تسعينيات الشر:
ولكن ما حدث في تاريخ السودان الحديث كان مغايراً تماماً لتلك الصورة المثالية، حيث شهدت تسعينيات القرن المنصرم احداثاً لم تخطر بأحلام الشعب السوداني المتسامح دينياً، حيث ان انتشار الاسلام عبر الطرق الصوفية اضفى على سلوكيات المجتمع السوداني شيئاً من البساطة والتسامح والتعايش مع المذاهب الاسلامية وبالمثل مع الديانة المسيحية ولولا ارتباط الوجدان السوداني بالقضية الفلسطينية لتسامح السودانيون مع الأسر اليهودية ايضاً ولكن الاخيرة لجأت _ كما اشترت في صدر المقال - إلى تغيير ديانتها او اخفائها.
ارهاصات حقبة التسعينيات بدأت كفتق صغير واتسع، وذلك عبر المنابر والندوات في شكل خطابات بدت حادة ثم تحولت إلى عنيفة اللهجة من الجماعات السلفية التي تستهجن بعض الممارسات التي تحسب علي التيار الصوفي في السودان مثل الاستنجاد بقبور من يعتقدون في ولايتهم والطقوس التي تمارس في حلقات الذكر خصوصاً في الاحتفالية بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ونادراً ما تطرقت الجماعات السلفية بالحديث إلى معتقدي المذهب الشيعي وذلك لأن تأثيرهم في المجتمع السوداني لا يكاد يذكر ثم انتقلت الجماعات السلفية إلى الانقسام فشرعت في مهاجمة فصائلها وجماعاتها بجانب مهاجمتها للفكر الصوفي. ثم دخلت جماعات الإسلام السياسي في هذا الخضم فانضمت لمهاجمة الصوفية جماعة الاخوان المسلمين – منذ تسميتها الأولى جبهة الميثاق الاسلامي وحتى انتقالها لمسمى: الجبهة القومية الاسلامية وكذلك في بدايات تسميتها بالمؤتمر الوطني قبل ان تتصالح مع الجماعات الصوفية لاغراض سياسية –
هذه الندوات والمناظرات وخطب الجمعة وخطب المناسبات الدينية الاخرى لم تخلو من عبارات تشيء بتكفير الفكر الصوفي وإن لم تصرح بتكفير معتقديه. ولكن وجود العنصر الشبابي في اتباع المنهج السلفي وبالمقابل ظهور بعض ( الحيران) أو الحواريين لعدد من شيوخ الطرق الصوفية تميزوا بالتعصب والتزمت الفكري على غير ما يقوم عليه الفكر المتصوف من التسامح. كان لأولئك الشباب من ابناء المنهجين دور في زيادة حدة الخطابات التي بلورت المعارك الخطابية إلى معارك بالأيدي أحياناً.
هنالك عامل آخر لا يمكن اغفاله وهو ان انفتاح السودان في عهد حكومة الانقاذ الوطني على الجماعات الإسلامية المتطرفة وإيوائه لشخصيات رهن الاعتقال مثل اسامه بن لادن وغيره ممن تعارف على تسميته بالأفغان العرب وعدد لا يستهان به من مفكري الاخوان المسلمين وكوادر ما يسمى بالإسلام السياسي من مختلف الاقطار ادخل مفاهيم جديدة في نسيج الفكر السلفي وحقن دماء اتباعه بجرعات كبيرة من التطرف الفكري والتطرف الديني وخرجت علينا احزاب سياسية ذات خلفيات دينية تتحدث عن الخلافة الاسلامية وعن المجتمع الجاهلي ، الذي لا يقصدون به قطعاً المجتمع الذي عاش في القرن السابع الميلادي وإنما الذي عاش في القرن العشرين ويدين بدين الاسلام!.
وكنتيجة حتمية كانت محصلة هذا التلاقح الفكري بين هؤلاء الوافدين على السودان ومعتنقي الفكر السلفي او المنهج السلفي بالسودان، اشكالاً جديدةً للتعبير عن رفضها لما يحدث بالمجتمع.و انتهجوا أسلوباً آخراً لمواجهة التيار السلفي هو اسلوب جديد على المجتمع السوداني. فشهدت حقبة تسعينيات القرن الماضي وحتى العقد الأول من القرن الحالي مشاهد لم ترد بخلد الشعب السوداني المتسامح عقائدياً.
