اعتقد اننى اتفق مع وجهتى نظر الاستاذين (ابران) و(شيلدون)"3" فيما يخص الروح العامة التى جرت فيها هذه المناقشة. وعلى اى حال ، أنا اوافق على انه لا ينبغى ان نمارس هوايات الاستفزاز او اطالة أمد الخلافات المتعصبة التى نشأت فى الماضى ، ويجب ان نعالج المشكلة باعتبارها مشكلة جديدة ، ومقاربتها بقد ر الامكان مع العقول الخالية من السوء .ولا ينبغى ان نعتبرها بشكل مجرد كحالة بسيطة لمشكلة قديمة ،وينبغى الا نشعر بأننا مضطرين بان نكون متسقين مع ماضينا ، أو مع ولا ئنا للعديد من الاحزاب . وابعد من ذلك ، ليس بوسعى متابعة تأثير (اربان )و(شيلدون) ، وليس هذا لعدم وجود حسن النية بل لعدم وجود التفاهم . ولا استطيع ان اعدهما بتجنب نظرية المعرفة والتصدى بنفسى لبنية الحقيقة ، لااننى وجدت ان المرء عندما يدرس القيم ، فهو لن يجدهافى سياق الذاتية والحكم فحسب ، بل فى دوامة الارتباك لمعرفة كيف ان الكثير من ذلك السياق ينتمى الى بنيتها .
اوافق على انه مما يجب علينا هو ان يكون الاستقراء والسعى الى الوصول الى تعريف القيم من خلال دراسة الحالات ، ولكن بداية ان الاقتراح بمكن ان يكون فى هذه الحالة أكثر من مجرد التقدير التقريبى ، وهى منطقة يحفها الغموض – فى- او بالقرب من الكيان الذى نسميه القيمة . وليس بوسع المرء جمع القيم كما يحمع الفراشات ، والمضى بعيدا الى مختبر مع توكيدات بأن ذلك المرء قد تملك فى شبكته كل ، وليس أكثر من كل ،مايسعى اليه .
لايوجد ثقب حول حواف القيم لتحديد الخط الذى تكون منفصلة عنده . والمهمة العظيمة هى اقتفاء الحدود وفصل الكيان من خلال عمل من أعمال التمييز . لوحة (الموناليزا) لوحة جيدة وتعد سرقتها عملا شريرا . ولكن من اجل اضافتها الى مجموعتى ذات القيمة، مالذى يجب ان تتضمنه ؟ هل كل ذلك مما يجعل الموناليزا جيدة وهى فى اطارها ؟ هناك على الاقل بعض الاسس التى تؤكد أن الموناليزا جيدة بقدر ماتنطوى عليه من متعة او شعبية او تاريخ . وبالمثل هناك من يرى ان السرقة شر يجب ان تؤخذ فى الاعتبار لتشمل ضمير اللص ،او الحكم الجماعى للا زمنة او تعاسة فرنسا . فاذا افترضت ان الموناليزا الموجودة بين يدى جيدة ،ويجب على مقارنتها مباشرة بالمال الموجود فى جيبى بهدف اكتشاف البنية المشتركة ، وقد الزمت نفسى بالعمل على مجموعة محدودة من الاحتمالات البنيوية . من جهة اخرى اذاكان لى ان استفسر بعناية اكثر عن علاقة موناليزا المادية بالمواقف والاحكام الصاد رة عن الكائنات الحية ،أو بمزاعم واراء المجتمعات .اود ان اسير على القاعدة المعرفية التى امرنا بها السيدان (ابران )(وشيلدون )واوجبا علينا عدم انتهاكها . من هذين الشرين سوف اختار الاخير .وسوف آثم لانه من الغرابة ان ارى ما يوجد هناك ،واظن ان السيد ين -ابران وشيلدون -سوف يتبعانى الا اذا ابعدانى .
-2-
( يبدو أننى ارى آثار اقدام البرفيسور اربان هناك بالفعل ) .
على اى حال انا متفق مع البروفيسور شيلدون على الطريقة التى بها نستطيع معا بذل قصارى جهدنا كقائد ين لهذه المناقشة. ولابد ان نسعى لتجنب ابتزاز الاراء عن طريق اكتشاف لغة مشتركة ، اذا كان ذلك ممكنا .
فهناك الكلاسيكيون الذين يتحدثون بطريقة انقى من افلاطون ، والاخرون الذين ينتمون لغويا للاسرة
الكبيرة ل "كانط " وتعلموا وهم يجلسون على ركبتى امهاتهم الحد يث بتلعثم بمقاطع فضفاضة من فيند لباند "4" و جرين "5" ، وبعض الذين يتحدثون فيما ببنهم حصريا بلهجات جديدة معروفة باسم الديوية"6" والمينونجية" 7" ولايوجد حتى الان حزب كوزموبوليتانى يمكنه التحدث بجميع هذه اللغات ويفكر بشكل متوال الانتقال بين مصطلحات "8": الحكم والمعايير والشعور الفورى وماينبغى ان تكون عليه عملية التقويم ، ودرجة الادراك ، والتهيؤ ، والمفيد بشكل هامشى ، والاكسيولوجيا ، والارادة الفردية المفرطة ، والقيمة والقيم والتقويم والتقدير واستمرارية القيمة ، وما له قيمة وحكم القيمة ، ووجود القيمة ، وخبرة القيمة ، ومفهوم القيمة ، ونظام القيم ، والقيم المعطاة .
ونادرا مايكون من المتوقع الانخراط يشكل مريح فى النزاع بين ( ريكارت ومونستربيرج او مينونج وايهرنفلز اوديوى وستيوارت )"9" . لكن هناك التزام للمرء بمراجعة الوضع الراهن لمسألة التصنيف لوجهات النظر التى جاءت من منظور دخيل – كما رأى البعض - . المحاولة الموجودة فى مثل هذه المواجهة تميل باتجاه لغة عالمية او باتجاه مناشدة من نوع خاص اومن رموز احزاب باتجاه موضوعات شائعة .
لتعزيز هذه الغاية سوف اقوم بمحاولة تصنيف نقدى لتعريف القيمة"10" .وبالطبع سوف أخون نفسى فى كثير من المصطلحات البسيطة والمتحيزة ، ولكنك سوف تمنحنى الثقة بالنسبة لجهودى وانا آمل فى التفوق فى بلوغ الهدف .
( I )
المشكلة الاساسيةلنظرية القيمة، هى مشكلة تعريف بقدر ماهى مشكلة فلسفية . فلوكان سقراط هنا كان يقول : ( الان اريد أن تخبرنى ما اذا كانت القيمة كلا واحدا وفيها الفضيلة والجمال والثروة اجزاء ، او ما اذاكانت كل هذه ليست سوى اسماء لنفس الشىء الواحد .هل هى اجزاء لنفس المعنى الذى فيه الفم والعينين والاذنين أجزاء للوجه ، أو أنها اجزاء من الذهب يختلف عن الكل أو عن بعضها البعض فحسب فى أنه أكبر أو أصغر ؟ وعلينا ان نمعن النظر ليس فى العديد من جوانب القيمة ، بل فى الصفة الباطنية للقيمة . ما هى القيمة من حيث المبدأ الاسا سى ؟ وما هى القيمة يصفة عامة ؟
-3-
( أ) فى الاضطلاع للاجابة على هذا السؤال نجد انفسنا منذ البداية أمام تحديات من قبل أولئك الذين يؤكدون على عدم امكانية تعريف القيمة . الرأى الذى ينادى به ( سيد جويك) قبل جيل واحد واعيد مؤخرا من قبل (برتراند راسل ) و( ج. ا. مور )"11" (وبرنتانو)" 12" وسانتيانا ، ويبدو انهم يستندون الى اساسين مستقلين .
-1- فى المقام الاول ، القيمة وصفية أكثر من كونها ذاتية ، ولا يمكن ان تعرف بأى ىشىء من الاشياء التى تستند اليها . ليس هناك شىء مثل المتعة التى يمكن للمرء ان يقول بأنها وحدها ذات قيمة ، لانه من الممكن اضافة شىء آخر دائما مثل المعرفة مما يؤدى الى المزيد من القيمة او الاقلال منها . وبوسعنا تعريف الشىء ذى القيمة فحسب باعتباره الشىء الحاصل على القيمة ، وبعبارة اخرى، ليس بوسعنا تحديده تقريبا . ولكن هذه الحجة تنهض على فكرة خاطئة فبطبيعة الحال من المستحيل تعريف المحمول بالمصطلحات التى يستند اليها ، والا فلن يكون هناك اى فرق بين الموضوع والمحمول .ولكن لايترتب على ذلك ان المحمول لايمكن تعريفه .
الشاطىء مسطح وليس بوسعى تحديد تعريف للمسطح بمصطلح الشاطىء . واذا اضفت شواطىء اخرى أكثر ،فانها قد تتوقف عن ان تكون مسطحة ، ولكن لايتبع ذلك ان المسطح لايمكن تعريفه . قد يكون من غير الممكن تعريفه لعدم امكانية تحليله ، ولكن هذا بوضوح ليس القضية . ومن المؤكد انه ليس هناك فى طبيعة المحمول شيئا يتطلب ان يكون بسيطا . وفى حالة القيمة تصبح المسالة مسألة واقع .
لاتوجد اية علاقة بين بساطة الصفة المحددة والمظهر غير الدحدد لوظيفة المحمول . وقد كان ( مور) قادرا على البرهنة بشكل شامل – مع انه لم يفعل ذلك – على ان اى شىء من الاشياء يمكن ان يكون خيرا ايا كان ، ولاشىء يترتب فى هذا الصدد على بساطة او تعقيد الخير . الا اذا ثبت ان الخير بسيط فيجب ان يترتب على ذلك ان بعض الاشياء يمكن ان تكون خيرا .
من الممكن تماما كما فعل سانتايانا فى انتقاده لقول راسل "13"بأن الخير بسيط ، ولكن وجود شىء خير يعنى ان الخير يعزى اليه بشكل عاطفى ، لذا لايكون الشىء خيرا الا فيما يتعلق بالرغبة . ويصبح السؤال باختصار ، بالنسبة للطبيعة والظروف الدقيقة عن الصلة المتعلقة بالخير .ومسألة البساطة وعدم القابلية لتعريف القيمة الاصلية مسألة مستقلة .
-2- ليس مور وراسل بل سانتايانا وبرنتانو وغيرهم ايضا يؤكون ان طابع القيمة سواء كان مااصطلح على انه نادر اوخير اوماينبغى ، لايمكن تحليله .
ولكن لكى نجد خاصية لايمكن تعريفها ، لابد ان يكون المرء حاصلا عليها . بعبارة اخرى لن يحدث ان نعلن ان القيمة لايمكن تعريفها لان المرء لايستطيع تعريفها . يجب على المرء ان يكو ن مستعدا
-4-
للاشارةالى الصفة المميزة التى تظهر فى هذا المجال وتشير اليها مصطلحاتنا عن القيمة والتى تختلف
عن شكل الموضوع وحجمه وعن الترابط بين اجزائه ، وعن علاقاته بالموضوعات الاخرى وبالذات وعن كل العوامل الاخرى التى تنتمى الى نفس السياق ، ولكنها محددة من خلال كلمات اخرى غير الخير والحق والقيمة ،وما الى ذلك . وانا لاأجد هذه الرواسب .
مقارنة مور الخير بالصفة (أصفر )"14" تبدو لىمجرد افتراض . سوف يكون الخير مثل الاصفر اذا كان صفة بسيطة . لكن اذا كانت الحقيقة الامبريقية ان الخير ليس مثل الاصفر ويقال بانه ليس صفة بسيطة . وليست هناك صعوبة اكثر من معانى المصطلحات التى تشير اليها الصفات البسيطة ، وليس هناك اختلاف جدى فى الرأى على الا رجح بالنسبة لتصنيفها . فالاشياء تتقلدها جهارا ويلاحظ العابر ذلك .
لكن لا أحد ممن قرءوا الملاحظات الجادة ل (سيد جويك ) او ( مور ) بخصوص ما اذا كانت االاشياء خيرا أم ليست خيرا" 15" فهل يمكن ان ننخدع للحظة بافتراض ان تصورهما الاخلاقى قد اضىء بناءا على الصفة التى قدما تقريرا عنها لصا لحنا . انهما ينسبان الخير بطرق متنوعة الى الاشياء التى تعد بصفة عامة جيدة ، حتى فى نوبة الا لهام يتم الانتقال الى القول بأن ( المرغوب فيه بوعى هو ما يمكن ان نعتبره خيرا اساسيا )"16" ، وان جميع الخيرات العظيمة والشرور العظيمة تنطوى على المعرفة والانفعال الموجه باتجاه موضوعها"17" . هذه التاكيدات معقولة لانها مثل الرأى القائل بان الخير نفسه يتشكل فى الوعى المرغوب فيه أو فى الموقف الانفعالى المعرفى تجاه الموضوع . بالنسبة لمؤلفينا هما يعنيان ان الاستقراء قد وصل بعد مراقبة مطولة لللمكان الذى ترتكز فيه صفة الخير البسيطة التى لا يمكن تعريفها . وكان يجب ان تستقر بشكل دائم على الوعى المرغوب فيه ، او الموقف الانفعالى المعرفى باعتباره مكانها ويجب على مؤلفينا ان يمتلكا الجدة وروعة الحقيقة الخالصة .اما بالنبسة للبعض من قرائهما مثلى ، تلك النتائج تبدو اعادة اكتشاف شاقة للا فتراضات او انشطار الهوية فى حكم تركيبى من خلال تشىء الكلمة .
توجد اسباب وجيهة اخرى لرفض مذهب عدم القابلية للتعريف ، ولكن بوسعى هنا عدم ذكرها بصراحة . ففى المقام الاول اضطر هذا المذهب الى اضافة عدم تعريف الخير الى عدم تعريف الشر ، وفى هذه الحالة اظن ان العلاقة الغريبة وذات المغزى من الاستقطاب الموجودة بين الخير والشر لم تصبح عدم القابلية للتعريف فحسب بل وعدم القابلية للفهم ايضا . وفى نفس الوقت فان مسألة الدرجة والاحجام النسبية للقيمة تبقى فى الظلام الدامس أكثر مما كانت من قبل .
وفى المقام الثانى ، يقدم انصار عدم القابلية للتعريف لانفسه اسبابا قليلة للغاية وتظل ظاهرة
-5-
ظهور واختفاء وازدياد أو تراجع القيم بدون تفسير تماما . أخيرا ، يعد مذهب عدم القابلية للتعريف
مرفوضا على أسس منهجية بحتة . من السهل والمريح ان نخطىء بساطة معرفتنا الخاصة بسبب بساطة الموضوع ، ذلك أننى أعتقد بان تكون فرضية البساطة هى الملاذ الاخير مع افتراض ضدها حتى تتم محاولة كل بديل ويتم العثور على الرغبة .
( II )
فى العادة كانت القابلية لتعريف القيمة مفترضة . هناك بلا شك الكثير من الالتباس ، كما أشار مور فى فكرة الشىء الحاصل على القيمة أو الخير . لكن معظم – ان لم يكن كل - وجهات النظر الكلاسيكية يمكن أن تذكر باعتبارها تعريفات لمحمول القيمة . ووجهات النظر التى أود ان ألفت اليها الانتباه نادرة ، حتى لو كانت تحمل النقاء التام . وان كانت مستقلة – من الناحية النظرية – على اية حال – وبرزت بشكل واضح فى كل النظريا ت القديمة والحديثة عن القيمة .
أولى فى وجهات النظر هذه هى وجهة النظر القائلة بأن القيمة تتشكل فى علاقة الانسجام"18" والملاءمة وتجد الاتصال بالحس السليم فى التعبير الشعبى ( خير من أجل ) . فأن تمتلك قيمة يعنى أن تكون حالة . لكن هذه العلاقة شاملة للغاية لتمييز تلك الظواهر التى تقوم على أساسها علوم القيمة ، ومن الملاحظ ان تعبير ( الخير من اجل ) مطبق بشكل شبه دائم على الحالات الملا ئمة للخير ، وقيمة النتيجة المتوقعة فى فكرة السبب . وماهو خير من أجل لاشىء يعد ملا ئما لما ليس بخير ، فهو لايفتقر للملاءمة ، بل ملائم فحسب لنفايات السلة او كومة الحطام . وهى وجهة النظر نفسها فى شكل معدل وأكثر قدرة على الدفاع مؤكدة أن طبيعة القيمة تكمن فى الملاءمة أو فى العلاقة العضوية للترابط . ولكن هذا الرأى مدعوم من خلال الامثلة التى يسهم فيها الترابط فى وجود كل ما يعد خيرا فى بعض المعانى الاخرى، كما هو الحال بالنسبة للكائن المادى ، او الذى يفضى الترابط فيه الى وجود الافراد الخيرين فى بعض المعانى الاخرى ، كما هو الحال فى الجماعة الاجتماعية . أوضح حالات الترابط وابسطها موجودة بين الآليات ، على سبيل المثال ، كنظام الجاذبية بأجرامه وسرعاتها ومسارت حركتها التبادلية . ولكن هذه الامثلة ليس من المألوف الاشارة اليها ، أو اذا أشير اليها فانها تستخدم حقا ليس لتوضيح الترابط بل الوحدة . على هذا النحو ، وانها تشبع المطالب الجمالية والفكرية ، ولا اعتقد انها تعتبركأمثلة عن القيمة تصور بدقة على النحو الموجود دون علاقة بأى تأمل أو عقل طموح .
( III )
-6-
هناك وجهة نظر ثانية ، مثل وجهة نظر الانسجام أو الملاءمة ، تغرى بالعبارة المألوفة وتحدد
الخير بعلاقة شكلية . فى هذه الحالة ( الخير من نوعه ) والعلاقة هى علاقة الخاص بالعام . الاسم المألوف لهذا الرأى هو ( رأى تحقيق الذات ) ، ولكن هذه العبارة غا مضة تماما . انها تعنى تحقيق الذات ، أ و قد تعنى التحقيق الذاتى لاى شىء، أى التمثيلى أو التمثيل الكامل لتلك السمات أو القدرات المتميزة لهذا النوع الذى يعد حالة . تحقيق الذات بالمعنى الاول ينتمى الى نوع آخر من الناحية النظرية نكى تتم دراسته لاحقا ، فيما يتم تعريف الخير فى علاقته بالاهتمام .
اما تحقيق الذات بالمعنى الثانى فهو ما يتعين علينا القيام به هنا . لكن عندما يتم التمييز يبرز الشك دفعة واحدة ما اذا كان قد تم فى اى وقت مضى دون وجود الالتباس مع الاول . علاقة الحالة بنوعها مجردة للغاية وعامة لخدمة اغراض خاصة لعلوم القيمة . والخير بأى معنى ليس بوسعه أن ينفى أى شىء . اذا كان ( أ ) هو م الافضل من (ب) ، ويترتب على ذلك أن (ب) هو ن افضل من (أ) . كل شىء مثال اكثر سطوعا من بعض الشىء . أسوأ نموذج للانسان قد يكون النموذج الاكثر مثالية فى ادمان الشرب أو ضيق الافق .
هذا المثال مقترح من الالتباسات التى تقدم المعقولية لوجهة النظر . أيا ما كان التجسيد الكافى لنوع متصور فعلا على انه خير فانه يعكس جيدا ذلك الخير . الانسا ن الافضل يكون الانسان الأكثر خيرا وأكثر رجولة . لايكمن الخير هنا فى العلاقة المجردة للخاص بالعام ، بن انها تقتبس من طبيعة العام نفسها. والثمل النموذجى ليس له قيمة فى هذ ا المعنى . ولكن يعد الاهتمام المعرفى والجمالى خيرا، وتمثيل العام فى الخاص لايوفر مثل هذا الاشباع بما يتناسب مع كفاية أو وضوح التمثيل .وان الحالة الجيدة لادمان الشرب تسهل الفهم والاظهار العملى للخلل الجينى . وبا لتالى فان الخير لايكمن فى العلاقة المجردة ، بل فى حقيقة أن العلاقة ذات فائدة أو ممتعة .
باختصار النموذجى أمر جيدعندما يمثل الخير فى بغض المعانى الاخرى ، أو عندما يوجد الطلب على النموذجى بصفته هذه . بحذف هذه الشروط الضرورية والنمذجة نمضى بعيدا جدا خارج هذا المجال ، وهذه سمة منتشرة فى عالمنا ،حتى يتم تحديدها مع القيمة .
