تمت مقاربة علم اجمال فى الماضى من ثلاث زوايا مختلفة ، نقدية وفلسفية وسيكولوجية . تختلف هذه الأساليب الثلاثة للمقاربة على العموم الى حد ما ،وبصفة عامة فان كتابا عن موضوعا ت الجمال يمكن أن يكون دون تردد قد وضع فى احدى هذه الفئات الثلاثة لأ قصاء الأسلوبين الاخريين .
الأمثلة على الطريقة النقدية للمقاربة توجد فى الادب ، مثل الكتب التى كتبها " ماثيو ارنولد " و " مولتون " و "براندر ماثيو " ، وفى التصوير تلك التى من قبل " فان وايك " و" برنسون " و" هارولد سبيد " ، وف الموسيقى تلك الكتب التى قدمها " ديكنسون " و" براوت" ، وما يشبه ذلك . وقد كانت المقاربة شخصية . فهؤلاء الرجال ينظرون للعمل الفنى بنفس الطريقة التى يعمل بها النقد الصحفى ، وهم – فى الواقع – كانوا نقادا صحفيين فى ذلك الوقت من حياتهم ، وكانو يختلفون عن عموم النقاد من خلال تفوق احكامهم وقوة التعبير فحسب . وقد نظر اليهم باعتبارهم خبراء مثل متذوقى النبيذ . وكان الجمهور يرغب فى ملاحظاتهم عن الفن ، وكانوا يقدمون أفضل قدراتهم للفن . من وجهة نظر الجمهور كانت مسالة الايمان والقوة المقنعة ، اما من وجهة نظر الناقد كانت مسألة الخبرة الطويلة التى تبلورت فى نوع من الحدس .
انها مسألة شخصية تماما ، وهذا لا يعنى أنها مسألة تمليها النزوات و مسألة راى فحسب . فراى الناقد المتمرس ليس مجرد راى أبدا . انه نتيجة لخبرة طويلة . وما أعنيه بقولى انها مسأ لة شخصية هو انها مسا لة علاقة بين النا قد وتجاوب الجمهور . حكمه هو المراد واساس حكمه مسا لة ثانوية . التفاعل الحدسى هو ما يسعى اليه ، وليس الخلفية العقلية أو العلمية للتفاعل . فغا لبا عندما يسأل النا قد عن سبب دعمه لرايه فانه يجد من الصعب عليه توضيحه . وهذا ليس مفارقة . فلاعب الجولف يمكنه تسديد الكرة مباشرة ولكن من المستحيل ان تجد لديه شرحا لكيفية فعل ذلك . ولا ن الناقد فى كثير من الاحيان لايعرف سبب حكمه ، وهويقوم بالسخرية من العمل الفنى ، مخفيا شعوره بالحرج بالضحك . اصغر ناقد هو الاصدق فى هذا ، وبالنسبة للناقد الكبير فانه يرغب فى مراقبة شهرته فى حكمه سواء استطاع ان يقدم الأسباب أم لا .
حتى لو كانت مستندات الناقد تقدم الاسباب التى من المحتمل ان تكون من طبيعة الاقوال المأثورة ، ونصف الحقائق المعترف بها على هذا النحو فانها تبعد المرء عن الحكم الحدسى المباشر . وبشكل عام يفدم الناقد حكما أكثر عمومية وشمولا ، واقل قيمة ، على العكس تماما من العلم حيث انه اكثر عمومية وفانونا أكثر قيمة .
المنهج النقدى للمقاربة ليس علميا ، وليس غير مكترث ونزيه ، ويقبل القوة المقنعة وخبرة اى شخص الا منطق الحقائق ، بل على العكس يدخل بصورة كلية الخبرة الشخصية وقوة الاقناع ولذلك فهوليس مناسبا لعلم الجمال .
والآ ن با لقول با ن الطريقة النقدية ليست علمية ، ومن ثم لاتنطبق على علم الجمال ، وانا بأى معنلى لا اقول بان هذا النهج عديم الفائدة . على العكس اذا كان علينا ان نقيم علما للجماليات مع تصنيف رحب من الحقائق والقوانين وقوانين التحقق ، يجب علينا أن نرغب الناقد فى عمله ونقوم بعد ذلك بما نقوم به الآن . بالنسبة للنا قد تعد الجما ليا ت اسا سا جيدا مثلما يكون الفسيولوجى ( علم وظائف الاعضاء ) بالنسبة للطبيب . لايوجد شىء يعرفه الطبيب لا يمكن العثور عليه فى علم وظائف الأعضاء .لكن الطبيب لم يعايش الا فائدته . وما زلنا نزعم بأنهم يقومون بتشخيص الأ مراض لدينا ، ونعتبرهم أفضل بكثير بالنسبة لهذا الغرض من الفسيولوجيين ، وهكذا فى المستقبل اذا كان المستقبل يخبىء لنا علما للجماليا ت ، فاننا لا نناشد المنظر الجمالى بل النا قد من أجل الحكم على مدرسة جديدة للفن . ومن المفترض ان يدرس الناقد فى المستقبل علم الجمال مثل الطبيب الحديث الذى يدرس الفسيولوجى وسوف يكون اسمى كثيرا من النا قد الحديث ، كما كان جراح الحاضر بالنسبة لحلاق العصور الوسطى .
