مزمل الباقر. -. عن إنتهاكات الدكتاتوريات في السودان.. مجزرة القيادة العامة نموذجاً

الكرم السوداني المصان :
السودانيون يكرمون وفادة الضيوف ويهشون في إستقبالهم ويؤانسون من زار دارهم أثناء تقديم الضيافة من مشرب ومأكل بل إن منازل السودانيين تحتوى على منامة للضيوف فإذا كان الضيف رجل فهنالك حجرة أو حجرات في مقدمة الدار تسمى عن بعض أهلي السودانيين ( إستراحة المسافرين). وقد يمضي أولئك الأضياف سحابة النهار وطرفاً من الليل في بيت المضيف وسط ترحيب من اهل الدار وحفاوة وهنالك أضياف يقيمون ببيت المضيف بضع أيام في حالة قدومهم من سفر طويل طلباً للعلم أو الاستطباب وربما لإستئناف سفرٍ آخر خارج السودان.
والذاكرة الجمعية للشعب السوداني الذي قطن ولا زال في حدود السودان التي ورثها من المستعمر وأعني بها الحدود الطبيعية والصناعية التي شكل سودان يناير 1956م.. هذه الذاكرة الجمعية لهذا الشعب تحتفظ بأحاجٍ شعبية وقصصٍ معاصرة تشهد على حفاوة وإحتفاء السودانيين بإستقبال الضيوف في مقار إقامتهم وذبح الذبائح ومؤانسة من يستضيفون كما أشرت في الفقرة السابقة.
انتهاكات يندي لها الجبين خجلاً :
غير أن ما حدث في مجزرة القيادة العامة لا علاقة له بما جُبل عليه السودانيين من إكرام الأضياف وحسن وفادتهم ولا يمت لطبيعة الشعب السوداني بصلة رغم أن ( الطبيعة جبل) لا تتغير بسهولة إن لم يكن التغيير ضرباً من الإستحالة.
فقد قدمنا دار الجيش السوداني حيث مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة وبالمثل جئنا إلى دار الجيش السوداني في رئاسة حاميات نفس الجيش في القرى والمدن السودانية التي تقبع خارج الخرطوم العاصمة بمدنها الثلاث ( الخرطوم، أمدرمان والخرطوم بحري).
القوة العارية التي واجهت السلمية :
مليونية موكب ٦ أبريل كان الحراك الثوري الأخير - الذي قاده تجمع المهنيين السودانيين الراعي الرسمي لثورتنا الثالثة ثورة ديسمبر المجيدة _ قبل أن نعتصم أمام مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالخرطوم وحاميات الجيش في الولايات، نعتصم نحن الجزء المقدر من الشعب السوداني الذي ثار على الديكتاتورية المتمثلة في نظام المخلوع عمر البشير بكل أجهزة الأمنية ودولته البوليسية التي مارست القتل والتكنيل وتكميم الأفواة والإبادات الجماعية في دارفور وأسرفت في الموت المجاني لكل من عارضها في سياساتها مثلما حدث للمواطنيين الذين جاورا سد كجبار وأولئك الطلاب الذين كانوا بمعسكر العليفون بالإضافة لإزهاق الأرواح أو الإخاء القسري والإعتقال المفضي للحرمان من الحق في حرية الحركة أو التنقل وداخل هذه المعتقلات التي نسميها في السودان ببيوت الأشباح يزيد رصيد الانتهاكات الجسدية بكل أشكالها مثلما يرتفع سقف الإساءات اللفظية بإدراج قاموس يعج بألفاظ بذيئة وتحرش جنسي بالقول فقط من باب إرهاب المعتقلين أو بالقول وبالفعل كذلك لإرهاب وإذلال المعتقلين وقد يكون الاغتصاب الجنسي بمعناه الحرفي اغتصاب تتوالى فيه الذئاب البشرية من كوادر أمن نظام المخلوع البشير ، تتوالي على الضحية ( تكرار الاغتصاب لنفس الضحية في فترات زمنية متقاربة جداً من جناة متعدين) أو قد يكون الإغتصاب بإدخال آلة حادة طويلة مثلما حدث مع الشهيد الأستاذ أحمد الخير بمكاتب جهاز الأمن بمدينة خشم القربة بشرق السودان. هذا غير تهديد المعتقلين بممارسة نفس الانتهاكات الجسدية بشتى أشكالها مع أسرهم وأمام أنظار هؤلاء المعتقلين.
