عادل الأسطة - خفة الكائنات غير المحتملة

خفة الكائنات غير المحتملة 1 :

يكذبون الكذبة ويصدقونها ، يزوجون ويطلقون . يزوجونك ويطلقونك وقد يجعلون منك ( دون جوان ) .
ربما رأوك أخف من فراشة وقد يقيمون لك في مخيلتهم علاقات حتى أن أحدهم يتمنى أن يعرف ماذا تفعل في شقتك .
وأحيانا يصدقون أنفسهم :
- " هذا كائن خفيف " .
ومنذ ربع قرن وهم يبدلون جلود اﻷفاعي فيهم ويتخيلون أنفسهم يا ما شاء الله :
- العباقرة و الأفذاذ .
كل واحد فيهم أثقل من جبل . إنه البحر يقصده الناس ، وأما أنت " فخفيف مثل فراشة "والمثل يقول :
- " لو عقلت ما سمنت ".
قال لي صديقي :
- كلهم أفذاذ . كلهم عباقرة . إنهم أذكى اﻷذكياء وأذكى من اليهود الذين يرون أنفسهم أذكى الشعوب ولكن ...
قلت له :
- أما يخجلون من أنفسهم وأنا أتلاعب بهم كل لحظة ؟
أنا لا أحب اللعب . أتابع حياتي وهم ثمة أشياء تلعب في عقولهم .
الآن سأذهب إلى حارة اليهود . هل سيتزوج علي من ليلى ويكون خال أبنائه خائنا ؟
لليلى أخ واحد هو موسى وهو يخون مصر لصالح إسرائيل .
هل تذكرون العم حمدان ودار الإذاعة الاسرائلية بعد 1967 ؟
خربشات
صباح الخير

***

خفة الكائنات غير المحتملة : 2

في المقامة الساسانية لبديع الزمان الهمذاني يطلب أبو الفتح ، وهو يمثل دور متسول ، يطلب من شخص ما طعاما وكسوة ولباسا و .. " ومشطا وليفا به يزور الكنيفا " ، وبعد طلبات كثيرة يخاطب أبو الفتح الرجل قائلا :
" رضيت منك بهذا
ولم أرد أن أحيفا "
أي أن أزيدا .
من المؤكد أن مدننا تعج هذه اﻷيام بمتسولين يطرقون أبواب التجار يطلبون منهم المعونات : صدقات . زكاة أموال . مساعدات .
بعض هؤلاء الفقراء يشترطون ما يذكر بالمثل الشعبي " شحاد وبشرط " - أي ويشترط .
ما عليك إلا أن تسير في اﻷسواق لترى هذه الظاهرة التموزية /الرمضانية . هل أنا معها أم ضدها ؟
أنا أدفع ضرائب للدولة ولن أعترض إذا ما خصصت 1 بالمائة من راتبي لهؤلاء الفقراء والمتسولين وأفضل ألا أعطيهم شخصيا وقد أحتج وأقول :
- لتذهب إليهم رواتب الوزراء الذين عادوا إلى وظائفهم ويتقاضون ، الآن ، راتبين .
بعض المتسولين ممثلون مثل أبي الفتح اﻷسكندري يتسولون ﻷن هناك سذجا يمكن خداعهم ، وهؤلاء قسم منهم ليس بحاجة ، ولكن ما دام بعض الناس حمقى ومغفلين ويسهل خداعهم ، فلماذا نتوانى عن خداعهم . هذا هو لسان حال متسولين . هؤلاء خفيفو ظل . ربما !
إنهم كائنات غير محتملة .
خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة 3

الكائنات غير المحتملة تأتيك وتتذاكى . أحيانا تبدو طبيعية وبسيطة وأحيانا تتمنى لك ما تتمناه لنفسها ، فهي مؤمنة بوراثة ثقافة الآيمان . هل كانت تمثل دهرا ؟
تتذكر (محمد . ن .) خريج قسم لغة عربية من الجامعة اﻷردنية في 1975 .
تغرب محمد وعاد إلى قريته وعمل معلما في الحكومة .يزورك دائما . ترحب به وقد تطول الزيارة . هل تعلم من أبي الفتح اﻷسكندري شيئا ؟
وحين تطمئن إليه يطلب مبلغا من المال ليكمل القسط الجامعي لابنته . يأتي محمد بشاهد تعرفه فيقول لك الشاهد :
- أنا كفيل له .
وتعطي محمدا ما طلب . وبعدها لم تعد تراه .
مرة تلتقي به في شارع من شوارع المدينة . ومرة تغض الطرف ولا تسأله ، فقد يكون خجولا ويشعرك بأن الله لم يفرجها بعد .
قد ولكن .
مرة تذكره بالمبلغ فيقول لك بلا خجل :
- لا أريد أن أعيده .
تقول له :
- قالوا لي إنك نصاب ولم أصدق أنك نذل .
والحكاية تتكرر . يكررها غيره وقد يحاولون استغفالك . أحيانا تغض النظر وأنت تعرف مقدار نذالنهم .
كان أبي يكرر :
- أكل الرجال على الرجال دين وعلى اﻷنذال صدقة .
هل أكرر ماكان أبي يقوله أم..؟
وربما صام ( محمد ن. ) الشهر كله وربما قام الليل وربما أحيا ليلة القدر . وثمة كائنات غير محتملة .
خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة : 4

تفكر ، في العيد ، أن تكتب عن الكائنات غير المحتملة ، وما أكثرها ، ثم تتراجع ، فأنت في إجازة ، ولا بد أن الحلوى تحذرك :
- فليكن لسانك في العيد بعض ما تأكله ، وليكن لسانك حلوا غير سليط .
تقول :
- أغلق الفيس ، ولا أرد على الهاتف ، وأجلس في البيت وحيدا .
ومع ذلك لا تنجو من التفكير في الكائنات غير المحتملة ، وقد تضطر لأن تتحمل .
أنت في العيد ، ولا بأس من ارتفاع نسبة السكر في الدم .
كل عام والكائنات المحتملة بخير . أما الكائنات غير المحتملة ، وقد تكون منها ، فأمرها لخالقها .
خربشات
خفة الكائنات غير المحتملة :
يكذبون الكذبة ويصدقونها ، يزوجون ويطلقون . يزوجونك ويطلقونك وقد يجعلون منك ( دون جوان ) .
ربما رأوك أخف من فراشة وقد يقيمون لك في مخيلتهم علاقات حتى أن أحدهم يتمنى أن يعرف ماذا تفعل في شقتك .
وأحيانا يصدقون أنفسهم :
- " هذا كائن خفيف " .
ومنذ ربع قرن وهم يبدلون جلود اﻷفاعي فيهم ويتخيلون أنفسهم يا ما شاء الله :
- العباقرة و الأفذاذ .
كل واحد فيهم أثقل من جبل . إنه البحر يقصده الناس ، وأما أنت " فخفيف مثل فراشة "والمثل يقول :
- " لو عقلت ما سمنت ".
قال لي صديقي :
- كلهم أفذاذ . كلهم عباقرة . إنهم أذكى اﻷذكياء وأذكى من اليهود الذين يرون أنفسهم أذكى الشعوب ولكن ...
قلت له :
- أما يخجلون من أنفسهم وأنا أتلاعب بهم كل لحظة ؟
أنا لا أحب اللعب . أتابع حياتي وهم ثمة أشياء تلعب في عقولهم .
الآن سأذهب إلى حارة اليهود . هل سيتزوج علي من ليلى ويكون خال أبنائه خائنا ؟
لليلى أخ واحد هو موسى وهو يخون مصر لصالح إسرائيل .
هل تذكرون العم حمدان ودار الإذاعة الاسرائلية بعد 1967 ؟
خربشات
صباح الخير

***

خفة الكائنات غير المحتملة 5 :

تأتي الكائنات غير المحتملة بموعد أو دون موعد ، فأنت رجل بروليتاري وشعبي وتمشي في اﻷسواق ، والنبي محمد عليه السلام كان يمشي في اﻷسواق ، وهذا ما دفع بعض أفراد عشيرته ﻷن يتساءلوا :
- ما لهذا النبي يأكل الطعام ويمشي في اﻷسواق .
وجعلهم يشككون في نبوته .
وأنت :
- كيف يمكن أن تكون مهما إن سرت في اﻷسواق وحادثت العامة ؟
إذا أردت أن تكون ذا شأن فعليك أن تكون من النخبة / الصفوة أو بالعربي ، لا بالانجليزي ، عليك أن تكون ( آليت ) .
وﻷنك لست ( آليت ) فسيأتي الآخرون بموعد ودون موعد ، ومع كل واحد من القادمين شاهد يشهد على ما تقول - كان هذا قبل أن تشيع عادة اﻷجهزة الحديثة التي تسجل ما تقول أو تسمع الغائبين ، وهذه طريقة جديدة في التجسس يلجأ إليها ، في زماننا ، كثيرون - سيأتي الآخرون وسيتحدثون حديث الواثق والمعتمد والمعتضد والمعتصم والمتوكل أيضا - المتوكل بالله لا المتوكل طه - وعليك أن تتغابى لخفة ظل تلك الكائنات غير المحتملة .
هل تبتسم لها ؟
هل تمازحها ؟
هل تريد أنت أن تظهر أيضا خفة دمك فتكون لها كائنا غير محتمل ؟
الكائنات غير المحتملة كثيرة . نعم . ولكل منها قصة وأحيانا تتشابه الحالات والقصص ، فلماذا إذن تخص كل حالة بكتابة خاصة ؟لماذا وأنت تعرف أنها تنسق فيما بينها وتقص عن خفة دمها غير المعهودة :
- لا هنا ولا هناك ولا في أي مكان ؟
هل تذكر ما كتبته عن أنواع اﻷقلام وألوانها في نصك " خربشات ضمير المخاطب " 1997 ؟
هل من ضرورة ﻷن تكتب قصة القلم اﻷحمر واﻷبعاد الرمزية للسائل أم تفضل أن تمارس التجاهل والسذاجة حتى يقال إنك جاهل ؟
المعنى في بطن الشاعر والسائل وما تحلم به أم حسين في الليل .
هل تذكر ما قاله المعري في التجاهل وما كتبه من قبله صاحب المقامات عن بطله والشدياق وآميل حبيبي و" الجندي الطيب شفيك ". نعم ( شفيك ) أيها الرفيق !
" ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلت حتى قيل إني جاهل
فواعجبا كم يدعي العلم جاهل
وواعجبا كم يدعي الجهل عالم ".

خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة 6 :

الدلالات الرمزية للكائنات الضفاوية :
مرة ، وأنا في بون ، 1990سألتني سلمى أبو غوش عن الدلالات الرمزية لأهل الضفة الغربية .
كنت أشرت إلى بعض الدوال الرمزية التي أبدعتها المخيلة الشعبية تحت الاحتلال وأنا أدرس القصة القصيرة في الضفة والقطاع بين 1967 و1981.
المجنزرة هي عزيزة والقنبلة هي البرتقالة والسجن هو الوردة و .. و ..
في الانتفاضة اﻷولى - دونت هذا في نصي " ليل الضفة الطويل " - غدا دال الفول رمزا لفتح والحمص رمزا لحماس والجبنة رمزا للجبهة و .. و .. تفطر فول ...تفطر حمص ... الخ .
كانت الانتفاضة أبدعت معجمها ولما كنت أنا بحد ذاتي مشكلة أخرى عويصة من مشاكل الشرق اﻷوسط ، وربما غدوت رابع شخص إشكالي في الشرق اﻷوسط - هذه مبالغة غير محمودة - فقد أخذت الكائنات غير المحتملة تتعامل معي بالرموز ومنها رموز الفول والحمص والجبنة و ... و ...
هل غدا لي معجم خاص مع أنني إطلاقا لم أكرر قول الشاعر :
ندمت ندامة الكسعي لما ..
وقلت لنوار :
- مع السلامة.
أو تسريح بإحسان وغدوت مسلما في هذا الجانب .
منذ 24 عاما والآخرون لا يملون ، رغم أن رموزهم غدت مكشوفة .
تأكل مقلوبة أم أوزي ، وأنا لا أملك عوزي ولا أم 16.
تشرب شاي أم قهوة - هل أنت شيوعي؟
وإذا كنت لا تلجأ إلى العنف فسوف تسأل:
- تشرب كولا ، " قل :لا " أو باﻷلمانية :
sag nein
وتتذكر الشاعر اﻷلماني صاحب القصيدة ( فولفجانج بورخرت ) .
وإذا ما أرادوا مالا وظنوا أنك ستحصل على جائزة من مؤسسة البابطين سألوك :
- هل تريد المقلوبة بالباذنجان " باب طين باذن جان باطنجان ".
أنت كائن غير محتمل مثل كائناتك التي تكتب عنها .
خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة 7 :
لنفترض أنك مواطن ألماني وكان لك رصيد في البنك وسحبت منه 600 يورو ، فماذا سيفعل موظف البنك ، ولنفترض أن اسمه تامر وكان من حماس ؟
من المؤكد أنه ، ﻷنه ألماني ، واﻷلمان لا أسرار لديهم ، ﻷن أصولهم فلسطينية ، من المؤكد أنه سيعمم الخبر وسيتصل بأخيك الذي ينتمي لحزب المحافظين ، وسيعلمه باﻷمر . وماذا سيفعل أخوك أنت الشيطان ، فأخوك مبذر وإن المبذرين كانوا إخوان الشياطين - وما زالوا وسيظلون .
سيأتيك أخوك بابتسامة كائن خفيف الظل ، كائن غير محتمل ، فهو أخوك ، وسيقول لك :
- رأيتك تمد يدك إلى جيبك تريد أن تعطيني 600 يورو .
هل تبتسم ﻷخيك ، وتبدو له كائنا محتملا للحظة هي لحظة العطاء وهل تعزز فكرة أنك شيطان فأخوك مبذر ؟
لنفترض أن موظف البنك حمساوي ، فهل يجوز له رصد حركات حسابك وإفشاؤها .
أنت كائن غير محتمل .
خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة 8 :

هل الكائنات المحتملة تغدو أحيانا كائنات غير محتملة؟
أحيانا تمثل الكائنات أدوارا . حين تعرفها هي شخصيا تبدو لك كائنات محتملة ، وﻷنها بدت في نظرك كائنات محتملة ، فقد فهمت أنك منحتها الثقة التي لم تعد تمنحها ﻷحد ، فكثيرون ممن يمكن أن يكونوا محتملين يغدون لمبالغتهم في ثقتهم بأنفسهم غير محتملين . يبدون وهم يمثلون أفظاظا ثقيلي الظل وتتمنى لو ينظرون ، وهم يمثلون ، إلى أنفسهم في المرآة ويقيسون نسبة خفة دمهم كما يقيس المرء نسبة السكر في الدم .
أعتقد أن على العلماء أن يفكروا باختراع لقياس مقدار ثقل الدم وخفته لا نسبته ومقدار قوته فقط .
كيف تبدو الكائنات المحتملة مخلوقات غير محتملة ؟
لنفترض أن ( نظام ) التقى بشخص تعرفه ولنفترض أن الشخص ألماني ، ولنفترض بأن الشخص سأل ( نظام ) عنك وأعطاه البريد اﻷلكتروني ليوصله لك طالبا منك أن تكتب له علك تطلب شيئا ما . أنت ترسل للشخص رسالة تسأله عن صحته ، ﻷنك كنت تعرفت إليه . هل أنت بحاجة إلى مال والمال يجري بين يديك ؟ وستخيب أمنيات كثيرين تمنوا لو تطلب مالا توزعه عليهم . يا لخستهم ونذالاتهم ورخصهم ! يريدون أن يشتموك بما فيهم .
الكائن الذي رأيت فيه كائنا محتملا سيغدو كائنا غير محتمل . إنه يمثل دور الشخص اﻷلماني ، وها هي الرسائل تأتي إليك من معارفه تطلب منك أن تتصل به وأن تكتب له على بريده اﻷلكتروني ، وحين لا تفعل فأنت لست بحاجة إلى أي شيء ، ثم إن عنوانك معه وهاتفك معه ، وقد اتصل بك من قبل ، يتصل بك ويطلب بريدك ويعدك بأن يرسل لك كتبه .
الحكاية تتكرر والكائن الذي كان محتملا غدا من الكائنات غير المحتملة . وأنت :
- كم مرة كنت كائنا محتملا ؟ وكم مرة غدوت كائنا غير محتمل ؟
أنت تسأل وربما تتذكر قول المثقب العبدي :
" فإما أن تكون أخي بحق
فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني عدوا
أتقيك وتتقيني "
و آه يا .... يا فاطم !
خربشات

***

- خفة الحياة غير المحتملة 9 :

الحياة ، حين تصغي إلى نشرات اﻷخبار ، تبدو غير محتملة . هذا إذا كنت تقيم في فلسطين المحتلة أو في العالم العربي .
هل النخب التي تحيا في أحياء خاصة مصيبة ؟
مرة كتب محمود درويش :
" في كل يوم لنا جثة
وفي كل يوم لهم أوسمة " .
أخبار الصباح عما يجري في العالم العربي غدت معتادة حتى أن الحياة على آيقاعها غدت غير محتملة ، ولكن كل شيء غدا عادة ، وماذا يقول ( جورج بوش ) وهو يشاهد ما يجري في العراق ؟
ربما لا يشاهد ( بوش ) ما يجري . إنه من النخب التي تؤثر العزلة .
ولكن ما الذي جرى هذا الصباح حتى بدت الحياة غير محتملة ؟
حرارة الجو أم حرارة دم جنود الاحتلال ؟
أعتقد أن الفلسطينيين لهم يوم القيامة وضع خاص . لقد احتملوا وساخات احتلالات عديدة - وما زالوا - واحتملوا فوق هذا كله وساخات كثيرين منهم .
الاحتلال خفيف الظل ، ﻷنه أرحم احتلال ، يواصل عاداته :
يطلق الرصاص هذا الصباح ، في بيت أمر ، على مواطن ، وحين يهم والد المواطن بمساعدة ابنه الجريح ، يطلق الجنود النار على اﻷب ويقتلونه .
المذيع قال :
- بدم بارد .
ومنذ 1948 وهم يقتلوننا بدم بارد . فكيف لو كان دمهم حارا مثل دمنا .
" احصدوهم ".
هكذا خاطب الضابط ( شدمي ) جنوده في 1956في قرية كفر قاسم .
قتل 49 مواطنا ودفع غرامة مقدارها قرش وخرج .
49مواطنا عربيا بقرش .
أبناء العم يحاولون غالبا أن يبدوا ظرفاء وخفيفي دم . ربما يريدون أن يجعلوا الحياة محتملة . ربما .
الحياة في العالم العربي وتحت الاحتلال الإسرائيلي غير محتملة ، ويبدو أن كائنات هذين العالمين أيضا غير محتملة ، وأنا عشت هنا وهناك . أنا أيضا كائن غير محتمل ، فمن عاشر القوم أربعين يوما صار منهم .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 10 :

في الثمانين من عمري سأغدو كائنا غير محتمل . أعتقد هذا جازما ، وحتى لو بقيت سالما معافى أخدم نفسي ولا أكون عالة على أحد .
سأذهب إلى الآخرين وأفسد عليهم خلوتهم ، حتى دون أن أتلقى دعوة منهم ، فأنا وحيد وماذا أفعل وأنا كذلك . أنا الآن أشغل نفسي بالتدريس والقراءة والتصحيح و ..و ..
وبعد عشرين عاما ، بل بعد أربع سنوات ، سأنقطع عن هذا كله وسيكون لدي وقت طويل ﻷتسكع وأجلس على المقاهي .
حتما سأكون كائنا غير محتمل .
سأكون جالسا في المقهى وما إن أرى الشاعر طارق العربي قادما ليجلس وحيدا على كرسي قش على مقهى الرصيف ،حتى أذهب إليه وأقطع عليه خلوته وأبدأ أقص عليه قصصا لا يحب الإصغاء إليها وليس هو أصلا معنيا بها . إنه يريد أن يجلس وحيدا يتأمل حركة الناس في الشوارع وقد يرغب في قراءة جريدته ، فكيف أهبط عليه ﻷثرثر معه عن أشياء ليست من اهتماماته ؟
وأنا وحيد .
أنا الآن في الثانية والستين من العمر .
ربما أكون كائنا محتملا . وحين أجلس على مقهى رصيف أحب ، أحيانا ، أن ، أكون وحيدا . أحيانا .
في هذه اﻷحيان يأتي رجل ثمانيني يعاني من الوحدة والعزلة ولدية ثقة مفرطة بثقافته ويجلس إلى جانبي . وأنا ...
أتخيل طارق العربي وهو في الستين يجلس على مقهى رصيف . يؤثر الوحدة والخلوة ليكتب قصيدة ، ثم أذهب إليه ﻷقتل وحدتي .
يا لي ، يومها ، من كائن غير محتمل ! كائن خفيف ، كائن غير محتمل .
خربشات

****

- خفة الكائنات غير المحتملة11 :

نبدو جميعا ، هذه اﻷيام ، كائنات غير محتملة . ربما يعود اﻷمر إلى موجة الحر القادمة من الهند .
نبدو مثل ملابسنا : ما إن يصل المرء إلى البيت حتى يتخلص من أكبر قدر منها .
في اﻷيام اﻷخيرة من رمضان كانت الكائنات غير محتملة ، ولهذا كثرت المشاكل وحوادث السير والاشتباكات ، بخاصة في ساعات العصر . هذا ليس رأيي وحدي إنه رأي آخرين حتى أن قسما قال :
- والله يجب أن يحلل الإفطار لكثيرين في اﻷيام العشرة اﻷخيرة .
اليوم أنا بدوت لآخر كائنا غير محتمل .
في الساعة الحادية عشرة كنت على دوار المدينة وقد استوقفتني فتاة لا تتجاوز الثانية عشرة . كانت الفتاة مع أخيها اﻷصغر منها سنا . ماذا أرادت الفتاة ؟
طلبت مني خمسة شواكل ، فسألتها :
- لماذا ؟ ومن هي ؟ وماذا يفعل أبوها ؟ ومن أين هي ؟
لقد كنت كائنا غير محتمل حقا ، إذ وجب أن أعطيها أو أن أواصل طريقي ، فما شأني بها ؟
الكائن الذي لم يكن محتملا أكثر مني هو ذلك الذي توقف لينصت إلى الحوار ، ولعله ذهب في تفكيره مذاهب شتى . رجل ستيني يتحدث ومع فتاة في الثانية عشرة . هل كان قرأ لوليتا ؟
الفتاة قد تكون صادقة وقد تكون محتالة ومعتادة على أسلوب كالذي اتبعته .
الفتاة أجابتني لما سألتها عن حاجتها إلى الشواكل الخمسة الإجابة التالية :
- لقد أضعت خمسة شواكل أعطاني إياها أبي ﻷشتري حمصا وفلافل . هذا كل ما في اﻷمر .
هل أعطيتها الشواكل التي طلبتها ؟
أعتقد أنها وأنا والرجل الآخر ومصور التلفزيون الذي التقيت به في الثانية عشرة ، أعتقد أننا كلنا كائنات غير محتملة مثل حر اليوم القادم من الهند .
خربشات