والطريقة الثانية فى المقاربة هى الفلسفية . وامثلة هذه الطريقة هى الكتابا ت الجمالية ل" كانط " و "هيجل " و " كروتشه " و " بوزانكيت " وما يشبه ذلك . الافتراض الكامن وراء هذه الطريقة هى ان علم الجمال فرع من الفلسفة لا ينفصل عنها ، وبالتا لى تكون المعالجة فلسفية . واول شىء تقوم به هو تعريف الجمال من خلال عملية تحليل ، ومن ثم التوجه للنتا ئج . منطق هذا النهج مقنع تماما لأن هذا يقول بأنه كيف نعرف ان شيئا ما جميلا قبل ان نعرف ما الجمال ؟. وهذا يوضح ان مجهودنا الاساسى يجب أن يكون لتعريف الجمال .
ولكن على الرغم من وجاهة هذه الحجة فان هناك العديد من الأدلة من مصادر خارجية تظهر ان بوسعنا معرفة الكثير عن الموضوع دون الانتظار لتعريفه ، ربما كان التعريف – فى الواقع - ينتظر حتى نكون قد تعلمنا الكثير عن هذا الموضوع . فنحن لدينا علما جديرا بالاحترام للبيولوجيا على الرغم من أننا لا نزال غير متاكدين من تعريف الحياة ، وعلما جديرا بالاحترام للكيمياء على الرغم من اننا لانزال غير متا كدين من تعرف موضوعها . وفضلا عن ذلك فاننا نشعر الآن ان من المؤكد أن تعريفنا للحياة وموضوع ( الكيمياء ) لا يمكن أن يكون فد وصل الى قدر كبير قبل تطويرنا لعلمى البيولوجيا والكيمياء دون تعريفات نهائية . بطبيعة الحال لدينا تعريفات خام ( بدائية ) تبقينا بعيدا عن التشوش تماما ، التعريفات التى نرغب فى تغييرها من وقت لآخر كما تبدو الحقائق مشيرة اليها ، ولكن علمى البيولوجيا والكيمياء قد تطورا دون التعريف النهائى الذى يبدو فلسفيا أول شرط مسبق للعلم . حتى الرياضيا ت لا تتبع النهج الفلسفى . تعريفا العدد والكمية قد تعرضا لتغييرات مختلفة وفقا لاقتراح أ اكتشا ف ما أو اكتشاف اخر قد اعيد التعريف مؤخرا . الرياضيا ت التى تسمى علما استنتا جيا تطورت دون تعريف كامل لموضوعها . هذا التعريف النهائى ، انطلا قا من شهادة العلوم ، هو آخر شىء يتم تحديده فى تطوير المعرفة بالأحرى من البداية .
هكذا علم الجمال يجب الا ينتظر حتى تستطيع أن تقدم الفلسفة تعريفا نهائيا لموضوعه قبل أن تتمكن من جمع البيا نا ت . كل ماتحتاجه هو القيام بتعريف ما . فالاب لايبقى ابنه فى البيت حتى يستطيع ارسا له للعا لم بثروة طائلة ، بل يعطى نجله مصروفا ويرسله ال العا لم ليصنع ثروته . والآن انا بالطبع لا أعنى تللك التوقعا ت باعتبار أن التعريف النهائى سوف يكون بلا قيمة . فضولنا نافذ الصبر ، ونحن نرغب فى توقع الطبيعة الكاملة للأ شياء قبل أن تكون لدينا المعرفة الكا ملة . وظيفة الفلسفة هى رؤية الأشياء ككل وكامكا نية ايضا ، وهذا ليس بالشىء القليل .
ولكن الفاسفة لا تزال تواصل السعى الى التعريف الصحيح للجمال . وفى حين أن علم الجمال يمضى بخطوات متثاقلة فى غبار الحقا ئق ، وربما يكون على استعداد احيانا لا لتقا ط اقتراح طفيف من الغبار . الاهتمام الفلسفى بالطبيعة المطلقة للحياة وموضوع ( الكيمياء ) لايبدو أن هناك مايحبطها من خلال النشاط العلمى فى البيولوجيا والكيمياء .
وفد كان النهج الثا لث هو النهج السيكولوجى . من هذا عمل ليبز " و " هيرن " و "فيخنر " وحشد من علماء النفس الذين ظهرت مقالا تهم فى الدوريات السيكولوجية التى تعد نموذجية . الحجة الضمنية لهؤلاء الرجال هى انه عند تقدير الجمال تكون الخبرة مدركة .، والجماليا ت هى بالضرورة فرع من فروع علم النفس وتندرج بوضوح ضمن مجال الانفعا لات . وعندما يتم تطوير علم نفس الانفعا لات ، سيكون الامر بسيطا حينئذ لتطبيق المبا دىء الاولى لخبرة التفدير الجمالى . وفى الوقت نفسه ، فان بوسعنا مواصلة التجارب البسيطة القليلة عن التقدير الحسى ، والتوازن والتناسق وما الى ذلك .
اود أن اكون بعيدا عن انكار قيمة هذه الخبرات البسيطة . وقد أعطى لهم قدرا كبيرا من المعلومات الهامة ، ولكن اعتقد أن اى عا لم من علماء النفس على استعداد بصراحة للاعتراف بأن المجموع الكلى للمعلوما ت المكتسبة أو التى اكتسبت من شانها ان تضع المرء فحسب على عتبة علم الجمال . بافتراض أننا نعرف كل الخبرة النفسية التى يمكن أن تخبرنا عن التوازن والتناسق والمزج الخطى ( التركيبة الخطية ) ، فانه ستظل هناك مسا فة طويلة بين كل هذه الحقا ئق و "كاتدرائية أميان " . يقول عا لم النفس ان المتبقى يكمن فى سيكولوجية الانفعا لات والعمليا ت العليا . وهكذا يجب على علم الجمال الانتظارحتى تكتمل سيكولوجية الانفعالات . وهكذا يريد علم النفس ريط علم الجمال بسلاسله بنفس المنطق المقنع الذى ربطته به الفلسفة اليها .
