(روائيون كانت لهم رؤية استشرافية لما يحدث في المستقبل البعيد)
لم يعد الحديث اليوم عن صراع الأديان، أو صراع الحضارات و الثقافات، االصراع اليوم هو صراع الوجود، هو صراع الحياة أي صراع الأوبئة و العالم اليوم مهدد بالفناء وحتى الحضارات اليوم مهددة بالسقوط بسبب فيروس، و إن قلنا ان الحروب مهلكة ، فالأوبئة و المجاعات أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء، كونها تقتل أكبر عدد من الناس كل عام، كما أن "الفقر" يتسبب في وقوع الأمراض والأوبئة و "الإستعمار" يؤدي إلى حدوث الوباء لأنه يمارس سياسة التجويع للشعوب المُسْتَعْمَرَة
البؤساء،المساكين،المعذبون في الأرض أو معذبي الأرض، تعددت الأسماء و المعنى واحد، هي طبعا أسماء لأشهر روايات في العالم كتبها روائيون حول حياة الشعوب البائسة التي تعيش الفقر و تعاني الحرمان من أبسط الحقوق و هي تواجه أخطر الأوبئة التي هددت و لا تزال تهدد البشرية، و بدءًا من رواية البؤساء للروائي الفرنسي الشهير فيكتور هوجو Victor Hugo ،التي نشرت لأول مرة في عام 1862 ، و عُدَّتْ كأشهر رواية فرنسية تاريخية في القرن التاسع عشر ، بعد ترجمتها إلى عدة لغات و تحويلها لمسرحية وفيلم ، و إن اختلفت الأسماء كما نقرأه في المعذبون في الأرض للأديب المصري طه حسين ، كتاب المساكين للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي التي نشرها عام 1846م و مصطفى صادق الرافعي، و معذبي الأرض لفرانز فانون، و إن كانت رواية هذا الأخير تتحدث عن كفاح التحرر من الإستعمار، فالوباء أخطر من الإستعمار، لأنه لا يرى بالعين، و إن بالغ هؤلاء الروائيون في وصفهم للوضع الذي تعيشه الشعوب لكي تُشْعِرَ العالم بعذاباتهم و إذعانهم للكوارث و النائبات، مهما كان نوعها ( حروب، أمراض ، أوبئة، زلازل، فيضانات..) و غير ذلك من حوادث الدهر، إلا أن رواياتهم يمكن القول أنها كانت رؤية "استشرافية" لما سيحدث في المستقبل البعيد و تكرار هذه التجارب الأليمة.
و لعل ظهور فيروس كورونا (كوفيد 19) و ما حصده من أرواح و يكاد أن يتسبب في حدوث المجاعة بسبب نقص المواد الغذائية و انقطاعها في السوق، و تعذر الحصول على ما يكفي منها ، كان فرصة لتنبيه الغافلين ليعيشوا ما تعانيه الشعوب الفقيرة من جوع و مرض، الذين أجهضت صراعات القوى حقهم في التعليم و الإستمتاع بالصحة، فجعلتهم عرضة للأمراض المعدية، التي تجعلهم مصدر خطر على من يتصل بهم من الناس، و ينتظرون الإحسان من الآخر و لا تجد من ينقذها، خاصة تلك التي تعيش الحروب و التهجير كأطفال " بورما" الواقعة في جنوب شرق آسيا التي ظلت ما يقرب من نصف قرن معزولة عن العالم في ظل ديكتاتورية عسكرية أحاطت نفسها بهالة من الغموض ومارست ضدها كل فنون القمع و التعذيب ، و كذلك أفريقيا ، حسبما افادت به قناة الـ: بي بي سي، فإن قارة أفريقيا تجاوزت 10 آلاف إصابة، بينما بلغت الوفيات أكثر من 500 وفاة، وهناك مخاوف لدى البعض من أن تتحول أفريقيا إلى بؤرة للوباء في ظل تراجع للإصابات اليومية في مناطق أخرى بالعالم.