لكن المثال المذكور اعلاه يتضمن اقتراحا آخر .قد يكون من المؤكد أن القيمة تناسب درجة ادراك عمومية ، وأن هذا يمثل الفرق بين الانسا ن الخير والثمل الجيد .كما أن الرجولة لها الاسبقية على ادمان الشرب ، وهكذا فان العام المطلق يجب أن يستحوذ على أسبقية الرجولة ،وتكمن القيمة فى الدرجة التى يعكس فيها الخاص مجمل الوجود. ولكن هنا مرة ثانية أوقن انه لايمكن أن يشكل العام المجرد فى حد ذاته الخير .
اذا كان هذا هو الحال ،فسيكون من المناسب اعتبار الجانب الميكانيكى للطبيعة البشرية على نحو
-7-
أفضل من جانبها الغائى بافتراض الميتافيزيقا المادية ،أو الجريمة والمعاناة غير المستحقة على نحو
أفضل من الانصاف والسعادة بافتراض أنهما يتميزان بمزيد من التمرد والعناد والانحراف لعالم الصدفة ،أو العامل المجرد للكينونة باعتبار الميزة الافضل للحياة على أساس التعددية حيث لاوجود لميزة عامة أخرى.
ولتجنب مثل هذه التناقضات لابد من ادخال الافتراض المادى . فبوسع المرء افتراض ان الكون يحقق الغرض بحيث يقدم الاهتمام الخاص ثمرته . أو أن المرء يفترض أن الكون ككل خير ،وبقدر ماهو خاص يعكس ماهو عام ويعكس الخير . ويجوز للمرء أن يفترض أن الاهتمام بما هو عام ، اهتمام فلسفي ،ويحكم على مستويات التحصيل الفكرى من خلال ذلك ، وربما مضينا الى الزعم بأنه من خلال التعرف على نفسه مع هذا الاهتمام يمكن أن يكون الانسان سعيدا بالتأكيد . ولكن فى كل هذه الحالات يكون تعريف القيمة متغيرا ، وتصبح العلاقة المجردة بين الخاص والعام عرضية أو وسيلية .
( IV )
جميع وحهات النظر التى نا قشت ا القيمة حتى الآن باعتبارها غير قابلة للتعريف ،وبانها ملاءمة وانسجام ،ونموذجية أو عامة ،يمكننى القول بأننى أتفق مع تمييز القيمة أو الخير دون الاشارة الى حقيقة التحيز أو الاهتمام. والاعتقاد بأن هذه الحقيقة أو علاقاتها المميزة ،هى القيمة الحائزة على التعبير الاكثر شيوعا فى نظرية المتعة أو مذهب اللذة . وربما كان هذا المذهب هو الاكثر قدما والاكثر شعبية على وجه الدقة . وانه يعبر عن عدد مختلف على نطاق واسع وتاريخيا ، ومستقل بدرجة أكثر أو أقل ، ودوافع متنازعة ، مثل ، على سبيل المثال ، الشكوك والانانية والنزعة النفسية والنزعة الحذرة والنزعة المادية والنزعة الانسانية ونزعة محبة الخير . وسوف أفسر هذه العقيدة بدقة على أنها تعرف الخير والشر من خلال حالتى اللذة والا لم على التوالى . يعد الشىء خيرا جوهريا بقدر ما هو ممتع ، أو خيراخارجيا بقدر ما يسبب من متعة .
وحتى الان ، الغريب بما فيه الكفاية ، ومن المشكوك فيه ، ما اذا كان هذا الرأى قد ظل قائما فى دائما فى هذه الصيغة الصارمة . ان الشائع فى النزاعات التى تتعلق بمذ هب المتعة افتراض أن القيمة تتشكل بشكل نهائى فى وجود الاعجاب . ويؤكد انصار مذهب اللذة على أن المتعة مرغوبة لذاتها ، فى حين يصر نقادها على أن الا نسان يرغب فى أشياء أخرى أيضا وربما لا يكون راضيا عن مجرد المتعة . نصير مذهب المتعة فى هذا النزاع ليس مغلوبا فحسب بل انه تخلى عمليا عن رأيه كطرف فى النزاع . قد يقول قائل بأن الخلاف على مذهب المتعة قد تم تقديمه بشكل أساسى دون علاقة بسؤال ( ما الخير ؟) – كصفة – بل بالسؤال عن ( الخير ) - كموضوع - ، وكلا الطرفين متفقين على أن الخير يتشكل فى وجود ما هو مرغوب ،ونصير مذهب المتعة يؤكد على أن حالة المتعة هى الحالة الوحيدة للشىء المرغوب
-8-
فيه .
ان لم يكن من سمات حالة المتعة أن نصيرها يحاول أن يحتفظ بها عندما تكون موجودة ، او الحصول عليها عندما تكون غائبة ،وفى حالة الالم فانه يميل الى التخلص منها عندما توجد ، ويتجنبها عندما تكون غائبة ، وهذه الحالات على الارجح لاتشغل نفسها بأى نوع من انواع الحكم على تعريفات الخير والشر . والان فان المفهوم بشكل جلى يعنى أن المرء يحاول ان يحافظ ويحصل على أشياء أخرى غير المتعة ، وفى بعض الاحيان حتى الا لم نفسه ، وانه يحاول ايقاف أو تجنب أشياء أخرى غير الا لم ، حتى المتعة فى حد ذاتها ،ونصير مذهب المتعة يتفق مع هذا الرأى الاخير ، باعتباره بالاحرى توضيحا وتصحيحا لوجهة نظره السا بقة أكثر من اعتباره نقضا لها .
جوهر المسألة يكمن فى التمييز بين الموقف العاطفى الحركى أو الحافز ، واللذة والا لم كمضامين نوعية محددة للوعى .ويكمن السؤال فى ذلك الجزء الوارد فى علم النفس ، وهو للاسف يخص نظرية القيمة وكل العلوم الاجتماعية التى بحثت بدقة على الاقل .ولكن يبدو أنه تم تأسيسها لأن من المحتمل أن تكون مثل الا لم ،أو النفور من الرائحة الكريهة الاكثر قوة من الالم الطفيف "19"
بالطبع من الممكن لمذهب اللذة الحصول على النصر الا سمى من خلال تعريف الاعجاب ب ( الحصول على المتعة بالشىء ) والبغض ل ( العثور على الالم ) . ولكن مثل هذه المصطلحات تبدو فحسب لطمس التمييز الامبريقى والهام . لايمكن تحديد الاعجاب بدقة بالتأكيد مع حالة أو مضمون نوع
يتجلى من خدش الجلد أو حكه أو ارتواء الظمأ . خاصية الاعجاب هذه الموجهة الى الموضوع هى
المحرك أو المحفز ، والمتعة التى ، حتى لو كانت حاضرة دائما ،هى بالتأكيد لاتتناسب مع ما يمكن أن يسمى بدرجة الاعجاب . ومن ثم فان مذهب اللذة هو تفسير ضيق جدا لوجهة نظر هى بشكل جوهرى ليست مذهب اللذة على الاطلاق . والى هذا الرأى سوف انتقل الان .
V
لقد ظل فى وقتنا الحاضر مع شىء يشبه الاجماع أن القيمة بالمعنى العام لها صلة بثابت معين يمكن ان نسميه تحيزا أو اهتماما . ولقد وجدنا أن الجهود لتعريف القيمة بمصطلحات أخرى، وحتى حجة عد م القابلية للتعريف ،اشارة لا لبس فيها لهذا الثابت .وتبرير هذا الرأى يكمن فى حقيقة أن التحيز أو الاهتمام ،بانواعهما المتشعبة ، والشروط والعلاقات يقدمان أفضل الوسائل المنهجية التى تصف ذلك المجال من عالمنا والذى تشير اليه علوم القيمة ومفردات القيمة . وعلى أية حال ، مما لاشك فيه يبدو
-9-
أن معظم خلافاتنا فى الرأى تكمن فى وجهة النظر هذه . فهى واسعة ومرنة بما فيه الكفاية لاحتواء
وجهات نظر متباينة مثل ( تحقيق الذات ) لدى (جرين ) و (برادلى ) واتباعهما ، ومثل (فيند لباند ) فى ( الحكم ) وريكارت فى (الشعور بالا لتزام المباشر) ويسترمارك "20" فى ( الانفعالات والعقاب ) وسانتايانا فى ( المتعة الموضوعية ) وستيوارت فى ( عملية التقويم )ومينونج فى( حكم الاحساس ) ورويس فى (الاخلاص ) وعدد لايحصى من المفاهيم التى ترشد نا وتثقفنا وتفرق بيننا .
التأ كيد بأن تحقيق الاهتمام ضرورى للقيمة شىء والقول بأنه يشكل تعريفا كافيا يعد شيئا آخر . بعبارة أخرى ، من الممكن الحفاظ على الرضا بالاهتمام باعتباره قيمة ، أوالحفاظ على تلك القيمة المؤهلة للرضا بالاهتمام . وأنا سوف أذكر الرأى السابق أولا ،ثم الرأى الذى من شأنه أن ينكر ذلك تماما ، وأخيرا الرأى أو الاراء التى ارى أنها مؤهلة لذلك .
( 1)
اولا – الرأى القائل بأن القيمة تتمثل فى تحقيق الاهتمام فى حد ذاته . ولقد اخترت اللغة المميزة التى أعتقد أنها أقل تضليلا ، ولكن ذلك يتطلب تفسيرا. فالحقيقة المركزية لهذا الرأى هى قطبية المواقف الوجدانية المحركة . فالكائنات الحية والكائنات االواعية تتصرف تجاه موضوعات معينة أوأهداف معينة شائعة نحو الكره والخوف والاشمئزاز والنفور ببذل الجهد للتخاص منها أو تجنبها .وأنا اقترح تعميم مصطلحى الاعجاب والكره ( البغض ) ، واستعمالهما للاشارة الى هذين التيارين الفكريين
الاعجاب والبغض وثيقى الصلة على اعتبار أن أحدهما يثبط الاخر ،ولايمكن أن يوجها معا الى نفس الموضوع فى نفس الوقت وبنفس التقدير .انهما غالبا مايكونا ، ولكن ليس دائما ، موجهين الى الموضوعات التى لد يها محمولات متقابلة أو متناقضة ( كما هو الحال عندما يعجب امرء بالنساء ذوات الانوثة ويبغض االنساء المسترجلات ) . وفضلا عن ذلك كل ما يبدو تعزيزا لموضوع واحد من هذه الانماط يصبح موضوعا لهذا النمط نفسه ، ولكن أيا كان ما يبدو لتدمير موضوع أحد هذه الانماط يصبح موضوعا للنمط المقابل . وبعبارة أخرى،يكون الشىء مرغوبا لتعزيزه موضوع الاعجاب أو يضر موضوع الكراهية : وهذا الشى مكروه لتعزيز موضوع الكره أو يضر موضوع الاعجاب . من الواضح علاوة على ذلك ، أن الاعجاب أو البغض قد يكونا مزاجيين بل وان كلا منهما فعال فى تثبيط نقيضه أو فى تحديد هذه الانماط المشتقه منه . وبما أن المرغوب فيه يمتلك مصطلحا يدل على هذاالنوع العام من رد الفعل فاننى سوف استعمل مصطلح ( اهتمام ) ليعنى اعجاب الذات بالموضوع أو بغضها له، بما فى ذلك اشتقاقاتهما أو أشكال ميولهما "22" .
وفقا لرأينا الحالى ،تتشكل القيمة فى تحقيق التحيز والاهتمام . ويقال ان موضوعا عاما حاصلا على القيمة بقدر مايتحقق الاهتمام ، أوبافتراض علاقة بين الانجاز والاهتمام ، حيث يتم استخدام الانجاز
-10-
بمعنى عام لاتمام اما الاعجاب أو البغض . عند هذه النقطة تضغط علينا أسئلة كثيرة . انها قد تكون
معظم الاسئلة ذات المغزى والمزعجة على مدار الساعة فى مجال هذا البحث ، وليس بوسعى ادعاء الرد عليهافى هذا المقال حتى لوكانت الاجابات جاهزة فى ذهنى . ولكن لابد لى على الاقل أن أوضح ثلاثا من هذه الاسئلة ، وربما كان بوسعى القيام بنشاط محفز لها أفضل من خلال تأكيدى على عقيدتى الخاصة
( أ )
أولا هناك مسالة الاولوية النسبية للشعور والرغبة ، وبعبارة أخرى، هل تتشكل القيمة أساسا فى وجود الاعجاب أو البغض ،أو فى الحصول على ما نعجب به أو ما نبغضه ؟ لايبدو من المعقول أن نربط بين القيم اما مع الاستمتاع الهادىء أو مع الجهد المطرد . من ناحية أخرى ليس بوسع المرء الا توحيدهما . ويبدوأن هذا ممكنا اذا تعرفنا على العامل المحرك للشعور وعامل الاستحواذ المحتمل للرغبة "23" . أن تعجب بموضوع فى الوقت الحالى يعنى أن تسعى الى مضاعفته ، وبالتالى فهى ليست ظاهرة ثابتة فحسب بعد كل شىء . ولا تمام الرغبة يعنى أن تحقق الموضوع من خلال بذل الجهد ، وذلك ليس مسألة عدم امتلاك .
وهكذا فان الاختلاف قد خفف على الرغم من انه لايزال أحد المباد ىء الاساسية للتصنيف . هناك القيم الحالية والقيم المرتقبة ، وفقا للفعل الموجه الى مضاعفته ولتحقيق الموضوع . مايتم التمتع به فى الاستحواذ لاينبغى فقدانه والسعى الى عدم وجوده ، وما التمس وحقق قد يكون يلا قيمة بعد امتلاكه . وحتى من الممكن أن يتم التمسك بالمخيف والتمتع به عندما يمتلك ، ويكون ا لمرغوب مكروها ومرفوضا .
( ب)
والسؤال الثانى الذى تمت اثارته فعلا ، هل يجب أن يكون الشىء من أجل امتلاك القيمة ؟
يبدو أن الشىء الوحيد الواضح هو أن يكون هناك مصطلح ازاء مايتم توجيهه الى الاهتمام أو التحيز . فلا يمكن أن يكون هناك الاعجاب أو البغض ما لم يكن هناك الشىء الذى نعجب به أو نبغضه . ولكن هذا التصريح يجب أن يكون حذرا وملطفا . فما هو مرغوب يجب أن يكون قادرا على العمل كدافع ، فالمرء يحب التملك أو انفاق المال أو يحب الصديق أو يحب الازدهار ،حيث تدل الصيغة اللفظية على الفعل المحتمل أو الحالة المشروطة بالارادة . وعندما تكون هذه الحالة موجودة يمكن القول بوجود القيمة . ولكن الحالة يمكن أن تكون موجودة وعادة ما يتم تقديمها أو تمثيلها . ومن المهم أن نلاحظ أنه قد يكون كافيا أن يكون التقديم أو التمثيل يجب أن يكون موجودا"24"
-11-
وأنا قد أرغب فى رؤية صديقى معافى أو التفكير فى أن تكون ممتلكاتى آمنة . ومن ثم فان اعجابى
لا يتأثر بمرض صديقى الفعلى أو تدمير الممتلكات الخاصة بى ، وتظل انطباعاتى وقناعاتى دون تغيير . أو أن حالة الاعجاب قد تكون حالة افتراضية أو محض خيال . أنا أميل الى افتراض أن الله يحبنى أو اتخيل أننى ثرى .فى هاتين الحالتين ليس من الضرورى أن تكون الامور كما افترض أو اتخيل . والرغبة تشكل مثالا للاهتمام .اذا أنا سعيت للثروة ، فمن ثم بهذه العلاقة يكون التحقيق الفعلى أمرا جيدا فحسب .ولكن قد أكون بالفعل فقيرا ومع ذلك أكون راضيا ومقتنعا بأننى سأصبح ثريا أو اننى استمتع باحتمال تصور ذلك . وبالتالى فان مسار الانجاز المسبق الى ذروته قد يكون مساعدا مع القيم التعويضية للايمان والوهم .
بما أن مينونج قد ساهم الى حد كبير فى استغلال هذه المسألة وبما أننى اتفقت الى حد كبير مع ما قد اتخذت ليكون ذا معنى ، قد يكون حسنا أن أشير الى اأنه قد تم التركيز المفرط على دور محدد تلعب فيه مقولة الوجود دورا فى القيمة . المشروط بالرغبة والمنوط به التعبير فى صيغة لفظية هو الوجود فقط . ماأعجب به أو أبغضه ليس الوجود فحسب أو موضوعا مفترضا أو متخيلا . وانا قد أميل الى أن 2+2 =4 أو افترض أن الهوية علاقة أو أ ن أعرف أن صديقى قد تزوج وأن ماأميل اليه قد تحقق . لكن التحقق فى حد ذاته ليس مجرد امتلاك لطابع ( لخاصية ) الوجود .
(ج)
يمضى سؤالى الثالث على النحو التالى : هل الاعجاب أو البغض فى حد ذاتهما ادراك للقيمة ، أو هل هما بشكل مباشر حكمين للقيمة التى يجب الاشارة اليها بشكل نهائى ؟ يبدو أن علينا الالتزام باجابة محددة. اذا كانت القيمة تتشكل فى الاهتمام المتحقق للموضوع ، ويبدو أن التحقق أو
الحصول على الموضوع ليس هو نفسه معرفة أن أحدا ما يقوم بذلك . وهذا لايترتب عليه أن الشيئين غير متوافقين ، وأنه قد يكون من الجيد أن الاهتمام فى التحليل الاخير يمكن العثور عليه أو ملاحظته مباشرة فحسب من قبل المهتم بالموضوع . ويبدو أننا نلتقى هنا مع حالة خاصة للسؤال العام للتأمل . ورغم التنازل عن كل شىء لأنصار التأمل يبقى هناك فرق بين موقف الاهتمام والوعى به . ان القول بأن (القيم محسوسة ) يبدو معادلا للقول بأن الاحاسيس البصرية مرئية ، أو الاحاسيس السمعية مسموعة ،
والحقيقة الراهنة كما اشار ارسطو اليها منذ فترة طويلة هى أن كل الاحاسيس موضوعات للحس السليم .وبالتأكيد ليس الاعجاب هو مانعجب به ، أو البغض هو مانبغضه ،ولا يمكن أن تكون القيمة مرغوبة أو مكروهة لأن الاعجاب أو الكره من مكوناتها الاساسية .بعبارة أخرى ان القيمة التى شكلها الاعجاب أو البغض لايمكن أن تكون موضوعا للاعجاب أو البغض .
-12-
توجد هنا فى الواقع مسألة أساسية ، واناآمل ألا يكون نفورهما من الابستمولوجيا يمنع الاستاذين
( شيلدون ) و ( اربان ) من تقديم مساعدتهما لنا . ويبدو لى أن من الواضح أن الاهتمام يمكن أن يكون فى نفس الوقت تأسيسا وادراكا للقيمة . وان الفشل فى ملاحظة هذه الحقيقة هو ،فيما اعتقد ، هو العيب الجوهرى فى الكتابات الموجودة عن هذا الموضوع . حتى أنه يفسد الى حد كبير عمل مدرسة ( مينونج ) التى هى خلاف ذلك سليمة ومثمرة . والمفاهيم الحالية مثل التقدير والتقويم والمشاعر الاخلاقية والمعنى المتضمن والخلود ومركب الغموض التى نواجهها – على ما اعتقد – معضلة حقيقية . فموقف الاهتمام اما يشكل القيم أويدركها .
اذا كان يشكلها فان الادراك يكمن فى الملاحظة والمقارنة والتسجيل ومنهجية وصف الاهتمامات فى علاقاتها بموضوعاتها وببعضها البعض . حكم القيمة حكم على الاهتمامات وفيما عدا ذلك هو مثل أى حكم آخر . ومن جهة أخرى ، اذا كان الاهتمام يميز القيم ، ومن ثم ، فالقيم فى حد ذاتها ليست موضوعات للاهتمام ككل ، ولكن صفات الموضوعات التى يزودنا بها الاهتمام بكل بساطة حساسية ضرورية .واذا نحن قبلنا هذا البد يل فاننا نعود للوراء الى زعم ( مور ) بأن القيمة لا يمكن تعريفها .
والسؤال كما اقترح ( ديوى ) "25" وآخرون مماثل لما يتعلق بوضع الصفات الثانوية . ولكن وبنفس الطريقة – فى اعتقادى – يؤدى الى نتائج عكسية فى حالتين اثنتين . فنحن قد نعزو الى الموضوعات صفات بناءا على التأمل نكتشف انها شروطنا الموضوعية . فالكتاب المرغوب اكتسب الصلاحية من خلال العلاقة بالموضوعات واليوم الممل والاجتماع الممل والمكان المرهق والموقف المتفائل – كل هذا يبدو أقل وضوحا الى حد ما ، ولكن وضوح الخبرة يجبرنا فى كل حالة على تحديد الصفة فى وجود علاقة محددة بالموضوع .