ولكن كيف يتم الافلات من علم النفس ، قد يكون ذلك امرا مطلوبا . حسنا وكيف يفلت علم النفس من الفلسفة ؟ . ليست هناك مغا لطة أكثر من الاعتقاد بأن اسس العلم يجب أن تكون ثابتة قبل بدء العمل على العلم نفسه . الاستعارة مضللة فكل تقدم مادى فى اقامة البنية الفوقية يجلب تقدما مطابقا فى صنع الأسس .
الاستعارة الأفضل هى عن الشجرة التى يجب أن تكون ذات جذور لكى تنتصب ، وانما ماينمو مع نمو الجذور هو الجذع والأ فرع . مع وضع مثل هذا التشبيه فى الاعتبار لن تكون هناك مفارقة لان علم النبتة يتطلب فقط جذور النبتة وليس التجذير واسع النطاق والمنهجى للقديم والعلوم الناضجة . الجما ليا ت هى بذور سقطت من بذور علم النفس ويمكن أن تنبت فى أرض اخرى مستقلة فى نفس الوقت .
علم الاقتصاد هو أيضا نبتة ( شتلة ) من شتلا ت علم النفس ، نمت بسرعة والقت بظلالها على الشجرة الأم . بالنسبة لعلم الاقتصاد كان رحيله عن خبرة واعية .فهو علم لمجموعة محددة من رغبات البشر ، أى التى تؤدى الى التبادل . والجذر الاول الذى غذى العلم وحمله الى مكانه مفهوم الانسان الاقتصادى ، والذى يثبت فى التحليل وجود افتراض طبيعة الرغبات الانسانية . فى ذلك الافتراض نما العلم الى علم ضخم . وقد ثبت أن الافتراض زائف منذ ذلك الحين ، ولكنه عمل على تغذية العلم عندما كان فى بداية نشأته .
يوجد افتراض مماثل تحتاجه الجماليات لكى تتطور الى علم . اننا لن نحصل أبدا على هذا العلم اذا انتظرنا حتى تصبح الأحكام الحدسية لدى النقاد منظمة فى نسق متسق . ونحن لايجوز أن نحصل عليه اذا انتظرنا حتى تقدم النا الفلسفة تعريفا كاملا للجمال ، ونحن لايجوز الحصول عليه اذا انتظرنا علم النفس حتى يوضح مجال الوعى . الطرق التقليدية الثلاث لمقاربة علم الجمال تبدأ معبدة بشكل رائع ولكن قريبا ستضمحل الى طرق ضيقة ونحن حا ليا ضائعون فى الخمائل وتشابك الأغصان . يجب أن تبنى الجما ليا ت طرقها الخاصة اذا كانت تبغى أن تتطور . وكل ما تحتاجه للبدء يهذه الطرق هو وحدة العمل .
وحدة ا لعمل الآن هى شكل من اشكال فرضية العمل ، وفى هذه الحالة – على الأقل يجب ان يتم بالضبط وحصريا ، أو أنه سوف يدمر فائدته الخاصة . اذا كانت نقطة الانطلاق ضد صلابة تشبه البنية النهائية فانه سيتم قطع الضوء واعاقته ، ان لم يكن من المستحيل اقامة البناء الذى يعد وسيلة لذلك . وحدة العمل من أجل علم جمال مستقل ينبغى أن تكون مفتوحة وحرة وغامضة للسماح لعدد كبير من الرجال للتعاون الممكن فى اطار ذلك ، ولعدد كبير من الحقا ئق ذات الصلة كى تكون معممة قدر الامكان . فالهدف من وحدة العمل ليس تحقيق نتائج دقيقة بل تحقيق نتائج كبيرة .
اذا كان هناك اناس يعتقدون أن النتا ئج الكبيرة يمكن الحصول عليها فحسب من خلال الدقة ، فان هؤلاء الناس مخطئون الى حد كبير . هذه مغالطة تشبه تلك التى ذكرتها فى وقت سابق ، الاعتقاد بأن العلم المعتمد يستطيع فحسب أن يتطور اذا كان العلم الأصلى الذى يعتمد عليه مكتملا .
العلم لايبنى نفسه من وحدات محددة بالضبط بشكل مسبق ، لكنه يتحرك تدريجيا من انعدام الدقة الى ماهو بدقة اكبر ، فاكبر ، الى مزيد من الدقة . فليست الفيزياء حتى الان علما دقيقا ، وسوف تكون – علما دقيقا – فيما بعد . نحن نفقد كل شىء اذا حاولنا أن نجعل وحدة عملنا فى علم الجمال دقيقة دفعة واحدة ، لأن ما نخاطر به سوف يكون فى الاتجاه الخاطىء . ويجب أن نكون راضين بوحدة غير دقيقة .