هذه العينة ماهي الا صور اضطراب الشعوب و هم يمتحنون بضروب من المكروه و الآفات، على أمل أن تصلهم المساعدات الإنسانية، و يمكن تسميتهم بالبؤساء، المساكين المعذبون في الأرض أو معذبي الأرض كما تحدث عنهم الروايون، لأن "الفقر" يتسبب في وقوع الأمراض والأوبئة و "الإستعمار" يؤدي إلى حدوث الوباء لأنه يمارس سياسة التجويع للشعوب المُسْتَعْمَرَة، فالفيروس لا يعرف حدودا و يهدد البشرية كلها، كونه يمس الجميع، ولا يفرق بين الغني و الفقير و بين الحاكم و المحكوم، و لا بين العالم و الجاهل كما لا يفرق بين الكبير و الصغير، و الصحة اليوم مهددة عالميا، و كان الأمين العام للأمم المتحدة قد أعلن عن وضع خطة الإستجابة الإنسانية العالمية لدعم التصدي لوباء كوفيد19 ، و إن قلنا ان الحروب مهلكة ، فالأوبئة و المجاعات أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء كونها تقتل أكبر عدد من الناس كل عام، و هو ما اشار إليه تقرير الجزيرة بأن الفيروسات في القرن العشرين قتلت ما بين 70 إلى 100 مليون إنسان.
و كباقي الفيروسات، يبدو أن وباء كورونا حسب الخبراء منذ ظهوره مرّ بمراحل ، أولها الظهور ثم الإنتشار و التوسع أي التعميم، و هو الآن في مرحلة التخويف، و هي مرحلة استعملت فيها عمليات الردع تمثلت في اجبار الناس على البقاء في بيوتهم فيما سمي بالحجر الصحي و التي خلقت الرعب لدى الناس، و سواء كانت حروب أو أوبئة، فالوباء سيطر على العالم كله، وكان موضع اهتمام الجميع، و طرحت حولها عدة تساؤلات، إن كان الوباء من شأنه أن يوحد الشعوب و الأنظمة و يوقف الحروب و يضع حد للنزاعات الدولية أم أن الأمور يتزيد تفاقما، أمام عجز النخب الحاكمة عن التصدي للوباء، فما لوحظ أن الكثير من الكتابات إن لم نقل جلها تحدثت عن فيروس كورونا و الدول التي مسها الوباء و معظمها دول قوية، و هذا من باب الخوف على شعوبها على غرار الصين مهد الفيروس، ألمانيا، كوريا، أمريكا، لكن لا أحد تحدث عن فئة "المغلوبين" أو المقهورين أو تلك الأسماء المذكورة سالفا ، في الدول الفقيرة و كيف يتم الإنتقال إليهم ، الصراع في هذا الحالة هو صراع الوجود، هو صراع الحياة و العالم اليوم مهدد بالفناء و الحضارات كذلك مهددة بالسقوط بسبب فيروس.
علجية عيش
لم يعد الحديث اليوم عن صراع الأديان، أو صراع الحضارات و الثقافات، االصراع اليوم هو صراع الوجود، هو صراع الحياة أي صراع الأوبئة و العالم اليوم مهدد بالفناء وحتى الحضارات اليوم مهددة بالسقوط بسبب فيروس، و إن قلنا ان الحروب مهلكة ، فالأوبئة و المجاعات أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء، كونها تقتل أكبر عدد من الناس كل عام، كما أن "الفقر" يتسبب في وقوع الأمراض والأوبئة و "الإستعمار" يؤدي إلى حدوث الوباء لأنه يمارس سياسة التجويع للشعوب المُسْتَعْمَرَة
البؤساء،المساكين،المعذبون في الأرض أو معذبي الأرض، تعددت الأسماء و المعنى واحد، هي طبعا أسماء لأشهر روايات في العالم كتبها روائيون حول حياة الشعوب البائسة التي تعيش الفقر و تعاني الحرمان من أبسط الحقوق و هي تواجه أخطر الأوبئة التي هددت و لا تزال تهدد البشرية، و بدءًا من رواية البؤساء للروائي الفرنسي الشهير فيكتور هوجو Victor Hugo ،التي نشرت لأول مرة في عام 1862 ، و عُدَّتْ كأشهر رواية فرنسية تاريخية في القرن التاسع عشر ، بعد ترجمتها إلى عدة لغات و تحويلها لمسرحية وفيلم ، و إن اختلفت الأسماء كما نقرأه في المعذبون في الأرض للأديب المصري طه حسين ، كتاب المساكين للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي التي نشرها عام 1846م و مصطفى صادق الرافعي، و معذبي الأرض لفرانز فانون، و إن كانت رواية هذا الأخير تتحدث عن كفاح التحرر من الإستعمار، فالوباء أخطر من الإستعمار، لأنه لا يرى بالعين، و إن بالغ هؤلاء الروائيون في وصفهم للوضع الذي تعيشه الشعوب لكي تُشْعِرَ العالم بعذاباتهم و إذعانهم للكوارث و النائبات، مهما كان نوعها ( حروب، أمراض ، أوبئة، زلازل، فيضانات..) و غير ذلك من حوادث الدهر، إلا أن رواياتهم يمكن القول أنها كانت رؤية "استشرافية" لما سيحدث في المستقبل البعيد و تكرار هذه التجارب الأليمة.