يرى مركز الجزيرة للدراسات في مقال له نشر هذا العام (2012م)،على موقع قناة الجزيرة الاخبارية أن المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي ( الذي تأسس في الخرطوم، انضم إليها كثير من قادة الحركات الإسلامية المغضوب عليهم في بلادهم، مثل مجموعات الجهاد الليبي والمصري والإخوان المسلمين الخارجين عن سلطة التنظيم العالمي للإخوان، مثل قادة التنظيم السوري والتونسي. وقد كان التطرف الديني في السودان والذي يقوم على أساس تكفير الحكام والمجتمع محدودًا ومحصورًا في مناطق معينة مثل منطقة (أبو قوتة) في ولاية الجزيرة، على بعد 400 كيلو متر من الخرطوم؛ ومنطقة (الفاو) بشرق السودان، على بعد 500 كيلو متر من الخرطوم؛ وجيوب صغيرة في كل من الدمازين الواقعة على بعد 600 كيلو متر جنوب شرق الخرطوم، ومنطقة كوستي التي تبعد 400 كيلو متر غربًا، بالإضافة إلى تواجدهم بأعداد قليلة في الخرطوم. وكانوا يُسمَّون بالعزلة نسبة لاعتزالهم المجتمع وهجره دون مخالطته، باعتباره مجتمعًا كافرًا ومشركًا يتحاكم إلى الطاغوت والقوانين الوضعية) ( السلفية في السودان/ مركز الجزيرة للدراسات 2012م).
(وتزامن مع دخول الأفغان العرب إلى السودان، دخول الشيخ السوداني محمد عبد الكريم مرحَّلاً من السعودية عام 1993، حيث كان إمامًا وخطيبًا لمسجد الكوثر بجدة. وما أن استقر محمد عبد الكريم بالسودان حتى خلق تجمعًا كبيرًا من الشباب أطلقوا على كيانهم (الجبهة الإسلامية المسلحة) التي حاولت تنفيذ العديد من العمليات العسكرية) ( المقال/المصدر)
(وفي نفس العام 1993، جاء إلى السودان مرحَّلاً من أبي ظبي الشيخ عبد الحي يوسف الذي كان إمامًا وخطيبًا لمسجد محمد بن زايد بأبي ظبي. ولحق بهؤلاء مؤخرًا الشيخ مدثر أحمد إسماعيل. وقد كان جميع هؤلاء قد درسوا في الجامعات السعودية وتخرجوا وعملوا بها قبل ترحيلهم إلى السودان. وحتى هذا الوقت، لم يكن للسلفية الجهادية كيان أو تنظيم موحد يجمعهم وإنما كانوا يلتقون في المبادئ والأهداف والوسائل. وبازدياد وتيرة وسخونة الخطب التي يلقيها الشيوخ العائدون من دول الخليج، وبتوفر المهارات والقدرات العسكرية التي وفرها الأفغان العرب الذين وفدوا إلى السودان، أصبح نشاط التيار السلفي التكفيري في تصاعد.) ( المقال/ المصدر)
في اعتقادي أن العام 1993م يمثل بداية النهاية لمجتمع عرف بالتسامح ليلحق السودان بقاطرة العنف الديني _ إن جاز التعبير – والبداية الفعلية للفتنة الطائفية والدينية التي يعلم الله سبحانه وتعالى وحده متى تنتهي. ويتفق معي الكثيرون على أن عبد الله الخليفي هو رائد مدرسة اقصاء الآخر الذي تختلف معه فكرياً أو عقائدياً أو - ربما في نطاق ضيق – تنظيمياً. وهذا الاقصاء ليس بالارهاب الفكري او النفي خارج البلاد أو سحب الجنسية، هذا الاقصاء يتم بالتصفية الجسدية فقط ولا يلجأ إلى وسيلة أخرى غيرها. ولعل فعلته التي فعلها رغم ما يقارب العقدين على حدوثها إلا انها كانت الأعمق أثراً من خلال عشر نماذج سأذكرها تباعا على حسب التسلسل الزمني.