وعلاوة على ذلك ، فى مرحلة مبكرة للعلم من المفيد للغا ية توظيف الوحدة التى يسهل فهمها ، اكثر أو اقل بالنسبة للحس السليم .وبالنسبة للمراحل المبكرة للعلم لا توجد مدارس قائمة لتريب الرجال على المنهج والمفردات . والرجال الذين يعملون فى العلم يكونون مبعثرين على نطاق واسع . والى حد كبير بعيدين عن التواصل مع بعضهم البعض . اذا كان المصطلح غامضا جدا فى استعماله من قبل انسان ما ، فمن المرجح أن يتم تجاوز هذا من فبل انسان آخر والذى يحل محله مصطلحا مفضلا من تلقاء نفسه ، وفى الوقت الحاضر لن تكون هناك وحدة واحدة بل سنحصل على نفس الفوضى . المصطلح الغا مض مثل كلمة فى احدى اللهجا ت : ومصطلح الحس المشترك له عمومية وقوة تعزيزهى ذات قيمة اكثر من أى شىء آخر فى كفاح العلم من اجل الحياة .
مفهوم الحس السليم ليس دقيقا ايضا ، وهو قادر على احتضان العديد من الحقا ئق ، وقد جلب – على الأقل – ما يبدو اتفاقا بين العديد من الرجال الى العمل الموحد فى علم الجمال . مثل هذه الوحدة – على ما اعتقد – قد التمست طريقة للاعتراف فى العقود القليلة الماضية . فهو اعجاب الشىء بنفسه على العكس من تقدير قيمة الشىء كوسيلة لشىء آخر . انه يطلق عليه بأشكال مختلفة جوهرى وغير مكترث ومستقل وقيمة اولية . انه يمثل ببساطة موقفا مناقضا للموقف العملى .
جميع المنظرين الجماليين تقريبا فى القرن الماضى ( القرن التاسع عشر ) كان هذا المفهوم فى صميم تعريفاتهم .وايضا حتى مع كروتشه وسا نتا يا نا وفيخنر – على سبيل المثال لا الحصر . نذكر فحسب القليل من الكبار . ونلاحظ أن هؤلاء الفلاسفة ينتمون الى مدارس متباينة . ويختلفون مع بعضهم البعض فى محاولاتهم لجعل تعريفاتهم الخاصة محددة . وهم يشتركون فى صميم مفهوم الحس السليم غير الدقيق عن الأشياء المقومة بالنسبة لأ نفسهم فى استقلال عن جميع الاعتبارات العملية .
ومع ذلك هم يشعرون بأن هذا المفهوم واسع جدا وقد حاولوا تضييقه وجعل دقيقا . لكن لحظة حاولوا تطبيقه قاد ت هذه الطريقة الشخص وفقا لميوله الشخصية وانتماءاته الميتافيزيقية . وانتيجة هى بدء الشجار فيما بينهم حول تهذيب تعريفاتهم بدلا من العكوف على العمل وتراكم الحقا ئق فى اطار لب تعريفاتهم .
لو كان هؤلاء الفلاسفة قد سمحوا لتهذيب التعريفا ت بالمضى ، كان بوسعهم التعاون والعمل فى انسجا م . لم يكن ينبغى أن ينسوا خلافاتهم تماما ، لان من نبذ الخلافات سوف تأتى فى نهاية المطاف امكانية توجيه أكبر قدر من الدقة فى تعريف العمل . ولكن كان التركيز يجب أن ينصب على نقاط الاتفاق بدلا من التركيز على نقاط الاختلاف ، حتى يمكن التقدم فى العلم المستقل للجما ليا ت . لكن باطبع لم يضع أى من هؤلاء الفلاسفة أى هدف من هذا القبيل فى الاعتبار . واود ان اشير الى ان الوحدة التى اقترحها هنا ليست وحدة مقامة بتعسف ، بل هى موجودة بالفعل فى صميم النظرية الجمالية الحديثة . وكل ما هو مطلوب هو احضار هذه النواة الخام الى النور بكل مافى الكلمة من معنى ، وبما هو غير مالوف وعلى الرغم من ظهور عدم الجاذبية فى الموافقة على ذلك .
ان مانبتغيه فى الوقت الحاضر ليس تعريفا نهائيا للجمال ، ولكن شيئا ما لجمع الحقا ئق عن التعميما ت التى يجوز اجراءها وربما القوانين المحددة ،والقوانين التى بدورها ستقوم بشكل نهائى بصقل دقة الوحدة غير المالوفة التى استحقت اكتشافهم . وحدة تطويق مجال الخبرة الذى يحتوى على حقا ئقنا الجمالية ، وذلك كل ما لد ينا الحق فى طلبه فى البداية . فاذا كان هناك أمل فى علم للجماليا ت ملموس فى المستقبل القريب ، فانه يكمن فى هذا المفهوم كأحد الأمور الت نضعهه فى اعتبارنا . انه بالتأ كيد يكمن فى النقد او الفلسفة أو علم النفس .
بعض الايضاحات
- ماثيو ارنولد ( 1822- 1888 ) شاعر وناقد ومصلح تربوى .
- جيمس برنارد ماثيو ( 1865- 1959 ) –مؤرخ امريكى للفن .
- برنارد برسون ( 1865-1959 ) رسام انجليزى ومهندس معمارى وعضو الجمعية الملكية لرسامى البورتريه عام 1896 .
-تيودور ليبز ( 1851- 1914 ) استاذ جامعى ألمانى تبنى مفهوم التعاطف الجمالى .
-جوستاف تيودور فيخنر ( 1801-1881 ) فيلسوف المانى وعالم نفس تجريبى وعالم فيزياء .
- جوستاف أودولف هيرن 0 1815-1890 )
- كاتدرائية أميان Amiens Cathedral
هى كاتدرائية الروم الكاثوليك ومقر أسقف أميان – تقع على تل يطل على نهر السوم فى أميان – العاصمة الادارية لمنطقة بيكاردى فى فرنسا نحو 120 كياو متر الى الشمال من باريس وهى أكبر كنيسة فى العا لم -، تتميز بالنحت القوطى للقرن الثا لث عشر فى الواجهة الرئيسية غرب وجنوب بوابة جناح الكنبسة ، كم توجد كميات من النحت الملون داخل المبنى .
