تتجلى الصورة السردية في القصص بمنظورين، هما الحركة التي هي سمة الحياة، والسكون الذي هو سمة المكان.. المنظور الأمامي في الصورة السردية للقصة المكانية هو الحياة المتمثلة بالشخوص، والمنظور الخلفي هو وعاء الحياة المتمثل بالمكان، وتمثل العلاقة الجدلية بين الشخوص والأمكنة دعامة ارتكاز خيمة القصة المكانية المؤثثة بالأحداث. والمكان الذي يمثل اصطلاحاً موحداً قائما بذاته ينفصل في حقيقته الى مكانين متعارضين، هما المكان الواقعي المرئي الواضح، والمحسوس المدرك. والمكان المتخيل اللامرئي، والحلمي اللامحسوس.. فالمكان الواقعي بنوعيه القسري والاختياري الواقعي هو المكان الماثل في القصص المكاني، فالمكان بنوعيه القسري والاختياري، كان وما يزال فناراً تهتدي إليه سفن أحلام الطفولة، أو صخرة تصطدم بها سفن أوهام الرجولة.. في القصة المكانية يمكن للقاص أن يستهل بالوعي الجمعي لصورة الطفولة بمفتتح أولي يعد له متكأً في المكان.. مثلاً لقطة داخلية تمكن القاص من استعادة تصويرها عن طريق الارتداد الى عنصر الطفولة في محاولة لتمثيل الواقع من خلال الصور المتواترة في الذاكرة، والانزياح نحو الصور الرتيبة اليومية لعرض الوقائع، والحقائق الخارجية المتمظهرة في المكان الواقعي الذي يمثل الجزء الأهم من مكونات القصة المكانية والذي يمكن للقاص المكاني إعادة تصويره بشكل مغاير، أو إبداله بصوره مكانية جديدة عن طريق تنائي عدسة القص الى الميتا مكان لرؤيته لا بوجوده العيني وإنما بوجوده المخيالي، أي إبعاده عن ما خصص له، ووجد من أجله، وفي مفتتح صورة الاستهلال الثانية يتسنى للقاص عرض لقطة خارجية للرجولة على خلفية المكان نفسه حيث يقوم بعرض الصورة السردية على نحو متدرج من المنظور البصري الخارجي المفتوح الى المنظور الداخلي المكنون في الوعي الجمعي ولتأكيد اختلاف أشكال، وأفكار، وأخلاق أبطال قصصه لإظهار التناقض في طباعهم وسلوكهم، ولإقناع المتلقي بواقعية القصة ومصداقيتها، يمكن اللجوء الى الوصف الفوتوغرافي الدقيق لجغرافية مكان الأحداث بما يمكن القاص من تكريس خصوصية الصورة المكانية فالسرد الصوري الجغرافي المتوازن للقاعي، والسطحي، للظاهر، والمخفي متوازياً مع الوصف الخارجي المتمثل بالشكل الظاهري للشخصية والوصف الداخلي المتمثل بهواجس الشخصية وأحلامها يتيح للقاص التطابق بين الحدث ومكانه وبطله من خلال الربط بين الصورتين. كما يمكن الاستعانة بالصورة الاستبدالية لعرض الصورة الظاهرية التي هي انعكاس للصورة الداخلية.