***

- أدونيس :
( مفاتيح / دفتر أفكار /دبي / تموز / 7 - 2015 ) 12

من أنت لكي تسأل : ماذا أفعل
أو لكي تحاسبني
نعم قلت وأكرر :
غالبا أفتح باب مخيلتي وأستضيف
ملاكا حينا وشيطانا حينا
****
يخيل إلي أن كلام أدونيس موجه للذين يراقبون حركاتنا وأجهزة حواسيبنا وما شابه .
أنا سأفتح مخيلتي أيضا : سأستضيف ملاكا حينا وشيطانا حينا .
قبل قراءة مقطع أدونيس كنت أفكر بما كان يقوم به عمر بن الخطاب وما قاله له من تجسس عليهم .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 13 :

ما هو رأي أماني الجنيدي في روايتها ( قلادة فينوس ) في التجار ؟
في ص13 ترد العبارة " لا أوسخ من تاجر " وهي عبارة قد تصح وقد لا تصح . ثمة تجار وثمة تجار .
هل التجار كائنات غير محتملة؟
كل ما في اﻷمر أنني تعاملت مع تاجر بلاط ، وهاكم القصة :
- اتفقت مع تاجر البلاط على كمية محددة ونوع محدد وأعطيته المبلغ كاملا . ربما كنت طيبا مثل الجندي الطيب ( شفيك ) . المبلغ لي لا يستحق ، ثم لماذا يخلف التاجر وعده . نقوده وأخذها ويفترض أن البضاعة موجودة لديه وهو يريد أن يبيع وأن يشتري وأن يربح وأنا أعطيته السعر الذي طلبه.
قال لي التاجر :
- غدا تكون الكمية عندك .
ولم يأت الغد حتى اتصل بي .
قال لي التاجر إن النوع الذي اخترته غير موجود وأريد أن أريك نوعا آخر فلم أمانع ، ولما أحضره قلت له :
- أري هذا للبليط وأصغي إلى رأيه ثم نتفق فإن اعترض فالبضاعة مردودة .
ولم يمانع ، وهكذا إذا لم ترق البضاعة له تقرر أن تعود الى التاجر .
لم ترق البضاعة للبليط الذي رأى فيها بضاعة لا تصلح لما انتويت تبليطه .
التاجر قبل كلام البليط وكان عاقلا . بارك الله فيه ، فلقد كان كائنا محتملا . هل انتهت الحكاية ؟ هل أحضر التاجر البلاط في الموعد المتفق عليه؟
لو قلت لكم إنه وعد وأخلف ووعد وأخلف ووعد وأخلف ووعد وأخلف لربما ما صدقتم ، وفاض بي اﻷمر واتصلت به . لم يرد مرتين وفي الثالثة تفضل وأجاب . يخيل إلي أن هناك جهة ما كانت تعطيه إشارات وأنا شخص مصاب بالسكر وهات يا رب العباد قدرة على احتمال كائناتك غير المحتملة . أحيانا أسبح بحمد الله وآومن ﻷنه يحتمل عباده هؤلاء . إنهم غير محتملين حقا . ولم يبق معي إلا أن أصرخ على الهاتف .
التاجر الكذوب المخادع الذي لم يف بوعده ولم يصدق لم يرق له كلامي . استغرب أن أكون جامعيا وأصرخ في وجه كذاب . كأن على المثقف ألا يغضب. كأن . مع أن راشد حسين قال :
" تشتهي الثورة لحظات غضب " .
هل كنت كائنا محتملا ؟في مجتمعنا تكون كذلك إذا وافقت الناس على ما يريدون ؛ على نفاقهم وتزويرهم وضلالهم وحقارتهم أيضا .
أنا كائن غير محتمل ولهذا وجدتني أتذكر ما ورد في رواية أماني الجنيدي :
- "لا أوسخ من تاجر " مع اعتذاري لتجار لا يكذبون .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة14 :

هب أنني رجل من زجاج وأنني كائن غير محتمل ، وهب أنني سأقر بهذا :
" أنا رجل من زجاج تكسره الحصى لا الحجارة وحسب "، فلماذا يوافق الآخرون على جعل بيوتهم من زجاج ويخوضون في أمور تجعل الحصى والحجارة التي تقذف علي ترتد على بيوتهم ؟
الكائنات غير المحتملة كثيرة وهي تحيط بي في الشقة وفي المنزل وفي أماكن العمل وتترك قول المسيح ينطبق عليهم :
"من كان منكم بلا خطيئة فليرجم مرتكب الخطأ بحجر ".
وكلهم يضعون أنفسهم في موضعها - أي مرتكبة الخطيئة - تلك التي تحدث عنها المسيح .
أنا أراقب وألاحظ الإشارات واللعبة مملة وكل واحد يريد أن يبريء نفسه وأن يضع العيب على غيره . كل يريد أن يجعل من الآخرين تلك الزانية . لا اﻷخ يحترم أخاه ولا الزميل ، في مكان العمل ، يحترم زميله ، ولا الصديق يحترم صديقه .
ببساطة كلنا " عرصات ".
وقد وجدتني في الفترة اﻷخيرة أكثر من استخدام كلمة " عرصات " في تعليقاتي على الفيس .
هل كان مظفر النواب مخطئا أو مازوخيا حين صرخ :
"ما أوسخنا
ما أوسخنا
ونكابر : ما أوسخنا
لا أستثني أحدا ".
اﻷخ يتجسس على أخيه والزميل في العمل يتجسس على زميله
والطالب يتجسس على أستاذه - هذا حسن واسألوا حسني البورزان -
مدير المؤسسة بارع في هذا
وكما كتب معين بسيسو :
"جاسوس يدعم جاسوسة " .
كم نحن كائنات غير محتملة ! كم !
خربشات

***

- خفة الحياة غير المحتملة 15:

الحياة هذا الصباح تبدو غير محتملة ، لا لحرارة الجو وارتفاع درجة الحرارة ، فهذه تتغلب عليها بن خلال المكيفات والمراوح .
" فلة " تعقب على ما كتبت ( الكائنات غير المحتملة 14 ) وتكتب :
- " المستوطنون يحرقون رضيعا في نابلس هذا الصباح ) .
المستوطنون وشعب الله المختار ، هنا في فلسطين ، كائنات محتملة جدا من الفلسطينيين ، نعم محتملة جدا والله !! أليسوا شعب الله المختار ويحق لهم ما لا يحق للآخرين ؟
الحياة هذا الصباح تبدو غير محتملة ، لا الكائنات وحسب ، وأظن أن العراقيين والسوريين واليمنيين والليبيين و ..و ... يقولون هذا ، مع أنهم غير محتلين من شعب الله المختار .
المستوطنون كائنات سماوية مثل السنة والشيعة ، وأظن أن هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء ...
أنا محتار . أنا كائن غير محتمل ، ربما لأنني أقيم في الأرض التي يقيم فيها شعب الله المختار والمحتار أيضا .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 16 (الهباش منفعلا ) :

أصغي إلى الهباش يخطب عن جريمة إحراق الفلسطينيين هذا الصباح في قرية دوما .
الهباش أشار إلى 11 ألف جريمة خلال آخر 10سنوات ، وطالب الهباش بمعاقبة كل من يبني المستوطنات أو يسلحها أو من يتعامل معها .
لم يشر الهباش ، حتى اللحظة ، إلى أن اﻷيدي الفلسطينية تسهم في بناء المستوطنات وأن التجار الفلسطينيين بعضهم يبيع بضاعة المستوطنات .
هل نسي الهباش أن يافا وحيفا هما أرض فلسطينية وأقيمت عليهما وما يحيط بهما ، تل أبيب ونتانيا ونهارية و ...؟
يخيل إلي أن الهباش ملتزم بالخطاب الفلسطيني اﻷوسلوي التزاما تاما .
أنا اليوم راديكالي جدا جدا ، ويبدو أنني كائن غير محتمل ، مثل جريمة اليوم ومثل درجات الحرارة في الشوارع وخارج البيوت المكيفة .
انتهى الجزء اﻷول من خطبة الهباش فماذا عن الجزء الثاني ؟
الواجب الآن على العالم بأسره أن يستجيب للنداء الفلسطيني بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني .
لا بد من متابعة الطبيخ وسأصحح اﻷخطاء الطباعية لاحقا .
يا لي من كائن غير محتمل .
خربشات

***

- خفة الأغاني غير المحتملة 17 :

اﻷغاني غير المحتملة الآن كانت أغاني محتملة في زمن سابق . هنا أتذكر مقولة ( ياوس )اﻷلماني صاحب نظرية التلقي :
" إن قراءة نص واحد في زمنين مختلفين تؤدي إلى قراءتين مختلفتين " .
وﻷنني كائن غير محتمل فقد أخذت بها ولم أكتف ، بل لقد حورتها وأكثرت من استخدامها :
" إن كتابة نص عن فكرة واحدة في زمنين مختلفين تؤدي إلى كتابتين مختلفتين ".
أنا أكتب الفكرة غير مرة وألاحظ الاختلاف ولاحظت هذا في أشعار محمود درويش . خذ مثالا ما كتبه عن ريتا في 1966 وفي 1990 .
منذ ساعة وأنا أتابع إذاعة جامعة النجاح . لقد بثت أغاني وطنية كعادتها في أيام اشتعال الضفة :
" وين الملايين ؟ أحمد الزعتر . أخي جاوز الظالمون المدى " ،
وبث اﻷخيرة هو ما لفت نظري .
حقا إن الظالمين جاوزوا المدى وقد جاوزوه منذ كتبت القصيدة ، بل ومن قبل . ولا أحد يريد الآن الجهاد ضد مغتصب اﻷرض ، وإنما ضد الشيعة أو العكس ومن قبل ضدنا وضد بعضنا البعض .
السطر اللافت هو :
"طلعنا عليهم طلوع المنون ، فكانوا هباء وكانوا ردى ".
والحقيقة أننا ، منذ 1967 ، الهباء والردى ، وأنهم هم من يطلعون علينا طلوع المنون . وقد لفت هذا نظر محمود درويش فكتب في 1970 قصيدته " سرحان " واقتبس السطر وسخر وكتب :
"قذفناهم بالحروف السمينة .
وصرنا هباء وصرنا ردى " .
مثل تلك اﻷغنية أغنية : " وطني حبيبي وطني اﻷكبر " .
ورحم الله عبد الوهاب وعبد الحليم وجمال عبد الناصر و ..
اﻷردن أولا .
نابلس أولا .
مخيم عسكر أولا
وابني أولا
واﻷقربون أولى بالمعروف أولا .
ونكابر ... ما أوس ...
خربشات

*******

- خفة الكائنات غير المحتملة 18 :