الأمثلة على الطريقة النقدية للمقاربة توجد فى الادب ، مثل الكتب التى كتبها " ماثيو ارنولد " و " مولتون " و "براندر ماثيو " ، وفى التصوير تلك التى من قبل " فان وايك " و" برنسون " و" هارولد سبيد " ، وف الموسيقى تلك الكتب التى قدمها " ديكنسون " و" براوت" ، وما يشبه ذلك . وقد كانت المقاربة شخصية . فهؤلاء الرجال ينظرون للعمل الفنى بنفس الطريقة التى يعمل بها النقد الصحفى ، وهم – فى الواقع – كانوا نقادا صحفيين فى ذلك الوقت من حياتهم ، وكانو يختلفون عن عموم النقاد من خلال تفوق احكامهم وقوة التعبير فحسب . وقد نظر اليهم باعتبارهم خبراء مثل متذوقى النبيذ . وكان الجمهور يرغب فى ملاحظاتهم عن الفن ، وكانوا يقدمون أفضل قدراتهم للفن . من وجهة نظر الجمهور كانت مسالة الايمان والقوة المقنعة ، اما من وجهة نظر الناقد كانت مسألة الخبرة الطويلة التى تبلورت فى نوع من الحدس .
انها مسألة شخصية تماما ، وهذا لا يعنى أنها مسألة تمليها النزوات و مسألة راى فحسب . فراى الناقد المتمرس ليس مجرد راى أبدا . انه نتيجة لخبرة طويلة . وما أعنيه بقولى انها مسأ لة شخصية هو انها مسا لة علاقة بين النا قد وتجاوب الجمهور . حكمه هو المراد واساس حكمه مسا لة ثانوية . التفاعل الحدسى هو ما يسعى اليه ، وليس الخلفية العقلية أو العلمية للتفاعل . فغا لبا عندما يسأل النا قد عن سبب دعمه لرايه فانه يجد من الصعب عليه توضيحه . وهذا ليس مفارقة . فلاعب الجولف يمكنه تسديد الكرة مباشرة ولكن من المستحيل ان تجد لديه شرحا لكيفية فعل ذلك . ولا ن الناقد فى كثير من الاحيان لايعرف سبب حكمه ، وهويقوم بالسخرية من العمل الفنى ، مخفيا شعوره بالحرج بالضحك . اصغر ناقد هو الاصدق فى هذا ، وبالنسبة للناقد الكبير فانه يرغب فى مراقبة شهرته فى حكمه سواء استطاع ان يقدم الأسباب أم لا .
حتى لو كانت مستندات الناقد تقدم الاسباب التى من المحتمل ان تكون من طبيعة الاقوال المأثورة ، ونصف الحقائق المعترف بها على هذا النحو فانها تبعد المرء عن الحكم الحدسى المباشر . وبشكل عام يفدم الناقد حكما أكثر عمومية وشمولا ، واقل قيمة ، على العكس تماما من العلم حيث انه اكثر عمومية وفانونا أكثر قيمة .
المنهج النقدى للمقاربة ليس علميا ، وليس غير مكترث ونزيه ، ويقبل القوة المقنعة وخبرة اى شخص الا منطق الحقائق ، بل على العكس يدخل بصورة كلية الخبرة الشخصية وقوة الاقناع ولذلك فهوليس مناسبا لعلم الجمال .
والآ ن با لقول با ن الطريقة النقدية ليست علمية ، ومن ثم لاتنطبق على علم الجمال ، وانا بأى معنلى لا اقول بان هذا النهج عديم الفائدة . على العكس اذا كان علينا ان نقيم علما للجماليات مع تصنيف رحب من الحقائق والقوانين وقوانين التحقق ، يجب علينا أن نرغب الناقد فى عمله ونقوم بعد ذلك بما نقوم به الآن . بالنسبة للنا قد تعد الجما ليا ت اسا سا جيدا مثلما يكون الفسيولوجى ( علم وظائف الاعضاء ) بالنسبة للطبيب . لايوجد شىء يعرفه الطبيب لا يمكن العثور عليه فى علم وظائف الأعضاء .لكن الطبيب لم يعايش الا فائدته . وما زلنا نزعم بأنهم يقومون بتشخيص الأ مراض لدينا ، ونعتبرهم أفضل بكثير بالنسبة لهذا الغرض من الفسيولوجيين ، وهكذا فى المستقبل اذا كان المستقبل يخبىء لنا علما للجماليا ت ، فاننا لا نناشد المنظر الجمالى بل النا قد من أجل الحكم على مدرسة جديدة للفن . ومن المفترض ان يدرس الناقد فى المستقبل علم الجمال مثل الطبيب الحديث الذى يدرس الفسيولوجى وسوف يكون اسمى كثيرا من النا قد الحديث ، كما كان جراح الحاضر بالنسبة لحلاق العصور الوسطى .
والطريقة الثانية فى المقاربة هى الفلسفية . وامثلة هذه الطريقة هى الكتابا ت الجمالية ل" كانط " و "هيجل " و " كروتشه " و " بوزانكيت " وما يشبه ذلك . الافتراض الكامن وراء هذه الطريقة هى ان علم الجمال فرع من الفلسفة لا ينفصل عنها ، وبالتا لى تكون المعالجة فلسفية . واول شىء تقوم به هو تعريف الجمال من خلال عملية تحليل ، ومن ثم التوجه للنتا ئج . منطق هذا النهج مقنع تماما لأن هذا يقول بأنه كيف نعرف ان شيئا ما جميلا قبل ان نعرف ما الجمال ؟. وهذا يوضح ان مجهودنا الاساسى يجب أن يكون لتعريف الجمال .
