محمد أديب السلاوي - جيل الألفية الثالثة، من القيم الغازية إلى المدرسة البالية.

وجد الجيل المغربي الجديد، جيل الألفية الثالثة،في ظل عالم يكابد تغيرات سريعة، تقربه من نفسه في القرية العالمية التي تعيش قلق الحياة، قلق المعرفة، وقلق قيم التكنولوجية، وهي تبحث عن السلام المنشود.
جيل الألفية الثالثة هو الذي ازداد في العقد الأخير من القرن الماضي، أو في العقد الأول من الألفية الثالثة، جيل يعلم عن طريق آبائه، والجيل السابق له، أن فقدان الحرية والديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان والفوارق الطبقية الرهيبة طبعت بقوة الحياة المغربية خلال القرن الماضي،وقسمت البلاد إلى فئتين، الأولى صغيرة وضيقة وتملك كل شيء، والثانية كبيرة وواسعة ولا تملك أي شيء.
وجد هذا الجيل في ظل هذا الواقع الرهيب، وهو يواجه في موطنه الفقر والتخلف والتهميش والظلم والفساد وأهوال الدعارة والتسول والأمية المتعددة الصفات، وما يشبه الفراغ الأخلاقي والروحي في البيت والمدرسة والشارع، وهو ما يزرع الخوف والكراهية والصراع العشوائي في نفسه.
جيل الألفية الثالثة بالمغرب الراهن، الذي ترعرع في ظل هذا التاريخ، هو بكل تأكيد يختلف عن الأجيال السابقة في رؤيته لنفسه وللسياسة والقيم، وهو ما قد يشكل فجوة بينه وبين الأجيال السابقة.
نعم، تمتاز الألفية الثالثة بقيم الحضارة المادية والاستهلاكية التي تدعمها رباعية المال والسلطة والقوة والمعرفة الرقمية، وهي القيم التي لا تعترف إلا بحقوق الطرف الأقوى في المجتمع، لا بحقوق الضعفاء.
ولأن القيم هي مجموعة المبادئ والتعاليم والضوابط الأخلاقية والمثل التي تواجه سلوكات الأفراد وترسم لهم الطريق السليم الذي يجنبهم الوقوع في الأخطاء، فإن الظروف التي واجهت الجيل الجديد/ جيل الألفية الثالثة، تجعله مرغما على تجاهل هذه القيم.
أمام هذا الواقع المخيف، الذي لم يشهد التاريخ مثيلا له، بات مهما استنفار الطاقات الإنسانية من أجل إعادة الحيوية لقيم العقل، وقيم الحضارة، ذلك لأن القيم تتعدى الإطار الفردي، لتشمل المفاهيم الوطنية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية، ولا يمكن لهذا الاستنفار أن يحدث على أرضنا إلا بالمدرسة.
المدرسة في زمن الألفية الثالثة عليها مسؤوليات مكتفة وعديدة، إنها لا تواجه فقط تحديات العولمة وثورة المعلومات والاتصالات والتعليم الالكتروني والثقافة الالكترونية ،ولكنها أكثر من ذلك تواجه إشكالية القيم الإنسانية والدينية والحضارية التي يجب زرعها في عقول الناشئة، الأمر الذي يتطلب من سياسة التعليم مواجهة التغيرات التي حملتها رياح الألفية الثالثة من خلال ثقافة العولمة والحداثة، وعليها أيضا زرع قيم السلام والتسامح والسلم الاجتماعي والتضامن والمساواة والحوار الحضاري، وكل القيم التي تنبذ الإرهاب والعنف والتطرف والميز العنصري ونبذ الآخر.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل تستطيع المدرسة المغربية الراهنة الغارقة هي الأخرى في إشكاليات الفقر والتخلف، القيام بهذه المسؤوليات... ؟
ماذا على المغرب الراهن في هذه الحالة وهو المغرق في الديون والصراعات الانتخابية وإشكاليات الفساد والتخلف، أن يفعل من أجل البقاء على خارطة الألفية الثالثة التي لا تعترف سوى بالقدرات والمهارات والمواهب الصلبة والكفاءات الغائبة عن أرضنا..... ؟

أفلا تنظرون... ؟.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...