نحن في الثالث من آب من العام 2015 . الجو حار جدا ولم تشهد نابلس أجواء حارة كهذه منذ زمن طويل ، إن كانت أصلا شهدت .
أنت لا تحتمل ، في هذه الاجواء ، الملابس التي ترتديها ، فكيف ستحتمل الكائنات غير المحتملة في اﻷجواء العادية ؟
بعض الناس إمعات ورخيصون وفيهم من الحقارة والنذالة ما لا يصدق . يبيع نفسه لفصيل ما ، لمسؤول ما ، لآخر حتى ينعم عليه بعظمة . كيف تعرف هذا ؟
أنت تعرف أن لا صلة لك بهذا الشخص . الصلة عابرة تتطلبها طبيعة الوظيفة ليس أكثر ، وأنت لا تعاديه . لا تحبه ولا تكرهه . ربما حييتما بعضكما بعضا بحكم مكان العمل ، وكما ذكرت فلاصلة لك به .
تقتضي الوظيفة نوعا من المراتبية وعليه فعلى كل واحد أن يخاطب الآخر بحكم وضعه ، والوظيفة درجات . ولكن بما أنك تعيش تحت الاحتلال ، وبحكم ما مرت به الضفة من انتفاضات ترتب عليها فوضى ، فقد اختلطت اﻷمور مرات ومرات .
بعض الناس ، كما ذكرت ، إمعات وفيهم من النذالة ما لا يحتمل ، فكيف إذا كان الجو حارا وفي آب؟
أنت تذهب ، وأنت دكتور جامعي ، فيناديك الصغير باسمك . هل كنتما تلعبان معا في الحارة ؟ أنت تسأل وتخاطبه :
- احترم نفسك . أنا أستاذ ولا تناديني مرة أخرى باسمي . هناك لقب علمي وعليك مراعاته ، وﻷنه متمسح ، أو ﻷنه إمعة أو ﻷن هناك جهة ما وراءه . فصيلا ما أو حمار اكبيرا ، فإنه لا يخجل على نفسه ومنها وتواصل تعليمه اﻷخلاق .
نحن في آب ودرجات الحرارة لا تحتمل ، ولا يحتمل المرء أصلا ملابسه ، فكيف ستحتمل مثل هذه الكائنات ؟ هل ستبصق في وجهها ذات نهار ؟ربما .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 19:

الكائنات غير المحتملة لا تمل من التكرار،ولسوف تصبح أنت كائنا غير محتمل ﻷنك ستقع فيما وقعوا فيه وما زالوا يقعون .
مثلا لن يمل الآخرون من تكرار فكرة دراسة اﻷدب العربي في ألمانيا أو فكرة تخصصك :
- أأنت متخصص في النقد الحديث أم في اﻷدب الحديث أم في اﻷدب المقارن ، وفكرة الحصول على الترقية وعدد النقاط .
لقد مر على هذا كله ما لا يقل عن عقدين أو عن عقد من الزمان . وقد يتدخل الطلاب في اﻷمر مرسلين من الصغار أخلاقا وعلما الذين لا ينتجون إلا ما تنتجه ثقافتنا المتخلفة في الحارة والمخيم والقرية .
هل أنت مغرور حين تغيظهم :
- أعطوني أستاذا واحدا في جامعاتكم كلها ،في أقسام الأدبين العربي واﻷنجليزي ، وفوقها قسم الادب الفرنسي ، أنتج ما أنتجت ؟
أحيانا تقول في المحاضرات :
- لو وضعنا نتاج أساتذة أقسام اﻷدب العربي كلها ، في جامعاتنا في الضفة والقطاع ، في كفة ونتاج د.إحسان عباس - لا إحسان...- في كفة لرجح نتاج إحسان عباس كما ونوعا وتنوعا أيضا .
وغالبا ما تكرر وهم غالبا ما يكررون . لا يملون ، وحين تنظر في أمر من يتقنون لغة ما تتساءل :
- ماذا قدموا من نتاج أو من ترجمات .
هل تتقن اﻷنجليزية أو اﻷلمانية أو العبرية؟
لا تمل الكائنات من السؤال وهي لا تتقن في اﻷصل لغتها القومية .
اﻷجواء هذ الصباح ، الرابع من آب حارة وحارة جدا ومع ذلك لم تسأل إدارات جامعاتنا بعض من ذهبوا ليدرسوا تخصصا ما ، لم تسألهم :
- ماذا أنجزتم في تخصصكم ؟ ولماذا لا تدرسونه فيفيد الطلاب من علمكم الجم؟
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 20 :

ماذا تفعل في هذا الصباح القائظ ؟
الكل يشكو من اﻷجواء شديدة الحرارة .
حديث الناس في الضفة الغربية أكثره يدور حول أمرين هما جريمة المستوطنين وأجواء آب . آب اللهاب حقا . السائق الذي استقللت حافلته أراد أن يكرمك فطلب من الراكب الذي يجلس إلى جانبه أن يترك مقعده وأن يجلس في المقعد الخلفي . ستقول له :
- إن هي إلا دقائق ولا ضرورة لإحراج الشاب .
السائق لا يعرف الصمت ويحب أن يتكلم دائما . أحيانا يكون كلامه مشفرا وأحيانا يؤشر ويشبر .
أنت تضحك لتذاكيه وتقول له :
- لولا ذكاء العرب الزائد عن حده لكنا الآن خارج التاريخ وأسفل سافلين ولكن الله - جل وعلا - قدر وستر وأرادنا خير أمة .
الحديث ذو شجون وأنت تعرف إخوة السائق الذي يسألك إن كانوا يراعونك إذا ما اشتريت منهم فتجيبه بأنك تمر عليهم ، فيعترض عليك نحويا ويصححك :
- قصدك عندهم .
هل أخطات أنت وكان عليك أن تتعلم الفصحى لتخاطب بها السائق ؟
ماذا تقول للسائق ؟
تتذكر بيت الشعر :
" تمرون الديار ولا تعوجوا "
وتقول للسائق :
- ها هو الشاعر أسقط حرف الجر ،
ثم تسأله :
- هل تعرف تميم البرغوثي؟
هل تصغي إلى قصيدة في القدس؟
السائق يقول :
- هل هو ذو الشعر الطويل الملقى على كتفه .
وتجيبه :
- نعم هو .
ويرد السائق :
- هو الذي يقول :
" يا كاتب التاريخ " .
وتسأل السائق :
- وماذا يقول في مطلع القصيدة ؟
ولا يعرف السائق المتذاكي دائما . لا يعرف فتقرأ له بيت تميم :
" مررنا على دار الحبيب فردنا عن الدار قانون اﻷعادي وسورها ".
هل توقف السائق المتذاكي عن تذاكيه؟وتقول له :
- التكرار يعلم الحمار ، وبعض البشر لا يتعلمون .
خربشات

***

* خفة الكائنات غير المحتملة21 :

تزورك الكائنات أو تلتقي بك في الحافلة أو في السوق وتحاورك حوارا فيه من المدلولات البعيدة أكثر مما يقوله ظاهر الكلام . كأن عليك أن تبقى متقد الذهن كل لحظة ومع كل مخلوق ، فالمخلوقات كلها ذكية وذات عقل راجح . إنها محور الكون وفيها من المركزية أكثر مما يعتقده اﻷوروبيون في المركزية اﻷوروبية . ولكي تحافظ على وظيفتك فعليك أن تلبي لكل واحد من هذه الكائنات مطالبه ، وعليك أن تطيعه وتتبنى رؤياه لﻷشياء وإلا فسيطردك من وظيفتك التي غدت تحت تصرفه .
عليك مثلا أن توافق على ما جاءت السيدة ﻷجله - السيدة تريدك وقد رشحها لك فصيل أو جهة ما . وحين يخيب أملها وتوقعها تقول لك :
- مع السلامة .
عليك مثلا أن تهبط من الحافلة قرب بيت محدد لتذهب إلى سكانه وتطلب يد ابنتهم وإلا فالسائق سيقول لك :
- مع السلامة .
وعليك أن تلبي ﻷخيك أو ﻷختك طلباتهما فإن خيبت أملهما قالا :
- مع السلامة .
وعليك أن تشتم هذا اﻷديب أمام عدوه من اﻷدباء وإلا :
- مع السلامة .
مع أنصار فدا عليك أن تكون فدويا - لا فدائيا - وإلا فمع السلامة ، وكذلك اﻷمر مع فتح وحماس والجبهتين ؛الدنمركية والشيوعية الماركسية الماوية ال ..
ببساطة حتى تحافظ على وظيفتك عليك أن تكون إمعة ومنافقا ؛ أن تكون أردنيا في اﻷردن ومخابراتيا ، وأن تكون فتحاويا في الضفة وحمساويا في غزة ، وعليك أن تمدح الدولة العبرية حتى تزور حيفا ويافا ، وأن تشيد بإنجازات أبناء العمومة وأن تطبع . وإلا ف :
- مع السلامة .
وأنت تريد أن تكون أنت ولهذا تجد نفسك تقول لهم :
- يلعن أبوكم كلكم وأبو الوظيفة وأمها والجوائز كلها ؛ من جائزة ياسر عرفات إلى جائزة الملك عبدالله فجائزة الملك فيصل فجائزة....محمود درويش .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 22 :

" شتائم أمي "
ماتت أمي في 15 / 7 /2011. ولم تكن تشتم أحدا على الإطلاق . كانت امرأة هادئة ومسالمة ، وأحيانا قليلة كانت " مش قليلة " ، فقد فعلت ما لم يرق لي . كنت أحب طالبة وأردت أن أخطبها ، ولم تكن أمي تعرفها ولم تكن رأت صورتها ، وما كان منها ، دون استشارتي ، إلا أن ذهبت إلى الجامعة لتراها . ولم ترق الفتاة ﻷمي فأرعدت وأزبدت ، ولكنها في نهاية اﻷمر خضعت لخياري ، وكانت أم الفتاة أيضا مثل أمي : لم أرق أنا لها .
وكان أن افترقنا ، ولم تجد مساءات يوم الثلاثاء نفعا .
كنا مساء كل ثلاثاء نتعشى معا . ما علينا !
لم تكن الفتاة كائنا محتملا ﻷمي ولم أكن أنا كائنا محتملا ﻷم الفتاة . وكنا أنا والفتاة نشكل رقم عشرة ، مثل نعجة ونخلة معمرة .
الليلة كانت أمي تشتمني . كانت تحاول الاتصال بي وأنا لم أكن أرد . ربما كنت منشغلا بأمر ما . ربما كان هاتفي في وضع " صامت " وربما كان مغلقا . لست متأكدا وربما كان مزاجي سيئا ، فهل علي دائما أن أجيب بسرعة ؟ هل تدخل عدم الإجابة الفورية في باب العصيان وعدم الطاعة ؟
جن جنون أمي . أخذت أمي تصرخ وتقول على مسمع الآخرين :
- هذا الحيوان الدكتور عادل لا يرد . لقد رننت عليه هذا الحيوان عشر مرات ولم يرد .
ثم فجأة أخذت أمي تصرخ على أخي وتقول له :
- اتصل بهذا الحيوان عادل واسأله لماذا لا يرد علي .
وواصلت أمي شتائمها .
أبي كان مختلفا . كان أبي يقول لي :
- لا تفكر حالك دكتور . أنت نزلت من هذا ، ويشير بيده إلى سلاحه الذكري ويضحك . هذا أنجب دكتورا ويضحك .
مات أبي في15 / 7 / 2006 وماتت أمي في15/ 7 / 2011.
وأنا...أنا ما زلت أموت يوميا حتى أنني صدرت نصي " ليل الضفة الطويل " 1993 بقصيدة من ديوان محمود درويش " ورد أقل " يقول فيها " ستروى أساطير عني " و
" ستزعم أكثر من فتاة أني تزوجتها ولكني لا أرى القبر بعد " ، والكلام على لسان درويش .
خربشات


