عبد الحق توفيق البقالي - الرّواية والعقـــاب

كان يقود سيارته بسرعة محدودة عند مدخل المدينة، طبقاً لما تشير إليه علامات تحديد السرعة... استوقفه حاجز أمني طارئ... أحاط بسيارته من الجهة اليمنى أربعة شرطيي مرور ،فيما أحاط بالجهة اليسرى أربعة مفتشي شرطة ووقف على الجهة الخلفية والأمامية للسيارة ضباط ستة...
طلب منه ضابط شرطة المرور أوراق السيارة، مدها إليه وهو يحاول إقناعه بأن الأمر لن يخلو من خطأأو التباس أوشبهة... بالنّظر إلى طريقة محاصرة السيارة...
- سيدي أنا طبيب أمراض نفسية، باحث وكاتب وروائي معروف... ترجمت أعمالي إلى مختلف اللغات... وشرّفت وطني بحصد جوائز دولية عدّة....
- ( شغلنا هاداك وحــْنا مــّاليه ).
طابور طويل من السيارات والشاحنات والناقلات، يقف خلف الحاجز... حرّشديد حدّ الاختناق... ومع ذلك أصرّ رئيس الحاجز على جعل الكلاب البوليسية المدرّبة تتشمّم كل جزء صغير من السيارة...
- سيدي للمرّة الألف أقول لكم أن الأمر فيه التباس، أو سوء تقدير أمني أو على الأقل سوء فهم...
- نحن نعرف شغلنا...
وفيما كان الطبيب منشغلاً بالحديث إلى رئيس الحاجز، كان أحد مفتشي الشرطة يخرج بشكل غريب ومـُحدث من أسفل المقعد الخلفي للسيارة قطعة لمخدر الشيرا ،بوزن حوالي كيلوغرامين؛ وعلبة تتضمن ألف حبّة من الأقراص المهلوسة، بينما أُلقي بسيدة بدينة وجهها مزوق بمساحيق ملوّنة مختلفة،كدمية كبيرة، لتجلس جانبه بالمقعد الأمامي...
أُمر الطبيب بقيادة سيارته في اتجاه مخفر الشرطة بمراقبة ثلاثة من رجال الشرطة كانوا قد استقلوا المقعد الخلفي للسيارة ذاتها...
- سيدي العميد الأمر كيدي ومـُدبّر بليل، أنا رجل محترم... طبيب وباحث ومثقف وروائي عالمي....
-- ماعلينا سيدي... انت متلبّس بتهم :حيازة مخدرات وأقراص مهلوسة، واصطحاب سيدة ذات سوابق مرتبطة بالعهر... بنية الفساد والخيانة الزوجية...
- السيد العميد أنا في سفر لوحدي... كنت أمسك الطريق وحدي، وجئت لهذه المدينة وحدي، بهدف تقديم وتوقيع عملي الروائي الجديد :(عابرون في كلام عابر)...
- تماماً دكتور.... لأجل كل ذلك ركبنا لك التهم السالفة الذكر... "نحن جادون ولانهزل معك "...أن تكون طبيبَ أمراض نفسية فذلك أمر محمود... وأن تكون مواطناً طيباً من البيت إلى العمل... والمقهى أحياناً فذلك مانبغي ونروم... أما أن تتخذ من رواياتك جسراً للتشهير بوطنك، وكأن سنوات الرصاص والحڭرة والعسف والقمع والبطالة ماتزال متواصلة... وأن تكون روايتك الأخيرة هذه تناصر أهل غزة وتتهجم على السّامية وتعادي إخواننا اليهود... فهذا أمر مرفوض مطلقاً... لاتنس أن روايتك الأخيرة هذه التي كنت تتأهب لتقديمها وتوقيعها خلقت ضجة في البلد والمنطقة العربية كلها.... وأحدثت للدولة أزمات ديبلوماسيبة مع دول صديقة وحبيبة .....فاستسلم إذن لأقدارك... واعتبر نفسك الآن، بشكل رسمي ،قيد الحراسة النظرية. في انتظار عرضك على القضاء النزيه والمستقل ليقول كلمته فيك...
وفي صبيحة اليوم الموالي كانت الكثير من المواقع الاعلامية الورقية :الرقمية الصفراء، قد أصدرت حكمها في الطبيب، وهي تشهّر به ،بعد أن تمّ توجيهها إلى التفنّن في تشويهه وإقرار التهم في حقـّه.... ليصير فاسقاً، زانياً، وبارون مخدرات

عبد الحق توفيق البقالي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى