تعرضت في الجزء الثالث من مقالي الذي يستعرض كتاب ( عنف البادية ) لدكتور حسن الجزولي ، لتدهور صحة عبد الخالق محجوب في المعتقل وبدأت في كتابة إنطباعاتي عن الكتاب نفسه . .. أواصل اليوم استعراض كتاب ( عنف البادية ) في الجزء الرابع والأخير من مقالي: عن ما جرى للشيوعيين في عهد النميري .. قراءة في كتاب حسن الجزولي : عنف البادية
لكن رغم الجهد الذي بذله الكاتب مستعيناً بأسلوب البحث العلمي غير اني ارى ان بعض الروايات كانت من جانب واحد وهو الجانب الشيوعي – نسبة للحزب الشيوعي السوداني - مثل افادات العريف عثمان عبد القادر الذي تحدث عن كيفية قيامه بتهريب عبد الخالق محجوب من مصنع الزخيرة وافادات دكتور محمد محجوب واستاذة سعاد ابراهيم احمد، وإذا نظرنا للجانب الآخر - جانب السلطة - نجد ان افادات مأمون عوض ابو زيد للكاتب عن حيثيات اعتقال عبد الخالق واعدامه، شغلت حيزاً محدوداً من صفحات الكتاب وتظل بعض الافادات تحتاج لابراز الراي الآخر لاستعراض كل جوانب الحدث مثل مذكرات الرائد معاش: زين العابدين محمد احمد والتي صدر في العام الماضي عن مركز محمد عمر بشير تحت عنوان: (مايو، سنوات الخصب والجدب) وكذلك افادات القيادات السياسية في الاحزاب الاخرى التي عاصرت تلك الفترة.
بمعنى آخر إذا سلمت جدلاً بمقولة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة والتي رأى فيها : (آفة التاريخ هم الرواة) نجد ان بعد المصادر التاريخية التي استعان بها حسن الجزولي هي في بعض الأحيان عبارة عن رواة عرضة لآفة النسيان أو التأثر بما يطرأ على الراوي نفسه من تبدل في الآراء والأفكار والمواقف وهذا قد ينطبق على نحو بعيد على إفادات العريف عثمان الكودة على سبيل المثال أو مستدلاً ببعض صفحات كتابه( الحزب الشيوعي والمؤامرة الفاشلة في 19 يوليو) لذلك فإن تعدد الروايات وتنوعها لاستعراض الرأي والرأي الآخر ربما تثري المادة التاريخية لهذا الكتاب.
وهذا التأثر قد ألقى بظلاله أيضاً على الكاتب ولعل اصدق ما يمكن ان استشهد به ها هنا بعض ما خطه بروفسير محمد سعيد القدال في مقدمته عن الكتاب محور هذا المقال حيث يقول: ( لم يخف الكاتب انفعاله بالرحيل المأساوي، لقائد فريد تم اغتياله).
أما حسن الجزولي فيحدث عن عمله القيم فيقول: ( لا يدعي هذا العمل انع سيرة حياة لرجل، في قامة عبد الخالق محجوب عثمان، فتلك مهمة عسيرة قد تحتاج لجهود فريق من المتخصصين في هذا الحقل. ولذا فقد أولى هذا الكتاب اهتمامه لثلاثة أيام فقط من عمر الرجل، هي، هي بالتحديد عمر انقلاب 19 يوليو عام 1971م في السودان مع الاعتبار الككافي بطبيعة الحال لما سبقها من احداث مهدت لما انتهت إليه، وما تلاها من تداعيات تشكلت بأثرها، بقدر ما يلزم لإضاءتها وإجلاء ما قد يكون غامضاً من تفاصيلها).
وبعد .. فهذا ما عنا لي بعد اطلاعي على هذا الكتاب الذي جاءت مادته التاريخية نتيجة لجهد مقدر للكاتب والذي استعان بكل وسائل الاتصال والتواصل للرجوع للشخصيات التي عاصرت الأحداث حتى يخرج هذا العمل كعادة الأكاديميين في اتجاه البحث العلمي. هذا غير متابعته لكثير مما تمخضت عنه المطابع من كتب ومقالات صحفية بصحف محلية وأخرى عالمية تحدثت عن تلكم الفترة المهمة من تاريخ السودان المعاصر.
إضافة لملحق الصور عن عدد من الشخصيات التي تعرض لها حسن الجزولي في كتابه بالحديث عنها، ليجد ( عنف البادية – وقائع الأيام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب) مكانه في المكتبة السودانية مجاوراً لكتب اخرى قيمة مثل كتابيّ استاذنا محمد سعيد القدال ( معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني) و( كوبر) وغيرها من الكتب التي تعرضت لتاريخ الحزب الشيوعي السوداني ولبعض قادته مثل الاستاذ عبد الخالق محجوب. واجدني اختم هذا المقال بما كتبه محمد سعيد القدال في صدر مقدمة الكتاب ( أهم ما في الكتاب انه، وللمرة الأولى جمع الروايات التي كانت متداولة على صعيد واحد، فجاء وثيقة تاريخية " لعنف البادية " المنفلت).