***

- خفة الكائنات غير المحتملة 23

اتذكر أمي :
غالبا ما أصغي إلى المشاكل بين اﻷخوة ، وقد لا أخلو من مشاكل مع إخوتي ، بل هي موجودة .
أحيانا أعرف عن المشاكل بين الإخوة دون أن يخبرني هؤلاء عنها ودون أن أتجسس ، مع أن أخي قال لي : " جاسوس " ، وغالبا ما ينشد مساعدتي .
( أنا متأكد من أن قسما من إخوتي دخلوا بيتي في غيابي ونقلوا أخباري إلى جهات عديدة ومنها الأمن الوقائي وبعض أقاربهم من حركة فتح وتنظيمات أخرى ولم يراع هؤلاء صلة القرابة أو الأخوة ، بل إنهم فضحوا عرضي بما تعنيه الكلمة من معنى ) .
اﻷخبار عن مشاكل العائلة ، أية عائلة ، في مجتمعنا تتشابه ، وتصبح العائلة كلها كائنات غير محتملة . اﻷولاد يتقاتلون فيتقاتل الكبار وتبدأ مشاكل جديدة مثل المقاطعة بعد الشتائم ، والتفكير في بيع البيت أو الشقة لشراء شقة بعيدة عن اﻷهل . وبعد أعوام من القطيعة والبعد تعود المياه إلى مجاريها ويتصالح الإخوة ويسود الوئام ، وقد لا يسود أبدا ، بخاصة إذا ما تزوج ابن عم ابنة عمه وطلقها .
ما الذي ذكرني بأمي ؟
كانت أمي في أيامها اﻷخيرة حريصة على أن يكون بيت العائلة مفتوحا دائما لبناتها ، فيقيم فيه أحد أبنائها ممن يستقبل بناتها - أي أخواته - ولم يكن البيت ﻷمي ، فقد كان ﻷبي وأبي ترك وصية ألا يقيم في البيت أحد وأن يظل مأوى لبناته . هو صاحب البيت ، لا أمي ، وليس هذا هو المهم .
ماتت أمي ولم يكن إخوتي زوجوا أكثر أبنائهم ، ولم يكن اﻷبناء خلفوا كثيرا ، وهكذا لم تر أن الابن ، حين يزوج أبناءه ويغدو له أحفاد ، لم تر أن اﻷخوة يصبحون مجرد جيران ، وقد يكونون جيرانا طيبين وقد يكونون سيئين جدا مع بعضهم .
الآن أتذكر أمي وأتمنى أن تنهض من قبرها وتقيم معنا عاما لتدرك أن أبي كان أبعد نظرا منها ، وأن اﻷم غير زوجة الابن ، فالدار ﻷهل الزوجة ( ولابنائها هي ولأحفادها هي ، ولا تعود لبنات أمي ، أي أخواتي ، وقد يطردن من البيت ، إن ساءت العلاقة ) ولا يعود البيت ﻷهل الزوج وقد تدخله على خجل ، وقد يوحي الأب لابنائه بطردك أو بأشعارك إنك كائن غير محتمل هنا .
هذه حقيقة ، بدليل أنك لا تأخذ راحتك في بيت أخيك ، كما يمكن أن تأخذ راحتك في بيت أختك ( ربما الأمر متعلق بظاهرة التدين والمحرم واللباس و..و..)
هل نحن كائنات محتملة ؟
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 24 :

أنت تصادف الكائنات غير المحتملة في كل مكان .
تراها في الحافلة أو في السوق أو في المقهى . تراها في البيت وقد تراها وأنت جالس وحدك . كأن ظلك كائن غير محتمل . تعرف أن ظلك بائس علميا . جد فقير . بم يخاطبك ظلك لينجو من لسانك أو من خربشاتك ؟ سيصغر أكثر مما هو صغير وسيحاربك ، الجهله ، بأمور شخصية يدرك هو أنها لا تساوي لك شيئا ، وأنت تعرف أن الكائنات غير المحتملة فيها من اﻷمراض ما يجعل العرب أسوأ مما هم عليه . قد يلمح لك بأشياء قد تكون فيه . قد يحاول آيذاءك بالشرف العربي الذي ما عاد موجودا أصلا . عن أي شرف عربي يتكلمون ؟ عن تلك المنطقة ال...شرفهم هناك .
في الشارع ، في السوق يتحدث اثنان عن مباراة برشلونة الليلة الفائتة . البرشلوني مستاء ومستاء جدا من النتيجة / من هزيمة برشلونة 4/صفر . هكذا صار الحكم ( أخو مني...) بل وصار أكثر من ذلك . عادة عربية ، وماذا إذا هزمت برشلونة ؟!!
كأن الرجل وحده في الشارع ، وكأن الشارع خلو من النساء .
كم تكرر الكائنات غير المحتملة حكاياتها .
أنا هنا كائن غير محتمل ، ﻷنني أكرر أيضا الكتابة .
لما كتب آميل حبيبي الجزء اﻷول من المتشائل وقرأه أدباء الداخل قالوا :
- لم يأت آميل بجديد . إنه ينسخ رواية ( فولتير ) " كنديد " ويسير على خطاها ، وهو أجاب ، تقريبا ، في الجزء اللاحق :
- بل قل هي الحياة التي تتكرر أحداثها .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 25 :

كتبت إلي قارئة تطلب مني أن أجعل خربشاتي مادة لرواية ضخمة . القارئة اسمها على الفيس مستعار ، ولما اقترحت عليها أن تفعل هي ما تقترحه ، وأنا سأسامحها في الخربشات فقط ، لا في سرقة مقالاتي وبيعها ، فتلك سرقة ، أجابتني بأنني غدوت كائنا غير محتمل .
لم أشطب اسمها من قائمة اﻷصدقاء ووضعت على تعقيبها ( لايكا ) -أي أبديت إعجابي .
ثانية كتبت لي :
- إن كائناتك غير المحتملة هذه اﻷيام كثيرة .
ولم أجبها .
حقا إن الكائنات غير المحتملة هذه اﻷيام كثيرة ، وما أكثرها ، خاصة ممن أتعامل معهم .
أعرف عجزنا وضعفنا وأعرف ما كتبه صادق جلال العظم في كتابه " النقد الذاتي بعد الهزيمة " عن سلبيات الشخصية العربية ، وما أكثرها ! التبرير والاتكاليةوإلقاء اللوم على الآخرين وتضخيم الذات والهروب من المواجهة وإلقاء اللوم على الآخرين ، وفي حالتي ﻷنني أنتقد " محاربتي بأمور شخصية " .
حين يدرك أكاديمي عجزه وضعفه العلمي يحاربني شخصيا .
حين يزور ( بشدة على الواو من التزوير ) مسؤول يحاربني صحيا .
حين يعين زميل في قسم ما وتعترض فسيحاربك الآخرون أخلاقيا ، وهكذا دواليك .
( تقول لهم إن القسم ليس بحاجة لتخصص كذا ، وهو بحاجة لتخصص كذا ف ... والبرنامج يقول الأشياء فلماذا تقولها أنت أصلا . يا لك من ح...) وحين تبدي رأيا لا يروق للآخرين يحركون صغارهم أو إخوتهم أو ..
هناك كبار سنا صغار أخلاقا .
وهناك حملة دكتوراه صغار عقلا وأخلاقا .
و ..
وهذا الصباح جاء في الأخبار أنه تم في جنين اكتشاف مكان لزراعة المرغوانا والمخدرات . سينسى الناس قصة صاحب الزراعة ، اذا ما كان مسؤولا مهما ، بل وقد يجعلون منه تقيا ورجل اصلاح ، ولن ينسى مجتمعنا كله ؛ في المدينة وفي القرية وفي المخيم وفي الجامعة قصة " فص حلاق القرية" . وكنت أوردت المثل في روايتي " الوطن عندما يخون " التي زوروها أيضا فحذفوا منها ما حذفوا ، مثل ما فعلوا بكتابي " جدل الشعر والسياسة والذائقة : دراسة في ظاهرة الحذف والتغيير في أشعار محمود درويش " ومثل ما حجب عني محمود درويش نفسه جائزة توفيق زياد في 1996/ 1997بسبب كتابي : "ظواهر سلبية في اشعار محمود درويش " ...
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 26 :

انتشار المخدرات في الضفة بشكل غير مسبوق .
عصابة سرقة سيارات في الضفة .
فتح تعترض على محادثات حماس واسرائيل .
كنت أظننني ، هذا الصباح ، الكائن الوحيد غير المحتمل في الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين 1948، ثم جاءت أخبار الصباح لتقول لي :
- اطمئن ، فهناك حشاشون ولصوص سيارات .
هل وجدت مبررا لهؤلاء ورددت عبارة إميل حبيبي : " لا تلوموا الضحية !"؟
الذين يدخنون الحشيش يريدون أن ينسطلوا هاربين من الواقع الصعب ، وقد يتعاطونها بحثا عن لذة ما .
والذين يسرقون السيارات يمارسون سلوكا قديما عرفه العرب ومنهم عروة بن الورد وهو الصعلكة ، وتوزيع اﻷموال بين الناس ونشر العدالة الاجتماعية ، ما دام اليسار الفلسطيني عجز عن إنجاز المهمة بالنضال السياسي . وربما حجة اللصوص هي :" خذ من أموالهم صدقة " أو إنهم لصوص كبار ونحن نسرق بعض ما يسرقون . كم نسبة من يسرقون الماء والكهرباء ؟
وأما فتح وحماس ، فلسان حماس يقول لفتح :
- أنتم السابقون ونحن اللاحقون . أوسلو 1994 وأوسلو 2015 يعني 1+2 .
اﻷجواء هذا الصباح حارة وكثيرون وكثيرات يشكون من حرارة الجو .
هل يتعاطى الحشيش في الحر ؟
هل يسرق سارقو السيارات السيارات غير المكيفة / اللي ما فيها مزجان/ مكيف؟
وهل ستعلن دولة غزة عما قريب ؟
وهل سيتحدث خطباء مساجد غزة عن صلح الحديبية كما فعلت فتح في 1994 ؟
وماذا سيكون رأي فتح في صلح الحديبية ؟
يا لي ، هذا الصباح ، من كائن مفذلك / كائن غير محتمل : حشيش/ سرقة سيارات/ خلاف فتحاوي حمساوي وأوسلو 1وأوسلو 2 .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 27 :

غالبا ما يتخيلك الآخرون خبيثا أو بسيطا .
أنت في كلتا الحالتين تأسى وتكتم غيظا ، وما أكثر ما تكتم غيظا . إنك حقا من كاتمي الغيظ . آخرون قد يعتقدون أنك تنهج نهج ( آميل زولا ) - أي تدرس الناس وتلاحظ ردود أفعالهم ، وحين لا تريد أختك أن تكون مثل ( زولا ) ، ﻷنك لو كنت مثله فقد تقاطعها أو قد تقول لها انخرسي ، أو على اﻷقل تقول لها :
- لا تتدخلي فيما لا يعنيك .
أو قد تنظر إليها نظرة ذات دلالة ، حين لا تريد لك أختك أن تكون مثل ( زولا ) ، فإنها تقترح عليك ألا تطبخ البازيلاء . (زولا ) غدا وصار بازيلاء .
تخاطب الكائن وتعلمه شيئا ما من وجهة نظرك فتذهب به الظنون مذاهب شتى ، ويدرس أحوالك ويغدو محللا نفسيا ويتخيل أشياء وأشياء . يتخيلك ستبيع نفسك لجهة ما مقابل مبلغ من المال ، وهكذا يعقب :
- حلو .
كلمة "حلو " اكتسبت دلالات مختلفة ، وغدت تعني " الذي سرق مال الفصيل وهرب به إلى دولة افريقية " ، فبعد فترة مدريد اختلف الرفاق وانقسموا وانشقوا ولطشوا أموال الفصائل ، ومنهم من بقي مؤيدا ﻷوسلو وغدا مناضلا قديما وموظفا في السلطة ومنهم من سرق وهرب ، ومنهم من طبع وحصل على بعثة دكتوراه وسافر ، ومنهم من صار وكيلا لمؤسسة غربية ، والله أعلم كم سرقوا !
تنظر في الشخص وتبتسم وتقيمه فلا ترى فيه سوى طرطور ينفذ أوامر طرطور آخر فطرطور ثالث ، وتبقى أنت في فلسطين في مدينتك ، ولا تغادر إلى أوغندا أو كينيا أوحتى إلى اﻷردن ، ولا تفكر بالحصول على جنسية كندية خوفا من سيطرة حماس على الضفة أو حتى من سيطرة داعش .
" باق في نابلس " .
مرة كتبت ، كما كتب آميل حبيبي :
" باق في حيفا "
ولتكن مثل ( ستالين ) . لتشك ابنتك هذه أو تلك في تطرفك وليقدك تطرفك إلى الجحيم . " باق في فلسطين " ولتسافر ابنة ( ستالين ) إلى الولايات المتحدة وليسافر الرفيق إلى كندا .
- " حلو " .
يعقب الكائن غير المحتمل ، حين تقول كلاما لا يروق له .
هل تتذكر مظفر النواب : - " حاكم دون حذائي هذا ".
أنت حاد هذا الصباح وأجواء آب ما زالت حارة والكتابة فوق درجة الحرارة المعتادة ، لا كما كتب ( رولان بارت ) : " عند درجة الصفر " .
خربشات

