صورة
هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالساً، وأنا واقفُ.. تتدلى يداي
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكَّر
سال دمي
أتذكَّر
مات أبي نازفاً
أتذكَّر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكَّر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكَّر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس
أو كان الصبي الصغير أنا؟
أم ترى كان غيري؟
أحدّق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
والعيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبقَّ من السنوات الغريبة
إلا صدى اسمي
وأسماء من أتذكَّرهم فجأة
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون: رفاق صباي
يقبّلون من الصمت وجها فوجها
فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس
وجه
كان يسكن قلبي
وأسكن غرفته
نتقاسم نصف السرير
ونصف الرغيف
ونصف اللفافة
والكتب المستعارة
هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
ولكنه يعد يومين مزّق صورتها
واندهش
خاض حربين بين جنود المظلات
لم ينخدش
واستراح من الحرب
عاد ليسكن بيتاً جديداً
ويكسب قوتاً جديداً
يدخّن علبة تبغ بكاملها
ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
لكنه لا يطيل الزيارة
عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
وفي غرفة العمليات
لم يصطحب أحداً غير خفّ
وأنبوبة لقياس الحرارة
فجأة مات!
لم يحتمل قلبه سريان المخدر
وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات
عاد كما كان طفلاً
سيشاركني في سريري
وفي كسرة الخبز، والتبغ
لكنه لا يشاركني.. في المرارة
وجه
ومن أقاصي الجنوب أتى
عاملاً للبناء
كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء
كنت أجلس خارج مقهى قريب
وبالأعين الشاردة
كنت أقرأ نصف الصحيفة
والنصف أخفي به وسخ المائدة
لم أجد غير عينين لا تبصران
وخيط الدماء
وانحنيت عليه أجسّ يده
قال آخر: لا فائدة
صار نصف الصحيفة كل الغطاء
وأنا.. في العراء
وجه
ليت أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمُتْ
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد
وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد
ليت "أسماء"
تعرف أن أباها الذي
حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
وهو يضحك
وهو يفكر
وهو يفتش عما يقيم الأود
ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
خبأنه بين أوراقهن
وعلمنه أن يسير
ولا يلتقي بأحد
مرآة
- هل تريد قليلاً من البحر؟
- إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
البحر والمرأة الكاذبة
- سوف آتيك بالرمل منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه
- هل تريد قليلاً من الخمر؟
- إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين:
قنينة الخمر والآلة الحاسبة
- سوف آتيك بالثلج منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه
بعدها لم أجد صاحبي
لم يعد واحد منهما لي بشيء
- هل نريد قليلاً من الصبر؟
- لا..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه
يشتهي أن يلاقي اثنتين:
الحقيقة والأوجه الغائبة.
هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالساً، وأنا واقفُ.. تتدلى يداي
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكَّر
سال دمي
أتذكَّر
مات أبي نازفاً
أتذكَّر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكَّر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكَّر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس
أو كان الصبي الصغير أنا؟
أم ترى كان غيري؟
أحدّق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
والعيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبقَّ من السنوات الغريبة
إلا صدى اسمي
وأسماء من أتذكَّرهم فجأة
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون: رفاق صباي
يقبّلون من الصمت وجها فوجها
فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس
وجه
كان يسكن قلبي
وأسكن غرفته
نتقاسم نصف السرير
ونصف الرغيف
ونصف اللفافة
والكتب المستعارة
هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
ولكنه يعد يومين مزّق صورتها
واندهش
خاض حربين بين جنود المظلات
لم ينخدش
واستراح من الحرب
عاد ليسكن بيتاً جديداً
ويكسب قوتاً جديداً
يدخّن علبة تبغ بكاملها
ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
لكنه لا يطيل الزيارة
عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
وفي غرفة العمليات
لم يصطحب أحداً غير خفّ
وأنبوبة لقياس الحرارة
فجأة مات!
لم يحتمل قلبه سريان المخدر
وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات
عاد كما كان طفلاً
سيشاركني في سريري
وفي كسرة الخبز، والتبغ
لكنه لا يشاركني.. في المرارة
وجه
ومن أقاصي الجنوب أتى
عاملاً للبناء
كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء
كنت أجلس خارج مقهى قريب
وبالأعين الشاردة
كنت أقرأ نصف الصحيفة
والنصف أخفي به وسخ المائدة
لم أجد غير عينين لا تبصران
وخيط الدماء
وانحنيت عليه أجسّ يده
قال آخر: لا فائدة
صار نصف الصحيفة كل الغطاء
وأنا.. في العراء
وجه
ليت أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمُتْ
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد
وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد
ليت "أسماء"
تعرف أن أباها الذي
حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
وهو يضحك
وهو يفكر
وهو يفتش عما يقيم الأود
ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
خبأنه بين أوراقهن
وعلمنه أن يسير
ولا يلتقي بأحد
مرآة
- هل تريد قليلاً من البحر؟
- إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
البحر والمرأة الكاذبة
- سوف آتيك بالرمل منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه
- هل تريد قليلاً من الخمر؟
- إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين:
قنينة الخمر والآلة الحاسبة
- سوف آتيك بالثلج منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه
بعدها لم أجد صاحبي
لم يعد واحد منهما لي بشيء
- هل نريد قليلاً من الصبر؟
- لا..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه
يشتهي أن يلاقي اثنتين:
الحقيقة والأوجه الغائبة.