ليس ملاك ملاك المسيحي الفلسطيني أول فلسطيني مسيحي تعشقه شابة سنية محافظة وترغب في الزواج منه، وقصته تفتح المجال لمناقشة الفلسطيني في علاقته بالآخر ليس بعد النكبة وحسب، وإنما قبل النكبة أيضاً، وكان خوري في "كأنها نائمة" كتب عن زواج الفلسطيني منصور من اللبنانية ميليا، وفي "باب الشمس" عن زواج الفلسطيني المقدسي من سارة ريمسكي اليهودية الألمانية التي أحبته وارتبطت به على الرغم من رفض أهلها.
وعموماً تحفل الأدبيات الفلسطينية والعربية بالكتابة عن زواج الفلسطيني أو الفلسطينية من غير الفلسطينيين، وهو ما عبر عنه درويش في قصيدته "نزل على بحر" ١٩٨٦ :
"كم قمر أهدى خواتمه إلى من ليس من".
وارتباط دال القمر بالخواتم لا يحتاج إلى إمعان في التأويل، فالاستعارة واضحة. لقد شبه الشاعر الإنسان الفلسطيني بالقمر، وحذف المشبه وأبقى شيئاً من لوازمه، وهو الخواتم، ليصبح المعنى هو كم من فلسطيني، ذكراً أو أنثى، تزوج من غير الفلسطينيين.
والصحيح أنني تأملت في ظاهرة زواج أدباء وسياسيين فلسطينيين من عربيات أو أجنبيات غير فلسطينيات، وفي أشخاص عرفتهم تزوجوا أيضاً من غير فلسطينيات أو العكس، فوجدتها ظاهرة لافتة.
تزوج غسان كنفاني من آني هوفر السويدية، وجبرا ابراهيم جبرا من لميعة العراقية، وصليبا خميس من آرنا اليهودية، ومحمود درويش من رنا القباني السورية ومن حياة الهيني المصرية، عدا علاقته مع غير فتاة يهودية، وأبو حسن سلامة من جورجينا رزق اللبنانية، ووليد أبو بكر من ليلى العثمان الكويتية. وتعرفت، وأنا في ألمانيا، على أبو حسين الكردي العراقي وزوجته الفلسطينية، كما تعرفت، وأنا في نابلس، على أم حسين التونسية المتزوجة من نابلسي. عدا ما سبق فإن فلسطينيين كثراً سافروا إلى أوروبا وأميركا وتزوجوا من اوروبيات وأميركيات.
هذه الظاهرة انعكست في روايات عربية عديدة قبل "سينالكول" وبعدها، وقد أتيت على النماذج في كتاباتي السابقة، ويمكن إجمال الكتابة هنا.
في " ذاكرة الجسد " ١٩٩٣ يحب الفلسطيني زياد الخليل جزائرية ويرغب في الاقتران بها، ويتراجع لأنه آثر ألا يقدم أي قضية على الثورة.
وفي "سيقان ملتوية " ٢٠٠٨ يتزوج زياد من سارة السعودية، وتذهب معه ليعقدا قرانهما معاً دون علم أهلها.
وفي "المترجم الخائن" تعشق ليلى السورية الفدائي عباس حماد وتفضله على السوريين وتتبع خطاه على الرغم من النهاية المأساوية لعلاقتهما.
وفي "طابق ٩٩" لجنى فواز الحسن، كما سنرى، تعشق هيلدا المسيحية الفلسطيني مجد وتقرر الزواج منه، رافضة موقف أهلها ومتجاوزة العقدة التاريخية التي تشكلت بين الفلسطينيين والكتائبيين بسبب الحرب الأهلية.
في "النبيذة" تنشأ علاقة عشق بين منصور البادي والصحافية العراقية تاج الملوك، وعلى الرغم من عدم تكلل هذه العلاقة بالزواج، إذ يتزوج منصور من امرأتين من أميركا اللاتينية، وتتزوج تاج الملوك من أكثر من واحد، إلا أن العشق القديم يظل حياً في الذاكرة.