الهجرة إلى كمبو (10)
كلمة ( كمبو) هي سودنة لكلمة Camp الانجليزية والتي تعني المخيم. ولكن الكلمة انتقلت من معناها الاصلي لتطلق على كل قرية انشاتها جماعات قادمة من غرب السودان ومناطق النيل الأزرق للعمل بمشروع الجزيرة الزراعي في أواسط السودان. وعاش أهل تلك القرى - في الغالب - كمجتمعات مقفولة تتزاوج في داخلها ولكن تتمتع بعلاقات واسعة مع القرى الكبيرة أو المدن التي تتاخمها لاشتغال بعض ابناء تلك الجماعات بالتجارة والعمل بالمصانع.
تلك الحادثة التي جرت احداثها بكمبو (10) في اواخر العام 1993م ربما تكون ارهاصات تطرف ديني عبر عن نفسه بعنف داخل المجتمع السوداني. وقد اشار إليها موقع قناة الجزيرة الإخبارية بالشبكة العنكوبتية، ضمن فقرات مقال بعنوان: (السلفية في السودان).
يرى مركز الجزيرة للدراسات أن أول الحكاية كانت (( في ولاية الجزيرة بمنطقة تسمي (كمبو 10) في نهاية العام 1993، وذلك عندما قام مجموعة من الشباب التابعين للشيخ محمد عبد الكريم والذين كانوا يعتقدون بتكفير الحكام، وتكفير التحاكم إلى الطاغوت، وتكفير استخراج الأوراق الثبوتية كالجواز والجنسية والبطاقة الشخصية واستخدام العملة الورقية، بالسير على الأقدام إلى (كمبو10) بولاية الجزيرة والتي تبعد 400 كيلو متر من الخرطوم، وذلك من أجل هجر الكفر والشرك. وعند وصولهم للكمبو، قام أحد الأهالي بالتبليغ عنهم؛ فجاءت قوة من الشرطة وطلبت منهم الاستسلام غير أنهم، وباعتقادهم أن طاعة الشرطة كفر، وقع الاشتباك بينهم، الأمر الذي أدى لمقتل أمير الجماعة وعدد من أتباعه إلى جانب أفراد من الشرطة السودانية)) (المقال/ المصدر).
( أواصل بإذن الله )
ولكن ما حدث في تاريخ السودان الحديث كان مغايراً تماماً لتلك الصورة المثالية، حيث شهدت تسعينيات القرن المنصرم احداثاً لم تخطر بأحلام الشعب السوداني المتسامح دينياً، حيث ان انتشار الاسلام عبر الطرق الصوفية اضفى على سلوكيات المجتمع السوداني شيئاً من البساطة والتسامح والتعايش مع المذاهب الاسلامية وبالمثل مع الديانة المسيحية ولولا ارتباط الوجدان السوداني بالقضية الفلسطينية لتسامح السودانيون مع الأسر اليهودية ايضاً ولكن الاخيرة لجأت _ كما اشترت في صدر المقال - إلى تغيير ديانتها او اخفائها.
ارهاصات حقبة التسعينيات بدأت كفتق صغير واتسع، وذلك عبر المنابر والندوات في شكل خطابات بدت حادة ثم تحولت إلى عنيفة اللهجة من الجماعات السلفية التي تستهجن بعض الممارسات التي تحسب علي التيار الصوفي في السودان مثل الاستنجاد بقبور من يعتقدون في ولايتهم والطقوس التي تمارس في حلقات الذكر خصوصاً في الاحتفالية بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ونادراً ما تطرقت الجماعات السلفية بالحديث إلى معتقدي المذهب الشيعي وذلك لأن تأثيرهم في المجتمع السوداني لا يكاد يذكر ثم انتقلت الجماعات السلفية إلى الانقسام فشرعت في مهاجمة فصائلها وجماعاتها بجانب مهاجمتها للفكر الصوفي. ثم دخلت جماعات الإسلام السياسي في هذا الخضم فانضمت لمهاجمة الصوفية جماعة الاخوان المسلمين – منذ تسميتها الأولى جبهة الميثاق الاسلامي وحتى انتقالها لمسمى: الجبهة القومية الاسلامية وكذلك في بدايات تسميتها بالمؤتمر الوطني قبل ان تتصالح مع الجماعات الصوفية لاغراض سياسية –
هذه الندوات والمناظرات وخطب الجمعة وخطب المناسبات الدينية الاخرى لم تخلو من عبارات تشيء بتكفير الفكر الصوفي وإن لم تصرح بتكفير معتقديه. ولكن وجود العنصر الشبابي في اتباع المنهج السلفي وبالمقابل ظهور بعض ( الحيران) أو الحواريين لعدد من شيوخ الطرق الصوفية تميزوا بالتعصب والتزمت الفكري على غير ما يقوم عليه الفكر المتصوف من التسامح. كان لأولئك الشباب من ابناء المنهجين دور في زيادة حدة الخطابات التي بلورت المعارك الخطابية إلى معارك بالأيدي أحياناً.