مجزرة القيادة العامة :
ما سردت قبل قليل عما يحدث داخل المعتقلات حدث خارجها في فض إعتصام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالخرطوم حيث مارست الاجهزة القمعية من مليشيا الجنجويد وقوات جهاز الأمن بكل تفرعاته من أمن شعبي وأمن طلابي وكتائب الظل التي تأتمر بأمر على عثمان محمد طه النائب الأول السابق للمخلوع عمر البشير بالإضافة لكتائب مسلحة أخرى تتبع لقيادات في تنظيم الاخوان المسلمين في السودان وبحسب ما جاء في تقرير الصحفية يسرا الباقر مراسلة القناة البريطانية الرابعة فإن : ( هذا كله هجوم مخطط له من قِبل قوات الدعم السريع وجهاز الأمن ومليشيا الشرطة الشعبية ومليشيا الأمن الشعبي والدفاع الشعبي وميليشيا الأمن الطلابي وميليشيا عبد الحي الإسلامية. . لقد كانت قوة قوامها 10 آلاف فرد).
هذا غير أن حوالي ( 500 من أفراد الدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ارتدوا زي الشرطة واخترقوا الاعتصام مشياً على الأقدام، وأن جنود الجيش لم يشاركوا أبدا. ) تقرير يسرا الباقر.
توثيق مجزرة القيادة العامة
مواقع التواصل الاجتماعي وثقت بشكل دقيق بالكتابة والصور ومقاطع الفيديو وتقنية البث المباشر وبإفادات شهود العيان لكل ما حدث من انتهاكات في فض إعتصام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالخرطوم وكذلك فض اعتصام حاميات الجيش في الولايات السودانية الأخرى. بل إنه وعقب عودة خدمة الانترنت التي تم قطعها من السلطات الحكومية ظهيرة الاثنين ٣ يونيو ٢٠١٩ م عقب مجزرة القيادة العامة بالخرطوم وحتى ما بعد منتصف ظهيرة الثلاثاء ٩ يوليو ٢٠١٩ م ( ما يربو عن أيام الشهر الميلادي) بعد عودة الإنترنت تم تفعيل وسم يحمل عنوان : #توثيق_مجزرة_القياده_العامه لإيداع كل ما تم توثيقه في أثناء المجزرة الثالث من يونيو ٢٠١٩ م الموافق لليوم التاسع والعشرين في شهر رمضان ١٤٤٠هجرية
الكرم السوداني المهان:
جئنا ضيوفاً للقيادة العامة لقوات الشعب المسلحة في مليونية 6 ابريل ( عندما إعتليت نفق شارع الجمهورية عصراً اكتشفت أنني قد أخطأ العدد فلقد كانت حشودنا في الذكرى الرابعة والثلاثين لإنتفاضة أبريل 1985م على نظام المخلوع جعفر محمد نميري حشودنا في نفس التاريخ ولكن للعام ٢٠١٩م تجاوزت الملايين الثلاثة)
ولما طاب لحشودنا المقام أمثلنا لمقال تجمع المهنيين السودانيين بالمبيت حيث انتهت أقدامنا المتعبة من طول المسير منذ فجر ثورة ديسمبر المجيدة في منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي وحتى ظهيرة اليوم السادس من شهر إبريل لهذا العام فأقمنا بالمكان معتصمين في حمى الجيش السوداني الذي لم يكرم وفادتنا وأهان الكرم السوداني قبل
الخلطة الشيطانية:
هنالك خلطة شيطانية - إن جاز لي التعبير - من الأفراد المأدلجين سياسياً ومن القتلة المأجورين
أعلم أن بجهاز الأمن أفراد من الجاليات العربية والإفريقية تم تجنسيهم بالجنسية السودانية مقابل العمل بجهاز الأمن وقد يكون من بين هؤلاء الأجانب من شارك في مجزرة القيادة العامة بالخرطوم صبيحة التاسع وعشرين من رمضان ١٤٤٠ هجرية وبالتالي الليلة التي ربما كانت ليلة القدر أضحت بإيدي آثمة ليلة الغدر.
وكذلك أعلم كغيري أن مليشيات الجنجويد تحتوي على عناصر أجنبية من دول الجوار المتاخمة من جيران القارة الافريقية
غير إني أعلم تماماً أن هنالك عناصر سودانية بهذه الاجهزة القمعية في جهاز الأمن ومليشيات الجنجويد أياديهم والغة في دماء شهداء مجزرة القيادة العامة مثلما مارس أفراد هؤلاء الهمج الاغتصاب وحرق الخيام بمن فيها وغيرها من الأفعال التي لا تقبلها النفس البشرية السوية التي إن لم تفضي إلى إزهاق الروح فإنها تسحق الكرامة.
مزمل الباقر
أمدرمان في 10 يوليو 2019 م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...