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 28 :

أنا كائن خفيف . خفيف جدا . كأنني أطيش من فراشة . من قال غير ذلك ؟
كل الذين عرفتهم امتحنوني ولاحظوا خفتي . سرعان ما أصدق اﻷشياء إما لثقتي المفرطة بالآخرين أو ﻷنني طيب القلب ، وهذه صفة أبي فقد كان طيب القلب وهوائيا ، لذا صدق جمال عبد الناصر وأمل بالتحرير والعودة إلى يافا .
كم أنا طيب القلب ، فبكلمة واحدة أو بابتسامة واحدة أو بعرض سريع تجدني منساقا ل :
- التي أفشت أسراري
التي تعمل مخبرة لجهة ما
- التي تأتي وتحاورني لتنقل الحوار كله للآخرين
- للتي تسأل عن القلم اﻷحمر
و.. ( خربش على نصي ما تشاء . خربش على ورقتي ما تشاء . يروق لي لون قلمك الأحمر )
- للذي يفتح باب شقتي في غيابي ويصور أوراقا ويرسلها لجهة أمنية - جاسوس يعني -.
- للذي يتلصص علي في شقتي ليعرف إن كانت ثمة ضيفة عندي
- للذي يريد وظيفة فيطعن في للمؤسسة ويتمسح بمسؤوليها
لكثيرين
وكثيرات
يبتسمون في وجهي ، لعلي أحقق لهم طلبا ما :
- كأن أصعد في حافلة تلك اﻷنثى فتتأكد من أنني أثق فيها ، وهكذا تصدق جهتها ، أو جبهتها أو تيارها ، روايتها عني .
- كأن أقرض المتلصص على شقتي مبلغا من المال - قد يعيده وقد لا يعيده فيغدو نصابا - ليذهب ويقول : إنه يثق بي فثقوا بروايتي عنه . وهكذا يأتيني عشرة ليطلبوا مني مالا او ليلمحوا لي بأنك أعطيت فلانا فأعطنا مثله ،
( إنها كائنات ذكية ما عادت تطلب مباشرة ، توحي لي حتى أعطيها ، لتقول بعد ذلك :
- نحن لم نطلب هو أعطانا ، وحين أصلح البيت يقول لي أحدهم :
- أنت فعلت هذا ،نحن لم نطلب منك ، أو حين أدفع الضريبة عن المنزل كله يقولون :
- نحن لا نريد أن ندفع أنت دفعت ) .
كأن أقبل طلب صداقة لتلك الفتاة على ( الفيس بوك ) فتقول :
- " بعد كل ما قلته عنه وما نقلته عنه من أقوال :
- ها هو يقبل صداقتي وأنا لا أريد ما يفكر به ".
حقا أنا كائن خفيف منذ طلب بعض اﻷلمان من الآنسة أن تختبرني في غرفة الغسيل . ماذا أفعل أمام الجمال ؟ جمال نينا وسحر عيونها في المكتبة ؟ ( ثمة نينا جديدة تختبرني منذ أشهر ولكن .. )
يا لي من كائن خفيف .
منذ 25 سنة وأنا أطيش من فراشة .
لم تفلح امرأة في الآيقاع بي .
لم يفلح فصيل في ضمي له .
لم تفلح السلطة في سلطنتي ولا اﻷردن في أردنتي ولا إسرائيل في أسرلتي ولا ألمانيا في ألمنتي ولا....
وكل هذا ﻷنني كائن خفيف ، كائن لا تحتمل خفته .
كأنني ( شفيك ) في رواية الكاتب التشيكي ( ياروزلاف هاتشيك ) " الجندي الطيب شفيك " أو كأنني خارج من معطفه ، وأخشى أن يحدث ذات يوم معي ما حدث معه ومع تلك السيدة التي أرسلها الضابط له وقال له :
- " نفذ لها طلباتها كلها ، حتى أعود " و ....و ...
وقد فعلتها مع نينا ( هناك ) .
خربشات
مساء الخير

***

- خفة الكائنات غير المحتملة 29 :

قال لي :
- أعتقد أن الآخرين يرونني كائنا وقحا سمجا ثقيل الظل ، كائنا لا يخجل .
أنا أمزح ولا يبدو هذا على هيأتي . كأنما أبدو جادا ولذا يقولون ما يقولون .
- ما الذي أفعله؟
قال لي :
- إنني أتعامل مع الآخرين ، مزحا طبعا ، بما يغضبهم ، وهكذا أغدو لهم كائنا لا تحتمل خفته .
لنفترض أنك لست حاجا - وأنا متأكد من هذا - سوف أخاطبك بلفظة يا حاج على الطالع والنازل . أنت قلت لي إن فاروق وادي كتب مقالة في اﻷيام أتى فيها على الانحدار اﻷخلاقي عندنا ومن أشكاله مخاطبة الآخرين بما ليس فيهم.
نعم أنا كائن لا تحتمل خفته مثل أصحابك الذين حين يتكلمون يرفسون ويتكلمون بأيديهم .
- من قال لك هذا ومتى؟
إن أصحابي جد مهذبين . مثل العسل . أخلاق بالصلاة على النبي . كأنهم خارجون من الطابون ، طابون القرية .
ولكن لماذا يغضب الآخرون حين تخاطبهم بيا حاج وأنت حاج ؟
- ذلك أن قسما منهم ليس حاجا ، وكلمة حاج ذات دلالات سلبية . الحاج منشار . الحاج يسرق جهود غيره .
قال لي صديقي :
- أنا كائن سمج ثقيل الظل لا تحتمل خفته ، شاطر فهلوي ...الخ ...الخ ، ولكن هل تعتقد أنني الوحيد في هذا العالم أو الرجل الوحيد على اﻷرض و ... .
وأكملتها عنه ، دون أن امد يدي :
- لا يا حاج . إننا كائنات غير محتملة أيضا .
خربشات

***

خفة الكائنات غير المحتملة -30-

رجل الصباح :
هذا الصباح كنت في طريقي الى مختبر المدلاب لاجراء فحص شامل . لم أتناول طعام الإفطار ولا قهوة الصباح ، وكان علي أن أصوم اثنتي عشرة ساعة . وأنا حين لا أشرب صباحا النسكفيه ، وحين لا أتناول طعام الإفطار يظل مزاجي معكرا ، علما بأن فحص السكر ، على جهاز المنزل طمأنني ، فلم تكن الأرقام في صعود .
يقولون للمصاب بداء السكري إياك والزعل ، لأنه هو ما يرفع نسبة السكر في الدم ، وأنا أحاول ما أمكن ألا أزعل ، علما بأن من يعرفون مشاكلي يقولون لي : احمد ربك أنك تعاني من السكر فقط ، فواحد غيرك كان يمكن أن يكون الآن يعاني من عشر علل . حقا هذا ما يقال لي : كان الله في عونك.
في المصعد كنا أربعة أنا وثلاثة لا أعرفهم ولا يعرفونني ، وسألت إن كان المدلاب في الطابق السادس . أحد الصاعدين أراد أن يتفلسف ويتدخل فيما لا يعنيه . فجأة تدخل في لباسي وقال لي : لقد صيفت ، فلماذا ترتدي القبعة .وأنا أريد أن أحافظ على نسبة السكر في دمي ، كما أظهرتها آلة فحص الصباح المنزلية .
يا صباح يا عليم ، فمن أين يأتيك النكد يا عادل الاسطة؟
نظرت إلى الرجل ، وكان له بطن منتفخة ، يعني كرش ، وقلت له : وأنا كرشك لا يعجبني .
الرجل صمت ، كما لو أن أفعى بخت في وجهه . وتابعت كلامي : لا تتدخل فيما لا يعنيك . وصمت الرجل .
المفاجأة كانت أن نسبة السكر في دمي كانت أعلى مما أظهرته لي ماكينة فحص الصباح ، ويا لطيف ، فثمة أناس كروشهم ، مجرد كروشهم ، ترفع نسبة السكر في الدم ، فكيف إذا كانوا ثقال ظل وكانوا يتدخلون في تصرفات غيرهم .
ألا يكفي يا ربي أنني ابتليت بالسكر وبالاحتلال وببشر كثر هم أقرب إلى الهسهس في الصيف؟
المانيا سحقت البرتغال ، والليلة ستستهلك مياه كثيرة في المانيا ، وسيشرب الألمان فرحا بهذه المناسبة و ... و ...و
خربشات .

**/

- خفة الكائنات غير المحتملة 31 :

في الحافلة يرحب بك السائق . تبادله التحية بمثلها ، والسائق يريد أن يتكلم ويرغب في طرد الملل الذي يلم به ، أو ضجره وقد يكون مدفوعا - برغبة ذاتية دون تكليف من أحد - لإبداء رأيه في مشاكل تخصك . إنه ، مثل أكثرنا : فضولي إلى درجة لا تتصور . وقد يتخيل نفسه حكيما وأمينا على اﻷخلاق .( كلنا أخلاقيون على الرغم من انحدارنا أخلاقيا ) .
السائق يبدأ حديثه عن اﻷجواء الحارة ، وحين تسأله عن الحركة ، هذه اﻷيام ، يخبرك أنه لا يحب العمل منذ افتتحت المدارس . إنه يشعر بالضجر ويتمنى لو يسافر في إجازة ، فالروح تكل وتمل من العمل المتواصل ، ولكن الحياة تتطلب العمل والمزيد منه .
إن اﻷسعار ولعت ، وهو بخلاف المليونير النباتي ، هو لاحم .
-" مليونير ونباتي؟"
ربما يراه بخيلا .
لماذا أتى على سيرة المليونير الذي ذكره بالاسم ؟
ما شأنه بالمليونير إن كان نباتيا أو لاحما أو ...؟
وربما كان المليونير يلجأ إلى الحمية .
- " السائق لاحم لا نباتي" يقول .
وما شأني أنا باﻷمر ؟
السائق الذي ظل طوال الطريق يتكلم بفمه ، وقد ذكرني بمقولات ( هاينرش هاينه) عن هؤلاء الذين يقصون على غيرهم أشياء ليس السامعون معنيين بها . السائق حاول أن يرفس ما دفعني للقول :
- لقد كنت عاقلا طوال الطريق فماذا جرى؟
هل راق كلامي له؟
اﻷجواء حارة وكما قال ( هاينه ) :
"أنا أكثر الناس تهذيبا في العالم.لقد أصغيت إلى هذه الحشرات الإنسانية بصبر مسيحي....الخ "
نعم لقد اصغيت إلى هذه الحشرات الإنسانية العنيدة بصبر مسيحي حقا دون أن تخونني تكشيرة واحدة تنبيء عما في نفسي من ارتباك عميق .
خربشات


