كانت فكرة أن تكتب بواسطة خيط رابط يجمعك مع جوهر الموضوع. كان (حبل الخلود) هو هذا السر الذي سينتقل وسيبحث له عن تواجد مستمر يريد به الخلود والبقاء والاستمرارية، على الأقل في الآتي المرتقب. حينما ترتبط فكرة الكتابة بهذا السر الإكسيري في تحقيق الخلود فإنها تبحث لها عن خيوط من بخار أو دخان أو أشعة نور تتسلّقها وربما توصلها إلى قرص ما.
وكانت فكرةُ شخصيةٍ مسيحية، امرأة، هي المنطلق. أمّا لماذا ستكون امرأة، فلأن استمرار الوجود البشري مرتبط بقوتها وسحر جنسها الذي ينفلت من الفهم السطحي والظاهر. فكانت قصة قصيرة ارتبطت ببحث المرأة عن حمل جنين في رحمها. كان بحثها عن شخص محكوم بالإعدام. أمّا لماذا هي مسيحية، فلكوْن الثقافة المسيحية العميقة نهلت من شخصية المسيح في ذلك الفناء المادي والجسدي الذي يحقق الخلود للذات الجماعية ويمسح عنها تهديدات الألم والعدم…
وبما أن البحث استثناء، فهو تساؤل في اللحظات القصوى لانفلات الوجود من قبضة تحكم الإنسان ومساهمته فيه بشكل طبيعي تطوري. ماذا لو كانت وضعية هذه المرأة التي لم تتزوج يوما ما والتي أرادت ان تساهم بشيء نوعي في تاريخ البشرية بما تملكه مما هو طبيعي وبيولوجي وجنسي عندها؟ ماذا لو كانت تؤمن بأن خلاص البشرية هو بمساهمتها؟ ماذا لو كانت الروح الإنسانية واحدة لكنها متشكلة في التمظهر بين هذا وذاك وعند هذا وذاك؟ ماذ عن روحها هي كامرأة؟ مسيحية تؤمن بما قام به المسيح من تقديم ذاته خلاصا لأمة ستؤمن برسالته؟ وتبقى نظرة العين وبصر الرؤية ورؤية البصيرة، كل هذا يبقى ماثلا في تشخيص النظر الذي يتم شحنه بالنفسي والتاريخي الشخصي، بالمشاعر وحسرات الوجود وأرقه المعيشي.
هكذا ستبحث المرأة عن رجل محكوم داخل سياق حياة الجماعة البشرية بالإعدام، إنقاذا لروحه من الزوال ستجعل روحه تنتقل عبر العلاقة التي ستقيمها معه من أجل أن تحمل منه. أفعال مرتبطة ستحضر فيها النشوة واللذة، وستكونان بلسما لجراح ومفقود منفلت من الإمساك به. وسيكون الحمل الذي سيولد معه جنين ربما سيصرخ ويقطع حبله السري لحظة وضع الحبل حول عنق المحكوم بالإعدام. بين الولادة والموت، ربما ستطلب المرأة أو السارد أو القارئ تأجيل تنفيذ هذا الإعدام حتى يرى المحكوم به صورته البديلة واستمرار روحه. هل من حقه كل هذا؟ وهل من حقها أن تعيش لحظة انتصار على النسبي وعلى كل تهديد للوجود الإنساني والطبيعي؟
بالرجوع إلى بعض المشاورات القانونية والقضائية وما يرتبط بها من تخصصات سوسيو نفسية، قد نجد بأن القانون يذهب بعيدا في سحق الإنسان وفي حرمانه من بعض حقوق وجودية خارج قفص اتهامه الجنائي النسبي الذي تسبّب له في وضعه الإعدامي. فكيف نراجع هذا القانون بهذا البعد الوجودي والفلسفي والحقوقي الجديد؟
وانتقلت التجربة من صياغة قصة قصيرة مكثفة ومعالجة لفكرة حبل الخلود إلى صياغة مشروع رواية ستبحث عن تحقيقها في حقل أوسع. هذه المرة ستكون رواية مفصلة. وهذه المرة ستكون الشخصية مواطنة مغربية من نتاج واقع سوسيو ثقافي ونفسي وتربوي مغربي. تُرى كيف سيخوض السارد تجربتها بشكل موضوعي ونسبي وواقعي وحالم في نفس الآن؟ ما هي حدود الخيال وتمديد الإمكانيات في الحرية، في البوح، في التصرف وتحقيق المحال الذي تتمانه نفس الإنسان والذي تعشقه روحه بافتتان؟ وكيف ستتشكّل الفكرة بين ثقافة مسيحية وثقافة إسلامية داخل ذات هي نتاج خليط سوسيو ثقافي معين؟
لم ينفلت البوح ولا السرد ولا الخيال من فضاء النفسية المغربية والتجوال بين الذكور والإناث في بحث عمّ ستكون صاحبة الفكرة المجنونة التي أرادها وفكّر فيها وبدأ مشروعها هذا الكاتب المجنون والمفتون بخياله. فكانت رواية حبل الخلود حيث واقع المرأة المغربية الذي يشبه واقع مجتمعات وثقافات مجاورة في الثقافة والتاريخ، وداخل حقل العلاج النفسي السريري الذي سيساعد على حسن اتخاذ القرار الموافق للذات قبل كل شيء، لأن السعادة خيار شخصي داخلي أولا، وكان اختيار المرأة المناسبة للحكي والتي استلهمت من شخصيات عدة وحوارات عدة ومن ذاكرة للفرد والمجتمع. في بحثها عن تحقيق حبل الخلود، هذه المرة سيكون بثقافة مغربية وليس مسيحية غربية. وهذا المحكوم بالإعدام، كيف يمكننا تشكيله منفلتا من قبضة القانون والعدالة والقضاء؟ كيف يمكن للخيال أن يراقص الواقع ويطوّعه حتى يصبح داخل دائرة اشتغاله وحرية رقصه المشتهاة.