من ناحية أخرى ، عندما نسعى الى تحديد مكان زرقة السماء فى الموضوع نفشل . ادعاء زرقة هذا النمط من النشاط أو عملية الرؤية أو الكائن الحساس لامعنى لها ، مالم يكن كما هو الحال بالنسبة
لنظرية البروفيسور ( هولت )"26" ،فالازرق اختزل الى الانماط الصيغ الكمية القابلة للتمركز على حد سواء فى الموضوع وفى العضو الحساس . كيف يتم ذلك مع (الصفات الثلاثية ) المزعومة للقيمة ؟ وحتى الان أنا متأكد من كل هذه الصفات فى كل مايبدو لى اما لانواع من الموقف أو الدافع ، وبالتالى من المحرك ، أومثل استخدام الحواس المتمركزة فى الجسم . وبقدر ما أجد آثارا لبعض ما يعتبر صفات شعورية غير قابلة للاختزال ، تمركز أنفسها اما فى جسدى أو لاتمركز نفسها على الاطلاق .
بقدر ما ميزتها ودرستها ، وهى تفقد كل مظهر من مظاهر الوجود بالموضوع الذى صار واضحا بشكل متزايد لا لبس فيه فى حالة اللون والصوت . وباختصار ، فان الجهد اليقظ فى التمركز حينما يوجد الصفات الثانوية بالموضوع يعزل الصفات الثلاثية المزعومة ويميل الى توحيدها مع العضو الحساس .
-13-
ويصبح اقل وأقل تحملا للحديث عن الكائن الأصفر أو الرخيم ، كما يصبح أكثر وأكثر قبولا للحديث عن
امرء طماع ، وضجر ، وتعبان ، أو متفائل . . وما الى ذلك . وبالمثل فاننى استنتج أن الاهتمام ليس الادراك المباشر لصفات القيمة فى موضوعاتها ، بل هو وضع اسلوب الكائن الحى المشروع والمحسوس ، وربما مايشعر به الكائن الحى وصلاحية الموضوع من خلال استجابته لذلك . الاعجاب بالموضوع أو بغضه يعنى خلق قيمة الموضوع .وأن نكون مدركين بأن اذا امرء اعجب بالموضوع أو كرهه يعنى أنه على وعى يقيمة الموضوع . ولكن هذا الوعى ليس أكثر أو أقل من الاهتمام ومن أى وعى آخر أيا كان ، حتى لو كان هذا الاهتمام ليس الاهتمام بموضوع القيمة . "27"
اذا كات الاهتمامات مؤسسة للقيمة فان مزيدا من التحليل والتصنيف سوف يستند الى دراسة أنواع الاهتمام . قد تكون أنواع الاهتمامات نزوعية أو فعلية ، ولحظية أو دائمة ، وشخصية أو شبه شخصية أو متجاوزة للشخصية ، وفردية أو جماعية ، ومتسقة مع بعضها البعض أو غير متسقة ، واصلية أو مكتسبة . كلمات الخير والشر أصبحت الان أسماء مشوشة لآلاف المواقف المختلفة التى نعجب بها أو نبغضها .
أهمية مدرسة ( مينونج ) تكمن فى استغلال هذا المجال التجريبى الثرى، فى الاستعاضة عنه بهذه المنهجية ، بل والايمان المرن بتعدد الالهة بالنسبة لعقيدة التثليث التقليدية لعباد الحق والخير والجمال .ولعل المفهوم الاكثر خصوبة للمدرسة الجديدة هو ذلك الافتراض المسبق أو الاهتمام( المؤسس) ، أو ما يطلق عايه ( مشيد الاهتمام ) . بهذا يكون المقصود بالاعجاب أو البغض الذى يرتكز على حكم ضمنى ،اما ما يتعلق بالموضوع أو ما يتعلق بالاهتمام نفسه . وبالتالى فقد اعجب بانسان لأنه ساعد صديقى ، أو لاانه من حزبى ، أو على أساس أن الاخرين قد أعجبوا به ، بحيث لو أن الاساس أزيل فاننى اتوقف عن الاعجاب به . اذا كانت القيمة فى ذاتها فى مثل هذه الحالة فيمكن القول انها تعتمد على حقيقة ألحكم الضمنى وان المسألة تحتاج الى مزيد من الدراسة . وسوف يشمل ذلك بوضوح تخلينا عن وجهة النظر الحالية بان اى اهتمام على الاطلاق با لموضوع يعد مؤسسا للقيمة وقبول أحد هذه الآراء المحدودة أو المؤهلة والتى اقترح أن تدرس فحسب بعد أن نستوفى الحجج التى قد تثار ضد هذا النوع من النظريات .
( 2 )
لقد تحدثت عن الا تفاق العام تماما على أن القيمة هى دالة الاهتمام . والاستثناء الملحوظ هو المستر ( جورج ادوارد مور ) مع المستر ( راسل ) الذى لديه أثر فى هذا الخصوص على ما افترض . فى الواقع ان حالة المستر مور ضد المجال تقريبا . وبالتا لى فان حججه تعد ذات اهمية خاصة "28"
-14-
( أ )
يقول مور يبدو لى على نحو سليم تماما أن مصطلح (خير ) لايمكن أن يعنى ببساطة أن الحكم بأن شيئا ما (خير ) . هذا هو نفس التأثير المماثل للحجة التى استخدمتها سابقا ضد افتراض أن المرء ونفس أسلوب العقل يمكنهما على حد سواء أن يدركا و يؤسسا القيمة التى يدركانها .وكما يعرضها المستر مور ، فاننا ليس لدينا أى موضوع لادراكنا . والحكم لايمكن أن يكون موضوعه الخاص . فاذا كان هناك حقا الحكم بأن (ا) خير ، فمن ثم فان الخير يجب أن يشير الى شىء آخر غير الحكم نفسه .
( ب)
يقول مور بأن مصطلح ( خير ) لا يمكن أن يشير بشكل مجرد الى الاهتمام بالموضوع الذى يستخدم المصطح . مرة أخرى هنا تبدو حججه بلا جواب الا اذا كنا على استعداد للتخلى عن مناقشة المسألة تماما ، لانه ، كما يشير مور ، اذا كل طرف فى النقاش أشار الى اهتمامه الخاص ، فانه ليس بوسع أى اثنين الاشارة الى نفس الشىء . وهذه بحق هى الحلقة المفرغة للحقائق النسبية التى تضع حدا للخطاب ، وتناقض أى تعميم له فى نفس الوقت . بالنسبة لهذه الحجة اعتقد أن ( سانتيانا ) لم يكن منصفا . وموضوعية أو تعديل أحكام القيمة بمعنى ما يجب أن يتم الاحتفاظ به ، ليس بالنسبة لفائدة ( جمعيات المنا قشة ) ذات الرأى البائس ، ولكن لأننا قد نقرأ ونستمتع بمقالات مثل ما لديه ، وفهمه حتى عندما يقول ( بأن الخير ليس صفة جوهرية أو أولية ) ، بل نسبية ، وعرضية .
هناك حل واضح للصعوبة . دعنا نقول بأن الخير قد عرف بالنسبة للاهتمام ، حيث أنه من المفهوم أن الاهتمام يشير الى أى اهتمام ، وليس حصريا أن الحكم هو الذى يحدد الاهتمامات وعلاقاتها ، ومن ثم أصبحت موضوعات متداولة . ضد هذا التعديل والنسبية البريئة يقدم مور اعتراضين .
( ج )
قال مور انه يناشد حقيقة أننا قد نستخدم كلمة ( خير) بدون وعى على أنها تعنى موضوع الاهتمام . والحكم من خلال ما يضعه المتحدث فى اعتباره قائلا بأن (الموضوع خير ) ليس هو نفسه القول بأن هناك شخصا يهتم به "29" . هذا النوع من الجدل من شأنه أن يثبت أكثر مما يجب تماما اذا برهن على أى شىء .لايوجد تعريف يقدم أى شىء يتفق تماما مع الاستخدام اللفظى أو المعا نى المدركة .بالنسبة للكلمات التى قد تكون مجرد صدى ، ومعا ن مدركة مهملة وغامضة . تهافت الحجة واضح بشكل خاص فى حالة الكيانات المعقدة ،ومثل أنصار وجهة نظر الاهتمام الداعمة للقيمة . الكيانات المعقدة هى فحسب تقريبا وبشكل سطحى تشير الى خطاب مشترك ، وسوف يكشف التحليل النهائى دائما عن بنية لم تكن موجودة للعقل الذى يعكس الالفة النمطية .
-15-
( د )
تستند الحجة الأكثر اثارة للاهتمام على فكرة الخير الاصلى "30" . اذا كان الشىء يستمد قيمته من علاقته بالاهتمام المستوعب فيه ، فانه يبدو من المستحيل أن يمتلك أى شىء قيمة كامنة فيه على الاطلاق . ومن الممكن الرد بأن القيمة ممتلكة بشكل جوهرى من خلال مجموعة من الموضوعات المعقدة فى علاقاتها بالاهتمام . ولكن السؤال الذى سلط الضوء على حقيقة أنه بطريقة مختلفة قد يكون لد يه ملاحظة فضفاضة ، والحقيقة ، هى أن القيمة مثل غيرها من السمات العلا ئقية قد تكون مسندة بطريقتين . وموضوع الحكم قد يقف عائقا أمام العلاقة ، أو قد يحتوى على العلاقة . وهكذا فان المحمول بالتوازى قد يكون محمولا لبند واحد فى المعنى الموجود وموازيا لآخر ، أو لكلا البندين بمعنى امتلاك الموازاة .
عندما لوحظت خصوصية المحمولات العلائقية فان الصعوبة بشأن القيم الجوهرية قد أزيلت على ما اعتقد . فالقيمة الجوهرية تمتلك من خلال تعقيد موضوع الاهتمام ،ويتم امتلاك القيمة الخارجية من خلال الموضوع نفسه أو من خلال أى عامل أو شرط آخر للتعقيد . القيمة قد تكون مسندة اما الى المعنى باعتبارها ممتلكة بشكل جوهرى، وخارجيا من خلال تعبير الموضوع عن العلاقة .
هذه الحجج التى قدمها المستر مور ضد نموذج كامل للنظرية التى ادافع عنها الان . ولسوف يقترح الجيش الاكثر عددا من النقاد عدم رفضها ، ولكن القيام بتعد يلها . هؤلاء النقاد يقترحون بطرق مختلفة تعريف القيمة باعتبارها نوعا محدودا من الاهتمامات المتحققة.
( 3 )
نوع النظرية التى ننتقل اليها الآن يؤكد أن مانعجب به له قيمة فحسب فى حالات محددة ،لأن الحقيقة السيكولوجية المجردة للاعجاب بصفة خاصة ليست فى ذاتها ضمانة للقيمة . ويوجد العديد من الدوافع
التى تؤدى الى هذا الرأى. وثمة شعور بأن وجهة النظر التى أدافع عنها تحط من قدر القيمة ،أو تجعلها ايضا غير شرعية . أو قد يكون الدافع المطالبة ببعض المعايير من خلال الاعجاب أو الكره بشكل خاص . وقد يكونا هما فى حد ذاتهما اللذين يتم الحكم عليهما ،ومن خلالهما يمكن تمييز الخير من الشر أو الاهتمام الاسمى من الاهتمام الأدنى .
ويجوز أن يتأثر المرء بحقيقة أنه فى بعض الحالات البارزة مثل الوعى الاخلاقى، يكون اعجاب المرء حاضرا من خلال الشعور بباعث خفى أو وازع ،ومن خلال الاعتراف بتطلب اعجاب المرء لبعض
-16-
الدعم المتجاوز ليعطى موضوعه قيمة . أو أن الرأى قد ينجم ببساطة من الانتقال الى مجال القيم للتمييز
العام بين المظهر والحقيقة . ولكن ربما يكون هناك دافعا أساسيا واحدا على كل حال ، والرغبة فى اكتشاف المعيار الذى يتم به تحديد التفوق أو الدونية للقيم نفسها والرغبة فى تبرير انتقاد القيم الطبيعية أو الامبريقية .
ويبدو أنه من الضرورى لتوفير النطاق والتسلسل الهرمى حيث يجب اخضاع الميل للواجب ، و الدافع للمعيار ،أو اخضاع المتعة لما هو مثالى . وليس هناك سوى طريقة واحدة يمكن أن تكون قد أنجزت دون التخلى عن تعريفنا الحالى للقيمة، وهذا يكون من خلال توظيف مقياس كمى . فى مثل هذا الاجراء لايتم تقديم مفهوم جديد للقيمة ،فانجازات الاهتمام هى مجرد كل مركب مقيس . من جهة أخرى اذاتم الحكم على انجازات الاهتمام بأنهاأسمى أو أدنى من خلال بعض المعايير الأخرى ،فمن ثم فان هذا المعيار الخفى يعد حاسما للقيمة . انجاز الاهتمام يصبح عاما ولكنه ليس توصيفا كافيا للاهتمام . وسيكون الخير هو انجاز الاهتمام المتوافق أيضا مع المبدأ المحدد للنطاق . وفيما يلى سوف أقوم بالتأكيد على انجازات الاهتمام الاسمى التى حصر الكثير من الكتاب القيمة بها ،وهم يتفقون بقد ر كبير حيث لايوجد فى الواقع أى ملجأ لمبدأ آخر .
ليس بوسعنا أن ندفع هذا الحجر بعيدا دون الكشف عن وكر لما يتلوى حيرة وغموضا وما قد يروعنا . ان أهم تمييز أساسى هو بين هذه ا؟لاراء التى ستقترح لتحد يد نوع معقد معين من الاهتمام باعتباره الوحيد القادر على مصادفة موضوعاته مع القيمة ،وهذه الآراء من شأنها ان تنظر الى افتراض الاهتمام وحصر القيمة فى الحالات التى حققت هذه الافتراضات . فى الفئة الاولى من وجهات النظر ما يمكن أن نطلق عليها الانطولوجية ، والفئة الثانية هى ما يمكن أن ندعوها الابستمولوجية أو الاكسيولوجية ، من جهة المنهج.
( أ )
ينتمى الى الفئة الاولى ، على سبيل المثال ، الرأى الذى يحصر القيمة فى الموضوعات ذات الارادة أو الرغبة الواعية ، وحيث يرغب ممثل هذا الاتجاه فى الموضوع باعتباره امتدادا له أو تعبيرا عنه .ا لرغبة من هذا النوع موجودة . فمن الممكن بالنسبة لى المحاولة ببدائل مختلفة للاختيار أمام مرآة مخيلتى بشكل أفضل ما أعجب به أنا شخصيا .ولكن ( جرين ) وآخرين ، فيما اعتقد ، يعلقون أهمية كبرى على الرغية الذاتية الواعية "31" . يبدوانهم مخطئين بالنسبة لى بشكل خطير فى الاعتقاد بأن هذه هى السمة المميزة للا رادة . والصحيح أن الخيار ليس مجرد البقاء على قيد الحياة مع تزاحم الحوافز ، فالعامل المهيمن فى الاختيار هو بلا شك ما يفترض أن يكون مناسبا للذات . ويأتى نظام اهتمامات الفرد قدما فى فترة من التشويق المتأنى مفترضا السيطرة . ولكن الى أى مدى يكون عامل
-17-
تشىء الذات حاضرا وعرضيا ومتفردا ،قد يكون ذلك مؤشرا على عادة مراجعة الذات ،التى طورت بشكل
خاص الخيا ر البصرى والاجتماعى ، أو حتى مجرد الارتبا ك والغرور .
من المؤكد أن الأكثر قبولا أن نقول بأن القيمة تنحصر فى الرضا الكامل لنفس المرء ، سواء كانت موضوعية أو ليست موضوعية ،ولكنها على أى حال مميزة عن الدافع اللحظى .فمن شأن الخير أن يكون مرضيا للشخص تماما و بشكل أساسى أو بشكل دائم ، فبعد كل اهتمام أتيحت له الفرصة من خلال وضع مطالبه بعين الاعتبار . ولكن اذا سأل امرء لما ذا هذا النوع من تحقيق الاهتمام جدير بالأولوية لتحقيق الدوافع المنعزلة أو اللحظية ، من جهتى يمكن العثور على اجابة واحدة فحسب . وذلك لأن حفظ الانجاز المثمر لمجموع الاهتمامات يكون ممكنا بدرجة أكبر عندما تكون هذه الاهتمامات غير منظمة . الانجاز المنظم للذات أفضل من التساهل غير المنضبط لدوافعها المتددة ، على أساس أن تحقيق الاهتمام على هذا النحو خير ، وبالتالى فان الاكثر هو الافضل . وبعبارة أخرى يفترض هذا الرأى ويتطابق تقريبا مع الرأى الذى ندافع عنه ، ويوسع نطاقه كميا .
هذا الافتراض هو الاكثر وضوحا عندما يقتر ح للحد من الخير الذى يشبع اهتماما انسانيا خاصا أو متحيزا . وهذا يعنى أن الخير هو تحقيق الاهتمام ومن الممكن أن نحدد أنواع الخير بعد الاهتمام المؤثر . يوجد حيوان جيد وانسان خير ، والذكر والانثى والمثقف والجمالى وأنت وانا وكذلك هناك العديد من الآخرين وتوجد أنواع أو مجموعات من الاهتمامات وأى شخص لديه الفرصة لتعدادها . ومن المؤكد أنه سيكون من التعسف أن تختار أيا من هؤلاء ونسميه ( خيرا ) ونقصى البقية .
ولكن بوسع المرء أن يضع فى ذهنه اعتبار الاهتمام الخاص بالانسان سعيا الى تنظيم أو تحقيق أقصى قدر من كل الاهتمامات . غاية الانسان هى الخير لأن الانسان يتصور ويطمح الى الخير الكلى أو الخير الأسمى . فى هذه الحالة ليس اهتمام الانسان على هذا النحو الذى يحدد الخير ، بل اهتمام الانسان باعتباره وسيلة تعبير أو تمثيل لكل الاهتمامات . هنا مجددا ، ومع ذلك ، يكون الخير انجازا للاهتمام على هذا النحو ، ويتم تحقيق الخير أو الحد من قدره فى العلاقة بقدر أو درجة الانجاز وليس عن طريق مناشدة مبدأ مستقل .
وبالمثل يمكن تعريف الخير بمصطلحات الاهتمام الجماعى ، باعتباره انجازا لطلب المجتمع بدلا من الطلب الفردى . هنا مجددا لا أرى أساس مثل هذا الاهتمام ( الاسمى ) الذى يمكن اعتباره أكثر مشروعية أو أكثر أهمية للقيمة مما ينبغى ، ومحافظا على الاشارة الى قدر كبير من الانجاز أكثر مما يقدمه الاهتمام الخاص . وبالمثل فان الاهتمام يمكن أن يكون فعالا مع اهتمامات مباشرة وخفية ، اما مع الحياة الفردية أو داخل المجتمع . بافتراض أن انجاز الاهتمام على هذا النحويعد خيرا ، فان قيمة الانجاز الثابت أو المتوافق تتعزز من خلال الاثمار غير المباشر أو البراءة .وبخلاف ذلك فاننى لا ارى أى سبب لما يجب اختياره باعتباره اهمية استثنائية للقيمة .
-18-
وأخيرا فان الارادة العامة أو الارادة المطلقة او ارادة الله سوف لا تستحوذ على مطالبات خاصة
وهى ليست ارادة جماعية او ارادة فعالة . الارادة العامة يمكن أن تؤخذ على أنها تعنى الهوية الاساسية لكل انواع الارادة وخاصية الارادة بهذه الصفة . ولكن يجب عل المرء أن يكون حريصا على عدم التحدث عن هذه على الرغم من أنها فى حد ذاتها حالة خاصة للارادة . وليس بوسعها هى ذاتها تحديد نوع انجاز الارادة ،لأنها بالمعنى الدقيق للكلمة ، ليست مثل هذه الارادة . توجد ارادة بالنسبة لهذا وارادة بالنسبة لذاك ، ولكن لاتوجد ارادة بصفة عامة باستثناء حالات شيوع التجريد للاثنين ( هذا وذاك ) ،
لتعريف القيمة بصطلحات الانجاز ( التحقيق ) ، من شأن هذا أن يكون معادلا لانتساب القيمة الى انجاز أى ارادة . بعبارة اخرى ، كل انواع الارادة على سبيل المثال مساوية للارادة الطبيعية العامة ، وجميع الانجازات مسا وية للانجاز العام . ومن جهة أخرى ، اذا كانت الارادة العامة قد تم التعامل معها لكى تعنى ارادة مشتركة ، فانه حتى لوكان هناك شىء من هذا القبيل، لايمكن أن تكون له المطالبة بالأولوية على أسس كمية .