هنالك عامل آخر لا يمكن اغفاله وهو ان انفتاح السودان في عهد حكومة الانقاذ الوطني على الجماعات الإسلامية المتطرفة وإيوائه لشخصيات رهن الاعتقال مثل اسامه بن لادن وغيره ممن تعارف على تسميته بالأفغان العرب وعدد لا يستهان به من مفكري الاخوان المسلمين وكوادر ما يسمى بالإسلام السياسي من مختلف الاقطار ادخل مفاهيم جديدة في نسيج الفكر السلفي وحقن دماء اتباعه بجرعات كبيرة من التطرف الفكري والتطرف الديني وخرجت علينا احزاب سياسية ذات خلفيات دينية تتحدث عن الخلافة الاسلامية وعن المجتمع الجاهلي ، الذي لا يقصدون به قطعاً المجتمع الذي عاش في القرن السابع الميلادي وإنما الذي عاش في القرن العشرين ويدين بدين الاسلام!.
وكنتيجة حتمية كانت محصلة هذا التلاقح الفكري بين هؤلاء الوافدين على السودان ومعتنقي الفكر السلفي او المنهج السلفي بالسودان، اشكالاً جديدةً للتعبير عن رفضها لما يحدث بالمجتمع.و انتهجوا أسلوباً آخراً لمواجهة التيار السلفي هو اسلوب جديد على المجتمع السوداني. فشهدت حقبة تسعينيات القرن الماضي وحتى العقد الأول من القرن الحالي مشاهد لم ترد بخلد الشعب السوداني المتسامح عقائدياً.
يرى مركز الجزيرة للدراسات في مقال له نشر هذا العام (2012م)،على موقع قناة الجزيرة الاخبارية أن المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي ( الذي تأسس في الخرطوم، انضم إليها كثير من قادة الحركات الإسلامية المغضوب عليهم في بلادهم، مثل مجموعات الجهاد الليبي والمصري والإخوان المسلمين الخارجين عن سلطة التنظيم العالمي للإخوان، مثل قادة التنظيم السوري والتونسي. وقد كان التطرف الديني في السودان والذي يقوم على أساس تكفير الحكام والمجتمع محدودًا ومحصورًا في مناطق معينة مثل منطقة (أبو قوتة) في ولاية الجزيرة، على بعد 400 كيلو متر من الخرطوم؛ ومنطقة (الفاو) بشرق السودان، على بعد 500 كيلو متر من الخرطوم؛ وجيوب صغيرة في كل من الدمازين الواقعة على بعد 600 كيلو متر جنوب شرق الخرطوم، ومنطقة كوستي التي تبعد 400 كيلو متر غربًا، بالإضافة إلى تواجدهم بأعداد قليلة في الخرطوم. وكانوا يُسمَّون بالعزلة نسبة لاعتزالهم المجتمع وهجره دون مخالطته، باعتباره مجتمعًا كافرًا ومشركًا يتحاكم إلى الطاغوت والقوانين الوضعية) ( السلفية في السودان/ مركز الجزيرة للدراسات 2012م).
