تنبيه عام:
عندما أضع " إزلي أقذيم" بيت شعري لكلاسيكيات الأغنية الأمازيغية أضع تحته " بيت شعري امازيغي مأثور" وأقصد ذلك درءا للخطأ الذي يسقط فيه والذي يعتبرون بعض الأداء أو طريقة عزف بعض فنانينا لذلك الشعر بصمة لهم، إنه شعر مأثور بقي في الوجدان بسبب عمقه وقوته التعبيرية وإيقاعه الموسيقي وغير ذلك، اما صاحب البيت فهو غير معروف ونحن نعرف فنا لم نؤسس له في معارفنا الثقافية كان متداولا وحتى الآن في فن أحيدوس هو فن المجادلة والملاسنة في الشعر الأمازيغي الشفهي، هذا الفن أو بعبارة اخرى، ثمرة هذا الشكل الجدالي المتلاسن الشفهي في أحيدوس هو من انتقل إلى شعر واغاني فن " لقصارة" لذلك فلا مغني ولا رويشة ولا أي فنان من جيل الكلاسيكي أبدع أغنية من ذاته ، بل نقل شعر أحيدوس إلى فن لقصارة وإبداعه في الأمر هو ليس اكثر من إبداع على مستوى العزف او اللحن أو الأداء.
هناك امر آخر مثير للإنتباه حتى داخل فن "لقصارة" يحدث فيها أيضا نفس المجادلة ونفس التلاسن على الطريقة الأحيدوسية ( بمعنى انها هي الأخرى ورثت من احيدوس هذه الملاسنة وهذه المجادلة)، لكن من داخل الإلتزام بكيمياء العزف واللحن لأغنية ما ، لكن على مستوى ممارسي هذا الفن لم يجرؤ أحد أن نسب البيت له برغم أن هناك إبداع فعلي داخل نسق أغنية معينة وهي امور تحدث غالبا في الغناء الامازيغي ، وعموما ليس في الأمر أي توثيق يؤكد نسبة بيت شعري معين لشخص معينأو بعبارة اخرى، ليس هنا صرامة فعلية في انتساب البيت الشعري لهذا أو ذاك او لهذه الجماعة او تلك) ، ويحدث في المجادلة الشعرية الغنائية سواء في ثنائية الزوج (رجل يطرح، امرأة ترد والعكس بالعكس، جماعة تطرح وأخرى ترد والعكس بالعكس) إبداع فعلي من داخل النسق الغنائي العام: أقصد من داخل اللازمة المترددة وفق عزف ولحن معين يحدث دائما إنتاج فردي او إنتاج جماعي تنتج عنه خاصيات وسلوكيات خاصة من خلال ثنائية التساؤل: " ما كّنى؟"، " ما غاس نيني؟" ( يقصد ماذا قال الشاعر في نفس المجموعة التي تؤدي أغنية ما قصد ترديدها بشكل صحيح وفق التلازم الغنائي، ما غاس نيني؟ كيف نرد عليه)، وهنا يمكن أن يكون الطرح بيت شعري قديم موروث شفاهيا أو يمكن ان يكون من إبداع فرد داخل الجماعة أو تكون الجماعة كلها شاركت في إنتاجه .. " ماغاس نيني؟" ( كيف نرد) يخضع أيضا لنفس السياق، قد يكون من داخل الموروث الشفهي الجمعي أو قد يكون من داخل الجماعة لفرد بها، او بتشاركهم في انتاج الرد المناسب للجماعة الاخرى ( يمكن ان نفترض هنا نسق قصارة في عرس أمازيغي حيث الغناء جماعي حيث يخضع عمليا لثنائئة ( "ماكنى"، "ما غاس نيني") وهنا من الصعب توثيق ان قائل البيت الشعري المبدع هو فلان أو فلانة أو جماعة معينة (حتى الجماعة لا تخضع لانتخاب معين بل تنتخب بشكل زمكان ( باحة وسط منزل في او خيمة فيها الفرق تكونت بسبب تواجدها في الباحة: أربعة اشخاص مثلا متجاورين بالصدفة ضد أربعة آخرين متجاورين بالصدفة أيضا، وطبعا هناك كيمياء أخرى، فإذا كنت سأشارك سأختار المجموعة التي تناسبني او فيها شخص يناسبني أكثر)، يتم نفس الأمر حتى في فن " لقصارة" ذات الطابع الثنائي الفردي ( رجل ضد رجل أو امرأة ضد امرأة او رجل ضد امراة والعكس بالعكس ويكون الآخرون متفرجون) ففي كل الحالات تتم الأطروحة إما من داخل المأثور شعريا، بمعنى انه طرح موجود قبلا كتراث عقل جمعي معطى ويتناسب أو يتصادف مع حالة معينة يفرضها جو " لقصارة" الآني، او قد يكون إبداعا جديدا وفق نسق جو " لقصارة" إبداع شخصي فردي ويكون ضد الأطروحة ايضا من داخل نفس النسق وبنفس التناقض العكسي، وعلى كل حال ليست هناك قاعدة مفترضة في الجدال أو التطارح، فيمكن مثلا أن يكون الطرح ( فرض اطروحة) من داخل التراث او من داخل الموروث شفهيا لكن يمكن ان يكون الرد إبداعا جديدا سواء فردي او جماعي، يعني: لا ينتمي إلى الموروث بل هو إبداع جديد ويحدث أيضا العكس بالعكس: يكون الطرح إبداعا جديدا والرد عليه من التراث بشكل يضعنا امام كيمياء تمزج الماضي بالحاضر بشكل غير متناقض.