و لعل ظهور فيروس كورونا (كوفيد 19) و ما حصده من أرواح و يكاد أن يتسبب في حدوث المجاعة بسبب نقص المواد الغذائية و انقطاعها في السوق، و تعذر الحصول على ما يكفي منها ، كان فرصة لتنبيه الغافلين ليعيشوا ما تعانيه الشعوب الفقيرة من جوع و مرض، الذين أجهضت صراعات القوى حقهم في التعليم و الإستمتاع بالصحة، فجعلتهم عرضة للأمراض المعدية، التي تجعلهم مصدر خطر على من يتصل بهم من الناس، و ينتظرون الإحسان من الآخر و لا تجد من ينقذها، خاصة تلك التي تعيش الحروب و التهجير كأطفال " بورما" الواقعة في جنوب شرق آسيا التي ظلت ما يقرب من نصف قرن معزولة عن العالم في ظل ديكتاتورية عسكرية أحاطت نفسها بهالة من الغموض ومارست ضدها كل فنون القمع و التعذيب ، و كذلك أفريقيا ، حسبما افادت به قناة الـ: بي بي سي، فإن قارة أفريقيا تجاوزت 10 آلاف إصابة، بينما بلغت الوفيات أكثر من 500 وفاة، وهناك مخاوف لدى البعض من أن تتحول أفريقيا إلى بؤرة للوباء في ظل تراجع للإصابات اليومية في مناطق أخرى بالعالم.
هذه العينة ماهي الا صور اضطراب الشعوب و هم يمتحنون بضروب من المكروه و الآفات، على أمل أن تصلهم المساعدات الإنسانية، و يمكن تسميتهم بالبؤساء، المساكين المعذبون في الأرض أو معذبي الأرض كما تحدث عنهم الروايون، لأن "الفقر" يتسبب في وقوع الأمراض والأوبئة و "الإستعمار" يؤدي إلى حدوث الوباء لأنه يمارس سياسة التجويع للشعوب المُسْتَعْمَرَة، فالفيروس لا يعرف حدودا و يهدد البشرية كلها، كونه يمس الجميع، ولا يفرق بين الغني و الفقير و بين الحاكم و المحكوم، و لا بين العالم و الجاهل كما لا يفرق بين الكبير و الصغير، و الصحة اليوم مهددة عالميا، و كان الأمين العام للأمم المتحدة قد أعلن عن وضع خطة الإستجابة الإنسانية العالمية لدعم التصدي لوباء كوفيد19 ، و إن قلنا ان الحروب مهلكة ، فالأوبئة و المجاعات أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء كونها تقتل أكبر عدد من الناس كل عام، و هو ما اشار إليه تقرير الجزيرة بأن الفيروسات في القرن العشرين قتلت ما بين 70 إلى 100 مليون إنسان.
و كباقي الفيروسات، يبدو أن وباء كورونا حسب الخبراء منذ ظهوره مرّ بمراحل ، أولها الظهور ثم الإنتشار و التوسع أي التعميم، و هو الآن في مرحلة التخويف، و هي مرحلة استعملت فيها عمليات الردع تمثلت في اجبار الناس على البقاء في بيوتهم فيما سمي بالحجر الصحي و التي خلقت الرعب لدى الناس، و سواء كانت حروب أو أوبئة، فالوباء سيطر على العالم كله، وكان موضع اهتمام الجميع، و طرحت حولها عدة تساؤلات، إن كان الوباء من شأنه أن يوحد الشعوب و الأنظمة و يوقف الحروب و يضع حد للنزاعات الدولية أم أن الأمور يتزيد تفاقما، أمام عجز النخب الحاكمة عن التصدي للوباء، فما لوحظ أن الكثير من الكتابات إن لم نقل جلها تحدثت عن فيروس كورونا و الدول التي مسها الوباء و معظمها دول قوية، و هذا من باب الخوف على شعوبها على غرار الصين مهد الفيروس، ألمانيا، كوريا، أمريكا، لكن لا أحد تحدث عن فئة "المغلوبين" أو المقهورين أو تلك الأسماء المذكورة سالفا ، في الدول الفقيرة و كيف يتم الإنتقال إليهم ، الصراع في هذا الحالة هو صراع الوجود، هو صراع الحياة و العالم اليوم مهدد بالفناء و الحضارات كذلك مهددة بالسقوط بسبب فيروس.
علجية عيش