في "على عهدة حنظلة" ٢٠١٧ تتمنى حنين الكويتية لو لم يكن ناجي متزوجاً، وعلى الرغم من كونه متزوجاً إلا أنها تهتم به وتميل إليه، مع علمها أنه من الرجال ذوي المرأة الواحدة.
وفي إمعان النظر في ديانة الأفراد الوارد ذكرهم نلحظ انتماءهم إلى غير ديانة. فثمة زواج مسلم من مسيحية أو يهودية، وثمة زواج مسيحي من مسلمة، وهكذا.
الظاهرة لافتة لا في الرواية العربية فحسب، وإنما في الواقع الفلسطيني أيضاً وفي الأدبيات الفلسطينية، وهنا نشير إلى سيرة جبرا ابراهيم جبرا الذاتية "شارع الأميرات" ١٩٩٣، وما كتبه عن علاقته بلميعة. إن الحب جعله يعتنق الإسلام، ولو شكلياً. وأشير أيضاً إلى رسائل كنفاني إلى غادة السمان السورية، وبدا فيها، على الرغم من أنه كان متزوجاً، عاشقاً متيماً.
في "سينالكول" لم تكن هالة لتمانع من عقد زواج مدني في قبرص، متمردة على الأب والتقاليد الأسرية، لو وافق ملاك ملاك ولم يقده تطرفه إلى الاغتيال والجنون الثوري.
وربما يتساءل قارئ:
- وماذا كتب الروائيون والأدباء الفلسطينيون عن هذه الفكرة في أدبياتهم؟
لقد تتبعت صورة المرأة اليهودية في نماذج من الأدب الفلسطيني، ويبقى أن أتتبع صورة المرأة العربية والمرأة الأجنبية فيها، وأعتقد أن بعض الدراسات لامستها دون أن تتعمق فيها. لقد لاحظت وأنا أقرأ روايات الكتاب المقدسيين؛ جميل السلحوت وعزام أبو السعود وعيسى القواسمي أنها تصور شخصيات نسوية انجليزية وألمانية كان لها حضور لافت.
أشير إلى أنني هنا لامست المرأة العربية وعلاقتها بالفلسطيني في الرواية العربية وحسب، لا في الرواية الفلسطينية.
وعموماً تحفل الأدبيات الفلسطينية والعربية بالكتابة عن زواج الفلسطيني أو الفلسطينية من غير الفلسطينيين، وهو ما عبر عنه درويش في قصيدته "نزل على بحر" ١٩٨٦ :
"كم قمر أهدى خواتمه إلى من ليس من".
وارتباط دال القمر بالخواتم لا يحتاج إلى إمعان في التأويل، فالاستعارة واضحة. لقد شبه الشاعر الإنسان الفلسطيني بالقمر، وحذف المشبه وأبقى شيئاً من لوازمه، وهو الخواتم، ليصبح المعنى هو كم من فلسطيني، ذكراً أو أنثى، تزوج من غير الفلسطينيين.
والصحيح أنني تأملت في ظاهرة زواج أدباء وسياسيين فلسطينيين من عربيات أو أجنبيات غير فلسطينيات، وفي أشخاص عرفتهم تزوجوا أيضاً من غير فلسطينيات أو العكس، فوجدتها ظاهرة لافتة.
تزوج غسان كنفاني من آني هوفر السويدية، وجبرا ابراهيم جبرا من لميعة العراقية، وصليبا خميس من آرنا اليهودية، ومحمود درويش من رنا القباني السورية ومن حياة الهيني المصرية، عدا علاقته مع غير فتاة يهودية، وأبو حسن سلامة من جورجينا رزق اللبنانية، ووليد أبو بكر من ليلى العثمان الكويتية. وتعرفت، وأنا في ألمانيا، على أبو حسين الكردي العراقي وزوجته الفلسطينية، كما تعرفت، وأنا في نابلس، على أم حسين التونسية المتزوجة من نابلسي. عدا ما سبق فإن فلسطينيين كثراً سافروا إلى أوروبا وأميركا وتزوجوا من اوروبيات وأميركيات.