مع تطور المجتمع المغربي وترأسمله التي من خصالها خاصية الفردانية بدأت بالفعل أشكال جديدة من داخل " لقصارة" وأصبح أحيدوس أيضا الذ كان يعبر في اشكاله السيميائية إلى واقع اجتماعي يعبر عن نمط إنتاج رحالي مغربي (ينتمي إلى زمن الترحال حيث ملكية المزارع والأرض هي ملكية جماعية إلى زمن بدأ أحيدوس أيضا وحاليا ( برغم نمطيته الجماعية) يميل فولكلوريا إلى التأسيس لجماعة خاصة تنمطها ظاهرة التميز والتراكم الراسمالي حيث أصبح ظاهرة سياحية أكثر وهذا جدل آخر) .
أريد القول: في الغناء الأمازيغي الكلاسيكي بالأطلس المتوسط الذي لا زال يتداول بشكل كبير حتى الآن هي ملازمة موروثة من احيدوس، اليوم بالفعل هناك إنتاج متلازمات للتردد جديدة لكن يمكن قلب الإستنتاج وفقا لما حللته في وضع الشعر في الأغنية الكلاسيكية: متلازمة جديدة غير موروثة لكن بابيات شعرية تخضع لنفس التحليل السابق، يعني فيه إبداع جماعي او فردي، فيها أخذ من التراث ( الشعر الشفهي الجمعي) وتخضع لنفس النمط التلاسني التجادلي.. حتى الظواهر المتجددة فيها التي تبقي ظاهرة طرح الأطروحة ونقيضها لا زالت حتى في ملازمة جديدة تخضع لنفس السياق الذي أعالجه هنا في هذا المقال، بمعنى هناك متلازمة تردد، كلماتها جديدة، لكن مضمون الأبيات الشعرية فيها تخضع لكيمياء التلاقح والتلاقف والإبداع التي طبعت فترة جيل "لقصارة" التي حاولت شرحها اعلاه مع وجود استثناء اعتبره أيضا إبداع من حيث شكل غنائي حاول تقمص الغناء الأندلسي الملحوني والذي نجده في غناء "تايفارت" أو " تامديازت" وهي شكل ليس جديدا بقدر ما أن الجديد فيه هو القصيدة بشكل عام، فشعر " تامديازت" شعر آخر يستحق دراسة مستقلة، لكن ما يهمني هنا هو علاقته بالأغنية الأمازيغية الكلاسيكية حيث انها وإن كانت هي الأخرى وظفت في الغناء وتحتفظ بخاصية المجادلة والملاسنة فهي بشكل عام تحتفظ باسم منتجها نظرا لطولها، حتى الأغنية التي أبدع لحنها رويشة وخضعها لنسق الملحون: " جوذ غيفي" هي تامديازت بلحن واداء وغناء رويشة لكن الكلمات ليست له وهذه نقطة انتباه لمن يعتقد أن رويشة هو منتجها، وهي ايضا تسائل رويشة إذا أردنا نعتبر كيان الراسمالية مقدس كما هو في ثقافة العموم ، كان على رويشة أن يقدم جزء من ارباحه منها لصاحب القصيدة الفعلي .
أخيرا اطرح هذه الإشكاليات للبحث واتمنى صادقا ان تكون هناك ردود وإسهامات حول الأمر من من منطلق وجود فراغ حول الأغنية الامازيغية بالاطلس المتوسط يتوجب موضوعيا تاسيسا معرفيا علميا لهذا التراث.
لقد ظلمنا الاغنية الامازيغية بالأطلس المتوسط حين كان الفكر السائد يعرفها بأغاني " الشيخات" والآن حان الوقت لرد الإعتبار لهذا النمط المرحي الجميل.