هكذا سافرت الروح وسافرت الرواية وكتابتها فكانت بصيغتها الحالمة الجديدة وبأرواحها وشخصياتها وفضاءاتها التي صنعت عوالم جديدة في الكون والخلائق. لكن السفر أصبح عشقا لازورديا وارتبط بعالم البحيرة في مقاضاة عالم المدينة. وأصبحت العناوين متعددة لكنها دالة على واحد ومشيرة إلى أسسه وأعمدته التي يقوم بها بنيانه:
حبل الخلود.
البحيرة والمدينة.
البحيرة والعشق اللازوردي.
عشق لازوردي يسكنني
بحيرة العشق اللازوردي
…
هي مداخل الإحرام. علّها تجعل القارئ يؤدي مناسكه في عري من كل ثقافة ومن كل قيود تكبّل بخيوطها خياله الذي سيشتاق إلى سقاية وثمالة بالفن وبالشعر والموسيقى والرقص، ثمالة بعشق لازوردي كوني ممتد صمتا وسرا وغاية وجمالا وتجددا في الآفاق كما في أعماق النفس. وكانت الرواية.
هي مداخل قراءات نافذة إلى أعماق الحكي والبناء الإشكالي المتداخل بين شتى جوانب وزوايا اشتغال تحليلي. هي سحر ولحن خالد يسكن السماء في اللادوران واللا ليل أو نهار. ربما يسكن الكاتب ويسحره هو حينما يفتح نافذته في الثلث الأخير من الليل فيرى بروحه فؤاده المحلق خارجه، محاولا معانقة لونه اللازوردي الساحر.
وكانت فكرةُ شخصيةٍ مسيحية، امرأة، هي المنطلق. أمّا لماذا ستكون امرأة، فلأن استمرار الوجود البشري مرتبط بقوتها وسحر جنسها الذي ينفلت من الفهم السطحي والظاهر. فكانت قصة قصيرة ارتبطت ببحث المرأة عن حمل جنين في رحمها. كان بحثها عن شخص محكوم بالإعدام. أمّا لماذا هي مسيحية، فلكوْن الثقافة المسيحية العميقة نهلت من شخصية المسيح في ذلك الفناء المادي والجسدي الذي يحقق الخلود للذات الجماعية ويمسح عنها تهديدات الألم والعدم…
وبما أن البحث استثناء، فهو تساؤل في اللحظات القصوى لانفلات الوجود من قبضة تحكم الإنسان ومساهمته فيه بشكل طبيعي تطوري. ماذا لو كانت وضعية هذه المرأة التي لم تتزوج يوما ما والتي أرادت ان تساهم بشيء نوعي في تاريخ البشرية بما تملكه مما هو طبيعي وبيولوجي وجنسي عندها؟ ماذا لو كانت تؤمن بأن خلاص البشرية هو بمساهمتها؟ ماذا لو كانت الروح الإنسانية واحدة لكنها متشكلة في التمظهر بين هذا وذاك وعند هذا وذاك؟ ماذ عن روحها هي كامرأة؟ مسيحية تؤمن بما قام به المسيح من تقديم ذاته خلاصا لأمة ستؤمن برسالته؟ وتبقى نظرة العين وبصر الرؤية ورؤية البصيرة، كل هذا يبقى ماثلا في تشخيص النظر الذي يتم شحنه بالنفسي والتاريخي الشخصي، بالمشاعر وحسرات الوجود وأرقه المعيشي.