ولكن على الرغم من وجاهة هذه الحجة فان هناك العديد من الأدلة من مصادر خارجية تظهر ان بوسعنا معرفة الكثير عن الموضوع دون الانتظار لتعريفه ، ربما كان التعريف – فى الواقع - ينتظر حتى نكون قد تعلمنا الكثير عن هذا الموضوع . فنحن لدينا علما جديرا بالاحترام للبيولوجيا على الرغم من أننا لا نزال غير متاكدين من تعريف الحياة ، وعلما جديرا بالاحترام للكيمياء على الرغم من اننا لانزال غير متا كدين من تعرف موضوعها . وفضلا عن ذلك فاننا نشعر الآن ان من المؤكد أن تعريفنا للحياة وموضوع ( الكيمياء ) لا يمكن أن يكون فد وصل الى قدر كبير قبل تطويرنا لعلمى البيولوجيا والكيمياء دون تعريفات نهائية . بطبيعة الحال لدينا تعريفات خام ( بدائية ) تبقينا بعيدا عن التشوش تماما ، التعريفات التى نرغب فى تغييرها من وقت لآخر كما تبدو الحقائق مشيرة اليها ، ولكن علمى البيولوجيا والكيمياء قد تطورا دون التعريف النهائى الذى يبدو فلسفيا أول شرط مسبق للعلم . حتى الرياضيا ت لا تتبع النهج الفلسفى . تعريفا العدد والكمية قد تعرضا لتغييرات مختلفة وفقا لاقتراح أ اكتشا ف ما أو اكتشاف اخر قد اعيد التعريف مؤخرا . الرياضيا ت التى تسمى علما استنتا جيا تطورت دون تعريف كامل لموضوعها . هذا التعريف النهائى ، انطلا قا من شهادة العلوم ، هو آخر شىء يتم تحديده فى تطوير المعرفة بالأحرى من البداية .
هكذا علم الجمال يجب الا ينتظر حتى تستطيع أن تقدم الفلسفة تعريفا نهائيا لموضوعه قبل أن تتمكن من جمع البيا نا ت . كل ماتحتاجه هو القيام بتعريف ما . فالاب لايبقى ابنه فى البيت حتى يستطيع ارسا له للعا لم بثروة طائلة ، بل يعطى نجله مصروفا ويرسله ال العا لم ليصنع ثروته . والآن انا بالطبع لا أعنى تللك التوقعا ت باعتبار أن التعريف النهائى سوف يكون بلا قيمة . فضولنا نافذ الصبر ، ونحن نرغب فى توقع الطبيعة الكاملة للأ شياء قبل أن تكون لدينا المعرفة الكا ملة . وظيفة الفلسفة هى رؤية الأشياء ككل وكامكا نية ايضا ، وهذا ليس بالشىء القليل .
ولكن الفاسفة لا تزال تواصل السعى الى التعريف الصحيح للجمال . وفى حين أن علم الجمال يمضى بخطوات متثاقلة فى غبار الحقا ئق ، وربما يكون على استعداد احيانا لا لتقا ط اقتراح طفيف من الغبار . الاهتمام الفلسفى بالطبيعة المطلقة للحياة وموضوع ( الكيمياء ) لايبدو أن هناك مايحبطها من خلال النشاط العلمى فى البيولوجيا والكيمياء .
وفد كان النهج الثا لث هو النهج السيكولوجى . من هذا عمل ليبز " و " هيرن " و "فيخنر " وحشد من علماء النفس الذين ظهرت مقالا تهم فى الدوريات السيكولوجية التى تعد نموذجية . الحجة الضمنية لهؤلاء الرجال هى انه عند تقدير الجمال تكون الخبرة مدركة .، والجماليا ت هى بالضرورة فرع من فروع علم النفس وتندرج بوضوح ضمن مجال الانفعا لات . وعندما يتم تطوير علم نفس الانفعا لات ، سيكون الامر بسيطا حينئذ لتطبيق المبا دىء الاولى لخبرة التفدير الجمالى . وفى الوقت نفسه ، فان بوسعنا مواصلة التجارب البسيطة القليلة عن التقدير الحسى ، والتوازن والتناسق وما الى ذلك .
اود أن اكون بعيدا عن انكار قيمة هذه الخبرات البسيطة . وقد أعطى لهم قدرا كبيرا من المعلومات الهامة ، ولكن اعتقد أن اى عا لم من علماء النفس على استعداد بصراحة للاعتراف بأن المجموع الكلى للمعلوما ت المكتسبة أو التى اكتسبت من شانها ان تضع المرء فحسب على عتبة علم الجمال . بافتراض أننا نعرف كل الخبرة النفسية التى يمكن أن تخبرنا عن التوازن والتناسق والمزج الخطى ( التركيبة الخطية ) ، فانه ستظل هناك مسا فة طويلة بين كل هذه الحقا ئق و "كاتدرائية أميان " . يقول عا لم النفس ان المتبقى يكمن فى سيكولوجية الانفعا لات والعمليا ت العليا . وهكذا يجب على علم الجمال الانتظارحتى تكتمل سيكولوجية الانفعالات . وهكذا يريد علم النفس ريط علم الجمال بسلاسله بنفس المنطق المقنع الذى ربطته به الفلسفة اليها .
