توقفت في الحلقة السابقة من عرضي لكتاب ( مجزرة الشجرة ) لمؤلفه الاستاذ حسن الطاهر زروق عند اللحظات الأخيرة في حياة الرائد هاشم العطا.
في هذه الحلقة من المقال نقلب – نحن القراء – الصفحة السابعة عشر من الكتاب – محور العرض – لنتعرف بالصفحة الثامنة عشر على محاكمة الشخصية الثالثة في الكتاب وهو ضابط الجيش: المقدم/ عثمان حاج حسين، الملقب بأبي شيبة لكثرة الشيب في شعر رأسه.
أبشيّبة:
يحدثنا حسن الطاهر زروق عن كيفية اعتقال أبي شيّبة (( تردد المقدم يعقوب إسماعيل لأكثر من ساعة قبل أن يقدم على اعتقال الشهيد عثمان، الذي استقر في غرفة داخل ميز الحرس الجمهوري وأخيراً خرج الشهيد وسلم نفسه ونزع علاماته بنفسه)). ( مجزرة الشجرة: ص:18)
ثم يجعلنا نحن – معشر القراء – نظّارة بمسرح الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري فيعمل في أدواته ليصور لنا بقلمه مشهد من مشاهد إلتقاء شخوص هذه المسرحية التراجيدية – إن جاز التعبير - ليكتب (( وعندما استقبله السفاح قال له ضمن ما قال "كل المسئولية مسئوليتي وعبد المنعم ومعاوية عبد الحي. نحن قادة القوة التي تحركت بقية الضباط والجنود نفذوا الأوامر، هاشم العطا نحن الذين اشركناه فهو ليس له قوات يحركها".)). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
ومما يؤكد أن كل ما دار في تلك الفترة كان عبارة عن مسرحية سيئة الاخراج أن أبي شيبة (( لم يقدم لمحكمة بل اكتفو بالتحقيق الذي اجروه معه وعلى أساسه صدر الحكم )). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
يعود حسن الطاهر زروق ليروي لنا اللحظات الأخيرة في حياة المقدم عثمان حاج حسين ( أبشيّبة) فيكتب : (( دخل على مجموعة من الضباط المعتقلين ونصحهم: "ما في زول يجيب سيرة زول. ما ليكم دخل". ثم ضحك "تصور نميري سألني: ليه عملت كدة يا عثمان؟" فرديت عليه:" ما ممكن أمثل سنتين". أكد للضباط المعتقلين انه سيعدم وأشرف للانسان أن يموت كرجل من أن يعيش ذليلاً)). ( مجزرة الشجرة: ص 19)
يضيف الكاتب حدث دار بين المقدم عثمان حاج حسين ودكتور محي الدين صابر والرئيس المخلوع جعفر محمد نميري، في اعتقادي الشخصي أن هذا الحدث يحتاج لبعض التثبت ، وهو أن (( ... الشهيد قد زجر محي الدين صابر – وزير التربية آنذاك – الذي حاول أن يتوسط لدى نميري للبقاء على حياته ورفض الشهيد وساطته)). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
يسدل صاحب كتاب ( مجزرة الشجرة ) الستار على المشهد الأخير في حياة أبي شيبة (( قضى الشهيد بقية الوقت مع المعتقلين هادئاً، وكان يتناول وجبة الأفطار عندما استدعوه لساحة الإعدام، فترك بقية الساندوتش ونهض مودعاً زملاءه في مرح وشجاعة، وبعد قليل سمعوا أزيز الرصاص الذي وصفه أحد الضباط بأنه كان يكفي لإبادة كتيبة كاملة)). ( مجزرة الشجرة: ص 19 – 20 ).