****

خفة الكائنات غير المحتملة 32 :
فصل في النذالة.
" السيد بالومار وما لم يكتبه ( ايتالو كالفينو )"

ما الذي يمكن نعت السيد بالومار به سوى النذالة ؟
وأنا أقرأ قصص " السيد بالومار " - وقد نسيتها - تساءلت :
بم يمكن نعت السيد بالومار ؟
السيد بالومار مصاب بمرض التلصص ، وهو مرض يبدو أن الشفاء منه ميؤوس منه . إنه مثل السرطان الذي تمكن في الجسم وفي الدم تحديدا .
كلما خاطب المؤلف بطله ينهاه عن ارتكاب سلوكات مخزية ، أصر السيد بالومار على فعل ما ينهى عنه ؟
ما إن يخرج السيد .ك . من شقته حتى يتسلل إليها أخوه بالومار وينظر فيها . يقرأ مسودات المؤلف ويبحث بين الكتب عما يمكن أن يكون المؤلف خبأه ، ويزيح الرفوف وينظر في الجوارير ، وإن رأى مغلفا مغلقا سربه لمدة يوم أو يومين إلى الأمن الوطني ، وقد يستبد به الفضول إلى شق المغلف والنظر فيما هو مخبأ فيه .
من يكافيء السيد بالومار ؟
كيف لا يراعي السيد بالومار الأخوة والجيرة والضمير الأخلاقي والنص الديني وتعاليم الله ؟
أغلب الظن أن هناك من يصدر فتاوى شرعية للسيد بالومار تحلل له التجسس ودخول البيوت وإفشاء الأسرار الشخصية للمؤلف .
ما المتعة التي ينشدها أو يحققها السيد بالومار وهو يدق الماء في الهون ؟
يكتب المؤلف وهو في بيته أوراقا فيها عبارات قاسية كأن ينعت أم السيد بالومار أو زوجته بالساقطة - يكتب المؤلف عبارات أقسى لو فهم عاقل تنطبق العبارات عليه معناها ومغزاها لبصق على نفسه ، ولكن هل يستحي السيد بالومار أصلا ؟
عند الألمان العرب مثل يقول " اللي استحوا ماتوا " ، ومنذ أباح السيد بالومار لنفسه دخول شقة أخيه في غيابه مات ، لأنه لم يعد يستحي .
هل سيطور (ايتالو كالفينو ) هذه الفقرة إلى قصة قصيرة ؟
وأنا ما لي ؟
يبدو أنني غدوت من الكائنات غير المحتملة ! يبدو !
مساء الخير
خربشات
2 / 1 / 202

****

- خفة الكائنات غير المحتملة : ٣٣

لعبة البنك الثقيلة " خفة البنك غير المحتملة " :
حالت أوجاع قدمي وآلام ظهري وارتفاع السكر ، على غير العادة ، دون أن أكتب أمس عن لعبة البنك الثقيلة وغير المحتملة .
منذ أقل من شهر أخذ البنك يلعب ، أو يواصل لعبه ، معي ، من خلال رسائل الجوال حول ما لي في البنك من أرصدة ، لدرجة أنني بحت لأخ لي ، وهذا ما لم أكن أفعله ، بالأمر . وربما بحت لأنني بدأت أفكر في الموت أو في مرض ما خطير قد يلم بي ، لأن الوطن وسكانه وقياداته ومؤسساته على أحسن ما يرام في تعاملهم مع المواطن ، حيث يقدرون الإنسان أحسن تقدير ، فكيف يكون الأمر معي؟
ببساطة البنك يواصل اللعب ، كما لعب الألمان معي بخصوص رسالة الدكتوراه ، فقد ارتكبوا خطأ في تاريخ ميلادي ، ظنا أنني قد أصححه فأكون زورت ، والخطأ الذي ارتكبه المرحوم عزت الغزاوي ، ممثل سلطة أوسلو ، في معجم أدباء فلسطين ، حيث كتب أن رسالة الدكتوراه الخاصة بي هي رسالة ماجستير مترجمة - يعني أن السلطة لم تعترف بشهادة الدكتوراه ، وعلى غرارها كان يفعل زملاء لي ، حيث كانوا يلوحون إلى هذا ، على الرغم من أنني أخذت أدرس المساقات التي كانوا يدرسونها ، وأشرت إلى عدم فتح برنامج دكتوراه ، لضعف المستوى العلمي وضعف التدريس في الماجستير ، وقد فعلت إشارتي فعلها .
جسدي لم يعد يحتمل المزح ، أو أنني لم أعد اكترث للأرصدة ، فلتذهب إلى الجحيم ، وأظن أن ما تبقى لي من العمر ، في هذا الزمن العربي الجميل والرائع ، قليل .
البنك ما عاد يرسل لي الرسائل بالأرصدة كلها ، ولما راجعت في الأمر ، أول مرة ، صحح الموظف الأمر ، ولكن القيادة العليا ، على ما يبدو ، لم تلتفت للأمر ، بل ولم تعد ترسل رسائل بأرصدة أخرى .
أمس راجعت في الأمر ، وعلمت أن أرصدتي مجمدة ، ولما سألت عن السبب أخبرني الموظف بأنني لم استخدمها منذ فترة ، فابتسمت لذكاء البنك ، إذ أن أرصدتي هذه لم تستخدم أصلا ، منذ فتحت في البنك حسابا .
يا لغبائي !
ويا لذكاء البنك !
البنك يمزح معي أو أنني إرهابي وحصلت على اموالي بطريقة غير مشروعة ، علما بأن البنك هو الوحيد مرجعيتي في الدفاع عني فيما يخص مصدر أموالي ، وبإمكانه أن يرد على الآخرين نيابة عني ، و ما لدي لا يساوي ثمن قطعة أرض أو شقتين في رام الله العاصمة التي تقيم فيها القيادات ، ومنها الثقافية ، التي أثرى قسم منها ، دون أن يقدم ربع ما أقدم من خدمة للثقافة الوطنية .
ما علينا !
البنك يلعب معي ويمزح ، مع أنني في وضع لا يسمح باللعب حيث الأوجاع ، في العيد ، ألمت بي ، وأراد البنك أن يخفف منها ، على ما يبدو ، فواصل لعبه ، هو وربما بأمر من رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء . ربما ! وآمل أن أكون مخطئا ، ولا أريد أن أذهب إلى ما هو أكثر من هذا ، وليس لدي ما أضيفه إلى ما كتبته في " ليل الضفة الطويل " 1993 و " الوطن عندما يخون " 1996.
الحمد لله أن الكل يمزح معي ويلعب ، من أجل موتي ، كما لو أنني أبو نضال البنا .
خربشات شخصية ثقيلة غير محتملة ، مثل مزحة الألمان واتحاد الكتاب ، وأخيرا مثل مزحة البنك.
يا لي من إرهابي !
خربشات 23/9/2016

***

- رسائل جهة مجهولة
من "زخارف ٢" . للفلسطيني نبيل عناني - 34

غرباء في «مملكة الغرباء» لالياس خوري
منار مخول وكتابه «سيسموغرافيا الهويات»
معين بسيسو... نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة
محمد الماغوط وشارع الضباب والنقد الأدبي

تضيق ذرعا بالرسائل التي تأتي إليك :من الذي يرسلها؟ هل تذكر دفتر رسائله/ا؟أهي رسائل امرأة أم رسائل ذكر يمثل دور امرأة؟

ستكتب رداً نصه: "لا بأس… لا بد من صنعا وإن طال السفر.

كنت أردد عنوان رواية غابرييل غارسيا ماركيز "ليس لدى الكولونيل من يراسله" فوجدت من… أنا لست من أتباع جميل بثينة… أعجب بعمر فهو براغماتي… تصبح.. بن… على...".

منذ عدت من عمان، في آذار، والرسائل تأتي. تأتي على فترات، في عمان تلقيت رسالة منها ترحب بك، وبعد أن عدت، ويبدو أنها تعرف جيداً ما فعلته لابنتك، ووقوفك إلى جانبها، وتسهيل أمورها.

ستكتب إليك في نيسان "عندما يملكون شخصاً بنصف روعتك سيدركون سر خوفي من خسارتك… مساؤك سعيد".

وفي العيد تكتب إليك. تكتب إليك تهنيك بالعيد. تكتب "هناك أرواح راقية تخجلني عظمتها تجبرني أن أحبها لأنها لا تستخق إلا الاحترام، إلا الحب… كل عام وأنتم بخير".

ولا تهمك، من رسائل العيد التي وصلت إليك، أية رسالة. تجيبها: "وأنت بألف خير… هو أنت ثانية؟ كان يفترض أن أكتب مقالي الأحد عن رسائلك… لولا… لولا رسائل امرأة مجهولة: اشتيفان زفايج… لاحقاً."

وما إن وصلها ردك حتى توالت رسائلها "مسا الفل وكلمة هلا. مساء الورد وعظيم الود، مسا الشوق يا كل الذوق… والله وحشتنا".

من هي التي وحشتها؟ أتكون… وتضرب أخماساً في أسداس.

بعد يومين، وأنت جالس في حديقة المنزل وحيداً، يرن الجوال. ثمة رسالة تهنئة بالعيد، فالعيد لما ينته. هي هي. هي ثانية. تتذكر قصيدة محمود درويش "في القدس": قلت قتلتني ونسيت مثلك أن أموت ". "مسا الهدوء والسكون بأطياف زهرة الغصون، وحس مرهف الحنون، لمن سكن بالعيون… مساء الورد".

هل كنت تبحث عن معطف للحنان. لطالما أسرتك قصيدة محمود درويش: "مقعد في قطار" من ديوان "ورد أقل" أو "حصار لمدائح البحر". لم تعد تذكر ولا ترغب في التأكد. "مناديل ليست لنا. قلب يفتش عن معطف للحنان. "كأنها هي تراقبك، وتعرف أنك وحيد. ولا ترد.

في منتصف شهر آب تأتيك رسالتان"

"هي أقدارنا هدايا مغلقة لا ندري ما محتواها، ومعرفتك أجمل هدية القدر أهداها… مساؤك سعيد"، وأنت، أنت لا تعرفها، لأنك لا تعرف من الذي يرسل الرسائل، ولأنك تعرف المئات، بل والآلاف. فمن تكون هذه؟

"عندما يأتي الليل تأكد بأنني لا أملك نصف قدرتك على النعاس، فهناك سر يبقيني على يقظة تامة… سامحني".

وأنت، أنت منذ سنوات لم تعد تنام جيداً. ذهبت تلك الليالي التي ما إن كنت فيها تضع رأسك على المخدة حتى تغفو، ولا تصحو إلا بعد سبع ساعات. ذهبت تلك الليالي إلى غير رجعة.

ومنذ سنوات لم تعد تنام جيداً. حين ترتفع نسبة السكر في دمك، وهذا قليل، تشعر بالنعاس، فتذهب إلى الفراش، وحين تصحو تظن أنك نمت أربع خمس ساعات، وأحياناً لا يكون مر على نومك ساعة.

يمر يومان لا ترد خلالهما على رسالتها. وهي لا تمل أبداً. تأتيك رسالة جديدة منها: "يا من يشتاق القلب لتقبيل أجفانهم قبل أن يغلقوها… فعسى من نشتاق إليهم يشعرون ببريق شغفنا بهم، وبكل شوق نبجلهم… اشتقت لك. "كأنها… هل هي؟

الرسالة التي كتبتها أنت رداً على رسالة سابقة منها لم تتسلمها هي في الحين. الجوال قال لك أن الرسالة لم ترسل. خطأ ما أدى إلى عدم إرسالها وضياعها، ولكنك بعد يومين ستجدها في جوالك قيد الإرسال.

