تعرضت في الجزء الأول من مقالي الذي يستعرض كتاب ( عنف البادية ) لدكتور حسن الجزولي ، استعرضت إفادات شخصية عن السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب أوردها الجزولي في الفصل الأول من كتابه وتحدث في الفصل الثاني تحت عنوان ( جذور الصراع ) لما قبل إنقلاب 19 يوليو 1971م الذي قام به الرائد هاشم العطا ورفاقه المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله وغيرهم على نظام المخلوع جعفر محمد نميري . أواصل اليوم في الجزء الثاني من استعراضي لكتاب ( عنف البادية ) فإلى الجزء الثاني من مقال ( عن ما جرى للشيوعيين في عهد النميري .. قراءة في كتاب حسن الجزولي : عنف البادية )
يمضى الكتاب ليحدثنا عن ان الصراع بين الحزب و( جناح معاوية) قد تفاقم بعد ان تكتل جناح معاوية بتشجيع من السلطة وبدأ ينتهج نشاطاً تنظيمياً وفكرياً معادياً للحزب ودعى لتكوين مركز بديل للمركز الرسمي للحزب بل انه بدأ في تحضير للمؤتمر الخامس. وفي حين سعى الحزب إلى احتواء هذا الصراع، اصر (حناح معاوية) على موقفة المعادي للحزب ( فلم يترك للجنة المركزية من خيار آخر غير أن تصدر قراراً بفصل جميع العناصر المتكتلة والخارجة على الشرعية الحزبية وأن تعلن ذلك في بيان) ( عنف البادية – ص 41).
تداعيات المواجهة هو عنوان الفصل الثاني، وهو يتحدث عن عزل النميري لثلاثة من اعضاء مجلس قيادة الثورة هم: المقدم بابكر النور والرائدين هاشم العطا وفاروق حمد الله بتاريخ 16 نوفمبر 1970م ويعزي السبب للخلاف ( الناشب أصلاً بين الحزب وبين قيادة مايو حول الانقلاب نفسه، وحول كثير من السياسات التي ترتبت عليه، كالموقف من قضية الحريات، ومن استقلال الحزب، ومن ميثاق طرابس في ديسمبر 1969، ومن ضرب الأنصار في ود نوباوي والجزيرة أبا في مارس – أبريل 1970م، ومن قرارات التأميم والمصادرة في 25 مايو من نفس السنة، وغيرها من الأحداث. ضف إلى ذلك الخلاف الذي نشب داخل مجلس قيادة الثورة هو اسلوب اتخاذ القرار، ولعل ابرز محطاته الباكرة موقف الأعضاء الثلاثة من إقدام نميري، بعد أشهر قلائل من الانقلاب، على ابرام ميثاق طرابس مع عبد الناصر والقذافي، دون الرجوع لمجلس الثورة. وهو الموقف الأقرب لموقف الشيوعيين الذين رأوا في ذلك الميثاق"تجاوزاً لخصوصية التشكيل العرقي للسودان"، كما رأو فيه انفراداً من نميري باتخاذ القرارات المصيرية الخطيرة دون استشارة أعضاء المجلس الآخرين) ( محمود محمد قلندر؛ سنوات نميري، مركز عبد الكريم ميرغني، الخرطوم 2005م، ص 148).
اتجاه مايو نحو الفكر القومي العربي الناصري بدأ واضحاً لوجود مولانا بابكر عوض الله على رأس اللجنة التنفيذية لحكومة مايو، إضافة لبعض النافذين داخل وخارج منظومة الجيش من امثال محمد عبد الحليم والطاهر عوض الله وغيرهم. هذا الاتجاه افرغ مايو من فكرة ( الجبهة الديمقراطية) التي قامت عليها مبادئ الانقلاب. ( من جهة اخرى كان لابد للصراع الذي انفجر داخل الحزب قبل وبعد انقلاب مايو، ان يجد تعبيراً عنه، بصورة او باخرى، داخل تنظيم الضباط الأحرار في الجيش، والذي كان يفترض ( جدارته )، حسب طبيعة الاشياء) ( عنف البادية-47).
