المنصة الخشبية المديدة بنية اللون تتوسطها سلة كبيرة من الورد الأصفر والأبيض والأحمر، ويجلس خلفها أربعة باحثين وباحثة سادسهم رئيس الجلسة الذي كتبت خلفه لافتة تقول (ندوة العلاقة مع الغرب من منظور الانسانيات)، وأصوات الطلاب خارج القاعة تتسلل خافتة إلى داخلها وتبدد صمت انتظار الميكروفون الذي تأخر في النطق.
– كم أكره المؤتمرات!
– واضح.
– من الصعب أن تقول أين هي الحقيقة.
– إننا نتمرن فحسب.
– إنه يوم خريفي جميل ونحن جالسون في مؤتمر. المفروض أن نكون في رحلة. لايف از بيوتفل.
– …..
– ماذا تقرأ؟
– أنظر إلى أسماء المشاركين معنا في المؤتمر.
– بعد ما جرى في العالم، يجب أن نطلق النار لا أن نشارك في مؤتمرات.
– ولماذا لا ننظر إلى الغرب من منظور يوم خريفي جميل؟
– ها قد عاد المايك إلى العمل. انتباه!
“تمثل الحروب الصليبية، أو حروب الفرنجة كما أطلقت عليهم المصادر العربية والإسلامية حقبة هامة من حقب التاريخ وحلقة من حلقات الصراع الطوووووووووووووويل بين الشرق والغرب في العصور الوسسسسسسسسسسسطى”
رئيس الجلسة مد يده الى عنق المايك، ولواه إلى اليمين، ونقر بأصابعه على الشبكة السوداء التي تغطي وجه الجهاز، ثم راح يضغط على الأزرار الموجودة في اللوح الكهربائي وهو يتمتم “واحد اثنان ثلاثة”.
– أنا جاد.. أريد أن أطلق النار على الجميع.
– هل تستطيع؟
– ألا تلاحظ العالم المجنون؟
– هل العالم هو المجنون؟
– نعم.. انظر إليه ماذا يفعل بنا في العراق؟
– هل أنت عراقي؟
– نعم. ألم تلاحظ ذلك من رأسي الى العينين؟
– ظننتك بحرينيا.. هذا هو ما مدون أمام اسمك في كتاب المشاركين في المؤتمر.
– أتيت من البحرين، فكتبوا أمام اسمي دولة البحرين. انظر إلى أسماء الباحثين الخمسة. ليث ومعمر وجعفر وضرغام وسكينة، ورئيس الجلسة خالد أبو الوليد. كأننا في معركة.
– ألسنا كذلك؟.. إننا على مبعدة أمتار من مؤتة، ومرمى حجر من حطين. وكيف حال بغداد؟ ماذا يحدث في بغداد؟
– انتباه رجاء.
“أما أنا، فلا أرتاح للفكرة التي تقول إن الغرب يتآمر علينا، وأكره الشماعات التي تعلق عليها الأخطاء، و يجب ان لا نعتب على الغرب في اختراقاته وانتهاكاته حقوقنا، بل نعتب على أنفسنا المتقاعسة المتهالكة في فتح الثغرات أمام الغرب ليقوم هو بالاختراق والتآمر ورسم السينار..يو..هاااااااااات.. والتي هي معدة وجاهزة على الدوام لتطويع الوطن العربي وتركيعه واختراقه قه قه قه.
– المايك بدأ يزمجر من جديد.
– تفضل يا عزيزي.
“إن الصراع أزلي وقديم ومتواصل عبر حقب التاريخ، وإن الأصل في هذه العداوة هو العلاقة بين الأمم القائمة على مبدأ الصراع لا من أجل البقاء المحض، وإنما من أجل البقاء على القمة، أو من أجل الوصول إليهاهاهاهاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا..
– أين الأخ الكهربائي؟
– تفضل يا دكتور.. بدون مايك.
“وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر”.
– الصوت رجاءً.
– عد إلى المايك.
“وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أسهمت وسائل الإعلام الغربية في الترويج لهذا العداء، وأعطته أبعاداً خطيرة قادت إلى مزيد من العنف والصراع. نحن إذن إزاء عقدة المركزية الغربية، وعقدة الحروب الصليبية، وعقدة الخوف من الإسلام، وعقدة التسلط والعنجهية”.
– هل يلتقي الشرق والغرب أذن؟
– هل هي علاقة الغالب بالمغلوب؟
– من الذي ينادي بالعلاقة؟ الشرق ام الغرب؟
– جميع النظريات تهمنا.
– التوتر كان قائماً على الدوام.
– كتلتان متضاربتان.
– العصرنة.
– القودمة.
– المصالح.
– الأقدار.
– التقدم والازدهار.
– الديموقراطية.
– آيات شيطانية.
– العداء السافر للإسلام.
– التحريض.
– التآمر.
– التقاطب.
– التقابل.
– الصولبة.
– البلقنة.
– العثمنة.
– العولمة.
– العوربة.
– الأوْربة.
– الجوسسة.
وبدأ المايك يدمدم ويزمجر من جديد، ثم تحول صوته إلى صرير ممطوط يصم الأسماع، فما كان من رئيس الجلسة إلا أن ضغط على الزر الاحمر الموجود في قاعدة الميكرفون ثم توجه بالكلام إلى العامل الأجنبي الذي قدم للتو وقال له:
– ما بال هذا المايك؟ تعال، يا مستر وأصلح لنا آلة الفرنجة.
(ضحك).
– إزِنتْ ات بيوتفل؟
– نعم؟
– أن نشتم الفرنجة بآلة الفرنجة.
ميسلون هادي
– كم أكره المؤتمرات!
– واضح.