عذري مازغ / باحث مغربي
عندما أضع " إزلي أقذيم" بيت شعري لكلاسيكيات الأغنية الأمازيغية أضع تحته " بيت شعري امازيغي مأثور" وأقصد ذلك درءا للخطأ الذي يسقط فيه والذي يعتبرون بعض الأداء أو طريقة عزف بعض فنانينا لذلك الشعر بصمة لهم، إنه شعر مأثور بقي في الوجدان بسبب عمقه وقوته التعبيرية وإيقاعه الموسيقي وغير ذلك، اما صاحب البيت فهو غير معروف ونحن نعرف فنا لم نؤسس له في معارفنا الثقافية كان متداولا وحتى الآن في فن أحيدوس هو فن المجادلة والملاسنة في الشعر الأمازيغي الشفهي، هذا الفن أو بعبارة اخرى، ثمرة هذا الشكل الجدالي المتلاسن الشفهي في أحيدوس هو من انتقل إلى شعر واغاني فن " لقصارة" لذلك فلا مغني ولا رويشة ولا أي فنان من جيل الكلاسيكي أبدع أغنية من ذاته ، بل نقل شعر أحيدوس إلى فن لقصارة وإبداعه في الأمر هو ليس اكثر من إبداع على مستوى العزف او اللحن أو الأداء.
هناك امر آخر مثير للإنتباه حتى داخل فن "لقصارة" يحدث فيها أيضا نفس المجادلة ونفس التلاسن على الطريقة الأحيدوسية ( بمعنى انها هي الأخرى ورثت من احيدوس هذه الملاسنة وهذه المجادلة)، لكن من داخل الإلتزام بكيمياء العزف واللحن لأغنية ما ، لكن على مستوى ممارسي هذا الفن لم يجرؤ أحد أن نسب البيت له برغم أن هناك إبداع فعلي داخل نسق أغنية معينة وهي امور تحدث غالبا في الغناء الامازيغي ، وعموما ليس في الأمر أي توثيق يؤكد نسبة بيت شعري معين لشخص معينأو بعبارة اخرى، ليس هنا صرامة فعلية في انتساب البيت الشعري لهذا أو ذاك او لهذه الجماعة او تلك) ، ويحدث في المجادلة الشعرية الغنائية سواء في ثنائية الزوج (رجل يطرح، امرأة ترد والعكس بالعكس، جماعة تطرح وأخرى ترد والعكس بالعكس) إبداع فعلي من داخل النسق الغنائي العام: أقصد من داخل اللازمة المترددة وفق عزف ولحن معين يحدث دائما إنتاج فردي او إنتاج جماعي تنتج عنه خاصيات وسلوكيات خاصة من خلال ثنائية التساؤل: " ما كّنى؟"، " ما غاس نيني؟" ( يقصد ماذا قال الشاعر في نفس المجموعة التي تؤدي أغنية ما قصد ترديدها بشكل صحيح وفق التلازم الغنائي، ما غاس نيني؟ كيف نرد عليه)، وهنا يمكن أن يكون الطرح بيت شعري قديم موروث شفاهيا أو يمكن ان يكون من إبداع فرد داخل الجماعة أو تكون الجماعة كلها شاركت في إنتاجه .. " ماغاس نيني؟" ( كيف نرد) يخضع أيضا لنفس السياق، قد يكون من داخل الموروث الشفهي الجمعي أو قد يكون من داخل الجماعة لفرد بها، او بتشاركهم في انتاج الرد المناسب للجماعة الاخرى ( يمكن ان نفترض هنا نسق قصارة في عرس أمازيغي حيث الغناء جماعي حيث يخضع عمليا لثنائئة ( "ماكنى"، "ما غاس نيني") وهنا من الصعب توثيق ان قائل البيت الشعري المبدع هو فلان أو فلانة أو جماعة معينة (حتى الجماعة لا تخضع لانتخاب معين بل تنتخب بشكل زمكان ( باحة وسط منزل في او خيمة فيها الفرق تكونت بسبب تواجدها في الباحة: أربعة اشخاص مثلا متجاورين بالصدفة ضد أربعة آخرين متجاورين بالصدفة أيضا، وطبعا هناك كيمياء أخرى، فإذا كنت سأشارك سأختار المجموعة التي تناسبني او فيها شخص يناسبني أكثر)، يتم نفس الأمر حتى في فن " لقصارة" ذات الطابع الثنائي الفردي ( رجل ضد رجل أو امرأة ضد امرأة او رجل ضد امراة والعكس بالعكس ويكون الآخرون متفرجون) ففي كل الحالات تتم الأطروحة إما من داخل المأثور شعريا، بمعنى انه طرح موجود قبلا كتراث عقل جمعي معطى ويتناسب أو يتصادف مع حالة معينة يفرضها جو " لقصارة" الآني، او قد يكون إبداعا جديدا وفق نسق جو " لقصارة" إبداع شخصي فردي ويكون ضد الأطروحة ايضا من داخل نفس النسق وبنفس التناقض العكسي، وعلى كل حال ليست هناك قاعدة مفترضة في الجدال أو التطارح، فيمكن مثلا أن يكون الطرح ( فرض اطروحة) من داخل التراث او من داخل الموروث شفهيا لكن يمكن ان يكون الرد إبداعا جديدا سواء فردي او جماعي، يعني: لا ينتمي إلى الموروث بل هو إبداع جديد ويحدث أيضا العكس بالعكس: يكون الطرح إبداعا جديدا والرد عليه من التراث بشكل يضعنا امام كيمياء تمزج الماضي بالحاضر بشكل غير متناقض.