الهاموش:
بالصفحة العشرين من كتابه ( مجزرة الشجرة ) يواصل الاستاذ حسن الطاهر زروق توثيقه فيحدثنا عن اعتقال ضابط الجيش وهو أيضاً برتبة مقدم: عبد المنعم محمد أحمد الشهير بالهاموش (( انقض عليه جنود اللواء الثاني دبابات، ونقلوه إلى زنازين اللواء مع عد من الضباط المعتقلين. وعندما استعاد وعيه صرح لضباطه: "أعفوا عني يا جماعة، أنا بتحمل كل المسئولية. خلصوا نفسكم وأرموا المسئولية كلها علي، وما عليكم إلا التمسك بأنكم نفذتم أوامر عسكرية واضحة ما عندكم يد لمعارضتها". )) ( مجزرة الشجرة: ص 20)
لكي يطمئن الهاموش على عدم إشراك بقية المعتقلين معه في نفس مصيره بعد أن اشركهم معه في حركة يوليو 1971م. تفتق ذهنه عن فكرة يطلعنا عليها المؤلف، حيث أن المقدم/ عبد المنعم محمد احمد (الهاموش) كان قد (( أرسل لمقابلة مأمون عوض أبو زيد، وقال له: "أرجو تقديمي للمحاكمة قبل كل الضباط لأنني أتحمل كل المسئولية لأنني صرفت تعليمات التحرك". وظل يردد طيلة بقائه مع الضباط انه يتحمل كل المسئولية. لم تعقد له محكمة وأصر في التحقيق على انه المسؤول عن الحركة. وانه تحرك لأسباب سياسية واضحة بسبب تردي السلطة وفسادها والتدخل الأجنبي والإنهيار الاقتصادي والسير في ركاب ميثاق طرابلس الخ ... وانه تحرك لينقذ البلاد وان تقوم في البلاد سلطة وطنية ديمقراطية)). ( مجزرة الشجرة: ص 20 – 21 )
وتختتم الحكاية بمشاهد غاية في العنف والتشفي (( ظل يهتف في طريقه إلى ساحة الاعدام بحياة الشعب السوداني والجبهة الوطنية الديمقراطية. ووقف لحظة ليودع ضباطه وجنوده. طلب من أحدهم سيجارة. واتجه في ثبات إلى مكان الاعدام، ولكن الغوغاء بتوجيه نميري وأحمد محمد الحسن اطلقوا على ظهره سيلا طويلا متصلا من النيران، وقال شهود العيان انه تمزق أرباً وسقط على الأرض قبل أن تسقط السيجارة التي ألقاها من يده بعيداً. ولاحق جثته الغوغاء يركلونها ويسحلونها قبل حملها على عربة عسكرية إلى مكان الدفن)). ( مجزرة الشجرة: ص 21)
اتوقف هنا لأكمل في الحلقة القادمة بإذن الله من سلسلة هذه المقالات، بدايةً بما أورده الاستاذ حسن الطاهر زروق عن تلك الشخصية التي استهجن النميري طريقة محاكمتها وصاح في من حوله: ( دا رئيس مجلس الثورة تحاكموه كده).
- أواصل بإذن الله -
في هذه الحلقة من المقال نقلب – نحن القراء – الصفحة السابعة عشر من الكتاب – محور العرض – لنتعرف بالصفحة الثامنة عشر على محاكمة الشخصية الثالثة في الكتاب وهو ضابط الجيش: المقدم/ عثمان حاج حسين، الملقب بأبي شيبة لكثرة الشيب في شعر رأسه.
أبشيّبة:
يحدثنا حسن الطاهر زروق عن كيفية اعتقال أبي شيّبة (( تردد المقدم يعقوب إسماعيل لأكثر من ساعة قبل أن يقدم على اعتقال الشهيد عثمان، الذي استقر في غرفة داخل ميز الحرس الجمهوري وأخيراً خرج الشهيد وسلم نفسه ونزع علاماته بنفسه)). ( مجزرة الشجرة: ص:18)
ثم يجعلنا نحن – معشر القراء – نظّارة بمسرح الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري فيعمل في أدواته ليصور لنا بقلمه مشهد من مشاهد إلتقاء شخوص هذه المسرحية التراجيدية – إن جاز التعبير - ليكتب (( وعندما استقبله السفاح قال له ضمن ما قال "كل المسئولية مسئوليتي وعبد المنعم ومعاوية عبد الحي. نحن قادة القوة التي تحركت بقية الضباط والجنود نفذوا الأوامر، هاشم العطا نحن الذين اشركناه فهو ليس له قوات يحركها".)). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
ومما يؤكد أن كل ما دار في تلك الفترة كان عبارة عن مسرحية سيئة الاخراج أن أبي شيبة (( لم يقدم لمحكمة بل اكتفو بالتحقيق الذي اجروه معه وعلى أساسه صدر الحكم )). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
يعود حسن الطاهر زروق ليروي لنا اللحظات الأخيرة في حياة المقدم عثمان حاج حسين ( أبشيّبة) فيكتب : (( دخل على مجموعة من الضباط المعتقلين ونصحهم: "ما في زول يجيب سيرة زول. ما ليكم دخل". ثم ضحك "تصور نميري سألني: ليه عملت كدة يا عثمان؟" فرديت عليه:" ما ممكن أمثل سنتين". أكد للضباط المعتقلين انه سيعدم وأشرف للانسان أن يموت كرجل من أن يعيش ذليلاً)). ( مجزرة الشجرة: ص 19)
يضيف الكاتب حدث دار بين المقدم عثمان حاج حسين ودكتور محي الدين صابر والرئيس المخلوع جعفر محمد نميري، في اعتقادي الشخصي أن هذا الحدث يحتاج لبعض التثبت ، وهو أن (( ... الشهيد قد زجر محي الدين صابر – وزير التربية آنذاك – الذي حاول أن يتوسط لدى نميري للبقاء على حياته ورفض الشهيد وساطته)). ( مجزرة الشجرة: ص 19).
