مزمل الباقر - أربعة فرضيات لصراخ ( تِيّراب الكِيّزان )

في بحر الإسبوع الأخير من شهر أبريل الماضي تداول مستخدمو وسائل التواصل الإجتماعي بالسودان مقطع فيديو لأحد ( تِيّراب(١) الكيزان) وهي إبنة كادر من كوادر الإخوان المسلمين أو ( الكيزان ) كما يلقبهم بذلك معظم الشعب السوداني.
مقطع الفيديو عبارة عن حديث باكي لهذه الإبنة تناشد فيه الفريق أول/ عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي للحكومة الإنتقالية في فترتها الأولى، تناشده بإخراج والدها من سجن كوبر خوفاً من إصابته بفايرس كورونا الذي روج لعدم وجودها بالسودان عدد من نشطاء الحركة الإسلامية بمواقع التواصل الإجتماعي موضحين أن تصريحات وزير الصحة بتسجيل حالات إصابة ب COVID-19
هي مجرد محاولات لإلهاء الشعب عن المشاكل الإقتصادية للحكومة الإنتقالية بل ذهبوا لأكثر من ذلك إلى عدم الخضوع لموجهات وزارة الصحة بالتقليل من التجمعات فقاموا بالحشد لتظاهرة إنتهت بهم في قيادة قوات الشعب المسلحة بالخرطوم، المكان الذي شهد في الربع الأول من العام الماضي إعتصاماً بذات المكان لمناهضين لسلطتهم ( نظام الإنقاذ) ، وإنتهى ذلك الإعتصام بمجزرة القيادة العامة التي تسمى من قبل الجهات المحايدة بفض الإعتصام وذاك حديث آخر.

اللهجة الآمرة:

قبل حوالي شهر أو يزيد من مناشدة إبنة ذلك الذي تقلد عدداً من الحقائب الوزارية في نظام الإنقاذ الذي أسقطته ثورة 19 ديسمبر المجيدة. إنتشر مقطع فيديو بوسائل التواصل الإجتماعي عبارة عن توثيق بعدسة هاتف محمول يصور إبن أحد قيادة (الكيزان) واحد أركان النظام البائد (نظام الإنقاذ) وقد إحتد في حديثه مع القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير ( قحت) الأستاذ مأمون فاروق المحامي أثناء تواجدهما بالنيابة العامة بالخرطوم أثناء الوقفة الإحتجاجية لأسر معتقلي رموز نظام الإنقاذ وكان محور حديث إبن القيادي الإخواني ضرورة الإفراج الفوري عن والده

إتهام وتهديد:
قبل ساعات من كتابة سطور هذا المقال، نشرت قناة بموقع يوتيوب حديث لإبنة أخرى لنفس الكوز (الكور مفرد : الكيزان) فبعد أن ذكرت إسمها وصفت نفسها بأنها ( تتكلم بالنيابة عن أسر المعتقلين) ولم تكن تلك الشابة تناشد بإخراج أبيها وهي تبكي كما فعلت شقيقتها وإنما كانت تطالب بلهجة متوعدة حيث دفعت بإتهام الحكومة الإنتقالية في السودان بأنها تسببت في إصابة أحد منسوبي النظام البائد بفايرس كورونا داخل سجن كوبر. حيث أوضحت إن إصابة أحمد هارون ( أحد المطلوبين للمثول أمام المحكمة الدولية بإعتباره أحد المتهمين الرئيسيين بإرتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور ) وملخص حديثها في مقطع الفيديو وقد أمسك بجهاز ميكروفون في يدها أن إصابة أحمد هارون بفايرس كورونا جاءت نتيجة لسببين إستهتار الحكومة الإنتقالية حيث لا توجد أي إجراءات إحترازية في سجن كوبر لتفادي الإصابة ب COVID-19
والسبب الآخر هو تعمد حدوث الإصابة بغرض سعى الحكومة الإنتقالية لتصفية رموز النظام السابق عن طريق مرض الكورونا ودعت إلى فتح تحقيق جنائي ضد الحكومة على حد تعبيرها.

الفرضيات الأربعة :
يفترض كاتب المقال أن هنالك حملة منظمة ومخطط لها من قبل قيادات الحركة الإسلامية (الكيزان) حيث لا تجد الحكومة الإنتقالية غضاضة من عقدهم لإجتماعات داخل سجن كوبر الذي يتواجد فيه معظمهم منذ شهور دون أن تعقد محاكمة لأي منهم. ولعل تأخير محاكمة كوادر حزب المؤتمر الوطني (المحلول) يحسب على حكومة دولة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وهذا حديث آخر.

الفرضية الأولي: إستجداء العاطفة
يحاول قيادات تنظيم الإخوان المسلمين (الكيزان) تعجيل إطلاق سراحهم من سجن كوبر مستخدمين مثل مقاطع الفيديو التي تعرض لها هذا المقال، محاولة منهم لإستمالة أفئدة الشعب السوداني الذي يمكن أن تقوده العاطفة إلى دعم مناشدة إبنة الوزير السابق وتأييد مطالبة شقيقتها والوقوف بجانب إصرار إبن الكادر التنظيمي

الفرضية الثانية: تفويت الفرصة بالتشكيك

تفويت الفرصة على لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال لحصد مزيد من نقاط الإعجاب من عموم الشعب السوداني الذي بات يتابع بشعف - مشجعي الدوري الإنجليزي - كل تعميم صحفي للجنة إزالة التمكين الذي يأتي بلغة الأرقام وبالتفصيل الدقيق ليتعرف على الشخصية أو الشخصيات التي تنتمي لنظام الإنقاذ أو الهيئات والمنظمات التي صودرت منها ما نهبته من أموال وعقارات وأسهم.