(وتزامن مع دخول الأفغان العرب إلى السودان، دخول الشيخ السوداني محمد عبد الكريم مرحَّلاً من السعودية عام 1993، حيث كان إمامًا وخطيبًا لمسجد الكوثر بجدة. وما أن استقر محمد عبد الكريم بالسودان حتى خلق تجمعًا كبيرًا من الشباب أطلقوا على كيانهم (الجبهة الإسلامية المسلحة) التي حاولت تنفيذ العديد من العمليات العسكرية) ( المقال/المصدر)
(وفي نفس العام 1993، جاء إلى السودان مرحَّلاً من أبي ظبي الشيخ عبد الحي يوسف الذي كان إمامًا وخطيبًا لمسجد محمد بن زايد بأبي ظبي. ولحق بهؤلاء مؤخرًا الشيخ مدثر أحمد إسماعيل. وقد كان جميع هؤلاء قد درسوا في الجامعات السعودية وتخرجوا وعملوا بها قبل ترحيلهم إلى السودان. وحتى هذا الوقت، لم يكن للسلفية الجهادية كيان أو تنظيم موحد يجمعهم وإنما كانوا يلتقون في المبادئ والأهداف والوسائل. وبازدياد وتيرة وسخونة الخطب التي يلقيها الشيوخ العائدون من دول الخليج، وبتوفر المهارات والقدرات العسكرية التي وفرها الأفغان العرب الذين وفدوا إلى السودان، أصبح نشاط التيار السلفي التكفيري في تصاعد.) ( المقال/ المصدر)
في اعتقادي أن العام 1993م يمثل بداية النهاية لمجتمع عرف بالتسامح ليلحق السودان بقاطرة العنف الديني _ إن جاز التعبير – والبداية الفعلية للفتنة الطائفية والدينية التي يعلم الله سبحانه وتعالى وحده متى تنتهي. ويتفق معي الكثيرون على أن عبد الله الخليفي هو رائد مدرسة اقصاء الآخر الذي تختلف معه فكرياً أو عقائدياً أو - ربما في نطاق ضيق – تنظيمياً. وهذا الاقصاء ليس بالارهاب الفكري او النفي خارج البلاد أو سحب الجنسية، هذا الاقصاء يتم بالتصفية الجسدية فقط ولا يلجأ إلى وسيلة أخرى غيرها. ولعل فعلته التي فعلها رغم ما يقارب العقدين على حدوثها إلا انها كانت الأعمق أثراً من خلال عشر نماذج سأذكرها تباعا على حسب التسلسل الزمني.
الهجرة إلى كمبو (10)
كلمة ( كمبو) هي سودنة لكلمة Camp الانجليزية والتي تعني المخيم. ولكن الكلمة انتقلت من معناها الاصلي لتطلق على كل قرية انشاتها جماعات قادمة من غرب السودان ومناطق النيل الأزرق للعمل بمشروع الجزيرة الزراعي في أواسط السودان. وعاش أهل تلك القرى - في الغالب - كمجتمعات مقفولة تتزاوج في داخلها ولكن تتمتع بعلاقات واسعة مع القرى الكبيرة أو المدن التي تتاخمها لاشتغال بعض ابناء تلك الجماعات بالتجارة والعمل بالمصانع.
تلك الحادثة التي جرت احداثها بكمبو (10) في اواخر العام 1993م ربما تكون ارهاصات تطرف ديني عبر عن نفسه بعنف داخل المجتمع السوداني. وقد اشار إليها موقع قناة الجزيرة الإخبارية بالشبكة العنكوبتية، ضمن فقرات مقال بعنوان: (السلفية في السودان).
يرى مركز الجزيرة للدراسات أن أول الحكاية كانت (( في ولاية الجزيرة بمنطقة تسمي (كمبو 10) في نهاية العام 1993، وذلك عندما قام مجموعة من الشباب التابعين للشيخ محمد عبد الكريم والذين كانوا يعتقدون بتكفير الحكام، وتكفير التحاكم إلى الطاغوت، وتكفير استخراج الأوراق الثبوتية كالجواز والجنسية والبطاقة الشخصية واستخدام العملة الورقية، بالسير على الأقدام إلى (كمبو10) بولاية الجزيرة والتي تبعد 400 كيلو متر من الخرطوم، وذلك من أجل هجر الكفر والشرك. وعند وصولهم للكمبو، قام أحد الأهالي بالتبليغ عنهم؛ فجاءت قوة من الشرطة وطلبت منهم الاستسلام غير أنهم، وباعتقادهم أن طاعة الشرطة كفر، وقع الاشتباك بينهم، الأمر الذي أدى لمقتل أمير الجماعة وعدد من أتباعه إلى جانب أفراد من الشرطة السودانية)) (المقال/ المصدر).
( أواصل بإذن الله )