ويرى حسن الجزولي ان الافتراض السابق وجد المقاومة من داخل مجلس قيادة الثورة بل وأدى ( إلى لجوء القوميين العرب في المجلس والجيش لتكوين تنظيم آخر مناوئ لتنظيم الضباط الأحرار باسم ( احرار مايو )!) ( عنف البادية – ص47).
وشهدت تلك الفترة تملماً في الجيش وبدأت ديكتاتورية نميري في الظهور على سطح الواقع السياسي السوداني وترتب على ذلك اقدام الرائد هاشم العطا على استقالته من الجيش ومجلس قيادة الثورة عقب احداث الجزيرة أبا، لكن النميري رفض استقالته ويرى حسن الجزولي ان اقصاء هؤلاء الثلاثة ( بابكر، هاشم وفاروق) من مجلس قيادة الثورة أدى إلى اضعاف أداء المجلس نظراً لافتقار بقية عضويته إلى الوعي السياسي والفكري.
غير أن نفس الفترة شهدت صراعاً آخر ولكن هذا المرة داخل اورقة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وكانت مادة الخلاف حول مشاركة الحزب في الاتحاد الاشتراكي الذي جاء على غرار الاتحاد الاشتراكي العربي في مصر الناصرية ومن ثم تتيح لمصر ممارسة سياسة الأخ الأكبر على الشأن السوداني ( ظهر للجميع أن قيادة الحزب الشيوعي السوداني نفسه منشقة على نفسها إلى فريقين، فريق يؤيد الأجندة المصرية، ويقوده أحمد سليمان وفاروق أبو عيسى ومعاوية ابراهيم، وفريق يعارضها بقيادة عبد الخالق محجوب والزعيم النقابي الشفيع أحمد الشيخ والقائدة النسائية فاطمة أحمد ابراهيم بالإضافة إلى التجاني الطيب ومحمد ابراهيم نقد وجوزيف قرنق). ( عنف البادية- ص 51)
ورغم ان فريق عبد الخالق يضم شخصية لها تأثيرها وهو الشفيع احمد الشيخ ، فبالإضافة لقوة الشخصية فإن الشفيع هو الرجل الثاني في الحزب الشيوعي وهو سكرتير اتحاد عام عمال السودان وهو نائب سكرتير اتحاد عام عمال العالم، كما انه الحائز على وسام لينين ووسام النيلين.
- أواصل بإذن الله -
يمضى الكتاب ليحدثنا عن ان الصراع بين الحزب و( جناح معاوية) قد تفاقم بعد ان تكتل جناح معاوية بتشجيع من السلطة وبدأ ينتهج نشاطاً تنظيمياً وفكرياً معادياً للحزب ودعى لتكوين مركز بديل للمركز الرسمي للحزب بل انه بدأ في تحضير للمؤتمر الخامس. وفي حين سعى الحزب إلى احتواء هذا الصراع، اصر (حناح معاوية) على موقفة المعادي للحزب ( فلم يترك للجنة المركزية من خيار آخر غير أن تصدر قراراً بفصل جميع العناصر المتكتلة والخارجة على الشرعية الحزبية وأن تعلن ذلك في بيان) ( عنف البادية – ص 41).
تداعيات المواجهة هو عنوان الفصل الثاني، وهو يتحدث عن عزل النميري لثلاثة من اعضاء مجلس قيادة الثورة هم: المقدم بابكر النور والرائدين هاشم العطا وفاروق حمد الله بتاريخ 16 نوفمبر 1970م ويعزي السبب للخلاف ( الناشب أصلاً بين الحزب وبين قيادة مايو حول الانقلاب نفسه، وحول كثير من السياسات التي ترتبت عليه، كالموقف من قضية الحريات، ومن استقلال الحزب، ومن ميثاق طرابس في ديسمبر 1969، ومن ضرب الأنصار في ود نوباوي والجزيرة أبا في مارس – أبريل 1970م، ومن قرارات التأميم والمصادرة في 25 مايو من نفس السنة، وغيرها من الأحداث. ضف إلى ذلك الخلاف الذي نشب داخل مجلس قيادة الثورة هو اسلوب اتخاذ القرار، ولعل ابرز محطاته الباكرة موقف الأعضاء الثلاثة من إقدام نميري، بعد أشهر قلائل من الانقلاب، على ابرام ميثاق طرابس مع عبد الناصر والقذافي، دون الرجوع لمجلس الثورة. وهو الموقف الأقرب لموقف الشيوعيين الذين رأوا في ذلك الميثاق"تجاوزاً لخصوصية التشكيل العرقي للسودان"، كما رأو فيه انفراداً من نميري باتخاذ القرارات المصيرية الخطيرة دون استشارة أعضاء المجلس الآخرين) ( محمود محمد قلندر؛ سنوات نميري، مركز عبد الكريم ميرغني، الخرطوم 2005م، ص 148).