مزمل الباقر
أمدرمان في 27 يناير 2013م
لكن رغم الجهد الذي بذله الكاتب مستعيناً بأسلوب البحث العلمي غير اني ارى ان بعض الروايات كانت من جانب واحد وهو الجانب الشيوعي – نسبة للحزب الشيوعي السوداني - مثل افادات العريف عثمان عبد القادر الذي تحدث عن كيفية قيامه بتهريب عبد الخالق محجوب من مصنع الزخيرة وافادات دكتور محمد محجوب واستاذة سعاد ابراهيم احمد، وإذا نظرنا للجانب الآخر - جانب السلطة - نجد ان افادات مأمون عوض ابو زيد للكاتب عن حيثيات اعتقال عبد الخالق واعدامه، شغلت حيزاً محدوداً من صفحات الكتاب وتظل بعض الافادات تحتاج لابراز الراي الآخر لاستعراض كل جوانب الحدث مثل مذكرات الرائد معاش: زين العابدين محمد احمد والتي صدر في العام الماضي عن مركز محمد عمر بشير تحت عنوان: (مايو، سنوات الخصب والجدب) وكذلك افادات القيادات السياسية في الاحزاب الاخرى التي عاصرت تلك الفترة.
بمعنى آخر إذا سلمت جدلاً بمقولة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة والتي رأى فيها : (آفة التاريخ هم الرواة) نجد ان بعد المصادر التاريخية التي استعان بها حسن الجزولي هي في بعض الأحيان عبارة عن رواة عرضة لآفة النسيان أو التأثر بما يطرأ على الراوي نفسه من تبدل في الآراء والأفكار والمواقف وهذا قد ينطبق على نحو بعيد على إفادات العريف عثمان الكودة على سبيل المثال أو مستدلاً ببعض صفحات كتابه( الحزب الشيوعي والمؤامرة الفاشلة في 19 يوليو) لذلك فإن تعدد الروايات وتنوعها لاستعراض الرأي والرأي الآخر ربما تثري المادة التاريخية لهذا الكتاب.
وهذا التأثر قد ألقى بظلاله أيضاً على الكاتب ولعل اصدق ما يمكن ان استشهد به ها هنا بعض ما خطه بروفسير محمد سعيد القدال في مقدمته عن الكتاب محور هذا المقال حيث يقول: ( لم يخف الكاتب انفعاله بالرحيل المأساوي، لقائد فريد تم اغتياله).
أما حسن الجزولي فيحدث عن عمله القيم فيقول: ( لا يدعي هذا العمل انع سيرة حياة لرجل، في قامة عبد الخالق محجوب عثمان، فتلك مهمة عسيرة قد تحتاج لجهود فريق من المتخصصين في هذا الحقل. ولذا فقد أولى هذا الكتاب اهتمامه لثلاثة أيام فقط من عمر الرجل، هي، هي بالتحديد عمر انقلاب 19 يوليو عام 1971م في السودان مع الاعتبار الككافي بطبيعة الحال لما سبقها من احداث مهدت لما انتهت إليه، وما تلاها من تداعيات تشكلت بأثرها، بقدر ما يلزم لإضاءتها وإجلاء ما قد يكون غامضاً من تفاصيلها).
وبعد .. فهذا ما عنا لي بعد اطلاعي على هذا الكتاب الذي جاءت مادته التاريخية نتيجة لجهد مقدر للكاتب والذي استعان بكل وسائل الاتصال والتواصل للرجوع للشخصيات التي عاصرت الأحداث حتى يخرج هذا العمل كعادة الأكاديميين في اتجاه البحث العلمي. هذا غير متابعته لكثير مما تمخضت عنه المطابع من كتب ومقالات صحفية بصحف محلية وأخرى عالمية تحدثت عن تلكم الفترة المهمة من تاريخ السودان المعاصر.
إضافة لملحق الصور عن عدد من الشخصيات التي تعرض لها حسن الجزولي في كتابه بالحديث عنها، ليجد ( عنف البادية – وقائع الأيام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب) مكانه في المكتبة السودانية مجاوراً لكتب اخرى قيمة مثل كتابيّ استاذنا محمد سعيد القدال ( معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني) و( كوبر) وغيرها من الكتب التي تعرضت لتاريخ الحزب الشيوعي السوداني ولبعض قادته مثل الاستاذ عبد الخالق محجوب. واجدني اختم هذا المقال بما كتبه محمد سعيد القدال في صدر مقدمة الكتاب ( أهم ما في الكتاب انه، وللمرة الأولى جمع الروايات التي كانت متداولة على صعيد واحد، فجاء وثيقة تاريخية " لعنف البادية " المنفلت).
مزمل الباقر
أمدرمان في 27 يناير 2013م