مع تطور المجتمع المغربي وترأسمله التي من خصالها خاصية الفردانية بدأت بالفعل أشكال جديدة من داخل " لقصارة" وأصبح أحيدوس أيضا الذ كان يعبر في اشكاله السيميائية إلى واقع اجتماعي يعبر عن نمط إنتاج رحالي مغربي (ينتمي إلى زمن الترحال حيث ملكية المزارع والأرض هي ملكية جماعية إلى زمن بدأ أحيدوس أيضا وحاليا ( برغم نمطيته الجماعية) يميل فولكلوريا إلى التأسيس لجماعة خاصة تنمطها ظاهرة التميز والتراكم الراسمالي حيث أصبح ظاهرة سياحية أكثر وهذا جدل آخر) .
أريد القول: في الغناء الأمازيغي الكلاسيكي بالأطلس المتوسط الذي لا زال يتداول بشكل كبير حتى الآن هي ملازمة موروثة من احيدوس، اليوم بالفعل هناك إنتاج متلازمات للتردد جديدة لكن يمكن قلب الإستنتاج وفقا لما حللته في وضع الشعر في الأغنية الكلاسيكية: متلازمة جديدة غير موروثة لكن بابيات شعرية تخضع لنفس التحليل السابق، يعني فيه إبداع جماعي او فردي، فيها أخذ من التراث ( الشعر الشفهي الجمعي) وتخضع لنفس النمط التلاسني التجادلي.. حتى الظواهر المتجددة فيها التي تبقي ظاهرة طرح الأطروحة ونقيضها لا زالت حتى في ملازمة جديدة تخضع لنفس السياق الذي أعالجه هنا في هذا المقال، بمعنى هناك متلازمة تردد، كلماتها جديدة، لكن مضمون الأبيات الشعرية فيها تخضع لكيمياء التلاقح والتلاقف والإبداع التي طبعت فترة جيل "لقصارة" التي حاولت شرحها اعلاه مع وجود استثناء اعتبره أيضا إبداع من حيث شكل غنائي حاول تقمص الغناء الأندلسي الملحوني والذي نجده في غناء "تايفارت" أو " تامديازت" وهي شكل ليس جديدا بقدر ما أن الجديد فيه هو القصيدة بشكل عام، فشعر " تامديازت" شعر آخر يستحق دراسة مستقلة، لكن ما يهمني هنا هو علاقته بالأغنية الأمازيغية الكلاسيكية حيث انها وإن كانت هي الأخرى وظفت في الغناء وتحتفظ بخاصية المجادلة والملاسنة فهي بشكل عام تحتفظ باسم منتجها نظرا لطولها، حتى الأغنية التي أبدع لحنها رويشة وخضعها لنسق الملحون: " جوذ غيفي" هي تامديازت بلحن واداء وغناء رويشة لكن الكلمات ليست له وهذه نقطة انتباه لمن يعتقد أن رويشة هو منتجها، وهي ايضا تسائل رويشة إذا أردنا نعتبر كيان الراسمالية مقدس كما هو في ثقافة العموم ، كان على رويشة أن يقدم جزء من ارباحه منها لصاحب القصيدة الفعلي .
أخيرا اطرح هذه الإشكاليات للبحث واتمنى صادقا ان تكون هناك ردود وإسهامات حول الأمر من من منطلق وجود فراغ حول الأغنية الامازيغية بالاطلس المتوسط يتوجب موضوعيا تاسيسا معرفيا علميا لهذا التراث.
لقد ظلمنا الاغنية الامازيغية بالأطلس المتوسط حين كان الفكر السائد يعرفها بأغاني " الشيخات" والآن حان الوقت لرد الإعتبار لهذا النمط المرحي الجميل.
عذري مازغ / باحث مغربي