ولكن كيف يتم الافلات من علم النفس ، قد يكون ذلك امرا مطلوبا . حسنا وكيف يفلت علم النفس من الفلسفة ؟ . ليست هناك مغا لطة أكثر من الاعتقاد بأن اسس العلم يجب أن تكون ثابتة قبل بدء العمل على العلم نفسه . الاستعارة مضللة فكل تقدم مادى فى اقامة البنية الفوقية يجلب تقدما مطابقا فى صنع الأسس .
الاستعارة الأفضل هى عن الشجرة التى يجب أن تكون ذات جذور لكى تنتصب ، وانما ماينمو مع نمو الجذور هو الجذع والأ فرع . مع وضع مثل هذا التشبيه فى الاعتبار لن تكون هناك مفارقة لان علم النبتة يتطلب فقط جذور النبتة وليس التجذير واسع النطاق والمنهجى للقديم والعلوم الناضجة . الجما ليا ت هى بذور سقطت من بذور علم النفس ويمكن أن تنبت فى أرض اخرى مستقلة فى نفس الوقت .
علم الاقتصاد هو أيضا نبتة ( شتلة ) من شتلا ت علم النفس ، نمت بسرعة والقت بظلالها على الشجرة الأم . بالنسبة لعلم الاقتصاد كان رحيله عن خبرة واعية .فهو علم لمجموعة محددة من رغبات البشر ، أى التى تؤدى الى التبادل . والجذر الاول الذى غذى العلم وحمله الى مكانه مفهوم الانسان الاقتصادى ، والذى يثبت فى التحليل وجود افتراض طبيعة الرغبات الانسانية . فى ذلك الافتراض نما العلم الى علم ضخم . وقد ثبت أن الافتراض زائف منذ ذلك الحين ، ولكنه عمل على تغذية العلم عندما كان فى بداية نشأته .
يوجد افتراض مماثل تحتاجه الجماليات لكى تتطور الى علم . اننا لن نحصل أبدا على هذا العلم اذا انتظرنا حتى تصبح الأحكام الحدسية لدى النقاد منظمة فى نسق متسق . ونحن لايجوز أن نحصل عليه اذا انتظرنا حتى تقدم النا الفلسفة تعريفا كاملا للجمال ، ونحن لايجوز الحصول عليه اذا انتظرنا علم النفس حتى يوضح مجال الوعى . الطرق التقليدية الثلاث لمقاربة علم الجمال تبدأ معبدة بشكل رائع ولكن قريبا ستضمحل الى طرق ضيقة ونحن حا ليا ضائعون فى الخمائل وتشابك الأغصان . يجب أن تبنى الجما ليا ت طرقها الخاصة اذا كانت تبغى أن تتطور . وكل ما تحتاجه للبدء يهذه الطرق هو وحدة العمل .
وحدة ا لعمل الآن هى شكل من اشكال فرضية العمل ، وفى هذه الحالة – على الأقل يجب ان يتم بالضبط وحصريا ، أو أنه سوف يدمر فائدته الخاصة . اذا كانت نقطة الانطلاق ضد صلابة تشبه البنية النهائية فانه سيتم قطع الضوء واعاقته ، ان لم يكن من المستحيل اقامة البناء الذى يعد وسيلة لذلك . وحدة العمل من أجل علم جمال مستقل ينبغى أن تكون مفتوحة وحرة وغامضة للسماح لعدد كبير من الرجال للتعاون الممكن فى اطار ذلك ، ولعدد كبير من الحقا ئق ذات الصلة كى تكون معممة قدر الامكان . فالهدف من وحدة العمل ليس تحقيق نتائج دقيقة بل تحقيق نتائج كبيرة .
اذا كان هناك اناس يعتقدون أن النتا ئج الكبيرة يمكن الحصول عليها فحسب من خلال الدقة ، فان هؤلاء الناس مخطئون الى حد كبير . هذه مغالطة تشبه تلك التى ذكرتها فى وقت سابق ، الاعتقاد بأن العلم المعتمد يستطيع فحسب أن يتطور اذا كان العلم الأصلى الذى يعتمد عليه مكتملا .
العلم لايبنى نفسه من وحدات محددة بالضبط بشكل مسبق ، لكنه يتحرك تدريجيا من انعدام الدقة الى ماهو بدقة اكبر ، فاكبر ، الى مزيد من الدقة . فليست الفيزياء حتى الان علما دقيقا ، وسوف تكون – علما دقيقا – فيما بعد . نحن نفقد كل شىء اذا حاولنا أن نجعل وحدة عملنا فى علم الجمال دقيقة دفعة واحدة ، لأن ما نخاطر به سوف يكون فى الاتجاه الخاطىء . ويجب أن نكون راضين بوحدة غير دقيقة .
وعلاوة على ذلك ، فى مرحلة مبكرة للعلم من المفيد للغا ية توظيف الوحدة التى يسهل فهمها ، اكثر أو اقل بالنسبة للحس السليم .وبالنسبة للمراحل المبكرة للعلم لا توجد مدارس قائمة لتريب الرجال على المنهج والمفردات . والرجال الذين يعملون فى العلم يكونون مبعثرين على نطاق واسع . والى حد كبير بعيدين عن التواصل مع بعضهم البعض . اذا كان المصطلح غامضا جدا فى استعماله من قبل انسان ما ، فمن المرجح أن يتم تجاوز هذا من فبل انسان آخر والذى يحل محله مصطلحا مفضلا من تلقاء نفسه ، وفى الوقت الحاضر لن تكون هناك وحدة واحدة بل سنحصل على نفس الفوضى . المصطلح الغا مض مثل كلمة فى احدى اللهجا ت : ومصطلح الحس المشترك له عمومية وقوة تعزيزهى ذات قيمة اكثر من أى شىء آخر فى كفاح العلم من اجل الحياة .