فى الواقع من الممكن تماما تصور أن الارادة المشتركة مثل ارادة ( الرغبة فى ) الملكية ثبت أنها تتنافى مع النظام المتوافق والمتسامح للحياة . هناك بالتأكيد المعنى الذى يميل فيه التقدم بعيدا عن التماثل فى الاهتمامات فى اتجاه التمايز والتوافق . وليس هناك مجددا أى سحر خاص فى الارادة التى يجب أن تكون عامة "32". قد كان هنك اعتقاد بأن مثل هذه الارادة يجب أن تكون فى كل ارادة ، وان اتحقيقها يعد قيمة أولية تشتق منها كل الارادات الاخرى . الا أن هذه الارادة تبدو لأى عقل غير متمرس نادرة وغريبة بشكل خاص .
ارادة المعرفة هى الأكثر أهمية وذات اهتمام جوهرى .وليس على أى من هذه الاهتمامات أن يفترض على حد سواء الوجود فى المعنى الاصلى أو قبل كل الاهتمامات الأخرى . ومن غير الصحيح الزعم بانه لمن اراد أن يكون هناك ماهو عام ، أو أراد أن يعرف واراد أن يكون كل ذلك متضمنا فى مفهومى ( العام ) أو ( المعرفة ) . وبالتالى حتى لو كان من لممكن استنتاج كل القيم من هذين المفهومين فانها لن تكون مستنبطة من الاهتمام نفسه . الا أنه حتى الان كما أعرف لم يكن هناك مثل هذا الا ستنباط بنجاح كامل .
الارادة العامة التى من شأ نها أن تكون صاحبة الحق فى التفوق فى تحديد أن القيم يجب أن تكون ارادة تم تناولها فى ذاتها أو يسرت جميع الاهتمامات .غير أنه – من ثم – سيكون تفوقها ينهض على افتراض قيمة جميع الاهتمامات المنجزة وسوف يشبر ببساطة الى القيمة النسبية بدرجة أكبر والى القيمة المفرطة فى الغالب . باختصار لايوجد نوع معين من الاهتمام الشخصى والعام والميتا فيزيقى يمكن القول بأنه يحدد القيمة حصريا ، أو بشكل بارز ، ماعدا ما يجمع أو يعزز انجاز أو اكثر الاهتمامات تحد يدا .
-19-
أنا متحفظ بالنسبة للنوع الاخير من الاهتمام الذى سوف يخدمنا كوسيلة للانتقال للفئة الثانية من وجهات النظر . يمكن القول بأن تلك الاهتما مات فقط تحدد القيم التى تتضمن بوضوح أو ضمنا الاشارة الى الاساس خارجها . والمغزى الحقيقى لاهتما مات هذه الفئة يكمن فى حقيقة أنها قد تكون بمعنى ما مختبرة من خلال جاذبية الأسس، ولذا سوف أناقشها فى هذا السياق .
) ب )
من وجهة نظرى أرى أن الكتاب أمثال : ايهرنفلز ، ومينونج ، واربان ، وغيرهم كانت لهم علاقة مع ما نسميه افتراضات كامنة وراء اهتمامات من نوع معين . وهذه الافتراضات أو التفسيرات تندرج ضمن فئتين . الفئةالاولى : هناك بعض الافتراضات بشأن حالة الموضوع او علاقته بالموضوعات الأخرى .وبالتالى قد أكون سعيدا عند التفكير فى صد يقى على افتراض أنه موجود . وأنا قد ااعجب با الرسم على افتراض أن تيتيان "33" "Titian هو الذى رسمه ، وبتمثال على أساس أنه مصنوع من الرخام ، أو من الدانتيل على أنه مصنوع باليد .أو قد أرغب فى الدواء على افتراض أنه سوف يعالجنى من البرد . فى كل هذه الحالات أنا افسر موضوعى ، وان اعجابى به أو بغضى له يتوقف على هذا التفسير .
الفئة الثانية : هناك بعض الافتراضات بشأن العلاقة بين الموضوع أ والاهتمام نفسه بغيره من الاهتمامات .وبالتالى فاننى قد أرغب فى التعليم مفترضا أنه يتسق مع ماهدف اليه من الكفاءة ،أو ادانة فعل السرقة مفترضا أن الله يدين ذلك ، أو اعجب بقصيدة مفتر ضا انها يجب أن تبهج جميع الاشخاص المتذوقين للشعر ، أو الموافقة على فعلى مع الاقتناع بأن أى قاض سوف يؤكد على حكمى . الافتراضات أو المسلمات فى هذه الفئة الثانية تتيح أفضل تعريف للكلمة المزعجة ( معيار ) "34" . اهتمامى هو المعيار بقدر ما يتم تحديده أوالسيطرة عليه بالاهتمام الأكيد فى معنى أسمى من المعنى الذى لدى .
من الواضح الان أن القيمة يمكن اختبارها من خلال تحديد حقيقة أو زيف الافتراضات التى ترتبط بها . اذا انا استدعيت التوسط أو الاعجاب الاستدلا لى أو البغض تقويميا وفقا لما ارى أنه يقوم على
أساس جيد أو يقوم على فهم خاطىء للموقف. فاذا تبين أن التمثال من الجص ، أو انه صنع بآلة الدانتيل ، فاننى سأتوقف عن عملية الاعجاب به , وبالمثل اذا أنا كنت واثقا من أن ارادة الله غير ذلك (أى لاتدين السرقة ) فاننى سأتوقف عن ادانتها ، أو اذا اكتشفت أن التعليم لايتسق مع الكفاءة فاننى سأتوقف عن تقديره .
ومن جهة أخرى عندما يتم تحويل أى تقويم الى أحكام مدركة وثبت أنها صحيحة ، فان التقويم يتم التحقق منه وتأكيده . والتقويم الذى يتم دون عائق و المحصن من خلال الوضوح االشديد هو بمعنى
-20-
خاص تقويم صحيح أو قيمة أصلية . يجب أن نكون حذرين ضد التشوش الطبيعى . هناك نوعان متميزان من المعانى قد يكون فيهما الاعجاب صحيحا ، او القيمة حقيقية . على أنه من جهة ، قد يكون صحيحا أن أعجب ( بالموناليزا ) ، وفى هذه الحالة افترض أن شيئا أعجبنى له قيمة ، فلوحة الموناليزا هى قيمة حقيقية . ومن جهة أخرى ، انا قد أعجب بها لان من رسمها هو( ليوناردو دافنشى ) ، ونظرا لأنها حقا قد رسمت من قبل ليوناردو دافنشى فان القيمة قد تأسست على اعتقاد صحيح . من جهة أخرى قد تكون القيمة هى موضوع الحكم الصحيح أو قائمة على الحكم الصحيح .
أناأدرك أهمية التمييز باعتبار فئة القيم القائمة على أساس متين. ومن الواضح أنها هى الأسمى .ولكن هذا السمو يعنى – فيما اعتقد أنها الأعظم . فعلى سبيل المثال هى الأكثر ديمومة . ومن الواضح أيضاأنها فى كثير من الحالات تكون متعددة .فاذا كنت أرغب فى الدواء على أساس أنه سوف يشفينى من البرد الذى أعانيه ،فاننى حين الحصول عليه أحصل على شبئبن اريدهما الدواء ، والشفاء .
والقيمة قد تأسست على حقيقة هى على حد سواء أكثر قدرة وأكثر وفرة . وهناك تكون القيمة الحقيقية نفسها مضافة الى جانب ذلك . وقد يؤكد الافتراض على أن الحقيقة أو العلاقة هما نفسهما مؤسسا القيمة ، بحيث اذا كان الافتراض صحيحا تكون القيمة مضافة . ولكن لا يمكن تعريف هذه المزايا دون الافتراض بان القيمة مبنية على الجهل أو على خطأ يستحوذ على نفس الشى فى صورة مصغرة . وهو نفسه يحمل ما نسميها مواقف معيارية . اذا كنت أوافق على صدق الاحساس بدعم المجتمع ، أو بالرأى المؤكد للمتفرج غير المكترث ، فأنا قد أكون حكيما أو متهورا . اذا كنت متهورا – غير حكيم – فان النزاهة لها قيمة فحسب من وجهة نظرى ، واذا كنت حكيما ، فان النزاهة تكون لها قيمة أكبر لتحقيقها لما هو أكثر من اهتمامى الفردى .
لكن اذا كانت النزاهة خيرا فان العمل يجب أن تتم الموافقة عليه بصفة عامة ، انه يكون أقل خيرية مما يجب الموافقة عليه بصفة شخصية . وفضلا عن ذلك بقدر مايعد اعجابى مشروطا بالتزامن مع الرأى الاجتماعى أو الارادة الالهية ، ومن ثم اذا كان هذا يتفق مع اعجابى يكون الأكثر دواما ، ويكون مضمونا ضد خطر خيبة الأمل . فى كلتا الحالتين فان تفوق القيمة المبنى على افتراضات حقيقية يكون كميا ، وانه يدل على مزيد من تحقيق الاهتمام وليس قيمة لنظام مختلف و؟اكثر جوهرية .
لقد تغلغلت الآن فى هذه الأرض المحظورة للابستمولوجيا ، فاسمحوا لى باضافة نقطة واحدة . أنا ارى ان هذا الجا نب من القيمة مشوشا بأسره من خلال استخدام مصطلح ( الحكم ) ففعل الاعجاب ، وخاصة عندما يكون انعكاسبا ووسيطا لذاته ولأسسه ، يكون غالبا منطوقا بوصفه ( حكم قيمة ) . وعادة مانعتقد بأن مانقوم به يمثل نوعا فريدا من الحكم . ولكن هذا الاعتقاد يرجع الى الافتقار الى التحليل . يعد هذا التفرد فى هذه الحالة أمرا معقدا .فاذا كنت معجبا بالموناليزا بوعى على أساس الا فتراض الواعى بأنها من عمل ليوناردو دافنشى فاننى أرى أننى قد حكمت مرتين .
-21-
الأولى : قد حكمت يأننى معجب باللوحة ولا يوجد شىء خاص فى هذا الحكم .فهو مثل الحكم بأننى أرى هذه النجوم . وهذا يختلف عن حكمك بأنك معجب بالصورة ، لأنه قد يقال بأنها تعكس تجربة معينة أكثر مباشرة عن الحقيقة . بوسعى أن أرى أسبابا وجيهة تشير الى أن هذا الحكم بمثابة حكم قيمة ، ولكن لايوجد شىء يجعله فريدا فى نوعه .
الثانية : أنا حكمت بأن ( ليونا ردو دافنشى )هو الذى رسم اللوحة . لاوجود لشىء خاص فى هذا الحكم .وبامكانك القيام به ، وهومن جميع النواحى الأساسية يشبه الحكم بأن الحرارة تسبب غليان الماء . وأنا لا أرى أى أسباب بخصوص هذا على اعتبار أن هذا يحدث ببساطة فى أى حكم قيمة لتحديد وجود القيمة . وبالاضافة الى هذين الحكمين فان حالة ذهنى المعقدة تتضمن اعجابى باللوحة . هذه هى الحقيقة المركزية ، ولكنها ليست أكثر من حكم وهذا غير دخولى الى اللوفر لرؤية اللوحة . انه – أى دخولى الى اللوفر – يشكل قيمة ولكنه لا يقدم حكما على اللوحة ، ويحدد حقيقة أو زيف الحكم بأننى معجب بها ، ولكنها هى نفسها ليست حقيقية أو زائفة . امزج هذه الاشياء الثلاثة بدقة فتحصل على الوعى بالمعيار أو التقد ير ، وبلوغ النجاح المؤكد للحقيقة دفعة واحدة ، وحقيقة ادعاء الحكم والواقعية واشارة خفية للافتراض .
------------------------
الهوامش
-1- رالف باتون بيرى Ralf Barton Berry :
رالف بارتون بيري، (من مواليد 3 يوليو 1876، بولتني، فيرمونت، الولايات المتحدة توفي 22 يناير 1957، كامبريدج، ماساشوستس)، فيلسوف الأمريكي يعتبر مؤسس المدرسة الواقعية الجديدة في الفلسفة البراغماتية الأميركية ، تأثر بشكل كبير من قبل ويليام جيمس . له العديد من المؤلفا ت منها:
The Approach to Philosophy, (1905 (
-22-
The Moral Economy, (1909
Present Philosophical Tendencies: A Critical Survey of Naturalism, Idealism, Pragmatism, and Realism, together with a Synopsis of the Philosophy of William James, (1912), .
The Free Man and the Soldier, (1916 .
General Theory of Value (1926)
Realms of Value, (1954)
وغيرها بالاضافة الى العديد من المقالات النشورة فى المجلات الفلسفية المختلفة .
- 2-قرئت هذه المقالة أمام الجمعية الفلسفية الامريكية فى 29 ديسمبر 1914فى افتتاح مناقشة القيمة (بيرى) .
- 3 -راجع الخطابين اللذ ين ساهما فى هذه المجلة – المجلد العاشر –ص 587 و ص 643 من (شيلدون واربان) – (بيرى)
(1873-1952) -Wilbur Marshall Urban ويلبر مارشال اربان
الفيلسوف الأمريكي ، وتأثر
بإرنست كاسيرر. كما كتب فى فلسفة الدين، الإكسيولوجيا، الأخلاق - وله العديد من المؤلفات والابحاث منها :
The Problem of a "Logic of the Emotions" and Affective Memory (1901)
Definition and Analysis of the Consciousness of Value (1907)
-Valuation: Its Nature and Laws, Being an Introduction to the General Theory of Value (1909)
-Ontological Problems of Value (1917)
-The Intelligible World: Metaphysics and Value (1929)
-The Philosophy of Language (1929)
-23-
-Fundamentals of Ethics: An Introduction to Moral Philosophy (1945)
Beyond Realism and Idealism (1949)
Humanity and Deity (195
ويلمون هنرى شيلدون – Wilmon Henry Sheldon ( 1875-1981 )
فيلسوف امريكى له العديد من الأعمال منها :
Strife of Systems and Productive Duality: An Essay in Philosophy. Harvard University Press. 1918.
America’s Progressive Philosophy. New Haven, CT: Yale University Press. 1942.
Process and Polarity (Woodbridge Lectures, Columbia University). 1944.
God and Polarity: A Synthesis of Philosophies. 1954
بالاضافة الى العديد من المقلات والبحوث المنشورة فى المجلات الفلسفية .
-4- (Wilhelm Windelband) ) فيلهلم فيندلبا ند ) (1848- 1915) -
فيلسوف المانى من الكانطيين الجدد – من اعماله
History of Philosophy (1893) (two volumes)
History of Ancient Philosophy (1899)
An Introduction to Philosophy (1895)
Theories in Logic (1912)
( 1836- 1882 ) توماس هل جرين (Thomas Hill Green) - 5-
من المدرسة المثالية البريطانية، والليبرالية الاجتماعية , اهتم بشكل خاص بفلسفة السياسة والاخلاق. وتأثر بالفلسفة التاريخية الميتافيزيقية عند هيجل . ومن اهم اعماله : the Prolegomena to Ethics
نسبة الى جون ديوى (Deweyan ) - 6- الديويه
- -24-
- ) 1853-1920 ( نسبة الى الكسيوس مينونج –(Meinongese ) - 7 -المينونجية
فيلسوف نمساوى واقعى قدم مساهمات إلى فلسفة العقل ونظرية القيمة وفى علم النفس – كتب اعمال بالالمانية وقد ترجم بعضها الى الانجليزية مثل :
-On Assumptions-1983
-On Emotional Presentation- 1927.
1981 -The Theory of Objects –
هذه الفقرة جاءت بالمصطلحات بالالمانية – 8 –
- (1863 -1936 ) هنريك ريكارت (Heinrich Rickert )- 9 -
فيلسوف المانى من ابرز الكانطيين الجدد – ترجمت بعض اعماله الى الانجليزية منها :
The-limit-s of Concept Formation in Natural Science -
Science and history: A critique of positivist epistemology (1962)-
( 1863-1916 ) -هوجو مونتسبيرج (Hugo Münsterberg )-
عالم النفس الامريكى الالمانى – اهتم بعلم النفس التطبيفى ا- قدم اعديد من الاعمال : منها
The principles of Art Education (1905)
Science and Idealism (1906)
Psychology and Crime (1908)
( 1859-1932 ) -كريستيا فون ايهرنفلز ( Christian von Ehrenfels ) -
فيلسوف نمساوى واحد مؤسسى الجشطلت – ودرس الفلسفة على برنتانو ومينونج
- 10 -أنا أعترف بوجود مشاكل هامة لن اتناولها هنا ، مثل مقياس القيمة والخصاثص المميزة لانواع القيمة مثل القيمة الاخلاقية والجمال والحق ، وما الى ذلك . ونشأة وتطورالقيمة وتحولها ، والغائية والقيمة والوجود ، وما الى ذلك . ( بيرى)
-25-
-11- راجع his "Principia Ethica," 5-14. (بيرى ) –
وذلك ل ( جورج ادوارد مور
-12- فرانز كليمنس أونوراتوس هيرمان برينتانو ( Franz Clemens Honoratus Hermann Brentano ( 1838- 1917) –
فيلسوف وعالم نفس المانى اثر فى العيد من الفلاسفة وعلماء النفس مثل سيجموند فرويد – ادموند هوسرل – مينونج .. وغيرهم . له العديد من الاعمال منها :
(1867) The Psychology of Aristotle
(1874) Psychology from an Empirical Standpoi
(1889) The Origin of our Knowledge of Right and Wrong
(1911) Aristotle and his World View
-13 – راجع : Winds of Doctrine," pages 138 ff (بيرى ) –
الكتاب ل ( جورج سانتيانا ) وبياناته كالاتى :
Sntayana G.: WIND OF DOCTRINE – CONTEMPORARY OPINION – J.MDENT SONS LTD – 1ST ED.1913 .
-14- Principia Ethica," page 10. (بيرى) -
-15 iCf. Sidgwick, "Methods of Ethics/ Bk. I., Ch. IX.--;-- Bk. III., Ch. XIV.
Moore, "Principia Ethica," Ch. VI.--;--(بيرى)
( بيرى - Sidgwick, op. cit., page 397 -16-
-17-With the possible exception of the consciousness of pain. Moore- Principia Ethica/ page 225.
-18- افضل عرض لهذا الرأى هو ماقدمه البروفيسور ( بالمر ) فى طبيعة الخير
جورج هربرت بالمر (George Herbert Palmer ) ( 1842-1933 ) –
-26-
باحث امريكى واستاذ جامعى من اهم اعماله :
Translation of The Odyssey (1884
The Field of Ethics (1901)
The Nature of Goodness (1904)
-19- Miinsterberg,Eternal Values – page66-(بيرى)
-20- هنرى والد جراف ستيوارت (Henry Waldgrave Stuart )-( 1870-1951 ) –
والبحث المشار اليه عنوانه كالاتى : (Valuation as a Logical Process)
وهو كان بمثابة الفصل العاشر فى كتاب
: Studies in Logical Theory edited by John Dewey. Chicago: University of Chicago (1903): 227-340.
: يستخم مينونج المصطلح بمعنى مماثل - انظر - 21-
his Fur die Psychologie und gegen den allgemeinen Werttheorie Psychologismus in der allgemeinen Werttheorie . Logos, Vol. III. (1912), page7
-22-This is perhaps the same as Dr. Anderson s view that l the test of a
value is its influence upon activity." Cf. his " Social Value," page 104.
- 23 -مالم يتخلى المرء عن وجهة النظر الحالية ويحصر القيمة فى تحقيق الاهتمام االمبنى على الحقيقة . وقيمة الإنجاز الجزئي. راجع ادناه ( بيرى )
) هناك أيضا، بطبيعة الحال، وقيمة الإنجاز الجزئي.( بيرى )- 24-
- 25 -Cf. Dewey, "The Problem of Values," this JOURNAL, Vol. X., page 269- Meinong, op. cit., page 12--;-- Urban, op. tit., page 21
- 26 - Cf. "The New Realism," pages 308-355.
ادوين بيسيل هولت (Edwin Bissell Holt ) ( 1873- 1946 ) – أستاذ الفلسفة وعلم النفس بجامعة هارفارد وأستاذ زائر بجامعة برينستون - من أعماله :
-27-
“The Place of Illusory Experience in a Realistic World.” (1912).
The Concept of Consciousness. (1914)
The Freudian Wish and Its Place in Ethics. (1915)
-27-iCf. Also below, pages 161, 162. اى صفحات المجلة هذه وهى الصفحات الاخيرةمن هذه المقا لة .