حين طلبت منك أن تسامحها قلت مخاطباً نفسك: سأتلاعب باللغة. بمفردة/جملة: "سامحني".

"طلبت أن أسامحك… كتبت لم: أسامحـ… ـك. لكن.. كذوب.. كذوب.. لعوب.. ثمة بيان ساحر وبيان كاذب.. أنت كذبة، دمية لا أكثر".

ما الذي ذكّرك بالبيان؟

حين نشرت مقالك "رسائل امرأة مجهولة " وصلتك منها الرسالة التالية: "أنا بيان، سنة ثالثة بجامعة بير زيت… بعرف إني دايقتك (ضايقتك) كثير لكن صدقني غصب عني وهلا بوعدك إذا بدك ياني روح… راح أروح وما أرجع. بيان"، وأنت… أنت لا تعرف فتاة من جامعة بير زيت اسمها بيان… بيان التي تعرفها تروي رواية لصالحك، فأنت لم تتحدث معها حين جلست إلى جانبك في الحافلة. روايتها تختلف عن رواية (رورو).

للحقيقة وجهان والثلج أسود في نابلس. و… و… وستروى أساطير عني. كتب محمود درويش. هل ينطبق ما قاله على حالتك؟ ربما. ربما ستروى أساطير عنك. بل هي تروى. رويت وما زالت تروى.

في السادسة إلا ربعاً، مساء، وأنت جالس في شقتك، تأتيك منها رسالة "أحسد اللي جالس وياك يشوفك ويتكلم معاك… مساؤك سعيد".

هل يعرف أخوك الذي يجلس معك هويتها؟ هل ثمة تنسيق بين جهة ما؟ ما الذي يجري؟

حين تكون وحيداً تخاطبك وكأنها تعرف أنك وحيد وحين يكون ثمة شخص يجلس معك تخاطبك بصيغة العارف بالأمر.

في اليوم التالي تأتيك رسالتان: "سألني بعضهم إلى أي مدى نحب من نشتاق إليهم؟ فأجبت: إلى الحد الذي يجعلني أهديهم إحدى عيني معتذراً عن الأخرى حتى أراهم بها… بتمنى (مسج) منك"، أي رسالة.

حتى اللحظة أنت لست بحاجة إلى من يهديك عينه، فعيناك بحالة جيدة، على الرغم من أن السكري بدأ يفتك بهما."من أنت؟" تكتب إليها وتضيف "أحياناً لا أكون ذكياً. لا أفكر في اللي ناسيني ولا في اللي فاكرني أيضا. سلام"

من قرأ الرسالة؟

لقد ذهب ذهن الآخرين بعيداً. سلام دال منفتح على معان ومدلولات كثيرة.

سلام سليم أرق من النسيم. وسلام وحرب. وسلام أيضاً، ويا سلام سلم… الخ.. الخ.. ولا يحضر في أذهان الآخرين إلا أنثى محددة. لقد أفرجها الله. تأتيك منها رسالة مقتضبة: "في مجال نحكي؟" ولا تتلاعب بالعبارة. لا تكتب كتابة ماكرة: في مجال نحكيـ.. ـي. تكتب إليها: "احكي " ولا تحكي. لا تتكلم.

في العشرين من شهر آب تأتيك منها 3 رسائل تتلوها رابعة. لا تروق لها ردودك. "كلما أشتاق لمن أحب أقول لقلبي: اخفق برفق، فإن أحبتي سكنوا فيك. بيان". وترد عليها: "إن من البيان… لكنك كذوب". "معقول هذا كلامك. ليش. ليش؟! احترامي لك" ويبدو أن الرسالة التي كانت قيد الإرسال وصلت إليها. يبدو أنها استلمتها فكتبت رسالتها السابقة وألحقتها بهذه "المرة هذه انت غلطة -تقصد غلطت- بحقي، والله ما حبيتها منك… أشكرك… سلامات".

ستكتب إليها: "دائما سأغلط ما دام كل شيء غلط. فكرك أبو مازن ما غلط لما اختار رئيس وزراء. كما قال محمود درويش: "يجب الدفاع عن الغلط".

ولا تروق الكتابة لها. تكتب بإيجاز: "عن جد يا خسارة" فترد أنت: "لا خسارة ولا ربح.. لا جد ولا مزح. كله بامية على ملوخية على تمر هندي.. اسألـ...ـي ..ج..ج..".

ستكتب إليك إحدى قارئات مقالاتك: "مساء الخير. قرأت مقالك بعد يومين بسبب انقطاع الشبكة ليومين.. رسائل هذه الفتاة لك في الغالب جاهزة ومتناقلة لذلك لا أجدها معبرة بصدق".

منشورة في:
#من وحي الأيام

***

- خفة الكائنات غير المحتملة : ٣٥
الحافلة أعادتني إلى رحلات هاينة في أوروبة .

الحافلة أعادتني إلى خفة الكائنات غير المحتملة 31 .
في الحافلة غالبا ما أختار مقعدا منفردا ، بخاصة إذا لم تكن لدي رغبة في الكلام . طبعا هناك أسباب أخرى منها ألا يحدث هناك احتكاك ما بسبب الضيق ، وعملا أحيانا بمقولة " ما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان بينهما " . المقعد مخصص لاثنين لا لثلاثة ، فأين سنجلس الشيطان أفندي؟
في الحافلة ، قبل ثلاثة أيام ، اخترت مقعدا منفردا . كانت اﻷجواء شبه ماطرة وآثرت تأمل المطر والشوارع والناس وأضواء السيارات . كانت الساعة السادسة مساء وكانت اﻷجواء ساحرة ، فتذكرت ( فرايبورغ ) 1987.
كنت في السادسة مساء أمشي في المطر ل( المينزا ) ﻷكل البطاطا وأحيانا لشرب البيرة ( الإسلامية ) معها - لم يكن السعوديون اكتشفوا بول البعير - ما شاء الله عليهم وعلينا أيضا ، فنحن دخلنا ( غينيس ) بالكنافة . ما شاء الله ! ما شاء الله !
في الحافلة أفسد جاري علي متعة تأمل الشتاء . جلس إلى المقعد المجاور ، إلى جانب مقعدي ، ويبدو أنه كان لديه فائض كلام .
أخذ جاري يحدثني عن دواء الضغط وأسعاره والفارق بين صيدلية وأخرى ، وعن انتهاء مدة صلاحية الدواء ، ومتى يتناوله والفرق بين اﻷدوية التي تتناول للضغط و ..و .. وآثرت تجاهله كليا فأدرت وجهي صوب المطر والشارع والسيارات ولم أتصرف بوحي مما قرأته في المقامة المضيرية لبديع الزمان ، فلم تخطر ببالي وأنا في الحافلة - لقد خطرت ببالي ، الآن ، وأنا أخربش .
أدرك الراكبان المجاوران تجاهلي له ولم يدرك هو أو أنه مازال يملك فائضا من الكلام .
في البيت تذكرت تصديري لرواية " تداعيات ضمير المخاطب " 1993 . تذكرت رحلات (هاينريش هاينة ) إلى أوروبا .
هل كنت ذات يوم وأنا في ألمانيا فضوليا مثل راكب الحافلة ؟
ربما ! فقد كان علي أن أعود لساني على اللغة اﻷلمانية ، ﻷتقدم لامتحان الدكتوراه ، وكان شفويا - الحمد لله - ولم يكن كتابيا ، ولو كان كتابيا ل..
إذا كان طلبة الماجستير الذين أشرف عليهم وهم عرب يحتاج أكثرهم إلى تصويباتي ، فما بالكم بعربي تعلم اﻷلمانية على كبر ، وكانت مشرفتي تدرك هذا ، فحين كانت تريد إلقاء محاضرات في العالم العربي كانت تستنجد بي ﻷصوغ لها ما تكتب ، ومثلها بروفيسور ( انجليكا ) وكم استعانت بي بروفيسور ( فالتر ) ﻷقرأ معها نصوصا وﻷشرح لها مفردات و ..و ..الخ .
في الحافلة أحيانا أبدو مسيحيا حقا .
وسأعتذر لألمان ربما كنت لهم ، ذات نهار ، مثل شخص الحافلة قبل يومين . لقد كنت مضطرا ﻷن أكون ذا ظل ثقيل وكائنا غير محتمل أيضا .
خربشات 26/2/2016
صباح الخير أيضا ......


***

- خفة الكائنات غير المحتملة : يقتلوننا ثم يبكون ٣٦ :

لي صديق يتهمه الآخرون بأنه حاد في عباراته وعبقري في استعداء الآخرين وتنفير أصدقائه منه . إنه ، حسب رأيهم ، بارع في استجلاب الأعداء ، وهو بدلا من كسب ود الآخرين يتفتق ذهنه عن سلوكات لكي يفقد حب من يحبه .
صديقي هذا أعزب وغير متزوج ، وهو يوميا يغادر شقته إلى المدينة لكي يمشي في الأسواق ويبحث عن الطعام ، وليس له جنة يأكل منها . وحين يعود للبيت وحيدا ليس بيديه أمتعة وقلبه دون وردة ، يلحظ أن الجيران قد دخلوا إلى شقته خلسة وفتشوا في أشيائه . يحزن قليلا ويستاء وعندما تتكرر الحكاية يعرض على جيرانه أن يدخلوا إلى بيته ويقول لهم :
- خذوا حريتكم ، فالبيت بيتكم .
ولكن الجيران يفضلون دخول البيت في أثناء غيابه ، علما بأنهم يصلون ويصومون ويقرؤون القرآن الذي يطلب من المسلمين ألا يدخلوا البيوت في أثناء غياب أهلها ، وألا يدخلوها حتى يؤذن لهم . ماذا سيفعل صاحبي مع جيرانه ؟
صار صاحبي يكتب على ورقة كلاما بذيئا مثل " زوج عاهرة من يدخل بيت جاره في غيابه " " ابن عاهرة من يدخل بيت جاره في غيابه " " قواد ابن قواد من يدخل بيت جاره في غيابه " " جاسوس وكلب من يدخل بيت جاره في غيابه " وهكذا ، ويترك الورقة ، وهو لا يقصد شخصا بعينه من جيرانه . هو يقصد من يدخل بيته فقط . هل صاحبي هذا حاد ؟
في كلامنا الشعبي يقول الناس " الله يلعن اللي بخلي الناس تلعنه " فاللاعن ليس ملوما والملوم هو من يجلب اللعنة لنفسه و " الولد العاطل بجيب لأهله المسبة " .
مؤخرا قال لي صديقي :"مش زابطة . الكتابة مش زابطة " وسألني :
- ماذا أفعل ؟
واحترت في الإجابة .
قال لي صديقي :
- يبدو أنني مضطر للإجرام وارتكاب فعل قد يكلف غاليا .
قلت له :
- فكر بطريقة أخرى لا تدخلك السجن ، فقد تكون هناك جهة أمنية وراء جيرانك.
وصديقي ليس مؤمنا ، ولو كان مؤمنا لربما طلب من الله أن يقتل من يدخل بيته في غيابه . أن يقتل ابنه . أن يميت زوجته بالسرطان .
للبيوت حرماتها ، ولكن من يفهم كلاما مثل هذا في زمن ال G5 ؟
قلت لصديقي :
- لا تكترث للأمر واتركه ل آل روكفلر و آل روتشيلد وللأنظمة الدكتاتورية والديموقراطية والحكومة العالمية الواحدة القادمة ولشريحة اللقاح ، فهذه ستثأر لك من جيرانك القريبين والبعيدين و ..
اليوم هو الثلاثون من رمضان و ..
اللهم إني ..
خربشات
٢٣ أيار ٢٠٢٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...