مفهوم الحس السليم ليس دقيقا ايضا ، وهو قادر على احتضان العديد من الحقا ئق ، وقد جلب – على الأقل – ما يبدو اتفاقا بين العديد من الرجال الى العمل الموحد فى علم الجمال . مثل هذه الوحدة – على ما اعتقد – قد التمست طريقة للاعتراف فى العقود القليلة الماضية . فهو اعجاب الشىء بنفسه على العكس من تقدير قيمة الشىء كوسيلة لشىء آخر . انه يطلق عليه بأشكال مختلفة جوهرى وغير مكترث ومستقل وقيمة اولية . انه يمثل ببساطة موقفا مناقضا للموقف العملى .
جميع المنظرين الجماليين تقريبا فى القرن الماضى ( القرن التاسع عشر ) كان هذا المفهوم فى صميم تعريفاتهم .وايضا حتى مع كروتشه وسا نتا يا نا وفيخنر – على سبيل المثال لا الحصر . نذكر فحسب القليل من الكبار . ونلاحظ أن هؤلاء الفلاسفة ينتمون الى مدارس متباينة . ويختلفون مع بعضهم البعض فى محاولاتهم لجعل تعريفاتهم الخاصة محددة . وهم يشتركون فى صميم مفهوم الحس السليم غير الدقيق عن الأشياء المقومة بالنسبة لأ نفسهم فى استقلال عن جميع الاعتبارات العملية .
ومع ذلك هم يشعرون بأن هذا المفهوم واسع جدا وقد حاولوا تضييقه وجعل دقيقا . لكن لحظة حاولوا تطبيقه قاد ت هذه الطريقة الشخص وفقا لميوله الشخصية وانتماءاته الميتافيزيقية . وانتيجة هى بدء الشجار فيما بينهم حول تهذيب تعريفاتهم بدلا من العكوف على العمل وتراكم الحقا ئق فى اطار لب تعريفاتهم .
لو كان هؤلاء الفلاسفة قد سمحوا لتهذيب التعريفا ت بالمضى ، كان بوسعهم التعاون والعمل فى انسجا م . لم يكن ينبغى أن ينسوا خلافاتهم تماما ، لان من نبذ الخلافات سوف تأتى فى نهاية المطاف امكانية توجيه أكبر قدر من الدقة فى تعريف العمل . ولكن كان التركيز يجب أن ينصب على نقاط الاتفاق بدلا من التركيز على نقاط الاختلاف ، حتى يمكن التقدم فى العلم المستقل للجما ليا ت . لكن باطبع لم يضع أى من هؤلاء الفلاسفة أى هدف من هذا القبيل فى الاعتبار . واود ان اشير الى ان الوحدة التى اقترحها هنا ليست وحدة مقامة بتعسف ، بل هى موجودة بالفعل فى صميم النظرية الجمالية الحديثة . وكل ما هو مطلوب هو احضار هذه النواة الخام الى النور بكل مافى الكلمة من معنى ، وبما هو غير مالوف وعلى الرغم من ظهور عدم الجاذبية فى الموافقة على ذلك .
ان مانبتغيه فى الوقت الحاضر ليس تعريفا نهائيا للجمال ، ولكن شيئا ما لجمع الحقا ئق عن التعميما ت التى يجوز اجراءها وربما القوانين المحددة ،والقوانين التى بدورها ستقوم بشكل نهائى بصقل دقة الوحدة غير المالوفة التى استحقت اكتشافهم . وحدة تطويق مجال الخبرة الذى يحتوى على حقا ئقنا الجمالية ، وذلك كل ما لد ينا الحق فى طلبه فى البداية . فاذا كان هناك أمل فى علم للجماليا ت ملموس فى المستقبل القريب ، فانه يكمن فى هذا المفهوم كأحد الأمور الت نضعهه فى اعتبارنا . انه بالتأ كيد يكمن فى النقد او الفلسفة أو علم النفس .
بعض الايضاحات
- ماثيو ارنولد ( 1822- 1888 ) شاعر وناقد ومصلح تربوى .
- جيمس برنارد ماثيو ( 1865- 1959 ) –مؤرخ امريكى للفن .
- برنارد برسون ( 1865-1959 ) رسام انجليزى ومهندس معمارى وعضو الجمعية الملكية لرسامى البورتريه عام 1896 .
-تيودور ليبز ( 1851- 1914 ) استاذ جامعى ألمانى تبنى مفهوم التعاطف الجمالى .
-جوستاف تيودور فيخنر ( 1801-1881 ) فيلسوف المانى وعالم نفس تجريبى وعالم فيزياء .
- جوستاف أودولف هيرن 0 1815-1890 )
- كاتدرائية أميان Amiens Cathedral
هى كاتدرائية الروم الكاثوليك ومقر أسقف أميان – تقع على تل يطل على نهر السوم فى أميان – العاصمة الادارية لمنطقة بيكاردى فى فرنسا نحو 120 كياو متر الى الشمال من باريس وهى أكبر كنيسة فى العا لم -، تتميز بالنحت القوطى للقرن الثا لث عشر فى الواجهة الرئيسية غرب وجنوب بوابة جناح الكنبسة ، كم توجد كميات من النحت الملون داخل المبنى .