- 28 – Cf. his “ Ethics, Chs. III., IV.
- 29 –لقد تمت صياغة الحجة ضد الحق ، ولكنها استخدمت ضد الخير - Cf. “Ethics,” pages 111 ff., 164 ff. ( بيرى )
- 30 – Moore, ibid., pages 167 ff
- 31 – CF. Green, “Prolegomena,” pages 118, 154, 171--;-- Mackenzie, “Notes
On the Theory of Value,” Mind, N. S., Vol. IV., and “Introduction to Social Philosophy, second edition, pages 266 ff.
–32- Muristerberg, “Philosophic der Werte, page 74
اوافق على انه مما يجب علينا هو ان يكون الاستقراء والسعى الى الوصول الى تعريف القيم من خلال دراسة الحالات ، ولكن بداية ان الاقتراح بمكن ان يكون فى هذه الحالة أكثر من مجرد التقدير التقريبى ، وهى منطقة يحفها الغموض – فى- او بالقرب من الكيان الذى نسميه القيمة . وليس بوسع المرء جمع القيم كما يحمع الفراشات ، والمضى بعيدا الى مختبر مع توكيدات بأن ذلك المرء قد تملك فى شبكته كل ، وليس أكثر من كل ،مايسعى اليه .
لايوجد ثقب حول حواف القيم لتحديد الخط الذى تكون منفصلة عنده . والمهمة العظيمة هى اقتفاء الحدود وفصل الكيان من خلال عمل من أعمال التمييز . لوحة (الموناليزا) لوحة جيدة وتعد سرقتها عملا شريرا . ولكن من اجل اضافتها الى مجموعتى ذات القيمة، مالذى يجب ان تتضمنه ؟ هل كل ذلك مما يجعل الموناليزا جيدة وهى فى اطارها ؟ هناك على الاقل بعض الاسس التى تؤكد أن الموناليزا جيدة بقدر ماتنطوى عليه من متعة او شعبية او تاريخ . وبالمثل هناك من يرى ان السرقة شر يجب ان تؤخذ فى الاعتبار لتشمل ضمير اللص ،او الحكم الجماعى للا زمنة او تعاسة فرنسا . فاذا افترضت ان الموناليزا الموجودة بين يدى جيدة ،ويجب على مقارنتها مباشرة بالمال الموجود فى جيبى بهدف اكتشاف البنية المشتركة ، وقد الزمت نفسى بالعمل على مجموعة محدودة من الاحتمالات البنيوية . من جهة اخرى اذاكان لى ان استفسر بعناية اكثر عن علاقة موناليزا المادية بالمواقف والاحكام الصاد رة عن الكائنات الحية ،أو بمزاعم واراء المجتمعات .اود ان اسير على القاعدة المعرفية التى امرنا بها السيدان (ابران )(وشيلدون )واوجبا علينا عدم انتهاكها . من هذين الشرين سوف اختار الاخير .وسوف آثم لانه من الغرابة ان ارى ما يوجد هناك ،واظن ان السيد ين -ابران وشيلدون -سوف يتبعانى الا اذا ابعدانى .
-2-
( يبدو أننى ارى آثار اقدام البرفيسور اربان هناك بالفعل ) .
على اى حال انا متفق مع البروفيسور شيلدون على الطريقة التى بها نستطيع معا بذل قصارى جهدنا كقائد ين لهذه المناقشة. ولابد ان نسعى لتجنب ابتزاز الاراء عن طريق اكتشاف لغة مشتركة ، اذا كان ذلك ممكنا .
فهناك الكلاسيكيون الذين يتحدثون بطريقة انقى من افلاطون ، والاخرون الذين ينتمون لغويا للاسرة
الكبيرة ل "كانط " وتعلموا وهم يجلسون على ركبتى امهاتهم الحد يث بتلعثم بمقاطع فضفاضة من فيند لباند "4" و جرين "5" ، وبعض الذين يتحدثون فيما ببنهم حصريا بلهجات جديدة معروفة باسم الديوية"6" والمينونجية" 7" ولايوجد حتى الان حزب كوزموبوليتانى يمكنه التحدث بجميع هذه اللغات ويفكر بشكل متوال الانتقال بين مصطلحات "8": الحكم والمعايير والشعور الفورى وماينبغى ان تكون عليه عملية التقويم ، ودرجة الادراك ، والتهيؤ ، والمفيد بشكل هامشى ، والاكسيولوجيا ، والارادة الفردية المفرطة ، والقيمة والقيم والتقويم والتقدير واستمرارية القيمة ، وما له قيمة وحكم القيمة ، ووجود القيمة ، وخبرة القيمة ، ومفهوم القيمة ، ونظام القيم ، والقيم المعطاة .
ونادرا مايكون من المتوقع الانخراط يشكل مريح فى النزاع بين ( ريكارت ومونستربيرج او مينونج وايهرنفلز اوديوى وستيوارت )"9" . لكن هناك التزام للمرء بمراجعة الوضع الراهن لمسألة التصنيف لوجهات النظر التى جاءت من منظور دخيل – كما رأى البعض - . المحاولة الموجودة فى مثل هذه المواجهة تميل باتجاه لغة عالمية او باتجاه مناشدة من نوع خاص اومن رموز احزاب باتجاه موضوعات شائعة .
لتعزيز هذه الغاية سوف اقوم بمحاولة تصنيف نقدى لتعريف القيمة"10" .وبالطبع سوف أخون نفسى فى كثير من المصطلحات البسيطة والمتحيزة ، ولكنك سوف تمنحنى الثقة بالنسبة لجهودى وانا آمل فى التفوق فى بلوغ الهدف .
( I )
المشكلة الاساسيةلنظرية القيمة، هى مشكلة تعريف بقدر ماهى مشكلة فلسفية . فلوكان سقراط هنا كان يقول : ( الان اريد أن تخبرنى ما اذا كانت القيمة كلا واحدا وفيها الفضيلة والجمال والثروة اجزاء ، او ما اذاكانت كل هذه ليست سوى اسماء لنفس الشىء الواحد .هل هى اجزاء لنفس المعنى الذى فيه الفم والعينين والاذنين أجزاء للوجه ، أو أنها اجزاء من الذهب يختلف عن الكل أو عن بعضها البعض فحسب فى أنه أكبر أو أصغر ؟ وعلينا ان نمعن النظر ليس فى العديد من جوانب القيمة ، بل فى الصفة الباطنية للقيمة . ما هى القيمة من حيث المبدأ الاسا سى ؟ وما هى القيمة يصفة عامة ؟
-3-
( أ) فى الاضطلاع للاجابة على هذا السؤال نجد انفسنا منذ البداية أمام تحديات من قبل أولئك الذين يؤكدون على عدم امكانية تعريف القيمة . الرأى الذى ينادى به ( سيد جويك) قبل جيل واحد واعيد مؤخرا من قبل (برتراند راسل ) و( ج. ا. مور )"11" (وبرنتانو)" 12" وسانتيانا ، ويبدو انهم يستندون الى اساسين مستقلين .
-1- فى المقام الاول ، القيمة وصفية أكثر من كونها ذاتية ، ولا يمكن ان تعرف بأى ىشىء من الاشياء التى تستند اليها . ليس هناك شىء مثل المتعة التى يمكن للمرء ان يقول بأنها وحدها ذات قيمة ، لانه من الممكن اضافة شىء آخر دائما مثل المعرفة مما يؤدى الى المزيد من القيمة او الاقلال منها . وبوسعنا تعريف الشىء ذى القيمة فحسب باعتباره الشىء الحاصل على القيمة ، وبعبارة اخرى، ليس بوسعنا تحديده تقريبا . ولكن هذه الحجة تنهض على فكرة خاطئة فبطبيعة الحال من المستحيل تعريف المحمول بالمصطلحات التى يستند اليها ، والا فلن يكون هناك اى فرق بين الموضوع والمحمول .ولكن لايترتب على ذلك ان المحمول لايمكن تعريفه .
الشاطىء مسطح وليس بوسعى تحديد تعريف للمسطح بمصطلح الشاطىء . واذا اضفت شواطىء اخرى أكثر ،فانها قد تتوقف عن ان تكون مسطحة ، ولكن لايتبع ذلك ان المسطح لايمكن تعريفه . قد يكون من غير الممكن تعريفه لعدم امكانية تحليله ، ولكن هذا بوضوح ليس القضية . ومن المؤكد انه ليس هناك فى طبيعة المحمول شيئا يتطلب ان يكون بسيطا . وفى حالة القيمة تصبح المسالة مسألة واقع .
لاتوجد اية علاقة بين بساطة الصفة المحددة والمظهر غير الدحدد لوظيفة المحمول . وقد كان ( مور) قادرا على البرهنة بشكل شامل – مع انه لم يفعل ذلك – على ان اى شىء من الاشياء يمكن ان يكون خيرا ايا كان ، ولاشىء يترتب فى هذا الصدد على بساطة او تعقيد الخير . الا اذا ثبت ان الخير بسيط فيجب ان يترتب على ذلك ان بعض الاشياء يمكن ان تكون خيرا .
من الممكن تماما كما فعل سانتايانا فى انتقاده لقول راسل "13"بأن الخير بسيط ، ولكن وجود شىء خير يعنى ان الخير يعزى اليه بشكل عاطفى ، لذا لايكون الشىء خيرا الا فيما يتعلق بالرغبة . ويصبح السؤال باختصار ، بالنسبة للطبيعة والظروف الدقيقة عن الصلة المتعلقة بالخير .ومسألة البساطة وعدم القابلية لتعريف القيمة الاصلية مسألة مستقلة .
-2- ليس مور وراسل بل سانتايانا وبرنتانو وغيرهم ايضا يؤكون ان طابع القيمة سواء كان مااصطلح على انه نادر اوخير اوماينبغى ، لايمكن تحليله .
ولكن لكى نجد خاصية لايمكن تعريفها ، لابد ان يكون المرء حاصلا عليها . بعبارة اخرى لن يحدث ان نعلن ان القيمة لايمكن تعريفها لان المرء لايستطيع تعريفها . يجب على المرء ان يكو ن مستعدا
-4-
للاشارةالى الصفة المميزة التى تظهر فى هذا المجال وتشير اليها مصطلحاتنا عن القيمة والتى تختلف
عن شكل الموضوع وحجمه وعن الترابط بين اجزائه ، وعن علاقاته بالموضوعات الاخرى وبالذات وعن كل العوامل الاخرى التى تنتمى الى نفس السياق ، ولكنها محددة من خلال كلمات اخرى غير الخير والحق والقيمة ،وما الى ذلك . وانا لاأجد هذه الرواسب .
مقارنة مور الخير بالصفة (أصفر )"14" تبدو لىمجرد افتراض . سوف يكون الخير مثل الاصفر اذا كان صفة بسيطة . لكن اذا كانت الحقيقة الامبريقية ان الخير ليس مثل الاصفر ويقال بانه ليس صفة بسيطة . وليست هناك صعوبة اكثر من معانى المصطلحات التى تشير اليها الصفات البسيطة ، وليس هناك اختلاف جدى فى الرأى على الا رجح بالنسبة لتصنيفها . فالاشياء تتقلدها جهارا ويلاحظ العابر ذلك .
لكن لا أحد ممن قرءوا الملاحظات الجادة ل (سيد جويك ) او ( مور ) بخصوص ما اذا كانت االاشياء خيرا أم ليست خيرا" 15" فهل يمكن ان ننخدع للحظة بافتراض ان تصورهما الاخلاقى قد اضىء بناءا على الصفة التى قدما تقريرا عنها لصا لحنا . انهما ينسبان الخير بطرق متنوعة الى الاشياء التى تعد بصفة عامة جيدة ، حتى فى نوبة الا لهام يتم الانتقال الى القول بأن ( المرغوب فيه بوعى هو ما يمكن ان نعتبره خيرا اساسيا )"16" ، وان جميع الخيرات العظيمة والشرور العظيمة تنطوى على المعرفة والانفعال الموجه باتجاه موضوعها"17" . هذه التاكيدات معقولة لانها مثل الرأى القائل بان الخير نفسه يتشكل فى الوعى المرغوب فيه أو فى الموقف الانفعالى المعرفى تجاه الموضوع . بالنسبة لمؤلفينا هما يعنيان ان الاستقراء قد وصل بعد مراقبة مطولة لللمكان الذى ترتكز فيه صفة الخير البسيطة التى لا يمكن تعريفها . وكان يجب ان تستقر بشكل دائم على الوعى المرغوب فيه ، او الموقف الانفعالى المعرفى باعتباره مكانها ويجب على مؤلفينا ان يمتلكا الجدة وروعة الحقيقة الخالصة .اما بالنبسة للبعض من قرائهما مثلى ، تلك النتائج تبدو اعادة اكتشاف شاقة للا فتراضات او انشطار الهوية فى حكم تركيبى من خلال تشىء الكلمة .
توجد اسباب وجيهة اخرى لرفض مذهب عدم القابلية للتعريف ، ولكن بوسعى هنا عدم ذكرها بصراحة . ففى المقام الاول اضطر هذا المذهب الى اضافة عدم تعريف الخير الى عدم تعريف الشر ، وفى هذه الحالة اظن ان العلاقة الغريبة وذات المغزى من الاستقطاب الموجودة بين الخير والشر لم تصبح عدم القابلية للتعريف فحسب بل وعدم القابلية للفهم ايضا . وفى نفس الوقت فان مسألة الدرجة والاحجام النسبية للقيمة تبقى فى الظلام الدامس أكثر مما كانت من قبل .
وفى المقام الثانى ، يقدم انصار عدم القابلية للتعريف لانفسه اسبابا قليلة للغاية وتظل ظاهرة
-5-
ظهور واختفاء وازدياد أو تراجع القيم بدون تفسير تماما . أخيرا ، يعد مذهب عدم القابلية للتعريف
مرفوضا على أسس منهجية بحتة . من السهل والمريح ان نخطىء بساطة معرفتنا الخاصة بسبب بساطة الموضوع ، ذلك أننى أعتقد بان تكون فرضية البساطة هى الملاذ الاخير مع افتراض ضدها حتى تتم محاولة كل بديل ويتم العثور على الرغبة .
( II )
فى العادة كانت القابلية لتعريف القيمة مفترضة . هناك بلا شك الكثير من الالتباس ، كما أشار مور فى فكرة الشىء الحاصل على القيمة أو الخير . لكن معظم – ان لم يكن كل - وجهات النظر الكلاسيكية يمكن أن تذكر باعتبارها تعريفات لمحمول القيمة . ووجهات النظر التى أود ان ألفت اليها الانتباه نادرة ، حتى لو كانت تحمل النقاء التام . وان كانت مستقلة – من الناحية النظرية – على اية حال – وبرزت بشكل واضح فى كل النظريا ت القديمة والحديثة عن القيمة .
أولى فى وجهات النظر هذه هى وجهة النظر القائلة بأن القيمة تتشكل فى علاقة الانسجام"18" والملاءمة وتجد الاتصال بالحس السليم فى التعبير الشعبى ( خير من أجل ) . فأن تمتلك قيمة يعنى أن تكون حالة . لكن هذه العلاقة شاملة للغاية لتمييز تلك الظواهر التى تقوم على أساسها علوم القيمة ، ومن الملاحظ ان تعبير ( الخير من اجل ) مطبق بشكل شبه دائم على الحالات الملا ئمة للخير ، وقيمة النتيجة المتوقعة فى فكرة السبب . وماهو خير من أجل لاشىء يعد ملا ئما لما ليس بخير ، فهو لايفتقر للملاءمة ، بل ملائم فحسب لنفايات السلة او كومة الحطام . وهى وجهة النظر نفسها فى شكل معدل وأكثر قدرة على الدفاع مؤكدة أن طبيعة القيمة تكمن فى الملاءمة أو فى العلاقة العضوية للترابط . ولكن هذا الرأى مدعوم من خلال الامثلة التى يسهم فيها الترابط فى وجود كل ما يعد خيرا فى بعض المعانى الاخرى، كما هو الحال بالنسبة للكائن المادى ، او الذى يفضى الترابط فيه الى وجود الافراد الخيرين فى بعض المعانى الاخرى ، كما هو الحال فى الجماعة الاجتماعية . أوضح حالات الترابط وابسطها موجودة بين الآليات ، على سبيل المثال ، كنظام الجاذبية بأجرامه وسرعاتها ومسارت حركتها التبادلية . ولكن هذه الامثلة ليس من المألوف الاشارة اليها ، أو اذا أشير اليها فانها تستخدم حقا ليس لتوضيح الترابط بل الوحدة . على هذا النحو ، وانها تشبع المطالب الجمالية والفكرية ، ولا اعتقد انها تعتبركأمثلة عن القيمة تصور بدقة على النحو الموجود دون علاقة بأى تأمل أو عقل طموح .
( III )
-6-
هناك وجهة نظر ثانية ، مثل وجهة نظر الانسجام أو الملاءمة ، تغرى بالعبارة المألوفة وتحدد
الخير بعلاقة شكلية . فى هذه الحالة ( الخير من نوعه ) والعلاقة هى علاقة الخاص بالعام . الاسم المألوف لهذا الرأى هو ( رأى تحقيق الذات ) ، ولكن هذه العبارة غا مضة تماما . انها تعنى تحقيق الذات ، أ و قد تعنى التحقيق الذاتى لاى شىء، أى التمثيلى أو التمثيل الكامل لتلك السمات أو القدرات المتميزة لهذا النوع الذى يعد حالة . تحقيق الذات بالمعنى الاول ينتمى الى نوع آخر من الناحية النظرية نكى تتم دراسته لاحقا ، فيما يتم تعريف الخير فى علاقته بالاهتمام .
اما تحقيق الذات بالمعنى الثانى فهو ما يتعين علينا القيام به هنا . لكن عندما يتم التمييز يبرز الشك دفعة واحدة ما اذا كان قد تم فى اى وقت مضى دون وجود الالتباس مع الاول . علاقة الحالة بنوعها مجردة للغاية وعامة لخدمة اغراض خاصة لعلوم القيمة . والخير بأى معنى ليس بوسعه أن ينفى أى شىء . اذا كان ( أ ) هو م الافضل من (ب) ، ويترتب على ذلك أن (ب) هو ن افضل من (أ) . كل شىء مثال اكثر سطوعا من بعض الشىء . أسوأ نموذج للانسان قد يكون النموذج الاكثر مثالية فى ادمان الشرب أو ضيق الافق .
هذا المثال مقترح من الالتباسات التى تقدم المعقولية لوجهة النظر . أيا ما كان التجسيد الكافى لنوع متصور فعلا على انه خير فانه يعكس جيدا ذلك الخير . الانسا ن الافضل يكون الانسان الأكثر خيرا وأكثر رجولة . لايكمن الخير هنا فى العلاقة المجردة للخاص بالعام ، بن انها تقتبس من طبيعة العام نفسها. والثمل النموذجى ليس له قيمة فى هذ ا المعنى . ولكن يعد الاهتمام المعرفى والجمالى خيرا، وتمثيل العام فى الخاص لايوفر مثل هذا الاشباع بما يتناسب مع كفاية أو وضوح التمثيل .وان الحالة الجيدة لادمان الشرب تسهل الفهم والاظهار العملى للخلل الجينى . وبا لتالى فان الخير لايكمن فى العلاقة المجردة ، بل فى حقيقة أن العلاقة ذات فائدة أو ممتعة .
باختصار النموذجى أمر جيدعندما يمثل الخير فى بغض المعانى الاخرى ، أو عندما يوجد الطلب على النموذجى بصفته هذه . بحذف هذه الشروط الضرورية والنمذجة نمضى بعيدا جدا خارج هذا المجال ، وهذه سمة منتشرة فى عالمنا ،حتى يتم تحديدها مع القيمة .
لكن المثال المذكور اعلاه يتضمن اقتراحا آخر .قد يكون من المؤكد أن القيمة تناسب درجة ادراك عمومية ، وأن هذا يمثل الفرق بين الانسا ن الخير والثمل الجيد .كما أن الرجولة لها الاسبقية على ادمان الشرب ، وهكذا فان العام المطلق يجب أن يستحوذ على أسبقية الرجولة ،وتكمن القيمة فى الدرجة التى يعكس فيها الخاص مجمل الوجود. ولكن هنا مرة ثانية أوقن انه لايمكن أن يشكل العام المجرد فى حد ذاته الخير .