هكذا ستبحث المرأة عن رجل محكوم داخل سياق حياة الجماعة البشرية بالإعدام، إنقاذا لروحه من الزوال ستجعل روحه تنتقل عبر العلاقة التي ستقيمها معه من أجل أن تحمل منه. أفعال مرتبطة ستحضر فيها النشوة واللذة، وستكونان بلسما لجراح ومفقود منفلت من الإمساك به. وسيكون الحمل الذي سيولد معه جنين ربما سيصرخ ويقطع حبله السري لحظة وضع الحبل حول عنق المحكوم بالإعدام. بين الولادة والموت، ربما ستطلب المرأة أو السارد أو القارئ تأجيل تنفيذ هذا الإعدام حتى يرى المحكوم به صورته البديلة واستمرار روحه. هل من حقه كل هذا؟ وهل من حقها أن تعيش لحظة انتصار على النسبي وعلى كل تهديد للوجود الإنساني والطبيعي؟
بالرجوع إلى بعض المشاورات القانونية والقضائية وما يرتبط بها من تخصصات سوسيو نفسية، قد نجد بأن القانون يذهب بعيدا في سحق الإنسان وفي حرمانه من بعض حقوق وجودية خارج قفص اتهامه الجنائي النسبي الذي تسبّب له في وضعه الإعدامي. فكيف نراجع هذا القانون بهذا البعد الوجودي والفلسفي والحقوقي الجديد؟
وانتقلت التجربة من صياغة قصة قصيرة مكثفة ومعالجة لفكرة حبل الخلود إلى صياغة مشروع رواية ستبحث عن تحقيقها في حقل أوسع. هذه المرة ستكون رواية مفصلة. وهذه المرة ستكون الشخصية مواطنة مغربية من نتاج واقع سوسيو ثقافي ونفسي وتربوي مغربي. تُرى كيف سيخوض السارد تجربتها بشكل موضوعي ونسبي وواقعي وحالم في نفس الآن؟ ما هي حدود الخيال وتمديد الإمكانيات في الحرية، في البوح، في التصرف وتحقيق المحال الذي تتمانه نفس الإنسان والذي تعشقه روحه بافتتان؟ وكيف ستتشكّل الفكرة بين ثقافة مسيحية وثقافة إسلامية داخل ذات هي نتاج خليط سوسيو ثقافي معين؟
لم ينفلت البوح ولا السرد ولا الخيال من فضاء النفسية المغربية والتجوال بين الذكور والإناث في بحث عمّ ستكون صاحبة الفكرة المجنونة التي أرادها وفكّر فيها وبدأ مشروعها هذا الكاتب المجنون والمفتون بخياله. فكانت رواية حبل الخلود حيث واقع المرأة المغربية الذي يشبه واقع مجتمعات وثقافات مجاورة في الثقافة والتاريخ، وداخل حقل العلاج النفسي السريري الذي سيساعد على حسن اتخاذ القرار الموافق للذات قبل كل شيء، لأن السعادة خيار شخصي داخلي أولا، وكان اختيار المرأة المناسبة للحكي والتي استلهمت من شخصيات عدة وحوارات عدة ومن ذاكرة للفرد والمجتمع. في بحثها عن تحقيق حبل الخلود، هذه المرة سيكون بثقافة مغربية وليس مسيحية غربية. وهذا المحكوم بالإعدام، كيف يمكننا تشكيله منفلتا من قبضة القانون والعدالة والقضاء؟ كيف يمكن للخيال أن يراقص الواقع ويطوّعه حتى يصبح داخل دائرة اشتغاله وحرية رقصه المشتهاة.
هكذا سافرت الروح وسافرت الرواية وكتابتها فكانت بصيغتها الحالمة الجديدة وبأرواحها وشخصياتها وفضاءاتها التي صنعت عوالم جديدة في الكون والخلائق. لكن السفر أصبح عشقا لازورديا وارتبط بعالم البحيرة في مقاضاة عالم المدينة. وأصبحت العناوين متعددة لكنها دالة على واحد ومشيرة إلى أسسه وأعمدته التي يقوم بها بنيانه:
حبل الخلود.
البحيرة والمدينة.
البحيرة والعشق اللازوردي.
عشق لازوردي يسكنني
بحيرة العشق اللازوردي
…
هي مداخل الإحرام. علّها تجعل القارئ يؤدي مناسكه في عري من كل ثقافة ومن كل قيود تكبّل بخيوطها خياله الذي سيشتاق إلى سقاية وثمالة بالفن وبالشعر والموسيقى والرقص، ثمالة بعشق لازوردي كوني ممتد صمتا وسرا وغاية وجمالا وتجددا في الآفاق كما في أعماق النفس. وكانت الرواية.
هي مداخل قراءات نافذة إلى أعماق الحكي والبناء الإشكالي المتداخل بين شتى جوانب وزوايا اشتغال تحليلي. هي سحر ولحن خالد يسكن السماء في اللادوران واللا ليل أو نهار. ربما يسكن الكاتب ويسحره هو حينما يفتح نافذته في الثلث الأخير من الليل فيرى بروحه فؤاده المحلق خارجه، محاولا معانقة لونه اللازوردي الساحر.