هذه الظاهرة انعكست في روايات عربية عديدة قبل "سينالكول" وبعدها، وقد أتيت على النماذج في كتاباتي السابقة، ويمكن إجمال الكتابة هنا.
في " ذاكرة الجسد " ١٩٩٣ يحب الفلسطيني زياد الخليل جزائرية ويرغب في الاقتران بها، ويتراجع لأنه آثر ألا يقدم أي قضية على الثورة.
وفي "سيقان ملتوية " ٢٠٠٨ يتزوج زياد من سارة السعودية، وتذهب معه ليعقدا قرانهما معاً دون علم أهلها.
وفي "المترجم الخائن" تعشق ليلى السورية الفدائي عباس حماد وتفضله على السوريين وتتبع خطاه على الرغم من النهاية المأساوية لعلاقتهما.
وفي "طابق ٩٩" لجنى فواز الحسن، كما سنرى، تعشق هيلدا المسيحية الفلسطيني مجد وتقرر الزواج منه، رافضة موقف أهلها ومتجاوزة العقدة التاريخية التي تشكلت بين الفلسطينيين والكتائبيين بسبب الحرب الأهلية.
في "النبيذة" تنشأ علاقة عشق بين منصور البادي والصحافية العراقية تاج الملوك، وعلى الرغم من عدم تكلل هذه العلاقة بالزواج، إذ يتزوج منصور من امرأتين من أميركا اللاتينية، وتتزوج تاج الملوك من أكثر من واحد، إلا أن العشق القديم يظل حياً في الذاكرة.
في "على عهدة حنظلة" ٢٠١٧ تتمنى حنين الكويتية لو لم يكن ناجي متزوجاً، وعلى الرغم من كونه متزوجاً إلا أنها تهتم به وتميل إليه، مع علمها أنه من الرجال ذوي المرأة الواحدة.
وفي إمعان النظر في ديانة الأفراد الوارد ذكرهم نلحظ انتماءهم إلى غير ديانة. فثمة زواج مسلم من مسيحية أو يهودية، وثمة زواج مسيحي من مسلمة، وهكذا.
الظاهرة لافتة لا في الرواية العربية فحسب، وإنما في الواقع الفلسطيني أيضاً وفي الأدبيات الفلسطينية، وهنا نشير إلى سيرة جبرا ابراهيم جبرا الذاتية "شارع الأميرات" ١٩٩٣، وما كتبه عن علاقته بلميعة. إن الحب جعله يعتنق الإسلام، ولو شكلياً. وأشير أيضاً إلى رسائل كنفاني إلى غادة السمان السورية، وبدا فيها، على الرغم من أنه كان متزوجاً، عاشقاً متيماً.
في "سينالكول" لم تكن هالة لتمانع من عقد زواج مدني في قبرص، متمردة على الأب والتقاليد الأسرية، لو وافق ملاك ملاك ولم يقده تطرفه إلى الاغتيال والجنون الثوري.
وربما يتساءل قارئ:
- وماذا كتب الروائيون والأدباء الفلسطينيون عن هذه الفكرة في أدبياتهم؟
لقد تتبعت صورة المرأة اليهودية في نماذج من الأدب الفلسطيني، ويبقى أن أتتبع صورة المرأة العربية والمرأة الأجنبية فيها، وأعتقد أن بعض الدراسات لامستها دون أن تتعمق فيها. لقد لاحظت وأنا أقرأ روايات الكتاب المقدسيين؛ جميل السلحوت وعزام أبو السعود وعيسى القواسمي أنها تصور شخصيات نسوية انجليزية وألمانية كان لها حضور لافت.
أشير إلى أنني هنا لامست المرأة العربية وعلاقتها بالفلسطيني في الرواية العربية وحسب، لا في الرواية الفلسطينية.