في سيرته الذاتية " الأيام " يروي طه حسين عن ذلك الفتى الفقير الذي كانه . يروي طه عن ملابسه الرثة واتساخها بسبب طريقة أكله ويروي عن فقره المدقع ، يروي ذلك مجردا من نفسه شخصا آخر يتحدث عنه . كما لو أن طه حسين يحدثنا عن شخص مختلف عنه تماما حديثا قد يخجل منه لو قصه عن نفسه بضمير المتكلم .
يروي خليل النعيمي روايته " القطيعة " بضمير المتكلم ولا يتردد في بداية الرواية ووسطها ونهايتها عن الإعلان عن هوية الأنا المتكلمة . إنها أنا خليل النعيمي نفسه ، ولأن الكاتب جنس كتابته على أنها عمل روائي ، فإننا لا نتردد في القول إنها سيرة روائية لفترة محددة من حياته .
في " القطيعة " نقرأ عن طفولة الكاتب ويا لها من طفولة !!
يكتب النعيمي عن فقره وجوعه وخوفه ويمعن في التفاصيل ويمعن في التكرار وهو يكتب عن الإقطاعي ابن الكلب ، ابن جليوي .
لا يتردد الكاتب في استخدام مفردات تسمي الأشياء بأسمائها . يكتبها كما يحكيها الناس في واقعهم فلا يوحي أو يموه في هذا الجانب .
يكتب النعيمي عن الخوف الذي عانى منه في مجتمع إقطاعي كانت القرية وسهولها كلها لشخص واحد والويل لمن يتمرد أو يعتدي على ابن جليوي وممتلكاته وابنه .
أي فقر عاشه خليل النعيمي في طفولته؟
ما عليك إلا أن تقرأ الصفحات ١٢٢و١٢٣و١٢٤ من الطبعة الرابعة الصادرة في العام ٢٠١٠ عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت .
انظروا في المقطع الآتي :
" إذن. كل. ولا تأكل. لا تكسر الخبز المكسور. ولا الرقعة من محتواها. ولا تمس التمر بسوء. ولا تقرب النثار. ومع ذلك، لا تظل جائعا "
ويأتي الراوي خليل على زملائه في المدرسة والفرق بين طعامهم وطعامه وعلى طريقة أكله .
" تحلقوا ناظرين إلى خلاء الرقعة الممدودة، على الأرض، قدامي. و رأوا، عجبا ، إلى لوك حنكي اليابسين، قبل أن تنفقيء ضحكاتهم الهمجية: العمى! يأكل هوا ابن العرص! دفعة واحدة، تصيبني العيون والالسن. وبلا انتظار ، يحس الواحد بعد الآخر، منهم، محساتي المرمية بإهمال، على القاع، والعجب يلد العجب: شو تأكل يا ولد!ما معك خبز. ما معك شيء. هذا تمر؟هذا روث يابس. تعال كل معنا. تعال.تعال.يقودني الواحد بعد الآخر. يشممني أكله الطري، الطازج، المطبوخ بلبن البقر والقراص، المعطر بالعطر الجميل.... "
" مرت فترة من الصمت. بعدها، انفجر الضحك عاليا وكثيفا: آه يا ابن القحبة. بطنك مملوء دودا. بطنك مملوء قملا ...." .
غالبا ما توقف القراء والدارسون العرب أمام سيرة محمد شكري " الخبز الحافي " ولا أعرف إن كان الدارسون السوريون أجروا موازنات بين سيرة النعيمي الروائية وسيرة محمد شكري . الموضوع لافت .
لا يتوارى خليل النعيمي وراء شخصية يقص من خلالها عن طفولته . إنه يقص ويصر على أنه يقص عن خليل النعيمي ، ويقص بجرأة كبيرة تجعل من عمله مدار جدي باللغة العربية يذكر بهنري ميللر .
هل شططت؟
٣١تموز ٢٠١٩
يروي خليل النعيمي روايته " القطيعة " بضمير المتكلم ولا يتردد في بداية الرواية ووسطها ونهايتها عن الإعلان عن هوية الأنا المتكلمة . إنها أنا خليل النعيمي نفسه ، ولأن الكاتب جنس كتابته على أنها عمل روائي ، فإننا لا نتردد في القول إنها سيرة روائية لفترة محددة من حياته .
في " القطيعة " نقرأ عن طفولة الكاتب ويا لها من طفولة !!
يكتب النعيمي عن فقره وجوعه وخوفه ويمعن في التفاصيل ويمعن في التكرار وهو يكتب عن الإقطاعي ابن الكلب ، ابن جليوي .
لا يتردد الكاتب في استخدام مفردات تسمي الأشياء بأسمائها . يكتبها كما يحكيها الناس في واقعهم فلا يوحي أو يموه في هذا الجانب .
يكتب النعيمي عن الخوف الذي عانى منه في مجتمع إقطاعي كانت القرية وسهولها كلها لشخص واحد والويل لمن يتمرد أو يعتدي على ابن جليوي وممتلكاته وابنه .
أي فقر عاشه خليل النعيمي في طفولته؟
ما عليك إلا أن تقرأ الصفحات ١٢٢و١٢٣و١٢٤ من الطبعة الرابعة الصادرة في العام ٢٠١٠ عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت .
انظروا في المقطع الآتي :
" إذن. كل. ولا تأكل. لا تكسر الخبز المكسور. ولا الرقعة من محتواها. ولا تمس التمر بسوء. ولا تقرب النثار. ومع ذلك، لا تظل جائعا "
ويأتي الراوي خليل على زملائه في المدرسة والفرق بين طعامهم وطعامه وعلى طريقة أكله .
" تحلقوا ناظرين إلى خلاء الرقعة الممدودة، على الأرض، قدامي. و رأوا، عجبا ، إلى لوك حنكي اليابسين، قبل أن تنفقيء ضحكاتهم الهمجية: العمى! يأكل هوا ابن العرص! دفعة واحدة، تصيبني العيون والالسن. وبلا انتظار ، يحس الواحد بعد الآخر، منهم، محساتي المرمية بإهمال، على القاع، والعجب يلد العجب: شو تأكل يا ولد!ما معك خبز. ما معك شيء. هذا تمر؟هذا روث يابس. تعال كل معنا. تعال.تعال.يقودني الواحد بعد الآخر. يشممني أكله الطري، الطازج، المطبوخ بلبن البقر والقراص، المعطر بالعطر الجميل.... "
" مرت فترة من الصمت. بعدها، انفجر الضحك عاليا وكثيفا: آه يا ابن القحبة. بطنك مملوء دودا. بطنك مملوء قملا ...." .
غالبا ما توقف القراء والدارسون العرب أمام سيرة محمد شكري " الخبز الحافي " ولا أعرف إن كان الدارسون السوريون أجروا موازنات بين سيرة النعيمي الروائية وسيرة محمد شكري . الموضوع لافت .
لا يتوارى خليل النعيمي وراء شخصية يقص من خلالها عن طفولته . إنه يقص ويصر على أنه يقص عن خليل النعيمي ، ويقص بجرأة كبيرة تجعل من عمله مدار جدي باللغة العربية يذكر بهنري ميللر .
هل شططت؟
٣١تموز ٢٠١٩