراجعة سليمان داود الواسطى – دار الشؤون الثقافية العامة – ط1 بغداد – 1986 – ص 25.
(10) المصدر السابق – ص 25.
(11) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 20.
(12) ستولنيتر، ج مصدر سابق – ص 43.
(13) جاريت، أ. ف : فلسفة الجمال – ترجمة عبد الحميد يونس، رمزى يس، عثمان نوية – دار الفكر العربى – القاهرة – د. ت. ص 56، 57.
(14) إبراهيم، زكريا: الفنان والإنسان – مكتبة غريب – القاهرة – 1973 – ص 113، 115.
(15) Santayana, G.: Reason In The Art, In The Philosophy of Santayana, ed. With an introduction Essay By (Irwin Edman) – The Modern Philosophy Library – Redom House – N. Y., 1936, P. 229.
(16) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 98.
(17) Ibid: P. 98.
(18) Pery, R.B.: The Moral Economy, Scrilner, N. Y. 1909 – P. 174.
عن: ستولنيتر، ج: النقد الفنى – ص 514.
(19) Pery, R.B.: Realms of the Value, Harvard University Press, Harvard, 1954., P 416.
(20) ستولنيتر، ج: مصدر سابق – ص ص 185، 186.
(21) كاروز، ج: مصدر سابق – ص 22.
(22) Zink, Sidery : The Moral Effect Of Art, Op. Cit., P. 546.
(23) زكريا، فؤاد: آراء نقدية فى مشكلة الفكر والثقافة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1975 ص 258.
(24) Santayana, G: The Sense of Beauty, op. Cit., P. 16.
(25) إبراهيم، زكريا: فلسفة الفن فى الفكر المعاصر – مكتبة مصر – القاهرة – 1968 ص62.
(26) ستولنيتر، ج: مصدر سابق – ص 508.
(27) المصدر السابق – ص 61، 62.
(28) برتيلمى، جان: بحث فى عالم الجمال – ترجمة أنور عبد العزيز – مراجعة نظمى لوقا – (دار نهضة مصر – بالاشتراك مع مؤسس فرنكلين للطباعة والنشر) - (القاهرة - نيويورك) – يوليو – 1970 – ص 487.
(29) المصدر السابق ص 487.
(30) Hospers, John: The Problems of Aesthetics, In Enc. Of Ph. Vol. I – The Macmillan Company. The Free Press, N. Y., 1972, P. 50.
(31) I Bid: P. 50.
(32) ستولنيتز، ج: مصدر سابق – ص 533.
(33) جاريت، أ. ف: مصدر سابق – ص 63. 65.
(34) برتيلمى، جان: مصدر سابق – 486.
(35) جاريت، أ. ف. ز: مصدر سابق – ص77.
(36) نفس المصدر – ص 66.
(37) إبراهيم، زكريا: مشكلة الفن – مطبعة مصر – القاهرة – 1976 ص 66.
(38) برتيلمى ، جان: مصدر سابق – ص 498.
(39) هيجل، فردريك: المدخل إلى علم الجمال – مصدر سابق - ص 67.
(40) برتيلمى، جان: مصدر سابق – ص 492.
د. رمضان الصباغ
المصادر:
* عُشّاق المفكر والأديب الفنان أ.د/ رمضان الصبّاغ
* رمضان الصباغ - الفن والاخلاق -نظرة عامة