اذا كان هذا هو الحال ،فسيكون من المناسب اعتبار الجانب الميكانيكى للطبيعة البشرية على نحو
-7-
أفضل من جانبها الغائى بافتراض الميتافيزيقا المادية ،أو الجريمة والمعاناة غير المستحقة على نحو
أفضل من الانصاف والسعادة بافتراض أنهما يتميزان بمزيد من التمرد والعناد والانحراف لعالم الصدفة ،أو العامل المجرد للكينونة باعتبار الميزة الافضل للحياة على أساس التعددية حيث لاوجود لميزة عامة أخرى.
ولتجنب مثل هذه التناقضات لابد من ادخال الافتراض المادى . فبوسع المرء افتراض ان الكون يحقق الغرض بحيث يقدم الاهتمام الخاص ثمرته . أو أن المرء يفترض أن الكون ككل خير ،وبقدر ماهو خاص يعكس ماهو عام ويعكس الخير . ويجوز للمرء أن يفترض أن الاهتمام بما هو عام ، اهتمام فلسفي ،ويحكم على مستويات التحصيل الفكرى من خلال ذلك ، وربما مضينا الى الزعم بأنه من خلال التعرف على نفسه مع هذا الاهتمام يمكن أن يكون الانسان سعيدا بالتأكيد . ولكن فى كل هذه الحالات يكون تعريف القيمة متغيرا ، وتصبح العلاقة المجردة بين الخاص والعام عرضية أو وسيلية .
( IV )
جميع وحهات النظر التى نا قشت ا القيمة حتى الآن باعتبارها غير قابلة للتعريف ،وبانها ملاءمة وانسجام ،ونموذجية أو عامة ،يمكننى القول بأننى أتفق مع تمييز القيمة أو الخير دون الاشارة الى حقيقة التحيز أو الاهتمام. والاعتقاد بأن هذه الحقيقة أو علاقاتها المميزة ،هى القيمة الحائزة على التعبير الاكثر شيوعا فى نظرية المتعة أو مذهب اللذة . وربما كان هذا المذهب هو الاكثر قدما والاكثر شعبية على وجه الدقة . وانه يعبر عن عدد مختلف على نطاق واسع وتاريخيا ، ومستقل بدرجة أكثر أو أقل ، ودوافع متنازعة ، مثل ، على سبيل المثال ، الشكوك والانانية والنزعة النفسية والنزعة الحذرة والنزعة المادية والنزعة الانسانية ونزعة محبة الخير . وسوف أفسر هذه العقيدة بدقة على أنها تعرف الخير والشر من خلال حالتى اللذة والا لم على التوالى . يعد الشىء خيرا جوهريا بقدر ما هو ممتع ، أو خيراخارجيا بقدر ما يسبب من متعة .
وحتى الان ، الغريب بما فيه الكفاية ، ومن المشكوك فيه ، ما اذا كان هذا الرأى قد ظل قائما فى دائما فى هذه الصيغة الصارمة . ان الشائع فى النزاعات التى تتعلق بمذ هب المتعة افتراض أن القيمة تتشكل بشكل نهائى فى وجود الاعجاب . ويؤكد انصار مذهب اللذة على أن المتعة مرغوبة لذاتها ، فى حين يصر نقادها على أن الا نسان يرغب فى أشياء أخرى أيضا وربما لا يكون راضيا عن مجرد المتعة . نصير مذهب المتعة فى هذا النزاع ليس مغلوبا فحسب بل انه تخلى عمليا عن رأيه كطرف فى النزاع . قد يقول قائل بأن الخلاف على مذهب المتعة قد تم تقديمه بشكل أساسى دون علاقة بسؤال ( ما الخير ؟) – كصفة – بل بالسؤال عن ( الخير ) - كموضوع - ، وكلا الطرفين متفقين على أن الخير يتشكل فى وجود ما هو مرغوب ،ونصير مذهب المتعة يؤكد على أن حالة المتعة هى الحالة الوحيدة للشىء المرغوب
-8-
فيه .
ان لم يكن من سمات حالة المتعة أن نصيرها يحاول أن يحتفظ بها عندما تكون موجودة ، او الحصول عليها عندما تكون غائبة ،وفى حالة الالم فانه يميل الى التخلص منها عندما توجد ، ويتجنبها عندما تكون غائبة ، وهذه الحالات على الارجح لاتشغل نفسها بأى نوع من انواع الحكم على تعريفات الخير والشر . والان فان المفهوم بشكل جلى يعنى أن المرء يحاول ان يحافظ ويحصل على أشياء أخرى غير المتعة ، وفى بعض الاحيان حتى الا لم نفسه ، وانه يحاول ايقاف أو تجنب أشياء أخرى غير الا لم ، حتى المتعة فى حد ذاتها ،ونصير مذهب المتعة يتفق مع هذا الرأى الاخير ، باعتباره بالاحرى توضيحا وتصحيحا لوجهة نظره السا بقة أكثر من اعتباره نقضا لها .
جوهر المسألة يكمن فى التمييز بين الموقف العاطفى الحركى أو الحافز ، واللذة والا لم كمضامين نوعية محددة للوعى .ويكمن السؤال فى ذلك الجزء الوارد فى علم النفس ، وهو للاسف يخص نظرية القيمة وكل العلوم الاجتماعية التى بحثت بدقة على الاقل .ولكن يبدو أنه تم تأسيسها لأن من المحتمل أن تكون مثل الا لم ،أو النفور من الرائحة الكريهة الاكثر قوة من الالم الطفيف "19"
بالطبع من الممكن لمذهب اللذة الحصول على النصر الا سمى من خلال تعريف الاعجاب ب ( الحصول على المتعة بالشىء ) والبغض ل ( العثور على الالم ) . ولكن مثل هذه المصطلحات تبدو فحسب لطمس التمييز الامبريقى والهام . لايمكن تحديد الاعجاب بدقة بالتأكيد مع حالة أو مضمون نوع
يتجلى من خدش الجلد أو حكه أو ارتواء الظمأ . خاصية الاعجاب هذه الموجهة الى الموضوع هى
المحرك أو المحفز ، والمتعة التى ، حتى لو كانت حاضرة دائما ،هى بالتأكيد لاتتناسب مع ما يمكن أن يسمى بدرجة الاعجاب . ومن ثم فان مذهب اللذة هو تفسير ضيق جدا لوجهة نظر هى بشكل جوهرى ليست مذهب اللذة على الاطلاق . والى هذا الرأى سوف انتقل الان .
V
لقد ظل فى وقتنا الحاضر مع شىء يشبه الاجماع أن القيمة بالمعنى العام لها صلة بثابت معين يمكن ان نسميه تحيزا أو اهتماما . ولقد وجدنا أن الجهود لتعريف القيمة بمصطلحات أخرى، وحتى حجة عد م القابلية للتعريف ،اشارة لا لبس فيها لهذا الثابت .وتبرير هذا الرأى يكمن فى حقيقة أن التحيز أو الاهتمام ،بانواعهما المتشعبة ، والشروط والعلاقات يقدمان أفضل الوسائل المنهجية التى تصف ذلك المجال من عالمنا والذى تشير اليه علوم القيمة ومفردات القيمة . وعلى أية حال ، مما لاشك فيه يبدو
-9-
أن معظم خلافاتنا فى الرأى تكمن فى وجهة النظر هذه . فهى واسعة ومرنة بما فيه الكفاية لاحتواء
وجهات نظر متباينة مثل ( تحقيق الذات ) لدى (جرين ) و (برادلى ) واتباعهما ، ومثل (فيند لباند ) فى ( الحكم ) وريكارت فى (الشعور بالا لتزام المباشر) ويسترمارك "20" فى ( الانفعالات والعقاب ) وسانتايانا فى ( المتعة الموضوعية ) وستيوارت فى ( عملية التقويم )ومينونج فى( حكم الاحساس ) ورويس فى (الاخلاص ) وعدد لايحصى من المفاهيم التى ترشد نا وتثقفنا وتفرق بيننا .
التأ كيد بأن تحقيق الاهتمام ضرورى للقيمة شىء والقول بأنه يشكل تعريفا كافيا يعد شيئا آخر . بعبارة أخرى ، من الممكن الحفاظ على الرضا بالاهتمام باعتباره قيمة ، أوالحفاظ على تلك القيمة المؤهلة للرضا بالاهتمام . وأنا سوف أذكر الرأى السابق أولا ،ثم الرأى الذى من شأنه أن ينكر ذلك تماما ، وأخيرا الرأى أو الاراء التى ارى أنها مؤهلة لذلك .
( 1)
اولا – الرأى القائل بأن القيمة تتمثل فى تحقيق الاهتمام فى حد ذاته . ولقد اخترت اللغة المميزة التى أعتقد أنها أقل تضليلا ، ولكن ذلك يتطلب تفسيرا. فالحقيقة المركزية لهذا الرأى هى قطبية المواقف الوجدانية المحركة . فالكائنات الحية والكائنات االواعية تتصرف تجاه موضوعات معينة أوأهداف معينة شائعة نحو الكره والخوف والاشمئزاز والنفور ببذل الجهد للتخاص منها أو تجنبها .وأنا اقترح تعميم مصطلحى الاعجاب والكره ( البغض ) ، واستعمالهما للاشارة الى هذين التيارين الفكريين
الاعجاب والبغض وثيقى الصلة على اعتبار أن أحدهما يثبط الاخر ،ولايمكن أن يوجها معا الى نفس الموضوع فى نفس الوقت وبنفس التقدير .انهما غالبا مايكونا ، ولكن ليس دائما ، موجهين الى الموضوعات التى لد يها محمولات متقابلة أو متناقضة ( كما هو الحال عندما يعجب امرء بالنساء ذوات الانوثة ويبغض االنساء المسترجلات ) . وفضلا عن ذلك كل ما يبدو تعزيزا لموضوع واحد من هذه الانماط يصبح موضوعا لهذا النمط نفسه ، ولكن أيا كان ما يبدو لتدمير موضوع أحد هذه الانماط يصبح موضوعا للنمط المقابل . وبعبارة أخرى،يكون الشىء مرغوبا لتعزيزه موضوع الاعجاب أو يضر موضوع الكراهية : وهذا الشى مكروه لتعزيز موضوع الكره أو يضر موضوع الاعجاب . من الواضح علاوة على ذلك ، أن الاعجاب أو البغض قد يكونا مزاجيين بل وان كلا منهما فعال فى تثبيط نقيضه أو فى تحديد هذه الانماط المشتقه منه . وبما أن المرغوب فيه يمتلك مصطلحا يدل على هذاالنوع العام من رد الفعل فاننى سوف استعمل مصطلح ( اهتمام ) ليعنى اعجاب الذات بالموضوع أو بغضها له، بما فى ذلك اشتقاقاتهما أو أشكال ميولهما "22" .
وفقا لرأينا الحالى ،تتشكل القيمة فى تحقيق التحيز والاهتمام . ويقال ان موضوعا عاما حاصلا على القيمة بقدر مايتحقق الاهتمام ، أوبافتراض علاقة بين الانجاز والاهتمام ، حيث يتم استخدام الانجاز
-10-
بمعنى عام لاتمام اما الاعجاب أو البغض . عند هذه النقطة تضغط علينا أسئلة كثيرة . انها قد تكون
معظم الاسئلة ذات المغزى والمزعجة على مدار الساعة فى مجال هذا البحث ، وليس بوسعى ادعاء الرد عليهافى هذا المقال حتى لوكانت الاجابات جاهزة فى ذهنى . ولكن لابد لى على الاقل أن أوضح ثلاثا من هذه الاسئلة ، وربما كان بوسعى القيام بنشاط محفز لها أفضل من خلال تأكيدى على عقيدتى الخاصة
( أ )
أولا هناك مسالة الاولوية النسبية للشعور والرغبة ، وبعبارة أخرى، هل تتشكل القيمة أساسا فى وجود الاعجاب أو البغض ،أو فى الحصول على ما نعجب به أو ما نبغضه ؟ لايبدو من المعقول أن نربط بين القيم اما مع الاستمتاع الهادىء أو مع الجهد المطرد . من ناحية أخرى ليس بوسع المرء الا توحيدهما . ويبدوأن هذا ممكنا اذا تعرفنا على العامل المحرك للشعور وعامل الاستحواذ المحتمل للرغبة "23" . أن تعجب بموضوع فى الوقت الحالى يعنى أن تسعى الى مضاعفته ، وبالتالى فهى ليست ظاهرة ثابتة فحسب بعد كل شىء . ولا تمام الرغبة يعنى أن تحقق الموضوع من خلال بذل الجهد ، وذلك ليس مسألة عدم امتلاك .
وهكذا فان الاختلاف قد خفف على الرغم من انه لايزال أحد المباد ىء الاساسية للتصنيف . هناك القيم الحالية والقيم المرتقبة ، وفقا للفعل الموجه الى مضاعفته ولتحقيق الموضوع . مايتم التمتع به فى الاستحواذ لاينبغى فقدانه والسعى الى عدم وجوده ، وما التمس وحقق قد يكون يلا قيمة بعد امتلاكه . وحتى من الممكن أن يتم التمسك بالمخيف والتمتع به عندما يمتلك ، ويكون ا لمرغوب مكروها ومرفوضا .
( ب)
والسؤال الثانى الذى تمت اثارته فعلا ، هل يجب أن يكون الشىء من أجل امتلاك القيمة ؟
يبدو أن الشىء الوحيد الواضح هو أن يكون هناك مصطلح ازاء مايتم توجيهه الى الاهتمام أو التحيز . فلا يمكن أن يكون هناك الاعجاب أو البغض ما لم يكن هناك الشىء الذى نعجب به أو نبغضه . ولكن هذا التصريح يجب أن يكون حذرا وملطفا . فما هو مرغوب يجب أن يكون قادرا على العمل كدافع ، فالمرء يحب التملك أو انفاق المال أو يحب الصديق أو يحب الازدهار ،حيث تدل الصيغة اللفظية على الفعل المحتمل أو الحالة المشروطة بالارادة . وعندما تكون هذه الحالة موجودة يمكن القول بوجود القيمة . ولكن الحالة يمكن أن تكون موجودة وعادة ما يتم تقديمها أو تمثيلها . ومن المهم أن نلاحظ أنه قد يكون كافيا أن يكون التقديم أو التمثيل يجب أن يكون موجودا"24"
-11-
وأنا قد أرغب فى رؤية صديقى معافى أو التفكير فى أن تكون ممتلكاتى آمنة . ومن ثم فان اعجابى
لا يتأثر بمرض صديقى الفعلى أو تدمير الممتلكات الخاصة بى ، وتظل انطباعاتى وقناعاتى دون تغيير . أو أن حالة الاعجاب قد تكون حالة افتراضية أو محض خيال . أنا أميل الى افتراض أن الله يحبنى أو اتخيل أننى ثرى .فى هاتين الحالتين ليس من الضرورى أن تكون الامور كما افترض أو اتخيل . والرغبة تشكل مثالا للاهتمام .اذا أنا سعيت للثروة ، فمن ثم بهذه العلاقة يكون التحقيق الفعلى أمرا جيدا فحسب .ولكن قد أكون بالفعل فقيرا ومع ذلك أكون راضيا ومقتنعا بأننى سأصبح ثريا أو اننى استمتع باحتمال تصور ذلك . وبالتالى فان مسار الانجاز المسبق الى ذروته قد يكون مساعدا مع القيم التعويضية للايمان والوهم .
بما أن مينونج قد ساهم الى حد كبير فى استغلال هذه المسألة وبما أننى اتفقت الى حد كبير مع ما قد اتخذت ليكون ذا معنى ، قد يكون حسنا أن أشير الى اأنه قد تم التركيز المفرط على دور محدد تلعب فيه مقولة الوجود دورا فى القيمة . المشروط بالرغبة والمنوط به التعبير فى صيغة لفظية هو الوجود فقط . ماأعجب به أو أبغضه ليس الوجود فحسب أو موضوعا مفترضا أو متخيلا . وانا قد أميل الى أن 2+2 =4 أو افترض أن الهوية علاقة أو أ ن أعرف أن صديقى قد تزوج وأن ماأميل اليه قد تحقق . لكن التحقق فى حد ذاته ليس مجرد امتلاك لطابع ( لخاصية ) الوجود .
(ج)
يمضى سؤالى الثالث على النحو التالى : هل الاعجاب أو البغض فى حد ذاتهما ادراك للقيمة ، أو هل هما بشكل مباشر حكمين للقيمة التى يجب الاشارة اليها بشكل نهائى ؟ يبدو أن علينا الالتزام باجابة محددة. اذا كانت القيمة تتشكل فى الاهتمام المتحقق للموضوع ، ويبدو أن التحقق أو
الحصول على الموضوع ليس هو نفسه معرفة أن أحدا ما يقوم بذلك . وهذا لايترتب عليه أن الشيئين غير متوافقين ، وأنه قد يكون من الجيد أن الاهتمام فى التحليل الاخير يمكن العثور عليه أو ملاحظته مباشرة فحسب من قبل المهتم بالموضوع . ويبدو أننا نلتقى هنا مع حالة خاصة للسؤال العام للتأمل . ورغم التنازل عن كل شىء لأنصار التأمل يبقى هناك فرق بين موقف الاهتمام والوعى به . ان القول بأن (القيم محسوسة ) يبدو معادلا للقول بأن الاحاسيس البصرية مرئية ، أو الاحاسيس السمعية مسموعة ،
والحقيقة الراهنة كما اشار ارسطو اليها منذ فترة طويلة هى أن كل الاحاسيس موضوعات للحس السليم .وبالتأكيد ليس الاعجاب هو مانعجب به ، أو البغض هو مانبغضه ،ولا يمكن أن تكون القيمة مرغوبة أو مكروهة لأن الاعجاب أو الكره من مكوناتها الاساسية .بعبارة أخرى ان القيمة التى شكلها الاعجاب أو البغض لايمكن أن تكون موضوعا للاعجاب أو البغض .
-12-
توجد هنا فى الواقع مسألة أساسية ، واناآمل ألا يكون نفورهما من الابستمولوجيا يمنع الاستاذين
( شيلدون ) و ( اربان ) من تقديم مساعدتهما لنا . ويبدو لى أن من الواضح أن الاهتمام يمكن أن يكون فى نفس الوقت تأسيسا وادراكا للقيمة . وان الفشل فى ملاحظة هذه الحقيقة هو ،فيما اعتقد ، هو العيب الجوهرى فى الكتابات الموجودة عن هذا الموضوع . حتى أنه يفسد الى حد كبير عمل مدرسة ( مينونج ) التى هى خلاف ذلك سليمة ومثمرة . والمفاهيم الحالية مثل التقدير والتقويم والمشاعر الاخلاقية والمعنى المتضمن والخلود ومركب الغموض التى نواجهها – على ما اعتقد – معضلة حقيقية . فموقف الاهتمام اما يشكل القيم أويدركها .
اذا كان يشكلها فان الادراك يكمن فى الملاحظة والمقارنة والتسجيل ومنهجية وصف الاهتمامات فى علاقاتها بموضوعاتها وببعضها البعض . حكم القيمة حكم على الاهتمامات وفيما عدا ذلك هو مثل أى حكم آخر . ومن جهة أخرى ، اذا كان الاهتمام يميز القيم ، ومن ثم ، فالقيم فى حد ذاتها ليست موضوعات للاهتمام ككل ، ولكن صفات الموضوعات التى يزودنا بها الاهتمام بكل بساطة حساسية ضرورية .واذا نحن قبلنا هذا البد يل فاننا نعود للوراء الى زعم ( مور ) بأن القيمة لا يمكن تعريفها .
والسؤال كما اقترح ( ديوى ) "25" وآخرون مماثل لما يتعلق بوضع الصفات الثانوية . ولكن وبنفس الطريقة – فى اعتقادى – يؤدى الى نتائج عكسية فى حالتين اثنتين . فنحن قد نعزو الى الموضوعات صفات بناءا على التأمل نكتشف انها شروطنا الموضوعية . فالكتاب المرغوب اكتسب الصلاحية من خلال العلاقة بالموضوعات واليوم الممل والاجتماع الممل والمكان المرهق والموقف المتفائل – كل هذا يبدو أقل وضوحا الى حد ما ، ولكن وضوح الخبرة يجبرنا فى كل حالة على تحديد الصفة فى وجود علاقة محددة بالموضوع .
من ناحية أخرى ، عندما نسعى الى تحديد مكان زرقة السماء فى الموضوع نفشل . ادعاء زرقة هذا النمط من النشاط أو عملية الرؤية أو الكائن الحساس لامعنى لها ، مالم يكن كما هو الحال بالنسبة
لنظرية البروفيسور ( هولت )"26" ،فالازرق اختزل الى الانماط الصيغ الكمية القابلة للتمركز على حد سواء فى الموضوع وفى العضو الحساس . كيف يتم ذلك مع (الصفات الثلاثية ) المزعومة للقيمة ؟ وحتى الان أنا متأكد من كل هذه الصفات فى كل مايبدو لى اما لانواع من الموقف أو الدافع ، وبالتالى من المحرك ، أومثل استخدام الحواس المتمركزة فى الجسم . وبقدر ما أجد آثارا لبعض ما يعتبر صفات شعورية غير قابلة للاختزال ، تمركز أنفسها اما فى جسدى أو لاتمركز نفسها على الاطلاق .