يسدل صاحب كتاب ( مجزرة الشجرة ) الستار على المشهد الأخير في حياة أبي شيبة (( قضى الشهيد بقية الوقت مع المعتقلين هادئاً، وكان يتناول وجبة الأفطار عندما استدعوه لساحة الإعدام، فترك بقية الساندوتش ونهض مودعاً زملاءه في مرح وشجاعة، وبعد قليل سمعوا أزيز الرصاص الذي وصفه أحد الضباط بأنه كان يكفي لإبادة كتيبة كاملة)). ( مجزرة الشجرة: ص 19 – 20 ).
الهاموش:
بالصفحة العشرين من كتابه ( مجزرة الشجرة ) يواصل الاستاذ حسن الطاهر زروق توثيقه فيحدثنا عن اعتقال ضابط الجيش وهو أيضاً برتبة مقدم: عبد المنعم محمد أحمد الشهير بالهاموش (( انقض عليه جنود اللواء الثاني دبابات، ونقلوه إلى زنازين اللواء مع عد من الضباط المعتقلين. وعندما استعاد وعيه صرح لضباطه: "أعفوا عني يا جماعة، أنا بتحمل كل المسئولية. خلصوا نفسكم وأرموا المسئولية كلها علي، وما عليكم إلا التمسك بأنكم نفذتم أوامر عسكرية واضحة ما عندكم يد لمعارضتها". )) ( مجزرة الشجرة: ص 20)
لكي يطمئن الهاموش على عدم إشراك بقية المعتقلين معه في نفس مصيره بعد أن اشركهم معه في حركة يوليو 1971م. تفتق ذهنه عن فكرة يطلعنا عليها المؤلف، حيث أن المقدم/ عبد المنعم محمد احمد (الهاموش) كان قد (( أرسل لمقابلة مأمون عوض أبو زيد، وقال له: "أرجو تقديمي للمحاكمة قبل كل الضباط لأنني أتحمل كل المسئولية لأنني صرفت تعليمات التحرك". وظل يردد طيلة بقائه مع الضباط انه يتحمل كل المسئولية. لم تعقد له محكمة وأصر في التحقيق على انه المسؤول عن الحركة. وانه تحرك لأسباب سياسية واضحة بسبب تردي السلطة وفسادها والتدخل الأجنبي والإنهيار الاقتصادي والسير في ركاب ميثاق طرابلس الخ ... وانه تحرك لينقذ البلاد وان تقوم في البلاد سلطة وطنية ديمقراطية)). ( مجزرة الشجرة: ص 20 – 21 )
وتختتم الحكاية بمشاهد غاية في العنف والتشفي (( ظل يهتف في طريقه إلى ساحة الاعدام بحياة الشعب السوداني والجبهة الوطنية الديمقراطية. ووقف لحظة ليودع ضباطه وجنوده. طلب من أحدهم سيجارة. واتجه في ثبات إلى مكان الاعدام، ولكن الغوغاء بتوجيه نميري وأحمد محمد الحسن اطلقوا على ظهره سيلا طويلا متصلا من النيران، وقال شهود العيان انه تمزق أرباً وسقط على الأرض قبل أن تسقط السيجارة التي ألقاها من يده بعيداً. ولاحق جثته الغوغاء يركلونها ويسحلونها قبل حملها على عربة عسكرية إلى مكان الدفن)). ( مجزرة الشجرة: ص 21)
اتوقف هنا لأكمل في الحلقة القادمة بإذن الله من سلسلة هذه المقالات، بدايةً بما أورده الاستاذ حسن الطاهر زروق عن تلك الشخصية التي استهجن النميري طريقة محاكمتها وصاح في من حوله: ( دا رئيس مجلس الثورة تحاكموه كده).
- أواصل بإذن الله -