وتفويت الفرصة على لجنة إزالة التمكين، يتأتى عن طريق إظهار أن الحكومة الإنتقالية جاءت بلجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال ليس بغرض إحقاق الحق وإنما بغرض التشفي عبر التلخيص من ممتلكات رموز النظام قبل وأثناء تصفيتهم عن طريق الإصابة بكورونا بحسب ما جاء في إتهام إبنه الكادر الإخواني

الفرصة الثالثة : شغل الرأي العام

سعى قيادات التنظيم الإخواني عبر كوادرهم وقواعدهم خارج سجن كوبر لشغل الرأي العام عن متابعة أعمال لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال عن طريق خلق ضجة إعلامية بمقاطع فيديو تجد طريقها لوسائل التواصل الإجتماعي، ظانين بذلك أنهم سوف يؤثرون على عمل لجنة إزالة التمكين عبر تخويف أو إرباك اللجان الفنية للجنة - ومعظمها من الشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا -
ومرد الخوف - بحسب إعتقادهم - يكمن في إستشعار أفراد اللجان الفنية للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال بأن كوادر حزب المؤتمر الوطني (المحلول) ما يزالون بداخل المشهد السياسي وبإمكانهم قلب الطاولة وخلخلة الحكومة الإنتقالية والإنقضاض عليها بالإنقلاب بمساعدة القوات النظامية التي إهتزت ثقة عدد غير قليل من الشعب السوداني فيها بعد مجزرة القيادة العامة وما تلاها من إستباحة لمدن وقرى السودان في شئ من التعميم.

وبالتالي فإن نشر مقاطع الفيديو المشار إليها في صدر المقال وربما مقاطع أخرى مستقبلاً يأتي بالتزامن مع حملات الهجوم المنتظم على لجنة إزالة التمكين وإسترداد الأموال ومحاربة الفساد عبر ما يكتبه كوادر التنظيم الإخواني وقواعده بالصحف اليومية أو عبر منصات التواصل الإجتماعي والهدف من توزيع الهجمات وتنويعها هو الحيلولة دون إضافة أسماء جديدة في قوائم التعميمات الصحفية للجنة إزالة التمكين

الفرضية الرابعة: سيصرخون

سيصرخون هو وسم تصدر مواقع التواصل الاجتماعي للمستخدمين السودانيين ليصف ردة فعل الأخوان المسلمين بالسودان (الكيزان) بعد أن تواصلت قوائم التعميمات الصحفية للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال حتى طالت تلك القوائم أسماء جهات فاسدة كمنظمة الدعوة الإسلامية التي كانت إسم على غير مسمى مثلما حوت تلك القوائم أسماء شخصيات فاسدة مثل عبد الباسط حمزة على سبيل المثال لا الحصر مما جعل الأستاذ وجدي صالح المحامي يفرد حيزاً لملخص بالأرقام لفسادهم(2)

لذلك لعل هذه الضجة الإعلامية التي يفتعلها ( تِيّراب الكِيّزان ) وكذلك قواعد تنظيم الأخوان المسلمين وكتابهم ومن يستكتبون عبر الصحف أو عبر منصات التواصل الإجتماعي لعلها ليست حملة منظمة وإنما هي ردة فعل خائفة، جعلتهم يصرخون صراخ أقرب للولولة لأنهم يعلمون بأن لدي لجنة إزالة التمكين وإسترداد الأموال ومحاربة الفساد أوراق كثر تلملم شعثها عبر لجانها الفنية التي تضم عدد مقدراً من أولئك الثائرات اللاتي لقبن بالكنداكات تيمناً بالملكات الكوشيات اللاتي إمتد ملكهن من أواسط السودان وحتى ما بعد أسوان في جنوب مصر.. كما تضم هذه اللجان الفنية شباباً ( شفاتة) كان لهم مع أخواتهن الكنداكات صولات وجولات في مواكب تجمع المهنيين السودانيين عبر أزقة وشوارع سودانية بمرحلة ( تسقط بس) ثم جاءوا جماعاتٍ وأفراداً في مرحلة ( حنبنيهو) مشاركين لجنة إزالة التمكين وإسترداد الأموال ومحاربة الفساد في تحقيق الجزء الثالث من هتاف: ( حرية، سلام وعدالة) أحد أبرز هتافات ثورة 19 ديسمبر المجيدة

رغم أن الرائحة النتنة للفساد والتي تفوح من بين سطور تلك الأوراق تزكم الأنفاس لكن أفراد اللجان الفنية للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال سيواصلون فضح الرموز الفاسدة بنظام الإنقاذ لكي تعود الحقوق لأصحابها ويعاقب من أفسد منهم.. وستتواصل ردود أفعال ( الكيزان) وسوف يتعالى صراخاتهم

وبعد،،

أنيخ قلمي هنا فقد أوشك مداده على النفاذ ولكن أحاديثي عن صراخهم لم تنتهي لعلي أعود لها مجدداً يوماً ما.


مزمل الباقر
كوالالمبور في 2 مايو 2020م

حاشية :
(1) التِيّراب : بكسر حرف التاء وتسديد الياء تعني بعامية مناطق كثيرة في السودان : البذور. والمقصود في المقال ذرية كوادر الإخوان المسلمين في السودان ( الكيزان)
(2) ملخص المؤتمر الصحفي للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال عبر منبر وكالة السودان للأبناء (سونا)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...