بقدر ما ميزتها ودرستها ، وهى تفقد كل مظهر من مظاهر الوجود بالموضوع الذى صار واضحا بشكل متزايد لا لبس فيه فى حالة اللون والصوت . وباختصار ، فان الجهد اليقظ فى التمركز حينما يوجد الصفات الثانوية بالموضوع يعزل الصفات الثلاثية المزعومة ويميل الى توحيدها مع العضو الحساس .
-13-
ويصبح اقل وأقل تحملا للحديث عن الكائن الأصفر أو الرخيم ، كما يصبح أكثر وأكثر قبولا للحديث عن
امرء طماع ، وضجر ، وتعبان ، أو متفائل . . وما الى ذلك . وبالمثل فاننى استنتج أن الاهتمام ليس الادراك المباشر لصفات القيمة فى موضوعاتها ، بل هو وضع اسلوب الكائن الحى المشروع والمحسوس ، وربما مايشعر به الكائن الحى وصلاحية الموضوع من خلال استجابته لذلك . الاعجاب بالموضوع أو بغضه يعنى خلق قيمة الموضوع .وأن نكون مدركين بأن اذا امرء اعجب بالموضوع أو كرهه يعنى أنه على وعى يقيمة الموضوع . ولكن هذا الوعى ليس أكثر أو أقل من الاهتمام ومن أى وعى آخر أيا كان ، حتى لو كان هذا الاهتمام ليس الاهتمام بموضوع القيمة . "27"
اذا كات الاهتمامات مؤسسة للقيمة فان مزيدا من التحليل والتصنيف سوف يستند الى دراسة أنواع الاهتمام . قد تكون أنواع الاهتمامات نزوعية أو فعلية ، ولحظية أو دائمة ، وشخصية أو شبه شخصية أو متجاوزة للشخصية ، وفردية أو جماعية ، ومتسقة مع بعضها البعض أو غير متسقة ، واصلية أو مكتسبة . كلمات الخير والشر أصبحت الان أسماء مشوشة لآلاف المواقف المختلفة التى نعجب بها أو نبغضها .
أهمية مدرسة ( مينونج ) تكمن فى استغلال هذا المجال التجريبى الثرى، فى الاستعاضة عنه بهذه المنهجية ، بل والايمان المرن بتعدد الالهة بالنسبة لعقيدة التثليث التقليدية لعباد الحق والخير والجمال .ولعل المفهوم الاكثر خصوبة للمدرسة الجديدة هو ذلك الافتراض المسبق أو الاهتمام( المؤسس) ، أو ما يطلق عايه ( مشيد الاهتمام ) . بهذا يكون المقصود بالاعجاب أو البغض الذى يرتكز على حكم ضمنى ،اما ما يتعلق بالموضوع أو ما يتعلق بالاهتمام نفسه . وبالتالى فقد اعجب بانسان لأنه ساعد صديقى ، أو لاانه من حزبى ، أو على أساس أن الاخرين قد أعجبوا به ، بحيث لو أن الاساس أزيل فاننى اتوقف عن الاعجاب به . اذا كانت القيمة فى ذاتها فى مثل هذه الحالة فيمكن القول انها تعتمد على حقيقة ألحكم الضمنى وان المسألة تحتاج الى مزيد من الدراسة . وسوف يشمل ذلك بوضوح تخلينا عن وجهة النظر الحالية بان اى اهتمام على الاطلاق با لموضوع يعد مؤسسا للقيمة وقبول أحد هذه الآراء المحدودة أو المؤهلة والتى اقترح أن تدرس فحسب بعد أن نستوفى الحجج التى قد تثار ضد هذا النوع من النظريات .
( 2 )
لقد تحدثت عن الا تفاق العام تماما على أن القيمة هى دالة الاهتمام . والاستثناء الملحوظ هو المستر ( جورج ادوارد مور ) مع المستر ( راسل ) الذى لديه أثر فى هذا الخصوص على ما افترض . فى الواقع ان حالة المستر مور ضد المجال تقريبا . وبالتا لى فان حججه تعد ذات اهمية خاصة "28"
-14-
( أ )
يقول مور يبدو لى على نحو سليم تماما أن مصطلح (خير ) لايمكن أن يعنى ببساطة أن الحكم بأن شيئا ما (خير ) . هذا هو نفس التأثير المماثل للحجة التى استخدمتها سابقا ضد افتراض أن المرء ونفس أسلوب العقل يمكنهما على حد سواء أن يدركا و يؤسسا القيمة التى يدركانها .وكما يعرضها المستر مور ، فاننا ليس لدينا أى موضوع لادراكنا . والحكم لايمكن أن يكون موضوعه الخاص . فاذا كان هناك حقا الحكم بأن (ا) خير ، فمن ثم فان الخير يجب أن يشير الى شىء آخر غير الحكم نفسه .
( ب)
يقول مور بأن مصطلح ( خير ) لا يمكن أن يشير بشكل مجرد الى الاهتمام بالموضوع الذى يستخدم المصطح . مرة أخرى هنا تبدو حججه بلا جواب الا اذا كنا على استعداد للتخلى عن مناقشة المسألة تماما ، لانه ، كما يشير مور ، اذا كل طرف فى النقاش أشار الى اهتمامه الخاص ، فانه ليس بوسع أى اثنين الاشارة الى نفس الشىء . وهذه بحق هى الحلقة المفرغة للحقائق النسبية التى تضع حدا للخطاب ، وتناقض أى تعميم له فى نفس الوقت . بالنسبة لهذه الحجة اعتقد أن ( سانتيانا ) لم يكن منصفا . وموضوعية أو تعديل أحكام القيمة بمعنى ما يجب أن يتم الاحتفاظ به ، ليس بالنسبة لفائدة ( جمعيات المنا قشة ) ذات الرأى البائس ، ولكن لأننا قد نقرأ ونستمتع بمقالات مثل ما لديه ، وفهمه حتى عندما يقول ( بأن الخير ليس صفة جوهرية أو أولية ) ، بل نسبية ، وعرضية .
هناك حل واضح للصعوبة . دعنا نقول بأن الخير قد عرف بالنسبة للاهتمام ، حيث أنه من المفهوم أن الاهتمام يشير الى أى اهتمام ، وليس حصريا أن الحكم هو الذى يحدد الاهتمامات وعلاقاتها ، ومن ثم أصبحت موضوعات متداولة . ضد هذا التعديل والنسبية البريئة يقدم مور اعتراضين .
( ج )
قال مور انه يناشد حقيقة أننا قد نستخدم كلمة ( خير) بدون وعى على أنها تعنى موضوع الاهتمام . والحكم من خلال ما يضعه المتحدث فى اعتباره قائلا بأن (الموضوع خير ) ليس هو نفسه القول بأن هناك شخصا يهتم به "29" . هذا النوع من الجدل من شأنه أن يثبت أكثر مما يجب تماما اذا برهن على أى شىء .لايوجد تعريف يقدم أى شىء يتفق تماما مع الاستخدام اللفظى أو المعا نى المدركة .بالنسبة للكلمات التى قد تكون مجرد صدى ، ومعا ن مدركة مهملة وغامضة . تهافت الحجة واضح بشكل خاص فى حالة الكيانات المعقدة ،ومثل أنصار وجهة نظر الاهتمام الداعمة للقيمة . الكيانات المعقدة هى فحسب تقريبا وبشكل سطحى تشير الى خطاب مشترك ، وسوف يكشف التحليل النهائى دائما عن بنية لم تكن موجودة للعقل الذى يعكس الالفة النمطية .
-15-
( د )
تستند الحجة الأكثر اثارة للاهتمام على فكرة الخير الاصلى "30" . اذا كان الشىء يستمد قيمته من علاقته بالاهتمام المستوعب فيه ، فانه يبدو من المستحيل أن يمتلك أى شىء قيمة كامنة فيه على الاطلاق . ومن الممكن الرد بأن القيمة ممتلكة بشكل جوهرى من خلال مجموعة من الموضوعات المعقدة فى علاقاتها بالاهتمام . ولكن السؤال الذى سلط الضوء على حقيقة أنه بطريقة مختلفة قد يكون لد يه ملاحظة فضفاضة ، والحقيقة ، هى أن القيمة مثل غيرها من السمات العلا ئقية قد تكون مسندة بطريقتين . وموضوع الحكم قد يقف عائقا أمام العلاقة ، أو قد يحتوى على العلاقة . وهكذا فان المحمول بالتوازى قد يكون محمولا لبند واحد فى المعنى الموجود وموازيا لآخر ، أو لكلا البندين بمعنى امتلاك الموازاة .
عندما لوحظت خصوصية المحمولات العلائقية فان الصعوبة بشأن القيم الجوهرية قد أزيلت على ما اعتقد . فالقيمة الجوهرية تمتلك من خلال تعقيد موضوع الاهتمام ،ويتم امتلاك القيمة الخارجية من خلال الموضوع نفسه أو من خلال أى عامل أو شرط آخر للتعقيد . القيمة قد تكون مسندة اما الى المعنى باعتبارها ممتلكة بشكل جوهرى، وخارجيا من خلال تعبير الموضوع عن العلاقة .
هذه الحجج التى قدمها المستر مور ضد نموذج كامل للنظرية التى ادافع عنها الان . ولسوف يقترح الجيش الاكثر عددا من النقاد عدم رفضها ، ولكن القيام بتعد يلها . هؤلاء النقاد يقترحون بطرق مختلفة تعريف القيمة باعتبارها نوعا محدودا من الاهتمامات المتحققة.
( 3 )
نوع النظرية التى ننتقل اليها الآن يؤكد أن مانعجب به له قيمة فحسب فى حالات محددة ،لأن الحقيقة السيكولوجية المجردة للاعجاب بصفة خاصة ليست فى ذاتها ضمانة للقيمة . ويوجد العديد من الدوافع
التى تؤدى الى هذا الرأى. وثمة شعور بأن وجهة النظر التى أدافع عنها تحط من قدر القيمة ،أو تجعلها ايضا غير شرعية . أو قد يكون الدافع المطالبة ببعض المعايير من خلال الاعجاب أو الكره بشكل خاص . وقد يكونا هما فى حد ذاتهما اللذين يتم الحكم عليهما ،ومن خلالهما يمكن تمييز الخير من الشر أو الاهتمام الاسمى من الاهتمام الأدنى .
ويجوز أن يتأثر المرء بحقيقة أنه فى بعض الحالات البارزة مثل الوعى الاخلاقى، يكون اعجاب المرء حاضرا من خلال الشعور بباعث خفى أو وازع ،ومن خلال الاعتراف بتطلب اعجاب المرء لبعض
-16-
الدعم المتجاوز ليعطى موضوعه قيمة . أو أن الرأى قد ينجم ببساطة من الانتقال الى مجال القيم للتمييز
العام بين المظهر والحقيقة . ولكن ربما يكون هناك دافعا أساسيا واحدا على كل حال ، والرغبة فى اكتشاف المعيار الذى يتم به تحديد التفوق أو الدونية للقيم نفسها والرغبة فى تبرير انتقاد القيم الطبيعية أو الامبريقية .
ويبدو أنه من الضرورى لتوفير النطاق والتسلسل الهرمى حيث يجب اخضاع الميل للواجب ، و الدافع للمعيار ،أو اخضاع المتعة لما هو مثالى . وليس هناك سوى طريقة واحدة يمكن أن تكون قد أنجزت دون التخلى عن تعريفنا الحالى للقيمة، وهذا يكون من خلال توظيف مقياس كمى . فى مثل هذا الاجراء لايتم تقديم مفهوم جديد للقيمة ،فانجازات الاهتمام هى مجرد كل مركب مقيس . من جهة أخرى اذاتم الحكم على انجازات الاهتمام بأنهاأسمى أو أدنى من خلال بعض المعايير الأخرى ،فمن ثم فان هذا المعيار الخفى يعد حاسما للقيمة . انجاز الاهتمام يصبح عاما ولكنه ليس توصيفا كافيا للاهتمام . وسيكون الخير هو انجاز الاهتمام المتوافق أيضا مع المبدأ المحدد للنطاق . وفيما يلى سوف أقوم بالتأكيد على انجازات الاهتمام الاسمى التى حصر الكثير من الكتاب القيمة بها ،وهم يتفقون بقد ر كبير حيث لايوجد فى الواقع أى ملجأ لمبدأ آخر .
ليس بوسعنا أن ندفع هذا الحجر بعيدا دون الكشف عن وكر لما يتلوى حيرة وغموضا وما قد يروعنا . ان أهم تمييز أساسى هو بين هذه ا؟لاراء التى ستقترح لتحد يد نوع معقد معين من الاهتمام باعتباره الوحيد القادر على مصادفة موضوعاته مع القيمة ،وهذه الآراء من شأنها ان تنظر الى افتراض الاهتمام وحصر القيمة فى الحالات التى حققت هذه الافتراضات . فى الفئة الاولى من وجهات النظر ما يمكن أن نطلق عليها الانطولوجية ، والفئة الثانية هى ما يمكن أن ندعوها الابستمولوجية أو الاكسيولوجية ، من جهة المنهج.
( أ )
ينتمى الى الفئة الاولى ، على سبيل المثال ، الرأى الذى يحصر القيمة فى الموضوعات ذات الارادة أو الرغبة الواعية ، وحيث يرغب ممثل هذا الاتجاه فى الموضوع باعتباره امتدادا له أو تعبيرا عنه .ا لرغبة من هذا النوع موجودة . فمن الممكن بالنسبة لى المحاولة ببدائل مختلفة للاختيار أمام مرآة مخيلتى بشكل أفضل ما أعجب به أنا شخصيا .ولكن ( جرين ) وآخرين ، فيما اعتقد ، يعلقون أهمية كبرى على الرغية الذاتية الواعية "31" . يبدوانهم مخطئين بالنسبة لى بشكل خطير فى الاعتقاد بأن هذه هى السمة المميزة للا رادة . والصحيح أن الخيار ليس مجرد البقاء على قيد الحياة مع تزاحم الحوافز ، فالعامل المهيمن فى الاختيار هو بلا شك ما يفترض أن يكون مناسبا للذات . ويأتى نظام اهتمامات الفرد قدما فى فترة من التشويق المتأنى مفترضا السيطرة . ولكن الى أى مدى يكون عامل
-17-
تشىء الذات حاضرا وعرضيا ومتفردا ،قد يكون ذلك مؤشرا على عادة مراجعة الذات ،التى طورت بشكل
خاص الخيا ر البصرى والاجتماعى ، أو حتى مجرد الارتبا ك والغرور .
من المؤكد أن الأكثر قبولا أن نقول بأن القيمة تنحصر فى الرضا الكامل لنفس المرء ، سواء كانت موضوعية أو ليست موضوعية ،ولكنها على أى حال مميزة عن الدافع اللحظى .فمن شأن الخير أن يكون مرضيا للشخص تماما و بشكل أساسى أو بشكل دائم ، فبعد كل اهتمام أتيحت له الفرصة من خلال وضع مطالبه بعين الاعتبار . ولكن اذا سأل امرء لما ذا هذا النوع من تحقيق الاهتمام جدير بالأولوية لتحقيق الدوافع المنعزلة أو اللحظية ، من جهتى يمكن العثور على اجابة واحدة فحسب . وذلك لأن حفظ الانجاز المثمر لمجموع الاهتمامات يكون ممكنا بدرجة أكبر عندما تكون هذه الاهتمامات غير منظمة . الانجاز المنظم للذات أفضل من التساهل غير المنضبط لدوافعها المتددة ، على أساس أن تحقيق الاهتمام على هذا النحو خير ، وبالتالى فان الاكثر هو الافضل . وبعبارة أخرى يفترض هذا الرأى ويتطابق تقريبا مع الرأى الذى ندافع عنه ، ويوسع نطاقه كميا .
هذا الافتراض هو الاكثر وضوحا عندما يقتر ح للحد من الخير الذى يشبع اهتماما انسانيا خاصا أو متحيزا . وهذا يعنى أن الخير هو تحقيق الاهتمام ومن الممكن أن نحدد أنواع الخير بعد الاهتمام المؤثر . يوجد حيوان جيد وانسان خير ، والذكر والانثى والمثقف والجمالى وأنت وانا وكذلك هناك العديد من الآخرين وتوجد أنواع أو مجموعات من الاهتمامات وأى شخص لديه الفرصة لتعدادها . ومن المؤكد أنه سيكون من التعسف أن تختار أيا من هؤلاء ونسميه ( خيرا ) ونقصى البقية .
ولكن بوسع المرء أن يضع فى ذهنه اعتبار الاهتمام الخاص بالانسان سعيا الى تنظيم أو تحقيق أقصى قدر من كل الاهتمامات . غاية الانسان هى الخير لأن الانسان يتصور ويطمح الى الخير الكلى أو الخير الأسمى . فى هذه الحالة ليس اهتمام الانسان على هذا النحو الذى يحدد الخير ، بل اهتمام الانسان باعتباره وسيلة تعبير أو تمثيل لكل الاهتمامات . هنا مجددا ، ومع ذلك ، يكون الخير انجازا للاهتمام على هذا النحو ، ويتم تحقيق الخير أو الحد من قدره فى العلاقة بقدر أو درجة الانجاز وليس عن طريق مناشدة مبدأ مستقل .
وبالمثل يمكن تعريف الخير بمصطلحات الاهتمام الجماعى ، باعتباره انجازا لطلب المجتمع بدلا من الطلب الفردى . هنا مجددا لا أرى أساس مثل هذا الاهتمام ( الاسمى ) الذى يمكن اعتباره أكثر مشروعية أو أكثر أهمية للقيمة مما ينبغى ، ومحافظا على الاشارة الى قدر كبير من الانجاز أكثر مما يقدمه الاهتمام الخاص . وبالمثل فان الاهتمام يمكن أن يكون فعالا مع اهتمامات مباشرة وخفية ، اما مع الحياة الفردية أو داخل المجتمع . بافتراض أن انجاز الاهتمام على هذا النحويعد خيرا ، فان قيمة الانجاز الثابت أو المتوافق تتعزز من خلال الاثمار غير المباشر أو البراءة .وبخلاف ذلك فاننى لا ارى أى سبب لما يجب اختياره باعتباره اهمية استثنائية للقيمة .
-18-
وأخيرا فان الارادة العامة أو الارادة المطلقة او ارادة الله سوف لا تستحوذ على مطالبات خاصة
وهى ليست ارادة جماعية او ارادة فعالة . الارادة العامة يمكن أن تؤخذ على أنها تعنى الهوية الاساسية لكل انواع الارادة وخاصية الارادة بهذه الصفة . ولكن يجب عل المرء أن يكون حريصا على عدم التحدث عن هذه على الرغم من أنها فى حد ذاتها حالة خاصة للارادة . وليس بوسعها هى ذاتها تحديد نوع انجاز الارادة ،لأنها بالمعنى الدقيق للكلمة ، ليست مثل هذه الارادة . توجد ارادة بالنسبة لهذا وارادة بالنسبة لذاك ، ولكن لاتوجد ارادة بصفة عامة باستثناء حالات شيوع التجريد للاثنين ( هذا وذاك ) ،
لتعريف القيمة بصطلحات الانجاز ( التحقيق ) ، من شأن هذا أن يكون معادلا لانتساب القيمة الى انجاز أى ارادة . بعبارة اخرى ، كل انواع الارادة على سبيل المثال مساوية للارادة الطبيعية العامة ، وجميع الانجازات مسا وية للانجاز العام . ومن جهة أخرى ، اذا كانت الارادة العامة قد تم التعامل معها لكى تعنى ارادة مشتركة ، فانه حتى لوكان هناك شىء من هذا القبيل، لايمكن أن تكون له المطالبة بالأولوية على أسس كمية .
فى الواقع من الممكن تماما تصور أن الارادة المشتركة مثل ارادة ( الرغبة فى ) الملكية ثبت أنها تتنافى مع النظام المتوافق والمتسامح للحياة . هناك بالتأكيد المعنى الذى يميل فيه التقدم بعيدا عن التماثل فى الاهتمامات فى اتجاه التمايز والتوافق . وليس هناك مجددا أى سحر خاص فى الارادة التى يجب أن تكون عامة "32". قد كان هنك اعتقاد بأن مثل هذه الارادة يجب أن تكون فى كل ارادة ، وان اتحقيقها يعد قيمة أولية تشتق منها كل الارادات الاخرى . الا أن هذه الارادة تبدو لأى عقل غير متمرس نادرة وغريبة بشكل خاص .
ارادة المعرفة هى الأكثر أهمية وذات اهتمام جوهرى .وليس على أى من هذه الاهتمامات أن يفترض على حد سواء الوجود فى المعنى الاصلى أو قبل كل الاهتمامات الأخرى . ومن غير الصحيح الزعم بانه لمن اراد أن يكون هناك ماهو عام ، أو أراد أن يعرف واراد أن يكون كل ذلك متضمنا فى مفهومى ( العام ) أو ( المعرفة ) . وبالتالى حتى لو كان من لممكن استنتاج كل القيم من هذين المفهومين فانها لن تكون مستنبطة من الاهتمام نفسه . الا أنه حتى الان كما أعرف لم يكن هناك مثل هذا الا ستنباط بنجاح كامل .
الارادة العامة التى من شأ نها أن تكون صاحبة الحق فى التفوق فى تحديد أن القيم يجب أن تكون ارادة تم تناولها فى ذاتها أو يسرت جميع الاهتمامات .غير أنه – من ثم – سيكون تفوقها ينهض على افتراض قيمة جميع الاهتمامات المنجزة وسوف يشبر ببساطة الى القيمة النسبية بدرجة أكبر والى القيمة المفرطة فى الغالب . باختصار لايوجد نوع معين من الاهتمام الشخصى والعام والميتا فيزيقى يمكن القول بأنه يحدد القيمة حصريا ، أو بشكل بارز ، ماعدا ما يجمع أو يعزز انجاز أو اكثر الاهتمامات تحد يدا .
-19-
أنا متحفظ بالنسبة للنوع الاخير من الاهتمام الذى سوف يخدمنا كوسيلة للانتقال للفئة الثانية من وجهات النظر . يمكن القول بأن تلك الاهتما مات فقط تحدد القيم التى تتضمن بوضوح أو ضمنا الاشارة الى الاساس خارجها . والمغزى الحقيقى لاهتما مات هذه الفئة يكمن فى حقيقة أنها قد تكون بمعنى ما مختبرة من خلال جاذبية الأسس، ولذا سوف أناقشها فى هذا السياق .
) ب )
من وجهة نظرى أرى أن الكتاب أمثال : ايهرنفلز ، ومينونج ، واربان ، وغيرهم كانت لهم علاقة مع ما نسميه افتراضات كامنة وراء اهتمامات من نوع معين . وهذه الافتراضات أو التفسيرات تندرج ضمن فئتين . الفئةالاولى : هناك بعض الافتراضات بشأن حالة الموضوع او علاقته بالموضوعات الأخرى .وبالتالى قد أكون سعيدا عند التفكير فى صد يقى على افتراض أنه موجود . وأنا قد ااعجب با الرسم على افتراض أن تيتيان "33" "Titian هو الذى رسمه ، وبتمثال على أساس أنه مصنوع من الرخام ، أو من الدانتيل على أنه مصنوع باليد .أو قد أرغب فى الدواء على افتراض أنه سوف يعالجنى من البرد . فى كل هذه الحالات أنا افسر موضوعى ، وان اعجابى به أو بغضى له يتوقف على هذا التفسير .
الفئة الثانية : هناك بعض الافتراضات بشأن العلاقة بين الموضوع أ والاهتمام نفسه بغيره من الاهتمامات .وبالتالى فاننى قد أرغب فى التعليم مفترضا أنه يتسق مع ماهدف اليه من الكفاءة ،أو ادانة فعل السرقة مفترضا أن الله يدين ذلك ، أو اعجب بقصيدة مفتر ضا انها يجب أن تبهج جميع الاشخاص المتذوقين للشعر ، أو الموافقة على فعلى مع الاقتناع بأن أى قاض سوف يؤكد على حكمى . الافتراضات أو المسلمات فى هذه الفئة الثانية تتيح أفضل تعريف للكلمة المزعجة ( معيار ) "34" . اهتمامى هو المعيار بقدر ما يتم تحديده أوالسيطرة عليه بالاهتمام الأكيد فى معنى أسمى من المعنى الذى لدى .
من الواضح الان أن القيمة يمكن اختبارها من خلال تحديد حقيقة أو زيف الافتراضات التى ترتبط بها . اذا انا استدعيت التوسط أو الاعجاب الاستدلا لى أو البغض تقويميا وفقا لما ارى أنه يقوم على
أساس جيد أو يقوم على فهم خاطىء للموقف. فاذا تبين أن التمثال من الجص ، أو انه صنع بآلة الدانتيل ، فاننى سأتوقف عن عملية الاعجاب به , وبالمثل اذا أنا كنت واثقا من أن ارادة الله غير ذلك (أى لاتدين السرقة ) فاننى سأتوقف عن ادانتها ، أو اذا اكتشفت أن التعليم لايتسق مع الكفاءة فاننى سأتوقف عن تقديره .
ومن جهة أخرى عندما يتم تحويل أى تقويم الى أحكام مدركة وثبت أنها صحيحة ، فان التقويم يتم التحقق منه وتأكيده . والتقويم الذى يتم دون عائق و المحصن من خلال الوضوح االشديد هو بمعنى
-20-
خاص تقويم صحيح أو قيمة أصلية . يجب أن نكون حذرين ضد التشوش الطبيعى . هناك نوعان متميزان من المعانى قد يكون فيهما الاعجاب صحيحا ، او القيمة حقيقية . على أنه من جهة ، قد يكون صحيحا أن أعجب ( بالموناليزا ) ، وفى هذه الحالة افترض أن شيئا أعجبنى له قيمة ، فلوحة الموناليزا هى قيمة حقيقية . ومن جهة أخرى ، انا قد أعجب بها لان من رسمها هو( ليوناردو دافنشى ) ، ونظرا لأنها حقا قد رسمت من قبل ليوناردو دافنشى فان القيمة قد تأسست على اعتقاد صحيح . من جهة أخرى قد تكون القيمة هى موضوع الحكم الصحيح أو قائمة على الحكم الصحيح .
أناأدرك أهمية التمييز باعتبار فئة القيم القائمة على أساس متين. ومن الواضح أنها هى الأسمى .ولكن هذا السمو يعنى – فيما اعتقد أنها الأعظم . فعلى سبيل المثال هى الأكثر ديمومة . ومن الواضح أيضاأنها فى كثير من الحالات تكون متعددة .فاذا كنت أرغب فى الدواء على أساس أنه سوف يشفينى من البرد الذى أعانيه ،فاننى حين الحصول عليه أحصل على شبئبن اريدهما الدواء ، والشفاء .
والقيمة قد تأسست على حقيقة هى على حد سواء أكثر قدرة وأكثر وفرة . وهناك تكون القيمة الحقيقية نفسها مضافة الى جانب ذلك . وقد يؤكد الافتراض على أن الحقيقة أو العلاقة هما نفسهما مؤسسا القيمة ، بحيث اذا كان الافتراض صحيحا تكون القيمة مضافة . ولكن لا يمكن تعريف هذه المزايا دون الافتراض بان القيمة مبنية على الجهل أو على خطأ يستحوذ على نفس الشى فى صورة مصغرة . وهو نفسه يحمل ما نسميها مواقف معيارية . اذا كنت أوافق على صدق الاحساس بدعم المجتمع ، أو بالرأى المؤكد للمتفرج غير المكترث ، فأنا قد أكون حكيما أو متهورا . اذا كنت متهورا – غير حكيم – فان النزاهة لها قيمة فحسب من وجهة نظرى ، واذا كنت حكيما ، فان النزاهة تكون لها قيمة أكبر لتحقيقها لما هو أكثر من اهتمامى الفردى .
لكن اذا كانت النزاهة خيرا فان العمل يجب أن تتم الموافقة عليه بصفة عامة ، انه يكون أقل خيرية مما يجب الموافقة عليه بصفة شخصية . وفضلا عن ذلك بقدر مايعد اعجابى مشروطا بالتزامن مع الرأى الاجتماعى أو الارادة الالهية ، ومن ثم اذا كان هذا يتفق مع اعجابى يكون الأكثر دواما ، ويكون مضمونا ضد خطر خيبة الأمل . فى كلتا الحالتين فان تفوق القيمة المبنى على افتراضات حقيقية يكون كميا ، وانه يدل على مزيد من تحقيق الاهتمام وليس قيمة لنظام مختلف و؟اكثر جوهرية .
لقد تغلغلت الآن فى هذه الأرض المحظورة للابستمولوجيا ، فاسمحوا لى باضافة نقطة واحدة . أنا ارى ان هذا الجا نب من القيمة مشوشا بأسره من خلال استخدام مصطلح ( الحكم ) ففعل الاعجاب ، وخاصة عندما يكون انعكاسبا ووسيطا لذاته ولأسسه ، يكون غالبا منطوقا بوصفه ( حكم قيمة ) . وعادة مانعتقد بأن مانقوم به يمثل نوعا فريدا من الحكم . ولكن هذا الاعتقاد يرجع الى الافتقار الى التحليل . يعد هذا التفرد فى هذه الحالة أمرا معقدا .فاذا كنت معجبا بالموناليزا بوعى على أساس الا فتراض الواعى بأنها من عمل ليوناردو دافنشى فاننى أرى أننى قد حكمت مرتين .
-21-
الأولى : قد حكمت يأننى معجب باللوحة ولا يوجد شىء خاص فى هذا الحكم .فهو مثل الحكم بأننى أرى هذه النجوم . وهذا يختلف عن حكمك بأنك معجب بالصورة ، لأنه قد يقال بأنها تعكس تجربة معينة أكثر مباشرة عن الحقيقة . بوسعى أن أرى أسبابا وجيهة تشير الى أن هذا الحكم بمثابة حكم قيمة ، ولكن لايوجد شىء يجعله فريدا فى نوعه .
الثانية : أنا حكمت بأن ( ليونا ردو دافنشى )هو الذى رسم اللوحة . لاوجود لشىء خاص فى هذا الحكم .وبامكانك القيام به ، وهومن جميع النواحى الأساسية يشبه الحكم بأن الحرارة تسبب غليان الماء . وأنا لا أرى أى أسباب بخصوص هذا على اعتبار أن هذا يحدث ببساطة فى أى حكم قيمة لتحديد وجود القيمة . وبالاضافة الى هذين الحكمين فان حالة ذهنى المعقدة تتضمن اعجابى باللوحة . هذه هى الحقيقة المركزية ، ولكنها ليست أكثر من حكم وهذا غير دخولى الى اللوفر لرؤية اللوحة . انه – أى دخولى الى اللوفر – يشكل قيمة ولكنه لا يقدم حكما على اللوحة ، ويحدد حقيقة أو زيف الحكم بأننى معجب بها ، ولكنها هى نفسها ليست حقيقية أو زائفة . امزج هذه الاشياء الثلاثة بدقة فتحصل على الوعى بالمعيار أو التقد ير ، وبلوغ النجاح المؤكد للحقيقة دفعة واحدة ، وحقيقة ادعاء الحكم والواقعية واشارة خفية للافتراض .
------------------------
الهوامش
-1- رالف باتون بيرى Ralf Barton Berry :
رالف بارتون بيري، (من مواليد 3 يوليو 1876، بولتني، فيرمونت، الولايات المتحدة توفي 22 يناير 1957، كامبريدج، ماساشوستس)، فيلسوف الأمريكي يعتبر مؤسس المدرسة الواقعية الجديدة في الفلسفة البراغماتية الأميركية ، تأثر بشكل كبير من قبل ويليام جيمس . له العديد من المؤلفا ت منها:
The Approach to Philosophy, (1905 (
-22-
The Moral Economy, (1909
Present Philosophical Tendencies: A Critical Survey of Naturalism, Idealism, Pragmatism, and Realism, together with a Synopsis of the Philosophy of William James, (1912), .
The Free Man and the Soldier, (1916 .
General Theory of Value (1926)
Realms of Value, (1954)
وغيرها بالاضافة الى العديد من المقالات النشورة فى المجلات الفلسفية المختلفة .
- 2-قرئت هذه المقالة أمام الجمعية الفلسفية الامريكية فى 29 ديسمبر 1914فى افتتاح مناقشة القيمة (بيرى) .
- 3 -راجع الخطابين اللذ ين ساهما فى هذه المجلة – المجلد العاشر –ص 587 و ص 643 من (شيلدون واربان) – (بيرى)
(1873-1952) -Wilbur Marshall Urban ويلبر مارشال اربان
الفيلسوف الأمريكي ، وتأثر
بإرنست كاسيرر. كما كتب فى فلسفة الدين، الإكسيولوجيا، الأخلاق - وله العديد من المؤلفات والابحاث منها :
The Problem of a "Logic of the Emotions" and Affective Memory (1901)
Definition and Analysis of the Consciousness of Value (1907)
-Valuation: Its Nature and Laws, Being an Introduction to the General Theory of Value (1909)
-Ontological Problems of Value (1917)
-The Intelligible World: Metaphysics and Value (1929)
-The Philosophy of Language (1929)
-23-
-Fundamentals of Ethics: An Introduction to Moral Philosophy (1945)
Beyond Realism and Idealism (1949)
Humanity and Deity (195
ويلمون هنرى شيلدون – Wilmon Henry Sheldon ( 1875-1981 )
فيلسوف امريكى له العديد من الأعمال منها :
Strife of Systems and Productive Duality: An Essay in Philosophy. Harvard University Press. 1918.
America’s Progressive Philosophy. New Haven, CT: Yale University Press. 1942.
Process and Polarity (Woodbridge Lectures, Columbia University). 1944.
God and Polarity: A Synthesis of Philosophies. 1954
بالاضافة الى العديد من المقلات والبحوث المنشورة فى المجلات الفلسفية .
-4- (Wilhelm Windelband) ) فيلهلم فيندلبا ند ) (1848- 1915) -
فيلسوف المانى من الكانطيين الجدد – من اعماله
History of Philosophy (1893) (two volumes)
History of Ancient Philosophy (1899)
An Introduction to Philosophy (1895)
Theories in Logic (1912)
( 1836- 1882 ) توماس هل جرين (Thomas Hill Green) - 5-
من المدرسة المثالية البريطانية، والليبرالية الاجتماعية , اهتم بشكل خاص بفلسفة السياسة والاخلاق. وتأثر بالفلسفة التاريخية الميتافيزيقية عند هيجل . ومن اهم اعماله : the Prolegomena to Ethics
نسبة الى جون ديوى (Deweyan ) - 6- الديويه
- -24-
- ) 1853-1920 ( نسبة الى الكسيوس مينونج –(Meinongese ) - 7 -المينونجية
فيلسوف نمساوى واقعى قدم مساهمات إلى فلسفة العقل ونظرية القيمة وفى علم النفس – كتب اعمال بالالمانية وقد ترجم بعضها الى الانجليزية مثل :
-On Assumptions-1983
-On Emotional Presentation- 1927.
1981 -The Theory of Objects –
هذه الفقرة جاءت بالمصطلحات بالالمانية – 8 –
- (1863 -1936 ) هنريك ريكارت (Heinrich Rickert )- 9 -
فيلسوف المانى من ابرز الكانطيين الجدد – ترجمت بعض اعماله الى الانجليزية منها :
The-limit-s of Concept Formation in Natural Science -
Science and history: A critique of positivist epistemology (1962)-
( 1863-1916 ) -هوجو مونتسبيرج (Hugo Münsterberg )-
عالم النفس الامريكى الالمانى – اهتم بعلم النفس التطبيفى ا- قدم اعديد من الاعمال : منها
The principles of Art Education (1905)
Science and Idealism (1906)
Psychology and Crime (1908)
( 1859-1932 ) -كريستيا فون ايهرنفلز ( Christian von Ehrenfels ) -
فيلسوف نمساوى واحد مؤسسى الجشطلت – ودرس الفلسفة على برنتانو ومينونج
- 10 -أنا أعترف بوجود مشاكل هامة لن اتناولها هنا ، مثل مقياس القيمة والخصاثص المميزة لانواع القيمة مثل القيمة الاخلاقية والجمال والحق ، وما الى ذلك . ونشأة وتطورالقيمة وتحولها ، والغائية والقيمة والوجود ، وما الى ذلك . ( بيرى)
-25-
-11- راجع his "Principia Ethica," 5-14. (بيرى ) –
وذلك ل ( جورج ادوارد مور
-12- فرانز كليمنس أونوراتوس هيرمان برينتانو ( Franz Clemens Honoratus Hermann Brentano ( 1838- 1917) –
فيلسوف وعالم نفس المانى اثر فى العيد من الفلاسفة وعلماء النفس مثل سيجموند فرويد – ادموند هوسرل – مينونج .. وغيرهم . له العديد من الاعمال منها :
(1867) The Psychology of Aristotle
(1874) Psychology from an Empirical Standpoi
(1889) The Origin of our Knowledge of Right and Wrong
(1911) Aristotle and his World View
-13 – راجع : Winds of Doctrine," pages 138 ff (بيرى ) –
الكتاب ل ( جورج سانتيانا ) وبياناته كالاتى :
Sntayana G.: WIND OF DOCTRINE – CONTEMPORARY OPINION – J.MDENT SONS LTD – 1ST ED.1913 .
-14- Principia Ethica," page 10. (بيرى) -
-15 iCf. Sidgwick, "Methods of Ethics/ Bk. I., Ch. IX.--;-- Bk. III., Ch. XIV.
Moore, "Principia Ethica," Ch. VI.--;--(بيرى)
( بيرى - Sidgwick, op. cit., page 397 -16-
-17-With the possible exception of the consciousness of pain. Moore- Principia Ethica/ page 225.
-18- افضل عرض لهذا الرأى هو ماقدمه البروفيسور ( بالمر ) فى طبيعة الخير
جورج هربرت بالمر (George Herbert Palmer ) ( 1842-1933 ) –
-26-
باحث امريكى واستاذ جامعى من اهم اعماله :
Translation of The Odyssey (1884
The Field of Ethics (1901)
The Nature of Goodness (1904)
-19- Miinsterberg,Eternal Values – page66-(بيرى)
-20- هنرى والد جراف ستيوارت (Henry Waldgrave Stuart )-( 1870-1951 ) –
والبحث المشار اليه عنوانه كالاتى : (Valuation as a Logical Process)
وهو كان بمثابة الفصل العاشر فى كتاب
: Studies in Logical Theory edited by John Dewey. Chicago: University of Chicago (1903): 227-340.
: يستخم مينونج المصطلح بمعنى مماثل - انظر - 21-
his Fur die Psychologie und gegen den allgemeinen Werttheorie Psychologismus in der allgemeinen Werttheorie . Logos, Vol. III. (1912), page7
-22-This is perhaps the same as Dr. Anderson s view that l the test of a
value is its influence upon activity." Cf. his " Social Value," page 104.
- 23 -مالم يتخلى المرء عن وجهة النظر الحالية ويحصر القيمة فى تحقيق الاهتمام االمبنى على الحقيقة . وقيمة الإنجاز الجزئي. راجع ادناه ( بيرى )
) هناك أيضا، بطبيعة الحال، وقيمة الإنجاز الجزئي.( بيرى )- 24-
- 25 -Cf. Dewey, "The Problem of Values," this JOURNAL, Vol. X., page 269- Meinong, op. cit., page 12--;-- Urban, op. tit., page 21
- 26 - Cf. "The New Realism," pages 308-355.
ادوين بيسيل هولت (Edwin Bissell Holt ) ( 1873- 1946 ) – أستاذ الفلسفة وعلم النفس بجامعة هارفارد وأستاذ زائر بجامعة برينستون - من أعماله :
-27-
“The Place of Illusory Experience in a Realistic World.” (1912).
The Concept of Consciousness. (1914)
The Freudian Wish and Its Place in Ethics. (1915)
-27-iCf. Also below, pages 161, 162. اى صفحات المجلة هذه وهى الصفحات الاخيرةمن هذه المقا لة .
- 28 – Cf. his “ Ethics, Chs. III., IV.
- 29 –لقد تمت صياغة الحجة ضد الحق ، ولكنها استخدمت ضد الخير - Cf. “Ethics,” pages 111 ff., 164 ff. ( بيرى )
- 30 – Moore, ibid., pages 167 ff
- 31 – CF. Green, “Prolegomena,” pages 118, 154, 171--;-- Mackenzie, “Notes
On the Theory of Value,” Mind, N. S., Vol. IV., and “Introduction to Social Philosophy, second edition, pages 266 ff.
–32- Muristerberg, “Philosophic der Werte, page 74