اتجاه مايو نحو الفكر القومي العربي الناصري بدأ واضحاً لوجود مولانا بابكر عوض الله على رأس اللجنة التنفيذية لحكومة مايو، إضافة لبعض النافذين داخل وخارج منظومة الجيش من امثال محمد عبد الحليم والطاهر عوض الله وغيرهم. هذا الاتجاه افرغ مايو من فكرة ( الجبهة الديمقراطية) التي قامت عليها مبادئ الانقلاب. ( من جهة اخرى كان لابد للصراع الذي انفجر داخل الحزب قبل وبعد انقلاب مايو، ان يجد تعبيراً عنه، بصورة او باخرى، داخل تنظيم الضباط الأحرار في الجيش، والذي كان يفترض ( جدارته )، حسب طبيعة الاشياء) ( عنف البادية-47).
ويرى حسن الجزولي ان الافتراض السابق وجد المقاومة من داخل مجلس قيادة الثورة بل وأدى ( إلى لجوء القوميين العرب في المجلس والجيش لتكوين تنظيم آخر مناوئ لتنظيم الضباط الأحرار باسم ( احرار مايو )!) ( عنف البادية – ص47).
وشهدت تلك الفترة تملماً في الجيش وبدأت ديكتاتورية نميري في الظهور على سطح الواقع السياسي السوداني وترتب على ذلك اقدام الرائد هاشم العطا على استقالته من الجيش ومجلس قيادة الثورة عقب احداث الجزيرة أبا، لكن النميري رفض استقالته ويرى حسن الجزولي ان اقصاء هؤلاء الثلاثة ( بابكر، هاشم وفاروق) من مجلس قيادة الثورة أدى إلى اضعاف أداء المجلس نظراً لافتقار بقية عضويته إلى الوعي السياسي والفكري.
غير أن نفس الفترة شهدت صراعاً آخر ولكن هذا المرة داخل اورقة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وكانت مادة الخلاف حول مشاركة الحزب في الاتحاد الاشتراكي الذي جاء على غرار الاتحاد الاشتراكي العربي في مصر الناصرية ومن ثم تتيح لمصر ممارسة سياسة الأخ الأكبر على الشأن السوداني ( ظهر للجميع أن قيادة الحزب الشيوعي السوداني نفسه منشقة على نفسها إلى فريقين، فريق يؤيد الأجندة المصرية، ويقوده أحمد سليمان وفاروق أبو عيسى ومعاوية ابراهيم، وفريق يعارضها بقيادة عبد الخالق محجوب والزعيم النقابي الشفيع أحمد الشيخ والقائدة النسائية فاطمة أحمد ابراهيم بالإضافة إلى التجاني الطيب ومحمد ابراهيم نقد وجوزيف قرنق). ( عنف البادية- ص 51)
ورغم ان فريق عبد الخالق يضم شخصية لها تأثيرها وهو الشفيع احمد الشيخ ، فبالإضافة لقوة الشخصية فإن الشفيع هو الرجل الثاني في الحزب الشيوعي وهو سكرتير اتحاد عام عمال السودان وهو نائب سكرتير اتحاد عام عمال العالم، كما انه الحائز على وسام لينين ووسام النيلين.
- أواصل بإذن الله -