– من الصعب أن تقول أين هي الحقيقة.
– إننا نتمرن فحسب.
– إنه يوم خريفي جميل ونحن جالسون في مؤتمر. المفروض أن نكون في رحلة. لايف از بيوتفل.
– …..
– ماذا تقرأ؟
– أنظر إلى أسماء المشاركين معنا في المؤتمر.
– بعد ما جرى في العالم، يجب أن نطلق النار لا أن نشارك في مؤتمرات.
– ولماذا لا ننظر إلى الغرب من منظور يوم خريفي جميل؟
– ها قد عاد المايك إلى العمل. انتباه!
“تمثل الحروب الصليبية، أو حروب الفرنجة كما أطلقت عليهم المصادر العربية والإسلامية حقبة هامة من حقب التاريخ وحلقة من حلقات الصراع الطوووووووووووووويل بين الشرق والغرب في العصور الوسسسسسسسسسسسطى”
رئيس الجلسة مد يده الى عنق المايك، ولواه إلى اليمين، ونقر بأصابعه على الشبكة السوداء التي تغطي وجه الجهاز، ثم راح يضغط على الأزرار الموجودة في اللوح الكهربائي وهو يتمتم “واحد اثنان ثلاثة”.
– أنا جاد.. أريد أن أطلق النار على الجميع.
– هل تستطيع؟
– ألا تلاحظ العالم المجنون؟
– هل العالم هو المجنون؟
– نعم.. انظر إليه ماذا يفعل بنا في العراق؟
– هل أنت عراقي؟
– نعم. ألم تلاحظ ذلك من رأسي الى العينين؟
– ظننتك بحرينيا.. هذا هو ما مدون أمام اسمك في كتاب المشاركين في المؤتمر.
– أتيت من البحرين، فكتبوا أمام اسمي دولة البحرين. انظر إلى أسماء الباحثين الخمسة. ليث ومعمر وجعفر وضرغام وسكينة، ورئيس الجلسة خالد أبو الوليد. كأننا في معركة.
– ألسنا كذلك؟.. إننا على مبعدة أمتار من مؤتة، ومرمى حجر من حطين. وكيف حال بغداد؟ ماذا يحدث في بغداد؟
– انتباه رجاء.
“أما أنا، فلا أرتاح للفكرة التي تقول إن الغرب يتآمر علينا، وأكره الشماعات التي تعلق عليها الأخطاء، و يجب ان لا نعتب على الغرب في اختراقاته وانتهاكاته حقوقنا، بل نعتب على أنفسنا المتقاعسة المتهالكة في فتح الثغرات أمام الغرب ليقوم هو بالاختراق والتآمر ورسم السينار..يو..هاااااااااات.. والتي هي معدة وجاهزة على الدوام لتطويع الوطن العربي وتركيعه واختراقه قه قه قه.
– المايك بدأ يزمجر من جديد.
– تفضل يا عزيزي.
“إن الصراع أزلي وقديم ومتواصل عبر حقب التاريخ، وإن الأصل في هذه العداوة هو العلاقة بين الأمم القائمة على مبدأ الصراع لا من أجل البقاء المحض، وإنما من أجل البقاء على القمة، أو من أجل الوصول إليهاهاهاهاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا..
– أين الأخ الكهربائي؟
– تفضل يا دكتور.. بدون مايك.
“وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر”.
– الصوت رجاءً.
– عد إلى المايك.
“وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أسهمت وسائل الإعلام الغربية في الترويج لهذا العداء، وأعطته أبعاداً خطيرة قادت إلى مزيد من العنف والصراع. نحن إذن إزاء عقدة المركزية الغربية، وعقدة الحروب الصليبية، وعقدة الخوف من الإسلام، وعقدة التسلط والعنجهية”.
– هل يلتقي الشرق والغرب أذن؟
– هل هي علاقة الغالب بالمغلوب؟
– من الذي ينادي بالعلاقة؟ الشرق ام الغرب؟
– جميع النظريات تهمنا.
– التوتر كان قائماً على الدوام.
– كتلتان متضاربتان.
– العصرنة.
– القودمة.
– المصالح.
– الأقدار.
– التقدم والازدهار.
– الديموقراطية.
– آيات شيطانية.
– العداء السافر للإسلام.
– التحريض.
– التآمر.
– التقاطب.
– التقابل.
– الصولبة.
– البلقنة.
– العثمنة.
– العولمة.
– العوربة.
– الأوْربة.
– الجوسسة.
وبدأ المايك يدمدم ويزمجر من جديد، ثم تحول صوته إلى صرير ممطوط يصم الأسماع، فما كان من رئيس الجلسة إلا أن ضغط على الزر الاحمر الموجود في قاعدة الميكرفون ثم توجه بالكلام إلى العامل الأجنبي الذي قدم للتو وقال له:
– ما بال هذا المايك؟ تعال، يا مستر وأصلح لنا آلة الفرنجة.
(ضحك).
– إزِنتْ ات بيوتفل؟
– نعم؟
– أن نشتم الفرنجة بآلة الفرنجة.
ميسلون هادي
ميسلون هادي : آلة الفرنجة (ملفات/67) - الناقد العراقي
إشارة: يسر اسرة موقع الناقد العراقي أن تنشر هذه القصة القصيرة المميزة للمبدعة الكبيرة ميسلون هادي ضمن الملف المخصص لإبداعها. القصة : المنصة الخشبية المديدة بنية اللون تتوسطها سلة كبيرة من الورد الأصفر والأبيض والأحمر، ويجلس خلفها أربعة باحثين وباحثة سادسهم رئيس الجلسة الذي كتبت خلفه لافتة تقول...
www.alnaked-aliraqi.net